الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلق الإنسان من عجل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، أما بعد: فنحمد الله سبحانه وتعالى الذي وفقنا للإيمان به، والتمسك بكتابه، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما نحمده حيث يسَّر المراكز التي احتضنت الشباب فربتهم وغذتهم، ووسعت مداركهم، وفقهتهم في دينهم، وحفَّظهم من كتاب الله سبحانه وتعالى، ونمّت عقولهم وأجسامهم، فشكر الله تعالى للقائمين عليها، وأجزل مثوبتهم عنده، ووفق جميع الآباء والطلاب للالتحاق بها وبأمثالها إنه سميع مجيب.
ثم إن من الموضوعات المهمة: منهج الدعوة، والأسلوب الصحيح في إنكار المنكر، وفي فقه الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وفي طلب العلم، وكل ما من شأنه أن يكون منهجاً مسدداً صائباً وفق منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من الموضوعات المهمة في فقه الدعوة: ما يتعلق بالاستعجال، فهذا أمر جدير بالبحث والمطارحة والمناقشة من الجميع، وسوف أذكر إن شاء الله ما يسر الله لي ولو بإشارات إلى رءوس الموضوعات.
أول ما نقوله في هذا الشأن: أن الله سبحانه وتعالى قال: {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء:37]، وقال عز وجل:{وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:11] فالإنسان بطبيعته عجول، والنفس الإنسانية بطبيعتها عجلة، وهذا أمر جعله الله سبحانه وتعالى فيها لحكمة عظيمة، لا نستطيع الآن أن نستعرضها، ولكن حكمة الله أن يكون في الإنسان هذا الطبع وهذه الصفة وهذه الغريزة.
ولو أن الناس لم يمنحهم الله تبارك وتعالى العقل والأناة، لأكلوا الثمار قبل أن تنضج، ولربما أكلوا الطعام قبل أن ينضج، إذ في الإنسان هذا الطبع، فإذا كان في طبع الإنسان باعتباره إنساناً أياً كان مؤمناً أو كافراً أن يستعجل، وخلق من عجل، فهذا يوضع في الاعتبار بالنسبة للإخوة الدعاة وبالنسبة للناس المدعوين.
أما بالنسبة للدعاة فيجب أن يحمل بعضنا بعضاً على المحمل الحسن، وإذا رأينا هذا الاستعجال من أنفسنا أو من إخواننا الدعاة، فلنعلم أن الطبيعة البشرية قد غلبت جانباً آخر، فلنذكِّر أنفسنا به، وهو "الحكمة والأناة"، حتى لا تغلبنا هذه النزعة وهذه العاطفة.
وبالنسبة للمدعوين نحتاج إلى أناة، إننا نريد أن نقول الكلمة اليوم فنرى أثرها عاجلاً الآن أو غداً، نريد أن نقول للناس: هذا حرام، فينتهي الجميع عنه، أو نقول لهم: هذا واجب، فسرعان ما نجدهم قد فعلوه، وامتثلوا أمر الله فيه.
والأمر ليس كذلك أبداً، فلِكَوْنِ الاستعجال من طبيعة البشر، ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن بياناً شافياً كافياً له حتى يغير به الأمور والأحوال.