المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الملائكة - روح البيان - جـ ٧

[إسماعيل حقي]

الفصل: ‌تفسير سورة الملائكة

فى الدنيا فِي شَكٍّ مما وجب به الايمان واليقين كالتوحيد والبعث ونزول العذاب على تقدير الإصرار مُرِيبٍ [بتهمت افكنده ودلرا مضطرب سازنده وشوراننده] قال اهل التفسير مريب موقع لهم فى الريبة والتهمة من ارابه إذا أوقعه فى الريبة او ذى ريبة من اراب الرجل إذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز فى الاسناد الا ان بينهما فرقا وهو ان المريب من الاول منقول ممن يصلح ان يكون مريبا من الاشخاص والأعيان الى المعنى وهو الشك اى يكون صفة من أوقع فى الريب حقيقة وقد جعل فى الآية صفة نفس الشك الذي هو معنى من المعاني والمريب من الثاني منقول من صاحب الشك الى الشك اى انهم كانوا فى شك ذى شك كما تقول شعر شاعر وانما الشاعر فى الحقيقة صاحب الشعر وانما أسند الشاعرية الى الشعر للمبالغة وإذا كان حال الكفرة الشك فى الدنيا فلا ينفعهم اليقين فى الآخرة لانه حاصل بعد معاينة العذاب والخروج من موطن التكليف وقد ذموا فى هذه الآيات بالشك والكفر

والرجم بالغيب فليس للمرء ان يبادر الى انكار شىء الا بعد العلم اما بالدليل او بالشهود قال فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد المبادرة الى الإنكار إذا رأى رجلا ينظر الى امرأة فى الطريق مثلا فربما يكون قاصدا خطبتها او طبيبا فلا ينبغى المبادرة للانكار الا فيما لا يتطرق اليه احتمال وهذا يغلط فيه كثير من المذنبين لا من اصحاب الدين لان صاحب الدين أول ما يحتفظ على نفسه ولا سيما فى الإنكار خاصة وقد ندبنا الحق الى حسن الظن بالناس لا الى سوء الظن فصاحب الدين لا ينكر قط مع الظن لانه يعلم ان بعض الظن اثم ويقول لعل هذا من ذلك البعض وإثمه ان ينطق به وان وافق العلم فى نفس الأمر وذلك انه ظن وما علم فنطق فيه بامر محتمل وما كان له ذلك فمعلوم ان سوء الظن بنفس الإنسان اولى من سوء ظنه بالغير وذلك لانه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة فلا يقال فى حقه ان فلانا أساء الظن بنفسه بل انه عالم بنفسه وانما عبرنا بسوء الظن بنفسه اتباعا لتعبيرنا بسوء الظن بغيره فهو من تناسب الكلام والى الآن ما رأيت أحدا من العلماء استبرأ لدينه هذا الاستبراء فالحمد لله الذي وفقنا لاستعماله انتهى كلام الشيخ فى الفتوحات

هميشه در صدد عيب جوئى خويشيم

نبوده ايم پى عيب ديكران هركز

والله الموفق لصالحات الأعمال وحسنات الأخلاق تمت سورة سبأ فى اصيل يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الاول من سنة ست عشرة ومائة والف

‌تفسير سورة الملائكة

مكية وآيها خمس وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ اى كل المحامد مختصة بالله تعالى لا تتجاوز منه الى من سواه وهو وان كان فى الحقيقة حمد الله لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه واعلم ان الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة إذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لانه سبب لانفتاح المسام اى ثقب الجسد واندفاع الابخرة المحتبسة عن الدماغ الذي فيه قوة التذكر والتفكر فهو بحران الرأس كما ان العرق

ص: 311

بحران بدن المريض ولذا أوجب الشارع الحمد للعاطس قال ابن عباس رضى الله عنهما من سبق العاطس بالحمد لله وقى وجع الرأس والأضراس ومن المحنة التجشي وفى الحديث (من عطس او تجشا فقال الحمد لله على كل حال دفع الله بها عنه سبعين داء أهونها الجذام) والتجشى تنفس المعدة: وبالفارسية [بدروغ شدن] وذلك لان التجشى انما يتولد من امتلاء المعدة من الطعام فهو من المصائب فى الدين خصوصا إذا وقع حال الصلاة ويدل عليه انه عليه السلام كان يقول عند كل مصيبة (الحمد لله على كل حال) ثم رتب الحمد على نعمة الإيجاد اولا إذ لا غاية وراءها إذ كل كمال مبنى عليها فقال فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إضافته محضة لانه بمعنى الماضي فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلا منه وهو قليل فى المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق او الشق طولا كما ذهب اليه الراغب كأنه شق العدم باخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت أدرى ما فاطر السموات حتى اختصم الىّ أعرابيان فى بئر فقال أحدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدىء ففيه اشارة الى ان أول كل شىء تعلقت به القدرة سموات الأرواح وارض النفوس واما الملائكة فقد خلقت بعد خلق أرواح الإنسان ويدل عليه تأخير ذكرهم كما قال جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا إضافته محضة ايضا على انه نعت آخر للاسم الجليل ورسلا منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضي وان كان لا يعمل عند البصريين الا معرفا باللام الا انه بالاضافة أشبه المعرف باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم ويقال لم ينزل اسرافيل على نبى الا على محمد صلى الله عليه وسلم نزل فاخبره بما هو كائن الى يوم القيامة ثم عرج وفى انسان العيون نزل عليه ستة أشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه. والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين أنبيائه والصالحين من عباده يبلغون إليهم رسالاته بالوحى والإلهام والرؤيا الصادقة قال بعض الكبار الإلقاء اما صحيح او فاسد فالصحيح الهىّ ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاما والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا أُولِي أَجْنِحَةٍ صفة لرسلا وأولوا بمعنى اصحاب اسم جمع لذو كما ان أولاء اسم جمع لذا وانما كتبت الواو بعد الالف حالتى الجر والنصب لئلا يلتبس بالى حرف الجر وانما كتبوه فى الرفع حملا عليهما. والاجنحة جمع جناح بالفارسية [پر وبال] مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ صفات لا جنحة فهى فى موضع خفض ومعناها اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة اى ذوى اجنحة متعددة متفاوتة فى العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء الى الأرض ويعرجون او يسرعون بها فان ما بين السماء والأرض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها فى بعض الأحيان فى وقت واحد ففى تعدد الاجنحة اشارة الى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى ان من الملائكة خلقا لكل منهم جناحان

ص: 312

وخلقا لكل منهم ثلاثة وخلقا آخر لكل منهم اربعة قال الكاشفى [مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع چهار چهار براى آرايش] انتهى- وروى- ان صنفا من الملائكة له ستة اجنحة بجناحين منها يلفون أجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما أمروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله تعالى ويفهم من كلام بعضهم ان الطيران بكل الاجنحة كما قال عرف تعالى الى

العباد بأفعاله وندبهم الى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والأرض وغيرهما ومنها ما سبيل إثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملائكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم وأجنحتهم وانهم كيف يطيرون بأجنحتهم الثلاثة والاربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى- وروى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق الى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الأربع انه تعالى لم يرد خصوصية الاعداد ونفى ما زاد عليها وذكر السهيلي ان المراد بالاجنحة فى حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كاجنحة الطير ولا ينافى ذلك وصف كل جناح منها بانه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما فى انسان العيون يقول الفقير لا يجوز العدول عن الظاهر مع إمكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على اثبات الاجنحة للملائكة وان لم تكن كاجنحة الطير من حيث ان الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وان كانوا روحانيين لكن لهم أجسام لطيفة فلا يمنع ان يكون للاجسام اجنحة جسمانية كما لا يمنع ان يكون للارواح اجنحة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضى الله عنه والحاصل ان المناسب لحال العلويين ان يكونوا طائرين كما ان المناسب لحال السفليين ان يكونوا سائرين ومن أمعن النظر فى خلق الأرض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا ان البراق وان كان فى صورة البغل فى الجملة لكنه لما كان علويا اثبت له الجناح نعم ان الاجنحة من قبيل الاشارة الى القوة الملكية والاشارة لا تنافى العبارة هذا وفى كشف الاسرار وردت فى عجائب صور الملائكة اخبار يقال ان حملة العرش لهم قرون وهم فى صورة الأوعال: يعنى [بزان كوهى] وفى الخبر (ان فى السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب المؤمنين) وقيل لم يجمع الله فى الأرض لشىء من خلقه بين الاجنحة والقرون والخراطيم والقوائم الا لاضعف خلقه وهو البعوض وفيه ايضا [هر چند كه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان بر ايشان شرف دارند] كما قال عليه السلام (المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده) فالملائكة وان طاروا من الأرض الى السماء فى اسرع وقت فاهل الشهود طاروا الى ما فوق السماء فى لمحة بصر فلهم اجنحة من العقول السليمة والألباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا وسلكوا ثم صاروا ثم طاروا طيرانا عجز عنده الملائكة وحاروا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل)

بر بساط بوريا سير دو عالم ميكنيم

با وجود نى سوارى برق جولانيم ما

ص: 313

چون باوج حق پريم عاجز شود از ما ملك

كرد باد لامكانى طرفه سيرانيم ما

يَزِيدُ الله تعالى: يعنى [زياده ميكند ومى افزايد] فان زاد مشترك بين اللازم والمتعدى وليس فى اللغة ازاد فِي الْخَلْقِ فى أي خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق ما يَشاءُ كل ما يشاء ان يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التي لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت احوال الملائكة فى عدد الاجنحة وكذا تفاوت احوال غيرهم فى بعض الأمور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من احكام المشيئة ومقتضيات الحكم وذلك لان اختلاف الأصناف بالخواص والفصول بالأنواع ان كان لذواتهم المشتركة لزم تنافى لوازم الأمور المتفقة وهو محال والآية متناولة لزيادات الصور والمعاني فمن الاولى حسن الصورة خصوصا الوجه قيل ما بعث الله نبيا الأحسن الشكل وكان نبينا عليه السلام أملح: يعنى [بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود] فمن قال كان اسود يقتل كما فى هدية المهديين الا ان لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والأسود العرب كما ان الأحمر العجم كما قال عليه السلام (بعثت الى الأسود والأحمر) آن سيه چرده كه شيرينىء عالم با اوست ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفى الحديث (لله أشد اذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة الى

قينته) اى من استماع مالك جارية مغنية أريد هنا المغنية وفى الحديث (زينوا القرآن بأصواتكم) اى أظهروا زينته بحسن أصواتكم والا فجل كلام الخالق ان يزينه صوت مخلوق ورخص تحسين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة او نقصان فى الحروف

چنانكه ميرود از جاى دل بوقت سماع

هم از سماع بمأواى خود كند پرواز

خدايرا حدىء عاشقانه سر كن

كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز

ومنها حسن الخط وفى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخط الحسن يزيد الحق وضحا) وهو بالفتح الضوء والبياض وفى الحديث (عليكم بحسن الخط فانه من مفاتيح الرزق) يقول الفقير حسن الخط مما يرغب فيه الناس فى جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وان كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج الى الغير فتكون المنة لله على كل حال

برو بحسن خطت دل فراخ كن يارا

ز تنكدستى مبر شكوه اهل دنيا را

ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة [در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وسخا در اغنيا وتعفف در فقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان امام قشيرى فرموده كه علو همت است همت عالى كسى را دهد كه خود خواهد] فالمراد بعلو الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى

همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست

دريغا سايه همت كه بر نااهل افكندى

ص: 314

ويقال يزيد فى الجمال والكمال والدمامة يقول الفقير هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على اهل الإذعان إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل شىء ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فان شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء مما يوجب قدرته على ان يزيد كل ما يشاؤه إيجابا بينا فقد ابان سبحانه ان قدرته شاملة لكل شىء ومن الأشياء الانقاذ من الشهوات والإخراج من الغفلات والإدخال فى دائرة العلم والشهود الذي هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الالهية فقد كفر ألا ترى الى حال ابراهيم بن أدهم حيث تجلى الله له بجمال اللطف الصوري اولا وأعطاه الجاه والسلطنة ثم منّ له باللطف المعنوي ثانيا حيث أنقذه من حبس العلاقات وخلصه من أيدي الكدورات وشرفه بالوصول الى عالم الإطلاق والدخول فى حرم الوفاق- حكى- انه كان سبب خروج ابراهيم بن أدهم عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا ثم أرنبا فبينما هو فى طلبه إذ هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان- وحكى- ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رضى الله عنه خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيها الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ الذّمنه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شىء الا أحضرته الىّ حين يخطر ببالي أما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان فهذان الملكان بالكسر صارا ملكين بالفتح بقدرة الله تعالى فجاء فى حقهما يزيد فى الخلق ما يشاء والله الموفق ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ما شرطية فى محل النصب بيفتح. والفتح فى الأصل ازالة الاغلاق وفى العرف الظفر ولما كان سببا للارسال والإطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح وفى الإرشاد عبر عن إرسالها بالفتح إيذانا بانها انفس الخزائن وأعزها منالا وتنكيرها للاشاعة والإبهام اى أي شىء يفتح الله من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة الى غير ذلك: وبالفارسية [آنكه بگشايد خداى براى مردمان وفرستد بديشان از بخشايش خويش چون نعمت وعافيت وصحت] فَلا مُمْسِكَ لَها اى لا أحد من المخلوقات يقدر على إمساكها وحبسها فانه لا مانع لما أعطاه قيل الفتح ضربان فتح الهى وهو النصرة بالوصول الى العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقامات

ص: 315

المحمودة فذلك قوله (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وقوله (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) والثاني فتح دنيوى وهو النصرة فى الوصول الى اللذات البدنية وذلك قوله (ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) وقوله (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وَما يُمْسِكْ اى أي شىء يمسكه ويحبسه ويمنعه فَلا مُرْسِلَ لَهُ اى لا أحد من الموجودات يقدر على إرساله وإعطائه فانه لا معطى لما منعه. واختلاف الضمير بالتذكير والتأنيث لما ان مرجع الاول مفسر بالرحمة ومرجع الثاني مطلق فى كل ما يمسكه من رحمته وغضبه. ففى التفسير الاول وتقييده بالرحمة إيذان بان رحمته سبقت غضبه اى فى التعلق والا فهما صفتان لله تعالى لا تسبق إحداهما الاخرى فى ذاتهما مِنْ بَعْدِهِ على تقدير المضاف اى من بعد إمساكه ومنعه كقوله (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ) اى من بعد هداية الله وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل

ما يشاء من الأمور التي من جملتها الفتح والإمساك فلا أحد ينازعه الْحَكِيمُ الذي يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه كان النبي عليه السلام يقول فى دبر الصلاة (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وهو بالفتح الحظ والإقبال فى الدنيا اى لا ينفع الفتى المحظوظ حظه منك اى بدل طاعتك وانما ينفع العمل والطاعة وعن معاذ رضى الله عنه مرفوعا (لا تزال يد الله مبسوطة على هذه الامة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظم برّهم فاجرهم ويعن قراؤهم امراءهم على معصية الله فاذا فعلوا نزع الله يده عنهم) صاحب كشف الاسرار [كويد ارباب فهم بدانند كه اين آيت در باب فتوح مؤمنان وارباب عرفانست وفتوح آنرا كويند كه ناجسته وناخواسته آيد وآن دو قسمت يكى مواهب صوريه چون رزق نامكتسب وديكر مطالب معنويه وآن علم لدنيست ناآموخته]

دست لطفش منبع علم وحكم

بى قلم بر صفحه دل زد رقم

علم اهل دل نه از مكتب بود

بلكه از تلقين خاص رب بود

فعلى العاقل ان يجتهد حتى يأتى رزقه الصوري والمعنوي بلا جهد ومشقة وتعب- روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصري رضى الله عنه انه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجدت ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادي لعلى أجد شيأ يسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فاذا برجل جاء فجلس بين يدىّ ووضع قمطرة وقال هذه لك فقلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشىء ونذرت انا ان خلصنى الله ان أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصرى من المجاورين وأنت أول من لقيته قلت افتحها ففتحها فاذا فيها كعك ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت ردّ الباقي الى صبيانك هدية متى إليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير إليك منذ عشرة ايام وأنت تطلبه من الوادي

ص: 316

صائب فريب نعمت ألوان نمى خوريم

روزىء خود ز خوان كرم ميخوريم ما

وقال

كشاد عقده روزى بدست تقدير است

مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار

اللهم افتح لنا خير الباب وارزقنا مما رزقت اولى الألباب انك مفتح الأبواب يا أَيُّهَا النَّاسُ عامة فاللام للجنس او يا اهل مكة خاصة فاللام للعهد اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ نعمة رسمت بالتاء فى أحد عشر موضعا من القرآن ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويعقوب اى انعامه عليكم ان جعلت النعمة مصدرا وكائنة عليكم ان جعلت اسما اى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بمعطيها سواء كانت نعمة خارجة كالمال والجاه او نعمة بدنية كالصحة والقوة او نعمة نفسية كالعقل والفطنة ولما كان ذكر النعمة مؤديا الى ذكر المنعم قال بطريق الاستفهام الإنكاري هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ اى هل خالق مغاير له تعالى موجود اى لا خالق سواه على ان خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه من تأكيدا للعموم وغير الله نعت له باعتبار محله كما انه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه قال فى الاسئلة المفحمة اى حجة فيها على المعتزلة الجواب انه تعالى اخبر بان لا خالق غيره وهم يقولون نحن نخلق أفعالنا وقوله من صلة وذلك يقتضى غاية النفي والانتفاء يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى المطر من السماء والنبات من الأرض وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب ولا مساغ لكونه صفة اخرى لخالق لان معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير تعرض لنفى وجود ما اتصف به المغايرة فقط ولا لكونه خبرا للمبتدأ لان معناه نفى رازقية خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع انه المراد حتما وفائدة هذا التعريف انه إذا عرف انه لا رازق غيره لم يعلق قلبه بأحد فى طلب شىء ولا يتذلل للانفاق لمخلوق وكما لا يرى رزقه من مخلوق لا يراه من نفسه ايضا فيتخلص من ظلمات تدبيره واحتياله وتوهم شىء من أمثاله واشكاله ويستريح بشهود تقديره قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض تعليقاته يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله آمين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وإذا تبين تفرده تعالى بالالوهية والخالقية والرازقية فَأَنَّى فمن أي وجه تُؤْفَكُونَ تصرفون عن التوحيد الى الشرك وعن عبادته الى عبادة الأوثان فالفاء لترتيب انكار عدولهم عن الحق الى الباطل على ما قبلها وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت إليهم فلا تحزن واصبر فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ أولوا شأن خطير وذووا عدد كثير مِنْ قَبْلِكَ فصبروا وظفروا وَإِلَى اللَّهِ لا الى غيره تُرْجَعُ الْأُمُورُ من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم واولياء أمته وتسهيل الصبر على الاذية إذا علم ان الأنبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك

ص: 317

سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الأجانب من هذه الطريقة كاحوال الأنبياء مع السفهاء من أممهم وانهم لا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين هم لهذه الأصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع إليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق إرادته الأحوال فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والإقرار وان كان فيه الأذى والملامة ويجتنب عن طريق النفي والإنكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين: قال الحافظ

هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت

كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم

وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبة لانه من اهل الحجاب واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما (هـ و) وفى العقل من حرفين ايضا وهما (اى) فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الإحاطة التربيعية التي هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالألف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان ثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال (انا جليس من ذكرنى) وشهود الحق أفضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى

حضور قلب ببايد كه حق شود مشهود

وكر نه ذكر مجرد نمى دهد يك سود

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث والجزاء حَقٌّ ثابت لا محالة لا خلف فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما وعد به الله من الثواب والعقاب والدرجات فى الجنة والدركات فى النار والقربات فى أعلى عليين وفى مقعد صدق عند مليك مقتدر والبعد الى أسفل سافلين حق فاذا علم ذلك استعد للموت قبل نزول الموت ولم يهتم للرزق ولم يتهم الرب فى كفاية الشغل ونشط فى استكثار الطاعة ورضى بالمقسوم فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بان يذهلكم التمتع بها عن طلب الآخرة والسعى لها وتقطعكم زينتها وشهواتها عن الرياضات والمجاهدات وترك الأوطان ومفارقة الاخوان فى طريق الطلب والمراد نهيهم عن الاغترار بها وان توجه النهى صورة إليها وفى بعض الآثار (يا ابن آدم لا يغرنك طول المهلة فانما يعجل بالأخذ من يخاف الفوت) وعن العلاء بن زياد رأيت الدنيا فى منامى قبيحة عمشاء ضعيفة عليها من كل زينة فقلت من أنت أعوذ بالله منك فقالت انا الدنيا فان سرك ان يعيذك الله منى فابغض الدراهم يعنى لا تمسكها عن النفقة فى موضع الحق وفى الحديث

ص: 318

(الدنيا غنيمة الأكياس وغفلة الجهال) وذلك لان الأكياس يزرعون فى مزرعة الدنيا انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل ان الدنيا مزرعة الآخرة

نكه دار فرصت كه عالم دميست

دمى پيش دانا به از عالميست

دل اندر دلارام دنيا مبند

كه ننشست با كس كه دل برنكند

وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ وكرمه وعفوه وسعة رحمته الْغَرُورُ فعول صيغة مبالغة كالشكور والصبور وسمى به الشيطان لانه لا نهاية لغروره: بالفارسية [فريفتن] وفى المفردات الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر. والمعنى ولا يغرنكم بالله الشيطان المبالغ فى الغرور بان يمنيكم المغفرة مع الإصرار على المعاصي قائلا اعملوا ما شئتم ان الله غفور يغفر الذنوب جميعا وانه غنى عن عبادتكم وتعذيبكم فان ذلك وان أمكن لكن تناول الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم اعتمادا على دفع الطبيعة فالله تعالى وان كان أكرم الأكرمين مع اهل الكرم لكنه شديد العقاب مع اهل العذاب [بزركان فرموده اند كه يكى مصائد إبليس تسويفست در توبه يعنى توبه بنده را در تأخير افكند كه فرصت باقيست عشرت نقد از دست مده

امشب همه شب يار ومى وشاهد باش

چون روز شود توبه كن وزاهد باش

[عاقل بايد كه بدين فريب از راه نرود واز نكته «الفرصة تمر مر السحاب» غافل نكردد] عذر با فردا فكندى عمر فردا را كه ديد إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ عداوة قديمة بما فعل بأبيكم ما فعل لا تكاد تزول وتقديم لكم للاهتمام به فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا بمخالفتكم له فى عقائدكم وأفعالكم وكونكم على حذر منه فى جميع أحوالكم [از بزركى پرسيدند كه چكونه شيطانرا دشمان كيريم كفت از پى آرزو مرويد ومتابع هواى نفس مشويد وهر چهـ كنيد بايد كه موافق شرع ومخالف طبع بود] فلا تكفى العداوة باللسان فقط بل يجب ان تكون بالقلب والجوارح جميعا ولا يقوى المرء على عداوته الا بملازمة الذكر ودوام الاستعانة بالرب فان من هجم عليه كلاب الراعي يشكل عليه دفعها الا ان ينادى الراعي فانه يطردها بكلمة منه إِنَّما يَدْعُوا الشيطان حِزْبَهُ جماعته واتباعه قال فى التأويلات حزبه المعرضون عن الله المشتغلون بغير الله لِيَكُونُوا اى حزبه مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ: يعنى [جز اين نيست كه مى خواند شيطان باتباع هوى وميل بدنيا كروه خود را يعنى پيروان وفرمان برداران را تا باشند در آخرت با آواز ياران آتش يعنى ملازمان دوزخ] قال فى الإرشاد تقرير لعداوته وتحذير من طاعته بالتنبيه على ان غرضه فى دعوة شيعته الى اتباع الهوى والركون الى ملاذ الدنيا ليس تحصيل مطالبهم ومنافعهم الدنيوية كما هو مقصد المتحابين فى الدنيا عند سعى بعضهم فى حاجة بعض بل هو توريطهم والقاؤهم فى العذاب المخلد من حيث لا يحتسبون الَّذِينَ كَفَرُوا اى ثبتوا على الكفر بما وجب به الايمان وأصروا عليه لَهُمْ بسبب كفرهم واجابتهم لدعوة الشيطان

ص: 319

عَذابٌ شَدِيدٌ معجل ومؤجل. فمعجله تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الأصنام والهوى والدنيا والشيطان. ومؤجله عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته وَالَّذِينَ آمَنُوا ثبتوا على الايمان واليقين وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان لَهُمْ بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذي من جملته عداوة الشيطان مَغْفِرَةٌ عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا وَأَجْرٌ كَبِيرٌ لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الأحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول قيل مثل الصالحين وما زينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فالله تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وبأجورها العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد الله كثيرا من استخدمه الله واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان: قال الحافظ

نشان اهل خدا عاشقيست با خود دار

كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم

ولله عباد لهم قلوب الهموم عمارتها والأحزان أوطانها والعشق والمحبة قصورها وبروجها

أحبك حبين حب الهوى

وحبا لانك اهل لذاكا

فاما الذي هو حب الهوى

فذكر شغلت به عن سواكا

واما الذي أنت اهل له

فكشفك للحجب حتى اراكا

ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى

ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا

نسأل الله سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا بأصناف الإرادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة أنوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ [التزيين:

آراستن] سُوءُ عَمَلِهِ اى قبيح عمله بالفارسية [زشت وبد] فَرَآهُ حَسَناً فظنه جميلا لان رأى إذا عدّى الى مفعولين اقتضى معنى الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكون من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف لدلالة ما سبق عليه فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة الله تعالى اى فانه تعالى يضل مَنْ يَشاءُ ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى أسفل سافلين وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى أعلى عليين

ص: 320

فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الفاء للسببية فان ما سبق سبب للنهى عن التحسر. والذهاب المضىّ وذهاب النفس كناية عن الموت. والحسرة شدة الحزن على ما فات والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه: وقوله حسرات مفعول له والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه عليه السلام على أحوالهم او على كثرة قبائح أعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تدهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز ان يتعلق بحسرات لان المصدر لا تتقدم عليه صلته والمعنى إذا عرفت ان الكل بمشيئة الله فلا تهلك نفسك للحسرات على غبهم وإصرارهم والغموم على تكذيبهم وانكارهم: وبالفارسية [پس بايد كه نرود جان تو يعنى هلاك نشود براى حسرتهاى متوالى كه مى خورى وتأسفهاى كوناكون كه دارى بر فعلهاى ناخوش ايشان كه هر يك متتضىء حسرت است] فقد بذلت لهم النصح وخرجت عن عهدة التبليغ فلا مشقة لك من بعد وانما المشقة عليهم فى الدنيا والآخرة لانهم سقطوا عن عينك ومن سقط عن عينك فقد سقط عن عين الله فلا يوجد أحد يرحمه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بليغ العلم بِما يَصْنَعُونَ يفعلون من القبائح فيجازيهم عليها جزاء قبيحا فانهم وان استحسنوا القبائح لقصور نظرهم فالقبيح لا يكون حسنا ابدا واعلم ان الكافر يتوهم ان عمله حسن كما قال تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ثم الراغب فى الدنيا يجمع حلالها وحرامها ولا يتفكر فى زوالها ولا فى ارتحاله عنها قبل كمالها فقد زين له سوء عمله

شد قواى جمله اجزاى جسمت درفنا

با هزاران آرزو دست وكريبانى هنوز

ثم الذي يتوهم انه إذا وجد نجاته ودرجاته فى الجنة فقد استراح واكتفى فقد زين له سوء عمله حيث تغافل عن حلاوة مناجاة ربه فانها فوق نعيم الجنان

ماييم وهمين عاشقى ولذت ديدار

زاهد تو برو در طلب خلد برين باش

فمن زين له الدنيا بشهواتها ليس كمن زين له العقبى بدرجاتها ومن زين له نعيم العقبى ليس كمن زين له جمال المولى اى لا يستوى هذا وذاك فاصرف الى الاشهى هواك والله تعالى هو مبدأ كل حسن فمن وصل اليه حسن بحسن ذاته وصفاته وأفعاله واعماله ومن وجده وجد كل شىء ومن لم يجده لم يجد شيأ وان وجد الدنيا كلها [نقلست كه ابراهيم بن أدهم قدس سره روزى بر لب دجله نشسته بود خرقه مى دوخت سوزنش بدريا افتد يكى ازو پرسيد كه ملك چنان از دست دادى چهـ يافتى اشارت بدريا كرد كه سوزنم بدهيد قرب هزار ماهى از دريا بر آمدند هر يكى سوزن زرين بر لب كرفته كفت سوزن من خواهم ماهيكه ضعيف بر آمد وسوزن او آورد بستد وكفت كمترين چيزى كه يافتم اين است باقى تو ندانى] فهذا من ثمرات الهداية الخاصة ونتائج النيات الخالصة والأعمال الصالحة وحسن الحال مع الله تعالى ولا يحصل الا لمن أخذ الأمر من طريقه فاصلح الطبيعة فى مرتبة الشريعة والنفس فى مرتبة الطريقة وحسن ما حسنه الشرع والعقل السليم وقبح ما قبحه كل منهما فاما اصحاب الأهواء والبدع فقد زين لهم سوء أعمالهم

ص: 321

ونياتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذي سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الأعمال الحسنة ويحلينا بالأخلاق المستحسنة وَاللَّهُ وحده وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ الإرسال فى القرآن على معنيين. الاول بمعنى [فرستادن] كما فى قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) . والثاني بمعنى [فرو كشادن] كما فى قوله تعالى (أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفى المفردات الإرسال يقال فى الإنسان وفى الأشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) والإرسال يقابل الإمساك. والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك أصله روح ولذا يجمع على أرواح واما أرياح قياسا على رياح فخطأ قال صاحب كشف الاسرار [الله است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنگام دربايست وباندازه دربايست بادهاى مختلف از مخارج مختلف] أراد بها الجنوب والشمال والصبا فانها رياح الرحمة لا الدبور فانها رياح العذاب اما الجنوب فريح تخالف الشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا واما الصبا فمهبها من جانب المشرق إذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو إليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها فَتُثِيرُ سَحاباً تهيجه وتنشره بين السماء والأرض لانزال المطر فانه مزيد ثار الغبار إذا هاج وانتشر ساطعا قال فى تاج المصادر [الاثارة: برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] والسحاب جسم يملأه الله ماء كما شاء وقيل بخار يرتفع من البحار والأرض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والإنسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى أرسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان إحداثها لتلك الخاصية ولذلك أسند إليها فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ السوق بالفارسية [راندن] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذي لانبت فيه قد اغبر من القحط قال الراغب الموت يقال بإزاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق الله ذلك السحاب وأجراه الى الأرض التي تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير فصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء فَأَحْيَيْنا الفاءات الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الأخيرتين فانهما دخلتا على المسبب بِهِ اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب الْأَرْضَ اى صيرناها

ص: 322

خضراء بالنبات بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها كَذلِكَ النُّشُورُ الكاف فى حيز الرفع على الخبرية اى مثل ذلك الاحياء الذي تشاهدونه احياء الموتى وإخراجهم من القبور يوم الحشر فى صحة المقدورية وسهولة التأتى من غير تفاوت بينهما أصلا سوى الالف فى الاول دون الثاني فالآية احتجاج على الكفرة فى انكارهم البعث حيث دلهم على مثال يعاينونه وعن ابى رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال (اما مررت بواد ممحلا ثم مررت به خضرا) قلت بلى قال (فكذلك يحيى الله الموتى) او قال (كذلك النشور) وقال بعضهم فى آية كذلك النشور اى فى كيفية الاحياء فكما ان احياء الأرض بالماء فكذا احياء الموتى كما روى ان الله تعالى يرسل من تحت العرش ماء كمنى الرجال فينبت به الأجساد كنبات البقل ثم يأمر اسرافيل فيأخذ الصور فينفخ نفخة ثانية فتخرج الأرواح من ثقب الصور كامثال النحل وقد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الأرواح فى الأرض الى الأجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الأجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الأرض فيخرجون حفاة عراة وفى الآية اشارة الى انه تعالى من سنته إذا أراد احياء ارض يرسل الرياح فتثير سحابا ثم يوجه ذلك السحاب الى الموضع الذي يريد تخصيصا له كيف يشاء ويمطرها هنالك كيف يشاء كذلك إذا أراد احياء قلب عبد يرسل اولا رياح الرجاء ويزعج بها كوامن الارادة ثم ينشىء فيه سحاب الاحتياج ولوعة الانزعاج ثم يأتى بمطر الجود فينبت به فى القلب ازهار البسط وأنوار الروح ويطيب لصاحبه العيش والحضور

يا رب از ابر هدايت برسان بارانى

پيشتر زانكه چوكردىء زمان برخيزم

المقصود طلب الهداية الخاصة الى الفيض الإلهي الذي يحصل عند الفناء التام مَنْ كانَ [هر كه باشد] يُرِيدُ الْعِزَّةَ الشرف والمنعة بالفارسية [ارجمندى] قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التي لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التي للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعبادة الأصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين فَلِلَّهِ وحده لا لغيره الْعِزَّةَ حال كونها جَمِيعاً اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيأ منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله إيذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من أراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشيء لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد أقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا قال الكاشفى [وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او]

ص: 323

عزيزى كه هر كه از درش سر بتافت

بهر در كه شد هيچ عزت نيافت

وفى الحديث (ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز) ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ

الضمير الى الله تعالى وهو الظاهر. والصعود الذهاب فى المكان العالي استعير لما يصل من العبد الى الله كما استعير النزول لما يصل من الله الى العبد. والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما ذهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذي به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله (سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الأعمال المقبولة لا الى الله كما قال (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) وقال الخليل (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) اى ذاهب الى الشام الذي

أمرني بالذهاب اليه فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر الله ان توضع او يصعد هو بنفسه قال بعض الكبار بعض الأعمال ينتهى الى سدرة المنتهى وبعضها يتعدى الى الجنة وبعضها الى العرش وبعضها يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والإخلاص وصحة التصور والشهود والعيان. فعلى هذا فبعض الأعمال يتجاوز السماء وعالم الأجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت إذا كثيرة بعضها فوق بعض الى مرتبة العماء نسأل الله قبول الأعمال وصحت توجه البال وقوة الحال وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا اعليتها عن مقرها وتارة فى البناء إذا طولته وتارة فى الذكر إذا نوهته وتارة فى المنزلة إذا شرفتها كما فى المفردات وفى مرجع المستكن فى يرفعه وجوه. الاول انه للكلم فان العمل لا يقبل الا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعنى ان التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بان يكون سببا لقبوله ألا ترى ان اعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك. والثاني انه للعمل فانه يحقق الايمان ويقويه ولا ينال الدرجات العالية الا به كما فى الإرشاد وقال الشيخ التوحيد انما قبل بسبب الطاعة إذ هو مع العصيان لا ينفع اى لا يمنع العقاب والاولى ما فى الإرشاد فان الأعمال كالمراقى وقول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر وقال الكاشفى فى الآية [وعمل شايسته بر ميدارد آنرا وبمحل قبول ميرساند چهـ مجرد قول بى عمل صالح كه اخلاصست نافع نيست. يا كلم طيب دعاست وعمل صالح صدقه مساكين ودر غالب اجابت دعوات بتصدقاتست. يا كلم طيب دعاى ائمه است وعمل تأمين جماعتيان. يا كلم تكبير غزاست وعمل شمشير زدن. يا كلم استغفار است وعمل ندم ودرين همه صور بردارنده كلمه عمل است] . والثالث انه لله تعالى يعنى يتقبله قال ابن عطية وهذا أرجح الأقوال وتخصيص العمل بهذا الشرف على هذا الوجه لما فيه من الكلفة وقال فى حل الرموز قالوا كلمة «لا اله الا الله

ص: 324

محمد رسول الله» تصعد الى الله بنفسها وغيرها من الاذكار والأعمال ترفعها الملائكة كما قال تعالى (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) اى يرفعه الحق ويقبله على أيدي الملائكة من الحفظة والسفرة وقد روى ان دعوة اليتيم وكذا دعوة المظلوم تصعد الى الله بنفسها اى من غير ملائكة وفيه معنى آخر وهو ان يرفعه بمعنى يجعله ذا قدر وقيمة مثل ثوب رفيع ومرتفع: يعنى [قدر ومرتبه او رفيع سازد مراد عمل موحد مخلص است كه هيچ چيزى بقيمت آن نيست وكاريرا كه بآن آميخته باشد از همه چيزى خوارتر وبى مقدارتر است]

