المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سبل معالجة الاستعجال - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٨٢

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌سبل معالجة الاستعجال

‌سبل معالجة الاستعجال

‌السؤال

ما هي السبل أو الأسس التي يستطيع بها الإنسان أن يعالج الاستعجال؟

‌الجواب

هذا يحتاج إلى التربية والتكوين، فالفرد منا -وكذلك الأمة- يحتاج إلى تربية، وإلى تكوين يستطيع به أن يميز بين مواضع العجلة ومواضع الأناة ومواضع المبادرة، بحيث يستطيع أن يضع الشيء في موضعه، فلذلك لا بد من هذا التكوين للفرد، ولا بد منه للأمة.

ومن ذلك أن ندرس ونقرأ ونتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة الأنبياء وجهادهم -صلوات الله وسلامه عليهم- وجهاد الصحابة والتابعين وصبرهم، وسير العلماء.

فالإنسان منا عندما يقرأ في صفة الصفوة، أو طبقات ابن سعد، ويرى هذه السير، يجد العجب العجاب، ويجد أمثلة حية.

أولئك الرجال الذين وهبهم الله سبحانه وتعالى هذه القلوب الكبيرة، وهذه النفوس العالية، وهذه الهمم العظيمة، مع الأناة والهدوء وعدم الاستعجال، حققوا ما لم تحققه أجيال ولا أعمار! فلو أعطي أمثالنا أو من المتأخرين أضعاف أعمار أولئك، ما حققوا مثلما حققوا، فسبحان الله العظيم! كيف كان هؤلاء الناس؟! أقول: هذه النماذج مما يكوّن لدينا ذلك التكوين والتربية عليه، وكما قال صلى الله عليه وسلم:{إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الصبر بالتصبر} .

كل إنسان يحاول أن يطبع نفسه، إذا كان يعرف أنه عجل -وكل إنسان عجول- ولكن بعض الناس يعرف أن عجلته زائدة عن القدر اللازم، فإنما الحلم بالتحلم، فيعود نفسه أن يكون حليماً، ويصبر نفسه أن يتحمل، وإن كان الموقف لا يطاق، وإن كان لا يستطيع أن يتحمل، لكنه يُعود نفسه على ذلك، وقد يكون الإنسان حليماً عن صفة طبعه الله عليها، وقد يكون حليماً عن صفة هو تخلق بها وتعودها، حتى صارت صفة فيه.

ومن أعطاه الله الحلم والأناة من عنده فتلك سجية عظيمة، ومنة كبيرة، لكن لا يعني ذلك أن من لم يؤتها لا يصبر نفسه حتى يكون ممن يتحلى بها، بل يجتهد الإنسان في ذلك، والله تعالى سيوفقه، قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69]، فمجاهدة النفس في الله سبحانه وتعالى، لتكون مستقيمة على أمر الله هذه عبادة، وتأذن الله سبحانه وتعالى لمن فعلها، واتخذ هذا السبب أن يحقق له النتيجة بإذن الله.

ص: 9