الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهم اختم لنا بالخير واعصمنا من كل سوء وضير وآمنا من البلايا وفتنة القبر ومحاسبة الحشر تمت سورة الأحزاب بعون الله الوهاب يوم الأحد الثامن عشر من شهر الله المحرم سنة عشر ومائة والف
تفسير سورة سبأ
اربع وخمسون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركة لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال الَّذِي لَهُ خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالإيجاد والاعدام والاحياء والاماتة ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجي لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والأرض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) وهذا القول اى الحمد لله إلخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوي به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) وقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) اى لما جزاؤه هذا من الايمان والعمل الصالح يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع أحدها حين نودى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله من قومه والثاني حين جاوزوا الصراط قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)
والرابع لما دخلوا الجنة واستقبلتهم الملائكة بالتحية قالوا (الحمد لله الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثاني على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر (انهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس)[وكفته اند مجموع اهل آخرت مرو را حمد كويند دوستان او را بفضل ستايند ودشمنان بعدل] يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام يقتضى ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل إذ لا اعتبار بحال اهل
العدل كما لا يخفى وَهُوَ الْحَكِيمُ الذي احكم امور الدين والدنيا ودبرها حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة الْخَبِيرُ بليغ الخبرة والعلم ببواطن الأشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا فقال يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ الولوج الدخول فى مضيق اى يعلم ما يدخل فيها من البزور والغيث ينفذ فى موضع وينبع من آخر والكنوز والدفائن والأموات والحشرات والهوام ونحوها وايضا يعلم ما يدخل فى ارض البشرية بواسطة الحواس الخمس والاغذية الصالحة والفاسدة من الحلال والحرام وَما يَخْرُجُ مِنْها كالحيوان من جحره والزرع والنبات وماء العيون والمعادن والأموات عند الحشر ونحوها وايضا ما يخرج من ارض البشرية من الصفات المتولدة منها والأعمال الحسنة والقبيحة وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالملائكة والكتب والمقادير والأرزاق والبركات والأمطار والثلوج والبرد والانداء والشهب والصواعق ونحوها وايضا ما ينزل من سماء القلب من الفيوض الروحانية والإلهامات الربانية وَما يَعْرُجُ يصعد فِيها كالملائكة والأرواح الطاهرة والابخرة والادخنة والدعوات واعمال العباد ولم يقل «إليها» لان قوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يشير الى ان الله تعالى هو المنتهى لا السماء ففى ذكر «فى» اعلام بنفوذ الأعمال فيها وصعودها منها. وايضا وما يعرج فى سماء القلب من آثار الفجور والتقوى وظلمة الضلالة ونور الهدى وقال بعضهم [آنچهـ بالا ميرود ناله تائبانست وآه مفلسان كه چون سحركاه از خلوتخانه سينه ايشان روى بدرگاه رحمت پناه آرد فى الحال رقم قبول بر وى افتد كه (انين المذنبين أحب الىّ من زجل المسبحين) غلغل تسبيح شيخ ار چند مقبولست ليك آه درد آلود رندانرا قبول ديكرست بداود عليه السلام وحي آمد كه اى داود آن ذلت كه از تو صادر شد بر تو مبارك بود داود كفت بار خدا ذلت چكونه مبارك باشد كفت اى داود پيش از ان ذلت هر بار كه بدرگاه ما آمدى ملك وار مى آمدى با كرشمه وناز طاعت واكنون مى آيى بنده وار مى آيى با سوز ونياز مفلسى] وَهُوَ الرَّحِيمُ للحامدين ولمن تولاه الْغَفُورُ للمقصرين ولذنوب اهل ولايته فاذا كان الله متصفا بالخلق والملك والتصرف والحكمة والعلم والرحمة والمغفرة ونحوها من الصفات الجليلة فله الحمد المطلق والحمد هو الثناء على الجميل الاختياري من جهة التعظيم من نعمة وغيرها كالعلم والكرم واما قولهم الحمد لله على دين الإسلام فمعناه على تعليم الدين وتوفيقه والحمد القولى هو حمد اللسان وثناؤه على الحق بما اثنى به بنفسه على لسان أنبيائه والحمد الفعلى هو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاء لوجه الله والحمد الحالي هو الاتصاف بالمعارف والأخلاق الالهية والحمد عند المحنة الرضى عن الله فيما حكم به وعند النعم الشكر فيقال فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة دون الشكر لله خوفا من زيادة المحنة لان الله تعالى قال (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) والحمد على النعمة كالروح للجسد فلا بد من إحيائها وابلغ الكلمات فى تعظيم صنع الله وقضاء شكر نعمته الحمد لله ولذا جعلت زينة لكل خطبة وابتداء لكل مدحة وفاتحة
لكل ثناء وفضيلة لكل سورة ابتدئت بها على غيرها وفى الحديث (كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم) اى اقطع فله الحمد قبل كل كلام بصفات الجلال والإكرام
حمد او تاج تارك سخنست
…
صدر هر نامه نو وكهنست
قال فى فتوح الحرمين
احسن ما اهتم به ذو الهمم
…
ذكر جميل لولى النعم
چون نعم اوست برون از خيال
…
كيف يؤديه لسان المقال
نعمت او بيشتر از شكر ماست
…
شكر هم از نعمتهاى خداست
وعن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه صلى الله عليه وسلم من الركوع قال (سمع الله لمن حمده) فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال (من المتكلم آنفا) قال الرجل انا قال (لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها اولا) وانما ابتدرها هذا العدد لان ذلك عدد حروف هذه الكلمات فلكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح تبقى الصور وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ترتفع حيث منتهى همة العامل وللملائكة مراتب منها مخلوقة من الأنوار القدسية والأرواح الكلية ومنها من الأعمال الصالحة والاذكار الخالصة بعضها على عدد بعض كلمات الاذكار وبعضها على عدد حروف الاذكار وبعضها على عدد الحروف المكررة وبعضها على عدد اركان الأعمال على قدر استعداد الذاكرين وقوتهم الروحية وهمتهم العلية. وفى الحديث المذكور دليل على ان من الأعمال ما يكتبه غير الحفظة مع الحفظة ويختصم الملأ الأعلى فى الأعمال الصالحة ويستبقون الى كتابة اعمال بنى آدم على قدر مراتبهم وتفصيل سر الحديث فى شرح الأربعين لحضرة الشيخ الاجل صدر الدين القنوى قدس سره وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ [نمى آيد بما قيامت] وعبر عن القيامة بالساعة تشبيها لها بالساعة التي هى جزء من اجزاء الزمان لسرعة حسابها قال فى الإرشاد أرادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا أنفسهم او معاصرهم فقط كما أرادوا بنفي إتيانها نفى وجودها بالكلية لا عدم حضورها مع تحققها فى نفس الأمر وانما عبروا عنه بذلك لانهم كانوا يوعدون بإتيانها ولان وجود الأمور الزمانية المستقبلة لا سيما اجزاء الزمان لا تكون الا بالإتيان والحضور وفى كشف الاسرار [منكران بعث دو كروه اند كروهى كفتند (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) يعنى ما در كمانيم برستاخيز يقين نميدانيم كه خواهد بود ورب العالمين ميكويد ايمان بنده وقتى درست شود كه برستاخيز وآخرت بيكمان باشد: وذلك قوله (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) كروهى ديكر كفتند (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) رستاخيز بما نيايد ونخواهد بود] قُلْ بَلى رد لكلامهم واثبات لما نفوه من إتيان الساعة على معنى ليس الأمر الا إتيانها [در لباب كفته كه ابو سفيان بلات وعزى سوكند خورد كه بعث ونشور نيست حق تعالى فرمود كه اى حبيب من تو هم سوكند خور كه] وَرَبِّي الواو للقسم: يعنى [بحق آفريدگار من بزودى] لَتَأْتِيَنَّكُمْ
الساعة البتة: يعنى [بيايد بشما قيامت] وهو تأكيد لما قبله عالِمِ الْغَيْبِ نعت لربى او بدل منه وهو تشديد للتأكيد يريد ان الساعة من الغيوب والله عالم بكلها والغيب ما غاب عن الخلق على ما قال بعضهم العلقة غيب فى النطفة والمضغة غيب فى العلقة والإنسان غيب فى هذا كله والماء غيب فى الهواء والنبات غيب فى الماء والحيوان غيب فى النبات والإنسان غيب فى هذا كله والله تعالى قد أظهره من هذه الغيوب وسيظهره بعد ما كان غيبا فى التراب وفائدة الأمر باليمين ان لا يبقى للمعاندين عذر أصلا لما انهم كانوا يعرفون أمانته ونزاهته عن وصمة الكذب فضلا عن اليمين الفاجرة وانما لم يصدقوه مكابرة وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الكاذبة المكذبة فمن وكله الله بالخذلان الى طبيعة نفسه لا يصدر منه الا الإنكار ومن نظره الله الى قلبه بنظر العناية فلا يظهر منه عند سماع قوله (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ) الا الإقرار والنطق بالحق لا يَعْزُبُ عَنْهُ [العزوب: در شدن] والعازب المتباعد فى طلب الكلأ وعن اهله اى لا يبعد عن علمه ولا يغيب مِثْقالُ ذَرَّةٍ المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج كما فى المفردات. والذرة النملة الصغيرة الحميراء وما يرى فى شعاع الشمس من ذرات الهواء اى وزن أصغر نملة او مقدار الهباء فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ اى كائنة فيهما وفيه اشارة الى علمه بالأرواح والأجسام وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ المثقال وَلا أَكْبَرُ منه ورفعهما على الابتداء فلا وقف عند اكبر والخبر قوله تعالى إِلَّا مسطور ومثبت فِي كِتابٍ مُبِينٍ هو اللوح المحفوظ المظهر لكل شىء وانما كتب جريا على عادة المخاطبين لا مخافة نسيان وليعلم انه لم يقع خلل وان اتى عليه الدهر والجملة مؤكدة لنفى العزوب لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ علة لقوله (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) وبيان لما يقتضى إتيانها فاللام للعلة عقلا وللمصلحة والحكمة شرعا أُولئِكَ الموصوفون بالايمان والعمل لَهُمْ بسبب ذلك مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لما صدر عنهم مما لا يخلو عنه البشر وَرِزْقٌ كَرِيمٌ لا تعب فيه ولا منّ عليه وَالَّذِينَ سَعَوْا [بشتافتند] فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ومنع الناس عن التصديق بها مُعاجِزِينَ اى مسابقين كى يفوتونا قال فى البحر ظانين فى زعمهم وتقديرهم انهم يفوتوننا وان كيدهم للاسلام يتم لهم وفى المفردات السعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان او شرا وأعجزت فلانا وعاجزته جعلته عاجزا اى ظانين ومقدرين انهم يعجزوننا لانهم حسبوا ان لا بعث ولا نشور فيكون لهم ثواب وعقاب وهذا فى المعنى كقوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا) وقال فى موضع اخر اى اجتهدوا فى ان يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات: وبالفارسية [وميكوشند در انكه ما را عاجز آرند و پيش شوند] أُولئِكَ الساعون لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ من للبيان والرجز سوء العذاب اى من جنس سوء العذاب أَلِيمٌ بالرفع صفة عذاب اى شديد الإيلام ويجيىء الرجز بمعنى القذر والشرك والأوثان كما فى قوله وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ سماها رجزا لانها تؤدى الى العذاب وكذا سمى كيد الشيطان رجزا فى قوله تعالى (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ)
لانه سبب العذاب وفى المفردات اصل الرجز الاضطراب وهو فى الآية كالزلزلة وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مستأنف مسوق للاستشهاد باولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات اى يعلم أولوا العلم من اصحاب رسول الله ومن شايعهم من علماء الامة او من آمن من علماء اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونحوهما والاول اظهر لان السورة مكية كما فى التكملة الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى النبوة والقرآن والحكمة والجملة مفعول أول لقوله يرى هُوَ ضمير فصل يفيد التوكيد كقوله تعالى (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) الْحَقَّ بالنصب على انه مفعول ثان ليرى وَيَهْدِي عطف على الحق عطف الفعل على الاسم لانه فى تأويله كما فى قوله تعالى (صَافَّاتٍ) اى وقابضات كأنه قيل ويرى الذين أوتوا العلم الذي انزل إليك الحق وهاديا إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الذي هو التوحيد والتوشح بلباس التقوى وهذا يفيد رهبة لان العزيز يكون ذا انتقام من المكذب ورغبة لان الحميد يشكر على المصدق وفيه ان دين الإسلام وتوحيد الملك العلام هو الذي يتوصل به الى عزة الدارين والى القربة والوصلة والرؤية فى مقام العين كما ان الكفر والتكذيب يتوصل به الى المذمة والمذلة فى الدنيا والآخرة والى البعد والطرد والحجاب عما تعاينه القلوب الحاضرة والوجوه الناظرة قال بعض الكبار يشير بالآية الى الفلاسفة الذين يقولون ان محمدا صلى الله عليه وسلم كان حكيما من حكماء العرب وبالحكمة اخرج هذا الناموس الأكبر يعنون النبوة والشريعة ويزعمون ان القرآن كلامه انشأه من تلقاء نفسه يسعون فى هذا المعنى مجاهدين جهدا تاما فى ابطال الحق واثبات الباطل فلهم أسوأ الطرد والابعاد لان القدح فى النبوة ليس كالقدح فى سائر الأمور. واما الذين أوتوا العلم من عند الله موهبة منه لا من عند الناس بالتكرار والبحث فيعلمون ان النبوة والقرآن والحكمة هو الحق من ربهم وانما يرون هذه الحقيقة لانهم ينظرون بنور العلم الذي أوتوه من الحق تعالى فان الحق لا يرى الا بالحق كما ان النور لا يرى الا بالنور ولما كان يرى الحق بالحق كان الحق هاديا لاهل الحق وطالبيه الى طريق الحق وذلك قوله (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) فهو العزيز لانه لا يوجد الا به وبهدايته والحميد لانه لا يرد الطالب بغير وجدان كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ: قال المولى الجامى
هر چهـ جز حق ز لوح دل بتراش
…
بگذر از خلق جمله حق را باش
رخت همت بخطه جان كش
…
بر رخ غير خط نسيان كش
بكسلى خويش از هوا وهوس
…
روى دل در خداى دارى پس
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا منكرى البعث وهم كفار قريش قالوا بطريق الاستهزاء مخاطبا بعضهم لبعض هَلْ نَدُلُّكُمْ [يا دلالت كنيم ونشان دهيم شما را] عَلى رَجُلٍ يعنون به النبي صلى الله عليه وسلم وانما قصدوا بالتنكير الهزؤ والسخرية يُنَبِّئُكُمْ اى يحدثكم ويخبركم بأعجب الأعاجيب ويقول لكم إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ الممزق مصدر بمعنى التمزيق وهو بالفارسية [پراكنده كردن] واصل التمزيق التفريق يقال مزق ثيابه
اى فرقها والمعنى إذا متم وفرقت أجسادكم كل تفريق بحيث صرتم رفاتا وترابا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى مستقرون فيه: وبالفارسية [در آفرينش تو خواهيد بود يعنى زنده خواهيد كشت] وجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين من جدّ فهو جديد كقل فهو قليل وبمعنى المفعول عند الكوفيين من جدّ النساج الثوب إذا قطعه قال فى المفردات يقال جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه والخلق الجديد اشارة الى النشأة الثانية والجديدان الليل والنهار والعامل فى إذا محذوف دل عليه ما بعده اى تنشأون خلقا جديدا ولا يعمل فيها مزقتم لاضافتها اليه ولا ينبئكم لان التنبئة لم تقع وقت التمزيق بل تقدمت ولا جديد لان ما بعد انّ لا يعمل فيما قبلها أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [دروغ بافتن] اى اختلق محمد على الله كذبا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [يا بدو جنونى هست] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء والكذب لا عن عمد وهو المعنىّ بالجنون فيكون معنى أم به جنة أم لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الأخص لا الكذب الأعم ثم أجاب الله عن ترديدهم فقال بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شىء كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون فِي الْعَذابِ فى الآخرة وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة إذ هو فى الأصل وصف الضال لانه الذي يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان أضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترءوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقي لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون أي جنون واختلال عقل أي اختلال إذ لو كان فهمهم وادراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترءوا على سوء المقال قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الأصلي بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الإنسان القاسي قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الأصلي لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة أخرجت من صلب آدم كيف جمع الله
ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع الله اجزاءه المتفرقة للبعث
بامرش وجود از عدم نقش بست
…
كه داند جز او كردن از نيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد
…
وزانجا بصحراى محشر برد
دهد روح كر تربت آدمي
…
شود تربت آدم در ان يكدمى
كسى كو بخواهد نظير نشور
…
بگو در نكر سبزه را در ظهور
كه بعد خزان بشكفد چند كل
…
بجوشد زمين در بهاران چومل
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ الفاء للعطف على مقدر اى افعلوا ما فعلوا من المنكر المستتبع للعقوبة فلم ينظروا الى ما أحاط بهم من جميع جوانبهم بحيث لا مفرّ لهم وهو السماء والأرض فانهما امامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم حيثما كانوا وساروا: وبالفارسية [آيا نمى نكرند كافران بسوى آنچهـ در پيش ايشانست از آسمان وزمين] ثم بين المحذور المتوقع من جهتهما فقال إِنْ نَشَأْ جريا على موجب جناياتهم نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسفناها بقارون وخسف به الأرض غاب به فيها فالباء للتعدية: وبالفارسية [فرو بريم ايشانرا بزمين] أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ كما أسقطناها على اصحاب الايكة لاستيجابهم ذلك بما ارتكبوه من الجرائم والكسف كقطع لفظا ومعنى جمع كسفة قال فى المفردات ومعنى الكسفة قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الأجسام المتخلخلة ومعنى إسقاط الكسف من السماء إسقاط قطع من النار كما وقع لاصحاب الايكة وهم قوم شعيب كانوا اصحاب غياض ورياض وأشجار ملتفة حيث أرسل الله عليهم حرا شديدا فرأوا سحابة فجاؤا ليستظلوا تحتها فامطرت عليهم النار فاحترقوا إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من السماء والأرض من حيث احاطتهما بالناظر من جميع الجوانب او فيما تلى من الوحى الناطق بما ذكر لَآيَةً لدلالة واضحة لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ شأنه الانابة والرجوع الى ربه فانه إذا تأمل فيهما اوفى الوحى المذكور ينزجر عن تعاطى القبيح وينيب اليه تعالى قال فى المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفى الآية حث بليغ على التوبة والانابة وزجر عن الجرم والجناية وان العبد الخائف لا يأمن من قهر الله طرفة عين فان الله قادر على كل شىء يوصل اللطف والقهر من كل ذرة من ذرات العالم قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وقال ابو سعيد القرشي المنيب الراجع عن كل شىء يشغله عن الله الى الله وقال بعضهم الانابة الرجوع منه اليه لا من شىء غيره فمن رجع من غيره اليه ضيع أحد طرفى الانابة والمنيب على الحقيقة من لم يكن له مرجع سواه ويرجع اليه من رجوعه ثم يرجع من رجوع رجوعه فيبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدى الحق مستغرقا فى عين الجمع سرى سقطى قدس سره [كويد معروف كرخى را روح الله روحه بخواب ديدم در زير عرش خداى واله ومدهوش واز حق ندايى رسيد بملائكة اين مرد كيست كفتند خداوندا تو داناترى كفت معروف از دوستىء ما واله كشته است جز بديدار
