المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمراض النفسية وتدمير الروح من ثمار الحضارة الكفرية - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٦٩

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء مع الأحبة [1، 2]

- ‌ظهور ثمرة الهداية، وآثار الكفر في الدنيا قبل الآخرة

- ‌الأمراض النفسية وتدمير الروح من ثمار الحضارة الكفرية

- ‌الجهل بحقيقة المصير يولد أمراضاً نفسية

- ‌تقرير البعث نتيجة حتمية للموت

- ‌الموت وحتمية وقوعه

- ‌حتمية البعث بعد الموت

- ‌ثمار الإيمان في الدنيا قبل الآخرة

- ‌الأمن والطمأنينة من ثمار الإيمان

- ‌من قصص السلف في العبادة

- ‌مثال لمن وجد حلاوة الإيمان في الدنيا

- ‌أثر الحب والبغض في تحصيل الإيمان

- ‌علامة محبة الله ورسوله تقديم طاعتهما

- ‌وصايا للأحبة

- ‌الثبات على دين الله وأسبابه

- ‌الالتفاف حول العلماء والرجوع إليهم

- ‌عدم العزلة عن الناس ودعوتهم

- ‌دعوة الأقارب وغيرهم

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الضحك بشدة، وهدي الرسول في الضحك

- ‌رفض الفتيات للزواج بحجة الدراسة وتأمين المستقبل

- ‌الغيرة في النساء وسببها

- ‌كيفية التخلص من أشرطة الفيديو الخليعة

- ‌حكم الحجاب الشرعي

- ‌حكم تفضيل الكافر على المسلم

- ‌حكم مصافحة النساء

- ‌الرفق واللين في دعوة الوالدة

- ‌حكم بول الصبي

- ‌حكم من أتى بسائق غير مسلم، وحكم صده عن دين الله

الفصل: ‌الأمراض النفسية وتدمير الروح من ثمار الحضارة الكفرية

‌الأمراض النفسية وتدمير الروح من ثمار الحضارة الكفرية

مشكلة المشاكل الآن، وعقدة العقد التي تعاني منها البشرية اليوم هي: العذاب الداخلي في النفس البشرية، ولذا طرأت الآن أمراض جديدة كانت غير معروفة في الماضي؛ يسمونها أمراض الحضارة، وبالأصح أمراض الحظيرة؛ لأن الحضارة في غير الدين تسمى حظيرة؛ لأنهم مجموعة حيوانات يتنافسون على المآكل والمطاعم والمشارب، لكن الحضارة الحقيقية حضارة الإيمان والقلوب والأرواح، الإنسان قد يكون متحضراً ولو كان يلبس رداء وإزاراً ويسكن في خيمة أو كوخ، ولكنه متحضر بمبادئه ومفاهيمه وأخلاقه وعقيدته، كما كانت البشرية تعيش مع المتحضرين الذين بسطوا النفوذ الإسلامي على شرق الأرض وغربها، ولكن بالحضارة الربانية وبالقرآن.

والناس اليوم في حظيرة، صحيح أنهم يسكنون ناطحات السحاب، ويطوعون المادة ويسخرونها في خدمتهم، ولكن

وأرواحهم في وحشة من جسومهم وأجسامهم قبل القبور قبور

هم الآن مدفونون في أجسادهم، علمت عن بعض الناس أنه يرفض أن يأكل مع أبيه أو أمه أو زوجته أو أخته أو ولده، ولكن يألف أن يأكل مع كلبه، بل رأيتهم في مطاعمهم يصنعون كراسي للكلاب في المطعم، وتشاهد الكلب جالساً على الكرسي، والكلب الثاني يناوله! هل هذه حضارة؟! هذه حضارة الكلاب!! يقول أبو الحسن الندوي -عالم هندي-: سافرت إلى أمريكا فوجدت ورأيت كل شيء إلا الإنسان، يقول: رأيت ناطحات السحاب، والميادين الفسيحة، والأماكن والشوارع العظيمة، وهدير المصانع، وأزيز الطائرات، ولكن بحثت عن إنسان فلم أجد إنساناً، بل وجدت مسخاً يمشي على قدمين كلبه في يده.

لو جئنا على كلب يعيش في مزبلة، وآخر يعيش في عمارة ويلبس (بنطلوناً) وبدلة (وكرفتة)(والكرفتة) هو الحبل الذي في الرقبة، ولا أدري ما سببه! لأن الذي يربط في رقبته حبل معروف أننا نقوده بحبله، فهذه من الحظيرة يضعون في رقابهم حبالاً، ينتظرون من يقودهم بحبالهم، فلو جئنا بكلب وألبسناه (بنطلوناً) و (كرفتة)، وأسكناه في الدور المائتين من ناطحات السحاب، هل يخرج عن كونه كلباً؟ ضعه في مزبلة أو عمارة رواح لا يخرجه هذا عن كلبيته شيئاً، ولهذا يقول الله عز وجل فيهم وفي أمثالهم:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} [محمد:12] ويقول: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179].

في هذه الحظائر البشرية وفي ظل غياب الإيمان والدين تولدت المآسي والفظائع والعظائم، وما استطاعت المادة أن تحل إشكال النفوس؛ لأن المادة شيء والروح شيء آخر، المادة من الأرض والروح من السماء، فلما خربت الروح جاءوا بمفاتيح المادة يريدون إصلاحها أرادوا علاج الأرواح فدمروها، وظنوا أنهم يحققون لها السعادة، وما حققوا لها شيئاً، ونشأت العقد، وبدأت الأمراض النفسية تنتشر فيهم.

ويذهب المريض إلى الطبيب النفسي، يجلسه على كرسي، ويسأله، ما اسمك؟ ما اسم أبيك وأمك؟ أين درست؟ ويستمر يحادثه كل هذا كذب لا ينفعه، فقط تخدير، وإذا انتهى أعطاه حبوباً مخدرة، أي: نم على جهلك وضلالتك، فهذا ليس بطب، والأمراض النفسية تتولد باستمرار عن البعد عن الله، هذه نتيجة حتمية؛ لأن الشخص وهو يعيش في الدنيا وهو لا يدري لماذا يعيش تحصل عنده عقد.

ص: 3