المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرمة أخذ المهر من المرأة إذا طلقها الرجل - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٥١

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌اتقوا ربكم

- ‌تعظيم حدود الله وشرائعه

- ‌حد الزنا وأحكامه في الإسلام

- ‌حد الزنا المنسوخ

- ‌حد الزنا المحكم غير المنسوخ

- ‌التوبة حقيقتها ووقتها

- ‌حرمة إرث النساء في الإسلام

- ‌حرمة عضل النساء ومنعهن من الزواج

- ‌وجوب معاشرة النساء بالمعروف

- ‌الندب إلى احتمال المرأة والصبر عليها إذا كرهها الرجل

- ‌حرمة أخذ المهر من المرأة إذا طلقها الرجل

- ‌مشروعية تخفيف المهور

- ‌أسباب تحريم أخذ المهر من المرأة بعد طلاقها

- ‌تحريم نكاح زوجة الأب

- ‌المحرمات من النساء بالنسب والرضاعة والمصاهرة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم عدم العدل بين النساء في الجماع

- ‌حكم إعطاء الزوجة باقي المهر إذا طلقها الرجل

- ‌حكم امتناع الأب من تزويج ابنته بحجة إتمام الدراسة

- ‌حكم الخلوة بالمخطوبة

- ‌حكم صلة مطلقة الأب المتوفى

- ‌حكم من جامع امرأة في الظلام يظنها زوجته

- ‌حكم من أسقط جنيناً عمره شهران

- ‌حكم كشف المرأة شيئاً من بدنها للطبيب للضرورة

- ‌حكم مصافحة بنات الخال والعم

- ‌الجمع بين حديث: (لو لم تذنبوا) وبين آيات الوعيد

الفصل: ‌حرمة أخذ المهر من المرأة إذا طلقها الرجل

‌حرمة أخذ المهر من المرأة إذا طلقها الرجل

إذا صمم الرجل على طلاق امرأته برغبته هو لا برغبتها هي، وقد أعطاها من المال الشيء الكثير؛ فإنه يحرم عليه أن يأخذ منها فلساً أو قرشاً أو درهماً أو ديناراً، ما دام هو الذي كرهها ولم تكرهه هي، وهو الذي رغب في فراقها ولم ترغب هي في فراقه، وبذل لها ما بذل من المال فإن عليه أن يتأنى، فإذا عزم على ذلك؛ فإن عليه ألا يأخذ مما آتاها شيئاً، بل عليه أن يمتعها، والتمتيع: هو شيء من المال يعطى للمرأة المطلقة عند الطلاق إذا كان الرجل هو الذي كرهها، وهذا المال من أجل إرضائها وجبر خاطرها، ولذلك يقول الله تعالى عن هذا الأمر:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء:20]، والمراد بالزوج هنا: الزوجة، وكلمة (زوج) تطلق على الذكر والأنثى، فإذا عزم الإنسان على تطليق زوجته ليستبدلها بزوجة أخرى، أو لا يريد أن يستبدلها إنما يريد أن يطلقها، وإنما ذكر هذا على مجرى الغالب؛ لأن من يريد أن يطلق لا بد أن يتزوج غالباً غيرها، فسماه الله تعالى استبدالاً، أي: بحيث يطلق الأولى؛ لأنه يكرهها في دينها أو خلقها أو أي أمر من أمورها، فإذا أراد أن يستبدل زوجاً مكان زوج وقد أعطى السابقة قنطاراً، والقنطار: هو مبلغ ووزن كبير من الذهب، فلو أعطيتها المال العظيم فلا يجوز لك أن تأخذ من هذا المال شيئاً أبداً.

(وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ) أي: التي تريدون تطليقها، (قِنطَارًا) أي: مالاً عظيماً من الذهب، (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا)، أي: حرام عليكم أن تأخذوا منه شيئاً، ولذلك يتلاعب طائفة من الرجال بحقوق النساء، فيتمتع بالمرأة ما شاء أن يتمتع بها، حتى إذا أراد أن يفارقها ليأتي بزوجة جديدة ضيق على المسكينة السابقة من أجل أن تكرهه، من أجل أن تقدم له شيئاً من المال لتفتدي نفسها بهذا المال، فالله تعالى حرم هذا الأمر تحريماً عظيماً وقال:(فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا)، وهذا من المال المحرم الذي لا يحل للزوج ما دام هو الذي كره المرأة ولم تكرهه المرأة، أما إذا كرهته المرأة فله أن يطالبها بالمهر أو أكثر أو أقل، وأن يتمسك بها حتى تدفع ذلك، وخير له أن يعفو عن كل ما أعطاها؛ لأنه:(ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عز وجل بها عزاً)، كما جاء في الحديث.

(فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا)، حتى لو كان شيئاً قليلاً، فلو دفعت لها مائة ألف ريال، وأردت أن تأخذ ريالاً واحداً، فإن هذا الريال حرام عليك ما دمت أنت الذي عزفت عنها، وأنت الذي لم ترغب في البقاء معها.

ثم يعظم الله تعالى هذا الأمر ويقول: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء:20] أي: هل تأخذونه؟! وهذا استفهام إنكاري لتعظيم هذا الأمر، والمراد بالبهتان: الظلم، والإثم معناه: الذنب، أي: أخذ هذا المال بعد هذا التمتع بهذه المرأة، وبعد الخلوة بها، أخذ هذا المهر أمره عظيم عند الله، وأخذه يعتبر بهتاناً عظيماً.

ص: 11