المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشروعية البعد عن أصحاب السوء - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٣٢

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة النور [

- ‌سورة النور سورة مدنية

- ‌تفسير قوله تعالى: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا)

- ‌معنى السورة

- ‌وجه تخصيص ذكر الله عز وجل لإنزال هذه السورة

- ‌تفسير قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي

- ‌حكم اللوطية

- ‌من زنى بامرأة فهل له أن يتزوجها

- ‌أقوال العلماء في التغريب

- ‌مشروعية البعد عن أصحاب السوء

- ‌هل يكفي في ثبوت حد الزنا وجود رجل مع امرأة في فراش

- ‌أقوال العلماء في الجمع بين الجلد والرجم لمن زنى وكان ثيباً

- ‌الحث على الستر لمن ابتلي بارتكاب الحدود

- ‌قرائن يعرف بها زنا المرأة

- ‌الزنا كبيرة من الكبائر

- ‌المقاصد الشرعية من تحريم الزنا

- ‌الأساليب الوقائية التي اتخذتها الشريعة لمنع جريمة الزنا

- ‌من المقصود بالخطاب في قوله: (فاجلدوا)

- ‌الأمة وحكمها الجلد بكراً أو ثيباً

- ‌الطفل والمكره

- ‌المجنون ويسقط عنه الحكم

- ‌المحصن وحكمه الرجم

- ‌الحكمة من تصدير الآية بالزانية قبل الزاني

- ‌تعريف الزنا

- ‌ما يستثنى من قوله تعالى: (الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ

- ‌حكم التعريض بالقذف

- ‌شروط المقذوف

- ‌شروط صيغة القذف

- ‌ما المراد بالمحصنات

- ‌معاني الإحصان

- ‌شروط القاذف

الفصل: ‌مشروعية البعد عن أصحاب السوء

‌مشروعية البعد عن أصحاب السوء

وقوله عليه الصلاة والسلام: (والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) يفيد: مشروعية نفي أصحاب المعاصي، ومشروعية الابتعاد عن مجالسة أصحاب المعاصي، وعلى ذلك جملة أدلة من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام منها: أن البكر ينفى حتى لا يتذكر موقع المعصية؛ لأنه كلما مر بموقع المعصية تذكرها، ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم مزهداً في جلساء السوء: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة -أو- نتنة)، وقال عليه الصلاة والسلام:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر)، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث قاتل التسعة والتسعين نفساً: إن هذا القاتل لما أتم المائة قال له العالم: (اترك أرضك فإنها أرض سوء، واذهب إلى أرض كذا وكذا فإن بها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم) .

الشاهد: أنه حثه على ترك أرض السوء والذهاب إلى أرض أهلها أهل صلاح.

وأيضاً قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء:140]{وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:68]، والآيات في هذا الباب منها أيضاً: قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور:3] ففي الآية حث على عدم مجالسة أصحاب المعاصي؛ لأنه مشركة أو إذا تزوج زانية تأثر بأخلاقها، ففي قوله:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور:3] دليل وإن لم يكن صريح فإنه ضمني في البعد عن أصحاب المعاصي وترك مجالستهم.

والخلاصة: أن كل ما سبق: فيه دليل على مشروعية البعد عن أصحاب المعاصي وترك مجالستهم إلا على وجه التذكير والنصح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود فجلس يذكرهم ويعظهم عليه الصلاة والسلام، والأدلة في هذا الباب متواترة وكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويلتحق بما تقدم من الآية: إيراد اعتراض بعض الملاحدة على آية الرجم، فيقول قائل الملاحدة: إن الإسلام فيه شدة وغلظة لما يأمر برجم الزناة.

فالإجابة على ذلك من واقعهم هم أنفسهم، فهم أنفسهم أطباء وهؤلاء الملاحدة أحياناً يستأصلون لمريض من مرضاهم كليته، وأحياناً يبترون لمريض من مرضاهم رجله أو يده، ولماذا يبترون الرجل أو اليد؟ ولماذا يستأصلون الكلية؟ يفعلون ذلك عندهم إبقاء على حياة المريض، فإذا كان هذا هو فعلهم ببعضهم، فبرجم الزاني يحصل إبقاء لعموم البشر، لأنه استئصال لعضو فاسد.

وما دام أن الآمر بالرجم هو الله -وهو الحكيم الحميد هو الخالق للعباد، وهو الذي يعلم ما يضرهم وما ينفعهم- فلا يسعنا إلا الامتثال لأمره.

ص: 10