الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
حديث عبد الله بن عباس
قلت: وله عنه طرق:
الأولى: عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ليلة أسري بنبي الله صلى الله عليه وسلم ودخل الجنة فسمع من جانبها وجسا قال: "يا جبريل! ما هذا؟ ". قال: هذا بلال المؤذن. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم حين جاء إلى الناس: "قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا".
قال: فلقيه موسى صلى الله عليه وسلم فرحب به وقال: مرحبا بالنبي الأمي. قال: فقال: "وهو رجل آدم طويل سبط شعره مع أذنيه أو فوقهما".
فقال: "من هذا يا جبريل؟ ". قال: هذا موسى عليه السلام.
قال: فمضى فلقيه عيسى فرحب به وقال: "من هذا يا جبريل؟ ". قال: هذا عيسى.
قال: فمضى فلقيه شيخ جليل مهيب فرحب به وسلم
عليه وكلهم يسلم عليه قال: "من هذا يا جبريل؟ " قال: هذا أبوك إبراهيم.
قال: فنظر في النار فإذا قوم يأكلون الجيف. فقال: "من هؤلاء يا جبريل؟ ". قال: هؤلاء الذي يأكلون لحوم الناس.
ورأى رجلا أحمر أزرق جعدا شعثا إذا رأيته قال: "من هذا يا جبريل؟ ". قال: هذا عاقر الناقة.
قال: فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلي فالتفت ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه.
فلما انصرف جيء بقدحين: أحدهما عن اليمين والآخر عن الشمال في أحدهما لبن وفي الآخر عسل فأخذ اللبن فشرب منه فقال الذي كان معه القدح: أصبت الفطرة.
أخرجه أحمد 1/257 وغيره بسند قال فيه ابن كثير: "صحيح" وتبعه السيوطي في "الخصائص" 1/397 وهو تساهل واضح فإن قابوس - وهو ابن أبي ظبيان - فيه لين كما قال في "التقريب".
الثانية: عن ثابت أبي زيد قال: ثنا هلال عن عكرمة عن
ابن عباس قال:
أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم.
فقال ناس: نحن نصدق محمدا بما يقول؟! فارتدوا كفارا فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل.
وقال أبو جهل: يخوفنا محمد بشجرة الزقوم هاتوا تمرا وزبدا فتزقموا؟!
ورأى الدجال في صورته - رؤيا عين ليس رؤيا منام - وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم.
فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال؟ فقال: " [فيلمانيا] 1 أقمر هجانا2 إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري كأن شعر رأسه أغصان شجرة
1 أي: ضخما عظيما.
2 أي: أبيض كما في "النهاية "و "اللسان".
وتعليق الدكتور الهراس هنا: "الهجان من كل شيء خياره وخالصه"! من وضع الشيء في غير موضعه.
ورأيت عيسى شابا أبيض جعد الشعر حديد البصر مبطن الخلق1.
ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر وفي رواية: حسن الشعرة شديد الخلق.
ونظرت إلى إبراهيم فلا أنظر إلى إرب من آرابه إلا نظرت إليه مني كأنه صاحبكم.
فقال جبريل عليه السلام: سلم على مالك. فسلمت عليه"
أخرجه أحمد 1/374 والزيادة في الرواية الأخرى له وعزاه السيوطي 1/398 لأبي يعلى أيضا وأبي نعيم وابن مردويه وقال ابن كثير: "ورواه النسائي من حديث أبي زيد ثابت بن يزيد عن هلال - وهو ابن خباب - به وهو إسناد صحيح".
كذا قال وإنما هو حسن فقط لأن ابن خباب فيه كلام وقال الهيثمي 1/67:
"رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن هلال بن خباب قال يحيى
1 المبطن: الضامر البطن.
القطان: إنه تغير قبل موته. وقال يحيى بن معين: لم يتغير ولم يختلط ثقة مأمون. ورواه أبو يعلى.
قلت: فالإسناد حسن.
الثالثة: عن سفيان: حدثنا عمرو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء/60] قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس [وليست رؤيا منام] .