كرت بيخ اخلاص در بوم نيست

ازين در كسى چون تو محروم نيست

زر قلب آلوده بى قيمت است

زريرا كه خالص بود حرمت است

وفى التأويلات النجمية بقوله (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) يشير الى ان الإنسان خلق ذليلا مهينا محتاجا الى كل شىء ولا يحتاج شىء الى شىء كاحتياج الإنسان الى الأشياء كلها ولا يحتاج الى كل شىء الا الإنسان والذلة قرين الحاجة فمن ازدادت حاجته ازدادت مذلته (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) لعدم احتياجه وكل شىء ذليل له لاحتياجه اليه فكلما كان احتياج الإنسان كاملا كان ذله كاملا فقال تعالى من كان الى آخره اى لا يطلب العزة من غير الله لانه ذليل ايضا لله فبقدر قطع النظر عن الأشياء وطلب العزة منها تنقص ذلة العبد وتزيد عزته الى ان لا يبقى له الاحتياج الى غير الله ولا يزول الاحتياج والافتقار الى غير الله من القلوب الا بنفي لا اله واثبات الا الله فبالنفى تنقطع تعلقاته عن الكونين وبالاثبات يتوجه بالكلية الى الحق تعالى فاذا لم يبق له تعلق ترجع حقيقة الكلمة الى الحضرة كما ان النار تستزل من الفلك الأثير باصطكاك الحجر والحديد ثم يوقد بها شجرة فالنار تأكل الشجرة وتفنيها من الحطبية وتبقيها بالنارية الى ان تفنى الشجرة بالكلية فلما لم يبق من وجود الحطب شىء ترجع النار الى الأثير وهذا سرّ قول الله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) والعمل الصالح هو اركان الشريعة فاول ركن منها كمال استنزال نار نور الله من اثير الحضرة باصطكاك حديد «لا اله الا الله» وحجر القلب القاسي فلما وقعت النار فى شجرة الوجود الإنساني عمل العبد بركن من الأركان الخمسة التي بنى الإسلام عليها والأركان الاربعة الباقية هى العمل الصالح الذي يقلع اصل الشجرة من ارض الدنيا ويقطعها قطعا تستعد به لقبولها النار واشتعالها بالنار واحتراقها بها لتقع النار الى ان تحترق الشجرة بالكلية وترفع بالعبور عن الشجرة الى اثير الحضرة ولما كانت الشجرة مشتعله بتلك النار آنس موسى عليه السلام من جانب الطور نارا فلما أتاها نودى من شاطىء الوادي الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة على لسان الشعلة (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) تأمله تفهم ان شاء الله تعالى وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وفى القاموس المكر الخديعة وهذا بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيّء وأهلهما بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيئات على انها صفة للمصدر المحذوف فان يمكر لازم لا ينصب المفعول به اى يمكرون المكرات السيئات وهى مكرات قريش بالنبي عليه السلام فى دار الندوة وتدارؤهم الرأى فى احدى الثلاث التي هى

ص: 325

الإثبات والقتل والإخراج كما حكى الله عنهم فى سورة الأنفال بقوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) لَهُمْ بسبب مكراتهم عَذابٌ شَدِيدٌ فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به وَمَكْرُ أُولئِكَ المفسدين الذين أرادوا ان يمكروا به عليه السلام. وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك هُوَ خاصة دون مكر الله بهم وفى الإرشاد لا من مكروا به يَبُورُ يهلك ويفسد فان البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم الله تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث أخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التي اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته فللمكر السيّء قوم أشقياء غاية أمرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شأنهم النجاة قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء وفى التأويلات النجمية بقوله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيئات من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيئات التي يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات قال ابو يزيد البسطامي قدس سره [كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اگر شيطانست من از ان عزيزترم وبلند همت كه او را در من طمع افتد واگر از نزديك تست بگذار تا از سراى خدمت بسراى كرامت رسم] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الأنوار وانكشاف الاسرار وقد قيل ليس الايمان بالتمني يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمني المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر

كر همه علم عالمت باشد

بى عمل مدعى وكذابى

حفظنا الله وإياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الحدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب. وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من التراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شىء من المخلوقات الى الحضرة لان التراب أسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الأثير السماء وهى ألطف من الأثير ولكن لا تشبه

ص: 326

لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الأجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام. فالفرق بينهما ان لطافة الأجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسي وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسي وفوقه عالم الأرواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الأرواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الأرواح غير قابلة للجهات وفوق الأرواح هو الله القاهر فوق عباده وهو ألطف من الأرواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الأرواح لان لطافة الأرواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم والله تعالى فوق كل شىء وهو منزه عن هذه الأوصاف ليس كمثله شىء وهو السميع البصير العليم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ النطفة هى الماء الصافي الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذي هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه

بالتناسل والتوالد وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من أسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركة المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى أسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه الله تعالى من اصناف المخلوقات كما ان أعلى الشجرة آخر شىء يخلقه الله وهو البذر الذي يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً أصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا وإناثا وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض وفى التأويلات يشير الى ازدواج الروح والقالب فالروح من أعلى مراتب القرب والقالب من أسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمع بين اقرب الأقربين وابعد الأبعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة

آدمي شاه وكائنات سپاه

مظهر كل خليفه الله

وَما نافية تَحْمِلُ [بر نكيرد يعنى از فرزند] مِنْ أُنْثى [هيچ زنى] من مزيدة لاستغراق النفي وتأكيده والأنثى خلاف الذكر ويقالان فى الأصل اعتبارا بالفرجين كما فى المفردات وَلا تَضَعُ [وننهد آنچهـ در شكم اوست يعنى نزايد] إِلَّا حال كونها ملتبسة بِعِلْمِهِ تابعة لمشيئته قال فى بحر العلوم بعلمه فى موضع الحال والمعنى ما يحدث شىء من حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم مكان الحمل ووضعه وأيامه وساعاته وأحواله من الخداج والتمام والذكورة والأنوثة وغير ذلك وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ما نافية [والتعمير: عمر دادن] والمعمر من أطيل عمره ويقال للمعمر ابن الليالى. وقوله من معمر اى من أحد ومن زائدة لتأكيد النفي كما فى من أنثى وانما سمى معمرا باعتبار مصيره يعنى هو من باب

ص: 327

تسمية الشيء بما يأول اليه والمعنى وما يمد فى عمر أحد وما يطول: وبالفارسية [وزندكانى داده نشود هيچ درازى عمرى] وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر أحد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا: وبالفارسية [وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر أول نرسد] إِلَّا فِي كِتابٍ اى اللوح او علم الله او صحيفة كل انسان إِنَّ ذلِكَ المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لاستغنائه عن الأسباب فكذلك البعث وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص على الله يسير لا يمنعه منه مانع ولا يحتاج فيه الى أحد واعلم ان الزيادة والنقصان فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة أثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والا فاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر وإذا لم يحج فلا يجاوز الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه أشار عليه السلام بقوله (الصدقة والصلة تعمر ان الديار وتزيدان فى الأعمار) وفى الحديث (ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاثة ايام فينسئه الله الى ثلاثين سنة وانه ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيرده الله الى ثلاثة ايام) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) قال بعض الكبار لم يختلف أحد من علماء الإسلام فى ان حكم القضاء والقدر شامل لكل شىء ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والأحوال وغير ذلك

. فما الفرق بين ما نهى النبي عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكليات المختصة بالإنسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة أشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو أمكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزيّة على غيرهما ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقدّر حصوله بدون الشرط او الشروط وقال ابن الكمال اما الذي يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه

ص: 328

فيزيد عمره على الاول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغيير فى التقدير وذلك لان المقدر لكل شخص انما هو الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام المعدودة ولاخفاء فى ان ايام ما قدر من الأنفاس تزيد وتنقص بالصحة والحضور والمرض والتعب فافهم هذا السر العجيب حتى ينكشف لك سر اختيار بعض الطوائف حبس النفس ويتضح وجه كون الصدقة والصلة سببا لزيادة العمر انتهى وقيل المراد من النقص ما يمر من عمره وينقص فانه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى جعل لكل نسمة عمرا تنتهى اليه فاذا جرى عليه الليل والنهار نقص من عمره بالضرورة وقد قيل نقصان العمر صرفه الى غير مرضاة الله تعالى: قال الحافظ قدس سره

فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ

كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد

وقال

اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت

باقى همه بى حاصلى وبى خبرى بود

وقال المولى الجامى قدس سره

هر دم از عمر كرامى هست كنج بى بدل

ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آه آه

وقال الشيخ سعدى قدس سره

هر دم از عمر ميرود نفسى

چون نكه ميكنم نمانده بسى

عمر برفست وآفتاب تموز

اندكى ماند وخواجه غره هنوز

أيقظنا الله وإياكم وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا وقال بعضهم البحر فى الأصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحران إلخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الأرض حاصرة للمياه المجتمعة فيها هذا البحر عَذْبٌ طيب بالفارسية [شيرين] فُراتٌ بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش قال فى تاج المصادر [الفروتة: خوش شدن آب] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع سائِغٌ شَرابُهُ سهل انحدار مائه فى الحلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة. والسائغ بالفارسية [كوارنده] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء وَهذا البحر الآخر مِلْحٌ [تلخست] قال فى المفردات الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح أُجاجٌ شديد ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا أجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والأزمان وعلى ممرّ الاحقاب والأحيان فيهلك من نتنه العالم الأرضي ولو كان عذبا

ص: 329

لكان كذلك ألا ترى الى العين التي بها ينظر الإنسان الأرض والسماء والعالم والألوان وهى شحمة مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لايصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى. واما الأنهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان وَمِنْ كُلٍّ اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما تَأْكُلُونَ ايها الناس لَحْماً طَرِيًّا غضا جديدا من الطراء [والطراوة: بالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ماهى] وصف السمك بالطراوة وهى: بالفارسية [تازه شدن] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى أكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل وَتَسْتَخْرِجُونَ اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم حِلْيَةً زينة اى لؤلؤا ومرجانا وفى الاسئلة المقحمة أراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح أجاج لا من عذب فرات فكيف أضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها تَلْبَسُونَها اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا أسند إليهم وفى الحديث (كلم الله البحرين فقال للبحر الذي بالشام يا بحر انى قد خلقتك وأكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أغرقهم قال الله تعالى فانى احملهم على ظهرك واجعل بأسك فى نواصيك) وقال للبحر الذي باليمن (انى قد خلقتك وأكثرت فيك الماء وانى حامل فيك عبادا يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أسبحك وأحمدك واهللك وأكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى أفضلك على البحر الآخر بالحلية والطري) كذا فى كشف الاسرار وَتَرَى الْفُلْكَ السفينة فِيهِ اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل أحد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط مَواخِرَ يقال سفينة ماخرة إذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا [تا طلب كنيد] واللام متعلق بمواخر مِنْ فَضْلِهِ اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى أعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام (تسعة أعشار رزق أمتي فى البيع والشراء) وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجي للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى

وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [يكى از حلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر أجاج كفر وطغيان آن آب

ص: 330

حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست] فقوله ومن كل إلخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما والكافر خلا من المنافع بالكلية على طريقة قوله تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) ورحم الله أبا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شىء من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها أحمال الأوامر والنواهي وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها أحمال الاسرار والحقائق والمعاني والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة وفى كشف الاسرار [اين دو درياى مختلف يكى فرات ويكى أجاج. مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات. در درياى هلاك پنج كشتى روانست. يكى حرص. وديكر رياست. ديكر اصرار بر معاصى. چهارم غفلت پنجم قنوط. هر كه در كشتىء حرص نشيند بساحل حسرت رسد. هر كه در كشتىء قنوط نشيند بساحل كفر رسد اما درياى نجات بساحل عطا رسد. هر كه در كشتىء زهد نشيند بساحل قربت رسد هر كه در كشتىء معرفت نشيند بساحل انس رسد. هر كه در كشتىء توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد. پير طريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خود را كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطه فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مپروريد دل بى يقظت غول است تا بغول صحبت مداريد نفس بى آكاهى باد است با باد عمر مكذرانيد باسمي ورسمى از حقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد از كار خاتمه ونفس باز پسين همواره بر حذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است]

اى دل ار عقبيت بايد چنك ازين دنيا بدار

پاك بازي پيشه كير وراه دين كن اختيار

پاى در دنيا نه وبردوز چشم نام وننك

دست در عقبى زن وبربند راه فخر وعار

چون زنان تا كى نشينى بر اميد رنك وبوى

همت اندر راه بند كامزن مردانه وار

چشم آن نادان كه عشق آورد بر رنك صدف

والله ار ديدش رسد هركز بدر شاهوار

قال بعض اهل المعرفة (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [بنده تا در قبض است خوابش چون خواب غرق شدكان خوردش چون خورد بيماران عيشش چون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى وبزبان

ص: 331

تذلل مى كويد پر آب دو چشم و پر آتش جكرم پر باد دو دستم و پر از خاك سرم چون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند در بسط وانبساط بر دل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش با مولى پيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى چراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى] نسأل الله الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ اى يدخل الله الليل فى النهار باضافة بعض اجزاء الليل الى النهار فينقص الاول ويزيد الثاني كما فى فصلى الربيع والصيف وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ باضافة بعض اجزاء النهار الى الليل كما فى فصلى الخريف والشتاء وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ورام كرد آفتاب وماه را يعنى مسخر فرمان خود ساخت] وفى بحر العلوم معنى تسخير الشمس والقمر تصييرهما نافعين للناس حيث يعلمون بمسيرهما عدد السنين والحساب انتهى يقول الفقير ومنه يعلم حكمة الإيلاج فانه بحركة النيرين تختلف الأوقات وتظهر الفصول الاربعة التي تعلق بها المصالح والأمور المهمة ثم قوله وسخر عطف على يولج واختلافهما صيغة لما ان إيلاج أحد الملوين فى الآخر متجدد حينا فحينا واما تسخير النيرين فلا تعدد فيه وانما المتعدد والمتجدد آثاره وقد أشير اليه بقوله تعالى كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر يَجْرِي اى بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد ايام السنة جريا مستمرا لِأَجَلٍ وقت مُسَمًّى معين قدره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة فحينئذ ينقطع جريهما وقال بعضهم يجرى الى أقصى منازلهما فى الغروب لانهما يغربان كل ليلة فى موضع ثم يرجعان الى ادنى منازلهما فجريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما. والاجل المسمى عبارة عن منتهى دوريتهما ومدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهر فاذا كان آخر السنة ينتهى جرى الشمس وإذا كان آخر الشهر ينتهى جرى القمر قال فى البحر والمعنى فى التحقيق يجرى لادراك أجل على ان الجري مختص بإدراك أجل ذلِكُمُ مبتدأ اشارة الى فاعل الأفاعيل المذكورة اشارة تجوّز فان الأصل فى الاشارة ان تكون حسية ويستحيل إحساسه تعالى وما فيه من معنى البعد للايذان بغاية العظمة اى ذلك العظيم الشان الذي أبدع هذه الصنائع البديعة اللَّهُ خبر رَبُّكُمْ خبر ثان لَهُ الْمُلْكُ خبر ثالث اى هو الجامع لهذه الأوصاف من الالهية والربوبية والمالكية لما فى السموات والأرض فاعرفوه ووحدوه وأطيعوا امره وَالَّذِينَ تَدْعُونَ [وآنان را كه مى خوانيد ومى پرستيد] مِنْ دُونِهِ اى حال كونكم متجاوزين الله وعبادته ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ هو القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة كاللفافة لها وهو مثل فى القلة والحقارة كالنقير الذي هو النكتة فى ظهر النواة ومنه ينبت النخل والفتيل الذي فى شق النواة على هيئة الخيط المفتول والمعنى لا يقدرون على ان ينفعوكم مقدار القطمير إِنْ تَدْعُوهُمْ اى الأصنام للاصنام للاعانة وكشف الضر

ص: 332

لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ لانهم جماد والجماد ليس من شأنه السماع وَلَوْ سَمِعُوا على الفرض والتمثيل مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ فانهم لالسان لهم او ما أجابوكم لملتبسكم لعجزهم عن النفع بالكلية فان من لا يملك نفع نفسه كيف يملك نفع غيره قال الكاشفى يعنى [قادر نيستند بر إيصال منافع ودفع مكاره] وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ اى يجحدون باشراككم لهم وبعبادتكم إياهم بقولهم ما كنتم إيانا تعبدون وانما جيىء بضمير العقلاء لان عبدتهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة ولانه أسند إليهم ما يسند الى اولى العلم من الاستجابة والسمع ويجوز ان يريد كل معبود من دون الله من الجن والانس والأصنام فغلب غير الأصنام عليها كما فى بحر العلوم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ اى لا يخبرك يا محمد بالأمر مخبر مثل خبير أخبرك به وهو الحق سبحانه فانه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الالهية [صاحب لباب آورده كه اضافت مثل بخداى جائز نيست پس اين مثليست در كلام عرب شايع كشته واستعمال كنند در اخبار مخبرى كه سخن او فى نفس الأمر معتمد عليه باشد] قال الزروقى الخبير هو العليم بدقائق الأمور التي لا يتوصل إليها غيره الا بالاختيار والاحتيال وقال الغزالي هو الذي لا يعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها

بر احوال نابوده علمش بصير

بر اسرار ناكفته لطفش خبير

وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى بدنه وقلبه من الغش والخيانة والتطوف حول العاجلة وإضمار الشر واظهار الخير والتحمل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه ولا يكون خبيرا بمثل هذه الخفايا الا بإظهار التوحيد واخفائه وتحقيقه والوصول الى الله بالاعراض عن الشرك وما يكون متعلق العلاقة والميل

غلام همت آنم كه زير چرخ كبود

ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست

وذلك ان التعلق بما سوى الله تعالى لا يفيد شيأ من الجلب والسلب فانه كله مخلوق والمخلوق عاجز وليست القدرة الكاملة الا لله تعالى فوجب توحيده والعبادة له والتعلق به وخاصية الاسم الخبير حصول الاخبار بكل شىء فمن ذكره سبعة ايام أتته الروحانية بكل خبر يريده من اخبار السنة واخبار الملوك واخبار القلوب وغير ذلك كذا فى شمس المعارف ومن كان فى يد شخص يؤذيه فليكثر ذكره يصلح حاله كذا فى شرح الأسماء الحسنى للشيخ الزروقى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ الفقراء جمع فقير كالفقائر جمع فقيرة والفقير المكسور الفقار والفقر [پشت كسى شكستن] ذكره فى تاج المصادر فى باب ضرب وجعله فى القاموس من حد كرم وقال الراغب فى المفردات يقال افتقر فهو مفتقر وفقير ولا يكاد يقال فقر وان كان القياس يقتضيه انتهى. وفهم من هذا ان الفقير صيغة مبالغة كالمفتقر بمعنى ذى الاحتياج الكثير والشديد والفقر وجود الحاجة الضرورية وفقد ما يحتاج اليه وتعريف الفقراء للمبالغة فى فقرهم فانهم لكثرة افتقارهم وشدة احتياجهم هم الفقراء فحسب وان افتقار

ص: 333

سائر الأخلاق بالنسبة الى فقرهم بمنزلة العدم. والمعنى يا ايها الناس أنتم المحتاجون الى الله تعالى بالاحتياج الكثير الشديد فى أنفسكم وفيما يعرض لكم من امر مهم او خطب ملم فان كل حادث مفتقر الى خالقه ليبديه وينشئه اولا ويديمه ويبقيه ثانيا ثم الإنسان محتاج الى الرزق ونحوه من المنافع فى الدنيا مع دفع المكاره والعوارض والى المغفرة ونحوها فى العقبى فهو محتاج فى ذاته وصفاته وأفعاله الى كرم الله وفضله قال بعض الكبار ان الله تعالى ما شرّف شيأ من المخلوقات بتشريف خطاب أنتم الفقراء الى الله حتى الملائكة المقربين سوى الإنسان وذلك ان افتقار المخلوقات الى افعال الله تعالى من حيث الخلق ونحوه وافتقار الإنسان الى ذات الله وصفاته فجميع المخلوقات وان كانت محتاجة الى الله تعالى لكن الاحتياج الحقيقي الى ذات الله وصفاته مختص بالإنسان من بينها كمثل سلطان له رعية وهو صاحب جمال فيكون افتقار جميع رعاياه الى خزائنه وممالكه ويكون افتقار عشاقه الى عين ذاته وصفاته فيكون غنى كل مفتقر بما

