المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حلم النبي صلى الله عليه وسلم - دلائل النبوة - السقار

[منقذ السقار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة التي تحققت بعد وفاته

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه

- ‌رابعاً: إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار الفتن

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة

- ‌المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم

- ‌استجابة الله دعاءه صلى الله عليه وسلم

- ‌حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم

- ‌شهادات الكتب السابقة وأتباعها بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته

- ‌كرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حلم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌زهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تواضع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تعبده لربه وخوفه منه

- ‌خاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌حلم النبي صلى الله عليه وسلم

‌حلم النبي صلى الله عليه وسلم

-

ومن عظيم أخلاقه وجميل خلاله صلى الله عليه وسلم؛ عفوه عمن ظلمه، وحِلمه على من جهل عليه، وذلك أن لا حظَّ لنفسه في نفسه. ((وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)). (1)

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً. كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ((ما له؟ ترِبَ جبينُه)). (2)

ولما سئلت أمُ المؤمنين عائشةُ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالت: ((لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئةَ، ولكن يعفو ويصفح). (3)

وهذه الصفة من صفاته صلى الله عليه وسلم مذكورة في الكتب قبل الإسلام، ففي البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال:(والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن .. ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح بها أعيُناً عُمياً، وآذاناً صُماً، وقُلوباً غُلفاً). (4)

وقد صدق رضي الله عنه، ففي السفر المنسوب إلى النبي إشعيا:" هوذا عبدي الذي أَعضُده، مختاري الذي سُرّت به نفسي، وضعتُ روحي عليه، فيخرج الحق للأمم، لا يصيح، ولا يَرفع ولا يُسمع في الشارع صوتُه، قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة خامدة لا يطفئ، إلى الأمان يخرج الحق، لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض، وتنتظر الجزائر شريعته، هكذا يقول الله الرب خالق السموات "(إشعيا 42/ 1 - 4)

ومن عفوه صلى الله عليه وسلم وحِلمه أنه في يوم حنين لما أجزل العطاء لضعاف الإيمان يتألف قلوبهم للإسلام؛ قال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله! يتهم رسول الله بالظلم والحيف.

(1) رواه البخاري ح (3296)، ومسلم ح (4294).

(2)

رواه البخاري ح (6031).

(3)

رواه الترمذي ح (2016)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5820).

(4)

رواه البخاري ح (2125).

ص: 132

يقول ابن مسعود: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فغضب حتى رأيتُ الغضب في وجهه، ثم قال:((يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)). (1)

إنه يمتثل أمر ربه وهو يقول له: {فاصفح الصفح الجميل} (الحجر: 85).

ويقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ حتى إذا بلغ وسطه أدركه رجل، فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه صلى الله عليه وسلم خشناً، فحمّر رقَبتَه، فقال: يا محمد، احمل لي على بعيريَّ هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك.

فقال رسول الله: ((لا، وأستغفر الله، لا أحملُ لك حتى تُقِيدني مما جبذتَ برقبتي)) فقال الأعرابي: لا والله لا أُقيدُك.

يقول أبو هريرة: فلما سمعنا قولَ الأعرابي أقبلنا إليه سراعاً، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((عزمتُ على من سمع كلامي أن لا يبرح مقامَه حتى آذن له)).

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: ((يا فلان، احمل له على بعير شعيراً، وعلى بعير تمراً)). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((انصرفوا)). (2)

قال السندي: "أراد أنه لكمال كرمه يعفو البتة، وفي أمثال هذه الأحاديث دليل على أنه لولا (أي: لو لم يؤت) المعجزات إلا هذا الخلق لكفى شاهداً على النبوة". (3){فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} (آل عمران: 159).

ومن حلمه صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً جهل حرمة المسجد، فقام يبول في طرف المسجد، فقام إليه الصحابة ينتهرونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تزرموه، دعوه)) فتركوه.

(1) رواه البخاري ح (3405)، ومسلم ح (1062).

(2)

رواه النسائي ح (4776)، وأبو داود ح (4775).

(3)

شرح السندي على النسائي (8/ 34).

ص: 133