المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها المزمل - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٧٧

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة المزمل [1]

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها المزمل

- ‌حكم تعلم علم التجويد

- ‌جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة في قيام الليل

- ‌فضل قيام الليل من الكتاب والسنة

- ‌تفسير قوله تعالى: (إنا سنلقي عليك قولاً

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن ناشئة الليل

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن لك في النهار سبحاً

- ‌تفسير قوله تعالى: (واذكر اسم ربك

- ‌تفسير قوله تعالى: (واصبر على ما يقولون

- ‌تفسير قوله تعالى: (وذرني والمكذبين

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترجف

- ‌الأسئلة

- ‌هل ورد في فضل صيام شهر رجب شيء

- ‌ما المحرم من الخنزير

- ‌ما حال حديث: (الجنة تحت أقدام الأمهات)

- ‌حكم تكرار السورة القصيرة في الركعة الواحدة

- ‌ما المراد باليوم في قوله: (اليوم أكملت لكم)

- ‌حديث: (يأتي امرؤ القيس يوم القيامة يحمل لواء الشعراء إلى النار)

- ‌حكم الغناء للأطفال بدون آلات موسيقية

- ‌الحور العين للرجال في الجنة، فما يكون للنساء

- ‌حديث: (شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)

- ‌حكم التوفير البريدي

- ‌ما معنى قولهم: (ولو أذن له لاختصينا)

- ‌معنى قوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السموات) الآية

- ‌حكم الجلالة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها المزمل

‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها المزمل

.)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل:1] إن من عادة العرب: أنهم كانوا إذا أحبوا أن يلاطفوا شخصاً دعوه بصفة من الصفات التي هو متلبس بها، فمن ذلك: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كانت بينه وبين فاطمة رضي الله عنهما شيء، فخرج علي من البيت ونام في المسجد، فأتاه الرسول في المسجد وقد علاه التراب، فقال له:(قم يا أبا التراب!)، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابي:(قم يا نومان!) .

فإذا أحبوا أن يتلطفوا مع الشخص ينادونه بصفة هو متلبس بها.

وعلى هذا فالآية فيها ملاطفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناداه ربه بصفة تلبس بها وهي التزمل، والتزمل: التلفف، وكان هذا بعد نزول الوحي عليه لأول مرة، فقد اعتراه الخوف الشديد واعتراه البرد، ورجع إلى أهله فقال:(زملوني زملوني)، وقال:(دثروني دثروني)، (زملوني) أي: غطوني، فمعنى (المزمل) : النائم المتلفف بالثوب.

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:1-2] ، أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، أي: قم الليل كي تصلي، لكن حذفت (كي تصلي) ؛ لأن العرب يفهمون ما المراد بقيام الليل، وقد قدمنا نماذج:{إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص:32] ، ما هي التي توارت؟ العرب يفهمون أن التي تتوارى بالحجاب هي الشمس.

(يا أيها المزمل) * (قم الليل إلا قليلاً) أي: قم صل في الليل أو صل الليل إلا قليلاً منه، وقد صح أن سعد بن هشام أتى إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يسألها عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:(يا أم المؤمنين! أخبريني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت له: ألست تقرأ: (يا أيها المزمل) ، (قم الليل إلا قليلاً) ؟ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه هذه الآية قام من الليل هو وأصحابه حتى ورمت أقدامهم، قاموا حولاً اثني عشر شهراً حتى تورمت أقدامهم، ثم نزل قوله تعالى.

في آخر السورة: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل:20] ، فنسخت هذه الآية الآية التي قبلها.

فمن العلماء من يرى أن قيام الليل كان واجباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة، ويستدل هذا القائل بقوله تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79]، فـ (نافلة لك) على رأي بعض العلماء أي: زيادة لك على أمتك، فأمتك ليست مكلفة بقيام الليل، أما قيام الليل فهو نافلة لك، أي: أنت مكلف به زيادة على أمتك على رأي بعض المفسرين.

ص: 2