يفتقر اليه فغنى الرعية يكون بالمال والملك وغنى العاشق يكون بمعشوقه

كام عاشق دولت ديدار يار

قصد زاهد جنت ونقش ونكار

هر چهـ جز عشق حقيقى شد وبال

هر چهـ جز معشوق باقى شد خيال

هست در وصلت غنا اندر غنا

هست در فرقت غم وفقر وعنا

ومن الكمالات الانسانية الاحتياج الى الاسم الأعظم من جميع وجوه الأسماء الالهية بحسب مظهريته الكاملة واما غيره من الموجودات فاحتياجهم انما هو بقدر استعدادهم فهو احتياج بوجه دون وجه ولذا ورد (الفقر فخرى وبه افتخر) وهذا صحيح بمعناه وان اختلف فى لفظه كما قال عليه السلام (اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرنى بالاستغناء عنك) قال فى كشف الاسرار [صحابه را فقرا نام نهاد] حيث قال (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) وقال (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)[وآن تلبيس توانكرى حال ايشانست تا كس توانكرىء ايشان نداند اين چنانست كه كفته اند] ارسلانم خوان تا كس به نداند كه كه ام [پيران طريقت كفته اند بناى دوستى بر تلبيس نهاده اند سليمانرا نام ملكى تلبيس فقر بود آدم را نام عصيان تلبيس صفوت بود ابراهيم را التباس نعمت تلبيس خلت بود زيرا كه شرط محبت غير تست ودوستان حال خود بهر كس ننمايند كسى كه از كون ذره ندارد وبكونين نظرى ندارد وهمواره نظر الله پيش چشم خود دارد او را فقير كويند از همه درويش است وبحق توانكر «انما الغنى غنى القلب» توانكرى در سينه مى بايد نه در خزينه فقير اوست كه خود را در دو جهان جز از حق دست آويز نكند ونظر خود ندارد چهار تكبير بر ذات وصفات خود كند چنانكه آن جوانمرد كفت]

نيست عشق لايزالى را در ان دل هيچ كار

كاو هنوز اندر صفات خويش مانداست استوار

هر كه در ميدان عشق نيكوان نامى نهاد

چار تكبيرى كند بر ذات او ليل ونهار

وَاللَّهُ هُوَ وحده الْغَنِيُّ المستغنى على الإطلاق فكل أحد يحتاج اليه لان أحدا

ص: 334

لا يقدر ان يصلح امره الا بالأعوان لان الأمير ما لم يكن له خدم وأعوان لا يقدر على الامارة وكذا التاجر يحتاج الى المكارين والله الغنىّ عن الأعوان وغيرها وفى الاسئلة المقحمة معناه الغنىّ عن خلقه فلو لم يخلقهم لجاز ولو ادام حياتهم لابتلاهم كلفهم او لم يكلفهم فالكل عنده بمثابة واحدة لانه غنى عنهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا لو لم يكلفهم معرفته وشكره لم يكن حكيما وهذا غاية الخزي ويفضى الى القول بان خلقهم لنفع او دفع وهو قول المجوس بعينه حيث زعموا وقالوا خلق الله الملائكة ليدفع بهم عن نفسه أذى الشيطان انتهى الْحَمِيدُ المنعم على جميع الموجودات حتى استحق عليهم الحمد على نعمته العامة وفضله الشامل فالله الغنىّ المغني قال الكاشفى [ببايد دانست كه ماهيات ممكنه در وجود محتاجند بفاعل (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) اشارة با آنست وحق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى خود از وجود عالم وعالميان مستغنيست (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عبارت از آنست و چون ظهور كمال أسمائي موقوفست بر وجود اعيان ممكنات پس در إيجاد آن كه نعمتيست كبرى مستحق حمد است وثنا كلمه (الْحَمِيدُ) بدان ايمايى مينمايد وازين رباعى پى بدين معنى توان برد]

تا خود كردد بجمله أوصاف عيان

واجب باشد كه ممكن آيد بميان

ور نه بكمال ذاتى از آدميان

فردست وغنى چنانكه خود كرد بيان

إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى يُذْهِبْكُمْ عن وجه الأرض ويعدمكم كما قدر على ايجادكم وبقائكم وَيَأْتِ [وبيارد] بِخَلْقٍ مخلوق جَدِيدٍ مكانكم وبدلكم ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة فيكون الخلق الجديد من جنسهم وهو الآدمي او يأت بعالم آخر غير ما تعرفونه: يعنى [يا كروهى بيارد كس نديده ونشنيده بود] فيكون من غير جنسهم وعلى كلا التقديرين فيه اظهار الغضب للناس الناسين وتخويف لهم على سرفهم ومعاصيهم وفيه ايضا من طريق الاشارة تهديد لمدعى محبته وطلبه اى ان لم تطلبوه حق الطلب يفنكم ويأت بخلق جديد فى المحبة والطلب وَما ذلِكَ اى ما ذكر من الاذهاب بهم والإتيان بآخرين عَلَى اللَّهِ متعلق بقوله بِعَزِيزٍ بمتعذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشيء وضده فاذا قال لشىء كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد أهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين الى ان حاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا ايها الناس وبين انهم محتاجون اليه احتياجا كليا وهو غنى عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم الى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الايمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق الا المشيئة ثم انه تعالى شاء هلاكهم لاصرارهم فهلك بعضهم فى بدر وبعضهم فى غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما أمرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الافناء والإيجاد الى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الامهال فانه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر ففى الآية وعظ وزجر لجميع الأصناف من الملوك ومن دونهم فمن أهمل امر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد

ص: 335

جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس فينبغى للعاقل المكلف ان يعبد الله ويخافه ولا يجترىء على ما يخالف رضاه ولا يكون أسوأ من الجمادات مع ان الإنسان اشرف المخلوقات قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يقال وزر يزر من الثاني وزرا بالفتح والكسر ووزر يوزر من الرابع حمل. والوزر الإثم والثقل والوازرة صفة للنفس المحذوفة وكذا اخرى والمعنى لا تحمل نفس آثمة يوم القيامة اثم نفس اخرى بحيث تتعرى منه المحمول عنها بل انما تحمل كل منهما وزرها الذي اكتسبته بخلاف الحال فى الدنيا فان الجبابرة يأخذون الولي بالولى والجار بالجار واما فى قوله تعالى (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) من حمل المضلين اثقالهم وأثقالا غير اثقالهم فهو حمل أثقال ضلالهم مع أثقال اضلالهم وكلاهما أوزارهم ليس فيها شىء من أوزار غيرهم ألا يرى كيف كذبهم فى قولهم (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) بقوله (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) ومنه يعلم وجه تحميل معاصى المظلومين يوم القيامة على الظالمين فان المحمول فى الحقيقة جزاء الظلم وان كان يحصل فى الظاهر تخفيف حمل المظلوم ولا يجرى الا فى الذنب المتعدى كما ذكرناه فى اواخر الانعام وفيه اشارة الى ان لله تعالى فى خلق كل واحد من الخلق سرا مخصوصا به وله مع كل واحد شان آخر فكل مطالب بما حمل كما ان كل بذر ينبت بنبات قد أودع فيه ولا يطالب بنبات بذر آخر لانه لا يحمل الا ما حمل عليه كما فى التأويلات النجمية: قال الشيخ سعدى

رطب ناورد چوب خرزهره بار

چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار

وَإِنْ تَدْعُ صيغة غائبة اى ولو دعت: وبالفارسية [واگر بخواند] مُثْقَلَةٌ اى نفس أثقلتها الأوزار والمفعول محذوف اى أحدا قال الراغب الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح عما يوزن به او يقدّر به يقال هو ثقيل وأصله فى الأجسام ثم يقال فى المعاني أثقله الغرم والوزر انتهى. فالثقل الإثم سمى به لانه يثقل صاحبه يوم القيامة ويثبطه عن الثواب فى الدنيا إِلى حِمْلِها الذي عليها من الذنوب ليحمل بعضها قيل فى الأثقال المحمولة فى الظاهر كالشىء المحمول على الظهر حمل بالكسر وفى الأثقال المحمولة فى الباطن كالولد فى البطن حمل بالفتج كما فى المفردات لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ لم تجب لحمل شىء منه وَلَوْ للوصل كانَ اى المدعو المفهوم من الدعوة وترك ذكره ليشمل كل مدعو ذا قُرْبى ذا قرابة من الداعي كالاب والام والولد والأخ ونحو ذلك إذ لكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه وحمل يعجزه ففى هذا دليل انه تعالى لا يؤاخذ بالذنب الا جانيه وان الاستغاثة بالاقربين غير نافعة لغير المتقين عن ابن عباس رضى الله عنهما يلقى الأب والام ابنه فيقول يا بنى احمل عنى بعض ذنوبى فيقول لا أستطيع حسبى ما علىّ وكذا يتعلق الرجل بزوجته فيقول لها انى كنت لك زوجا فى الدنيا

ص: 336

فيثنى عليها خيرا فيقول قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك لعلى أنجو بها مما ترين فتقول ما أيسر ما طلبت ولكن لا أطيق انى أخاف مثل ما تخوفت

هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد

هيچ خيرى نه پدر را به پسر مى آيد

دختر از پهلوى مادر بكند قصد فرار

دوستى از همه خويش بسر مى آيد

قال فى الإرشاد هذه الآية نفى للتحمل اختيارا والاولى نفى له اجبارا. والاشارة ان الطاعة نور والعصيان ظلمة فاذا اتصف جوهر الإنسان بصفة النور او بصفة الظلمة لا تنقل تلك الصفة من جوهره الى جوهر انسان آخر أياما كان ألا ترى ان كل أحد عند الصراط يمشى فى نوره لا يتجاوز منه الى غيره شىء وكذا من غيره اليه إِنَّما تُنْذِرُ يا محمد بهذه الانذارات. والانذار الإبلاغ مع التخويف الَّذِينَ يَخْشَوْنَ يخافون رَبَّهُمْ حال كونهم بِالْغَيْبِ غائبين عن عذابه واحكام الآخرة او عن الناس فى خلواتهم: يعنى [در خلوتها اثر خشيت بر ايشان ظاهرت نه در صحبتها] فهو حال من الفاعل او حال كون ذلك العذاب غائبا عنهم فهو حال من المفعول وَأَقامُوا الصَّلاةَ اى راعوها كما ينبغى وجعلوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا قال فى كشف الاسرار وغاير بين اللفظين لان اوقات الخشية دائمة واوقات الصلاة معينة منقضية. والمعنى انما ينفع إنذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من اهل التمرد والفساد وان كنت نذيرا للخلق كلهم وخص الخشية والصلاة بالذكر لانهما أصلا الأعمال الحسنة الظاهرية والباطنية. اما الصلاة فانها عماد الدين. واما الخشية فانها شعار اليقين وانما يخشى المرء بقدر علمه بالله كما قال تعالى (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) فقلب لم يكن عالما خاشيا يكون ميتا لا يؤثر فيه الانذار كما قال تعالى (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) ومع هذا جعل تأثير الانذار مشروطا بشرط آخر وهو اقامة الصلاة وامارة خشية قلبه بالغيب محافظة الصلاة فى الشهادة وفى الحديث (ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وَمَنْ [وهر كه] تَزَكَّى تظهر من اوضار الأوزار والمعاصي بالتأثر من هذه الانذارات وأصلح حاله بفعل الطاعات فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ لاقتصار نفعه عليها كما ان من تدنس بها لا يتدنس الا عليها ويقال من يعطى الزكاة فانما ثوابه لنفسه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ اى الرجوع لا الى غيره استقلالا واشتراكا فيجازيهم على تزكيهم احسن الجزاء واعلم ان ثواب التزكى عن المعاصي هو الجنة ودرجاتها وثواب التزكى عن التعلق بما سوى الله تعالى هو جماله تعالى كما أشار اليه بقوله (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فمن رجع الى الله بالاختيار لم يبق له بما دونه قرار: قال الشيخ سعدى قدس سره

ندادند صاحب دلان دل بپوست

وكر ابلهى داد بى مغز اوست

مى صرف وحدت كسى نوش كرد

كه دنيى وعقبى فراموش كرد

والأصل هو العناية وعن ابراهيم المهلب السائح رضى الله عنه قال بينا انا أطوف وإذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وأنفق الأموال حتى أخرجني

ص: 337

من بلاد الشرك وأدخلني فى التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى إياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة قلت وكيف حبك له قالت أعظم شىء واجله قلت وكيف هو قالت هوارق من الشراب واحلى من الجلاب. وانما تتولد معرفة الله من معرفة النفس بعد تزكيتها كما أشار اليه (من عرف نفسه فقد عرف ربه) ففى هذا ان الولد يكون أعظم فى القدر من الوالد فافهم رحمك الله وإياي بعنايته وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ تمثيل للكافر والمؤمن فان المؤمن من ابصر طريق الفوز والنجاة وسلكه بخلاف الكافر فكما لا يستوى الأعمى والبصير من حيث الحس الظاهري إذ لا بصر للاعمى كذلك لا يستوى الكافر والمؤمن من حيث الإدراك الباطني ولا بصيرة للكافر بل الكافر أسوأ حالا من الأعمى المدرك للحق إذ لا اعتبار بحاسة البصر لاشتراكها بين جميع الحيوانات وفيه اشارة الى حال المحجوب والمكاشف فان المحجوب أعمى عن مطالعة الحق فلا يستوى هو والمكاشف الذي كوشف له عن وجه السر المطلق وقال الكاشفى (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى)[وبرابر نيست نابينا يعنى كافر يا جاهل يا كمراه (وَالْبَصِيرُ) وبينا يعنى مؤمن يا عالم يا راه يافته] وَلَا لتأكيد نفى الاستواء الظُّلُماتُ جمع ظلمة وهى عدم النور وَلَا للتأكيد النُّورُ هو الضوء المنتشر المعين للابصار تمثيل للباطل والحق. فالكافر فى ظلمة الكفر والشرك والجهل والعصيان والبطلان لا يبصر اليمين من الشمال فلا يرجى له الخلاص من المهالك بحال. والمؤمن فى نور التوحيد والإخلاص والعلم والطاعة والحقانية بيده الشموع والأنوار أينما سار. وجمع الظلمات مع افراد النور لتعدد فنون الباطل واتحاد الحق يعنى ان الحق واحد وهو التوحيد فالموحد لا يعبد الا الله تعالى واما الباطل فطرقه كثيرة وهى وجوه الإشراك فمن عابد للكواكب ومن عابد للنار ومن عابد للاصنام الى غير ذلك فالظلمات كلها لا تجد فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فى ظلمة الغفلات المتضاعفة والمكاشف فى نور الروح واليقظة وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ قدم الأعمى على البصير والظلمات على النور والظل على الحرور ليتطابق فواصل الآي وهو تمثيل للجنة والنار والثواب والعقاب والراحة والشدة. الظل بالفارسية [سايه] قال الراغب يقال لكل موضع لاتصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيء الا لما رال عنه الشمس ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهية انتهى. والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وحر الشمس والحر الدائم والنار كما فى القاموس فعول من الحر غلب على السموم وهى الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم تكون غالبا بالنهار. والمعنى كما لا يستوى الظل والحرارة من حيث ان فى الظل استراحة للنفس وفى الحرارة مشقة وألما كذلك لا يستوى ما للمؤمن من الجنة التي فيها ظل وراحة وما للكافر من النار التي فيها حرارة شديدة وفيه اشارة الى ان البعد من الله تعالى كالحرور فى إحراق الباطن والقرب منه كالظل فى تفريح القلب وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين ابلغ من الاول ولذلك كرر الفعل واوثرت صيغة الجمع فى الطرفين تحقيقا للتباين بين افراد الفريقين والحي ما به القوة الحساسة

ص: 338

والميت ما زال عنه ذلك وجه التمثيل ان المؤمن منتفع بحياته إذ ظاهره ذكر وباطنه فكر دون الكافر إذ ظاهره عاطل وباطنه باطل وقال بعض العلماء هو تمثيل للعلماء والجهال وتشبيه الجهلة بالأموات شائع ومنه قوله

لا تعجبن الجهول خلته

فاته الميت ثوبه كفن

لان الحياة المعتبرة هى حياة الأرواح والقلوب وذلك بالحكم والمعارف ولا عبرة بحياة الأجساد بدونها لاشتراك البهائم فيها قال بعض الكبار الاحياء عند التحقيق هم الواصلون بالفناء التام الى الحياة الحقيقية وهم الذين ماتوا بالاختيار قبل ان يموتوا بالاضطرار ومعنى موتهم إفناء أفعالهم وصفاتهم وذواتهم فى افعال الحق وصفاته وذاته وازالة وجودياتهم بالكلية طبيعة ونفسا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (من أراد ان ينظر الى ميت متحرك فلينظر الى ابى بكر) فالحياة المعنوية لا يطرأ عليها الفناء بخلاف الحياة الصورية فانها تزول بالموت فطوبى لاهل الحياة الباقية وللمقارنين بهم والآخذين عنهم قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت وهو العلم اللدني الذي يحصل من طريق الإلهام بدون تطلب وتكلف: قال الشيخ سعدى قدس سره

نه مردم همين استخوانند و پوست

نه هر صورتى جان ومعنى دروست

نه سلطان خريدار هر بنده ايست

نه در زير هر ژنده زنده ايست

إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ كلامه اسماع فهم واتعاظ وذلك بإحياء القلب مَنْ يَشاءُ ان يسمعه فينتفع بانذارك وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت وقبرته جعلته فى القبر. وهذا الكلام ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأموات وإشباع فى إقناطه عليه السلام من ايمانهم وترشيح الاستعارة اقترانها بما يلائم المستعار منه شبه الله تعالى من طبع على قلبه بالموتى فى عدم القدرة على الاجابة فكما لا يسمع اصحاب القبور ولا يجيبون كذلك الكفار لا يسمعون ولا يقبلون الحق إِنْ ما أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ منذر بالنار والعقاب واما الاسماع البتة فليس من وظائفك ولا حيلة لك اليه فى المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى وقوله (إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ) إلخ وقوله (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) وغير ذلك لتمييز مقام الالوهية عن مقام النبوة كيلا يشتبها على الامة فيضلوا عن سبيل الله كما ضل بعض الأمم السالفة فقال بعضهم عزير ابن الله وقال بعضهم المسيح ابن الله وذلك من كمال رحمته لهذه الامة وحسن توفيقه يقول الفقير أيقظه الله القدير ان قلت قد ثبت انه عليه السلام امر يوم بدر بطرح أجساد الكفار فى القليب ثم ناداهم بأسمائهم وقال (هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدني الله حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجساد الأرواح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) فهذا الخبر يقتضى ان النبي عليه السلام اسمع من فى القليب وهم موتى وايضا تلقين الميت بعد الدفن للاسماع والا فلا

