المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اقتداء النبي عليه الصلاة والسلام بإبراهيم في استغفاره لأبيه وأمه - سلسلة القصص - المنجد - جـ ٣

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌قصة موت أبي طالب

- ‌أبو طالب وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة

- ‌شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم الخاصة بعمه أبي طالب

- ‌عبر وعظات من موت أبي طالب

- ‌أحكام من مات على الكفر

- ‌عدم جواز الاستغفار للكافر

- ‌الحرص على هداية الأقارب خاصة

- ‌نصرة الكافر لدين الله

- ‌هداية التوفيق والإلهام بيد الله

- ‌استغلال أوقات الشدة في الدعوة

- ‌قبول التوبة ما لم يغرغر صاحبها

- ‌أثر قرناء السوء حتى عند الموت

- ‌سنة التدافع بين الحق والباطل

- ‌اقتداء النبي عليه الصلاة والسلام بإبراهيم في استغفاره لأبيه وأمه

- ‌معنى لا إله إلا الله

- ‌الأعمال بالخواتيم

- ‌الأسئلة

- ‌تطيب النساء عند الخروج

- ‌حكم الجماعة الثانية للعشاء مع وجود جماعة التراويح

- ‌الصدقة دون علم المتصدق عنه

- ‌إقناع النفس بأنها أفضل من غيرها

- ‌السبب الحقيقي لغزوة بني النضير

- ‌إعطاء الزكاة لمن لا يكفيه راتبه

- ‌أخذ النقود من الوالد دون علمه

- ‌قراءة المأموم بالفاتحة خلف الإمام

- ‌فائدة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه

- ‌وجه اتخاذ النبي أبا طالب ناصراً له ومعيناً

- ‌كتاب نهج البلاغة

- ‌رد المرأة على الهاتف

- ‌زيارة العديل لمنزل عديله

- ‌البسملة في أوائل السور

- ‌استقبال القبلة عند قراءة القرآن

الفصل: ‌اقتداء النبي عليه الصلاة والسلام بإبراهيم في استغفاره لأبيه وأمه

‌اقتداء النبي عليه الصلاة والسلام بإبراهيم في استغفاره لأبيه وأمه

كذلك في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم في البداية كان يقتدي بأبيه إبراهيم الذي استغفر لأبيه وهو مشرك: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم:47] فبالمقابل وبالمثل فإن النبي عليه الصلاة والسلام استغفر لعمه أبي طالب لما نزل قول الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة:113] ونزل أيضاً: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} أي: إبراهيم {أَنَّهُ} أي: أبوه آزر {عَدُوٌّ لِلَّهِ} أي: عندما مات على الكفر {تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة:114].

إذاً: إبراهيم لم يستمر يستغفر لأبيه، ولما تبين له أن أباه مات على الكفر تبرأ منه، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قيل له:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة:113] لأن الدين والعقيدة فوق القرابات.

النبي عليه الصلاة والسلام لم يستطع أن يستغفر لأمه، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً إلى المقبرة، فجاء حتى جلس إلى قبر منها، فناجاه طويلاً، ثم بكى، فبكى الصحابة لبكائه، ورحموه من شدة بكائه عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام:(إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي، واستأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي) لأن أمه ماتت على الكفر، فأنزل عليَّ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة:113] رواه الحاكم وابن أبي حاتم، عن مسروق، عن ابن مسعود.

وأخرج أحمد من حديث ابن بريدة عن أبيه نحوه، وفيه:(نزل بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن معه قريب من ألف راكب -نزلوا في الطريق عند قبر- لما قدم مكة، ووقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها، فنزلت الآية: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة:113]).

ولما جاء أعرابي، قال:(يا رسول الله! أين أبي؟ قال: "في النار" فلما خرج ناداه النبي عليه الصلاة والسلام، وقد رأى أنه تأثر، قال: أبي وأبوك في النار).

لا توجد مجاملات في الدين، فالعقيدة فوق القرابات، أبوه وأمه وعمه، لكن في النار، لأنهم كفار ماتوا على الكفر، ولذلك الإنسان فعلاً يصاب بالحسرة والأسى؛ خصوصاً عندما يكون له أب مشرك، أو أم كافرة، لكن ماذا يفعل؟ لا توجد طريقة، إذا قضى الله بالضلالة عليهم، فلا يملك لهم من الله شيئاً.

وهذا من الإعجاز، والله يُعجز خلقه ويبين لهم أن الهداية بيده لا بأيديهم.

ص: 14