المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إصراره بِالْقدرِ لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْقدر حجَّة لإبليس وَفرْعَوْن وَسَائِر - رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر

[مرعي الكرمي]

الفصل: إصراره بِالْقدرِ لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْقدر حجَّة لإبليس وَفرْعَوْن وَسَائِر

إصراره بِالْقدرِ لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْقدر حجَّة لإبليس وَفرْعَوْن وَسَائِر الْكفَّار وَأَيْضًا فأدم ومُوسَى أعلم بِاللَّه من أَن يحْتَج أَحدهمَا على فعل الْمعْصِيَة بِالْقدرِ ويقبله الآخر إِذْ لَا تلبس لآدَم بِمَعْصِيَة حَال الِاحْتِجَاج وَأَيْضًا فَلَو كَانَ ذَلِك مَقْبُولًا لَكَانَ لإبليس الْحجَّة بذلك أَيْضا وَكَانَ لفرعون الْحجَّة على مُوسَى بذلك أَيْضا وَكَذَلِكَ سَائِر الْكفَّار

وَأعلم أَن مُوسَى عليه السلام لم يلم آدم على ذَنبه الَّذِي تَابَ مِنْهُ فَإِن التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ ومُوسَى أعلم بِاللَّه من أَن يلوم تائب فَكيف بِأَبِيهِ آدم الَّذِي تَابَ الله عَلَيْهِ واجتباه وَإِنَّمَا لامه لأجل مَا لحق الذُّرِّيَّة من الْمُصِيبَة المستمرة والمصيبة تَقْتَضِي نوع من الْجزع يَقْتَضِي لوم من كَانَ سَببهَا كَمَا يلام من أوقع أَصْحَابه فِي مشقة وَلِهَذَا لم يقل لَهُ مُوسَى لماذا أكلت من الشَّجَرَة وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ لماذا أخرجتنا ونفسك فِي الْجنَّة وَهَذَا اللَّفْظ قد رُوِيَ فِي بعض طرق الحَدِيث وَإِن لم يكن فِي جَمِيعهَا فَهُوَ مَبْنِيّ لما وَقعت عَلَيْهِ الْمَلَامَة فَتَأمل فَظهر بِمَا تقرر أَن احتجاج آدم على مُوسَى بِالْقدرِ وَأَنه حج مُوسَى بِهِ لَيْسَ هُوَ على معنى مَا يتوهمه الإباحية والزنادقة بل على الْمَعْنى الْمُتَقَدّم الظَّاهِر لكل مُسلم مَسْلَك

‌الْجَواب الثَّالِث

ص: 31

وَأما الْجَواب الثَّالِث وَهُوَ مَا الدَّلِيل على إبِْطَال الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ وذمه مَعَ أَن آدم احْتج بِهِ

فَنَقُول أما دَعْوَى أَن آدم عليه السلام احْتج على فعل الْمعاصِي بِالْقدرِ فَهُوَ قَول بَاطِل وافتراء لما تقدم والاحتجاج بِالْقدرِ على فعل الذُّنُوب والمعاصي بَاطِل بِاتِّفَاق أهل الْملَل وَذَوي الْعُقُول وَهُوَ مِمَّا يعلم بُطْلَانه بضرورة الْعقل

فَإِن الظَّالِم لغيره لَو احْتج بِالْقدرِ لاحتج ظالمه أَيْضا بِالْقدرِ فَإِن كَانَ الْقدر حجَّة لهَذَا فَهُوَ حجَّة لهَذَا

قَالَ ابْن تَيْمِية فِي رده على الرافضة والإباحية أَن الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ حجَّة بَاطِلَة داحضة بِاتِّفَاق كل ذِي عقل وَدين من جَمِيع العاملين والمحتج بِهِ لَا يقبل من غَيره مثل هَذِه الْحجَّة إِذا احْتج بهَا فِي ظلم ظلمه إِيَّاه أَو ترك مَا عَلَيْهِ من حُقُوقه بل يطْلب مِنْهُ مَاله عَلَيْهِ ويعاقبه على ذَلِك لِأَن الْقُلُوب تعلم بِالضَّرُورَةِ أَن هَذِه شُبْهَة بَاطِلَة وَلِهَذَا لَا يقبلهَا أحد من أحد عِنْد التَّحْقِيق وَإِنَّمَا يحْتَج بِالْقدرِ على القبائح والمظالم من هُوَ متناقض فِي قَوْله مُتبع لهواه كَمَا قَالَ بعض الْعلمَاء أَنْت عِنْد الطَّاعَة قدري وَعند الْمعْصِيَة جبري أَي مَذْهَب وَافق هَوَاك تمذهبت بِهِ وَلَو كَانَ الْقدر حجَّة لفاعل الْفَوَاحِش والمظالم لم يحسن أَن يلوم أحد أحدآ وَلَا يُعَاقب أحد أحدآ وَكَانَ للْإنْسَان أَن يفعل فِي دم غَيره وَمَاله وَأَهله مَا يشتهيه من الْمَظَالِم والقبائح ويحتج بِأَن ذَلِك مُقَدّر عَليّ ثمَّ أصل الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ إِنَّمَا هُوَ قَول الْمُشْركين الَّذين أتبعوا أهواءهم بِغَيْر علم وَلِهَذَا لما قَالَ الْمُشْركُونَ كَمَا حكى الله عَنْهُم وَقَالَ الَّذين أشركوا لَو شَاءَ الله مَا أشركنا نَحن وَلَا

آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء قَالَ الله تَعَالَى قل هَل عنْدكُمْ من علم فتخرجوه لنا إِن تتبعون إِلَّا الظَّن وَإِن أَنْتُم إِلَّا تحرصون فَإِن هَؤُلَاءِ الْمُشْركين يعلمُونَ بفطرتهم وعقولهم أَن هَذِه الْحجَّة داحضة بَاطِلَة فَإِن أحدهم لَو ظلم الآخر فِي مَاله أَو فجر بأمرأته أَو قتل وَلَده

ص: 32

أَو كَانَ مصرا على الظُّلم فنهوه عَن ذَلِك فَقَالَ لَو شَاءَ الله لم أفعل هَذَا لم يقبلُوا مِنْهُ هَذِه الْحجَّة وَلَا هُوَ يقبلهَا من غَيره وَإِنَّمَا يحْتَج بِهِ المحتج رفعا للوم بِلَا وَجه وَلِهَذَا قَالَ الله لَهُم {قل هَل عنْدكُمْ من علم} بإن هَذَا الشّرك وَالتَّحْرِيم من أَمر الله وَأَنه مصلحَة يَنْبَغِي فعله إِن تتبعون إِلَّا الظَّن فَإِنَّهُ لَا علم عنْدكُمْ بذلك إِن تظنون ذَلِك إِلَّا ظنا وَإِن أَنْتُم إِلَّا تخرصون تحزرون وتفترون فعمدتكم فِي نفس الْأَمر ظنكم وخرصكم وَاتِّبَاع أهوائكم لَا كَون الله شَاءَ ذَلِك وَقدره فَإِنَّهُ أَمر غَائِب عَنَّا وَلِأَن مُجَرّد الْمَشِيئَة وَالْقدر لَا يكون عُمْدَة لأحد فِي الْفِعْل وَلَا حجَّة بِهِ لأحد على أحد إِذْ النَّاس كلهم مشتركون فِي الْقدر فَلَو كَانَ هَذَا حجَّة لم يحصل فرق بَين الْعَادِل والظالم والصادق والكاذب والعالم وَالْجَاهِل وَالْبر والفاجر وَلم يكن فرق بَين مَا يصلح النَّاس فِي الْأَعْمَال وَمَا يفسدهم وَمَا يَنْفَعهُمْ ويضرهم وَهَؤُلَاء الْمُشْركين إِنَّمَا يحتجون بِالْقدرِ على ترك مَا أرسل الله بِهِ رسله فِي توحيده وَالْإِيمَان بِهِ وَلَو أحتج بِهِ بَعضهم على بعض فِي إِسْقَاط حُقُوقه وَمُخَالفَة أمره لم يقبله مِنْهُ بل كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْركُونَ المحتجون بِالْقدرِ يذم بَعضهم بَعْضًا ويعادي بَعضهم بَعْضًا وَيُقَاتل بَعضهم بَعْضًا على فعل مَا يرونه تركا لحقهم أَو ظلما لَهُم فَلَمَّا جَاءَهُم الرَّسُول يَدعُوهُم إِلَى حق الله على عباده

