المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع عشر: في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه - الإتقان في علوم القرآن - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ

- ‌النوع الثاني: في مَعْرِفَةُ الْحَضَرِيِّ وَالسَّفَرِيِّ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ النَّهَارِيِّ وَاللَّيْلِيِّ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ: الصَّيْفِيُّ وَالشِّتَائِيُّ

- ‌النوع الخامس: الفراشي والنومي

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ: الْأَرْضِيُّ وَالسَّمَائِيُّ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ: مَعْرِفَةُ أَوَّلِ مَا نَزَلَ

- ‌النَّوْعِ الثَّامِنِ: مَعْرِفَةُ آخِرِ مَا نَزَلَ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ: مَعْرِفَةُ سَبَبِ النُّزُولِ

- ‌النَّوْعُ الْعَاشِرُ: فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ: مَا تَأَخَّرَ حُكْمُهُ عَنْ نُزُولِهِ وَمَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ عَنْ حُكْمِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: مَا نَزَلَ مُفَرَّقًا وَمَا نَزَلَ جَمْعًا

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: مَا نَزَلَ مُشَيَّعًا وَمَا نَزَلَ مُفْرَدًا

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَ: مَا أُنْزِلَ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا لَمْ يُنَزَّلْ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي مَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَأَسْمَاءِ سُوَرِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي جَمْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ عَشَرَ: فِي عَدَدِ سُوَرِهِ وَآيَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِهِ

- ‌النَّوْعُ الْعِشْرُونَ: فِي مَعْرِفَةِ حُفَّاظِهِ ورواته

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي مَعْرِفَةِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ مِنْ أَسَانِيدِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشْهُورِ وَالْآحَادِ وَالشَّاذِّ وَالْمَوْضُوعِ وَالْمُدْرَجِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي بَيَانِ الْمَوْصُولِ لَفْظًا المفصول معنى

- ‌النَّوْعُ الثَّلَاثُونَ: فِي الْإِمَالَةِ وَالْفَتْحِ وَمَا بَيْنَهُمَا

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ وَالْإِخْفَاءِ وَالْإِقْلَابِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي الْمَدِّ وَالْقَصْرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي تَخْفِيفِ الْهَمْزِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي آدَابِ تِلَاوَتِهِ وَتَالِيهِ

الفصل: ‌النوع التاسع عشر: في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه

‌النَّوْعُ التَّاسِعُ عَشَرَ: فِي عَدَدِ سُوَرِهِ وَآيَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِهِ

أَمَّا سُوَرِهِ فَمِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةٍ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ وَثَلَاثَ عشرة بجعل الأنفال وبراءة سُورَةً وَاحِدَةً أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي رَوْقٍ قَالَ الْأَنْفَالُ وبراءة سُورَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ الأنفال وبراءة: سُورَتَانِ أَمْ سُورَةٌ؟ قَالَ: سُورَتَانِ. وَنُقِلَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي رَوْقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سُفْيَانَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ بَرَاءَةٌ مِنْ يَسْأَلُونَكَ وإنما لم تكتب بَرَاءَةٌ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لأنها مِنْ {يَسْأَلونَكَ} وَشُبْهَتُهُمُ اشْتِبَاهُ الطَّرَفَيْنِ وَعَدَمُ الْبَسْمَلَةِ وَيَرُدُّهُ تَسْمِيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلًا مِنْهُمَا.

وَنَقَلَ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ ثابتة لبراءة فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ بِهَذَا.

قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام لَمْ يَنْزِلْ بِهَا فِيهَا.

وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ: لِمَ لَمْ تُكْتَبْ فِي بَرَاءَةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ قَالَ: لأنها أمان وبراءة نُزِّلَتْ بِالسَّيْفِ.

ص: 225

وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَوَّلَهَا لَمَّا سَقَطَ سَقَطَ مَعَهُ الْبَسْمَلَةُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْدِلُ الْبَقَرَةَ لِطُولِهَا.

وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ سُورَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ سِتَّ عَشْرَةَ لِأَنَّهُ كَتَبَ فِي آخِرِهِ سُورَتَيِ الْحَفْدِ وَالْخُلْعِ.

أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ كَتَبَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي مُصْحَفِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَاللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَتَرَكَهُنَّ ابْنُ مَسْعُودٍ وَكَتَبَ عُثْمَانُ مِنْهُنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى الْأَسْلَمِيِّ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى حُبِّ أَبِي تُرَابٍ إِلَّا أَنَّكَ أَعْرَابِيٌّ جَافٌّ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ أَبَوَاكَ وَلَقَدْ عَلَّمَنِي مِنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سُورَتَيْنِ عَلَّمَهُمَا إِيَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عَلِمْتَهُمَا أَنْتَ وَلَا أَبُوكَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ وَلَا نُكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ. اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ

ص: 226

نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى نِقْمَتَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حِكْمَةُ الْبَسْمَلَةِ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ فِي مُصْحَفِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ.

وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ بِالسُّورَتَيْنِ فَذَكَرَهُمَا وَأَنَّهُ كَانَ يَكْتُبْهُمَا فِي مُصْحَفِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الضُّرَيْسِ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا الْأَجْلَحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فِي مُصْحَفِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِرَاءَةُ أُبي وَأَبِي مُوسَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ وَلَا نَكْفُرُكَ ونخلع ونترك من يفجرك. وفيه: اللهم اياك نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَخْشَى عَذَابَكَ وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: أَمَّنَا أُمِّيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ بِخُرَاسَانَ فَقَرَأَ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ: إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ قَوْلِهِ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} الآية لَمَّا قَنَتَ يَدْعُو عَلَى مُضَرَ.

ص: 227

تَنْبِيهٌ

كَذَا نَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ مُصْحَفِ أُبَيٍّ أَنَّهُ سِتَّ عَشْرَةَ سورة [ومائة]، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِنَّ سُورَةَ الْفِيلِ وَسُورَةَ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ فِيهِ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَ ذَلِكَ عن السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَأَبِي نَهِيكٍ أَيْضًا. قُلْتُ: وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ والطبراني من حديث أم هاني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِسَبْعٍ

" الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ".

وَفِي كَامِلِ الْهُذَلِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ الضحى وألم نَشْرَحْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ نَقَلَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي تفسيره عن طاووس وعمر بن عبد العزيز.

فَائِدَةٌ

قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَسْوِيرِ الْقُرْآنِ سُوَرًا تَحْقِيقُ كَوْنِ السُّورَةِ بِمُجَرَّدِهَا مُعْجِزَةً وَآيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ كُلَّ سُورَةٍ نَمَطٌ مُسْتَقِلٌّ فَسُورَةُ يُوسُفَ تُتَرْجِمُ عَنْ قِصَّتِهِ وَسُورَةُ بَرَاءَةٌ تُتَرْجِمُ عَنْ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ وَأَسْرَارِهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَسُوِّرَتِ السُّوَرُ طِوَالًا وَأَوْسَاطًا وَقِصَارًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الطُّولَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِعْجَازِ فَهَذِهِ سُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ وَهِيَ مُعْجِزَةٌ إِعْجَازَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ لِذَلِكَ حِكْمَةٌ فِي التَّعْلِيمِ وَتَدْرِيجِ الْأَطْفَالِ مِنَ السُّورِ الْقِصَارِ إِلَى مَا فَوْقَهَا تَيْسِيرًا مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ لِحِفْظِ كِتَابِهِ.

ص: 228

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: فَإِنْ قُلْتَ فَهَلَّا كَانَتِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ كَذَلِكَ؟

قُلْتُ: لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَاتٍ مِنْ جِهَةِ النَّظْمِ وَالتَّرْتِيبِ، وَالْآخَرُ: أَنَّهَا لَمْ تُيَسَّرْ لِلْحِفْظِ لَكِنْ ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَا يُخَالِفُهُ فَقَالَ فِي الْكَشَّافِ:

الْفَائِدَةُ فِي تَفْصِيلِ الْقُرْآنِ وَتَقْطِيعِهِ سُوَرًا كَثِيرَةً وَكَذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَمَا أَوْحَاهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ مُسَوَّرَةً وَبَوَّبَ الْمُصَنِّفُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَبْوَابًا مُوَشَّحَةَ الصُّدُورِ بِالتَّرَاجِمِ مِنْهَا أَنَّ الْجِنْسَ إِذَا انْطَوَتْ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ وَأَصْنَافٌ كَانَ أَحْسَنَ وَأَفْخَمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَابًا وَاحِدًا.

