الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ تأليفه:
لم يذكر ابن القيم هذا الكتاب في مؤلفاته الأخرى، ولعله ألَّفه في أواخر حياته، وسيأتي بيان أن من بين المصادر التي اعتمد عليها المؤلف:«الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين» الذي ألفه الحافظ مغلطاي قبل سنة 745 بقليل، واطلع عليه الحافظ صلاح الدين العلائي في هذه السنة وأنكر عليه بعض ما جاء فيه، ورفع أمره إلى الموفق الحنبلي، فاعتقله بعد أن عزّره، ومنع الكتبيين من بيع الكتاب، وبقي معتقلًا حتى انتصر له جنكلي بن البابا وخلَّصه
(1)
. ومغلطاي من المعاصرين لابن القيم ومن المحبين لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومحنته بسبب الكتاب كانت مشهورة، فلا عجب أن يطلع عليه ابن القيم، وينقل منه نصوصًا كثيرةً، إلا أنه لم يُشِر إلى الكتاب أو المؤلف. ومهما يكن من أمر فاعتماد ابن القيم على كتاب مغلطاي يدلُّ على أن تأليف «روضة المحبين» كان بعد سنة 745، وهذا ما نريد أن نتوصل إليه هنا.
موضوع الكتاب:
«روضة المحبين» من أحسن الكتب التي أُلِّفت في موضوع الحب،
(1)
انظر «الدرر الكامنة» (4/ 352).
وأكثرها فائدة، وأجمعها للأحاديث والآثار في هذا الباب، وأحسنها انتقاءً لأخبار المحبين والعشاق، وقد جعله المؤلف في تسعة وعشرين بابًا، وقدَّم لها بمقدمة جيدة ذكر فيها الغرض من تأليف الكتاب ومنهجه فيه، وسرد أبوابه، ووصفه بقوله:«هذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس، فإنه يصلح عونًا على الدين وعلى الدنيا، ومرقاةً للذة العاجلة ولذة العقبى، وفيه من ذكر أقسام المحبة وأحكامها ومتعلقاتها، وصحيحها وفاسدها، وآفاتها وغوائلها، وأسبابها وموانعها، وما يناسب ذلك من نكتٍ تفسيرية، وأحاديث نبوية، ومسائل فقهية، وآثار سلفية، وشواهد شعرية، ووقائع كونية، ما يكون مُمْتِعًا لقارئه، مُروِّحًا للناظر فيه. فإن شاء أوسعه جدًّا وأعطاه ترغيبًا وترهيبًا، وإن شاء أخذ من هَزْله ومُلَحه نصيبًا، فتارةً يضحكه وتارة يُبكيه، وطورًا يُبعده من أسباب اللذة الفانية، وطورًا يُرغِّبه فيها ويُدنيه. فإن شئتَ وجدتَه واعظًا ناصحًا، وإن شئت وجدته بنصيبك من اللذة والشهوةِ ووَصْلِ الحبيب مسامحًا» .
هذا وصف إجمالي لمحتويات الكتاب، وفيما يلي استعراض لأبوابه وموضوعاته.
خصَّص المؤلف أبوابه الأولى (1 - 5) لبيان أسماء المحبة واشتقاقها ومعانيها، ونسبة بعضها إلى بعض، وأن العالم العلوي والسُّفليّ إنما وُجد بالمحبة ولأجلها، كما تحدث عن دواعي المحبة ومتعلَّقها.
وفي الأبواب (6 - 9) تحدث عن أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه، وذكر مناظرةً بين القلب والعين وحَكَّم فيها الكبد، وذكر الشُّبه التي احتج بها من أباح النظر إلى الحرام وأباح عشقه، ثم الجواب عنها وبيان ما لهم وما عليهم في هذا الاحتجاج.
أما الأبواب (10 - 16) فهي لبيان حقيقة العشق وأوصافه وكلام الناس فيه، وهل هو اضطراري أو اختياري، واختلاف الناس في ذلك، وبيان سكرة العشاق وأن اللذة تابعة للمحبة في الكمال والنقصان، وذكر من مدح العشق وذمَّه، والقول الفصل في هذا الباب.
وتحدث في الأبواب (17 - 19) عن استحباب تخيُّر الصور الجميلة للوصال الذي يحبُّه الله ورسوله، وأن دواء المحبين في كمال الوصال المباح، وميل النفوس إلى فضيلة الجمال.
وعقد الأبواب (20 - 28) لبيان علامات المحبة وشواهدها، واقتضاء المحبة إفرادَ الحبيب وعدم التشريك فيه، وذكر غيرة المحبين وعفافهم، وارتكاب سبل الحرام ومفاسده، ورحمة المحبين والشفاعة لهم، وترك أدنى المحبوبَيْن رغبةً في أعلاهما.
وختم الكتاب بالباب (29) في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المُنى في الدنيا والآخرة.
ويظهر من قراءة الكتاب أن المؤلف اجتهد كثيرًا في تهذيبه وترتيبه، واختيار النصوص والأخبار المناسبة لجميع الأبواب، ويهدف من