المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضرورة إمعان النظر في الكتاب والسنة للاستفادة من آدابهما - دروس للشيخ مصطفى العدوي - جـ ١٧

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌أدب التخاطب

- ‌فقه التخاطب مع الناس

- ‌لفت النظر بتكرار الكلمات عند مخاطبة الناس

- ‌إثارة كوامن الخير عند الناس

- ‌ضرورة اجتناب أهل الفحش والبذاءة والجهل ومداراتهم

- ‌جواز التغيير في الألفاظ المعتادة عند التعبير عما في النفس بما يؤدي الغرض

- ‌ضرورة التأدب مع الكبار عند التخاطب معهم

- ‌عدم ذكر مرتكبي الأخطاء بأسمائهم في المجامع الكبرى إلا لضرورة

- ‌ضرورة انتقاء الألفاظ الحسنة عند التخاطب مع الناس

- ‌ضرورة إمعان النظر في الكتاب والسنة للاستفادة من آدابهما

- ‌ضرورة التجاوز عن الزلات عند التخاطب مع الناس

- ‌ضرورة مخاطبة الناس على قدر عقولهم

- ‌ضرورة التواضع والطلاقة عند مخاطبة الناس

- ‌الإتيان بمقدمات واعتذارات بين يدي التخاطب مع الناس عند الحاجة

- ‌ضرورة الإمساك عن الكلام إلا الكلام الحسن

- ‌جواز استخدام الكلمات الشديدة عند الحاجة

- ‌مراقبة الله في الأقوال

- ‌الأسئلة

- ‌خطبة العيدين واحدة بلا جلوس أثنائها

- ‌حكم من أراد أن يكتب لبعض أولاده بشيء من المال

- ‌حكم قراءة القرآن بدون وضوء

- ‌ضعف حديث: من قرأ آيات خواتم الحشر في ليلة

الفصل: ‌ضرورة إمعان النظر في الكتاب والسنة للاستفادة من آدابهما

‌ضرورة إمعان النظر في الكتاب والسنة للاستفادة من آدابهما

فأمعن النظر في كتاب الله واستفد هذه الآداب، أمعن النظر في كتاب الله، واستعمل الوسائل التي تربطك بالمخاطب، إذا كان ثَمّ تكليف منك يصدر إليهم، أو طلب منك تطلبه منهم.

فكما أسلفنا ينظر إلى أدب الطلب في قول موسى صلى الله عليه وسلم للخضر: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف:66]، ورد الخضر معتذراً لموسى أيضاً عليهما السلام:{إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف:67]، ثم يلتمس له العذر، فيقول له:{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف:68]، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الخضر قال لموسى:(يا موسى! إنك على علم من الله علمك الله إياه لا أعلمه، وأنا على علم من الله علمني الله إياه لا تعلمه)، فهذا فيه التماس للعذر لموسى صلى الله عليه وسلم في عدم قدرته على التحمل في قول الخضر له:{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف:68] فانظر إلى كتاب الله! وانظر إلى أساليب الخطاب التي سلكها الأنبياء مع الناس واقتبس منها! انظر إلى مقولة موسى لفرعون، وكيف اشتدّ موسى أيضاً مع فرعون مع أنه أمر في أول الأمر أن يقول لفرعون قولاً ليناً؛ لعله يتذكر أو يخشى، ولكن لما أبى فرعون هذا القول اللين، استعمل موسى طريقة أخرى في الخطاب يقتضيها المقام، فقال له فرعون:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء:23 - 24]، قال فرعون لمن حوله:{أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء:25 - 28]، قوله:(إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) يقابل الجنون الذي اتهم به موسى صلى الله عليه وسلم، وإن كان لا يكافئه، وكذلك قول موسى عليه السلام لفرعون لما قال له فرعون:{إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء:101 - 102] أي: هالكاً، فكانت كلمات الشدة أحياناً تخرج على حسب ما يقتضيه المقام.

ص: 10