الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلم بالإسلام والمسيحي بالمسيحية بكل معنى الكلمة، فهي تستميت في سبيلها وتقدس شعارها وتجل قادتها وَدُعَاتِهَا وتدعو إليها في أدبها ومؤلفاتها، وتحتقر كل ما يعارضها من الأديان والنظم والعقليات وتؤاخي كل من يدين بها، فأفرادها أمة واحدة وأسرة واحدة ومعسكر واحد.
الدِّيَانَةُ اللَاّدِينِيَّةُ:
وما هي هذه الديانة وإن أبى أصحابها أن يسموها ديانة؟ إنكار لفاطر الكون العليم الخبير الذي قَدَّرَ فهدى، وإنكار للمعاد وحشر الأجساد ووجود الجنة والنار والثواب والعقاب، وإنكار النبوات والرسالات وإنكار الشرائع السماوية والحدود الشرعية وإنكار الرسول الأعظم هو الذي فرض الله طاعته على جميع الخلق وحصر الهداية والسعادة في اتِّبَاعِهِ، وأن الإسلام هو الرسالة الأخيرة الخالدة المتكفلة لجميع السعادات الدنيوية والأخروية ونظام الحياة الأمثل الأفضل، وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره ولا يسعد العالم سواه أو إنكار أن الدنيا خلقت للإنسان وأن الإنسان خلق الله.
هذه ديانة الطبقة المثقفة الممتازة التي تملك زمام الحياة في أكثر البلدان الإسلامية، وإن لم تكن كلها طبقة واحدة في
الإيمان بها والتحمس لها، وفيها ولا شك مؤمنون بالله متدينون بالإسلام، ولكن سمة هذه الطبقة التي تغلب عليها وفلسفة الحياة الغربية التي قامت على الإلحاد.
إنها ردة، أعود فأقول: اكتسحت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه وغزت الأُسَرَ والبيوتات، والجامعات والكليات والثانويات والمؤسسات، فما من أسرة مثقفة - إلا من عصم ربك - إلا وفيها من يدين بها أو يحبها أو يجلها وإذا استنطقته أو خلوت به أو أثرته عرفت أنه لا يؤمن بالله، أو لا يؤمن بالآخرة، أو لا يؤمن بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، أو لا يؤمن بالقرآن كالكتاب المعجز الخالد ودستور الحياة وأفضلهم من يقول أنه لا يفكر في مثل هذه المسائل ولا يهتم بها كبير اهتمام.
إنها ردة ولكنها لم تلفت المسلمين، ولم تشغل خاطرهم، لأن صاحبها لا يدخل كنيسة أو هيكلاً ولا يعلن رِدَّتَهُ وانتقاله من دين إلى دين، ولا تنتبه له الأسرة فلا تقاطعه ولا تقصه بل يظل يعيش فيها ويتمتع بحقوقها وقد يسيطر عليها، ولا ينتبه لها المجتمع فلا يحاسبه ولا يعاتبه ولا يفصله بل يظل يعيش فيه ويتمتع بحقوقه وقد يسيطر عليه.