ص: 33

وَطَاعَة أمره وَمُخَالفَة أهوائهم أحتجوا بِالْقدرِ على ذَلِك اتبَاعا للظن وَمَا تهوى الْأَنْفس فَتبين أَن أصل مقَالَة الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ إِنَّمَا هُوَ قَول أهل الْجَاهِلِيَّة الْمُشْركين الَّذين لَا علم عِنْدهم إِلَّا إتباع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس فَمن أحتج بِهِ فقد الْتحق بهم فِي الْجَهْل والضلال وَأَتْبَاع الْهوى وَلِهَذَا تَجِد المحتجين بِهِ والمستندين إِلَيْهِ من التصوفه والفقراء وَمن الْتحق بهم من الْعَامَّة والجند وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم إِنَّمَا يحتجون بِهِ عِنْد إتباع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس فَإِذا أَمر أحدهم بِمَا يجب عَلَيْهِ أَو نهي عَمَّا حرمه الله تَعَالَى تعلل بِالْقدرِ وَقَالَ حَتَّى يقدر الله لي ذَلِك أَو يقدرني الله على ذَلِك أَو قضى الله على بذلك فَأَي حِيلَة فِي دَفعه وَهُوَ متلبس بِهِ وَلَو كَانَ مَعَهم علم وَهدى لم يحتجوا بِالْقدرِ أصلا وَهَذَا أصل شرِيف من أعتنى بِهِ عرف منشأ الضلال والغي لكثير من النَّاس وَلِهَذَا تَجِد الْمَشَايِخ الصَّالِحين من الصوفيه المتبعين للْعلم وَالْهدى لم يحتجوا بِالْقدرِ أصلا وَهَذَا أصل شرِيف من أعتنى بِهِ عرف منشأ الضلال والغي لكثير من النَّاس وَلِهَذَا تَجِد الْمَشَايِخ الصَّالِحين من الصُّوفِيَّة المتبعين للْعلم وَالْهدى كثيرا مَا يوصون أتباعهم بِالْعلمِ وَالشَّرْع لِأَنَّهُ كثير مَا تعرض لَهُم إرادات فِي أَشْيَاء ومحبة لَهَا فيتبعون فِيهَا أهواءهم ظانين أَنَّهَا دين الله وَلَيْسَ مَعَهم إِلَّا الظَّن والذوق والوجد الَّذِي يرجع إِلَى محبَّة وإرادتها فيحتجون تَارَة بِالْقدرِ على فعل الْمعاصِي أعظم بِدعَة وأشنع قولا وأقبح طَريقَة من المكذبين بِالْقدرِ وَتارَة بِالظَّنِّ والخرص وهم فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هم متبعون أهوائهم بِغَيْر هدى من الله وَلِهَذَا كَانَ المحتجون بِالْقدرِ من الْمُعْتَزلَة والشيعة والرافضة فَإِن هَؤُلَاءِ بتعظيمهم الْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد خير من الَّذين يرَوْنَ الْقدر حجَّة لمن ترك الْمَأْمُور وَفعل الْمَحْظُور فَلَا ريب أَن هَؤُلَاءِ شَرّ من الْمُعْتَزلَة والشيعة الَّذين يقرونَ بِالْأَمر وَالنَّهْي والوعد وَفعل الْوَاجِبَات وَترك الْمُحرمَات وَإِن لم يَقُولُوا إِن الله خلق أَفعَال الْعباد وَلَا يقدر على ذَلِك وَلَا شَاءَ الْمعاصِي فَإِنَّهُم قد قصدُوا تَعْظِيم الْأَمر وتنزيه الله عَن الظُّلم وَإِقَامَة حجَّة الله على خلقه بِخِلَاف هَؤُلَاءِ المحتجين على الْمعاصِي فَإِنَّهُم وَإِن أثبتوا قدرته تَعَالَى ومشيئته وخلقه لكِنهمْ عارضوا بذلك أمره وَنَهْيه ووعده ووعيده وَقَوْلهمْ يَقْتَضِي إفحام الرُّسُل وَأَن لَا حجَّة لله على خلقه وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ قل

ص: 34

فَللَّه الْحجَّة الْبَالِغَة) بإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب فَلَا حجَّة عَلَيْهِ لأحد بعد ذَلِك ثمَّ أثبت تَعَالَى الْقدر بقوله بعد ذَلِك {فَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} فَأثْبت سُبْحَانَهُ الْحجَّة الشَّرْعِيَّة وَبَين الْمَشِيئَة الْقَدَرِيَّة وَكِلَاهُمَا حق