ما بهوش نيايد وجز بلقاى ما از خود خبر نيابد] فهذه هى حقيقة الرجوع ومن هذا القبيل ما حكى عن ابراهيم بن أدهم قدس سره انه حج الى بيت الله الحرام فبينما هو فى الطواف إذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض أصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذي يخالطه البكاء فقال ابراهيم يا أخي انى عقدت مع الله عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى منى واسلم عليه لانه ولدي وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارّا الى الله تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من الله ان أعود الى شىء خرجت منه
هجرت الخلق كلا فى هواكا
…
وأيتمت العيال لكى اراكا
فلو قطعتنى فى الحب اربا
…
لما سكن الفؤاد الى سواكا
قال بعضهم هجر النفس مواصلة الحق ومواصلة النفس هجر الحق ومن الله الإيصال الى مقام الوصال وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا اعطى الله تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بألطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الألقاب والأسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الأنبياء مطلقا سواء كانوا أنبياء بنى إسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير وإلانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى أعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبينا صلى الله عليه وسلم انه ذكر فضله فى حق داود على صفة النكرة وهى تدل على نوع من الفضل وشىء منه وهو الفيض الإلهي بلا واسطة كما دل عليه كلمة منا وقال فى حق نبينا صلى الله عليه وسلم (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)
والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل الله لما أضاف الفضل الى الله اشتمل على جميع الفضل كما لو قال أحد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير. ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامته الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الأنبياء فالمعنى إذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ بدل من آتينا بإضمار قلنا او من فضلا بإضمار قولنا والتأويب على معنيين. أحدهما الترجيع وهو بالفارسية [نغمه كردانيدن] لانه من الأوب وهو الرجوع. والثاني السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة قال فى كشف الاسرار اوّبى سبحى معه إذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى: وبالفارسية [باز كردانيدن آواز خود را با داود در وقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد با وى] وذلك بان يخلق الله تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى
معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع فان قلت قد ثبت ايضا عندهم ان اذكار العوالم متنوعة فمتى سمع السالك من الأشياء الذكر الذي هو مشغول به فكشفه خيالى غير صحيح يعنى انه خيال أقيم له فى الموجودات وليس له حقيقة وانما الكشف الصحيح الحقيقي هو ان يسمع من كل شىء ذكرا غير ذكر الآخر قلت لا يلزم من موافقة الجبال لداود ان لا يكون لها تسبيح آخر فى نفسها مسموع لداود كما هى فيه والمعنى على الثاني سيرى معه حيث سار: يعنى [سير كنيد با او هر جا كه رود وهركاه كه خواهد واين معجزه داود بود كه با او روان شدى] ولعل تخصيص الجبال بالتسبيح او السير لانها على صور الرجال كما دل عليه ثباتها وَالطَّيْرَ بالنصب عطفا على فضلا يعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها إياه عليه السلام لتسخيرها له فلا حاجة الى إضماره ولا الى تقدير المضاف اى تسبيح الطير كما فى الإرشاد: وبالفارسية [ومسخر كرديم ويرا مرغان تا در وقت ذكر با او موافق بودندى] نزل الجبال والطير منزلة العقلاء حيث نوديت نداءهم إذ ما من حيوان وجماد الا وهو منقاد لمشيئته ومطيع لامره فانظر إذ من طبع الصخور الجمود ومن طبع الطيور النفور ومع هذا قد وافقته عليه السلام فاشد منها القاسية قلوبهم الذين لا يوافقون ذكرا ولا يطاوعون تسبيحا وينفرون من مجالس اهل الحق نفور الوحوش بل
يهجمون عليها باقدام الإنكار كأنهم الأعداء من الجيوش قال المولى الجامى فى شرح الفصوص وانما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى أعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور أعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه يعنى لما كان تسبيحها ينشأ من تسبيحه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك انتهى والحاصل ان الذكر من اللسان يعبر الى ان يصل الى الروح ثم ينعكس النور من الروح الى جبال النفس وطير القلب ثم بالمداومة ينعكس من النفس الى البدن فيستوعب جميع اجزاء البدن ظاهرها وباطنها ثم ينعكس من اجزائه العنصرية الى العناصر الاربعة مفردها ومركبها وينعكس من النفس الى النفوس اعنى النفس النامية والنفس الحيوانية والنفس السماوية والنفس النجومية وينعكس من الروح الإنساني الى عالم الأرواح الى ان يستوعب جميع العالم ملكه وملكوته وإليهما الاشارة بالجبال والطير فيذكر العالم بما فيه موافقة للذاكر ثم يعبر الذكر عن المخلوقات ويصعد الى رب العالمين كما قال (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) فيذكره الله تعالى فيكون ذاكرا ومذكورا متصفا بصفة الرب وبخلقه ويكون الفضل فى حقه كونه مذكورا للحق ثم ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان لداود عليه السلام حسن صوت جدا زائد على غيره كما انه كان ليوسف عليه السلام حسن زائد على حسن غيره [هر كاه كه
داود بزبور خواندن مشغول شدى سباع ووحوش از منازل خود بيرون آمده استماع آواز دلنوازش كردندى وطيور از نغمات جانفزايش مضطرب كشته خود از منزل بر زمين افكندندى
ز صوت دلكشش جان تازه كشتى
…
روانرا ذوق بى اندازه كشتى
سپهر چنك پشت ارغنون ساز
…
از ان پر حالت نشنوده آواز
وكفتند چون داود تسبيح كفتى كوهها بصدا ويرا مدد دادندى ومرغان برز بر سر وى كشيده بألحان دلاويز امداد نمودندى وهر كس كه آواز وى شنيدى از لذت آن نغمه بيخود كشتى واز ان وجد وسماع بودى كه در يك مجلس چهار صد جنازه بركرفتندى]
چوكردد مطرب من نغمه پرداز
…
ز شوقش مرغ روح آيد بپرواز
قال القرطبي حسن الصوت هبة الله تعالى وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بتزيين الصوت وبالترجيع ما لم يكن لحنا مفسدا مغيرا للمبنى مخرجا للنظم عن صحة المعنى لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب [شبى داود عليه السلام با خود كفت «لا عبدّن الله تعالى عبادة لم يعبده أحد بمثلها» اين بكفت وبر كوه شد تا عبادت كند وتسبيح كويد در ميانه شب وحشتي بوى درآمد ورب العالمين آن ساعت كوه را فرمود تا انس دل داود را با وى تسبيح وتهليل مساعدت كند چندان آواز تسبيح وتهليل از كوه پديد آمد كه آواز داود در جنب آن ناچيز كشت با خود كفت] كيف يسمع صوتى مع هذه الأصوات فنزل ملك وأخذ بعضد داود وأوصله الى البحر فوضع قدمه عليه فانفلق حتى وصل الى الأرض تحته فوضع قدمه عليها حتى انشقت فوصل الى الحوت تحت الأرض ثم الى الصخرة تحت الحوت فوضع قدمه على الصخرة فظهرت دودة وكانت تنشر فقال له الملك يا داود ان ربك يسمع نشير هذه الدودة فى هذا الموضع من وراء السبع الطباق فكيف لا يسمع صوتك من بين أصوات الصخور والجبال فتنبه داود لذلك ورجع الى مقامه
همه آوازها در پيش حق باز
…
اگر پيدا اگر پوشيده آواز
كسى كو بشنود آواز از حق
…
شود در نفس خود خاموش مطلق
اللهم أسمعنا كلامك وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ اللين ضد الخشونة يستعمل فى الأجسام ثم يستعار للمعانى وإلانة الحديد بالفارسية [نرم كردانيدن آهن] اى جعلناه لينا فى نفسه كالشمع والعجين والمبلول يصرفه فى يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التي آتيناها إياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر قوى البشرية وكان داود اوتى شدة قوة فى الجسد وان لم يكن جسيما وهو أحد الوجهين لقوله ذا الأيد فى سورة ص أَنِ اعْمَلْ اى أمرناه بان عمل على ان ان مصدرية حذف منها الباء سابِغاتٍ اى دروعا واسعة تامة طويلة قال فى القاموس سبغ الشيء سبوغا طال الى الأرض والنعمة انسغت ودرع سابغة تامة طويلة انتهى ومنه استعير إسباغ الوضوء او إسباغ النعمة كما فى المفردات وهو عليه السلام أول من اتخذها وكانت قبل ذلك صفائح حديد مضروبة قالوا
كان عليه السلام حين ملك على بنى إسرائيل يخرج متنكرا فيسأل الناس ما تقولون فى داود فيثنون عليه فقيض الله له ملكا فى صورة آدمي فسأله على عادته فقال نعم الرجل لولا خصلة فيه فسأله عنها فقال لولا انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ولو أكل من عمل يده لتمت فضائله فعند ذلك سأل ربه ان يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع فكان يعمل كل يوم درعا ويبيعها باربعة آلاف درهم او بستة آلاف ينفق عليه وعلى عياله الفين ويتصدق بالباقي على فقراء بنى إسرائيل [در لباب كويد چون وفات فرمود هزار ذره در خزانه او بود] وفى الحديث (كان داود لا يأكل الا من كسب يده] وفى الآية دليل على تعلم اهل الفضل الصنائع فان العمل بها لا ينقص بمرتبتهم بل ذلك زيادة فى فضلهم إذ يحصل لهم التواضع فى أنفسهم والاستغناء عن غيرهم وفى الحديث (ان خير ما أكل المرء من عمل يده) قال الشيخ سعدى قدس سره
بياموز پرورده را دست رنج
…
وكر دست دارى چوقارون كنج
بپايان رسد كيسه سيم وزر
…
نكردد تهى كيسه پيشه ور
وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ التقدير بالفارسية [اندازه كردن] والسرد فى الأصل خرز ما يخشن ويغلظ كخرز الجلد ثم استعير لنظم الحديد ونسج الدروع كما فى المفردات وقيل لصانع الدروع سراد وزراد بابدال الزاء من السين وسرد كلامه وصل بعضه ببعض واتى به متتابعا وهو انما يكون مقبولا إذا لم يخل بالفهم والمعنى اقتصد فى نسجها بحيث تناسب حلقها: وبالفارسية [واندازه نكه دار در بافتن آن «يعنى حلقها مساوى» در هم افكن تا وضع آن متناسب افتد] ولا تصرف جميع أوقاتك اليه بل مقدار ما يحصل به القوة واما الباقي فاصرفه الى العبادة وهو الأنسب بما بعده وفى التأويلات النجمية يشير الى إلانة قلبه والسابغات الحكم البالغة التي ظهرت ينابيعها من قلبه على لسانه (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الحديث بان تتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس
نكته كفتن پيش كژفهمان ز حكمت بيكمان
…
جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خرست
وَاعْمَلُوا خطاب لداود واهله لعموم التكليف صالِحاً عملا صالحا خالصا من الأغراض إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لا أضيع عمل عامل منكم فاجازيكم عليه وهو تعليل للامر او لوجوب الامتثال به وفى التأويلات النجمية أشار بقوله (وَاعْمَلُوا صالِحاً) الى جميع أعضائه الظاهرة والباطنة ان تحمل فى العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت انى بعمل كل واحدة منكن بصير وبالبصارة خلقتكن انتهى. والبصير هو المدرك لكل موجود برؤيته ومن عرف انه البصير راقبه فى الحركات والسكنات حتى لا يراه حيث نهاه او يفقده حيث امره وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل وان كان الإنسان لا يخلو عن الخطأ يقال كان داود عليه السلام يقول اللهم لا تغفر للخطائين غيرة منه وصلابة فى الدين فلما وقع له ما وقع من الزلة كان يقول اللهم اغفر للمذنبين ويقال لما تاب الله عليه اجتمع الانس والجن والطير بمجلسه فلما رفع صوته
وأدار لسانه فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالت الصوت صوت داود والحال ليست تلك الحال فبكى داود عليه السلام وقال ما هذا يا رب فاوحى الله اليه يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت تلك من انس الطاعة
قدم نتوان نهاد آنجا كه خواهى
…
بفرمان رو بفرمان كن نكاهى
كه هر كاو نه بامر حق قدم زد
…
چوشمع از سر برآمد تيز دم زد
وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ اى وسخرنا له الريح وهى الصبا غُدُوُّها اى جريها وسيرها بالغداة اى من لدن طلوع الشمس الى زوالها وهو وقت انتصاف النهار: وبالفارسية [بامداد بردن باد او را] شَهْرٌ مسيرة شهر اى مسير دواب الناس فى شهر قال الراغب الشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة. والمشاهرة المعاملة بالشهر كما ان المسانهة والمياومة المعاملة بالسنة واليوم وَرَواحُها اى جريها وسيرها بالعشي اى من انتصاف النهار الى الليل: وبالفارسية [ورفتن او شبانكاه] شَهْرٌ مسيرة شهر ومسافته يعنى كانت تسير فى يوم واحد مسيرة شهرين للراكب. والجملة اما مستأنفة او حال من الريح وعن الحسن كان يغدو بدمشق مع جنوده على البساط فيقيل بإصطخر وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وإصطخر بوزن فردوس بلدة من بلاد فارس بناها لسليمان صخر الجنى المراد بقوله (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ) ثم يروح اى من إصطخر فيكون رواحه بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وكابل بضم الباء الموحدة ناحية معروفة من بلاد الهند وكان عليه السلام يتغدى بالري ويتعشى بالسمرقند والري من مشاهير ديار الديلم بين قومس والجبال وسمرقند أعظم مدينة بما وراء النهر اى نهر جيحون ويحكى- ان بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض اصحاب سليمان نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من إصطخر فقلناه ونحن رائحون عنه فبائتون بالشام ان شاء الله قال فى كشف الاسرار [كفته اند سفر وى از زمين عراق بود تا بمرو واز آنجا تا ببلخ واز آنجا تا در بلاد ترك شدى وبلاد ترك باز بريدى تا زمين چين آنكه سوى راست ز جانب مطلع آفتاب بركشتى بر ساحل دريا تا بزمين قندهار واز آنجا تا بمكران وكرمان واز آنجا تا بإصطخر فارس نزولكاه وى بود يكچند آنجا مقام كردى واز آنجا بامداد برفتى وشبانكاه بشام بودى بمدينه تدمر ومسكن ومستقر وى تدمر بود] وكان سليمان امر الشياطين قبل شخوصه من الشام الى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر وقد وجدت هذه الأبيات منقورة فى صخرة بأرض الشام انشأها بعض اصحاب سليمان
ونحن ولا حول سوى حول ربنا
…
نروح الى الأوطان من ارض تدمر
إذا نحن رحنا كان ريث رواحنا
…
مسيرة شهر والغدوّ لآخر
أناس شر والله طوعا نفوسهم
…
بنصر ابن داود النبي المطهر
متى يركب الريح المطيعة أرسلت
…
مبادرة عن شهرها لم تقصر
تظلهمو طير صفوف عليهم و
…
متى رفرفت من فوقهم لم تبتر
قال مقاتل كان ملك سليمان ما بين مصر وكابل وقال بعضهم جميع الأرض وهو الموافق لما اشتهر من انه ملك الدنيا بأسرها اربعة اثنان من اهل الإسلام وهما الإسكندر وسليمان واثنان من اهل الكفر وهما نمرود وبخت نصر [بعض كبار كفته كه سليمان عليه السلام اسبان نيكويى عيب داشت همچون مرغان با پر چون آن قصه فوت نماز بيفتاد تيغ بركشيد وكردن اسبان مى بريد كفتند كه اكنون كه بترك اسبان بگفتى ما باد مركب تو كرديم «من كان لله كان الله له» هر كه بترك نظر خود بگريد نظر الله بدلش پيوند هيچ كس نبود كه بترك چيزى نكفت از بهر خدا كه نه عوضى به از آنش ندادند مصطفى عليه السلام جعفر را رضى الله عنه بغزو فرستاد وامارت جيش بوى داد لواى اسلام در دست وى بود كفار حمله آوردند ويك دستش بينداختند لوا بديگر دست كرفت يك زخم ديكر بر او زدند وديگر دستش بينداختند بعد از ان هفتاد ونه زخم برداشت شهيد از دنيا بيرون شد او را بخواب ديدند كه «ما فعل الله بك» گفت «عوّضنى الله من اليدين جناحين أطير بهما فى الجنة حيث أشاء مع جبريل وميكائيل» اسما بنت عميس كفت رسول خدا ايستاده بود ناكاه كفت «وعليكم السلام» كفتم «على من ترد السلام يا رسول الله» جواب سلام كه ميدهى هيچ كس را نمى بينم كه بر تو سلام ميكند كفت «ان جعفر بن ابى طالب مر مع جبريل وميكائيل» اى جعفر دست بدادى اينك پر جزاى تو اى سليمان اسبان بدادى اينك اسبان در بر وبحر حمال تو اى محب صادق اگر بحكم رياضت ديده فدا كردى و چشم نثار اينك لطف ما ديده تو وفضل ما سمع تو وكرام ما چراغ وشمع تو «فاذا أحببته كنت له سمعا يسمع بي وبصرا يبصر بي ويدا يبطش بي» أول مرد كوينده شود پس داننده شود پس رونده شود پس پرنده شود اى مسكين ترا هركز آرزوى آن نبود كه روزى مرغ دلت از قفس ادبار نفس خلاص يابد وبر هواى رضاى حق پرواز كند بجلال قدر بار خدا كه جز نواخت «أتيته هرولة» استقبال تو نكند
چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى
…
قفس بشكن چوطاوسان يكى بر پر برين بالا
قفس قالب است وامانت مرغ جان پر او عشق پرواز او إرادات أفق او غيب منزل او در دركاه كه مرغ امانت ازين قفس بشريت بر أفق غيب پرواز كند كروبيان عالم قدس دستها بديده خويش بازنهند تا از برق اين جمال ديدهاى ايشان نسوزد] وفى التأويلات النجمية يشير قوله (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) الى آخره الى القلب وسيره الى عالم الأرواح وسرعته فى السير للطافته بالنسبة الى كثافة النفس وإبطائها فى السير وذلك لان مركب النفس فى السير البدن وهو كثيف بطيء السير ومركب القلب فى السير هو الجذبة الالهية وهى من صفات لطفه كما قال عليه السلام (قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء) وتقليبها الى الحضرة برياح العناية واللطف كما قال عليه السلام (قلب المؤمن كريشة فى فلاة يقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر) وهو حقيقة قوله ولسليمان الريح اى لسليمان القلب سخرنا ريح العناية ليسير بها وهو ابن داود الروح وبساطه الذي كان مجلسه ويجرى به الريح هو السر ولهذا المعنى قيل ان سليمان فى سيره لاحظ
ملكه يوما فمال الريح ببساطه فقال سليمان للريح استوى فقالت الريح استوانت ما دمت مستويا بقلبك كنت مستوية ملت فملت كذلك حال السر والقلب وريح العناية إذا زاغ القلب أزاغ الله بريح الخذلان بساط السر فان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم انتهى: وفى المثنوى
همچنين تاج سليمان ميل كرد
…
روز روشن را برو چون ليل كرد
كفت تاجا كژ مشو بر فرق من
…
آفتابا كم مشو از شرق من
راست مى كرد او بدست آن تاج را
…
باز كژ مى شد برو تاج اى فتى
هشت بارش راست كرد وكشت كژ
…
كفت تاجا چيست آخر كژ مغژ
كفت اگر صد ره كنى تو راست من
…
كژ روم چون كژ روى اى مؤتمن
پس سليمان اندرون وراست كرد
…
دل بر آن شهرت كه بودش كرد سرد
بعد از ان تاجش همان دم راست شد
…
آنچنانكه تاج را ميخواست شد
پس ترا هر غم كه پيش آيد ز درد
…
بر كسى تهمت منه بر خويش كرد
