الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني:
الخمر
وأضرارها
وهي أم الخبائث، والخمر: كل ما خامر العقل، وغاطاه، وستره1. فيدخل في مسماها كل ما من شأنه الإسكار مطلقا، دون النظر إلى شكله أو ماهيته أو مادته التي يستخرج منها، وسواء كان مائعا أو جامدا وعلى أي صورة كان شربه أو تعاطيه، فكل ما يستر العقل ويغطيه يندرج تحت مسمى الخمر، وإن اختلفت أسماؤه، أو تعددت ألقابه.
وقد تنوعت- في هذا العصر- أسماء الخمر، وتعددت، وأطلق عليه مروجوه مسميات لم تكن معروفة من قبل، مثل: الويسكي، البيرة، الشمبانيا، الكولونيا، العرق، الكونياك، البرندي، المشروبات الروحية وغيرها2.
وتحريم الخمر معلوم من الدين بالضرورة، لا ينكره إلا معاند أو جاحد، وقد اتفقت جميع الملل والشرائع على تحريمها، وماذاك إلا لخبثها وضررها على الإنسان، والله.- تعالى- لطيف بعبادة،
1 اللسان: 4/ 255 (خمر) .
2 أضرار تعاطي المخدرات: 18، جحيم المخدرات: 40، فقه الأشربة:221.
أحل لهم كل طيب نافع، وحرم عليهم كل خبيث ضار.
وقد أورد الشوكاني في كتابه- البحث المسفر- النصوص من القرآن، والسنة الصحيحة المتواترة، ووجه دلالتها على تحريم كل مسكر1.
ويكفي في بيان ضرر الخمر وآثارها السيئة على شاربها، وصف الله تعالى لها في كتابه الكريم، بقوله جل شأنه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 2
فالرجس: النجس الخبيث المستقذر، الذي تعافه العقول السليمة، والنفوس النبيلة3
وقد بين الأطباء المتخصصون المعاصرون، أضرار الخمر ومفاسدها الصحية، التي تلحق بشاربها، والمدمن عليها، ومن أهمها4:
ا) فساد الدم، لاحتوائه على نسبة عالية من الكحول، حيث لا يصلح دم مدمن الخمر ليعطى منه للأصحاء.
1 انظر البحث المسفر: 92- 105.
2 الآية (90) من سورة المائدة.
3 الجامع للقرطبي: 6/287-288
4 انظر: أضرار تعاطي المخدرات: 18، المخدرات والمؤثرات العقلية: 58، فقه الأشربة: 77 وما بعدها.
2) الإصابة بتليف الكبد، أو تشمع الكبد، وهناك وهم شائع أن بعض الخمور هي التي تسبب التليف الكبدي دون غيرها والتقارير الطبية المتلاحقة تثبت أن الخمور كلها تؤدي إلى نتيجة واحدة.
3) يؤدي تناولها إلى زيادة الكوليسترول والشحوم في الدم، ويشكو شاربها من آلام في الصدر، وضيق شديد فيه يعوقه عن الحركة، وكثيرا ما ينتهي، الأمر بانسداد الشرايين أو أحدها، فينقطع الدم فجأة عن جزء من عضلة القلب وتحدث الوفاة الفجائية نتيجة احتشاء العضلة القلبية.
4) تسبب الخمرة في التهاب المعدة، والقرحة المعدية أو المعوية، وتزيد خطورتها في أنها تسبب النزيف الداخلي في المعدة أو الأمعاء.
هذا فضلا عن أضرارها الأخرى، فمدمن الخمر يفقد عقله، وهو أغلى شيء وهبه الله تعالى للإنسان، يتفكر به في مخلوقات الله ويميز به بين الحق، والباطل، والنافع والضار، والخير والشر، فإذا سلبت منه نعمة العقل، أصبح ضالا هائما على وجهه، لا فرق بينه وبين البهيمة بل ربما كانت البهيمة أنفع منه.
فبفقدانه لعقله يقدم على ارتكاب: أي عمل عدواني من زنا
أو سرقة أو قتل أو غير ذلك، وربما وقع ذلك منه على محارمه أو أصدقائه.
وقبل ذلك كله، فإن شارب الخمر قد عصى خالقه جل وعلا، وخالف أوامر نبيه صلى الله عليه وسلم، وانخلع من الوظيفة الأساسية التي كلف من أجلها. قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} 1 فينال بفعله ذلك الشقاء في الدنيا والآخرة.
1 الآية (56) من سورة الذاريات.