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النَّحْل وَقَالَ الَّذين أشركوا لَو شَاءَ الله مَا عَبدنَا من دونه من شَيْء نَحن وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من دونه من شَيْء كَذَلِك فعل الَّذين من قبلهم فَهَل على الرُّسُل إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين فَبين سُبْحَانَهُ أَن هَذَا الْكَلَام تَكْذِيب للرسل فِيمَا جَاءُوا بِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِحجَّة بل معاندة ومكابرة وتعريج عَن الْحق فالقدرية وَنَحْوهم مِمَّن لم يقل إِن الله تَعَالَى خَالق لأفعال الْعباد وَإِن أشبهوا الْمَجُوس وَإِنَّهُم مجوس هَذِه الْأمة لَكِن هَؤُلَاءِ المحتجون بِالْقدرِ أنجس مِنْهُم لأَنهم أشبهوا الْمُشْركين المكذبين للرسل الَّذين قَالُوا لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَأَيْضًا فقد قَالَ ابْن تَيْمِية إِنَّه كَانَ فِي أَوَاخِر عصر الصَّحَابَة جمَاعَة من هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّة وَأما المحتجون بِالْقدرِ فَلَا يعرف لَهُم طَائِفَة من طوائف الْمُسلمين مَعْرُوفَة وَإِنَّمَا كَثُرُوا فِي الْمُتَأَخِّرين وَسموا هَذَا حَقِيقَة وَجعلُوا الْحَقِيقَة تعَارض الشَّرِيعَة وَلم يميزوا بَين الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي تَتَضَمَّن تَحْقِيق أَحْوَال الْقُلُوب كالإخلاص وَالصَّبْر وَبَين الْحَقِيقَة الكونية الْقَدَرِيَّة الَّتِي تؤمن بهَا وَلَا تحتج بهَا على الْمعاصِي وَفِيهِمْ من يَقُول إِن الْعَارِف لَو أفنى فِي شُهُود تَوْحِيد الربوبية لم يستحسن حسنه وَلم يستقبح سَيِّئَة وَيَقُول بَعضهم من شهد الْإِرَادَة سقط عَنهُ الْأَمر وَالنَّهْي وَيَقُول بَعضهم إِن الْخضر عليه السلام إِنَّمَا سقط عَنهُ التَّكْلِيف لِأَنَّهُ شهد الْإِرَادَة إِلَى غير ذَلِك من كَلَامهم الْقَبِيح وَبِالْجُمْلَةِ فالباري سُبْحَانَهُ قد

ص: 35

أرسل الرُّسُل قاطبة بتحصيل الْمصَالح وتكميلها وتعطيل الْمَفَاسِد وتقليلها والمحتجون بِالْقدرِ على فعل الْمعاصِي إنعكس الْأَمر فِي حَقهم فصاروا يتبعُون الْمَفَاسِد ويعطلون الْمصَالح فهم شَرّ النَّاس وَلَا بُد لَهُم مَعَ ذَلِك من أُمُور يجتلبونها وَأُمُور يجتنبونها وَأَن يتدافعوا جَمِيعًا إِلَى مَا يضرهم من الظُّلم فَلَو ظلم بَعضهم بَعْضًا فِي دَمه وَمَاله وَعرضه وَطلب الْمَظْلُوم عُقُوبَة الظَّالِم لم يقبل أحد من ذَوي الْعُقُول احتجاجه بِالْقدرِ وَلَو قَالَ أعذروني فَإِن هَذَا مُقَدّر عَليّ لقالوا لَهُ أَنْت لَو فعل بك هَذَا ماحتج عَلَيْك ظالمك بِالْقدرِ لم يقبل مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُمكن صَلَاح الْخلق وَلَا بقاؤهم فِي الدُّنْيَا إِذا مكنوا كل أحد أَن يفعل مَا يَشَاء من مفاسدهم ويحتج بِالْقدرِ لِأَن قبُول هَذِه الْحجَّة من الْمُفْسد يُوجب الْفساد الَّذِي لَا صَلَاح مَعَه وَإِذا كَانَ الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ مردودا فِي فطر جَمِيع النَّاس وعقولهم فَلَا يحْتَج بِهِ إِلَّا مُتبع لهواه فَاسق وَإِن اسْتحلَّ ذَلِك فَهُوَ زنديق ملحد مارق نسْأَل الله تَعَالَى الْعَافِيَة والسلامة فِي الدّين آمين

قلت وَمن هُنَا يعلم جَوَاب مَا كنت أوردته فِي كتابي (الْبُرْهَان فِي تَفْسِير الْقُرْآن) من أَنه مُشكل علينا الْجَواب لإبليس لَو قَالَ إِن خَالق الْأَشْيَاء خلقني كَمَا شَاءَ وأوجدني لما شَاءَ واستعملني فِيمَا شَاءَ وَقدر عَليّ فِيمَا شَاءَ فَلم أطق أَن أَشَاء إِلَّا مَا شَاءَ فَمَا تجاوزت مَا شَاءَ وَلَا فعلت غير مَا شَاءَ وَلَو شَاءَ لردني إِلَى مَا شَاءَ وهداني لما شَاءَ أَن أكون كَمَا شَاءَ {وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا} يَا هَذَا سبق لي قبل كَون الأكوان وَكَانَ من الْكَافرين فَمَا بَرحت فِي الْأَزَل كَافِرًا وَلم أزل فَإِذا كَانَت كَاف كفري سبقت كوني فَمن يكون على الْقَضَاء عوني وَمن يُطيق من الْقدر صوني وَمَا حِيلَة من ناصيته فِي قَبْضَة من قهر وَقَلبه بيد الْقدر وَأمره رَاجع إِلَى الْقدَم وَقد قضي الْأَمر وجف الْقَلَم

ص: 36