وَمِنْهَا أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا خَتَمَ سُورَةً أَوْ بَابًا مِنَ الْكِتَابِ ثُمَّ أَخَذَ فِي آخَرَ كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْهُ لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابِ بِطُولِهِ وَمَثَلُهُ الْمُسَافِرُ إِذَا قَطَعَ مِيلًا أَوْ فَرْسَخًا [وانتهى إلى رأس برية] نَفَّسَ ذَلِكَ مِنْهُ وَنَشِطَ لِلسَّيْرِ وَمِنْ ثَمَّ جزيء الْقُرْآنُ أَجْزَاءً وَأَخْمَاسًا وَمِنْهَا أَنَّ الْحَافِظَ إِذَا حَذَقَ السُّورَةَ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ طَائِفَةً مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا فَيَعْظُمُ عِنْدَهُ مَا حَفِظَهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ: "كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا ". وَمِنْ ثَمَّ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ بِسُورَةٍ أَفْضَلَ. ومنها التَّفْصِيلَ بِسَبَبِ تَلَاحُقِ الْأَشْكَالِ وَالنَّظَائِرِ وملائمة بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَبِذَلِكَ تَتَلَاحَظُ الْمَعَانِي وَالنُّظُمُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ. انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ تَسْوِيرِ سَائِرِ الْكُتُبِ هُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ،

ص: 229

فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الزَّبُورَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سُورَةً كُلُّهَا مَوَاعِظُ وَثَنَاءٌ لَيْسَ فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ وَذَكَرُوا أَنَّ فِي الْإِنْجِيلِ سُورَةً تُسَمَّى سُورَةُ الْأَمِثَالِ.

فَصْلٌ فِي عَدِّ الْآيِ

أَفْرَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بِالتَّصْنِيفِ قَالَ الْجَعْبَرِيُّ حَدُّ الْآيَةِ قُرْآنٌ مُرَكَّبٌ مِنْ جُمَلٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا ذُو مَبْدَإٍ أَوْ مَقْطَعٍ مُنْدَرِجٍ فِي سُورَةٍ وَأَصْلُهَا الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ: {إِِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ} لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ لِلْفَضْلِ وَالصِّدْقِ أَوِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا جَمَاعَةُ كَلِمَةٍ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: الْآيَةُ طَائِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا.

وَقِيلَ: هِيَ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ فِي السُّوَرِ سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ عَلَى صِدْقِ مَنْ أَتَى بها وعلى عجز الْمُتَحَدِّي بِهَا.

وَقِيلَ: لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ على علامة انْقِطَاعِ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْكَلَامِ وَانْقِطَاعِهِ مِمَّا بَعْدَهَا.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يُجَوِّزُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَسْمِيَةَ أَقَلِّ مِنَ الْآيَةِ آيَةً لَوْلَا أَنَّ التَّوْقِيفَ وَرَدَ بِمَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ لَا أَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ وَحْدَهَا آيَةً إِلَّا قَوْلَهُ: {مُدْهَامَّتَانِ} .

وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ فِيهِ غَيْرُهَا مِثْلُ: وَالنَّجْمِ وَالضُّحَى وَالْعَصْرِ وَكَذَا فَوَاتِحُ السُّوَرِ عِنْدَ مَنْ عَدَّهَا.

قَالَ بَعْضُهُمُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا تُعْلَمُ بِتَوْقِيفٍ مِنَ الشَّارِعِ كَمَعْرِفَةِ السُّورَةِ. قَالَ: فَالْآيَةُ طَائِفَةٌ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ عُلِمَ بِالتَّوْقِيفِ انْقِطَاعُهَا،

ص: 230

يَعْنِي عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي بَعْدَهَا فِي أَوَّلِ الْقُرْآنِ وَعَنِ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا فِي آخِرِ الْقُرْآنِ وَعَمَّا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي غَيْرِهِمَا غَيْرَ مُشْتَمِلٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ: وَبِهَذَا الْقَيْدِ خَرَجَتِ السُّورَةُ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْآيَاتُ عِلْمٌ تَوْقِيفِيٌّ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ وَلِذَلِكَ عَدُّوا " الم " آيَةً حَيْثُ وَقَعَتْ، وَ " المص "، وَلَمْ يَعُدُّوا " المر "، وَ " الر "، وَعَدُّوا " حم " آيَةً فِي سُوَرِهَا، وَ " طه " وَ " يس " وَلَمْ يَعُدُّوا " طس ".

قُلْتُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَوْقِيفِيٌّ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةً مِنَ الثَّلَاثِينَ مِنْ آلِ حم قال: يعني الأحقاف. قال: وكانت السُّورَةُ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً سُمِّيَتِ الثَّلَاثِينَ

الْحَدِيثَ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعُ آيَاتٍ وَسُورَةُ الْمُلْكِ ثَلَاثُونَ آيَةً. وَصَحَّ أَنَّهُ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. قَالَ: وَتَعْدِيدُ الْآيِ مِنْ مُعْضِلَاتِ الْقُرْآنِ وَمِنْ آيَاتِهِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ وَمِنْهُ مَا يَنْتَهِي إِلَى تَمَامِ الْكَلَامِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ فِي أَثْنَائِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبَبُ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِي عَدَدِ الْآيِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقِفُ عَلَى رؤوس الْآيِ لِلتَّوْقِيفِ فَإِذَا عُلِمَ مَحَلُّهَا وَصَلَ لِلتَّمَامِ فَيَحْسَبُ السَّامِعُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَاصِلَةً.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمِيعُ آيِ القرآن ستة آلاف وستمائة وست عشرة آيَةً وَجَمِيعُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ حَرْفٍ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَرْفٍ وَسِتُّمِائَةِ حَرْفٍ وَوَاحِدٌ وَسَبْعُونَ حَرْفًا.

ص: 231

قَالَ الدَّانِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَدَ آيَاتِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَزِدْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَمِائَتَا آيَةٍ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ وَقِيلَ: وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَقِيلَ: وَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ

قُلْتُ: أَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ الْفَيْضِ بْنِ وَثِيقٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ سَلْمَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا دَرَجُ الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ آيِ الْقُرْآنِ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةٌ فَتِلْكَ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ وَمِائَتَا آيَةٍ وَسِتُّ عَشْرَةَ آيَةٍ بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِقْدَارُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْفَيْضُ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ خَبِيثٌ.

وَفِي الشُّعْبِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "عَدَدُ دَرَجِ الْجَنَّةِ عَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ ". قَالَ الْحَاكِمُ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ شَاذٌّ وَأَخْرَجَهُ الْآجُرِّيُّ فِي حَمَلَةِ الْقُرْآنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا مَوْقُوفًا.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ فِي شَرْحِ قَصِيدَتِهِ ذَاتُ الرَّشَدِ فِي الْعَدَدِ: اخْتَلَفَ في عد الْآيِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَدَدَانِ: عَدَدٌ أَوَّلٌ وَهُوَ عَدَدُ أَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ وَعَدَدٌ آخَرُ وَهُوَ عَدَدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَمَّا عَدَدُ أَهْلِ مَكَّةَ فَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَمَّا عَدَدُ أَهْلِ الشَّامِ فَرَوَاهُ هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحُلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَرَوَاهُ ابْنُ ذَكْوَانَ وَهِشَامٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَارِئِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ

ص: 232

الذِّمَارِيِّ. قَالَ: هَذَا الْعَدَدُ الَّذِي نَعُدُّهُ عَدَدُ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّا رَوَاهُ الْمَشْيَخَةُ لَنَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْيَحْصَبِيُّ لَنَا وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ.

وَأَمَّا عَدَدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَمَدَارُهُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ الْعَجَّاجِ الْجَحْدَرِيِّ. وَأَمَّا عَدَدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَهُوَ الْمُضَافُ إِلَى حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ وَأَبِي الْحَسَنِ الْكِسَائِيِّ وَخَلَفِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ حَمْزَةُ أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْعَدَدِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

قَالَ الْمَوْصِلِيُّ: ثُمَّ سُوَرُ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ لَا فِي إِجْمَالٍ وَلَا فِي تَفْصِيلٍ وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ تَفْصِيلًا لَا إِجْمَالًا وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا.

فَالْأَوَّلُ أَرْبَعُونَ سُورَةً: يُوسُفُ مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ الْحِجْرُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ النَّحْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ الْفُرْقَانُ سبع وسبعون الأحزاب ثلاثة وَسَبْعُونَ الْفَتْحُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ الْحُجُرَاتُ والتغابن ثَمَانِ عَشْرَةَ ق خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ الذَّارِيَاتُ سِتُّونَ الْقَمَرُ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ الْحَشْرُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ الْمُمْتَحَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ الصَّفُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ الْجُمُعَةُ والمنافقون والضحى والعاديات إِحْدَى عَشْرَةَ التَّحْرِيمُ اثْنَتَا عَشْرَةَ ن اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ الْإِنْسَانُ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ الْمُرْسَلَاتُ خَمْسُونَ التَّكْوِيرُ تِسْعٌ وعشرون الانفطار وسبح تِسْعَ عَشْرَةَ التَّطْفِيفُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ الْبُرُوجُ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ الْغَاشِيَةُ سِتٌّ وَعِشْرُونَ الْبَلَدُ عِشْرُونَ اللَّيْلُ إِحْدَى وعشرون ألم نشرح والتين وألهاكم ثمان الهمزة تسع الفيل والفلق وتبت خمس الكافرون ست الكوثر والنصر ثَلَاثٌ.