- حكى- ان رجلا سقاء بمدينة بخارى كان يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت شيأ فالحت عليه فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فأعجبنى بياضها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذي فى الدكان فانه لما غير حاله مع الله بمس الاجنبية غير الله حاله معه بمس الأجنبي زوجته ومثل ذلك من عدل الله تعالى والله تعالى غيور إذا رأى عبده فيما نهاه يؤاخذه بما يناسب حاله وفعله فاذا عرف العبد ان الحال هذا وجب عليه ان يترك الجفاء والأذى ويسلك طريق العدل والانصاف ولا يأخذ سمت الجور والاعتساف والشقاق والخلاف وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ اى اذبنا وأجرينا لسليمان عين النحاس المذاب اساله من معدنه كما الان الحديد لداود فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سمى عينا: وبالفارسية [وجارى كرديم براى سليمان چشمه مس كداخت را تا از معدن بيرون آمدى چون آب روان واز ان مس هر چهـ ميخواست ميساخت وآن در موضعى بود از يمن بقرب صنعاء] قال فى كشف الاسرار لم يعمل بالنحاس قبل ذلك فكل ما فى أيدي الناس من النحاس فى الدنيا من تلك العين يقول الفقير يرد عليه ان فى بعض البلاد معدن النحاس يلتقط جوهره منه اليوم يذاب ويعمل فكيف يكون ما فى أيدي الناس مما اعطى سليمان الا ان يقال ان أصله كان من تلك العين كما ان المياه كلها تخرج من تحت الصخرة فى بيت المقدس على ما ورد فى بعض الآثار وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ جملة من مبتدأ وخبر. يعنى [از طائفه جن است كسى كه
كار كردى پيش سليمان] بِإِذْنِ رَبِّهِ بامره كما ينبىء عنه قوله تعالى وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا الزيغ الميل عن الاستقامة اى ومن يعدل من الجن ويمل عما أمرناه به من طاعة سليمان ويعصه نُذِقْهُ [بچشانيم او را] مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ اى عذاب النار فى الآخرة- وروى- عن السدى انه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه الجنى ضربه من حيث لا يراه ضربة أحرقته بالنار وفيه اشارة الى تسخير الله لسليمان صفات الشيطنة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (ان الله سلطنى على شيطانى فاسلم على يدى فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كانت القوى الباطنة مسخرة كانت الظاهرة الصورية ايضا مسخرة فتذهب الظلمة ويجيىء النور ويزول الكدر ويحصل السرور وهذا هو حال الكمل فى النهايات يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ تفصيل لما ذكر من عملهم مِنْ مَحارِيبَ بيان لما يشاء جمع محراب قال فى القاموس المحراب الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس انتهى وفى المفردات محراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى او لكون حق الإنسان فيه ان يكون حريبا اى مسلوبا من أشغال الدنيا ومن توزع الخاطر وقيل الأصل فيه ان محراب البيت صدر المجلس ثم لما اتخذت المساجد سمى صدرها به وقيل بل المحراب اصل فى المسجد وهو اسم خص به صدر المسجد وسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وهذا أصح انتهى. والمعنى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لانها يذب عنها ويحارب عليها وأدرج فى تفسير الجلالين ايضا قال المفسرون فبنت الشياطين لسليمان تدمر كتنصر وهى بلدة بالشام والابنية العجيبة باليمن وهى صرواج ومرواج وبينون وسلحين وهيذة وهنيذة وفلتوم وغمدان ونحوها وكلها خراب الآن وعملوا له بيت المقدس فى غاية الحسن والبهاء [اصحاب سير كفته اند كه رب العالمين در نژاد ابراهيم عليه السلام بركت كرد چنانكه كس طاقت شمردن نسل آن نداشت خصوصا در روزكار داود عليه السلام داود خواست كه عدد بنى إسرائيل بداند ايشان كه در زمين فلسطين مسكن داشتند روزكارى دراز مى شمردند وبسر نرسيدند ونوميد كشتند پس وحي آمد بداود كه چون ابراهيم آن خواب كه او را نموديم بذبح فرزند تصديق ووفا كرد من او را وعده دادم كه در نسل وى بركت كنم اين كثرت ايشان از آنست اما ايشان فراوانى از خويشتن ديدند وخودبين كشتند لا جرم عدد ايشان كم كنم اكنون مخيراند ميان سه بليه آن يكى كه اختيار كنند بر ايشان كمارم يا قحط ونياز وكرسنكى يا دشمن سه ماه يا وبا وطاعون سه روز داود بنى إسرائيل را جمع كرد وايشانرا درين سه بليت مخير كرد از هر سه طاعون اختيار كردند كفتند اين يكى آسانتر است وار فضيحت دورتر پس همه جهاز مرك بساختند غسل كردند وخنود بر خود ريختند وكفن در پوشيدن وبصحرا بيرون رفتند با اهل وعيال وخرد وبزرك در ان صعيد بيت المقدس پيش از بنا نهادن آن وداود بصخره سجود درافتاد وايشان دعا وتضرع كردند
رب العالمين طاعون بر ايشان فرود كشاد يك شبان روز چندان هلاك شدند كه بعد از ان بدو ماه ايشانرا دفن توانستند كرد چون يك شبان روز از طاعون بگذشت رب العالمين دعاى داود اجابت وتضرع ايشان روا كرد وآن طاعون از ايشان برداشت بشكر آنكه رب العالمين در ان مقام بر ايشان رحمت كرد بفرمود تا آنجا مسجدى سازند كه پيوسته آنجا ذكر الله ودعا وتضرع رود پس ايشان در كار ايستادند ونخست مدينه بيت المقدس بنا نهادند وداود بر دوش خود سنك ميكشيد وخيار بنى إسرائيل همچنان سنك مى كشيدند تا يك قامت بنا بر آوردند پس وحي آمد بداود كه اين شهرستانرا بيت المقدس نام نهاديم قدمكاه پيغمبران وهجرتكاه ونزولكاه پاكان ونيكان] قال بعض الكبار أراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فلما فرغ منه تهدّم فشكا ذلك الى الله فاوحى الله اليه ان بيتي هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك فى سبيلك قال بلى ولكنهم أليسوا عبادى فقال يا رب اجعل بنيانه على يدى
من هو منى فاوحى الله اليه ان ابنك سليمان يبنيه فانى أملكه بعدك وأسلمه من سفك الدماء وأقضي إتمامه على يده وسبب هذا ان الشفقة على خلق الله أحق بالرعاية من الغيرة فى الله بإجراء الحدود المفضية الى هلاكهم ولكون اقامة هذه النشأة اولى من هدمها فرض الله فى حق الكفار الجزية والصلح ابقاء عليهم ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم أخذ الفدية او العفو فان ابى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه إذا كان اولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية او عفا وباقى الأولياء لا يرون الا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ثم نرجع الى القصة فصلوا فيه زمانا [كفته اند داود در آن روز صد وبيست وهفت سال بود چون سال وى بصد و چهل رسيد از دنيا بيرون شد وسليمان بجاى وى نشست] وكان مولد سليمان بغزة وملك بعد أبيه وله اثنتا عشرة سنة ولما كان فى السنة الرابعة من ملكه فى شهر أيار سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام ابتدأ سليمان فى عمارة بيت المقدس وإتمامه حسبما تقدم وصية أبيه اليه وجمع حكماء الانس والجن وعفاريت الأرض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام وفريقا يغوصون فى البحر فيخرجون منه الدر والمرجان وكان فى الدر ما هو مثل بيضة النعامة والدجاجة وبنى مدينة بيت المقدس وجعلها اثنى عشر ربضا وانزل كل ربض منها سبطا من أسباط بنى إسرائيل وكانوا اثنى عشر سبطا ثم بنى المسجد الأقصى بالرخام الملون وسقفه بألواح الجواهر الثمينة ورصع سقوفه وحيطانه باللئالئ واليواقيت وأنبت الله شجرتين عند باب الرحمة إحداهما تنبت الذهب والاخرى تنبت الفضة فكان كل يوم ينزع من كل واحدة مائتى رطل ذهبا وفضة وفرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وبألواح الفيروزج فلم يكن يومئذ فى الأرض بيت ابهى ولا أنوار من ذلك المسجد كان يضيىء فى الظلمة كالقمر ليلة البدر وفرغ منه فى السنة الحادية عشرة من ملكه وكان ذلك بعد هبوط آدم عليه السلام باربعة آلاف واربعمائة واربع عشرة سنة وبين عمارة سليمان لمسجد بيت المقدس والهجرة النبوية المحمدية على صاحبها ازكى السلام الف وثمانمائة
وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل الله ثلاثا حكما يوافق حكمه وسأله ملكا لا ينبغى لاحد من بعده وسأله ان لا يأتى الى هذا المسجد أحد لا يريد الا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته امه قال عليه السلام نرجو ان يكون قد أعطاه إياه ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فاخبرهم انه مسجد لله تعالى وهو امره ببنائه وان كل شىء فيه لله من انتقص شيأ منه فقد خان الله تعالى ثم اتخذ طعاما وجمع الناس جمعا لم ير مثله ولا طعام اكثر منه وقرب القرابين لله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه فيه عيدا قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سليمان فلم تنفتح حتى قال فى دعائه بصلوات ابى داود وافتتح الأبواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بنى إسرائيل خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار فلا يأتى ساعة من ليل ولانهار الا والله يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان اربعمائة سنة وثلاثا وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله الى دار مملكته من ارض العراق واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة ثم أهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه وذلك انه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه الله تعالى بتسليط أضعف حيوان على دماغه
نه هركز شنيديم در عمر خويش
…
كه بد مرد را نيكى آمد به پيش
وَتَماثِيلَ جميع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير اى وصور الملائكة والأنبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فانها كانت تعمل حينئذ فى المساجد من زجاج ونحاس ورخام ونحوها ليراها الناس ويعبدوا
مثل عباداتهم ويقال ان هذه التماثيل رجال من نحاس وسأل ربه ان ينفخ فيها الروح ليقاتلوا فى سبيل الله ولا يعمل فيهم السلاح وكان إسفنديار رويين تن منهم كما فى تفسير القرطبي- وروى- انهم عملوا أسدين فى أسفل كرسيه ونسرين فوقه فاذا أراد ان يصعد بسط الأسدان ذراعيهما فارتقى عليهما: يعنى [چون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دو شير بازوهاى خود برافراختندى تا پاى بر ان نهاده بالا رفتى] وإذا قعد اظله النسران بأجنحتهما فلما مات سليمان جاء أفريدون ليصعد الكرسي ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الأسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر أحد بعده ان يدنو من ذلك الكرسي واعلم ان حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الامة مباحا وانما حرم على هذه الامة لان قوم رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا يعبدون التماثيل اى الأصنام فهى عن الاشتغال بالتصوير وابغض الأشياء الى الخواص ما عصى الله به وفى الحديث (من صور صورة فان الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها ابدا) وهذا يدل على ان تصوير ذى الروح حرام قال الشيخ الأكمل هل هو كبيرة اولا فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد الوعيد عليه من الشرع فهو كبيرة واما من جعل الكبيرة منحصرة فى عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولا على المستحل او على استحقاق العذاب المؤبد واما تصوير ما لا روح له فرخص فيه وان كان مكروها من حيث انه اشتغال بما لا يعنى قال فى نصاب الاحتساب
ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لان الصورة فى البيت سبب لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام «انا لا ندخل بيتا فيه كلب او صورة» ولو زخرفه بنقش لا صورة فيه لا بأس به وفى ملتقط الناصري لو هدم بيتا مصورا فيه بهذه الاصباغ تماثيل الرجال والطيور ضمن قيمة البيت وإصباغه غير مصورة انتهى فاذا منع من التصاوير فى البيت فاولى ان يمنع منها فى المسجد ولذا محيت رؤس الطيور فى المساجد التي كانت كنائس وفيها تماثيل وجاء فى الفروع انه يكره ان يكون فوق رأس المصلى او بين يديه او بحذائه صورة وأشدها كراهة ان يكون امام المصلى ثم فوق رأسه ثم على يمينه ثم على يساره ثم خلفه قيل ولو كانت خلفه لا يكره لانه لا يشبه عبادة الصنم وفيه اهانة لها ولو كانت تحت قدميه لا يكره قال فى العناية قيل إذا كانت خلفه لا تكره الصلاة ويكره كونها فى البيت لان تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة مستحب لا يقال فعلى هذا لا يكره كونها تحت القدم فيه ايضا لانا نقول فيه من التحقير والاهانة ما لا يوجد فى الخلف فلا قياس لوجود الفارق ثم الكراهة إذا كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو وتظهر للناظر بلا تأمل فلو كانت صغيرة بحيث لا تتبين تفاصيل اعضائها الا بتأمل لا يكره لان الصغير جدا لا يعبد ولو قطع رأسها لا يكره لانها لا تعبد بلا رأس عادة ومعنى قطع الرأس ان يمحى رأسها بخيط يخاط عليها وينسج حتى لم يبق للرأس اثر أصلا بل طمست هيئته قطعا ولو خيط ما بين الرأس والجسد لا يعتبر لان من الطيور ما هو مطوق فيكون احسن فى العين ولو محى وجه الصورة فهو كقطع رأسها بخلاف قطع يديها ورجليها ولا تكره الصلاة على بساط مصور لانه اهانة وليس بتعظيم ان لم يسجد عليها لان السجود عليها يشبه عبادة الأصنام واطلق الكراهة فى المبسوط لان البساط الذي يصلى عليه معظم بالنسبة الى سائر البسط فكان فيه تعظيم الصورة وقد أمرنا باهانتها وفى حواشى أخي چلبى إذا كان التمثال تمثال ما يعظم الكفار كشكل الصليب مثلا لا ريب فى كراهة السجدة عليه ألا يرى الى ظهير الدين حيث قال الأصل فيه ان كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمون يكره الاستقبال بالصلاة اليه ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة او بساط مفروش لم يكره لانها توطأ فكأنه استهانة بالصورة بخلاف ما لو كانت الوسادة منصوبة كالوسائد الكبار او كانت على الستر لانها تعظيم لها وفى الخلاصة الصورة إذا كانت على وسادة او بساط لا بأس باستعمالهما وان كان يكره اتخاذهما وان كانت على الإزار والستر فمكروه ولا يفسد
صلاته فى كل الفصول لوجود شرائط الجواز والنهى لمعنى فى غير المنهي عنه وتعاد على وجه غير مكروه وهو الحكم فى كل صلاة أديت مع الكراهة كما لو ترك تعديل الأركان كما فى الكافي وَجِفانٍ [وميكردندى يعنى شياطين براى سليمان از كاسهاى چوبين وغير آن] وهى جمع جفنة وهى القصعة العظيمة فان أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحفة تشبع الرجل فتفسير الجفان بالصحاف كما فعله البعض منظور فيه قال سعدى المفتى والجفنة خصت بوعاء الاطعمة كما فى المفردات كَالْجَوابِ كالحياض الكبار أصله الجوابى بالياء كالجوارى جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى
من الصفات الغالبة كالدابة قال الراغب يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية قيل كان يقعد على الجفنة الفا رجل فيأكلون منها وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر الف شاة والف بقرة وكان له اثنا عشر الف خباز واثنا عشر الف طباخ يصلحون الطعام فى تلك الجفان لكثرة القوم وكان لعبد الله بن جدعان من رؤساء قريش وهو ابن عم عائشة الصديقة رضى الله عنها جفنة يستظل بظلها ويصل إليها المتناول من ظهر البعير ووقع فيها صبى فغرق وكان يطعم الفقراء كل يوم من تلك الجفنة وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها اربعة رجال يقال لها الغراء اى البيضاء فلما دخلوا فى الضحى وصلوا صلاة الضحى اتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا حولها اى اجتمعوا فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي ما هذه الجلسة فقال عليه السلام (ان الله جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا) ثم قال (كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها) قال فى الشرعة ولا بركة فى القصاع الصغار ولتكن قصعة الطعام من خزف او خشب فانهما اقرب الى التواضع. ويحرم الاكل فى الذهب والفضة وكذا الشرب منهما. ويكره فى آنية النحاس إذا كان غير مطلىّ بالرصاص. وكذا فى آنية الصفر وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء شىء مركب من المعدنيات كالنحاس والأسرب وغير ذلك يقال له بالفارسية [روى] بترقيق الراء فانه بتفخيمها بمعنى الوجه وَقُدُورٍ راسِياتٍ القدر بالكسر اسم لما يطبخ فيه اللحم كما فى المفردات. والجمع قدور. والراسيات جمع راسية من رسا الشيء يرسو إذا ثبت ولذلك سميت الجبال الرواسي والمعنى وقدور ثابتات على الأثافي لا تنزل عنهما لعظمها ولا تحرك من أماكنها وكان يصعد عليها بالسلال وكانت باليمن [وهنوز در بعض از ولايات شام ديكهاى چنين از سنك تراشيده موجودست] وكانت تتخذ القدور من الجبال او هى قدور النحاس وكانت موضوعة على الأثافي او كانت اثافيها منها كما فى الكواشي وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَجِفانٍ) الى آخره الى مأدبة الله التي لا نهاية لها التي يأكل منها الأولياء إذ يبيتون عنده كما قال عليه السلام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اعْمَلُوا يا آلَ داوُدَ فنصبه على النداء والمراد به سليمان لان هذا الكلام قد ورد فى خلال قصته وخطاب الجمع للتعظيم او أولاده او كل من ينفق عليه او كل من يتأتى منه الشكر من أمته كما فى بحر العلوم والمعنى وقلنا له او لهم اعملوا شُكْراً نصب على العلة اى اعملوا له واعبدوه شكرا لما أعطيتكم من الفضل وسائر النعماء فانه لا بد من اظهار الشكر كظهور النعمة او على المصدر لا عملوا لان العمل للمنعم شكر له فيكون مصدرا من غير لفظه او لفعل محذوف اى اشكروا شكرا او حال اى شاكرين او مفعول به اى اعملوا شكرا ومعناه انا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكرا على طريق المشاكلة قال بعض الكبار قال تعالى فى حق داود (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) فلم يقرن بالفضل الذي آتاه شكرا يطلبه منه ولا اخبر انه أعطاه هذا الفضل جزاء لعمل من اعماله ولما طلب الشكر على ذلك الفضل بالعمل طلبه من آل داود لامنه ليشكره الآل على ما أنعم به على داود فهو فى
حق داود عطاء نعمة وإفضال وفى حق آله عطاء لطلب المعاوضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت
الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم مبنيا على طلب من الله سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال (أفلا أكون عبدا شكورا) وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفي والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح فشكر البدن استعمال الشريعة بجميع أعضائه وجوارحه ومحال الحواس الخمس ولهذا قال اعملوا. وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع. وشكر القلب بمحبة الله وخلوه عن محبة ما سواه. وشكر السر مراقبته من التفاته لغير الله. وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع. وشكر الخفي قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى الله يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ قليل خبر مقدم للشكور وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [واندكى از بندگان من سپاس دارند [والشكور المبالغ فى أداء الشكر على النعماء والآلاء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر أوقاته واغلب أحواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر
حق شكر حق نداند هيچ كس
…
حيرت آمد حاصل دانا وبس
آن بزركى كفت با حق در نهان
…
كاى پديد آرنده هر دو جهان
اى منزه از زن وفرزند وجفت
…
كى توانم شكر نعمتهات كفت
پيك حضرت دادش از ايزد پيام
