المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلومما استدل به علينا الخصم وزعم أن دعوة غير الله وسيلة قوله: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم - رسالة مهمة للإمام المجاهد العلامة عبد العزيز بن محمد بن سعود

[عبد العزيز بن محمد بن سعود]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن آل باز

- ‌المقدمة:لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ

- ‌نص الرسالة

- ‌مدخل

- ‌فصل: معنى لا إله إلا الله

- ‌فصلفنحن نقول ليس للخلق من دون الله ولي ولا نصير

- ‌فصلفالمتعين على كل مسلم صرف همته وعزائم أمره إلى ربه تبارك وتعالى

- ‌فصلوأما دعاء الله عز وجل للغير، فقد مضت السنة أن الحي يطلب منه سائر ما يقدر عليه

- ‌فصلوإذا كان السفر المشروع لقصد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه دخلت زيارة القبر تبعاً لأنها غير مقصودة استقلالاً

- ‌فصلوالله تعالى عز شأنه، قد فسر هذا الدعاء في مواضع أخرى بأنه عبادة محضة

- ‌فصلالموحد من اجتمع قلبه ولسانه على الله مخلصاً له تعالى الألوهية

- ‌فصل يوضح ما قدمنا أن الله سبحانه وتعالى وصف دين المشركين

- ‌فصلوالشرك شركان:

- ‌فصل:فلم يبق إلا التوسل بالأعمال الصالحة كتوسل المؤمنين بإيمانهم

- ‌فصلوأما الاقسام على الله بمخلوق فهو منهي عنه باتفاق العلماء

- ‌فصلومما استدل به علينا الخصم وزعم أن دعوة غير الله وسيلة قوله: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل: ومما استدل به علينا في جواز دعوة غير الله في المهمات قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا انفلتت دابة أحدكم في أرض فلاة فلينادي يا عباد الله احبسوا

- ‌فصل: فبهذا تتبين أن الشيطان اللعين خدع أهل البدعة والجهل فنصبوا قبورا يعظمونها ويعبدونها من دون الله

الفصل: ‌فصلومما استدل به علينا الخصم وزعم أن دعوة غير الله وسيلة قوله: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم

‌فصل

ومما استدل به علينا الخصم وزعم أن دعوة غير الله وسيلة قوله: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم

نبي الرحمة، يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم شفعه فيَّ" رواه الترمذي والحاكم وابن ماجة عن عثمان بن حنيف فجوابه من وجوه.

" الأول " أنه في غير محل النزاع إذ ليس فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، وإنما فيه سؤال الله وحده أن يشفع فيه نبيه.

فأين هذا من عمارة القبور وإلقاء الستور عليها وتسريجها الذي وردت النصوص الصريحة الصحيحة في تحريمه كما في السنن أنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، وهذه كلها كبائر كما قال أهل العلم حتى ابن حجر الهيتمي وغيره حددوها بأنها ما أتبع بلعنة أو غضب أو نار.

والأحاديث في تحريم عمارة القبور كثيرة في الصحيحين وغيرهما وارتكاب الكبائر والبناء على القبور ونحوه جنى على الأمة أعظم البلاء من دعاء أصحابها ورجاءهم، والالتجاء إليهم، والنذر لهم، وكتب الرقاع لهم، وخطابهم يا سيدي افعل كذا وكذا، وبهذا عبدت اللات والعزى، والويل كل الويل عندهم لمن عاب وأنكر عليهم.

ص: 46

ومن قارن بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وزيارتها، وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه الناس اليوم رأى أحدهما مضاداً للآخر، مناقضاً له. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وإذا كان سبب قول الله عز وجل:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1) مجيء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وقوله: نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله أنداداً فتقولون: ما شاء الله وشاء فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه قد قال حقاً" وأنزل الله {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وممن اخرج الحديث جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في تفسيره.