قال:؟ {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} : هي شجرة الزقوم.
أخرجه البخاري 3888 و 4716 و 6613 وعنه البغوي في شرح السنة 3755 والترمذي 3134 وقال: "حديث حسن صحيح" وابن جرير 15/110 واستدركه الحاكم 2/362 - 363 فوهم هو والذهبي! ورواه الطبراني في الكبير 11641.
الرابعة: عن قتادة عن أبي العالية: حدثنا ابن عم نبيكم - يعني: ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"رأيت - ليلة أسري بي - موسى [بن عمران عليه السلام] رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة.
ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس.
ورأيت مالكا خازن النار والدجال"
في آيات أراهن الله إياه {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة/23][إنه قد رأى موسى ولقي موسى ليلة أسري به] .
أخرجه البخاري 3239 والسياق له ومسلم 267 والزيادة الأولى له وأحمد 1/245 و 259 وابن جرير 21/112 والزيادة الأخرى له وهي عند مسلم من تفسير قتادة غير مسندة إلى ابن عباس وكذلك هي عند البيهقي كما في "تفسير ابن كثير" وزاد:
{وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ} قال: جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل.
وهو رواية لابن جرير.
الخامسة: عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لما كانت الليلة التي أسري بي فيها أتت علي رائحة طيبة فقلت: يا جبريل! ما هذه الرائحة الطيبة؟ فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها.
قال: قلت: ما شأنها؟
قال: بينا هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقطت المدرى من يدها فقالت: بسم الله. فقالت لها ابنة فرعون: أبي؟ قالت: لا ولكن ربي ورب أبيك: الله. قالت: أخبره بذلك؟ قالت: نعم. فأخبرته فدعاها فقال: يا فلانة وإن لك ربا غيري؟ قالت: نعم ربي وربك الله.
فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها أن تلقى هي وأولادها فيها.
قالت له: إن لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد وتدفننا.
قال: ذلك لك [لما لك] علينا من الحق.
قال: فأمر بأولادها فألقوا بين يديها واحدا واحدا إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها يرضع وكأنها تقاعست من
أجله قال: يا أمه! اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فاقتحمت".
قال: قال ابن عباس:
تكلم أربعة صغار: عيسى ابن مريم عليه السلام وصاحب جريج وشاهد يوسف وابن ماشطة فرعون.
أخرجه أحمد 1/310 وابن حبان 36 و 37 والطبراني 12279 وغيرهم وفيه ضعف لاختلاط عطاء بن السائب وما قيل من سماع حماد منه قبل اختلاطه فقد قيل أيضا: إنه سمع منه بعد الاختلاط كما هو مبين في "التهذيب" و "الأحاديث الضعيفة" 880 فقول السيوطي في الخصائص 1/399) : سنده صحيح مردود ونحوه قول ابن كثير: "إسناده لا بأس به".
السادسة: عن عوف عن زرارة بن أبي أوفى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة فظعت بأمري1 وعرفت أن الناس مكذبي".
1 أي اشتد علي وهبته. نهاية.
فقعد معتزلا حزينا فمر به عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: ما هو؟ قال: "إنه أسري بي".
قال: إلى أين؟
قال: "إلى بيت المقدس".
قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: "نعم".
قال: فلم ير أنه يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إذا دعا قومه إليه قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم".
فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي!
حتى قال: فانتفضت إليه المجالس وجاؤوا حتى جلسوا إليهما.
قال: حدث قومك بما حدثتني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إني أسري بي الليلة".
قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس".
قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟! قال: "نعم".
قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم!
قالوا: وهي تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت - قال: - فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقال - أو: عقيل - فنعته وأنا أنظر إليه. قال: وكان مع هذا نعت لم أحفظه".
قال: فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب. أخرجه أحمد 1/309 والطبراني 12782 وسنده صحيح وعزاه السيوطي في الخصائص 1/400 لابن أبي شيبة أيضا والنسائي والبزار وأبي نعيم بسند صحيح وحسنه الحافظ في الفتح 7/199.
