المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضل العلماء في الذب عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيحه - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٩٩

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1]

- ‌خطورة انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس

- ‌خطورة التقول على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أسباب الوضع

- ‌فضل العلماء في الذب عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيحه

- ‌أسباب انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس

- ‌آثار انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس

- ‌عدم تقبلهم للأحاديث الصحيحة بعد سماعهم للأحاديث الضعيفة

- ‌إيقاع المسلم في الشرك الصريح

- ‌التشنيع على أهل الحديث

- ‌تعليم الناس ما لم يثبت

- ‌تأصيل أصول مخالفة للشريعة

- ‌إفساد الأخلاق

- ‌تغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إلغاء قواعد في أصول الفقه

- ‌التفرقة بين المسلمين

- ‌تحريم ما أحل الله وتشويه سمعة الصحابة

- ‌إعانة المستهترين على الاجتراء على الله بالمعاصي، والابتداع في العبادة، ومخالفة السنة

- ‌إلقاء الشك والريبة بين المسلمين؛ ونشر الخرافة بينهم

- ‌الموقف من الأحاديث الضعيفة والموضوعة

- ‌الأسئلة

- ‌التصحيح والتضعيف للحديث يخضع للاجتهاد أحياناً

- ‌حكم العمل بالأحاديث الضعيفة

- ‌أهمية بيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعامة

- ‌عدم ثبوت حديث: (أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي) عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عدم اشتراط التصريح بالحكم في الدليل

- ‌حكم قيام ليلة النصف من شعبان

- ‌سبب إيراد بعض العلماء لأحاديث ضعيفة في مصنفاتهم

- ‌حكم الاحتجاج بصحة معنى حديث ضعيف في نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم تصحيح الحديث لمجرد سماعه من شخص موثوق

- ‌كيفية توبة من نشر حديثاً موضوعاً

- ‌حكم رجوع القارئ إلى سند الحديث

- ‌حكم صلاة التسابيح

- ‌عدم ثبوت نسبة حديث: (من رأيتموه يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌لا ميزة لأحد على أحد إلا بالتقوى

الفصل: ‌فضل العلماء في الذب عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيحه

‌فضل العلماء في الذب عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيحه

ولذلك -أيها الإخوة! - قيض الله لهذه الأمة علماء أفذاذاً نقحوا هذه الأحاديث، وبينوا ما هو الصحيح من الضعيف، ما تركوا حديثاً إلا وتكلموا فيه، وبينوا نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليسوا محدودين في عصرٍ أو مصرٍ بل هم يتكررون على مر العصور والدهور، ولا يخلي الله منهم عصراً غير أن هذا الضرب من العلماء نادر:

وقد كانوا إذا عدوا قليلاً فقد صاروا أعز من القليل

كان العالم عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله يقول: "لأن أعرف علة حديثٍ هو عندي أحب إلي من أن أكتب حديثاً ليس عندي"، ما الفائدة من الجمع فقط؟ لا بد أن أعرف هل الذي جمعت يحتج به أم لا؟ هل هو صحيح فيعمل به، أم هو ضعيف فيحذر الناس منه.

قال سفيان الثوري رحمه الله: "الملائكة حراس السماء وأصحاب الحديث حراس الأرض" وقال يزيد بن زريع: "لكل دينٍ فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" ولذلك مرة من المرات -كما ذكر الحافظ الذهبي في الميزان - أتى هارون الرشيد رحمه الله بزنديق ليقتله، فقال الزنديق: أين أنت من ألف حديثٍ وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ -يعني: ماذا تستفيد من قتلي وقد وضعت ألف حديث وقد سرت بين الناس؟ - فقال له هارون رحمه الله: وأين أنت من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها حرفاً حرفاً، يبينانها للناس.

فإذاً: وجد هؤلاء العلماء، ووجد هؤلاء المهتمون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد مر أحمد بن حنبل رحمه الله على نفرٍ من أصحاب الحديث وهم يعرضون كتاباً لهم فقال: ما أحسب هؤلاء إلا ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة) قال ابن حبان رحمه الله: ومن أحق بهذا التأويل من قومٍ فارقوا الأهل والأوطان، وقنعوا بالكسر والأطمار في طلب السنن والآثار، يجولون البراري والقفار، ولا يبالون بالبؤس والإقتار، متبعين لآثار السلف الماضين، وسالكين طريق الصالحين.

بأي شيء؟ برد الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب الزور عنه، ولذلك كان للعلماء جهودٌ جبارة في كشف الكذب، وتعيين الأحاديث المكذوبة، وتبيين الضعيف للناس والمكذوب حتى يحذروا منه، ولذلك ألفوا مصنفاتٍ خاصة في تبيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وفي تبيان الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وقعدوا القواعد في روايات أهل البدع، وشددوا في قبول الحديث، ودعوا الناس إلى تلقي الصحيح، والحث على التثبت في الرواية، وألفوا الكتب في أسماء الضعفاء والوضَّاعين، وبينوا الأحاديث المسروقة والمركبة وأحاديث القصاصين، وكانت لهم مواقف من الكذابين: بفضحهم، وترك السلام عليهم، ووعظهم، والتشهير بهم، وتمزيق كتبهم بين أعينهم، والاستعداء عليهم من أهل الخير، ووصفهم بألقابٍ تناسبهم، فكان أحد العلماء يقول: فلان كذاب أكذب من حماري، وقال: فلان مَدْلٌ في جلد خنزير، وقال: فلان أكذب من فرعون إلخ.

ص: 5