المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العاطفة فطرة بشرية - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ٣٧

[علي بن عمر بادحدح]

فهرس الكتاب

- ‌العاطفة والدعوة

- ‌أهمية العاطفة

- ‌العاطفة فريضة إسلامية

- ‌العاطفة فطرة بشرية

- ‌بعض الآثار الإيجابية للعواطف

- ‌الارتباط والتعلق بالمحبوب

- ‌الرضا والقبول بشرع الله عز وجل

- ‌الصبر والثبات

- ‌البذل والتضحية

- ‌قوة التأثير

- ‌أهمية ارتباط العاطفة بالعقل والشرع

- ‌بعض خصائص العواطف

- ‌حقيقة العاطفة ومقدارها

- ‌بعض العوامل المؤثرة على العاطفة

- ‌العاطفة باعثة على العلاقة والصلة بين الداعية والمدعو

- ‌أسباب الخلل والنقص والتجاوز في العاطفة عند الداعية

- ‌بعض الأمارات التي تدل على فساد العاطفة عند الداعية تجاه المدعو

- ‌عاطفة المحبة بين الداعية والمدعو

- ‌عاطفة الحماسة وأثرها على الدعوة

- ‌أسباب الحماسة التي تخرج عن الإطار الصحيح

- ‌الغيرة وأثرها على الدعوة

- ‌بعض أسباب الغيرة السلبية

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية الإقلاع عن الذنب لمن يتوب ثم يعود

- ‌أهمية استغلال الأوقات في الأمور النافعة

- ‌الضوابط في التعامل بين الداعية والمدعو

- ‌محبة أهل المعاصي

- ‌الرد على من يستدل بحديث: (ساعة وساعة) في فعل المعاصي

- ‌كيفية دعوة أصحاب المعاصي

الفصل: ‌العاطفة فطرة بشرية

‌العاطفة فطرة بشرية

أهمية العاطفة تتضح من خلال أمرين اثنين: الأول منهما: أن العاطفة فطرة بشرية، والله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان وهو العليم به، كما قال جل وعلا:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وكما قال سبحانه وتعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30]؛ فإنه جل وعلا قد خلق الإنسان قبضة من طين، ونفخةً من روح، وجعل له عقلاً يفكر وعاطفةً تؤثر، وبين عقله وعاطفته أنزل له شرعاًَ يوجه العقل لئلا يشذ، ويحكم العاطفة لئلا تند، وبالتالي فإن طبيعة الإنسان وخصيصته البشرية أن العاطفة جزء أساسي فيه، بل جزء مميز له، فإن الإنسان في حقيقة الأمر مجموعة من العواطف، وكتلة من المشاعر؛ عنده حب متدفق، وقد يعتريه أحياناً بغض لا حد لمنتهاه في الانتصار للنفس، أو في تدبير الكيد لذلك المبغض، وكذلك عنده راحة وطمأنينة، ويعتيره قلق وهمّ، وأحياناً يكون في صورة من الأنس والانشراح، وأحياناً في وقت من التبرم والضيق، وكل هذا نوع من آثار أو صور العاطفة في نفس الإنسان.

والحق بأن الإنسان بلا عاطفة كجثة هامدة؛ لأن العضلات والجوارح والمفاصل في الجسم البشري ليست هي التي تعبر عن كنه الإنسان بقدر ما يعبر عنه عقله وعاطفته، لذلك نعرف اليوم بما يسمى بالرجل الآلي أو ما يطلقون عليه الكمبيوتر أو العقل الإلكتروني، فهذا إن تجاوزنا أنه عقل مفكر بهذه التسمية على إقرارنا لها إلا أننا لا نصف هذه الأشياء بأن لها عاطفة، بل هي عقل صرف إن تجاوزنا عن حقيقة العقل الذي يفكر ويغير وليس هو مقيداً تقييداً كاملاً، فالإنسان بلا عاطفة -كما يقولون- كأنه حجر أو كأن قلبه من صخر لا يتأثر، يرى الفواجع فلا يهتز له جسم ولا يخفق له قلب، ويرى المباهج والمناظر الجميلة فلا تفتر شفتاه عن ابتسامة، ولا تجد في عينيه بريق سعادة، إن هذا في حقيقة الأمر كتلة من صخر أو إسمنت ليس فيه أية مشاعر؛ ولذلك قال بعض الأدباء -مع التجاوز عن بعض ما في هذه الكلمة-: (من لم يطربه خرير المياه في الأنهار وحفيف الأشجار فليبك على نفسه؛ فإنه -كما يقولون- حمار.

يعني: منعدم المشاعر والأحاسيس.

والعاطفة أصلاً هي جزء رئيسي من تكوين الإنسان، وفطرة وجبلةٌ مما جبله الله عز وجل عليها.

ص: 4