السابعة: عن عبثر بن القاسم عن حصين - وهو ابن عبد الرحمن - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم جعل يمر بالنبي والنبيين ومعهم القوم والنبي والنبيين ومعهم الرهط والنبي والنبيين وليس معهم أحد حتى مر بسواد عظيم فقلت: "من هذا؟ قيل: موسى وقومه ولكن ارفع رأسك وانظر. قال: فإذا هو سواد عظيم قد سد الأفق من ذا الجانب ومن ذا الجانب فقيل: هؤلاء أمتك وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب".
فدخل ولم يسألوه ولم يفسر لهم.
فقالوا: نحن هم.
وقال قائلون: هم أبناء الذين ولدوا على الفطرة والإسلام.
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون". فقام عكاشة بن محصن فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: "نعم".
ثم جاءه آخر فقال: أنا منهم؟ فقال:
"سبقك بها عكاشة".
أخرجه الترمذي 2446: حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس: أخبرنا عبثر بن القاسم
…
وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي حصين هذا وهو ثقة إلا أنه يبدو أنه وهم هو أو شيخه عبثر في ذكر الإسراء في هذا الحديث فقد رواه جمع من الثقات عن حصين بن عبد الرحمن به دون الإسراء.
أخرجه البخاري 3410 و 5705 و 5752 و 6472 و 6541 ومسلم 374 و 375 وأحمد 1/271.
وقد أشار الحافظ إلى شذوذ هذه الزيادة فقد ذكره بها من رواية الترمذي والنسائي ثم قال: "فإن كان ذلك محفوظا كانت فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء وأنه وقع بالمدينة أيضا غير الذي وقع بمكة فقد وقع عند أحمد والبزار بسند صحيح قال:
أكرينا1 الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذات ليلة] ثم غدونا إليه فقال: "عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي ومعه العصابة..". فذكر الحديث".
قلت: الحديث عند أحمد 1/401 و 420 من حديث عبد الله بن مسعود وليس من حديث ابن عباس كما يوهمه صنيع الحافظ رحمه الله بذكره إياه تحت حديث ابن عباس وفي شرحه دون أن يصرح بأنه لابن مسعود وهو من رواية الحسن عن عمران عنه. والحسن - وهو البصري - مدلس لكن قد قرن به أحمد - في رواية - العلاء بن زياد وهو ثقة فصح به الإسناد والحمد لله.
وقد رواه الطيالسي في مسنده 352 وأحمد أيضا 1/403 و 454 من طريق حماد بن سلمة عن عاصم ابن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود مرفوعا
بلفظ: "عرضت علي وفي لفظ: أريت الأمم بالموسم
…
" الحديث نحوه مختصرا.
1 الأصل: أكربنا وفي الموضع الأول من المسند: أكثرنا والتصويب من النهاية والموضع الآخر من المسند والمعنى: أطلناه وأخرناه.
قلت: وإسناده حسن وهو صريح أن العرض لم يكن ليلة الإسراء وإنما في موسم الحج والجمع الذي ذهب إليه الحافظ جيد لو كانت تلك الزيادة محفوظة أما وهي شاذة فلا داعي حينئذ للجمع. والله أعلم.
ثم إن الحافظ السيوطي قد أبعد النجعة فعزا حديث الباب لابن مردويه فقط! فانظر "الخصائص" 1/401.
الثامنة: عن شريك عن أبي علوان عبد الله بن عصم عن ابن عباس قال: فرض الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم الصلاة خمسين صلاة فسأل الله عز وجل فجعلها خمس صلوات.
أخرجه أحمد 1/315 وابن ماجة 1400 وإسناده حسن في الشواهد.
التاسعة: عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد! ".
أخرجه أحمد 1/354 والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم والذهبي!
ولا وجه له لضعف عباد إلا بالنظر لشواهده وقد تقدم أحدها من حديث أنس ويأتي آخر من حديث ابن مسعود وقد تكلمت عليها في الصحيحة 2263 ومشكاة المصابيح 4544.