المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحجر الصحي كوسيلة من وسائل الوقاية - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٩٥

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌صحة الإنسان في شريعة الرحمن

- ‌علاقة الصحة بدين الإسلام

- ‌الإعجاز النبوي الطبي في الجانب الوقائي

- ‌الحجر الصحي كوسيلة من وسائل الوقاية

- ‌النظافة من وسائل الوقاية

- ‌سنن الفطرة من وسائل الوقاية

- ‌نظافة الشعر والثياب من وسائل الوقاية

- ‌نظافة المساكن والبيوت والطرقات من وسائل الوقاية

- ‌نظافة بيوت العبادة والوسائل التي تؤدى بها

- ‌القضاء على الحيوانات الضارة من وسائل الوقاية

- ‌الصلاة من أهم الوسائل الوقائية

- ‌من وسائل الوقاية: الصيام

- ‌من العوامل الوقائية: تجنب المحرمات والفواحش

- ‌ومن العوامل الوقائية: تجنب الأطعمة والأشربة المحرمة شرعاً

- ‌الإعجاز النبوي في الجانب العلاجي

- ‌وجوب التداوي وسلوك طرقه المشروعة

- ‌العسل والحبة السوداء من أفضل الأدوية

- ‌واجبنا نحو نعمة العافية

- ‌الأسئلة

- ‌حكم زواج رجل بأخت أخيه من الرضاعة

- ‌حكم استئجار عمال كفرة

- ‌حكم زكاة الغنم التي لا ترعى وإنما تعلف

- ‌أخ يطلب الدعاء من الشيخ لصديقه

- ‌حكم التصوير

- ‌حكم هجر قاطع الصلاة والعاصي

- ‌حكم زواج الشغار

- ‌الشهداء سبعة

- ‌طريقة لتجنب الغش

- ‌حكم الصلاة إلى القبلة مع انحراف في استقبالها

- ‌وصية حول الرفقة

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة حول رؤية الله في الدنيا والآخرة

- ‌حكم من افترى على الدين

- ‌العوامل المساعدة لأداء صلاة الفجر جماعة

- ‌حكم التلفظ ببعض الكلام كدعاء الجن وغيره

- ‌حكم من أنكر البعث

- ‌زيادة (إنك لا تخلف الميعاد) في آخر دعاء الأذان

- ‌محارم الرجل

الفصل: ‌الحجر الصحي كوسيلة من وسائل الوقاية

‌الحجر الصحي كوسيلة من وسائل الوقاية

ندب الشرع إلى الوقاية بالحجر الصحي، وهو الذي يسميه الأطباء اليوم:(الكرنتينا) أو الحجر الصحي، فقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:(كان في وفد ثقيف رجلٌ مجذوم قدم ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه صلى الله عليه وسلم أن ارجع فقد بايعناك) لماذا؟ للحجر، حتى لا يأتي فتنتقل عدواه إلى بقية الناس، وثبت في صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وسلم قوله:(فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام:(لا يوردن ممرض على مصح) من أجل ألا تنتقل العدوى إلى الصحيح، وهذا هو أساس الحجر الصحي، وأيضاً ورد في الصحيحين حديث عن الطاعون قال فيه عليه الصلاة والسلام:(إذا سمعتم بالطاعون بأرضٍ فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا منها).

وكان العلماء قبل مسألة الحجر الصحي يقولون: كيف -إذا دخل الطاعون- نبقى ولا نخرج، نعرض أنفسنا للموت ونبقى فيها! لكن لما جاء الطب بمسألة الحجر وجدوا أن الحديث فيه معاني الحجر الصحي، إذ أنه إذا دخل الطاعون في أرض وأنت فيها فلا تخرج منها؛ حتى لا يؤدي خروجك منها إلى نقل الوباء إلى الآخرين، فابق فيها واصبر على قضاء الله وقدره، وإذا حلَّ الطاعون في أرض وأنت خارجها فلا تدخل إليها.

وتحدثنا كتب المغازي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وصل إلى (عمواس) وهي أرض في الشام، وجد الطاعون قد تفشى بها فلم يدخلها، فقال له أبو عبيدة رضي الله عنه:[أفراراً من قدر الله يا أمير المؤمنين؟! قال: يا أبا عبيدة! لو غيرك قالها! نَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله] انظروا حكمة عمر رضي الله عنه، ثم ضرب له مثالاً وقال:[أرأيت يا أبا عبيدة لو كانت لك إبل، فهبطت بها وادياً له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، ألست إذا رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإذا رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: نعم]، وبينما هم في الكلام إذ جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه وهو السابق إلى الإسلام، وأحد المبشَّرين بالجنة، وتاجر الصحابة لكنه تاجر من طراز فريد، ما كان يبيت ليلة إلا وهو يكسر الذهب بالفئوس ويخرجها في سبيل الله، وكان كلما أخرج زادت أمواله أعظم مما كانت؛ لأن الله يقول:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] لما جاء قال: عندي في المسألة حكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما عندك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا كان الطاعون بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها، وإذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها) صلوات الله وسلامه عليه.

هذا الإجراء هو ما يعرف اليوم بالحجر الصحي، أي: عزل الأماكن والناس عند تفشي الأمراض الوبائية كالطاعون والكوليرا، والجدري، وذلك لمحاصرة المرض والتغلب عليه، والحيلولة دون انتشاره، هذا أول عامل من عوامل الوقاية بالحجر.

ص: 4