المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل يجوز للمسافر الصوم قضاء لرمضان سابق عليه - رخصة الفطر في سفر رمضان وما يترتب عليها من الآثار - جـ ٥٨

[أحمد علي طه ريان]

الفصل: ‌هل يجوز للمسافر الصوم قضاء لرمضان سابق عليه

قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} ..

حيث جاء أسلوب المطالبة بالأداء مغاير لأسلوب المطالبة بالقضاء ، فالداء قد حدد فيه زمن الصوم تحديدا كاملا ، أما في جانب القضاء ، فاكتفى في المر به بذكر المماثلة في العدد بين الأيام الي أفطر فيها والأيام التي سيقضيها بدلا عنها ، دون أن يحدد وقت معين لقضاء هذه الأيام..

قد يقال: أن أمر القضاء وان جاء مطلقا في الآية وفإن حديث أبي هريرة قد قيد هذا الاطلاق..

فيجاب بأن ما قيل في سند هذا الحديث حتى مع ترجيح جانب الصحة فيه يجعله غير صالح لتقييد مطلق الكتاب..

المختار: هو قول من يرى عدم وجوب التتابع ، لأن الأمر في الرخص مبني على التخفيف والمسامحة ، ةلأن فهم الصحابة للآية والذي اتضح من استدلالهم بها على عمومها ، أقوى من الاحتمالات الواردة في حديث عائشة رضي الله عنها الا أن الأفضل هو التتابع - كما يقول الجمهور - للجمع بين الأدلة من جهة ، وللمسارعة في اسقاط الواجب وإبراء الذمة من جهة أخرى.

والله أعلم.

ص: 133

‌هل يجوز للمسافر الصوم قضاء لرمضان سابق عليه

هل يجوز للمسافر الصوم في قضاء لرمضان سابق عليه؟

يرى ابن حزم للمسافر في شهر رمضان جواز الصيام أثناء سفره قضاء لأيام كانت عليه من رمضان السابق 1..

وجهة ابن حزم في الجواز:

يقول ابن حزم: إن الله سبحانه وتعالى: منع المسلم المسافر من صيام رمضان أثناء سفره ، ولكن لم يمنعه من أي صيام آخر غير هذا الشهر ، سواء كان هذا الصيام - الآخر - نذرا أو تطوعا أو قضاء لرمضان سابق عليه وهذا فلا مانع من صيا رمضان السابق ، للمسافر خلال رمضان الذي يسافر فيه ولقوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وهذه الأيام الأخر لم يحدد لها وقت فيجوز آداؤها في كل وقت 2..

1 المجموع ج 6 ص 260 المحلى ج 6 ص 391.

2 المحلى ج 6 ص 391.

ص: 133

من يرى عدم الجواز:

يرى أكثر الفقهاء عدم جواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال سفره في رمضان التالي له. وقد حكى ابن المنذر هذا الرأي عن سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق وأبي ثور ، كما أنه رأى مالك والشافعي وجمهور الفقهاء 1..

ولم يذكر مستند لأصحاب هذا الرأي لكني وجدت أثرا منقولا عن عطاء ، في رجل أفطر رمضان ثم أقام ولم يقضه حتى ألقاه رمضان المقبل مسافرا ، أيفطر إن شاء ، قال نعم ، ثم يطعم ثلاثين مسكينا ثلاثين مدا 2..

لكن من الواضح: أن عطاء هنا ، أجاز الفطر ولكنه لم عن صيامه قضاء عن رمضان السابق ، كما يقول المجيز فليس فيه ما يفيد المنع..

إلا أننا حينما نلاحظ الحكمة من رخصة الفطر للمسافر ، وهي تخفيف المعاناة التي يجدها المسافر خلال سفره ، ثم نلاحظ أن الأخذ بهذه الرخصة ليس محتما - كما أوضحنا ذلك سابقا - كانت النتيجة: أن من كانت لديه قدرة على تحمل مشقة السفر ، أو كانت ظروف سفره تساعد على تخفيف هذه المشقة إلى قدر المحتمل عادة، كان الأولى به ، هو صيام الفرض الحاضر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقد ثبت مما تقدم أنهم كانوا يصومون خلال شهر رمضان وأن هذا الصيام كان عن رمضان الحاضر الذي يكونون فيه ، وأما الادعاء بأنهم كانوا يصومون تطوعا أو نذرا أو قضاء لرمضان سابق عليهم فهي دعوى جاءت على خلاف الأصل وعلى مدعيها إقامة الدليل على إثباتها..

ومجمل القول في هذه المسالة ، أن القول بجواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال شهر رمضان التالي له في أثناء سفره فيه ، هذا القول قد يتفق مع مذهب ابن حزم الذي يمنع المسافر من الصيام خلال سفره في شهر رمضان..

أما عند الجمهور الذين يجيزون الفطر والصوم للمسافر خلال شهر رمضان بل ويعتبرون الصيام أفضل لمن قوى عليه - لحديث أبي سعيد المتقدم وغيره مما أسلفنا - فهذا العمل فيه مخالفة عندهم لما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حيث لم يثبت ذلك عن أحد منهم بالرغم من كثرة أسفارهم. كما أن ابن حزم مع كثرة استيعابه وجمعه للسنن والآثار لم يستطع ايراد سنة واحدة أو أثر واحد يدلل به على ما ذهب إليه ، كل ما في المر أنه بنى على رأيه في هذه المسألة على الأصل الذي تثبت به من قبل وهو حرمة الصيام على المسافر

1 المجموع ج 6 ص 337 ، شرح الرزقاني على مختصر خليل ج 2 ص 215.

2 المصنف ج 4 ص 241.

ص: 134