المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٤٢

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم

‌الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم

إن بسط هذا الموضوع يحتاج إلى مقام أكبر، وما ذلك إلا لكثرة ما وقع من الخبط والضلال في هذا الباب نسأل الله الهداية والعصمة والعافية، والناس في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفان ووسط، أما الوسط فهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة.

وقد تقدم الحديث عنهم فهم الذين ساروا على مقتضى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أمر هذه المحبة، كما ساروا عليه في سالف أمور الدين الاعتقادية والعملية.

ومن ذلك أنهم لم يجاوزوا للنبي صلى الله عليه وسلم قدره، ولم ينقصوه -أيضاً- حقه.

فمثلاً: الحديث المتفق عليه حديث عبادة بن الصامت الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: {من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل} .

هذا الحديث يعمل به أهل السنة والجماعة مع فهمهم لمدلوله وحقيقته، فقد نص على الشهادة بأن محمداً عبده ورسوله.

فعبده تقتضي: ألَاّ يرفع إلى مقام الألوهية، فهو مهما علت منزلته -وهي منزلة عليا بلا شك- وليس أعلى منه أحد من الخلق في المنزلة، مهما بلغ فهو لا يصل إلى مقام الألوهية أبداً فهو عبد، وكماله صلى الله عليه وسلم، إنما هو بتحقيقه لكمال العبودية لربه عز وجل.

فلم يحقق ذلك أحد من البشر مثلما حققه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو العبد الكامل المصطفى المجتبى الذي استحق أن يوصف بذلك في أعلى درجات التكريم، كما قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:1].

فهو عبده، وهو رسوله، فكما أنه لا يزاد عن قدره صلى الله عليه وسلم، فكذلك لا يعامل كسائر البشر؛ لأنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه ميزة عظمى، كما قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف:110] فالله تبارك وتعالى فضَّله بهذا الوحي وبهذه الرِّسالة.

فكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي كل ما ذكرنا من اللوازم: من الاتباع، والطاعة، وامتثال الأمر، والوقوف عند حدود ما شرع، وأن لا يعبد الله إلا بما جاء به صلى الله عليه وسلم، وأن لا يقدم على قوله قول أحد كائناً من كان إلى آخر ما ذكرنا فهذا يقتضيه قوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 10