ص: 233

وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَرْبَعُ سُوَرٍ: الْقَصَصُ ثَمَانٌ وَثَمَانُونَ عَدَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ طسم وَالْبَاقُونَ بَدَلَهَا: {أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} الْعَنْكَبُوتُ تِسْعٌ وَسِتُّونَ عَدَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ " الم "،وَالْبَصْرَةِ بَدَلَهَا:{مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وَالشَّامِ {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ}

الْجِنُّ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ، عَدَّ الْمَكِّيُّ:{لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ} وَالْبَاقُونَ بَدَلَهَا: {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} .

الْعَصْرُ ثَلَاثٌ، عَدَّ الْمَدَنِيُّ الْأَخِيرَ:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} دُونَ {وَالْعَصْرِ} وَعَكَسَ الْبَاقُونَ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ سَبْعُونَ سُورَةً:

الْفَاتِحَةُ: الْجُمْهُورُ سَبْعٌ فَعَدَّ الْكُوفِيُّ وَالْمَكِّيُّ الْبَسْمَلَةَ دُونَ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وَعَكَسَ الْبَاقُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: ثَمَانٌ فَعَدَّهُمَا وَبَعْضُهُمْ سِتٌّ فَلَمْ يُعِدَّهُمَا وَآخَرُ تِسْعٌ فَعَدَّهُمَا وَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} . وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ،فقطعها آيَةً آيَةً وَعَدَّهَا عَدَّ الْأَعْرَابِ، وَعَدَّ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيَةً وَلَمْ يَعُدَّ: {عَلَيْهِمْ} . وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ،

ص: 234

قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ السَّبْعِ الْمَثَانِي، فَقَالَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَقِيلَ لَهُ إِنَّمَا هِيَ سِتُّ آيَاتٍ فَقَالَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيَةٌ.

الْبَقَرَةُ: مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

آلُ عِمْرَانَ: مِائَتَانِ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

النِّسَاءُ: مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

الْمَائِدَةُ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَقِيلَ وَاثْنَتَانِ وَقِيلَ وَثَلَاثٌ.

الْأَنْعَامُ: مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

الْأَعْرَافُ: مِائَتَانِ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ.

الْأَنْفَالُ: سَبْعُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

بَرَاءَةٌ: مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

يُونُسَ: مِائَةٌ وعشرة وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

هُودٌ: مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَقِيلَ: ثَلَاثٌ.

الرَّعْدُ: أَرْبَعُونَ وَثَلَاثٌ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

إِبْرَاهِيمُ: إِحْدَى وَخَمْسُونَ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

الْإِسْرَاءُ: مِائَةٌ وَعَشْرٌ وَقِيلَ: وَإِحْدَى عَشْرَةَ.

الْكَهْفُ: مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: وَسِتٌّ وَقِيلَ: وَعَشْرٌ وقيل: إحدى عَشْرَةَ.

مَرْيَمُ: تِسْعُونَ وَتِسْعٌ وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

طه: مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ وَاثْنَتَانِ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ وَقِيلَ: وَأَرْبَعُونَ.

ص: 235

الْأَنْبِيَاءُ: مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَقِيلَ: وَاثْنَتَا عَشْرَةَ.

الْحَجُّ: سَبْعُونَ وَأَرْبَعٌ وقيل: خمس وقيل: ست وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

قَدْ أَفْلَحَ: مِائَةٌ وَثَمَانِ عَشْرَةَ وَقِيلَ: تِسْعَ عَشْرَةَ.

النُّورُ: سِتُّونَ وَاثْنَتَانِ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ.

الشُّعَرَاءُ: مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ وَسِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

النَّمْلُ: تِسْعُونَ وَاثْنَتَانِ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

الرُّومُ: سِتُّونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

لُقْمَانُ: ثَلَاثُونَ وَثَلَاثٌ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ.

