المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التفكر في صفات الله - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٤٧

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌نماذج من خوف السلف

- ‌نماذج من خوف الصحابة

- ‌خائف يفرق منه الشيطان

- ‌أبرار يخافون على أنفسهم النفاق

- ‌فقيه من الصحابة يخشى الله

- ‌نماذج من خوف التابعين

- ‌هرم بن حيان

- ‌وصايا مطرف

- ‌حكيم التابعين الحسن البصري

- ‌وصية المحاسبة

- ‌بكر المزني وعظمة التواضع

- ‌من علامات الخائفين

- ‌الاشتغال بعيوب النفس

- ‌عن اللغو معرضون

- ‌حب العبادة

- ‌المعصية سبب للهوان على الله

- ‌منزلة الأخوة عند السلف

- ‌إصلاح القلوب

- ‌لربهم يرهبون

- ‌عمر بن عبد العزيز والهمة العالية

- ‌الورع وابن المبارك

- ‌التواضع عند ابن المبارك

- ‌الأسئلة

- ‌الهوان على الله

- ‌خشية الرياء من علامة التقوى

- ‌التفكر في صفات الله

- ‌التآخي في الله والبغض لأعداء الله

- ‌العلمانية وضوابط التكفير

- ‌التفكر في آثار الصفات

- ‌أرتيريا المسلمة

- ‌نماذج من النشرات التنصيرية، وكيفية التعامل معها

- ‌الهدي النبوي في الضحك

- ‌معنى التطرف عند الغربيين

- ‌خادمات أم أخدان

- ‌حكم تداول العهود السبعة

- ‌الظلم التعسفي

- ‌التعامل مع بيوت الربا

الفصل: ‌التفكر في صفات الله

‌التفكر في صفات الله

‌السؤال

هل التفكر في صفات الله صحيح؟ وما هو دورنا إذا وجدنا أي خطأ في كلامك يخالف الصواب؟

‌الجواب

أي خطأ تجدونه فردونا إليه، والإنسان معرض للغلط، فقد يتكلم في موضوع وينسى، فإذا كان حُفَّاظ القرآن أو السنة يخطئون، فكيف بمن يستنبط ويجمع من هنا وهناك؟! لا بد أن يقع منه خطأ فوجهونا جزاكم الله خيراً.

أما مقولة: (نتفكر في صفات الله وأسماء الله) فليست خطأ، فنحن لم نقل: نتفكر في ذات الله، وإنما قلنا: التفكر في صفات الله، فمثلاً التفكر في اسم الله الكريم، ومظاهر كرمه على الإنسان، ومما تجد برده على قلبك، وأذكر تجربة بسيطة: كنت أتفكر في كرم الله وفي حلم الله وعفوه، فلما ذهبت إلى أمريكا، وتحدثت مع بعض الإخوان، قلت لهم: الإنسان هنا يرى يقيناً أن الله سبحانه وتعالى حليم وكريم، سبحان الله ما أوسع رحمته! وما أوسع وأعظم حلم الله! فهؤلاء عندما يرى الإنسان حياتهم، وهم أحط وأرذل، ومن أخس البهائم المعروفة وأخس الوحوش، ومع ذلك يعيشون في نعيم، فجنات الدنيا عندهم، وكل ما يريدونه ميسر لهم، يأكلون ويشربون ويسرحون ويمرحون ويعبثون بالدنيا، العالم كله يكاد أن يكون تحت سيطرتهم، إن أرادوا إسقاط دولة أسقطوها، وإن أرادوا إقامة دولة أقاموها بعد إذن الله سبحانه، آتاهم الله من ملك الدنيا شيئاً عجيباً، وهم يعيشون أحط ما يمكن من الحياة الدنيئة الذليلة التي يترفع عنها لا نقول: عباد الله المكرمون بل البهائم! وهذا يدلك على قول الله سبحانه وتعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم:45] وقوله: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:182] إلى آخر الآيات، فالإمهال والاستدراج تجدها أمام عينيك، ومهما حُدثت عنها، فلن تجد مثل ما ترى.

فتتفكر في ذلك، ثم إذا تفكرت في قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47] ، وحين تنظر إلى هذه النجوم والكواكب، وكيف خلق الله سبحانه وتعالى هذا الخلق، والاتساع الذي تعجز العقول عن إدراكه، وهم يتكلمون في هذه الحياة الدنيا، في حدود الوجود الدنيوي، أي: السماء الدنيا فما دونها، ولا يتكلمون عن السماء أصلاً، لا يعرفون السماء ولا يذكرونها، ويظنون أنها مجرد فراغ، لكن ما يتكلم به الفلكيون الكبار المتخصصون عن أبعاد ما بين هذه النجوم شيء مذهل جداً يحير العقل! فتعرف أن الله سبحانه وتعالى هو المتصف بهذه الصفات، فيزداد عندك الخشوع لله والرغبة والخوف والرهبة منه سبحانه وتعالى.

أضرب لكم مثالاً ولله المثل الأعلى: إنسان كنت تراه كل يوم في العمل أو في الشارع، أو جار لك يذهب ويروح بطريقة عادية، ثم جاءك رجل واحد، فقال: هناك رجل اسمه: فلان بن فلان، كان وزيراً وكانت لديه الأموال، واخترع مخترعات عجيبة، وفعل ما لم يفعله الكثيرون، وهو ساكن هنا، فتقول:"هذا فلان جاري"، ثم عندما تراه مرة أخرى تنظر إليه، وقد تغيرت معلوماتك عنه، وتكرر النظر، وتسعد بلقائه، وترجو لو تستضيفه، كان هذا بعد أن علمت منجزاته، فارتفعت قيمته عندك.

فكيف بالله سبحانه وتعالى؟! ولله المثل الأعلى! إذا عرفت صفات الله، وتذكرت هذا الإله الكريم العظيم الذي هذه عظمته وقدرته، ومع ذلك كان رحيماً، ومن رحمته مع كمال غناه -كما قال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15]-أنه لا تضره معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه، ومع ذلك ينزل إذا كان الثلث الأخير إلى السماء الدنيا، يخاطبنا نحن المساكين المحتاجين الفقراء:"هل من سائل فأعطيه؟! هل من مستغفر فأغفر له؟! هل من داع فأستجيب له؟! " فكلما تقرأ حديثاً عن الله، أو تعرف صفة من صفات الله في الكتاب أو السنة، فإنك تزداد -بإذن الله- تعالى إيماناً ويقيناً وحباً لله سبحانه وتعالى، ورغبة فيما عند الله وخشوعاً لله.

ولهذا قال العلماء في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] أنهم هم العلماء بالله وبأسمائه وصفاته وما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وبما يليق به وما لا يليق به.

ولهذا كان من أفضل الأذكار تنزيه الله سبحانه وتعالى وتسبيحه وتقديسه.

فهذا ما قصدناه، وأما الخطأ فأكرر وأقول: كلنا عرضة للخطأ، ورحم الله امرأً أهدى إلينا عيوبنا!

ص: 26