المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من ميادين الصبر: الصبر في الدعوة إلى الله - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٩٤

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌إن الله مع الصابرين

- ‌الصبر من أرفع الأخلاق وأعظمها

- ‌ضرورة الصبر

- ‌اقتران الصبر بالقيم والمبادئ الإسلامية دليل عظمته

- ‌علاقة الصبر باليقين

- ‌علاقة الصبر بالشكر

- ‌علاقة الصبر بالتقوى والحق والرحمة

- ‌علاقة الصبر بأخلاق الإسلام كلها

- ‌أمور لابد أن تتوفر في الصابر الصادق

- ‌الإخلاص

- ‌الشكوى لله فقط

- ‌الصبر عند الصدمة الأولى

- ‌الصبر على المصائب تنقية وترقية إلى مرتبة الكمال

- ‌من ميادين الصبر: الصبر عند المصائب

- ‌نماذج من صبر الأنبياء

- ‌صبر أيوب عليه الصلاة والسلام على المرض الذي حل به

- ‌صبر يعقوب عليه السلام

- ‌صبر يوسف عليه السلام

- ‌صبر إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام

- ‌من ميادين الصبر: الصبر عن شهوات النفس

- ‌من ميادين الصبر: الصبر بعد العمل

- ‌من ميادين الصبر: الصبر في الدعوة إلى الله

- ‌من ميادين الصبر: الصبر على الزوجة والأولاد

- ‌من ميادين الصبر: الصبر على الإخوان في الله

- ‌من ميادين الصبر: الصبر في طلب العلم

- ‌صبر ابن حجر في طلب العلم

- ‌صبر موسى عليه السلام في طلب العلم

- ‌أمور تعين على الصبر

- ‌أمور تحدث عند الحزن لا تنافي الصبر

الفصل: ‌من ميادين الصبر: الصبر في الدعوة إلى الله

‌من ميادين الصبر: الصبر في الدعوة إلى الله

إن الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء، وهي ظيفة المسلم في هذه الحياة، ولا يختص بها نفر دون نفر، ولا يتصور أحد أن الدعوة هي وظيفة من يخطب، أو يقول الكلام الطيب للناس، لا.

هي وظيفة كل مسلم، الذي يجب أن يكون داعية.

وتتفاوت مراتب الناس ودرجاتهم بحسب إمكانياتهم وقدراتهم، ولكن لا بد أن يكون داعية؛ لأن الله يقول:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108] لا بد من كل من اتبع الرسول أن يكون داعية إلى الله عز وجل، والذي يدعو الناس إلى الله فإنه يتعرض لآلام ومتاعب، لماذا؟ لأن الداعية يطلب من الناس أن يطلقوا ويتركوا أهواءهم، وينتصروا على شهواتهم وأن يقفوا عند حدود الله أمراً ونهياً، وأكثر الناس لا يحب هذا النمط، ولا يحب القيود، بل يحب أن يكون طليقاً كالدابة أو الحيوان، يأكل ويمشي ويبقى على لذته، وبالتالي يتخذ من الدعوة والدعاة موقفاً مغايراً وعداءً مستحكماً، هذه سنة الله في خلقه منذ أول نبي إلى يوم القيامة.

إن الذي يأمر الناس وينهاهم لا يستجيب له الناس كلهم، فمن هنا كان لا بد من الصبر واليقين على هذه البلايا والمصائب.

يقول الله عز وجل حكاية عن لقمان وهو يعظ ابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17].

وهذا الداعي أيضاً مأمور بصبر خاص، صبر حينما يعرض الناس عن دعوته؛ لأن من الناس من يتصدى لدعوة الآخرين، ثم لا يجد قبولاً، وهذا امتحان من الله واختبار له، هل يثبت ويستمر، أم يقل: والله لا يوجد أحد أطاعني؛ إذاً انتهى كل شيء؟ لا.

اصبر، أنت عليك أن تدعو إلى الله، وتجلب بضاعة سماوية إن اشترى الناس منك فالحمد لله، فاجلب البضاعة والتوفيق بيد الله تبارك وتعالى، ولا شيء أثقل على النفس من إعراض أهل الباطل عن الحق، هذا صعب جداً، حتى إن نوحاً قال لربه:{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً} [نوح:5 - 7] ثم عدد ونوع أشكال الدعوة: دعاهم سراً، ودعاهم جهاراً، ودعاهم جماعة ودعاهم نفراً، بكل أسلوب، ثم بعد ذلك رفضوا دعوته، فقال:{رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} [نوح:26].

والنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً كان يتألم لرفض دعوته فيقول: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت:3 - 5] ولكن قال الله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:127 - 128].

ص: 22