السَّجْدَةُ: ثَلَاثُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

سَبَأٌ: خَمْسُونَ وَأَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

فَاطِرٌ: أَرْبَعُونَ وَسِتٌّ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

يس: ثَمَانُونَ وَثَلَاثٌ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ.

الصَّافَّاتُ: مِائَةٌ وَثَمَانُونَ وَآيَةٌ وَقِيلَ: آيَتَانِ.

ص: ثَمَانُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

الزُّمَرُ: سَبْعُونَ وَآيَتَانِ وَقِيلَ: ثَلَاثٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

غَافِرٌ: ثَمَانُونَ وَآيَتَانِ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌّ.

فُصِّلَتْ: خَمْسُونَ وَاثْنَتَانِ وَقِيلَ: ثَلَاثٌ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ.

الشُّورَى: خمسون وقيل: ثلاث.

الزُّخْرُفُ: ثَمَانُونَ وَتِسْعٌ وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

ص: 236

الدُّخَانُ: خَمْسُونَ وَسِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ وَقِيلَ: تِسْعٌ.

الْجَاثِيَةُ: ثَلَاثُونَ وَسِتٌّ وَقِيلَ: سَبْعٌ.

الْأَحْقَافُ: ثَلَاثُونَ وَأَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

الْقِتَالُ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً وَقِيلَ: إِلَّا آيَتَيْنِ.

الطُّورُ: أَرْبَعُونَ وَسَبْعٌ وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَقِيلَ: تِسْعٌ.

النَّجْمُ: إِحْدَى وَسِتُّونَ وَقِيلَ: اثْنَتَانِ.

الرَّحْمَنُ: سَبْعُونَ وَسَبْعٌ وَقِيلَ: سِتٌّ وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

الْوَاقِعَةُ: تِسْعُونَ وَتِسْعٌ وَقِيلَ: سَبْعٌ قيل: سِتٌ.

الْحَدِيدُ: ثَلَاثُونَ وَثَمَانٍ وَقِيلَ: تِسْعٌ قَدْ سَمِعَ اثْنَتَانِ وَقِيلَ: إِحْدَى وَعِشْرُونَ.

الطَّلَاقُ: إِحْدَى وَقِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ.

تَبَارَكَ: ثَلَاثُونَ وَقِيلَ: إِحْدَى وَثَلَاثُونَ، بِعَدِّ:{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ} .

قَالَ الْمَوْصِلِيُّ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ شَنَبُوذٍ: وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ لِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثِينَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ". وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَةً خَاصَمَتْ عَنْ صَاحِبِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ ".

ص: 237

الْحَاقَّةُ: إِحْدَى – وَقِيلَ: اثْنَتَانِ – وَخَمْسُونَ.

المعا رج: أَرْبَعُونَ وَأَرْبَعٌ وَقِيلَ: ثَلَاثٌ.

نُوحٌ: ثَلَاثُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً وَقِيلَ: إلا آيتين.

الْمُزَّمِّلِ: عِشْرُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً وَقِيلَ: إِلَّا آيَتَيْنِ.

الْمُدَّثِّرِ: خَمْسُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌ.

الْقِيَامَةُ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

عَمَّ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: وَآيَةً.

النَّازِعَاتُ: أَرْبَعُونَ وَخَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌ.

عَبَسَ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: وَآيَةٌ وَقِيلَ: وَآيَتَانِ.

الِانْشِقَاقُ: عِشْرُونَ وَثَلَاثٌ وَقِيلَ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

الطَّارِقُ: سَبْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: سِتَّ عَشْرَةَ.

الْفَجْرُ: ثَلَاثُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً وَقِيلَ: اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ.

الشَّمْسُ: خَمْسَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: سِتَّ عَشْرَةَ.

اقْرَأْ: عِشْرُونَ وَقِيلَ: إِلَّا آيَةً.

الْقَدْرُ: خَمْسٌ وَقِيلَ: سِتٌ.

لَمْ يَكُنْ: ثَمَانٍ وَقِيلَ: تِسْعٌ.

الزَّلْزَلَةُ: تِسْعٌ وَقِيلَ: ثَمَانٍ.

الَقَارِعَةُ: ثَمَانٍ وَقِيلَ: عَشْرٌ وَقِيلَ: إِحْدَى عَشْرَةَ.

قُرَيْشٌ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

أَرَأَيْتَ: سَبْعٌ وَقِيلَ: سِتٌّ.