…
كفتش از تو اين بود شكر مدام
چون درين راه اين قدر بشناختى
…
شكر نعمتهاى ما پرداختى
قال الامام الغزالي رحمه الله احسن وجوه الشكر لنعم الله تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى وعن النبي عليه السلام (إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وأيوب صابر الدنيا والآخرة) وفى التأويلات النجمية وبقوله (قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذي يكون شكره بالأحوال. فللعوام شكرهم بالأقوال كقوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) . وللخواص شكرهم بالأعمال كقوله (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) . ولخواص الخواص شكرهم بالأحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو الله تعالى لقوله تعالى (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندكم ينفد وما عنده الى السرمد ان الله كثير الإحسان فاعمل
شكرا ايها الإنسان فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ القضاء الحكم والفصل والموت زوال القوة الحساسة اى لما حكمنا على سليمان بالموت وفصلناه به عن الدنيا ما دَلَّهُمْ [دلالت نكرد ديوانرا] عَلى مَوْتِهِ [بر مرك سليمان] إِلَّا [مكر] دَابَّةُ الْأَرْضِ اى الارضة وهى دويبة تأكل الخشب بالفارسية [كرمك چوب خور] أضيفت الى فعلها وهو الأرض بمعنى الاكل ولذا سميت الأرض مقابل السماء أرضا لانها تأكل أجساد بنى آدم يقال ارضت الارضة الخشبة أرضا اكلتها فارضت أرضا على ما لم يسم فاعله فهى مأروضة تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ اى عصاه التي يتوكأ عليها من النسيء وهو التأخير فى الوقت لان العصا يؤخر بها الشيء ويزجر ويطرد فَلَمَّا خَرَّ سقط سليمان ميتا قال الراغب خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ من تبينت الشيء إذا علمته بعد النباسه عليك اى علمت الجن علما يقينيا ينتفى عنده الشكوك والشبه بعد التباس الأمر عليهم أَنْ اى انهم لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما غاب عن حواسهم كما يزعمون ما لَبِثُوا [درنك نمى كردند يكسال] فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [در عذاب خوار كننده] يعنى التكاليف الشاقة والأعمال الصعبة التي كانوا يعملونها والحاصل انهم لو كان لهم علم بالغيب كما يزعمون لعلموا موت سليمان ولما لبثوا بعده حولا فى تسخيره الى ان خر فلما وقع ما وقع علموا انهم جاهلون لا عالمون. ويجوز ان يؤخذ تبينت من تبين الشيء إذا ظهر وتجلى فتكون ان مع ما فى حيزها بدل اشتمال من الجن نحو تبين زيد جهله اى ظهر للانس ان الجن لو كانوا يعلمون الى آخره واصل القصة انه لما دنا أجل سليمان عليه السلام كان أول ما ظهر من علاماته انه لم يصبح الا ورأى فى محرابه شجرة نابتة كما قال فى المثنوى
هر صباحى چون سليمان آمدى
…
خاضع اندر مسجد أقصى شدى
نو كياهى رسته ديدى اندرو
…
پس بگفتى نام ونفع خود بگو
تو چهـ دارويى چىء نامت چهـ است
…
تو زيان كه ونفعت بر كى است
پس بگفتى هر كياهى فعل ونام
…
كه من آنرا جانم واين را حمام
من مرين را زهرم واو را شكر
…
نام من اينست بر لوح از قدر
پس طبيبان از سليمان زان كيا
…
عالم ودانا شدندى مقتدا
تا كتبهاى طبيبى ساختند
…
جسم را از رنج مى پرداختند
اين نجوم وطب وحي انبياست
…
عقل وحس را سوى بى سوره كجاست
هم بر ان عادت سليمان سنى
…
رفت در مسجد ميان روشنى
قاعده هر روز را مى جست شاه
…
كه ببيند مسجد اندر نو كياه
پس سليمان ديد اندر كوشه
…
نو كياهى رسته همچون خوشه
ديد پس نادر كياهى سبز وتر
…
مى ربود آن سبزيش نور از بصر
كفت نامت چيست بر كو بى دهان
…
نام من خروب اى شاه جهان
كفت فعلت چيست وز تو چهـ رود
…
كفت من رستم مكان ويران شود
من كه خروبم خراب منزلم
…
من خرابى مسجد آب وكلم
پس سليمان آن زمان دانست زود
…
كه أجل آمد سفر خواهد نمود
كفت تا من هستم اين مسجد يقين
…
در خلل نايد ز آفات زمين
تا كه من باشم وجود من بود
…
مسجد أقصى مخلخل كى شود
پس خرابى مسجد ما بى گمان
…
نبود الا بعد مرك ما بدان
مسجد است آن دل كه چشمش ساجد است
…
يار بد خروب هر جا كه مسجد است
يار بد چون رست در تو مهر او
…
هين ازو بگريز وكم كن كفت وكو
بر كن از بيخش كه كر سر برزند
…
مر ترا ومسجدت را بركند
[پس از ان سليمان بملك الموت رسيد وكفت چون ترا بقبض روح من فرمايند مرا خبر ده ملك الموت بوقتى كه او را فرمودند آمد واو را خبر داد كفت نماند از عمر تو الا يك ساعت اگر وصيتي ميكنى يا كارى از بهر مرك ميسازى بساز] فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى قال فى كشف الاسرار [پس بآخر كار عصاى خود پيش كرفت وتكيه بر آن كرد وهر دو كف زير سر نهاد وآن عصا او را همچنان پناهى كشت وملك الموت در آن حال قبض روح وى كرد ويكسال برين صفت بر آن عصا تكيه زده بماند وشياطين همجنان در كار ورنج وعمل خويش مى بودند ونمى دانستند كه سليمان را وفات رسيد] ولا ينكرون احتباسه عن الخروج الى الناس لطول صلاته قبل ذلك وقال الكاشفى فى تفسيره [چون سليمان دركذشت وبشستند وبرو نماز كذاردند واو را بر عصا تكيه دادند ومرك او بموجب وصيت او فاش نكردند وديوان از دور زنده مى پنداشتند وبهمان كار كه نامزد ايشان بود قيام نمودند تا بعد از يكسال أسفل عصاى او را دوده بخورد سليمان بر زمين افتاد همكنانرا موت او معلوم شد] قال بعضهم كانت الشياطين تجتمع حول محرابه أينما صلى فلم يكن شيطان ينظر اليه فى صلاته الا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع صوته ثم نظر فاذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فاذا العصا قد اكلتها الارضة فارادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا الارضة على العصا فاكلت منها فى يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا ولو علموا انه مات لما لبثوا فى العذاب سنة وقال فى كشف الاسرار [وعذاب ايشان از جهت سليمان آن بودى چون بر يكى از ايشان خشم كرفتى] كان قد حبسه فى دنّ وشدّ رأسه بالرصاص او جعله بين طبقتين من الصخر فالقاه فى البحر او شدّ رجليه بشعره الى عنقه فالقاه فى الحبس ثم ان الشياطين قالوا للارضة لو كنت تأكلين الطعام اتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين من الشراب سقيناك أطيب الشراب ولكن ننقل إليك الماء والطين فهم ينقلون ذلك حيث كانت ألم تر الى الطين الذي يكون فى جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين تشكرا لها قال القفال قد دلت هذه الآية على ان الجن لم يسخروا الا
لسليمان وانهم تخلصوا بعد موته من تلك الأعمال الشاقة: يعنى [چون بدانستند كه سليمان را وفات رسيد فى الحال فرار نموده در شعاب جبال وأجواف بوادي كريختند واز رنج وعذاب بازرستند] وانما تهيأ لهم التسخير والعمل لان الله تعالى زاد فى أجسامهم وقواهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون ولا يقدرون على شىء من هذه الأعمال الشاقة مثل نقل الأجسام الثقال ونحوه لان ذلك كان معجزة لسليمان عليه السلام قالت المعتزلة الجن أجسام رقاق ولرقتها لا نراها ويجوز ان يكثف الله أجسام الجن فى زمان الأنبياء دون غيره من الازمنة وان يقويهم بخلاف ما هم عليه فى غير زمانهم قال القاضي عبد الجبار ويدل على ذلك ما فى القرآن من قصة سليمان انه كشفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى يعملون له الأعمال الشاقة واما تكثيف أجسامهم وأقدارهم عليها فى غير زمان الأنبياء فانه غير جائز لكونه نقضا للعادة قال اهل التاريخ كان سليمان عليه السلام ابيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس البياض وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة وكانت وفاته بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة يقول الفقير هو الصحيح اى كون وفاته بعد الفراغ من البناء لا قبله بسنة على ما زعم بعض اهل التفسير وذلك لوجوه الاول ما فى المرفوع من ان سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله ثلاثا فاعطاه اثنتين ونحن نرجو ان يكون قد أعطاه الثالثة وقد سبق فى تفسير قوله تعالى (مِنْ مَحارِيبَ) والثاني اتفاقهم على ان داود أسس بيت المقدس فى موضع فسطاس موسى وبنى مقدار قامة انسان فلم يؤذن له فى الإتمام كما مر وجهه ثم لما دنا اجله وصى به الى ابنه سليمان وبعيد ان يؤخر سليمان وصية أبيه الى آخر عمره مع ما ملك مدة أربعين سنة والثالث قصة الخروب التي ذكرها الاجلاء من العلماء فانها تقتضى ان سليمان صلى فى المسجد الأقصى بعد إتمامه زمانا كثيرا وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كمال قدرته وحكمته وانه هو الذي سخر الجن والانس لمخلوق مثلهم وهم الألوف الكثيرة والوحوش والطيور ثم قضى عليه الموت وجعلهم مسخرين لجثة بلا روح وبحكمته جعل دابة الأرض حيوانا ضعيفا مثلها دليلا لهذه الألوف الكثيرة من الجن والانس تدلهم بفعلها على علم ما لم يعلموا وفيه ايضا اشارة الى انه تعالى جعل فيها سببا لايمان امة عظيمة وبيان حال الجن انهم لا يعلمون الغيب وفيه اشارة اخرى ان نبيين من الأنبياء اتكئا على عصوين وهما موسى وسليمان فلما قال موسى هى عصاى اتوكأ عليها قال ربه ألقها فلما القاها جعلها ثعبانا مبينا يعنى من اتكأ على غير فضل الله ورحمته يكون متكؤه ثعبانا ولما اتكأ سليمان على عصاه فى قيام ملكه بها واستمسك بها بعث الله أضعف دابة وأخسها لابطال متكئه ومتمسكه ليعلم ان من قام بغيره زال بزواله وان كل متمسك بغير الله طاغوت من الطواغيت ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها انتهى كلامه لَقَدْ اى بالله لقد كانَ لِسَبَإٍ كجبل وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة اى كان لقبيلة سبأ وهم أولاد سبأ بن يشجب بالجيم على ما فى القاموس ابن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. وسبأ لقب عبد شمس بن يشجب وانما لقب به لانه أول من سبى كما قاله السهيلي
وهو يجمع قبائل اليمن. ويعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية فهو ابو عرب اليمن يقال لهم العرب العاربة. ويقال لمن تكلم بلغة إسماعيل العرب المستعربة وهى لغة اهل الحجاز فعربية قحطان كانت قبل إسماعيل عليه السلام وهو لا ينافى كون إسماعيل أول من تكلم بالعربية لانه أول من تكلم بالعربية البينة المحضة وهى عربية قريش التي نزل بها القرآن وكذا لا ينافى ما قيل ان أول من تكلم بالعربية آدم فى الجنة فلما اهبط الى الأرض تكلم بالسريانية وجاء (من احسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث النفاق) واشتهر على ألسنة الناس انه صلى الله عليه وسلم (قال انا افصح من نطق بالضاد) قال جمع لا اصل له ومعناه صحيح لان المعنى انا افصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون
بالضاد ولا توجد فى غير لغتهم كما فى انسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبي فِي مَسْكَنِهِمْ بالفارسية [نشستكاه] والمعنى فى بلدهم الذي كانوا فيه باليمن وهو مأرب كمنزل على ما فى القاموس بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال وهى المرادة بسبا بلدة بلقيس فى سورة النمل قال السهيلي مأرب اسم ملك كان يملكهم كما ان كسرى اسم لكل من ملك الفرس. وخاقان اسم لكل من ملك الصين. وقيصر اسم لكل من ملك الروم. وفرعون لكل من ملك مصر. وتبع لكل من ملك الشحر واليمن وحضر موت. والنجاشي لكل من ملك الحبشة وقيل مأرب اسم قصر كان لهم ذكره المسعودي قال فى انسان العيون ويعرب بن قحطان قيل له ايمن لان هودا عليه السلام قال له أنت ايمن ولدي وسمى اليمن يمنا بنزوله فيه آيَةٌ علامة ظاهرة دالة بملاحظة الأحوال السابقة واللاحقة لتلك القبيلة من الإعطاء والترفية بمقتضى اللطف ثم من المنع والتخريب بموجب القهر على وجود الصانع المختار وقدرته على كل ما يشاء من الأمور البديعة ومجازاته للمحسن والمسيء وما يعقلها الا العالمون وما يعتبرها الا العاقلون جَنَّتانِ بدل من آية والمراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط عَنْ يَمِينٍ جماعة عن يمين بلدتهم واليمين فى الأصل الجارحة وهى اشرف الجوارح لقوتها وبها تعرف من الشمال وتمتاز عنها وَشِمالٍ وجماعة عن شمالها كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة او بستانان لكل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله كُلُوا حكاية لما قال لهم نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها او لسان الحال او بيان لكونهم أحقاء بان يقال لهم ذلك مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ من انواع الثمار وَاشْكُرُوا لَهُ على ما رزقكم باللسان والجنان والأركان بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به اى بلدتكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم ما فيها من الطيبات وطلب منكم الشكر رب غفور لفرطات من يشكره فمعنى طيبة انها لم تكن سبخة بل لينة حيث أخرجت الثمار الطيبة او انها طيبة الهواء والماء كما قال الكاشفى [اين شهرى كه خداى تعالى در وى روزى ميدهد شهرى پاكيزه است هواى تن درست وآب شيرين وخاك پاك]
شهرى چوبهشت از نكويى
…
چون باغ ارم بتازه رويى
وفى فتح الرحمن وطيبتها انها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية
ولا غيرها من المؤذيات وكان يمر بها الغريب وفى ثيابه القمل فتموت كلها لطيب هوائها ومن ثمة لم يكن بها آفات وامراض ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما كانت أطيب البلاد هواء واخصبها. وكانت المرأة تخرج من منزلها الى منزل جارتها وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىء المكتل مما يتساقط فيه من انواع الثمار من غير ان تمديدها والى هذا المعنى أشير بعبارة الجنة إذ حال الجنة يكون هكذا. ولله تعالى جنان فى الأرض كجنانه فى السماء وأفضلها الجنة المعنوية التي هى القلب وما يحتويه من انواع المعارف والفيوض والكشوف فالطيب من الأشياء ما يستلذه الحواس ومن الإنسان من تطهر عن نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتطيب بالعلم والايمان ومحاسن الافعال قال بعض الكبار بلدة طيبة بلدة الإنسانية قابلة لبذر التوحيد وكلمة لا اله الا الله ورب غفور يستر عيوب أوليائه بنور مغفرته ويغفر ذنوبهم لعزة معرفته انتهى وبسببهم يغفر ذنوب كثير من عباده ويقبل حسناتهم [نقلست عبد الله بن مبارك رضى الله عنه در حرم محترم يكسال از حج فارغ شده بود بخواب ديد كه دو فرشته درآمدندى ويكى از ديكرى پرسيدى كه خلق امسال چند جمع آمدند ديكرى كفت سيصد هزار من كفتم حج چند كس مقبول افتاد كفتند حج هيچ كس عبد الله كفت چون اين شنودم اضطرابى در من پديد آمد كفتم آخر اين همه خلق از أطراف جهان با اين همه رنج وتعب مى آمدند واين همه ضايعست كفتند كفشكريست در دمشق على بن موفق كويند او اينجا نيامده است وليكن حج او را قبول كردند واين جمله را در كار او كردند] وكان حجه انه قال جمعت ثلاثمائة وخمسين درهما للحج فمرت بي حامل فقالت ان هذه الدار يجيىء منها رائحة طعام فاذهب وخذ شيأ منه لى لئلا يسقط حملى قال فذهبت فاخبرت القصة لصاحب الدار فبكى وقال ان لى أولادا لم يذوقوا طعاما منذ أسبوع فقمت اليوم وجئت بلحم من ميتة حمار فهم يطبخونه فهو لنا حلال فانا مضطرون ولك حرام فكيف أعطيك منه قال على فلما سمعت ذلك منه احترق فؤادى ودفعت المبلغ المذكور اليه وقلت حجى هذا فتقبل الله تعالى ذلك منه بقبول حسن ووهب له جميع الحجاج
بإحساني آسوده كردن دلى
…
به از الف ركعت بهر منزلى
يعنى فى طريق مكة المشرفة فَأَعْرَضُوا اى أولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفر والنعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال. يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ الإرسال مقابل الإمساك والتخلية وترك المنع سَيْلَ الْعَرِمِ السيل أصله مصدر كالسيلان بمعنى [رفتن آب] وجعل اسما للماء الذي يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل إذا شرس خلقه اى ساء وصعب أضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو
من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الأمر العرم. والمعنى بالفارسية [پس فرستاديم وفروكشاديم بر ايشان سيل صعب ودشوار] وقال ابن عباس رضى الله عنهما العرم اسم الوادي: يعنى [نام وادي كه آب از جانب او آمد] وقال بعضهم العرم السد الذي يحبس الماء ليعلوا على الأرض المرتفعة: يعنى [عرم بند آبست بلغة حمير] وقال بعضهم هو الجرذ الذكر أضاف السيل اليه لان الله تعالى أرسل جرذانا برية كان لها أنياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد: يعنى [بند را سوراخ كرد] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الأعمى الذي لا يدرك الا بالسمع قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل الله له الأرض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا
نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه الله حدة السمع فيدرك الوطء الخفي من مسافة بعيدة فاذا أحس بذلك جعل يحفر فى الأرض قيل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيد بها فانه إذا شمها خرج إليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل الله له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه إذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان قال الكاشفى [در مختار آورده كه فرزندان سبا را در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود در ميان دو كوه از أعلى تا أسفل آن منزل هـژده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادي بود از چشمه در پايان كوى كاه بودى كه فاضل آب از اوديه يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى] قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [از بلقيس كه از واليه ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار در دهانه كوه تا آبهاى أصلي وزائدى از امطار وعيون آنجا جمع شدند] وقال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان الذي بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى [وسه ثقبه بر آن سد ترتيب كرد تا أول ثقبه أعلى بگشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند و چون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى چون سيزده پيغمبر را تكذيب كردند و پيغمبر آخرين در زمان پادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد از رفع عيسى بديشان آمد واو را بسيار رنجانيدند حق سبحانه وتعالى موشهاى دستى در زير بند ايشان پديد آورده بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بند شكسته شد وسيل درآمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم و چهارپاى هلاك كشت] وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذي لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار اى الى الجبل وأغرق أموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ المذكورتين وآتيناهم بدلهما: وبالفارسية [وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان] والتبديل جعل الشيء مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة جَنَّتَيْنِ ثانى مفعولى بدلنا ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالألف وهى تثنية
ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ: وبالفارسية [دو باغ خداوند ميوهاى تلخ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الأراك على ما قاله البخاري والاكل ثمره قال فى المختار الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم وَأَثْلٍ معطوف على أكل لا على خمط فان الأثل هو الطرفاء بالفارسية [كز] او شجر يشبهه أعظم منه ولا ثمر له: قال الشيخ سعدى قدس سره
اگر بد كنى چشم نيكى مدار
…
كه هركز نيارد كز انگور بار
وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وهو معطوف ايضا على أكل قال البيضاوي وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلا وهو البرى الذي يقال له الضال والمراد هاهنا هو الثاني فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب أعمالهم القبيحة والحاصل ان الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها غير المثمرة ذلِكَ اشارة الى مصدر قوله تعالى جَزَيْناهُمْ فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره بِما كَفَرُوا بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسل وفى هذه الآية دليل على بعث الأنبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التي بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر. فهل وان كان استفهاما فمعناه النفي ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الإيقان والتقوى والصدق والإخلاص والتوكل والأخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والأوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى. فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الأشجار الخبيثة لم يجدوا الا الأثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التي حفروا
كما قيل «يداك اوكتا وفوك نفخ» وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال او كأعلى سقائه إذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذي يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية (فمن وجد خيرا فليحمد الله) اى الذي هو ينبوع الرحمة والخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه) : وفى المثنوى
داد حق اهل سبا را بس فراغ
…
صد هزاران قصر وايوانها وباغ
شكر آن نكزاردند آن بدرگان
…
در وفا بودند كمتر از سكان
مر سكانرا لقمه نانى ز در
…
چون رسد بر در همى بندد كمر
پاسبان وحارس در ميشود
…
كر چهـ بر وى جور سختى ميرود
هم بر ان در باشدش باش وقرار
…
كفر دارد كرد غيرى اختيار
بيوفايى چون سكانرا عار بود
…
بيوفايى چون روا دارى نمود
وَجَعَلْنا عطف على كان لسبأ وهو بيان لما أوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما أوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم بَيْنَهُمْ اى بين بلادهم اليمنية وَبَيْنَ الْقُرَى الشامية الَّتِي بارَكْنا فِيها [بركت داده ايم در ان] يعنى بالمياه والأشجار والثمار والخصب والسعة فى العيش للاعلى والأدنى والقرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين وأريحا وأردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير قُرىً ظاهِرَةً اصل ظهر الشيء ان يحصل على ظهر الأرض فلا يخفى وبطن الشيء ان يحصل فى بطنان الأرض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين أهلها او راكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ودر عين المعاني آورده كه از مأرب كه منزل اهل سبا بود تا شام چهار هزار وهفتصد ديه بود متصل از سبا تا بشام] وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ [التقدير: اندازه كردن] والسير المضي فى الأرض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال أبناء السبيل قيل كان الغادي من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكميلا لما أوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر سِيرُوا فِيها على ارادة القول بلسان المقال والحال فانهم لما مكنوا من السير وسويت لهم أسبابه فكأنهم أمروا بذلك واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم لَيالِيَ وَأَيَّاماً اى متى شئتم من الليالى والأيام حال كونكم آمِنِينَ اصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه من الأعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الامن فيها باختلاف الأوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى
وأياما كثيرة او سيروا فيها ليالى اعماركم وأيامها لا تلقون فيها الا الامن لكن لا على الحقيقة بل على تنزيل تمكينهم من السير المذكور وتسوية مباديه وأسبابه على الوجه المذكور منزلة أمرهم بذلك فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا [المباعدة والبعاد: از كسى دور شدن وكسى را دور كردن] والسفر خلاف الحضر وهو فى الأصل كشف الغطاء وسفر الرجل فهو سافر وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بان الإنسان قد سفر عن المكان والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتقت السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه من الجلد المستدير وقال بعضهم وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال ويستخرج دعاوى النفوس ودفائنها قال اهل التفسير بطر اهل سبأ النعمة وسئموا طيب العيش وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنوا إسرائيل الثوم والبصل مكان السلوى والعسل وقالوا لو كان جنى جناننا ابعد لكان أجدر ان نشتهيه وسألوا ان يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز وقفارا ليركبوا فيها الرواحل ويتزودوا الأزواد ويتطاولوا فيها على الفقراء: يعنى [توانكرانرا بر درويشان حسد آمد كه ميان ما وايشان در رفتن هيچ فرقى نيست پياده ومفلس اين راه همچنان ميرود كه سواره وتوانكر (فَقالُوا) پس كفتند اغنياى ايشان اى پروردگار ما دورى افكن ميان منازل سفرهاى ما: يعنى بيابانها پديد كن از منزلى بمنزلى تا مردم بى زاد وراحله سفر نتوانند كرد] فعجل لهم الاجابة بتخريب تلك القرى المتوسطة وجعلها بلقعا لا يسمع فيها داع ولا مجيب وفى المثنوى
آن سبا ز اهل صبا بودند وخام
…
كارشان كفران نعمت با كرام
باشد آن كفران نعمت در مثال
…
كه كنى با محسن خود تو جدال
كه نمى بايد مرا اين نيكويى
…
من برنجم زين چهـ رنچهـ ميشوى
لطف كن اين نيكويى را دور كن
…
من نخواهم عافيت رنجور كن
پس سبا كفتند باعد بيننا
…
شيننا خير لنا خذ زيننا
ما نمى خواهيم اين ايوان وباغ
…
نى زنان خوب ونى أمن وفراغ
شهرها نزديك همديكر بدست
…
آن بيابانست خوش كانجاد دست
يطلب الإنسان فى الصيف الشتا
…
فاذا جاء الشتا أنكر ذا
فهو لا يرضى بحال ابدا
…
لا بضيق لا بعيش رغدا
قتل الإنسان ما اكفره
…
كلما نال هدى أنكره
وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الأنبياء فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ قال ابن الكمال الأحاديث مبنى على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على الأحاديث اى جعلنا اهل سبا اخبارا وعظة وعبرة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من أحوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ اى فرقناهم غاية التفريق على ان الممزق مصدر او كل مطرح ومكان تفريق على انه اسم مكان وفى عبارة التمزيق الخاص بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الأمر والدلالة على شدة التأثير والإيلام ما لا يخفى اى مزقناهم تمزيقا لا غاية وراءه
بحيث تضرب به الأمثال فى كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا أيدي سبأ اى تفرقوا تفرق اهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا فى البلاد [تا يكى از ايشان دو مأرب نمايد قبيله غسان از ايشان بشام رفت وقضاعه بمكة واسد ببحرين وانمار بيثرب وجذام بتهامة واز دبعمان] إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من قصتهم لَآياتٍ عظيمة ودلالات كثيرة وعبرا وحججا واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة قال بعضهم جمع الآيات لانهم صاروا فرقا كثيرة كل منهم آية مستقلة لِكُلِّ صَبَّارٍ عن المعاصي ودواعى الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات شَكُورٍ على النعم الإلهية فى كل الأوقات والحالات او لكل مؤمن كامل لان الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر [در كشف الاسرار آورده كه اهل سبا در خوش حال وفارغ بالى مى كذرانيدند بسبب بى صبرى بر عافيت وناشكرى بر نعمت رسيد بديشان آنچهـ رسيد]
اى روزكار عافيت شكرت نكفتم لا جرم
…
دستى كه در آغوش بود اكنون بدندان مى كزم
وفى المثنوى
چون ز حد بردند اصحاب سبا
…
كه به پيش ما وبابه از صبا «1»
ناصحانشان در نصيحت آمدند
…
از فسوق وكفر مانع مى شدند
قصد خون ناصحان ميداشتند
…
تخم فسق وكافرى مى كاشتند
بهر مظلومان همى كندند چاه
…
در چهـ افتادند ومى كفتند آه
صبر آرد آرزو رانى شتاب
…
صبر كن والله اعلم بالصواب «2»
قال بعض الكبار ان طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن الله وعن حضرته والميل الى الدنيا والرغبة فى شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله الله عبرة لاهل الطلب وأوقعه فى وادي الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والشكر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا الله وإياكم من الراغبين اليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد إرشاده وتوفيقه انه الرحمن الذي بيده القلوب وتقليبها من حال الى حال وتصريفها كيف يشاء فى الأيام والليال وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ التصديق بالفارسية [راستى يافتن] وضمير عليهم الى اهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر انه راجع الى الناس كما يشهد به ما بعده. وإبليس مشتق من الإبلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما فى المفردات ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي انتهى والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشيء بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وبالله لقد وجد إبليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم فى الشهوات صادقا فَاتَّبَعُوهُ اى اتبع اهل سبأ الشيطان فى الشرك والمعصية إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية اى الا جماعة هم المؤمنون لم يتبعوه فى اصل الدين وتقليلهم بالاضافة الى الكفار او تبعيضية اى الافريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باقى قصه اهل سبا
(2)
در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه دفتر أول
او وجد ظنه ببني آدم صادقا فاتبعوه الافريقا من المؤمنين وذلك انه حين شاهد آدم عليه السلام قد أصغى الى وسوسته قال ان ذريته أضعف منه عزما ولذا قال لاضلنهم وقال الكاشفى [شيطان لعين كمان برده بود كه من بر بنى آدم بسبب شهوت وغضب كه در نهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان او درباره اهل غوايت راست شد] او قال انا نارى وآدم طينى والنار تأكل الطين او ظن عند قول الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان إبليس لم يكن متيقنا ان يقدر على الإغواء والإضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على إغواء من لم يطع الله ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصي وكانوا مستعدين لقبولها حكمة لله فى ذلك وقبلوا منه بعض ما أمرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه اى وجدهم كما ظن فيهم: قال الشيخ سعدى قدس سره
نه إبليس در حق ما طعنه زد
…
كز إينان نيايد بجز كار بد
فغان از بديها كه در نفس ماست
…
كه ترسم شود ظن إبليس راست
چوملعون پسند آمدش قهر ما
…
خدايش برانداخت از بهر ما
كجا سر برآريم ازين عار وننك
…
كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ
نظر دوست نادر كند سوى تو
…
چودر روى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى
…
چوبيند كه دشمن بود در سراى
وَما كانَ لَهُ اى لابليس عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء وإلا فهو ما سل سيفا ولا ضرب بعصا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ استثناء مفرغ من أعم العلل ومن موصولة منصوبة بنعلم. والعلم ادراك الشيء بحقيقته والعالم فى وصف الله تعالى هو الذي لا يخفى عليه شىء والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك إيذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفي للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه إذا كان منشأ الشك متعلقه لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح. والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلقا حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم الله قديم وتعلقه حادث إذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان بالله ظن السوء ان الله جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم إبليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان الله بكمال قدرته وحكمته خلق اهل الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام (خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلق النار وخلق لها أهلا) وقال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فالله تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذي خلقهم على ما هم به وانما سلط الله الشيطان على بنى آدم لاستخراج
جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوس فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره
در زمين كر نيشكر ور خوردنى است
…
ترجمان هر زمين بنت وى است
وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ محافظ عليه بالفارسية [نكهبانست] فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان وقال بعضهم هو الذي يحفظ كل شىء على ما هو به والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والأمانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه الملكات المفضية الى البوار قال بعض الحكماء الالهية اسباب الحفظ الجد والمواظبة وترك المعاصي واستعمال السواك وتقليل النوم وصلاة الليل وقراءة القرآن نظرا وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل احدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق ومن خاصية هذا الاسم وهو الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته ومن حفظ الله تعالى ما قال ذو النون رضى الله عنه وقعت ولولة فى قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعدو فتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم وإذا بأفعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم قال ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل وإذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بي هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك وهذا من لطف الله باوليائه فواحد يحفظ عليه اعماله ليجازيه وآخر يحفظه فيدفع عنه الآفات اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحفظنا برأفتك التي لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين قُلِ يا محمد للمشركين إظهارا لبطلان ما هم عليه وتبكيتا لهم ادْعُوا نادوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ قال فى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه وفى المفردات الزعم حكاية قول يكون مظنة الكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذم القائلين به والمعنى زعمتموهم آلهة وهما مفعولا زعم ثم حذف الاول وهو ضمير الراجع الى الموصول تخفيفا لطول الموصول بصلته والثاني وهو آلهة لقيام صفته اعنى قوله مِنْ دُونِ اللَّهِ مقامه والمعنى ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله فيما يهتمكم من جلب نفع ودفع ضر لعلهم يستجيبون لكم ان صح دعواكم ثم أجاب عنه اشعارا بتعين الجواب وانه لا يقبل المكابرة فقال بطريق الاستئناف لبيان حالهم لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ من خير وشر ونفع وضر وقد سبق معنى المثقال والذرة فى أوائل هذه السورة فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ
اى فى امر ما من الأمور وذكرهما للتعميم عرفا يعنى ان اهل العرف يعبرون بهما عن جميع الموجودات كما يعبرون بالمهاجرين والأنصار عن جميع الجماعة أو لأن آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها ارضية كالاصنام أو لأن الأسباب القريبة للخير والشر سماوية وارضية وَما لَهُمْ اى لآلهتهم فِيهِما فى السموات والأرض مِنْ شِرْكٍ اى شركة لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا وَما لَهُ اى لله تعالى مِنْهُمْ من آلهتهم مِنْ ظَهِيرٍ من عون يعينه فى تدبير أمورهما. تلخيصه انه تعالى غنى عن كل خلقه وآلهتهم عجزة عن كل شىء: وفى المثنوى
نيست خلقش را دكر كس مالكى
…
شركتش دعوى كند جز هالكى «1»
ذات او مستغنيست از ياورى
…
بلكه يابد عون ازو هر سرورى «2»
وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ وهى طلب العفو او الفضل للغير من الغير يعنى ان الشافع شفيع للمشفوع له فى طلب نجاته او زيادة ثوابه ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه واما دعاء الامة للنبى عليه السلام وسؤالهم له مقام الوسيلة فلا يطلق عليه الشفاعة اما لاشتراط العلو فى الشفيع واما لاشتراط العجز فى المشفوع له وكلاهما منتف هاهنا عِنْدَهُ تعالى كما يزعمون اى لا توجد رأسا لقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وانما علق النفي بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفي ما هو غرضهم من وقوعها إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا تنفع الشفاعة فى حال من الأحوال الا كائنة لمن اذن له اى لاجله وفى شأنه من المستحقين للشفاعة واما من عداهم من غير المستحقين لها فلا تنفعهم أصلا وان فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء إذ لم يأذن لهم فى شفاعتهم بل فى شفاعة غيرهم فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء بعبارة النص ومن شفاعة الأصنام بدلالته إذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها فلان يحرموها من جهة العجزة عنها اولى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ التفزيع من الاضداد فانه التخويف وازالة الخوف والفزع: وبالفارسية [بترسانيدن واندوه وابردن] وهذا يعدى بعن كما فى هذا المقام والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولذا لا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه والمعنى حتى إذا ازيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين واما الكفرة فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بألف منزل وحتى غاية لما ينبىء عنه ما قبلها من الاشعار بوقوع الا لمن اذن له فانه يشعر بالاستئذان المستدعى الترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون فى موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفون على وجل وفزع زمانا طويلا حتى إذا ازيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتي وظهرت لهم تباشير الاجابة قالُوا اى المشفوع لهم إذ هم المحتاجون الى الاذن والمهتمون بامره ماذا [چهـ چيز] قالَ رَبُّكُمْ اى فى شأن الاذن قالُوا اى الشفعاء لانهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة الْحَقَّ اى قال ربنا القول الحق وهو الاذن فى الشفاعة للمستحقين لها وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ من
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ
(2)
لم أجد
تمام كلام الشفعاء قالوه اعترافا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر وإذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو إضافي لا مطلق والتخلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الأمور والبعد عن سفسافها وفى الحديث (ان الله يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها) وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان: قال الصائب
چون بسير لا مكان خود ميروم از خويشتن
…
همچوهمت توسنى در زير زين داريم ما
وخاصية هذا الاسم الرفع عن أسافل الأمور الى أعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل الله تعالى واما الكبير فهو الذي يحتقر كل شىء فى جنب كبريائه وقيل فى معنى الله اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه غيره قال بعض الكبار معنى قول المصلى الله اكبر بلسان الظاهر الله اكبر ان يقيد ربى حال من الأحوال بل هو تعالى فى كل الأحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلّم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام وأكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح وفى الأربعين الادريسية يا كبير أنت الذي لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردي إذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا قُلْ مَنْ استفهام بمعنى [كه] بالفارسية يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ بانزال المطر وَالْأَرْضِ بإخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الإقرار بان آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ
…
فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الإلزام قيل له عليه السلام قُلِ اللَّهُ يرزقكم إذ لا جواب سواه عندهم ايضا اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الأقوات والاطعمة المتعلقة بالأبدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالأرواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة) اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث (من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه واجرى ينابيع الحكمة من قلبه) وفى الحديث (ان لله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من أكل حراما لم يقبل منه صرف
ولا عدل) اى نافلة وفريضة [وكفته اند از پاكى مطعم وحلالى قوت صفاى دل خيزد واز صفاى دل نور معرفت افزايد وبا نور معرفت مكاشفات ومنازلات در پيوندد] : وفى المثنوى
لقمه كان نور افزود وكمال
…
آن بود آورده از كسب حلال
روغنى كايد چراغ ما كشد
…
آب خوانش چون چراغى را كشد
علم وحكمت زايد از لقمه حلال
…
عشق ورقت آيد از لقمه حلال
چون ز لقمه تو حسد بينى ودام
…
جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام
هيچ كندم كارى وجو بر دهد
…
ديده اسبى كه كره خر دهد
لقمه تخمست وبرش انديشها
…
لقمه بحر وكوهرش انديشها
زايد از لقمه حلال اندر دهان
…
ميل خدمت عزم رفتن آن جهان
وَإِنَّا [وديكر بگو با ايشان كه بدرستىء ما] أَوْ إِيَّاكُمْ عطف على اسم ان يعنى [با شما] لَعَلى هُدىً [بر راه راستيم] أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يا در كمراهى آشكار] اى وان أحد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به فى العبادة الجماد النازل فى ادنى المراتب الامكانية لعلى أحد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو فى الضلال ابلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الألد ونحوه قول الرجل فى التعريف لصاحبه الله يعلم ان أحدنا لكاذب: يعنى [اين سخن چنانست دو كس در خصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد از ما يكى دروغ زنست ناچار ومقصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را] الله يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب وأو هاهنا لمجرد إبهام واظهار نصفة لا للشك والتشكيك وقال بعضهم أو هاهنا بمعنى الواو: يعنى انا وإياكم لعلى هدى ان آمنا او فى ضلال مبين ان لم نؤمن انتهى واختلاف الجارين للايذان بان الهادي الذي هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الأشياء ويتطلع عليها او ركب فرسا جوادا يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيأ ولا يدرى اين يتوجه او متردى فى بئر عميق او محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا [الاجرام: جرم كردن] والجرم بالضم الذنب وأصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه كما فى المفردات اى فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت وهذا ابلغ فى الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث أسند فيه الاجرام وان أريد به الزلة وترك الاولى الى أنفسهم ومطلق العمل الى المخاطبين مع ان أعمالهم اكبر الكبائر قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا يوم القيامة عند الحشر والحساب ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ [الفتح: كشادن وحكم كردن] اى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بان يدخل المحقين الجنة
والمبطلين النار وَهُوَ الْفَتَّاحُ الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة اى المشكلة الْعَلِيمُ بما ينبغى ان يقضى به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شىء من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك قال الزروقى الفتاح المتفضل بإظهار الخير والسعة على اثر ضيق وانغلاق باب للارواح والأشباح فى الأمور الدنيوية والاخروية وقال بعض المشايخ الفتاح من الفتح وهو الإفراج عن الضيق كالذى يفرج تضايق الخصمين فى الحق بحكمه والذي يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله قال الامام الغزالي رحمه الله الفتاح هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لانبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه ويقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ويفتح لهم الأبواب الى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالاحرى ان يكون فتاحا وينبغى ان يتعطش العبد الى ان يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الالهية وان يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية ليكون له حظ من اسم الفتاح وخاصية هذا الاسم تيسير الأمور وتنوير القلب والتمكين من اسباب الفتح فمن قرأه فى اثر صلاة الفجر احدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر امره وفيه تيسير الرزق وغيره والعليم مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف انه تعالى هو العالم بكل شىء راقبه فى كل شىء واكتفى بعلمه فى كل شىء فكان واثقا به عند كل شىء ومتوجها له بكل شىء قال ابن عطاء الله متى آلمك عدم اقبال الناس عليك او توجههم بالذم إليك فارجع الى علم الله فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف الله حق معرفته على الوجه الذي يليق به وفى شمس المعارف من انبهم عليه امر او كشف سر من اسرار الله فليدم عليه فانه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وان أراد فتح باب الصفة الالهية فتح له باب من العلم والعمل قُلْ أَرُونِيَ [بنماييد بمن] الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ اى ألحقتموهم: يعنى [بربسته آيد] قال فى تاج المصادر [الإلحاق: در رسيدن ودر رسانيدن] بِهِ تعالى شُرَكاءَ أريد بامرهم اراءة الأصنام مع كونها بمرأى منه عليه السلام اظهار خطأهم العظيم واطلاعهم على بطلان رأيهم اى ارونيها لا نظر بأى صفة الحقتموها بالله الذي ليس كمثله شىء مع استحقاق العبادة هل يخلقون وهل يرزقون وفيه مزيد تبكيت لهم بعد الزام الحجة عليهم كَلَّا ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة كما قال ابراهيم عليه السلام أف لكم ولما تعبدون بعد ما حجهم يعنى: [اين انبازى درست نيست] بَلْ هُوَ اى الله وحده او الشان كما قال هو الله أحد اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فاين شركاؤكم التي هى اخس الأشياء وأذلها من هذه الرتبة العالية: يعنى [بس كه با او دم شركت تواند زد وحده لا شريك له صفتش وهو الفرد اصل معرفتش شرك را سوى وحدتش ده نه عقل از كنه ذاتش آگه نه هست در راه كبريا وجلال شرك نالائق وشريك محال] والتقرب باسم العزيز فى التمسك
بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق فان العز فيه ومن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون والتقرب باسم الحكيم ان تراعى حكمته فى الأمور فتجرى عليها مقدما ما جاء شرعا ثم عادة سلمت من معارض شرعى وخاصيته دفع الدواهي وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب من الحكمة والحكمة فى حقنا إصابة الحق فى القول والعمل وفى حق الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام قال بعضهم الحكمة تقال بالاشتراك على معنيين. الاول كون الحكيم بحيث يعلم الأشياء على ما هى عليه فى نفس الأمر. والثاني كونه بحيث تصدر عنه الافعال المحكمة الجامعة وقد سبق باقى البيان فى تفسير سورة لقمان ومن الله العون على تحصيل العلم والاجتهاد فى العمل ومعرفة الأشياء على ما هى عليه وَما أَرْسَلْناكَ يا محمد اى ما بعثناك: والإرسال بالفارسية [فرستادن] إِلَّا إرسالا كَافَّةً عامة شاملة لِلنَّاسِ محيطة بأحمرهم وأسودهم من الكف بمعنى المنع لانها إذا عمتهم وشملتهم فقد كفتهم ان يخرج منها أحد منهم فانتصاب كافة على انها صفة مصدر محذوف والتاء للتأنيث والجار متعلق بها ويجوز ان تكون حالا من الكاف والتاء للمبالغة كتاء علامة اى ما أرسلناك فى حال من الأحوال الا حال كونك جامعا لهم فى الإبلاغ لان الكف يلزم الجمع وفى كشف الاسرار الكافة هى الجامعة للشىء المانعة له عن التفرق ومنه الكفاف من العيش وقولك كف يدك اى اجمعها إليك ولا يجوز ان يكون حالا من الناس لامتناع تقدم الحال على صاحبها المجرور كامتناع تقدم المجرور على الجار قال الراغب وما أرسلناك الا كافا لهم عن المعاصي والتاء فيه للمبالغة انتهى بَشِيراً حال كونك بشيرا بالفارسية [مژده دهنده] للمؤمنين بالجنة وللعاشقين بالرؤية وَنَذِيراً وحال كونك منذرا بالفارسية [بيم كننده] للكافرين بالنار وللمنكرين بالحجاب وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك فيحملهم جهلهم على المخالفة والعصيان وكرر ذكر الناس تخصيصا للجهل بنعمتي البشارة والنذارة ونعمة الرسالة بهم وانهم هم الذين لا يعلمون فضل الله بذلك عليهم ولا يشكرونه وذلك لان العقل لا يستقل بإدراك جميع الأمور الدنيوية والاخروية والتمييز بين المضار والمنافع فاحتاج الناس الى التبشير والانذار وبيان المشكلات من جهة اهل الوحى قال صاحب كشف الاسرار [صديق صديقان عالم كرد شراك نعلين چاكران وى بود وبيكانكان منكران او را كاذب ميكفتند صداى وحي غيب عاشق سمع عزيز وى بود او را كاهى ميخواندند عقول همه عقول عقلاء عالم از ادراك نور شراك غرا وعاجز بود وكافران نام او ديوانه نهادند آرى ديدهاى ايشان بحكم لطف ازل توتياى صدق نيافته وبچشمهاى ايشان كحل اقبال حق نرسيده واز آنست كه او را نشناختند] ودلت الآية على عموم رسالته وشمول بعثته وفى الحديث (فضلت على الأنبياء
بست أعطيت جوامع الكلم) وهى ما يكون ألفاظه قليلة ومعانيه كثيرة (ونصرت بالرعب) يعنى نصرنى الله بإلقاء الخوف فى قلوب أعدائي (من مسيرة شهر بينى وبينهم) وجعل الغاية شهرا لانه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه المحاربين له اكثر من شهر (وأحلت لى الغنائم) يعنى ان من قبله من الأمم كانوا إذا غنموا الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الأنبياء فخص نبينا عليه السلام بأخذ الخمس والصفي وإذا غنموا غيرها من الامتعة والاطعمة والأموال جمعوه فتجيىء نار بيضاء من السماء فتحرقه حيث لا غلول وخص هذه الامة المرحومة بالقسمة بينهم كاكل لحم القربان فان الله أحله لهم زيادة فى أرزاقهم ولم يحله لمن قبلهم من الأمم (وجعلت لى الأرض طهورا ومسجدا) يعنى أباح الله لامتى الصلاة حيث كانوا تخفيفا لهم وأباح التيمم بالتراب عند فقد الماء ولم يبح الصلاة للامم الماضية الا فى كنائسهم ولم يجز التطهر لهم الا بالماء (وأرسلت الى الخلق كافة) اى فى زمنه وغيره ممن تقدم او تأخر بخلاف رسالة نوح عليه السلام فانها وان كانت عامة
لجميع اهل الأرض لكنها خصت بزمانه قال فى انسان العيون والخلق يشتمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول اى إرساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وزيد على ذلك انه مرسل الى نفسه وذهب جمع الى انه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقي والجلال المحلى وحكى الفخر الرازي فى تفسيره والبرهان النسفي فيه الإجماع فيكون قوله عليه السلام (أرسلت الى الخلق كافة) وقوله تعالى (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) من العام المخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان رضى الله عنه إذا كان الرجل فى ارض واقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لانه يجوز ان يكون ذلك صادرا عن بعثته إليهم يقول الفقير دل كونه أفضل المخلوقات على عموم بعثته لجميع الموجودات ولذا بشر بمولده اهل الأرض والسماء وسلموا عليه حتى الجماد بفصيح الأداء فهو رحمة للعالمين ورسول الى الخلق أجمعين: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
داعىء ذرات بود آن پاك ذات
…
در كفش تسبيح از ان كفتى حصات
قال بعضهم
ترا دادند منشور سعادت
…
وزان پس نوع انسان آفريدند
پرى را جمله در خيل تو كردند
…
پس آنگاهى سليمان آفريدند
وختم به النبيون اى فلا نبى بعده لا مشرعا ولا متابعا كما بين فى سورة الأحزاب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان إرسال ماهية وجودك التي عبرت عنها مرة بنوري وتارة بروحى من كتم العدم الى عالم الوجود لم يكن منا الا لتكون بشيرا ونذيرا للناس كافة من اهل الأولين والآخرين والأنبياء والمرسلين وان لم يخلقوا بعد لاحتياجهم لك من بدء الوجود فى هذا الشأن وغيره الى الابد كما قال صلى الله عليه وسلم (الناس محتاجون الى شفاعتى حتى ابى
ابراهيم) فاما فى بدء وجودهم فالارواح لما حصلت فى عالم الأرواح باشارة كن تابعة لروحك احتاجت الى ان تكون لها بشيرا ونذيرا لتعلقها بالأجسام لانها علوية بالطبع لطيفة نورانية والأجسام سفلية بالطبع كثيفة ظلمانية لا تتعلق بها ولا تميل إليها لمضادة بينهما فتحتاج الى بشير يبشرها بحصول كمال لها عند الاتصال بها لترغب إليها وتحتاج الى نذير ينذرها بانها ان لم تتعلق بالأجسام تحرم من كمالها وتبقى ناقصة غير كاملة كمثل حبة فيها شجرة مركوزة بالقوة فان تزرع وترب بالماء تخرج الشجرة من القوة الى الفعل الى ان تبلغ كمال شجرة مثمرة فالروح بمثابة الأكار المربى فبعد تعلق الروح بالقالب واطمئنانه واتصافه بصفته يحتاج الى بشير بحسب مقامه يبشره بنعيم الجنة وملك لا يبلى ثم يبشره بقرب الحق تعالى ويشوقه الى جماله ويعده بوصاله ونذير ينذره اولا بنار جهنم ثم يوعده بالبعد عن الحق ثم بالقطيعة والهجران وإذا أمعنت النظر وجدت شجرة الموجودات منبتة من بذر روحه صلى الله عليه وسلم وهو ثمرة هذه الشجرة من جميع الأنبياء والمرسلين وهم وان كانوا ثمرة هذه الشجرة ايضا ولكن وجدوا هذه المرتبة بتبعيته كما انه من بذر واحد يظهر على الشجرة ثمار كثيرة بتبعية ذلك البذر الواحد فيجد كل بشير ونذير فرعا لاصل بشيريته ونذيريته والذي يدل على هذا التحقيق قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) دخلت شجرات الموجودات كلها تحت الخطاب وبقوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يشير الى ان اكثر الناس الذين هم اجزاء وجود الشجرة وما وصلوا الى رتبة الثمرية لا يعلمون حقيقة ما قررنا لان احوال الثمرة ليست معلومة للشجرة الا لثمرة مثلها فى وصفها لتكون واقفة بحالها نداند آدم كامل جز آدم وَيَقُولُونَ اى المشركون من فرط جهلهم وغاية غيهم مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به بطريق الاستهزاء مَتى [كى باشد] هذَا الْوَعْدُ المبشر به والمنذر عنه يعنى الجنة والنار إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعوى الوقوع والوجود قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ اى وعد يوم وهو يوم البعث مصدر ميمى لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ اى عن ذلك الميعاد عند مفاجأته فالجملة صفة للميعاد ساعَةً [مقدار اندك از زمان] وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [الاستئخار: پس شدن. والاستقدام: پيش شدن] وفى هذا الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واستعجالهم فيما وعدوهم من رتبة الثمرية يعنى متى نصل الى الكمال الذي بشرتمونا به وبقوله (قُلْ لَكُمْ) الى آخره يجيبهم كما ان لثمرة كل شجرة وقتا معلوما لادراكها وبلوغها الى كمالها كذلك لكل سالك وقت معلوم لبلوغه الى رتبة كماله كما قال تعالى (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ولهذا السر قال تعالى مع حبيبه عليه السلام (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) هذا يشير الى ان لنيل كل مقام صبرا مناسبا لذلك المقام كما ان النبي عليه السلام لما كان من اولى العزم من الرسل امر بصبر اولى العزم من الرسل كما قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره
صبر آرد آرزو را نى شتاب
…
صبر كن والله اعلم بالصواب
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفار قريش لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ الذي ينزل على محمد وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى ولا بما نزل قبله من الكتب القديمة الدالة على البعث كالتوراة والإنجيل قال فى كشف الاسرار [چشمى كه مستعمل شده مملكت شيطان باشد ما را چون شناسد. دلى كه ملوث تصرف ديو بود از كجا جلال عزت قرآن بداند. دلى بايد بضمان أمان وحرم كرم حق پناه يافته تا راه بر رسالت ونبوت ما برد. شمعى بايد بزلال اقبال ازل شسته تا جلال عزت قرآن او را بخود راه دهد. ديده بايد از رمص كفر خلاص يافته واز خواب شهوت بيدار شده تا معجزات وآيات ما بيند ودريابد. اى جوانمرد هر كه جمالى ندارد كه با سلطان نديمى كند چهـ كند تا كلخانيانرا حريقى نكند]
در مصطبها هميشه فراشم من
…
شايسته صومعه كجا باشم من «1»
هر چند قلندرى وقلاشم من
…
تخمى باميد درد مى پاشم من