ص: 339

معنى له. قلت اما الاول فيحتمل ان الله تعالى احيى اهل القليب حينئذ حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والا فالميت من حيث هو ميت ليس من شأنه السماع وقوله عليه السلام (ما أنتم باسمع) إلخ يدل على ان الأرواح اسمع من الأجساد مع الأرواح لزوال حجاب الحس وانخراقه. واما الثاني فانما يسمعه الله ايضا بعد احيائه بمعنى ان يتعلق الروح بالجسد تعلقا شديدا بحيث يكون كما فى الدنيا فقد اسمع الرسول عليه السلام وكذا الملقن باسماع الله تعالى وخلق الحياة والا فليس من شأن أحد الاسماع كما انه ليس من شأن الميت السماع والله اعلم قال بعض العارفين [اى محمد عليه السلام دل در بو جهل چهـ بندى كه او نه از ان اصلست كه طينت خبيث وى نقش نكين تو پذيرد دل در سلمان بند كه پيش از انكه تو قدم در ميدان بعثت نهادى چندين سال كرد عالم سركردان در طلب تو مى كشت ونشان تو ميجست] ولسان الحال يقول

كرفت خواهم من زلف عنبرينت را

ز مشك نقش كنم برك ياسمينت را

بتيغ هندى دست مرا جدا نكند

اگر بگيرم يك ره سر آستينت را

إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ حال من المرسل بالكسر اى حال كوننا محقين او من المرسل بالفتح اى حال كونك محقا او صفة لمصدر محذوف اى إرسالا مصحوبا بالحق وأرسلناك بالدين الحق الذي هو الإسلام او بالقرآن بَشِيراً حال كونك بشيرا للمؤمنين بالجنة: وبالفارسية [مژده دهنده] وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار: وبالفارسية [بيم كننده] وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ اى ما من امة من الأمم السالفة واهل عصر من الاعصار الماضية الْأَخِلَّاءُ مضى قال الراغب الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء وساكن وغيرهما. والخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضىّ فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب فِيها اى فى تلك الامة نَذِيرٌ [بيم وآگاه كننده] من نبى او عالم ينذرهم والاكتفاء بالإنذار لانه هو المقصود الأهم من البعثة قال فى الكواشي واما فترة عيسى فلم يزل فيها من هو على دينه وداع الى الايمان وفى كشف الاسرار والآية تدل على ان كل وقت لا يخلو من حجة خبرية وان أول الناس آدم وكان مبعوثا الى أولاده ثم لم يخل بعده زمان من صادق مبلغ عن الله او آمر يقوم مقامه فى البلاغ والأداء حين الفترة وقد قال تعالى (أيحسب الإنسان ان يترك سدى) لا يؤمر ولا ينهى فان قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون) قلت معنى الآية ما من امة من الأمم الماضية الا وقد أرسلت إليهم رسولا ينذرهم على كفرهم ويبشرهم على ايمانهم اى سوى أمتك التي بعثناك إليهم يدل على ذلك قوله (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) وقوله (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) وقيل المراد ما من امة هلكوا بعذاب الاستئصال الا بعد ان أقيم عليهم الحجة بإرسال الرسول بالاعذار والانذار انتهى ما فى كشف الاسرار وهذا الثاني هو الأنسب بالتوفيق بين الآيتين يدل عليه ما بعده من قوله (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ الخ) والا فلا يخفى ان اهل الفترة ما جاءهم نذير على ما نطق به قوله تعالى (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) ويدل

ص: 340

ايضا ان كل امة أنذرت من الأمم ولم تقبل استؤصلت فكل امة مكذبة معذبة بنوع من العذاب وتمام التوفيق بين الآيتين يأتى فى يس وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ [واگر معاندان قريش ترا دروغ زن دارند وبر تكذيب استمرار نمايند پس بايشان وبتكذيب آنان مبالات مكن] فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم العاتية أنبياءهم جاءَتْهُمْ [آمدند بديشان] وهو وما بعده استئناف او حال اى كذب المتقدمون وقد جاءتهم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات الظاهرة الدالة على صدق دعواهم وصحت نبوتهم وَبِالزُّبُرِ كصحف شيث وإدريس وابراهيم عليهم السلام جمع زبور بمعنى المكتوب من زبرت الكتاب كتبته كتابة غليظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور كما فى المفردات وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ اى المظهر للحق الموضح لما يحتاج اليه من الاحكام والدلائل والمواعظ والأمثال والوعد والوعيد ونحوها كالتوارة والإنجيل والزبور على ارادة التفصيل دون الجمع اى بعض هذه المذكورات جاءت بعض المكذبين وبعضها بعضهم لا ان الجميع جاءت كلا منهم ثُمَّ أَخَذْتُ بانواع العذاب الَّذِينَ كَفَرُوا ثبتوا على الكفر وداوموا عليه وضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما فى حيز الصلة والاشعار بعلية الاخذ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري بالعقوبة وتعييرى عليهم: وبالفارسية [پس چكونه بود انكار من بر ايشان بعذاب وعقاب] قال فى كشف الاسرار [پيدا كردن نشان ناخوشنودى چون بود حال كردانيدن من چون ديدى] قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير فانه عليه السلام علم شدة الله عليهم فحسن الاستفهام على هذا الوجه فى مقابلة التسلية يحذر كفار هذه الامة بمثل عذاب الأمم المكذبة المتقدمة والعاقل من وعظ بغيره

نيك بخت آنكسى بود كه دلش

آنچهـ نيكى دروست بپذيرد

ديكرانرا چو پند داده شود

او از ان پند بهره بركيرد

ويسلى ايضا رسوله عليه السلام فان التكذيب ليس ببدع من قريش فقد كان اكثر الأولين مكذبين وجه التسلي انه عليه السلام كان يحزن عليهم وقد نهى الله عن الحزن بقوله (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) وذلك لانهم كانوا غير مستعدين لما دعوا اليه من الايمان والطاعة فتوقع ذلك منهم كتوقع الجوهرية من الحجر القاسي

توان پاك كردن ز ژنك آينه

وليكن نيايد ز سنك آينه

مع ان الحزن للحق لا يضيع كما ان امرأة حاضت فى الموقف فقالت آه فرأت فى المنام كأن الله تعالى يقول أما سمعت انى لا أضيع اجر العاملين وقد أعطيتك بهذا الحزن اجر سبعين حجة قال بعض الكبار لا يخفى ان اجر كل نبى فى التبليغ يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة له من المخالفين وعلى قدر ما يقاسيه منهم وكل من رد رسالة نبى ولم يؤمن بها أصلا فان لذلك النبي اجر المصيبة وللمصاب اجر على الله بعدد من رد رسالته من أمته بلغوا ما بلغوا وقس على هذا حال الولي الوارث الداعي الى الله على بصيرة أَلَمْ تَرَ الاستفهام تقريرى والرؤية قلبية اى ألم تعلم يعنى قد علمت يا محمد او يا من يليق به الخطاب أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بقدرته

ص: 341

وحكمته مِنَ السَّماءِ اى من الجهة العلوية سماء او سحابا ماءً مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ اى بذلك الماء. والالتفات من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بفعل الإخراج لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة ولان الرجوع الى نون العظمة اهيب فى العبارة وقال الكاشفى [عدول متكلم جهت تخصيص فعل است يعنى ما تواناييم كه بيرون آريم بدان آب] ثَمَراتٍ جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من أحمال الشجر مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وصف سببى للثمرات اى أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرها او أصنافها على ان كلا منها ذو اصناف مختلفة كالعنب فان اصنافه تزيد على خمسين وكالتمر فان اصنافه تزيد على مائة او هيآتها من الصفرة والحمرة والخضرة والبياض والسواد وغيرها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ مبتدأ وخبر. والجدد جمع جدة بالضم بمعنى الطريقة التي يخالف لونها ما يليها سواء كانت فى الجبل او فى غيره والخطة فى ظهر الحمار تخالف لونه وقد تكون للظبى جدتان مسكيتان تفصلان بين لونى ظهره وبطنه ولما لم يصح الحكم على نفس الجدد بانها من الجبال احتيج الى تقدير المضاف فى المبتدأ اى ومن الجبال ما هو دو جدد اى خطط وطرائق متلونة يخالف لونها لون الجبل فيؤول المعنى الى ان من الجبال ما هو مختلف ألوانه لان بيض صفة جدد وحمر عطف على بيض فتلا عليه السلام القرائن الثلاث فان ما قبلها فاخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها وما بعدها ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه اى منهم بعض مختلف ألوانه فلا بد فى القرينة المتوسطة بينهما من ارتكاب الحذف ليؤول المعنى الى ما ذكر فيحصل تناسب القرائن وفى المفردات اى طرائق ظاهرة من قولهم طريق مجدود اى مسلوك مقطوع ومنه جادة الطريق وفى الجلالين الطرائق تكون فى الجبال كالعروق بِيضٌ جمع ابيض صفة جدد وَحُمْرٌ جمع احمر وفى كشف الاسرار [واز كوهها راهها پيدا شده از روندكان خطها سپيد وخطها سرخ در كوههاى سپيد وكوههاى سرخ] حمل صاحب كشف الاسرار الجدد على الطرائق المسلوكة والظاهر هو الاول لان المقام لبيان ما هو خلقى على ان كون الطريقة بيضاء لا يستلزم كون الجبال كذلك إذ للجبال عروق لونها يخالف لونها وكذا العكس وهو ان كون الجبل ابيض لا يقتضى كون الطريقة كذلك فمن موافق ومن مخالف مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها اى ألوان تلك الجدد البيض والحمر بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد الا ان قوله مختلف ألوانها صفة لكل واحدة من الجدد البيض والحمر بمعنى ان بياض كل واحدة من الجدد البيض وكذا حمرة الجدد الحمر يتفاوتان بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد فرب ابيض أشد بياضا من ابيض آخر وكذا رب أحمر أشد حمرة من احمر آخر فنفس البياض مختلف وكذا نفس الحمرة فلذلك جمع لفظ ألوان مضافا الى ضمير كل واحد من البيض والحمر فيكون كل واحد منهما من قبيل

الكلى المشكك. ويحتمل ان يكون قوله مختلف ألوانها صفة ثالثة لجدد فيكون ضمير ألوانها للجدد فيكون تأكيدا لقوله بيض وحمر ويكون اختلاف ألوان الجدد بان يكون بعضها ابيض وبعضها احمر فتكون الحدد كلها على لونين بياض

ص: 342

وحمرة الا انه عبر عن اللونين بالألوان لتكثر كل واحد منهما باعتبار محاله كذا فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير من شاهد جبال ديار العرب فى طريق الحج وغيرها وجد هذه الاقسام كلها فانها وجددها مختلفة متلونة وَغَرابِيبُ سُودٌ عطف على بيض فيكون من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها كالبيض والحمر كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب. وانما وسط الاختلاف لانه علم من الوصف بالغرابيب انه ليس فى الأسود اختلاف اللون بالشدة والضعف. ويجوز ان يكون غرابيب عطفا على جدد فلا يكون داخلا فى تفاصيل الجدد بل يكون قسيمها كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد وهو السواد فالغرض من الآية اما بيان اختلاف ألوان طرائق الجبال كاختلاف ألوان الثمرات فترى الطرائق الجبلية من البعيد منها بيض ومنها حمر ومنها سود واما بيان اختلاف ألوان الجبال نفسها وكل منها اثر دال على القدرة الكاملة كذا فى حواشى ابن الشيخ. والغرابيب جمع غربيب كعفريت يقال اسود غربيب اى شديد السواد الذي يشبه لون الغراب وكذا يقال اسود حالك كما يقال اصفر فاقع وابيض يقق محركة واحمر قان لخالص الصفرة وشديد البياض والحمرة وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) يعنى الذي يخضب بالسواد كما فى تفسير القرطبي والذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة والسود جمع اسود فان قلت إذا كان الغربيب تأكيدا للاسود كالفاقع مثلا للاصفر ينبغى ان يقال وسود غرابيب بتقديم السود إذ من حق التأكيد ان يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه قلت الغرابيب تأكيد لمضمر يفسره ما بعده والتقدير سود غرابيب سود فالتأكيد إذا متأخر عن المؤكد وفى الإضمار ثم الإظهار مزيد تأكيد لما فيه من التكرار وهذا أصوب من كون السود بدلا من الغرابيب كما ذهب اليه الأكثر حتى صاحب القاموس كما قال واما غرابيب سود بدل لان تأكيد الألوان لا يتقدم وَمِنَ النَّاسِ [واز آدميان] وَالدَّوَابِّ [واز چهار پايان] جمع دابة وهى ما يدب على الأرض من الحيوان وغلب على ما يركب من الخيل والبغال والحمير ويقع على المذكر وَالْأَنْعامِ [واز چرندكان] جمع نعم محركة وقد يسكن عينه الإبل والبقر والضأن والمعز دون غيرها فالخيل والبغال والحمير خارجة عن الانعام والمعنى ومنهم بعض مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ او وبعضهم مختلف ألوانه بان يكون ابيض واحمر واسود ولم يقل هنا ألوانها لان الضمير يعود الى البعض الدال عليه من كَذلِكَ تم الكلام هنا وهو مصدر تشبيهى لقوله مختلف اى صفة لمصدر مؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك اى كاختلاف الثمار والجبال إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ يعنى [هر كه نداند قدرت خدايرا بر آفريدن اشيا وعالم نبود بتحويل هر چيزى از حالى بحالي چكونه از خداى تعالى ترسد (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ) إلخ وفى الإرشاد وهو تكملة لقوله تعالى (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) بتعيين من يخشاه من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم اما فى الأوصاف المعنوية فبطريق التمثيل واما فى الأوصاف الصورية فبطريق التصريح توفية لكل واحدة منها حقها اللائق بها من البيان

ص: 343

اى انما يخشاه تعالى بالغيب العالمون به وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة لما ان مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشؤونه فمن كان اعلم به تعالى كان أخشى منه كما قال عليه السلام (انا أخشاكم لله وأتقاكم له) ولذلك عقب بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل عن هذه المعرفة امتنع إنذارهم بالكلية انتهى. وتقديم المخشى وهو المفعول للاختصاص وحصر الفاعلية اى لا يخشى الله من بين عباده الا العلماء ولو اخر لانعكس الأمر وصار المعنى لا يخشون الا الله وبينهما تغاير ففى الاول بيان ان الخاشين هم العلماء دون غيرهم وفى الثاني بيان ان المخشى منه هو الله دون غيره وقرأ ابو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين برفع اسم الله ونصب العلماء على ان الخشية استعارة للتعظيم فان المعظم يكون مهيبا فالمعنى انما يعظمهم الله من بين جميع عباده كما يعظم المهيب المخشى من الرجال بين الناس وهذه القراءة وان كانت شاذة لكنها مفيدة جدا وجعل عبد الله بن عمر الخشية بمعنى الاختيار اى انما يختار الله من بين عباده العلماء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ [غالبست در انتقام كشيدن از كسى كه نترسد از عقوبت او] غَفُورٌ للخاشين وهو تعليل لوجوب الخشية لدلالته على انه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب من عصيانه ومن حق من هذه صفته ان يخشى قيل الخشية تألم القلب بسبب توقع مكروه فى المستقبل يكون تارة بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته وخشية الأنبياء من هذا القبيل فعلى المؤمن ان يجتهد فى تحصيل العلم بالله حتى يكون أخشى الناس فبقدر مراتب العلم تكون مراتب الخوف والخشية- روى- عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل يا رسول الله أينا اعلم قال (أخشاكم لله سبحانه وتعالى انما يخشى الله من عباده العلماء) قالوا يا رسول الله فأى الاصحاب أفضل قال (من إذا ذكرت الله اعانك وإذا نسيت ذكرك) قالوا فأى الاصحاب شر قال (الذي إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك) قالوا فأى الناس شر قال (اللهم اغفر للعلماء العالم إذا فسد فسد الناس) كذا فى تفسير ابى الليث علم چندانكه بيشتر خوانى چون عمل در تو نيست نادانى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا عالمين ومحققين وفى الخوف والخشية صادقين ومحققين إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ اى يداومون على تلاوة القرآن ويعملون بما فيه إذ لا تنفع التلاوة بدون العمل والتلاوة القراءة أعم متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة منها لكن التهجي وتعليم الصبيان لا يعد قراءة ولذا قالوا لا يكره التهجي للجنب والحائض والنفساء بالقرآن لانه لا يعد قارئا وكذا لا يكره لهم التعليم للصبيان وغيرهم حرفا حرفا وكلمة كلمة مع القطع بين كل كلمتين وَأَقامُوا الصَّلاةَ بآدابها وشرائطها وغاير بين المستقبل والماضي لان اوقات التلاوة أعم بخلاف اوقات الصلاة وكذا اوقات الزكاة المدلول عليها بقوله وَأَنْفَقُوا فى وجوه البر: يعنى [از دست بيرون كنند درويشانرا] مِمَّا رَزَقْناهُمْ أعطيناهم: يعنى [از آنچهـ روزى داده ايم ايشانرا سِرًّا وَعَلانِيَةً وهى ضد السر واكثر ما يقال ذلك فى المعاني دون الأعيان يقال اعلنته فعلن اى فى السر والعلانية او انفاق سر وعلانية او ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين كيفما اتفق من غير قصد إليهما وقال الكاشفى (سِرًّا) [پنهان از خوف آنكه بريا آميخته نكردد (وَعَلانِيَةً)

ص: 344

وآشكار بطمع آنكه سبب رغبت ديگران گردد بتصدق] فالاولى هى المسنونة والثانية هى المفروضة وفيهما اشارة الى علم الباطن والظاهر وفيه بعث للمنفق على الصدقة فى سبيل الله فى عموم الأوقات والأحوال يَرْجُونَ خبر ان تِجارَةً تحصيل ثواب بالطاعة والتاجر الذي يبيع ويشترى وعمله التجارة وهى التصرف فى رأس المال طالبا للربح قيل وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة واما تجاه فاصله وجاه وتجوب فالتاء فيه للمضارعة لَنْ تَبُورَ البوار فرط الكساد والوصف بائر. ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد عبر بالبوار عن الهلاك مطلقا ومن الهلاك المعنوي ما فى قولهم خذوا الطريق ولو دارت وتزوجوا البكر ولو بارت واسكنوا المدن ولو جارت. والمعنى لن تكسد ولن تهلك مطلقا بالخسران أصلا: وبالفارسية [فاسد نبود وزيان بدان نرسيد بلكه در روز قيامت متاع اعمال ايشان رواجى تمام يابد] قال فى الإرشاد قوله (لَنْ تَبُورَ) صفة للتجارة جىء بها للدلالة على انها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لانه اشتراء باق بفان والاخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ [التوفية: تمام بدادن] والاجر ثواب العمل وهو متعلق بلن تبور على معنى انه ينتفى عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بحسب أعمالهم وخلوص نياتهم أجور أعمالهم من التلاوة والاقامة والانفاق فلا وقف على لن تبور وَيَزِيدَهُمْ [وزياده كند بر ثواب ايشانرا] مِنْ فَضْلِهِ اى جوده وتفضله وخزائن رحمته ما يشاء مما لم يخطر ببالهم عند العمل ولم يستحقوا له بل هو كرم محض ومن فضله يوم القيامة نصبهم فى مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الأقرباء وغيرهم إِنَّهُ غَفُورٌ تعليل لما قبله من التوفية والزيادة اى غفور لفرطاتهم وفى بحر العلوم ستار لكل ما صدر عنهم مما من شأنه ان يستر محاءله عن قلوبهم وعن ديوان الحفظة شَكُورٌ لطاعاتهم اى مجازيهم عليها ومثيب وفى التأويلات النجمية غفور يغفر تقصيرهم فى العبودية شكور يشكر سعيهم مع التقصير بفضل الربوبية قال ابو الليث الشكر على ثلاثة أوجه. الشكر ممن دونه يكون بالطاعة وترك مخالفته. والشكر ممن هو شكله يكون بالجزاء والمكافاة. والشكر ممن فوقه يكون رضى منه باليسير كما قال بعضهم الشكور هو المجازى بالخير الكثير على العمل اليسير والمعطى بالعمل فى ايام معدودة نعما فى الآخرة غير مجذوذة ومن عرف انه الشكور شكر نعمته وآثر طاعته وطلب رحمته وشهد منته قال الغزالي رحمه الله واحسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وخاصية هذا الاسم انه لو كتبه احدى وأربعين مرة من به ضيق فى النفس وتعب فى البدن وثقل فى الجسم وتمسح به وشرب منه برىء بإذن الله تعالى وان تمسح به ضعيف البصر على عينيه وجد بركة ذلك وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وهو القرآن ومن للتبيين او للجنس او للتبعيض هُوَ الْحَقُّ الصدق لا كذب فيه ولا شك مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى حال كونه موافقا لما قبله من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء فى العقائد واصول الاحكام وهو حال مؤكدة اى احقه مصدقا لان حقيته لا تنفك عن هذا التصديق إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ

