المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوسطية في باب الاغتسال - دروس للشيخ ابن جبرين - جـ ٦

[ابن جبرين]

فهرس الكتاب

- ‌لا إفراط ولا تفريط

- ‌دين الإسلام وسط بين الأديان

- ‌كمال دين الإسلام ووجوب اتباعه

- ‌انحراف بعض الفرق عن الإسلام

- ‌كمال الإسلام وحرمة الزيادة فيه

- ‌الإسلام نسخ كل ما تقدمه من الأديان

- ‌أمثلة على وسطية الإسلام بين اليهود والنصارى

- ‌وسطية الإسلام في القصاص

- ‌وسطية الإسلام في المجازاة

- ‌وسطية الإسلام في الطلاق

- ‌وسطية الإسلام في عيسى بن مريم

- ‌وسطية أهل السنة بين الفرق

- ‌وسطية أهل السنة في مسألة الأولياء

- ‌وسطية أهل السنة في باب القدر

- ‌وسطية أهل السنة في باب الإيمان

- ‌وسطية أهل السنة في مسألة الصحابة وآل البيت

- ‌الوسطية في باب العبادات

- ‌الوسطية في الطمأنينة في الصلاة

- ‌الوسطية في باب النوافل

- ‌الوسطية في مسألة تصحيح نطق الأحرف

- ‌الوسطية في مسألة نية الصلاة

- ‌الوسطية في باب الاغتسال

- ‌الوسطية في باب إزالة النجاسات

- ‌الوسطية في باب الطهارة

- ‌الإفراط والتفريط في اللباس

- ‌الإفراط والتفريط في المأكل

- ‌الإفراط والتفريط في أمر الدنيا

- ‌الإفراط والتفريط في المعاملات

الفصل: ‌الوسطية في باب الاغتسال

‌الوسطية في باب الاغتسال

وهكذا نقول في الغسل، فإن الاغتسال أيضاً طهارة شرعية، أمر الله الإنسان بعد الجنابة ونحوها أن يغتسل كما في قوله تعالى:{وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء:43]، وقوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] فالاغتسال هو: تعميم البدن بالماء كله بالماء، وهذا يحصل فيه إفراط وتفريط، وغلو وجفاء على حد ما ذكرنا في الوضوء، فإن هناك من يتشدد فيقيم في الاغتسال ساعة أو أكثر، وربما دلك جسده وبالغ في دلكه، وقد أخبرني بعضهم أنه يدلك جسده ويحكه بأظفاره، ويعتقد أن الماء لم يبلغه، حتى يخرج الدم من حكه بأظفاره، وبمبالغته في حك جسده، وهذا -بلا شك- غلو وإفراط وزيادة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شك أن قصد الشيطان وهدفه أن يمله من هذه العبادة حتى يضجر ويتركها كما ترك غيرها من العبادات.

وهكذا الذي يغتسل ولا يدلك جسده، بل يمر الماء عليه دون أن يدلك جسده، وهذا أيضاً في طهارته خلل.

وقد عرفنا أن السبب في ذلك هو الشيطان الرجيم الذي هو عدو للإنسان، فهو حريص على أن يضله ويبطل عليه أعماله كما يبطل عليه عقيدته، فالشيطان إذا رأى في الإنسان تصلباً ورأى فيه تشدداً جاءه من باب الغلو، وجاءه من باب الزيادة، وقال له: أنت لا يأتيك مثل ما يأتي غيرك، بل عليك أن تزيد وتبالغ، وإذا توضأ الناس للصلاة فلا تكتف بالوضوء، بل اغتسل للصلاة، وإذا توضأ الناس بالمد فلا تكتف به، بل توضأ بالصاع أو بالآصع، وإذا غسل الناس أيديهم ثلاثاً فلا تكتف بسبع ولا بعشر، بل زد عليهم حتى تكون أكثر، ويزين له أن الأجر على قدر النصب، وأنه كلما كثر العمل كان الأجر عليه أضعافاً مضاعفة، فهذه وسوسة من الشيطان.

ودين الإسلام جاء بما فيه المصلحة، ونهى عما فيه مفسدة، فالاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وبسنته هو خير الهدي، فخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما زاد على ذلك فهو محدث، (وشر الأمور محدثاتها)، والذي لا يقتنع بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه يعتقد أن دين الإسلام ناقص، وأن الرسول ما بلغ البلاغ المبين، وأنه قصر في التعليم، حيث اقتصر على بعض الشرائع أو على بعض الطهارة أو نحو ذلك، وإذا اعتقد هذا الاعتقاد السيئ وقع -والعياذ بالله- في الانحراف والضلال، فإن اتهام النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من الأنبياء بإخفاء شيء من الرسالة، أو بالنقص والتغيير في شيء من أمر الشريعة اعتقاد باطل وضلال مبين يوقع في الخروج من دائرة الإسلام.

ص: 22