المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٧٦

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌قواعد وضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحقيقة الدين

- ‌من آثار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌أهمية توضيح قواعد وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الدعوة جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فقه الأولويات

- ‌أهمية الدعوة إلى التوحيد في المجتمعات التي يقل فيها الشرك

- ‌علاقة المعاصي بالشرك

- ‌القاعدة الأولى: البدء بإنكار المنكرات الظاهرة

- ‌أسباب الابتداء بإنكار المنكرات الظاهرة

- ‌أمثلة توضيحية للقاعدة

- ‌القاعدة الثانية: لا يجوز إنكار المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر

- ‌تأخير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌مثال توضيحي للقاعدة

- ‌القاعدة الثالثة: الإنكار على العالم ليس كالإنكار على الجاهل

- ‌مثال توضيحي للقاعدة

- ‌القاعدة الرابعة: عدم الإنكار في مسائل الخلاف

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة حول الشك

- ‌حقيقة الستر

- ‌علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجهاد

- ‌كيفية محاربة التبرج

الفصل: ‌أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

‌أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد الأمين، الذي أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وجاهد في الله حق جهاده حتى لحق بالرفيق الأعلى، وعلى أصحابه الكرام الذين اهتدوا بهديه، وتمسكوا بسنته، وجاهدوا في الله كما جاهد حتى وصل إلينا هذا الدين، فنحمد الله تبارك وتعالى على نعمة الإيمان، ونسأله عز وجل أن يجعلنا من التابعين لأولئك السلف الكرام، إنه سميع مجيب، وبعد: فإن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهو من أولى وأوجب ما ينبغي أن يتحدث عنه الدعاة والوعاظ والخطباء، فهو واجب من الواجبات التي شرعها الله تبارك وتعالى، بل هو واجب يترتب على تحقيقه واجبات كثيرة، بل كل الواجبات إذا تأملنا نجد أنها لا تتحقق، وكل المنهيات لا يُنتهى عنها إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا أمر الله تبارك وتعالى هذه الأمة المباركة فقال:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] ثم عقب سبحانه وتعالى بعد هذه الآية فوصف حال هذه الأمة، وأفضليتها وخيريتها فقال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] ولو تأملنا هذه الآية لوجدنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدم على الإيمان بالله.

وكل المسلمين يعلمون أنه لا شيء يتقدم على الإيمان بالله، فلماذا قُدِّم في هذه الآية؟ ذلك لأن الآية تتحدث عن الخيرية والأفضلية، وعن الميزة والخاصية التي تتميز بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم، فقدم فيها الخاص، ثم ذكر بعد ذلك الأمر الأساس الذي لا يقبل بدونه أي عمل، ولهذا عقب سبحانه وتعالى بوصف حال أهل الكتاب الذين كان من طبعهم أنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:78 - 79] فعقب على هؤلاء القوم بعد ذلك فقال: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران:113].

فبين الله سبحانه وتعالى أنهم ليسوا كلهم بهذه المثابة، وإنما فيهم من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون، ويؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فأولئك وصفوا بالإيمان ثم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه هي الحالة الطبيعية، وهذا هو الوصف العادي الذي توصف به الأمم جميعاً، لكن هذه الأمة لأنها أُخرجت للناس لتخرجهم من الظلمات إلى النور، ولأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رسالة للعالمين فهي أولاً تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فهذا ما يميزها، وهذا ما تختص به دون غيرها من الأمم التي قَصَّرت في ذلك أو كانت دونها.

ص: 2