ص: 345

متعلق بقوله لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ وتقديمه عليه لمراعاة الفاصلة التي على حرف الراء اى محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان فى أحوالك ما ينافى النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب يعرف صدقها منه وتقديم الخبير للتنبيه على ان العمدة فى ذلك العلم والإحاطة هى الأمور الروحانية وفى التأويلات النجمية (إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ) من اهل السعادة واهل الشقاوة (لَخَبِيرٌ) لانه خلقهم (بَصِيرٌ) بما يصدر منهم من الأخلاق والأعمال انتهى فقد اعلم الله تعالى حقية القرآن ووعد على تلاوته والعمل به الاجر الكثير ولا يحصل اجر التلاوة للامى إذ لا تلاوة له بل للقارىء فلا بد من التعلم والاشتغال فى جميع الأوقات:

قال المولى الجامى

چون ز نفس وحديثش آيى تنك

بكلام قديم كن آهنك

مصحفى جو چوشاهد مهوش

بوسه زن در كنار خويشش كش

حرف او كن حواس جسمانى

وقف او كن قواى روحانى

دل بمعنى زبان بلفظ سپار

چشم بر خط نه ونقط بگذار

وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور مطوقة ينور عند كل منبر ناقة من نوق الجنة ينادى مناد اين من حمل كتاب الله اجلسوا على هذه المنابر فلا روع عليكم ولا حزن حتى يفرغ الله مما بينه وبين العباد فاذا فرغ الله من حساب الخلق حملوا على تلك النوق الى الجنة) وفى الحديث (ان أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان فى الميزان) ذكر فى القنية ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها. فالمستحب بعد الفجر مثلا ذكر الله تعالى كما هو عادة الصوفية الى ان تطلع الشمس فان هذا الوقت وان جاز فيه قضاء الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة ولكن يكره التطوع فهو منهى عنه فيه وكذا المنذورة وركعتا الطواف وقضاء تطوع إذا أفسده لانها ملحقة بالنفل إذ سبب وجوبها من جهته جعلنا الله وإياكم من المغتنمين بتلاوة كتابه والمتشرفين بلطف خطابه والواصلين الى الأنوار والاسرار ثُمَّ للترتيب والتأخير اى بعد ما أوحينا إليك او بعد كتب الأولين كما دل ما قبله على كل منهما وسئل الثوري على ماذا عطف بقوله ثم قال على ارادة الأزل والأمر المقضى اى بعد ما أردنا فى الأزل أَوْرَثْنَا الْكِتابَ اى ملكنا بعظمتنا ملكا تاما وأعطينا هذا القرآن عطاء لا رجوع فيه قال الراغب الوراثة انتقال قينة إليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت ويقال لكل من حصل له شىء من غير تعب قدورث كذا انتهى وسيأتى بيانه الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الموصول مع صلته مفعول ثان لاورثنا. والاصطفاء فى الأصل تناول صفو الشيء بالفارسية [بركزيدن وعباد اينجا بموضع كرامت است اگر چهـ كه نسبت عبوديت آدم را حقيقت است] كما فى كشف الاسرار والمعنى بالفارسية [آنان را كه بركزيديم از بندگان ما «وهم الامة باسرهم»

ص: 346

زيرا آن روز كه اين آيت آمد مصطفى عليه السلام سخت شاد شد واز شادى كه بوى رسيد سه بار بكفت] أمتي ورب الكعبة والله تعالى اصطفاهم على سائر الأمم كما اصطفى رسولهم على جميع الرسل وكتابهم على كل الكتب وهذا الايراث للمجموع لا يقتضى الاختصاص بمن يحفظ جميع القرآن بل يشمل من يحفظ منه جزأ ولو انه الفاتحة فان الصحابة رضى الله عنهم لم يكن واحد منهم يحفظ جميع القرآن ونحن على القطع بانهم مصطفون كما فى المناسبات قال الكاشفى [عطارا ميراث خواند چهـ ميراث مالى باشد كه بى تعب طلب بدست آيد همچنين عطيه قرآن بى جست وجوى مؤمنان بمحض عنايت ملك منان بديشان رسيد وبيكانكان را در ميراث دخل نيست دشمنان نيز وبهرهاى اهل قرآن متفاوتست هر كس بقدر استحقاق واندازه استعداد خود از حقائق قرآن بهره مند شوند] زين بزم يكى جرعه طلب كرد يكى جام وفى التأويلات النجمية انما ذكر بلفظ الميراث لان الميراث يقتضى صحة النسب او صحة السبب على وجه مخصوص فمن لا سبب له ولا نسب له فلا ميراث له فالسبب هاهنا طاعة العبد والنسب فضل الرب فاهل الطاعة هم اهل الجنة كما قال تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فهم ورثوا الجنة بسبب الطاعة واصل وراثتهم بالسببية المبايعة التي جرت بينهم وبين الله بقوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فهؤلاء أطاعوا الله بانفسهم وأموالهم فادخلهم الله الجنة جزاء بما كانوا يعملون واهل الفضل هم اهل الله وفضله معهم بان أورثهم المحبة والمعرفة والقربة كما قال (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) الآية ولما كانت الوراثة بالسبب والنسب وكان السبب جنسا واحدا كالزوجية وهما صاحبا الفرض وكان النسب من جنسين الأصول كالآباء والأمهات والفروع كل ما يتولد من الأصول كالاولاد والاخوة والأخوات وأولادهم والأعمام وأولادهم وهم صاحب فرض وعصبية فصار مجموع الورثة ثلاثة اصناف صنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالنسب وصنف صاحب الباقي وهم العصبة كذلك الورثة هاهنا ثلاثة اصناف كما قال تعالى فَمِنْهُمْ اى من الذين اصطفينا من عبادنا ظالِمٌ لِنَفْسِهِ فى

العمل بالكتاب وهو المرجأ لامر الله اى الموقوف امره لامر الله اما يعذبه واما يتوب عليه وذلك لانه ليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) الآية ولا من ضرورة الاصطفاء المنع عن الوصف بالظلم هذا آدم عليه السلام اصطفاه الله كما قال (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ) وهو القائل (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الآية سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره أيعصى العارف الذي هو من اهل الكشف فقال نعم (وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) يعنى ان كان الحق قدر عليه فى سابق علمه شيأ فلا بد من وقوعه واعلم ان الظلم ثلاثة. ظلم بين الإنسان وبين الله وأعظمه الكفر والشرك والنفاق وظلم بينه وبين الناس. وظلم بينه وبين نفسه وهو المراد بما فى الآية كما فى المفردات وتقديم الظلم بالذكر لا يدل على تقديمه فى الدرجة لقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)

كما فى

ص: 347

الاسئلة المقحمة وقال بعضهم قدم الظالم لكثرة الفاسقين ولان الظلم بمعنى الجهل والركون الى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان وقال ابو الليث الحكمة فى تقديم الظالم وتأخير السابق كى لا يعجب السابق بنفسه ولا ييأس الظالم من رحمة الله يعنى [ابتداء بظالم كرد تا شرم زده نكردند وبرحمت بى غايت او اميدوار باشند]

نيايد از من آلوده طاعت خالص

ولى برحمت وفضلت اميدوارى هست

وقال القشيري فى الإرث يبدأ بصاحب الفرض وان قل نصيبه فكذا هاهنا بدأ بالظالم ونصيبه اقل من نصيب الآخرين [وكفته اند تقديم ظالم از روى فضلست وتأخيرش از راه عدل وحق سبحانه فضل را از عدل دوستر دارد وتأخير سابق جهت آنست كه تا بثواب كه دخول جنانست اقرب باشد يا بجهت آنكه اعتماد بر عمل خود نكند وبطاعت معجب نكردد كه عجب آتشيست كه چون برافروخته شود هزار خرمن عبادت بدو سوخته شود]

اى پسر عجب آتشى عجبست

كرم ساز تنور بو لهبست

هر كجا شعله ازو افروخت

هر چهـ از علم وزهد ديد بسوخت

وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ يعمل بالكتاب فى اغلب الأوقات ولا يخلو من خلط الشيء: وبالفارسية [وهست از ايشان كه راه ميان رفت نه هنر سابقان ونه تفريط ظالمان] فان الاقتصاد بالفارسية [ميان رفتن در كار] وانما قال مقتصد بصيغة الافتعال لان ترك الإنسان للظلم فى غاية الصعوبة وَمِنْهُمْ سابِقٌ اصل السبق التقدم فى السير ويستعار لاحراز الفضل فالمعنى متقدم الى ثواب الله وجنته ورحمته بِالْخَيْراتِ بالأعمال الصالحة بضم التعليم والإرشاد الى العلم والعمل والخير ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع وضده الشر قال بعض الكبار وهذه الخيرات على قسمين. قسم من كسب العبد بتقديم الخيرات. وقسم من فضل الرب بتواتر الجذبات الى ان يسبق على الظالم لنفسه وعلى المقتصد بالسير بالله فى الله وان كان مسبوقا بالذكر فى الأخير كما كان حال النبي عليه السلام مسبوقا بالخروج فى آخر الزمان للرسالة سابقا بالرجوع الى الحضرة ليلة المعراج على جميع الأنبياء والرسل كما اخبر عن حال نفسه وحال سابقى أمته بقوله (نحن الآخرون السابقون) اى الآخرون خروجا فى عالم الصورة السابقون وصولا الى عالم الحقيقة وعن جعفر الصادق رضى الله عنه بدأ بالظالمين اخبارا انه لا يتقرب اليه الا بكرمه وان الظلم لا يؤثر فى الاصطفاء ثم ثنى بالمقتصدين لانهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره وكلهم فى الجنة بحرمة كلمة الإخلاص وقد روى ان عمر رضى الله عنه قال على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له) وقال ابو بكر بن الوراق رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس لان احوال العبد ثلاث معصية وغفلة ثم توبة ثم قربة فاذا عصى دخل فى حيز الظالمين وإذا تاب دخل فى جملة المقتصدين وإذا صحت التوبة وكثرت العبادة والمجاهدة دخل فى عداد السابقين. والسابق على ضربين سابق ولد سابقا وعاش سابقا ومات سابقا وسابق ولد سابقا وعاش ظالما ومات سابقا فاسم الظالم عليهم عارية إذا ولدوا سابقين

ص: 348

وماتوا سابقين ولا عبرة بالظلم العارض بل العبرة بالأزل والابد لا بالبرزخ بينهما فاما من ولد ظالما وعاش ظالما ومات ظالما من هذه الامة فهو من اهل الكبائر الذين قال النبي عليه السلام فيهم (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المقتصد من مات على التوبة والسابق من عاش فى الطاعة ومات فى الطاعة. او السابق هو الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيآته مكفرة وهو معنى قوله عليه السلام (اما الذين سبقوا فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) . واما المقتصد فاولئك يحاسبون حسابا يسيرا. واما الذين ظلموا فاولئك يحبسون فى طول المحشر ثم يتلقاهم الله برحمته وهاهنا مقالات اخر كثيرة ذكرنا بعضا منها على ترتيب الآية وهو ان المراد بالطوائف الثلاث التالي للقرآن تلاوة مجردة والقارئ له العامل به والقارئ العامل بما فيه والمعلم له. او من استغنى بماله ومن استعنى بدينه ومن استغنى بربه. او الذي يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة والذي يدخله وقد اذن والذي يدخله قبل تأذين المؤذن وانما كان الاول ظالما لانه نقص نفس الاجر فلم يحصل لها ما حصل لغيرها. او الذي يعبد الله على الغفلة والعادة والذي يعبده على الرغبة والرهبة والذي يعبده على الهيبة. او الذي شغله معاشه عن معاده والذي اشتغل بالمعاش والمعاد جميعا والذي شغله معاده عن معاشه. او من يرتكب المعاصي غير مستحل لها ولا جاحد تحريمها ومن لا يزيد من الطاعات على الفرائض والواجبات ومن يكثر الطاعات ويبلغ النهاية فيها مع اجتناب المعاصي. او من هو معذب ناج ومن هو معاتب ناج ومن هو مقرب ناج. او الذي ترك الحرام والذي ترك الشبهة والذي ترك الفضل فى الجملة. او الذي رجحت سيآته والذي ساوت حسناته سيآته والذي رجحت حسناته. او من ظاهره خير من باطنه ومن استوى ظاهره وباطنه ومن باطنه خير من ظاهره. او من اسلم بعد فتح مكة ومن اسلم بعد الهجرة قبل الفتح ومن اسلم قبل الهجرة. او اهل البدو: يعنى [اهل باديه كه نه كمر جهاد

بندند ونه دولت جماعت يابند] واهل الحضر اى الأمصار وهم اصحاب الجماعات والجمعات واهل الجهاد فى سبيل الله. او من لا يبالى من اين أخذ من الحلال او الحرام ومن أخذ من الحلال ومن ترك الدنيا لما انه فى حلالها حساب وفى حرامها عذاب. او الذي يطلب فوق القوت والكفاف والذي يطلب القوت لا الزيادة عليه والذي يتوكل على الله ويجعل جميع جهده فى طاعته. او الذي يدخل الجنة بشفاعة الشافعين والذي يدخلها برحمة الله وفضله والذي ينجو بنفسه وينجو غيره بشفاعته. او الذي يضيع العمر فى الشهوة والمعصية والذي يحارب فيهما والذي يجتهد فى الزلات لان محاربة الصديقين فى الزلات ومحاربة الزاهدين فى الشهوات ومحاربة التائبين فى الموبقات. او من يطلب الدنيا تمتعا ومن يطلبها تلذذا ومن يتركها تزاهدا. او الذي يطلب ما لم يؤمر بطلبه وهو الرزق والذي يطلب ما امر به وما لم يؤمر به والذي يطلب مرضاة الله ومحبته. او اصحاب الكبائر وارباب الصغائر والمجتنب عنهما جميعا فهذا القائل انما حمل الأمر على أشده. او من يشتغل بعيب غيره ولا يصلح عيب نفسه ومن يطلب عيب نفسه ويطمع فى عيب غيره ايضا ومن يشتغل بعيب نفسه ولا يطلب عيب غيره أصلا. او الجاهل والمتعلم والعالم [يا آنكه انصاف ستاند وندهد وآنكه هم ستاند وهم دهد وآنكه او دهد

ص: 349

ونستاند يا طالب نجات ودرجات ومناجات يا ناظر از خود بخود ونكرنده از خود بآخرت وناظر از حق بحق يا آنكه پيوسته در خواب غفلت باشد وآنكه كاهى بيدار كردد وآنكه هميشه بيدار بود] . او الزاهد لانه ظلم نفسه بترك حظه من الدنيا والعارف والمحب. او الذي يجزع عند البلاء والصابر على البلاء والمتلذذ بالبلاء. او من ركن الى الدنيا ومن ركن الى العقبى ومن ركن الى المولى

نعيم هر دو جهان ميكنند بر ما عرض

دل از ميانه تمنا ندارد الا دوست

. او من جاد بنفسه ومن جاد بقلبه ومن جاد بروحه. او من له علم اليقين ومن له عين اليقين ومن له حق اليقين. او الذي يحب الله لنفسه والذي يحبه له والذي أسقط عنه مراده لمراد الحق لم ير لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه. او من يراه فى الآخرة بمقدار ايام الدنيا فى كل جمعة مرة ومن يراه فى كل يوم مرة ومن هو غير محجوب عنه ولو ساعة. او من هو فى ميدان العلم ومن هو فى ميدان المعرفة ومن هو فى ميدان الوجد. او السالك والمجذوب والمجذوب السالك فالسالك هو المتقرب والمجذوب هو المقرب والمجذوب السالك هو المستهلك فى كمالات القرب الفاني عن نفسه الباقي بربه. او من هو مضروب بسوط الأمل مقتول بسيف الحرص مضطجع على باب الرجاء ومن هو مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرم ومن هو مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة

اگر عاشقى خواهى آموختى

بكشتن فرج يابى از سوختن

مكن كريه بر كور مقتول دوست

قل الحمد لله كه مقبول اوست

فالظالم على هذه الأقاويل كلها هو المؤمن واما قول من قال الظالم لنفسه آدم عليه السلام والمقتصد ابراهيم عليه السلام والسابق محمد عليه السلام ففيه ان الآية فى حق هذه الامة الا ان يعاد الضمير فى قوله منهم الى العباد مطلقا فان قلت هل يقال ان آدم ظلم نفسه قلت هو قد اعترف بالظلم لنفسه فى قوله (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) وان كان الأدب الإمساك عن مثل هذا المقال فى حقه وان كان له وجه فى الجملة كما قال الراغب الظلم يقال فى مجاوزة الحق الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة ويقال فيما يقل ويكثر من التجاوز ولهذا يستعمل فى الذنب الكبير والصغير ولذلك قيل لآدم ظالم فى تعديه ولابليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد انتهى بِإِذْنِ اللَّهِ جعله فى كشف الاسرار متعلقا بالاصناف الثلاثة على معنى ظلم الظالم وقصد المقتصد وسبق السابق بعلم الله وإرادته. والظاهر تعلقه بالسابق كما ذهب اليه اجلاء المفسرين على معنى بتيسيره وتوفيقه وتمكينه من فعل الخير لا باستقلاله وفيه تنبيه على عزة منال هذه الرتبة وصعوبة مأخذها قال القشيري قدس سره كأنه قال يا ظالم ارفع رأسك فانك وان ظلمت فما ظلمت الا نفسك ويا سابق اخفض رأسك فانك وان سبقت فما سبقت الا بتوفيقى ذلِكَ السبق بالخيرات هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ من الله الكبير لا ينال الا بتوفيقه او ذلك الا يراث والاختيار فيكون بالنظر الى جمع المؤمنين من الامة وكونه فضلا لان القرآن