ص: 238

الِإِخْلَاصُ: أَرْبَعٌ وَقِيلَ: خَمْسٌ.

النَّاسُ: سَبْعٌ وَقِيلَ: سِتٌ.

ضَوَابِطٌ

الْبَسْمَلَةُ نَزَلَتْ مَعَ السُّورَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ مَنْ قَرَأَ بِحَرْفٍ نَزَلَتْ فِيهِ عَدَّهَا وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِمَ يَعُدَّهَا.

وَعَدَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ الم حَيْثُ وَقَعَ آية وكذا المص وطه وكهيعص وطسم ويس وحم وعدوا حمعسق آيَتَيْنِ وَمَنْ عَدَاهُمْ لَمْ يَعُدَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَدَدِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدُّ الر حَيْثُ وَقَعَ آيَةً وَكَذَا المر وطس وص وق ون. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِالْأَثَرِ وَاتِّبَاعِ الْمَنْقُولِ وَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا قِيَاسَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لم يعدوا ص ون وق لِأَنَّهَا عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَلَا طس لِأَنَّهَا خَالَفَتْ أَخَوَيْهَا بِحَذْفِ الْمِيمِ وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمُفْرَدَ كَقَابِيلَ ويس وَإِنْ كَانَتْ بِهَذَا الْوَزْنِ لَكِنَّ أَوَّلَهَا يَاءٌ فَأَشْبَهَتِ الْجَمْعَ إِذْ لَيْسَ لَنَا مُفْرَدٌ أَوَّلُهُ يَاءٌ. وَلَمْ يَعُدُّوا الر بِخِلَافِ الم لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِالْفَوَاصِلِ مِنْ الر وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى عد {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} آيَةً لِمُشَاكَلَتِهِ الْفَوَاصِلَ بَعْدَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} .

قَالَ الْمَوْصِلِيُّ: وَعَدُّوا قَوْلَهُ: {ثُمَّ نَظَرَ} آيَةً وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَقْصَرَ مِنْهَا أَمَّا مِثْلُهَا فعم وَالْفَجْرُ وَالضُّحَى.

ص: 239

تَذْنِيبٌ

نَظَمَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْغَالِي أُرْجُوزَةً فِي الْقَرَائِنِ وَالْأَخَوَاتِ ضَمَّنَهَا السُّوَرَ الَّتِي اتَّفَقَتْ فِي عِدَّةِ الْآيِ كَالْفَاتِحَةِ وَالْمَاعُونِ وَكَالرَّحْمَنِ وَالْأَنْفَالِ وَكَيُوسُفَ وَالْكَهْفِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مما تقدم.

فائدة

يترتب على معرفة الآي وَعَدِّهَا وَفَوَاصِلِهَا أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ:

مِنْهَا: اعْتِبَارُهَا فِيمَنْ جَهِلَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَدَلَهَا سَبْعُ آيَاتٍ.

وَمِنْهَا: اعْتِبَارُهَا فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهَا قِرَاءَةُ آيَةٍ كَامِلَةٍ وَلَا يَكْفِي شَطْرَهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً وَكَذَا الطَّوِيلَةُ عَلَى ما أطلقه الجمهور وها هنا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ مَا اخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ آخِرَ آيَةٍ هَلْ تَكْفِي الْقِرَاءَةُ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ.

وَمِنْهَا: اعْتِبَارُهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي تُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَفِي الصَّحِيحِ أنه كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ.

وَمِنْهَا: اعْتِبَارُهَا فِي قِرَاءَةِ قِيَامِ اللَّيْلِ فَفِي أَحَادِيثَ: "مَنْ قَرَأَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ "،وَ " مَنْ قَرَأَ بِخَمْسِينَ آيَةً فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ "، وَ "مَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ "، وَ " مَنْ قَرَأَ بِمِائَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْفَائِزِينَ "، " ومن قَرَأَ بِثَلَاثِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْأَجْرِ "، وَ " مَنْ قرأ بخمسمائة وسبعمائة وَأَلْفِ آيَةٍ

" أَخْرَجَهَا الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مُفَرَّقَةً.