وَلَوْ تَرى يا محمد او يا من يليق بالخطاب إِذِ الظَّالِمُونَ المنكرون للبعث لانهم ظلموا بان وضعوا الإنكار موضع الإقرار مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى محبوسون فى موقف المحاسبة على أطراف أناملهم وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا شنيعا تقصر العبارة عن تصويره: يعنى [هر آينه به بينى امرى صعب وكارى دشوار] وانما دخلت لو على المضارع مع انها للشرط فى الماضي لتنزيله منزلة الماضي لان المترقب فى اخبار الله كالماضى المقطوع به فى تحقق وقوعه او لاستحضار صورة الرؤية ليشاهدها المخاطب يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ اى يرد من رجع رجعا بمعنى رد إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ اى يتحاورون ويتراجعون القول ويتجاذبون أطراف المجادلة: وبالفارسية [محاوره ميكنند سخن بر هم ميكردانند وجواب ميكويند] ثم أبدل منه قوله يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الاستضعاف: ضعيف شمردن] اى يقول الاتباع الذين عدوا ضعفاء وقهروا: وبالفارسية [زبون وبيچاره كرفتكان] لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا [سركشى ميكردند در دنيا] اى للرؤساء الذين بالغوا فى الكبر والتعظم عن عبادة الله وقبول قوله المنزل على أنبيائه واستتبعوا الضعفاء فى الغى والضلال لَوْلا أَنْتُمْ اى لولا اضلالكم وصدكم لنا عن الايمان لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ اى أنتم منعتمونا من الايمان واتباع الرسول كأنه قيل فماذا قال الذين استكبروا فقيل قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا منكرين لكونهم الصادين لهم عن الايمان مثبتين ذلك لانفسهم اى المستضعفين أَنَحْنُ [آيا ما] صَدَدْناكُمْ منعناكم وصرفناكم عَنِ الْهُدى [از قبول ايمان وهدايت] بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ اى الهدى اى لم نصدكم عنه كقولك ما انا أقلت هذا تريد لم اقله مع انه مقول لغيرى فان دخول همزة الاستفهام الإنكاري على الضمير يفيد نفى الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره كما قال بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ فى الاجرام فبسبب ذلك صددتم أنفسكم عن الايمان وآثرتم التقليد وفى هذا تنبيه للكفار على ان طاعة بعضهم لبعض فى الدنيا تصير سبب عداوة فى الآخرة وتبرى بعضهم من بعض وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا مجيبين لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه
عطف على الجملة الاستئنافية وإضراب على اضرابهم وابطال له بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم إيانا على الشرك والأوزار فحذف المضاف اليه وأقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله «يا سارق الليلة اهل الدار» او جعل ليلهم ونهارهم ما كرين مجازا إِذْ تَأْمُرُونَنا ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت أمركم لنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس أمرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أي نعمة واما امور اخر مقارنه للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ الندامة التحسر فى امر فائت اى أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال حين ما نفعتهم الندامة وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [سرزنش كردن] او أظهروها فانه من الاضداد إذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى أشكيته وهو المناسب لحالهم وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا يقال فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشيء ومنه الغل للماء الجاري خص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى أعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وإيراد المستقبل بلفظ الماضي من جهة تحقق وقوعه والإظهار فى موضع الإضمار حيث لم يقل فى أعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصي والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا أنفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى وهو معتاد بين الظلمة وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق كما فى الكبرى. ولا يكره ان يجعل قيدا فى رجل عبده لانه سنة المسلمين فى السفهاء واهل الفساد فلا يكره فى العبد إذ فيه تحرز عن إباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه قال فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى إطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فى ادب القاضي للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [تخته كله] ويجوز ان تكون الاطافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ من القرى: وبالفارسية [نفرستاديم در هيچ ديهى وشهرى] قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقرى أهلها وتجمعهم مِنْ نَذِيرٍ نبى ينذر أهلها بالعذاب إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه وأترفته النعمة أطغته اى قال رؤساء تلك القرية المتكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من التوحيد
والايمان كافِرُونَ منكرون على مقابلة الجمع بالجمع وهذه الآية جاءت لتسلية النبي عليه السلام اى يا محمد هذه سيرة اغنياء الأمم الماضية فلا يهمك امر أكابر قومك فتخصيص المتنعمين بالتكذيب مع اشتراك الكل فيه اما لانهم المتبوعون او لان الداعي المعظم الى التكذيب والإنكار هو التنعم المستتبع للاستكبار وَقالُوا اى الكفار المترفون للفقراء المؤمنين فخرا بزخارف الدنيا وبما هو فتنة لهم نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً منكم فى الدنيا وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فى الآخرة على تقدير وقوعها لان المكرم فى الدنيا لا يهان فى الآخرة قُلْ يا محمد ردا عليهم إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ويوسعه لِمَنْ يَشاءُ ان يبسطه له ويوسعه من مؤمن وكافر وَيَقْدِرُ اى يضيق على من يشاء ان يقدره عليه ويضيقه من مؤمن وكافر حسب اقتضاء مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا ينقاس على ذلك امر الثواب والعقاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها فليس فى التوسيع دلالة على الإكرام كما انه ليس فى التضييق دلالة على الاهانة وفى الحديث (الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر)
أديم زمين سفره عام اوست
…
برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ وهم اهل الغفلة والخذلان لا يَعْلَمُونَ حكمة البسط والقدر فيزعمون ان مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الذل والهوان ولا يدرون ان الاول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثاني بطريق الابتلاء ورفع الدرجات قال الصائب
نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن
…
آب ونان سير كاهل ميكند مزدور را
وَما [ونيست] أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ كلام مستأنف من جهته تعالى مبالغة فى تحقيق الحق اى وما جماعة أموالكم وأولادكم ايها الناس بِالَّتِي بالجماعة التي فان الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء فى حكم التأنيث او بالخصلة التي فيكون تأنيث الموصول باعتبار تأنيث الصفة المحذوفة تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى نصب مصدرا بتقربكم كانبتكم من الأرض نباتا والزلفى والزلفة والقربى والقربة بمعنى واحد وقال الأخفش زلفى اسم مصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا تقريبا إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً استثناء من مفعول تقربكم اى وما الأموال والأولاد تقرب أحدا الا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله فى سبيل الله وعلم أولاده الخير ورباهم على الصلاح والطاعة او من مبتدأ خبره ما بعده كما فى الكواشي فيكون الاستثناء منقطعا كما فى فتح الرحمن فَأُولئِكَ المؤمنون العاملون ثابت لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ على ان الجار والمجرور خبر لما بعده والجملة خبر لاولئك واضافة الجزاء الى الضعف من اضافة المصدر الى المفعول أصله فاولئك لهم ان يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف ثم جزاء الضعف ومعناه ان يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرا فما فوقها الى سبعمائة الى ما لا يحصى بِما عَمِلُوا بسبب ما عملوا من الصالحات وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ اى غرفات الجنة وهى قصورها ومنازلها الرفيعة جمع غرفة وهى البيت فوق البناء يعنى كل بناء يكون
علوا فوق سفل آمِنُونَ من جميع المكاره والآفات كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك وفى الآية اشارة الى انه لا تستحق الزلفى عند الله بالمال والأولاد مما زين للناس حبه وحب غير الله يوجب البعد عن الله كما قال صلى الله عليه وسلم (حبك الشيء يعمى ويصم) يعنى يعميك عن رؤية غيره ويصمك عن دعوة غيره وهذا امارة كمال البعد فان كمال البعد يورث العمى والصمم ولكن من موجبات القربة الأعمال الصالحة والأحوال الصافية والأنفاس الزكية بل العناية السابقة والهداية اللاحقة والرعاية الصادقة فاهل هذه الأسباب هم اهل الدرجات والا من من الهجران والقطيعة واما المنقطعون عن هذه الأسباب المفتخرون بما لا ينفع يوم الحساب وهم اهل الغفلات والدعوى والترهات فلهم الدركات والخوف الغالب فى جميع الحالات: قال الصائب
نميدانند اهل غفلت انجام شراب آخر
…
بآتش مى روند اين غافلان از راه آب آخر
قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل أدرهم فى المنام أحب إليك أم دينار فى اليقظة قال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذي تحبه فى الدنيا كانك تحبه فى المنام والذي لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فى داره فوجده فى بيت منخفض السطح وقد اثر فى جنبه الحصير فقال ما هذا قال (يا عمر اما تأثير الحصير فى جنبى فحبذا خشونة بعدها لين واما السطح فسطح القبر يكون اخفض من هذا فنحن تركنا الدنيا لاهلها وهم تركوا لنا الآخرة وما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها) فالعاقل من لم يغتر بزينة الدنيا ويسعى الى مرضاة المولى
هر كه كوته كند بدنيا دست
…
پر بر آرد چوجعفر طيار
فالاولى ان يأخذ الباقي ويترك الفاني- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حقيقة الحال فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت فالانسان لم يجيىء الى هذه الدار المزينة الا للامتحان فانه كالعروس وهى لا تلتفت الى ما ينثر عليها فان التفتت فمن دناءة الهمة ونقصان العقل فاليوم يوم الفرصة وتدارك الزاد لسفر المعاد
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست
…
زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا
نسأل الله سبحانه ان يقطع رجاءنا من غيره مطلقا ويجعل عزمنا اليه صدقا واقبالنا عليه حقا وَالَّذِينَ هم كفار قريش يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ويجتهدون فى ابطالها حال كونهم مُعاجِزِينَ ظانين انهم يعجزوننا ويفوتوننا فلا يكون لهم مؤاخذة بمقابلة ذلك قال فى تاج المصادر [المعاجزة: بر كسى پيشى كرفتن در كارى] وقد سبق فى أوائل السورة أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ من الإحضار وهو بالفارسية [حاضر كردن] اى مدخلون لا يغيبون عنه ولا ينفعهم ما اعتمدوا عليه وفى التأويلات النجمية
هم الذين لا يحترمون الأنبياء والأولياء ولا يرعون حق الله فى السر فهم فى عذاب الاعتراض عليهم وعذاب الوقوع بشؤم ذلك فى ارتكاب محارم الله ثم فى عذاب السقوط من عين الحق: وفى المثنوى
چون خدا خواهد كه پرده كس درد
…
ميلش اندر طعنه پاكان برد «1»
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ اى يوسعه عليه تارة وَيَقْدِرُ لَهُ اى يضيقه عليه تارة اخرى ابتلاء وحكمة فهذا فى شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق فى شخصين فلا تكرار وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ما موصولة بمعنى الذي: وبالفارسية [آنچهـ] مبتدأ خبره قوله فَهُوَ يُخْلِفُهُ او شرطية بمعنى أي شىء: وبالفارسية [هر چهـ] نصب بقوله أنفقتم ومن شىء بيان له وجواب الشرط قوله فهو يخلفه [والانفاق: نفقه كردن] يقال نفق الشيء مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق البيع نفاقا واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا واما بالفناء نحو نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها [والأخلاف: بدل باز دادن از مال وفرزند] يقال اخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه والمعنى الذي او أي شىء أنفقتم فى طاعة الله وطريق الخير والبر فالله تعالى يعطى خلفا له وعوضا منه اما فى الدنيا بالمال او بالقناعة التي هى كنز لا يفنى واما فى الآخرة بالثواب والنعيم او فيهما جميعا فلا تخشوا الفقر وأنفقوا فى سبيل الله وتعرضوا لالطاف الله عاجلا وآجلا وفى التأويلات النجمية وما أنفقتم من شىء من الموجود او الوجود فهو يخلفه من الموجود الفاني بالموجود الباقي ومن الوجود المجازى بالوجود الحقيقي فمن الخلف فى الدنيا الرضى بالعدم والفقر صورة ومعنى وهو أتم من السرور بالموجود والوجود
افتد هماى دولت اگر در كمند ما
…
از همت بلند رها ميكنيم ما
وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اى خير من اعطى الرزق فان غيره كالسلطان والسيد والرجل بالنسبة الى جنده وعبده وعياله واسطة فى إيصال رزقه ولا حقيقة لرازقيته والله تعالى يعطى الكل من خزائن لا تفنى وفى التأويلات النجمية يشبر الى انه خير المنفقين لان خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة فما ينفق كل منفق فى النفقة فهو فان وما ينفق الله من نفقة ليخلفه بها فهى باقية والباقيات خير من الفانيات انتهى قال فى بحر العلوم لما كانت اقامة مصالح العباد من أجل الطاعات واشرف العبادات لانها من وظيفة الأنبياء والصالحين دلهم الله فى الآية على طرف منها حثا عليها كما قال عليه السلام حثا لامته عليها (الخلق كلهم عيال الله وأحبهم اليه انفعهم لعياله) قال العسكري هذا على التوسع والمجاز كأن الله تعالى لما كان المتضمن لارزاق العباد والكافل بها كان الخلق كالعيال له وفى الحديث (ان لله املاكا خلقهم كيف يشاء وصورهم على ما يشاء تحت عرشه ألهمهم ان ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فى كل يوم مرتين ألا من وسع على عياله وجيرانه وسع الله عليه فى الدنيا والآخرة ألا من ضيق ضيق الله عليه ألا ان الله قد اعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارا) والقنطار كجبل أحد وزنا (أنفقوا ولا تخشوا ولا تضيقوا ولا تقتروا وليكن اكثر نفقتكم يوم الجمعة) وفى الحديث (كل معروف صدقة وكل ما أنفق الرجل على نفسه واهله كتب له به صدقة
(1) دراوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن شخص كستاخ إلخ
وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة) ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الأموال والأقوال والافعال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد الحقانى والمعرفة الذاتية أفضل واشرف لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلوب والأرواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث (ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة) وفى الحديث (ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا) : قال الحافظ
احوال كنج قارون كايام داد بر باد
…
با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد
وفى المثنوى
آن درم دادن سخى را لايقست
…
جان سپردن خود سخاى عاشقست «1»
نان دهى از بهر حق نانت دهند
…
جان دهى از بهر حق جانت دهند
هر كه كارد كردد انبارش تهى
…
ليكش اندر مزرعه باشد بهى
وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد
…
اشپش وموش وحوادثهاش خورد
جمله در بازار زان كشتند بند
…
تا چهـ سود افتاد مال خود دهند «2»
وفى الحديث (يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين) قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرح هذا الحديث اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس. فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه. ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعم بل للانفاق وقت الحاجة. ومنهم من يقتصر على أداء الواجب قال الغزالي رحمه الله الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد أسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا الله وإياكم من اهل البذل والإحسان بلا إمساك وادّخار واخلف خيرا مما أنفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم جَمِيعاً مجتمعين لا يشد أحد منهم وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات الله
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان قربانى كردن سروان عرب باميد قبول افتادن
(2)
در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن مهمان ايشانرا ومثل آوردن بدفع حارس إلخ
لذلك سترهم فان قلت لم لم يقولوا ذلك فى حق الجن مع انهم مستورون ايضا عن أعين الناس قلت لان الملائكة سماوية والجن ارضية وهم اعتقدوا ان الله تعالى فى السماء ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ توبيخا للمشركين العابدين وإقناطا لهم من شفاعتهم كما زعموا أَهؤُلاءِ اى الكفار: وبالفارسية [آيا اين كروه اند كه] إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ فى الدنيا وإياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لانهم اشرف شركائهم بطريق الاولوية قالُوا متنزهين عن ذلك وهو استئناف بيانى سُبْحانَكَ تنزيها لك عن الشرك وفى كشف الاسرار [پاكى ترا است از آنكه غير ترا پرستند] أَنْتَ وَلِيُّنا الولي خلاف العدو اى أنت الذي نواليه مِنْ دُونِهِمْ [بجز مشركان يعنى ميان ايشان هيچ دوستى نيست وحاشا كه بپرستش ايشان رضا داده باشيم] ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم بَلْ كانُوا من جهلهم وغوايتهم يَعْبُدُونَ الْجِنَّ اى الشياطين حيث أطاعوهم فى عبادة غير الله وقيل كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون انهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس ولذا أطلقه بعضهم على الملائكة ايضا أَكْثَرُهُمْ الأكثر هاهنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق اى كل المشركين وقال بعضهم الضمير للانس والأكثر بمعناه اى اكثر الانس بِهِمْ اى الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات الله مُؤْمِنُونَ مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون إليهم من انهم يشفعون لهم وفى الآية اشارة الى انه كما يعبد قوم الملائكة بقول الشيطان وتتبرأ الملائكة منهم يوم القيامة كذلك من يعبد الله بقول الوالدين او الاستاذين او اهل بلده او بالتعصب والهوى كما يعبده اليهود والنصارى والصابئون والمجوس واهل البدع والأهواء يتبرأ الله منه ويقول انا بريىء من ان اعبد بقول الغير وبقول من يعبدنى بالهوى او باعانة اهل الهوى فان من عبدنى بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدنى باعانة اهل الهوى إياه على ان يعبدنى فقد عبد اهل الهوى لانه ما عبدنى مخلصا كما أمرته ولهذا المعنى أمرنا الله ان نقول فى عبادته فى الصلاة إياك نعبد اى لم نعبد غيرك وإياك نستعين على عبادتك باعانتك لا باعانة غيرك وبقوله (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) يشير الى ان اكثر مدعى الإسلام باهل الهوى مؤمنون اى بتقليدهم وتصديقهم فيما ينتمون اليه من البدع والاعتقاد السوء كذا فى التأويلات النجمية: قال الصائب
چهـ قدر راه بتقليد توان پيمودن
…
رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را
فَالْيَوْمَ اى يوم الحشر لا يَمْلِكُ [الملك بالحركات الثلاث: خداوند شدن] بَعْضُكُمْ يعنى المعبودين لِبَعْضٍ يعنى العابدين نَفْعاً بالشفاعة وَلا ضَرًّا اى دفع ضر وهو العذاب على تقدير المضاف إذ الأمر فيه كله لله لان الدار دار جزاء ولا يجازى الخلق أحد غير الله قال فى الإرشاد تقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الإطلاق لانعقاد رجائهم على تحقيق النفع يومئذ وهذا الكلام من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبري مما نسب إليهم الكفرة يخاطبون على رؤس الاشهاد إظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها
من الحكم على جواب الملائكة فانه محقق أجابوا بذلك أم لابل لترتيب الاخبار به عليه وَنَقُولُ فى الآخرة لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر والتكذيب فوضعوهما موضع الايمان والتصديق وهو عطف على يقول للملائكة لا على يملك كما قيل لانه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكي وهذا حكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة ذُوقُوا الذوق فى الأصل وان كان فيما يقل تناوله كالاكل فيما يكثر تناوله الا انه مستصلح للكثير عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ فى الدنيا بِها متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ وتصرون على القول بانها غير كائنة فقد وردتموها وبطل ظنكم ودعواكم وفى التأويلات يشير الى ان من علق قلبه بالاغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالأمثال والاشكال نزع الله الرحمة من قلوبهم فتتركهم وتشوش أحوالهم فلا لهم من الاشكال والأمثال معونة ولا لهم من عقولهم فى أمورهم استبصار ولا الى الله رجوع الا فى الدنيا فان رجعوا اليه فى الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم ويذيقهم عذاب نار البعد والقطيعة لكونهم ظالمين اى عابدين غير الله تعالى [احمد حرب كفت خداى تعالى خلق را آفريده تا او را بيكانكى شناسند وشريك نسازند ورزق داد تا او را برزاقى بدانند وميراند تا او را بقهارى شناسند «ألا ترى ان الموت يذل الجبابرة ويقهر الفراعنة» وزنده كردانيد تا او را بقادرى بدانند چونكه قادر مطلق اوست انسان ببايد كه عجز خود را بداند وعدم طاقت او در زير بار قهرش شناسند ورجوع كند باختيار نه باضطرار واز حق شناسد توفيق هر كار]
نكشود صائب از مدد خلق هيچ كار
…
از خلق روى خود بخدا مى كنيم ما
اعلم ان من عبد الجن وأطاع الشيطان فيما شاء وهو زوال دينه يكون عذابه فى التأبيد كعذاب إبليس ومن أطاع النفس فيما شاءت وهى المعصية يكون عذابه على الانقطاع ومن أطاع الهوى فيما شاء وهو الشهوات يكون له شدة الحساب من أجاب إبليس ذهب عنه المولى ومن أجاب النفس ذهب عنه الورع ومن أجاب الهوى ذهب عنه العقل وكان يحيى عليه السلام مع جلالة قدره وعدم همه بخطيئة يخاف من عذاب النار ويبكى فى الليل والنهار والغافل كيف يأمن من سلب الايمان مع كثرة العصيان وله عدو مثل الشيطان فلا بد من التوبة عن الميل الى غير الله تعالى فى جميع الأحوال والتضرع والبكاء فى البكر والآصال لتحصل النجاة من النيران والفوز بدرجات الجنان والتنعم بنعيم القرب وشهود الرحمن
ز پشت آينه روى مراد نتوان ديد
…
ترا كه روى بخلق است از خدا چهـ خبر
وَإِذا تُتْلى اى تقرأ قراءة متتابعة بلسان الرسول عليه السلام عَلَيْهِمْ اى على مشركى مكة آياتُنا القرآنية حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك قالُوا مشيرين الى النبي عليه السلام ما هذا إِلَّا رَجُلٌ تنكيره للتهكم والتلهي والا فرسول الله كان علما مشهورا بينهم يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ اى يمنعكم ويصرفكم عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ من الأصنام منذ ازمنة متطاولة فيستتبعكم بما يستبدعه من غير ان يكون هناك دين الهى: يعنى [مدعاى او آنست كه شما از بت پرستيدن منع كند
وبدين وآيين كه احداث كرده در آورد وتابع خود سازد] واضافة الآباء الى المخاطبين لا الى أنفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغة فى تقريرهم على الشرك وتنفيرهم عن التوحيد وَقالُوا ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التوحيد والبعث الواقع مُفْتَرىً بإسناده الى الله تعالى والافتراء الكذب عمدا قالوه عنادا ومكابرة والا فقد قال كبيرهم عتبة بن ربيعة والله ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ اى للقرآن على ان العطف لاختلاف العنوان بان يراد بالأول معناه وبالثاني نظمه المعجز ووضع المظهر موضع المضمر إظهارا للغضب عليهم ودلالة على ان هذا لا يجترئ عليه الا المتمادون فى الكفر المنهمكون فى الغى والباطل لَمَّا جاءَهُمْ من الله تعالى ومعنى التوقع فى لما انهم كذبوا به وجحدوه على البديهة ساعة أتاهم وأول ما سمعوه قبل التدبر والتأمل أَنْ بمعنى ما النافية هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته لا شبهة فيه. والسحر من سحر يسحر إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه كما فى شرح الأمالي وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثاني واختلاطته وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين أدركت امرا ما لا تشك فيه ولا هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائي انتهى قال الشيخ الشعراني فى الكبريت الأحمر هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط وَما آتَيْناهُمْ اى مشركى مكة مِنْ كُتُبٍ اى كتبا فان من الاستغراقية داخلة على المفعول لتأكيد النفي يَدْرُسُونَها يقرأونها فيها دليل على صحة الإشراك كما فى قوله تعالى (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) وقوله (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) وفى إيراد كتب بصيغة الجمع تنبيه على انه لا بد لمثل تلك الشبهة من نظائر الادلة والدرس قراءة الكتاب بامعان النظر فيه طلبا لدرك معناه والتدريس تكرير الدرس قال الراغب فى المفردات درس الشيء معناه بقي اثره وبقاء الأثر يقتضى انمحاءه فى نفسه ولذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يدعوهم الى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل ان لا وجه له بوجه من الوجوه فمن اين ذهبوا هذا المذهب الزائغ وهو تجهيل لهم وتسفيه لآرائهم ثم هددهم بقوله وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المتقدمة والقرون الماضية كما كذب قومك من قريش وَما بَلَغُوا [ونرسيدند قريش ومشركان مكه] مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ اى عشر ما آتينا أولئك من قوة الأجسام وكثرة الأموال والأولاد وطول الأعمار. فالمعشار بمعنى العشر كالمرباع بمعنى الربع قال الواحدي المعشار والعشير والعشر جزء من العشرة وقيل المعشار عشر العشر فَكَذَّبُوا رُسُلِي عطف على وكذب الذين
إلخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) إلخ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري لهم بالاستئصال والتدمير فأى شىء خطر هؤلاء بجنب أولئك فليحذروا من مثل ذلك: وبالفارسية [پس چهـ كونه بود ناپسند من ايشانرا وعذاب دادن] وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر إذا دل الناس على الله ودعاهم اليه قال أخدانهم السوء وإخوانهم الجهلة وأعوانهم الغفلة من الأقارب وأبناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم فيهم (أولئك قطاع الطريق على العباد) هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه وأعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى أموالكم ومن ذا الذي يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن أقاربه وأهاليه ويضيع أولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لاتتمم هذا الأمر ولا بدلك من الدنيا ما دمت تعيش وأمثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الإقبال على الله والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة أمرهم الا الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الأحباب: وفى المثنوى
آدمي را دشمن پنهان بسيست
…
آدمىء با حذر عاقل كسيست
قال المولى الجامى فى درة التاج
چون سكندر بقصد آب حيات
…
كرد عزم عبور بر ظلمات
بزمينى رسيد پهن وفراخ
…
راند خيل وحشم در ان كستاخ
هر كجا مى شد از يسار ويمين
…
بود پر سنكريزه روى زمين
كرد روى سخن بسوى سپاه
…
كاى همه كرده كم ز ظلمت راه
اين همه كوهر است بى شك وريب
…
كيسه تان پر كنيد ودامن وجيب
هر كرا بود شك در إسكندر
…
آن حكايت نيامدش باور
كفت در زير نعل لعل كه ديد
…
درّ وكوهر برهكذر كه شنيد
وانكه آيينه سكندر بود
…
سرّ جانش در ومصوّر بود
هر چهـ از وى شنيد باور داشت
…
آنچهـ مقدور بود از ان برداشت
چون بريدند راه تاريكى
…
تافت خورشيدشان ز نزديكى
آن يكى دست ميكزيد كه چون
…
زين كهر بر نداشتم افزون
وان دكر خون همى كريست كه آه
…
نفس وشيطان زدند بر من راه
كاشكى كز كهر بكردم بار
…
بر سكندر نكردمى انكار
تا نيفتادمى از ان تقصير
…
در حجاب وخجالت وتشوير
فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ الوعظ زجر يقترن به تخويف وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى
ما أنشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى أَنْ تَقُومُوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالأمر والاهتمام بطلب الحق لِلَّهِ لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين مَثْنى اثنين اثنين وَفُرادى واحدا واحدا قال الراغب الفرد الذي لا يختلط به غيره فهو أعم من الوتر وأخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا التفكر طلب المعنى بالقلب: يعنى [تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى] اى تتفكروا فى امره صلى الله عليه وسلم فتعلموا ما نافية بِصاحِبِكُمْ المراد الرسول عليه السلام مِنْ جِنَّةٍ اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين إذا التجئا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد إذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيها الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الا نصرة المذهب. وفى تقديم مثنى إيذان بانه أوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين إذا قعدا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من أجل الله اما غيرة واما تعظيما وقوله (مَثْنى) اى بالله ورسوله فانه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيرة نفسية وقوله (وَفُرادى) اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا إذا علقت (ما بِصاحِبِكُمْ) بمحذوف كما قدر فلا يوقف إذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تتفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لا دعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم انه عليه السلام أرجح العالمين عقلا وأصدقهم قولا وانزههم نفسا وأفضلهم علما وأحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال أَنْ ما هُوَ صاحبكم إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ مخوف لكم بلسان ينطق بالحق بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ اى قدام عذاب الآخرة ان عصيتموه لانه مبعوث فى نسم الساعة اى أولها وقربها وذلك لان النسم النفس ومن قرب منك يصل إليك نفسه وفى التأويلات النجمية (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والإنكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل
ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال قُلْ ما اى شىء سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ جعل على تبليغ الرسالة فَهُوَ لَكُمْ والمراد نفى السؤال رأسا: يعنى [هيچ اجرى نخواهم] كقول من قال لمن لم يعطه شيأ ان أعطيتني شيأ فخذه وقال بعضهم لما نزل قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال عليه السلام لمشركى مكة (لا تؤذوني فى قرابتى) فكفوا عن ذلك فلما سب آلهتهم قالوا لن ينصفنا يسألنا ان لا نؤذيه فى قرابته وهو يؤذينا بذكر آلهتنا بسوء فنزل (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) ان شئتم آذوهم وان شئتم امتنعوا إِنْ أَجْرِيَ اى ما اجرى وثوابى إِلَّا عَلَى اللَّهِ فانما اطلب ثواب الله لا عرض الدنيا وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى وفيه اشارة الى انه من شرط دعوة الخلق الى الله ان تكون خالصة لوجه الله لا يشوبها طمع فى الدنيا والآخرة: قال الشيخ سعدى قدس سره
زيان ميكند مرد تفسير دان
…
كه علم وادب ميفروشد بنان
كجا عقل با شرع فتوى دهد
…
كه اهل خرد دين بدنيا دهد
قال الامام الزروقى الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومنه عرف ان الشهيد عبد حافظ على المراقبة واتقى بعلمه ومشاهدته عن غيره قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ القذف الرمي البعيد بنحو الحجارة والسهم ويستعار لمعنى الإلقاء والباء للتعدية اى يلقى الوحى وينزله على من يجتبيه من عباده فالاجتباء ليس لعلة والاصطفاء ليس لحيلة او يرمى به الباطل فيدمغه ويزيله عَلَّامُ الْغُيُوبِ بالرفع صفة محمولة على محل ان واسمها او بدل من المستكن فى يقذف او خبر ثان لان اى عالم بطريق المبالغة بكل ما غاب عن خلقه فى السموات والأرض قولا كان او فعلا او غيرهما قال بعض الكبار من أدمن ذكر يا علام الغيوب الى ان يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما فى الضمائر وتترقى روحه الى العالم العلوي ويتحدث بامور الكائنات والحوادث. وايضا هو نافع لقوة الحفظ وزوال النسيان وفى التأويلات انما ذكر الغيوب بلفظ الجمع لانه عالم بغيب كل أحد وهو ما فى ضمير كل أحد وانه تعالى عالم بما يكون فى ضمير أولاد كل أحد الى يوم القيامة وانما قال علام بلفظ المبالغة ليتناول علم معلومات الغيوب فى الحالات المختلفة كما هى بلا تغير فى العلم عند تغير المعلومات من حال الى حال بحيث لا يشغله شأن حال عن حال قُلْ جاءَ الْحَقُّ اى الإسلام والتوحيد وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ ابدأ الشيء فعله ابتداء [والاعادة: باز كردانيدن] والمعنى زال الشرك وذهب بحيث لم يبق اثره أصلا مأخوذ من هلاك الحي فانه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالكلية- روى- ابن مسعود رضى الله عنه ان النبي عليه السلام دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول (جاء الحق وزهق الباطل قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الطريق الحق كما تزعمون وتقولون لقد ضللت حين تركت دين آبائك فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي فان وبال ضلالى عليها لانه بسببها إذ هى الحاملة عليه بالذات
والامارة بالسوء وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله وَإِنِ اهْتَدَيْتُ الى الطريق الحق فَبِما يُوحِي فبسبب ما يوحى إِلَيَّ رَبِّي من الحكمة والبيان فان الاهتداء بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى منشأ الضلالة نفس الإنسان فاذا وكلت النفس الى طبعها لا يتولد منها الا الضلالة وان الهداية من مواهب الحق تعالى ليست النفس منشأها ولذلك قال تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) إِنَّهُ تعالى سَمِيعٌ قَرِيبٌ يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وان بالغ فى اخفائهما قال بعض الكبار سميع بمنطق كل ناطق قريب لكل شىء وان كان بعيدا منه
دوست نزديكتر از من بمن است
…
وين عجبتر كه من از وى دورم
چهـ كنم با كه توان كفت كه او
…
در كنار من ومن مهجورم
قال بعضهم السميع هو الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلام وغيره وخاصية هذا الاسم اجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس خمسمائة مرة كان مجاب الدعوة وقرب الله من العبد بمعنى انه عند ظنه كما قال (انا عند ظن عبدى بي) وقال بعضهم هو قريب من الكل لظهوره على العموم وان لم يره الا اهل الخصوص لانه لا بد للرؤية من ازالة كل شىء معترض وحائل وهى حجب العبد المضافة الى نفسه وسئل الجنيد عن قرب الله من العبد فقال هو قريب لا بالاجتماع بعيد لا بالافتراق وقال القرب يورث الحياء ولذا قال بعضهم نعره كمتر زن كه نزديكست يار يشير الى حال اهل الشهود فانهم يراعون الأدب مع الله فى كل حال فلا يصيحون كما لا يصيح القريب للقريب واما اهل الحجاب فلهم ذلك لان قربهم بالهم لا بالشهود وكم من فرق بينهما وفى الآية اشارة الى انه لا يصير المرء ضالا بتضليل الآخر إياه فان الضال فى الحقيقة من خلق الله فيه الضلالة بسبب اعراضه عن الهدى كما انه لا يكون كافرا با كفار الغير إياه فان الكافر فى الحقيقة من قبل الكفر واعرض عن الايمان والى انه لا تزر وازرة وزر اخرى وان كل شاة معلقة برجلها اى كل واحد مجزى بعمله لا بعمل غيره فالصالح مجزى بأعماله الصالحة وأخلاقه الحسنة ولا ضرر له من الأعمال القبيحة لغيره وكذا الفاسق مجزى بعمله السوء ولا نفع له من صالحات غيره
هر كه او نيك ميكند يابد
…
نيك وبد هر چهـ ميكند يابد
وقيل للنابغة حين اسلم أصبوت يعنى آمنت بمحمد قال بلى غلبنى بثلاث آيات من كتاب الله فاردت ان أقول ثلاثة أبيات من الشعر على قافيتها فلما سمعت هذه الآية تعبت فيها ولم أطق فعلمت انه ليس من كلام البشر وهى هذه (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) الى قوله (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) وَلَوْ تَرى يا محمد أو يا من يفهم الخطاب ويليق به إِذْ فَزِعُوا اى حين يفزع الكفار ويخافون عند الموت او البعث او يوم بدر وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا هائلا وجيء بالماضي لان المستقبل بالنسبة الى الله تعالى كالماضى فى تحققه وعن ابن عباس رضى الله
عنهما ان ثمانين الفا وهم السفياني وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا دخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذي يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين قال الكاشفى [از تمام لشكر دو كس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى او بر قفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند] فَلا فَوْتَ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه اى فلا فوت لهم من عذاب الله ولا نجاة بهرب او تحصن ويدركهم ما فزعوا منه وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ اى من ظهر الأرض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت أقدامهم إذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من الله والجملة معطوفة على فزعوا وَقالُوا عند معاينة العذاب آمَنَّا بِهِ اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) فلا يلزم الإضمار قبل الذكر وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ التناوش بالواو التناول السهل بالفارسية [كرفتن] من النوش يقال تناوش وتناول إذا مديده الى شىء يصل اليه ومن همزه فاما انه أبدل من الواو همزة لانضمامه نحو أقتت فى وقتت وادؤر فى أدور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشيء من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذي انذرهم أيا مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد أغلقت الأبواب وندموا وقد تقطعت الأسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والألم
فخل سبيل العين بعدك للبكا
…
فليس لايام الصفاء رجوع
قال الحافظ
چوبر روى زمين باشى توانايى غنيمت دان
…
كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد
اى لا يقدر الإنسان على شىء إذا مات وصار الى تحت الأرض كما كان يقدر إذا كان فوق الأرض وهو حى وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا وَحِيلَ بَيْنَهُمْ اى أوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الايمان والنجاة من النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ اى بأشياعهم من كفرة الأمم الماضية إِنَّهُمْ كانُوا