ص: 350

أفضل الكتب الالهية وهذه الامة المرحومة أفضل جميع الأمم السابقة وفى التأويلات النجمية اى الذي ذكر من الظالم مع السابق فى الايراث والاصطفاء ودخول الجنة ومن دقائق حكمته انه تعالى ما قال فى هذا المعرض الفضل العظيم لان الفضل العظيم فى حق الظالم ان يجمعه مع السابق فى الفضل والمقام كما جمعه معه فى الذكر جَنَّاتُ عَدْنٍ يقال عدن بمكان كذا إذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة بلا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى يَدْخُلُونَها جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين وما لهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن أريد بقوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) او المنافقون والمتابعون بالإحسان واصحاب النبي عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه فعلى هذه الأقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وإرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب والاول هو الأصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار قال ابو الليث فى تفسير أول الآية وآخرها دليل على ان الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون فاما أول الآية فقوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة واما آخر الآية فقوله (يَدْخُلُونَها) إذ لم يقل يدخلانها- وروى- عن كعب الأحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول الله عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة إلا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم الله يوم القيامة ثلاثة أثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى أكون من الصنف الاول وان لم أكن من الصنف الثاني او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) الى قوله (يَدْخُلُونَها) وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم أصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعم والتزين فيها ذكرهم على الجمع (جَنَّاتُ عَدْنٍ) الآية نبه على ان دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر (ان من اهل الجنة من يرى الله سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة) كما سبق يُحَلَّوْنَ [التحلية: با زيور كردن] اى يلبسون على سبيل التزين والتحلي نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة فِيها اى فى تلك الجنات مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ من الاولى تبعيضية والثانية بيانية. وأساور جمع اسورة وهو جمع سوار مثل كتاب وغراب معرب «دستواره» والمعنى يحلون بعض أساور من ذهب لانه أفضل من سائر افرادها اى بعضا سابقا لسائر الأبعاض

ص: 351

كما سبق المسورون به غيرهم وقال فى سورة هل اتى (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) قيل يجمع لهم الذهب والفضة جميعا وهو أجمل او بعضهم يحلون بالذهب وهم المقربون وبعضهم يحلون بالفضة وهم الأبرار وَلُؤْلُؤاً بالنصب عطفا على محل من أساور. واللؤلؤ الدر سمى بذلك لتلألئه ولمعانه والمعنى ويحلون لؤلؤا قال الكاشفى [چنانچهـ پادشاهان عجم] وقرىء بالجر عطفا على ذهب اى من ذهب مرصع باللؤلؤ ومن ذهب فى صفاء اللؤلؤ وذلك لانه لم يعهد الاسورة من نفس اللؤلؤ الا ان تكون بطريق النظم فى السلك وقال فى بحر العلوم عطف على ذهب فانهم يسورون بالجنسين أساور من ذهب ومن لؤلؤ وذلك على الله يسيروكم من امر من امور الآخرة يخالف امور الدنيا وهذا منها وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ لا كحرير الدنيا فانه لا يوجد من معناه فى الدنيا الا الاسم واللباس اسم ما يلبس: وبالفارسية [جامه و پوشش] والحرير من الثياب مارق كما فى المفردات وثوب يكون سداه ولحمته إبريسما وان كان فى الأصل الإبريسم المطبوخ كما فى القهستاني. ويحرم لبسه على الرجال دون النساء الا فى الحرب ولكن لا يصلى فيه الا ان يخاف العدو او لضرورة كحكة او جرب فى جسده او لدفع القمل ولا يلبسه وان لم يتصل بجلده وهو الصحيح وجاز ان يكون عروة القميص وزره حريرا كالعلم فى الثوب ولا بأس ان يشد خمارا اسود من الحرير على العين الرامدة والناظرة الى الثلج وان تكون التكة حريرا ورخص قدر اربع أصابع كما هى. وقيل مضمومة ولا يجمع المتفرق من الحرير. ويجوز عند الامام ان يجعل الحرير تحت رأسه وجنبه ويكره عندهما وبه أخذ اكثر المشايخ. وعلى هذا الخلاف تعليق الحرير على الجدر والأبواب ولا بأس بالجلوس على بساط الحرير والصلاة على السجادة منه وبوضع ملاءة الحرير على مهد الصبى. ويلبس الرجل فى الحرب وغيره بلا كراهة اجماعا ما سداه إبريسم ولحمته غيره سواء كان مغلوبا او غالبا او مساويا للحرير وهو الصحيح. ويلبس عكسه اى ما لحمته إبريسم وسداه غيره فى حرب فقط. وكره إلباس الصبى ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والإثم على الملبس لان الفعل مضاف اليه. وكذا يكره كل لباس خلاف السنة والمستحب ان يكون من القطن والكتان او الصوف. وأحب الألوان البياض. ولبس الأخضر سنة. ولبس الأسود مستحب ولا بأس بالثوب الأحمر كما فى الزاهدي الكل من القهستاني وقد سبق باقى البيان فى سورة الحج وغيرها وَقالُوا اى ويقولون عند دخول الجنة حمدا لربهم على ما صنع بهم وصيغة الماضي للدلالة على التحقق:

وبالفارسية [وكويند اين جمع چون از حفره دوزخ برهند وبروضه بهشت برسند] الْحَمْدُ لِلَّهِ اى الإحاطة باوصاف الكمال لمن له تمام القدرة الَّذِي أَذْهَبَ أزال عَنَّا بدخولنا الجنة الْحَزَنَ الحزن بفتحتين والحزن بالضم والسكون واحد وهو خشونة الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيه من الغم ويضاده الفرح وفى التأويلات النجمية سمى الحزن حزنا لحزونة الوقت على صاحبه وليس فى الجنة وهى جوار الحضرة حزونة وانما هى رضى واستبشار انتهى والمراد جنس الحزن سواء كان حزن الدنيا او حزن الآخرة من هم المعاش وحزن زوال النعم والجوع والعطش وقوت من الحلال وخوف السلطان ودغدغة التحاسد والتباغض وحزن الاعراض والآفات ووسوسة إبليس والسيئات

ص: 352

ورد الطاعات وسوء العاقبة والموت واهوال يوم القيامة والنار والمرور على الصراط وخوف المفراق وتدبير الأحوال وغير ذلك وفى الحديث (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى منشرهم وكأنى باهل لا اله الا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) قال ابو سعيد الخراز قدس سره اهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى الآخرة فتركوا الدنيا فى الدنيا فتنعموا وعاشوا عيش الجنانيين بالحمد والشكر بلا خوف ولا حزن

جنت نقدست اينجا ذوق ارباب حضور

در دل ايشان نباشد حزن وغم تا نفخ صور

إِنَّ رَبَّنا المحسن إلينا مع اساءتنا لَغَفُورٌ للمذنبين فيبالغ فى ستر ذنوبهم الفائتة للحصر شَكُورٌ للمطيعين فيبالغ فى اثابتهم فان الشكر من الله الاثابة والجزاء الوفاق وفى التأويلات غفور للظالم لنفسه شكور للمقتصد والسابق وانما قدم ما للظالم رفقا بهم لضعف أحوالهم انتهى ثم وصفوا الله بوصف آخر هو شكر له فقالوا الَّذِي أَحَلَّنا أنزلنا يقال حلت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل حل حلولا وأحله غيره والمحلة مكان النزول كما فى المفردات دارَ الْمُقامَةِ مفعول ثان لاحل وليست بظرف لانها محدودة. والمقامة بالضم مصدر تقول اقام يقيم اقامة ومقامة اى دار الاقامة التي لا انتقال عنها ابدا فلا يريد النازل بها ارتحالا منها ولا يراد به ذلك مِنْ فَضْلِهِ اى من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شىء من قبلنا من الأعمال فان الحسنات فضل منه ايضا فلا واجب عليه وذلك ان دخول الجنة بالفضل والرحمة واقتسام الدرجات بالأعمال والحسنات هذا مخلوق تحت رق مخلوق مثله لا يستحق على سيده عوضا لخدمته فكيف الظن بمن له الملك على الإطلاق أيستحق من يعبده عوضا على عبادته تعالى الله عما يقول المعتزلة من الإيجاب وفى التأويلات وبقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) من فضله كشف القناع عن وجه الأحوال كلها فدخل كل واحد من الظالم والمقتصد والسابق فى مقام أحله الله فيه من فضله لا بجهده وعمله وان الذي ادخله الله الجنة جزاء بعمله فتوفيقه للعمل الصالح ايضا من فضل الله وهذا حقيقة قوله عليه السلام (قبل من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة) لا يَمَسُّنا المس كاللمس وقد يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والمعنى: بالفارسية [نميرسد ما را] فِيها

اى فى دار الاقامة فى وقت من الأوقات نَصَبٌ تعب بدن ولا وجع كما فى الدنيا وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ كلال وفتور إذ لا تكليف فيها ولا كدّ: وبالفارسية [ماندكى وملال چهـ كلفتى ومحنتى نيست در وى بلكه همه عيش وحضور وفرح وسرورست] وإذا أرادوا ان يروه لا يحتاجون الى قطع مسافة وانتظار وقت بل هم فى غرفهم يلقون فيها تحية وسلاما وإذا رأوه لا يحتاجون الى تحديق مقلة فى جهة يرونه كما هم بلا كيفية كل صفة لهم أرادت الرؤية لقوله تعالى (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) والفرق بين النصب واللغوب ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور للجوارح قال ابو حيان هو لازم من تعب البدن فهى الجديرة لعمرى بان يقال فيها

ص: 353

علياء لا تنزل الأحزان ساحتها

لومسها حجر مسته سراء

والتصريح بنفي الثاني مع استلزام نفى الاول له وتكرير الفعل المنفي للمبالغة فى بيان انتفاء كل منهما- روى- عن الضحاك رحمه الله قال إذا دخل اهل الجنة الجنة استقبلهم الولدان والخدم كأنهم اللؤلؤ المكنون فبعث الله من الملائكة من معه هدية من رب العالمين وكسوة من كسوة الجنة فيلبسه فيريد ان يدخل الجنة فيقول الملك كما أنت ويقف ومعه عشرة خواتيم من خواتيم الجنة هدية من رب العالمين فيضعها فى أصابعه مكتوب فى أول خاتم منها (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) وفى الثاني مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) وفى الثالث مكتوب (رفعت عنكم الأحزان والهموم) وفى الرابع مكتوب (زوجناكم الحور العين) وفى الخامس مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) وفى السادس مكتوب (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) وفى السابع مكتوب (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) وفى الثامن مكتوب (صرتم آمنين لا تخافوا ابدا) وفى التاسع مكتوب (رافقتم النبيين والصديقين والشهداء) وفى العاشر مكتوب (فى جوار من لا يؤذى الجيران) ثم يقول الملك (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) فلما دخلوا (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الى آخر الآية [اى جوانمرد. قدر ترياق مار كزيده داند. قدر آتش سوزان پروانه داند. قدر پيرهن يوسف يعقوب غمكين داند او كه مغرور سلامت خويش است اگر او را ترياق دهى قدر آن چهـ داند جان بلب رسيده بايد تا قدر ترياق بداند درويشى دل شكسته غم خورده اندوه كشيده بايد تا قدر اين شناسد وعز اين خطاب بداند كه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) باش تا فردا كه آن درويش دلريش را در حظيره قدس بر سرير سرور نشانند وآن غلمان وولدان چاكروار پيش تخت دولت او سماطين بر كشند شب محنت بپايان رسيده خورشيد سعادت از أفق كرامت بر آمده وحضرت عزت از الطاف وكرم روى بدرويش نهاده بزبان ناز ودلال همى كويد بنعت شكر (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلخ

نماند اين شب تاريك ميرسد سحرش

نماند ابر ز خورشيد ميرود كدرش

نسأل الله الانكشاف وَالَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا بوجود الله تعالى او بوحدته لَهُمْ بمقابلة كفرهم الذي هو اكبر الكبائر وأقبح القبائح نارُ جَهَنَّمَ التي لا تشبه نارا لا يُقْضى عَلَيْهِمْ لا يحكم عليهم بموت ثان: يعنى [وقتى كه در دوزخ باشند] فَيَمُوتُوا ويستريحوا من العذاب ونصبه بإضمار ان لانه جواب النفي وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها طرفة عين بل كلما خبت زيد استعارها: يعنى [هر كاه كه آتش فرو نشيند زياده كنند إحراق والتهاب او را] وقوله كلما خبت لا يدل على تخفيف عنهم بل على نقصان فى النار ثم يزداد كما فى كشف الاسرار قوله عنهم نائب مناب الفاعل ومن عذابها فى موقع النصب او بالعكس وان كانت زائدة يتعين له الرفع كَذلِكَ اى مثل هذا الجزاء الفظيع نَجْزِي [جزا ميدهيم] كُلَّ كَفُورٍ مبالغ فى الكفر او فى الكفران لاجزاء أخف وادنى منه وَهُمْ اى الكفار يَصْطَرِخُونَ فِيها يستغيثون: وبالفارسية [فرياد ميخواهند در

ص: 354

دوزخ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن] لجهر المستغيث صوته رَبَّنا بإضمار القول يقولون ربنا أَخْرِجْنا من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً [عمل پسنديده] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الأعمال مبنى على الايمان غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه إذ كان هوى وطبعا ومخالفة: يعنى [اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار ما در دنيا شايسته نبود] أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [والتعمير: زندكانى دادن] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [والتذكر: پند كرفتن] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثاني مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [آيا زندكانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شما را آن مقدار پند كيريد ودر ان عمر هر كه

خواهد كه پند كيرد] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه وإصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة أعظم يعنى إذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثماني عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة أشد من الاول وفى الحديث (اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة) اى أزال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام (أعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين) وأقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث (ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده وأبناء الستين ما قدمتم وما عملتم وأبناء السبعين هلموا الى الحساب) وكان الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره إذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولا نسيناك لما نسيتنا أنت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لانسنا. وكان إذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبرسنك وتمردجنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت إلينا قبلناك

دل ز دنيا زودتر كردد جوانانرا خنك

كهنكى از سردىء آبست مانع كوزه را

وكان جماعة من الصحابة ومن بعدهم إذا بلغ أربعين سنة او رأى شيبا بالغ فى الاجتهاد وطوى الفراش واقبل على قيام الليل واقل معاشرة الناس ولا فرق فى ذلك بين الأربعين فما دونها

ص: 355

لان الاجل مكتوم لا يدرى متى يحل أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغافلين وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ عطف على الجملة الاستفهامية لانها فى معنى قد عمرناكم من حيث ان همزة الإنكار إذا دخلت على حرف النفي أفادت التقرير كما فى قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا) إلخ لانه فى معنى قد شرحنا إلخ والمراد بالنذير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الجمهور او ما معه من القرآن او العقل فانه فارق بين الخير والشر او موت الأقارب والجيران والاخوان او الشيب وفيه ان مجيىء الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله قال الكاشفى [واكثر علما بر آنند كه مراد از نذير شيب است چهـ زمان شيب فرو نشاننده شعله حياتست وموسم پيرى ژنك فزاينده آيينه ذات]

نوبت پيرى چوزند كوس درد

دل شود از خوشدلى وعيش فرد

در تن وأندام در آيد شكست

لرزه كند پاى ز سستى چودست

موى سفيد از أجل آرد پيام

پشت خم از مرك رساند سلام

قيل أول من شاب من ولد آدم عليه السلام ابراهيم الخليل عليه السلام فقال ما هذا يا رب قال هذا وقار فى الدنيا ونور فى الآخرة فقال رب زدنى من نورك ووقارك وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) اى الذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة وقال فى الكواشي يجوز ان يراد بالنذير كل ما يوزن بالانتقال فلا بد من التنبه عند مجيئه ولذا قال اهل الأصول الصحيح من قولى محمد ان الحج يجب موسعا يحل فيه التأخير الا إذا غلب على ظنه انه إذا اخر يفوت فاذا مات قبل ان يحج فان كان الموت فجأة لم يلحقه اثم وان كان بعد ظهور امارات يشهد قلبه بانه لواخر يفوت لم يحل له التأخير ويصير مضيقا عليه لقيام الدليل فان العمل بدليل القلب أوجب عند عدم دلالته [در موضح آورده كه چون دوزخيان استغاثه كنند وبفرياد آيند وكويند خدايا ما را بدنيا فرست تا عمل خير كنيم بمقدار زمان دنيا از أول إبداع تا آخر انقطاع فرياد كنند تا حق سبحانه وتعالى جواب فرمايد كه زندكانى دادم شما را ونذير فرستادم بشما كويند بلا زندكانى يافتيم ونذير را ديديم خداى تعالى فرمايد] فَذُوقُوا [پس بچشيد عذاب دوزخ فالفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجيىء النذير فَما الفاء للتعليل لِلظَّالِمِينَ على أنفسهم بالكفر والشرك مِنْ نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم وفيه اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا نائمين ولذا لم يذوقوا الألم فلما ماتوا وبعثوا وتيقظوا تيقظا تاما ذاقوا العذاب وأدركوه إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

اى يختص بالله علم كل شىء فيهما غاب عن العباد وخفى عليهم فكيف يخفى عليه أحوالهم وانهم لوردوا الى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه إِنَّهُ

تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ

لم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات تأنيث ذى بمعنى صاحب والمعنى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور اى القلوب: وبالفارسية [داناست بچيزها كه مضمر است در سينها] فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وجعلت الخواطر القائمة بالقلب صاحبة له بملازمتها وحلولها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة وهو جنين ذو بطنها فالاضافة لادنى ملابسة وفى التأويلات

ص: 356

النجمية اى عالم بإخلاص المخلصين وصدق الصادقين وهما من غيب سموات القلوب وعالم بنفاق المنافقين وجحد الجاحدين وهما من غيب ارض النفوس انتهى ففيه وعد ووعيد وحكم الاول الجنة والقربة وحكم الثاني النار والفرقة قيل لا يا رب الا ما لا خير فيه قال كذلك لا ادخل النار من عبادى الا من لا خير فيه وهو الايمان