وَمِنْهَا: اعْتِبَارُهَا فِي الْوَقْفِ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْمًا جَهِلُوا الْعَدَدَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ،

ص: 240

حَتَّى قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: الْعَدَدُ لَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنَّمَا اشْتَغَلَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِيُرَوِّجَ بِهِ سُوقَهُ. قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَعْرِفَةُ الْوَقْفِ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِنِصْفِ آيَةٍ وَقَالَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: تجزئ بآية وآخرون بثلاثة آيَاتٍ وَآخَرُونَ لَا بُدَّ مِنْ سَبْعٍ وَالْإِعْجَازُ لَا يَقَعُ بِدُونِ آيَةٍ فَلِلْعَدَدِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ

ذِكْرُ الْآيَاتِ فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى كَالْأَحَادِيثِ فِي الْفَاتِحَةِ وَأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْآيَتَيْنِ خَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ وَكَحَدِيثِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} و: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} .

وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُهْتَدِينَ} .

وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى عَنِ الْمُسَوَّرِ بْنِ مَخَرَمَةَ قال: قلت لعبد الرحمن ابن عَوْفٍ: يَا خَالُ أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحَدٍ قَالَ اقْرَأْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدُ قِصَّتَنَا: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}

ص: 241

فصل

وَعَدَّ قَوْمٌ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ سَبْعَةً وَسَبْعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ وَتِسْعَمِائَةٍ وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ كَلِمَةٍ وَقِيلَ: وَأَرْبَعُمِائَةٍ وسبع وثلاثون وَمِائَتَانِ وَسَبْعٌ وَسَبْعُونَ وَقِيلَ: غَيْرُ ذلك.

قيل: وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي عَدِّ الْكَلِمَاتِ أَنَّ الْكَلِمَةَ لَهَا حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ وَلَفْظٌ وَرَسْمٌ وَاعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْهَا جَائِزٌ وَكُلٌّ مِنَ الْعُلَمَاءِ اعْتَبَرَ أَحَدَ الْجَوَائِزِ.

فَصْلٌ

وَتَقَدَّمَ عَنِ ابن عباس عد حُرُوفِهِ وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ وَالِاشْتِغَالُ بِاسْتِيعَابِ ذَلِكَ مِمَّا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَقَدِ اسْتَوْعَبَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي فُنُونِ الْأَفْنَانِ وَعَدَّ الْأَنْصَافَ وَالْأَثْلَاثَ إِلَى الْأَعْشَارِ وَأَوْسَعَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ مِنْهُ فَإِنَّ كِتَابَنَا مَوْضُوعٌ لِلْمُهِمَّاتِ لَا لِمِثْلِ هذه البطالات.

وقد قَالَ السَّخَاوِيُّ: لَا أَعْلَمُ لِعَدَدِ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ مِنْ فَائِدَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ أَفَادَ فَإِنَّمَا يُفِيدُ فِي كِتَابٍ يُمْكِنُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَالْقُرْآنُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ.

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ فِي اعْتِبَارِ الْحُرُوفِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ".

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا: "الْقُرْآنُ أَلْفُ ألف حرف وسبعة وعشرون أَلِفِ حَرْفٍ فَمَنْ قَرَأَهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ".رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا شَيْخَ الطَّبَرَانِيِّ مُحَمَّدَ بْنَ عبيد بن آدم

ص: 242

ابن أَبَى إِيَاسٍ تَكَلَّمَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ لهذا الحديث. وَقَدْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى مَا نُسِخَ رَسْمُهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَيْضًا إِذِ الْمَوْجُودُ الْآنَ لَا يَبْلُغُ هَذَا الْعَدَدَ.

فَائِدَةٌ

قَالَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ لَهُ أَنْصَافٌ بِاعْتِبَارَاتٍ فَنَصِفُهُ بِالْحُرُوفِ "النُّونُ" مِنْ: {نُكْراً} في الكهف "والكاف" مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي.

وَنِصْفُهُ بِالْكَلِمَاتِ "الدَّالُ" مِنْ قوله: {وَالْجُلُودُ} فِي الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ} مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي.

وَنِصْفُهُ بِالْآيَاتِ {يَأْفِكُونَ} مِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ وَقَوْلُهُ: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي.

وَنِصْفُهُ عَلَى عِدَادِ السُّورِ آخِرُ الْحَدِيدِ وَالْمُجَادَلَةُ مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي وَهُوَ عَشْرَةٌ بِالْأَحْزَابِ. وَقِيلَ: إِنَّ النِّصْفَ بِالْحُرُوفِ "الْكَافُ". مِنْ نُكْرًا وَقِيلَ: "الْفَاءُ" مِنْ قَوْلِهِ: {وَلْيَتَلَطَّفْ}

ص: 243