وهؤلاء يجب أحدهم معتقده أكثر من حب الله، وان زعم أنه لا يحبه كحبه، فشواهد الحال تشهد عليه بذلك، فإنه يعظم القبر أعظم من بيت الله، ويحلف بالله كاذباً ولا يحلف بمعتقده. فلا جامع بين ما استدلوا به علينا وبين ما نهيناهم عنه.

" الثاني " ان الحديث دليل لنا أنه لا يدعي غير الله عز وجل، فإن قوله:"اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة" سؤال الله عز وجل لا للمخلوق. وتوجه إليه بدعاء نبيه بدليل ما يأتي بعد. وقوله: "يا محمد إني

(1) سورة البقرة آية 22.

ص: 47

أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي. اللهم شفعه في" معناه: أتوجه إليك بدعاء نبيك وشفاعته التي معناها في هذه الدار الدعاء. ولهذا قال في تمام الحديث: "اللهم شفعه في" أي استجب دعاءه وهذا متفق على جوازه، إذ الحي يطلب منه سائر ما يقدر عليه.

أما الغائب والميت فلا يستغاث به، ولا يطلب منه مالا يقدر عليه قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} (1)

إنما غايته طلب الدعاء من الحي، وقبول شفاعته عند الله عز وجل، وهو صلي الله عليه وسلم انتقل من هذه الدار إلى دار القرار بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة. ولهذا استسقي أصحابه بعمه العباس بن عبد المطلب، وطلبوا منه أن يدعوا لهم في الاستسقاء عام القحط، أخرجه البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه، ولم يأتوا إلى قبره ولا وقفوا عنده مع أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره برزخية، والدعاء عنده مبناها على التوقيف والاتباع. ولو كان هذا من العبادات لسنه الرسول، ولكان أصحابه أعلم بذلك وأتبع. ولهذا لم يفعله أحد من الصاحبة ولا التابعين مع شدة

(1) سورة آل عمران آية 154

ص: 48

احتياجهم وكثرة مدلهماتهم. وهم أعلم بمعاني كتاب الله وسنة رسوله وأحرص على اتباع ملته من غيرهم، بل كانوا ينهون عنه وعن الوقوف عند القبر للدعاء عنده وهم خير القرون التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"خيركم قرني ثم الذين يلونهم" قال عمران: لا أدري أذكر اثنين أو ثلاثا بعد قرنه. أخرجه البخاري في صحيحه.

" الثالث " أنهم زعموا أنه دليل للوسيلة إلى الله بغير محمد صلى الله عليه وسلم وخرجوا عن محل النزاع إلى شيء آخر، وهو التوسل بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا دليل فيه أصلاً، لأنهم صرحوا بأنه لا يقاس مع الفارق. فلا يجوز لنا أن نقول: اللهم إنا نسألك ونتوجه إليك برسولك نوح، يا رسول الله يا نوح.

ولا لنا أن نقول: إنا نسألك ونتوجه إليك بخليلك إبراهيم ولا بكليمك موسى، ولا بروحك عيسى، مع أن الجامع في نوح عليه السلام الرسالة، وفي ابراهيم عليه السلام الخلة مع الرسالة، وفي موسى روح الله وكلمته مع الرسالة، فليس لنا أن نقول هذا لأنه لم يرد، ولا حاجة لنا إلى فعل شيء لم يرد. والقياس إنما يباح عند من يقول به للحاجة في حكم لا يوجد فيه نص. فإذا وجد النص فلا يحل القياس عند من يقول به ولا حاجة لنا إلى قول مخترع يجر إلى الشرك، خصوصاً مع ماورد فيه، وأنه في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل وأن هذه

ص: 49

الأمة افترقت على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فالناجية من اتبع ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

" الرابع " أن الوسيلة ليست هي أن ينادي العبد غير الله، ويطلب حاجته التي لا يقدر على وجودها إلا الرب تبارك وتعالى ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، وأن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه.

ص: 50