در خلائق روحهاى پاك هست

روحهاى شيره كلناك هست

واجبست اظهار اين نيك وتباه

همچنان اظهار كندمها ز كاه

هُوَ اى الله تعالى وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ جمع خليفة واما خلفاء فجمع خليف وكلاهما بمعنى المستخلف اى جعلكم خلفاء فى ارضه والقى إليكم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها وأباح لكم منافعها او جعلكم خلفاء ممن كان قبلكم من الأمم وأورثكم ما بايديهم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة وفيه اشارة الى ان كل واحد من الأفاضل والأراذل خليفة من خلفائه فى ارض الدنيا. فالافاضل يظهرون جمال صنائعه فى مرآة اخلاقهم الربانية وعلومهم اللدنية. والأراذل يظهرون كمال بدائعه فى مرآة حرفهم وصنعة أيديهم. ومن خلافتهم ان الله تعالى استخلفهم فى خلق كثير من الأشياء كالخبز فانه تعالى يخلق الحنطة بالاستقلال والإنسان بخلافته يطحنها ويخبزها وكالثوب فانه تعالى يخلق القطن والإنسان يغزله وينسج منه الثوب بالخلافة وهلم جرا فَمَنْ [پس هر كه] كَفَرَ منكم نعمة الخلافة بان يخالف امر مستخلفه ولا ينقاد لاحكامه ويتبع هواه فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ اى وبال كفره وجزاؤه وهو الطرد واللعن والنار لا يتعداه الى غيره وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً قال الراغب المقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح: يعنى [نتيجه كفر ايشان بنسبت مكر بغض ربانى كه سبب غضب جاودانى همان تواند بود] وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً [مكر زيانى در آخرت كه حرمانست از جنت] والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على ان اقتضاء الكفر لكل واحد من الامرين الهائلين القبيحين بطريق الاستقلال والاصالة. والتنكير للتعظيم اى مقتا عظيما ليس وراءه خزى وصغار وخسارا عظيما ليس بعده شر وتبار قُلْ تبكيتا لهم أَرَأَيْتُمْ [آيا ديديد] شُرَكاءَكُمُ اى آلهتكم وأصنامكم والاضافة إليهم حيث لم يقل شركائى لانهم جعلوهم شركاء الله وزعموا ذلك من غير ان يكون له اصل ما أصلا الَّذِينَ تَدْعُونَ [ميخوانيد ايشانرا ومى پرستيد] مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين دعاء الله وعبادته أَرُونِي أخبروني: وبالفارسية [بنماييد وخبر كنيد مرا] وذلك لان الرؤية والعلم سبب الاخبار فاستعمل الاراءة فى الاخبار وهو بدل من أرأيتم بدل اشتمال كأنه قيل أخبروني عن شركائكم أروني ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أي جزء من اجزاء الأرض استبدوا بخلقه دون الله والمراد من الاستفهام نفى ذلك: وبالفارسية [اين شركا چهـ چيز آفريده اند از زمين وآنچهـ درو برويست] أَمْ لَهُمْ [آيا هست ايشانرا] شِرْكٌ فِي السَّماواتِ شركة مع الله فى خلق السموات ليستحقوا بذلك شركة فى الالوهية

ص: 357

ذاتية أَمْ آتَيْناهُمْ اى الشركاء ويجوز ان يكون الضمير للمشركين كِتاباً ينطق بانا اتخذناهم شركاء فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ اى حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بان لهم شركة جعلية ولما نفى انواع الحجج فى ذلك اضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو التقرير فقال بَلْ [نه چنين است بلكه] إِنْ نافية اى ما يَعِدُ الظَّالِمُونَ [وعده نمى دهند مشركان برخى ايشان كه أسلاف يا رؤسا واشرافند] بَعْضاً [برخى ديكر را كه اخلاف ويا اراذل واتباعند] إِلَّا غُرُوراً باطلا لا اصل له وهو قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهو تغرير محض يسفه بذلك آراءهم وينبئهم على ذميم أحوالهم وأفعالهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم باعراضهم عن الله وإقبالهم على ما سواه فعلى العاقل ان يصحح التوحيد ويحققه ولا يرى الفاعل والخالق الا الله وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينا انا أسير فى تيه بنى إسرائيل إذا انا بجارية سوداء قد استلبها الوله من حب الرحمن شاخصة ببصرها نحو السماء فقلت السلام عليك يا أختاه فقالت وعليك السلام يا ذا النون فقلت لها من اين عرفتنى يا جارية فقالت يا بطال ان الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم أدارها حول العرش فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فعرفت روحى روحك فى ذلك الجولان فقلت انى لاراك حكيمة علمينى شيأ مما علمك الله فقالت يا أبا الفيض ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير الله ويبقى القلب مصفى ليس فيه غير الرب فحينئذ يقيمك على الباب ويوليك ولاية جديدة ويأمر الخزان لك بالطاعة فقلت يا أختاه زيدينى فقالت يا أبا الفيض خذ من نفسك لنفسك وأطع الله إذا خلوت يجبك إذا دعوت ولن يستجيب الا من قلب غير غافل وهو قلب الموحد الحقيقي الذي زال عنه الشرك مطلقا

اگر چهـ آينه دارى از براى رخش

ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار

بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى

غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى يحفظهما بقدرته فان الإمساك ضد الإرسال وهو التعلق بالشيء وحفظه أَنْ تَزُولا الزوال الذهاب وهو يقال فى كل شىء قد كان ثابتا قبل اى كراهة زوالهما عن أماكنهما فان الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ فعلى هذا يكون مفعولا له او يمنعهما من ان تزولا لان الإمساك منع يقال أمسكت عنه كذا اى منعته فعلى هذا يكون مفعولا به وَلَئِنْ زالَتا اى والله لئن زالت السموات والأرض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة إِنَّ نافية اى ما أَمْسَكَهُما [نكاه ندارد ايشانرا] اى ما قدر على إعادتهما الى مكانهما مِنْ أَحَدٍ [هيچ يكى] ومن مزيدة لتأكيد نفى الإمساك عن كل أحد مِنْ بَعْدِهِ من للابتداء اى من بعد إمساكه تعالى او من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط إِنَّهُ سبحانه كانَ حَلِيماً غير معاجل بالعقوبة التي تستوجبها جنايات الكفار حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بان تهدّا هدّا لعظم كلمة الشرك غَفُوراً لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما فى المفردات والفرق بين الحليم والصبور

ص: 358

ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيء ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم وفى شرح الأسماء للامام الغزالي رحمه الله تعالى الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالإحسان فانه من كمالات الإنسان

بدى را بدى سهل باشد جزا

اگر مردى احسن الى من أساء

- روى- عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبي عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ وأشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج. ولعل سره ان السموات والأرض اشارة الى الأرواح والأجساد فكما ان الله تعالى يحفظ عالم الصورة من أوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو أنموذجه وهو عالم الإنسان. وايضا ان الجاني وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما واعلم ان التوحيد سبب لنظام العالم باسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه إذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الأمر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه إذا يكون كجسد بلا روح والروح إذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والأرض وامساكهما عن الزوال والذهاب وان الإنسان الكامل من حيث انه خليفة الله هو العماد المعنوي فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل إقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا- يروى- ان آخر مولود فى النوع الإنساني يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى الله فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه الله وقبض مؤمنى زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الأمر الى الآخرة

مدار نظم امور جهان انسانست

جميع اهل جهان جسم وجان انسانست

فناى عالم صورت برحلتش مربوط

مقام بود سما اوت كرد بأرض هبوط

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ اقسم حلف أصله من القسامة وهى ايمان تقسم على اولياء المقتول ثم صار اسما لكل حلف كما فى المفردات والضمير لمشركى مكة: والمعنى بالفارسية [وسوكند خوردند اهل مكه بخداى تعالى] جَهْدَ أَيْمانِهِمْ مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم. والجهد والجهد الطاقة والمشقة. وقيل الجهد بالفتح المشقة وبالضم الوسع والايمان

ص: 359

بالفتح جمع يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين بمعنى اليد اعتبارا بما يفعل المحالف والمعاهد عنده قال الراغب اى حلفوا واجتهدوا فى الحلف ان يأتوا به على ابلغ ما فى وسعهم انتهى وكان اهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك وكانوا يحلفون بالله ويسمونه جهد اليمين وهى اليمين المغلظة كما قال النابغة

حلفت فلم اترك لنفسك ريبة

وليس وراء الله للمرء مطلب

اى كما ان الله تعالى أعلى المطالب كذلك الحلف به أعلى الاحلاف- روى- ان قريشا بلغهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وحلفوا لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ اى والله لئن جاء قريشا نبى منذر لَيَكُونُنَّ أَهْدى أطوع وأصوب دينا مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ [از يكى امتان كذشته] اى من كل من اليهود والنصارى وغيرهم لان احدى شائعة. والأمم جمع فليس المراد احدى الامتين اليهود والنصارى فقط ولم يقل من الأمم بدون احدى لانه لو قال لجاز ان يراد بعض الأمم وقوله فى اواخر الانعام (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) اى اليهود والنصارى ثم قوله (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) اى الى الحق لا ينافى العموم لان تخصيص الطائفتين وكتابيهما انما هو لاشتهارهما بين الأمم واشتهارهما فيما بين الكتب السماوية وقال بعضهم معنى من احدى الأمم من الامة التي يقال لها احدى الأمم تفضيلا لها على غيرها فى الهدى والاستقامة ومنه قولهم للداهية هى احدى الدواهي اى العظيمة واحدى سبع اى احدى ليالى عاد فى الشدة وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لما كان مركبا من الروح والجسد فبروحانيته يميل الى الدين وما يتعلق به وببشريته يميل الى الدنيا وما يتعلق بها الكافر والمؤمن فيه سواء الا ان الكافر إذا مال الى شىء من الدين بحسب غلبة روحانيته على بشريته وعاهد عليه ثم وقع فى معرض الوفاء به لم توافقه نفسه لانها مائلة الى الكفر راغبة عن الدين وظلمة الكفر تحرّضه على نقض العهد فينقضه وان المؤمن إذا مال الى شىء من الدنيا بحسب غلبة بشريته على روحانيته وعاهد عليه وهو يريد الوفاء به يمنعه نور إيمانه عن ذلك ويحرضه على نقض العهد فينقضه وكذلك المريد الصادق إذا اشتد عليه القبض وملت نفسه من مقاساة شدة الرياضة والمجاهدة يمنى نفسه بنوع من الرخص استمالة لها وربما عاهد الله عليه ويؤكد الشيطان فيه عهده ويمنيه وبعده فاذا وقع فى معرض الوفاء وأراد ان يفى بعده فاذا صدقت إرادته تسبق عزيمته وتحرك سلسلة طلبه فينقض عهده مع النفس ويجدد عهد الطلب مع الله ويتمسك بدوام الذكر وملازمته الى ان يفتح الله بمفتاح الذكر باب قلبه الى الحضرة ويزهق بمجىء الحق باطل ما تمناه فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وأي نذير أفضل الكل واشرف الأنبياء والرسل عليهم السلام ما زادَهُمْ اى النذير او مجيئه على التسبب إِلَّا نُفُوراً تباعدا عن الحق والهدى: وبالفارسية [مكر رميدن از حق ودور شدن] اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نفورا او مفعول له يعنى عتوا على الله وتكبرا عن الايمان به: وبالفارسية [كردن كشى از فرمان

ص: 360

الهى] قال فى بحر العلوم الاستكبار التكبر كالاستعظام والتعظم لفظا ومعنى انتهى قال بعض الكبار ان الله تعالى قد انشأك من الأرض فلا ينبغى لك ان تعلو على أمك

ز خاك آفريدت خداوند پاك

پس اى بنده افتادگى كن چوخاك

وَمَكْرَ السَّيِّئِ عطف على استكبارا او على نفورا وأصله ان مكروا المكر السيّء فحذف الموصوف استغناء بوصفه ثم بدل ان مع الفعل بالمصدر ثم أضيف اتساعا قال فى تاج المصادر [المكر: تاريك شدن شب] ومنه اشتق المكر لانه السعى بالفساد فى خفية وقال الراغب المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان محمود وهو ان يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قوله (وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ومذموم وهو ان يتحرى به فعل قبيح انتهى ومنه الآية ولذا وصف بالسيىء والمعنى ما زادهم الا المكر السيّء فى دفع امره عليه السلام بل وفى قتله وإهلاكه: وبالفارسية [وآنكه مكر كردند مكرى بد يعنى حيله انديشيدند در هلاك كردن آن تدبير] وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ قال

فى القاموس حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أحاط به كاحاق وحاق بهم العذاب أحاط ونزل كما فى المختار والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله والمعنى ولا يحيط المكر السيّء الا باهله وهو الماكر وقد حاق بهم يوم بدر: وبالفارسية [واحاطه نميكنند مكر بد مكر باهل وى يعنى مكر هر ماكرى بوى احاطه كند وأطراف وجوانب وى فرو كيرد وهر چهـ در باب قصد كسى انديشيده باشد درباره خود مشاهد نمايد] قال فى بحر العلوم المعنى الا حيقا ملصقا باهله وهو استثناء مفرغ فيجب ان يقدر له مستثنى منه عام مناسب له من جنسه فيكون التقدير ولا يحيق المكر السيّء حيقا الا حيقا باهله وفى الحديث (لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا فان الله يقول ولا يحيق المكر السيّء الا باهله ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا فان الله يقول انما بغيكم على أنفسكم) واما قوله عليه السلام (انصر أخاك ظالما او مظلوما) فمعناه بالنسبة الى نصرة الظالم ان تنصره على إبليس الذي يوسوس فى صدره بما يقع منه فى الظلم بالكلام الذي تستحليه النفوس وتنقاد اليه فتعينه على رد ما وسوس اليه الشيطان من ذلك وفى حديث آخر (المكر والخديعة فى النار) يعنى أصحابهما لانهما من اخلاق الكفار لا من اخلاق المؤمنين الأخيار وفى أمثالهم من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا فلا يصيب الشر الا اهل الشر [وابن باميين را درين باب قطعه است اين دو بيت اينجا ثبت افتاد]

در باب من ز روى حسد يكدو ناشناس

دمها زدند وكوره تزوير تافتند

ز اعمال نفسهم همه نيكى بمن رسيد

وايشان جزاى فعل بد خويش يافتند

جعلنا الله وإياكم ممن صفا قلبه من الغل والكدر وحفظنا من الوقوع فى الخطر فَهَلْ يَنْظُرُونَ النظر هنا بمعنى الانتظار اى ما ينتظرون: وبالفارسية [پس آيا انتظار ميبرند مكذبان ومكاران يعنى نمى برند و چشم نمى دارند] إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله فى الأمم المتقدمة بتعذيب مكذبيهم وماكريهم. والسنة الطريقة وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة الله طريقة حكمته فَلَنْ الفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه تَجِدَ [پس نيابى تو البته] لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا بان يضع موضع العذاب

ص: 361

غير العذاب وهو الرحمة والعفو وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا بان ينقله من المكذبين الى غيرهم [والتحويل: بگردانيدن] ونفى وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهاني وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما وفى الآية تنبيه على ان فروع الشرائع وان اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول الى ثواب الله وجواره كما فى المفردات أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ الهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الأرض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة فَيَنْظُرُوا بمشاهدة آثار ديار الأمم الماضية العاتية كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم وَكانُوا اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً [سخترين از مكيان از روى توانايى] وأطول أعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [الاعجاز: عاجز كردن] واللام ومن لتأكيد النفي والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز الله تعالى شىء ويسبقه ويفوته فِي السَّماواتِ وَلا تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات فِي الْأَرْضِ [پس هر چهـ خواهد كند وكسى بر حكم او پيشى نكيرد] إِنَّهُ تعالى كانَ عَلِيماً بليغ العلم بكل شىء فى العالم مما وجد ويوجد قَدِيراً بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع أعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا على معاقبتهم إذا كانت أعمالهم مثل أعمالهم والآية وعظ من الله تعالى ليعتبروا

نرود مرغ سوى دانه فراز

چون دكر مرغ بيند اندر بند

پند كير از مصائب دكران

تا نكيرند ديكران ز تو پند

والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ولا ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على أعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك قال بعض الكبار ما أخذ الله من أخذ من الأمم الا فى آخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الإلهي المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما إذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل أولهما معا او فى حق طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من أخذ من الأمم إذا انقضت دورته وقع الاخذ الإلهي فى آخره انتهى كلامه قدس سره واعلم ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة ليروا ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم إذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال أخذهم فى الدنيا والآخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير إذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصي غير الكفر

ص: 362

عصمنا الله وإياكم مما يوجب سخطه وعذابه وعقابه وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ جميعا بِما كَسَبُوا من المعاصي: وبالفارسية [واگر مؤاخذه كرد خداى تعالى مردمانرا بجزاى آنچهـ كسب ميكنند از شرك ومعصيت چنانكه مؤاخذه كرد امم ماضيه] ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها الظهر بالفارسية [پشت] والكناية راجعة الى الأرض وان لم يسبق ذكرها لكونها مفهومة من المقام مِنْ دَابَّةٍ من نسمة تدب عليها من بنى آدم لانهم المكلفون المجازون ويعضده ما بعد الآية او من غيرهم ايضا فان شؤم معاصى المكلفين يلحق الدواب فى الصحارى والطيور فى الهواء بالقحط ونحوه ولذا يقال من أذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة وقد أهلك الله فى زمان نوح عليه السلام جميع الحيوانات الا ما كان منها فى السفينة وذلك بشؤم المشركين وسببهم وقال بعض الائمة ليس معناه ان البهيمة تؤخذ بذنب ابن آدم ولكنها خلقت لابن آدم فلا معنى لابقائها بعد إفناء من خلقت له وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين معلوم عند الله وهو يوم القيامة فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [پس چون بيايد وقت هلاك ايشان] فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً فيجازيهم عند ذلك بأعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر

آنرا بلوامع رضا بنوازد

اين را بلوامع غضب بگدازد

كس را بقضاي قدرتش كارى نيست

آنست صلاح خلق كو ميسازد

وفى الآية اشارة الى انه ما من انسان الا ويصدر منه ما يستوجب المؤاخذة ولكن الله تعالى بفضله ورحمته يمهل ثم يؤاخذ من كان اهل المؤاخذة ويعفو عمن هو اهل العفو ففى الآية بيان حلمه تعالى وارشاد للعباد الى الحلم فان الحلم حجاب الآفات وملح الأخلاق وساد أحنف بن قيس بعقله وحلمه حتى كان يتجرد لامره مائة الف سيف وكان أمراء الأمصار يلتجئون اليه فى المهمات وهو المضروب به المثل فى الحلم وقال له رجل دلنى على المروءة فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح ثم قال ألا ادلك على أدوى الداء قال بلى قال اكتساب الذم بلا منفعة ومن بلاغات الزمخشري «البأس والحلم حاتمى واحنفى:

والدين والعلم حنيفى وحنفى» وفيه لف ونشر على الترتيب والبأس الشجاعة وفيها السخاوة إذ لا تكون الشجاعة الا بسخاوة النفس ولا تكون السخاوة الا بالشجاعة فان المال محبوب لا يصدر إنفاقه الا ممن غلب على نفسه. والجود منسوب الى حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي.

والحلم منسوب الى الأحنف المذكور. والدين منسوب الى ابراهيم بن الحنيف معلم ابى حنيفة رحمه الله. والعلم منسوب الى ابى حنيفة وفى هذا المعنى قيل

الفقه زرع ابن مسعود وعلقمة

حصاده ثم ابراهيم دوّاس

نعمان طاحنه يعقوب عاجنه

محمد خابز والآكل الناس

ثم ان الحلم لا بد وان يكون فى محله كما قيل

ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة

وفى بعضها عزا يسود فاعله

وكذلك الإحسان فانه انما يحسن إذ وقع فى موقعه

هر آنكس كه بر دزد رحمت كند

ببازوى خود كاروان ميزند

ص: 363