المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌قصة إبراهيم وسارة والجبار

- ‌نص حديث قصة إبراهيم وسارة والجبار

- ‌قصة حرق إبراهيم

- ‌كذب إبراهيم في ذات الله

- ‌دخول أرض الجبار وطمع الجبار بزوجة إبراهيم

- ‌فوائد من قصة إبراهيم وسارة والجبار

- ‌مشروعية أخوة الإسلام

- ‌الرخصة في الانقياد للظالم وقبول هديته

- ‌إجابة دعاء المخلص

- ‌مشروعية التوسل بالأعمال الصالحة

- ‌الحكمة من ابتلاء الصالحين

- ‌أهمية الفزع إلى الصلاة ومشروعية الوضوء لمن قبلنا

- ‌إثبات كرامات الأولياء

- ‌تحذير النساء من الفجرة

- ‌مشروعية المعاريض والتورية

- ‌عقوبة الكذاب ومراتب الكذب

- ‌هل يباح الكذب أو يجب

- ‌التورية مخرج من الكذب

- ‌أمثلة في التورية

- ‌الأسئلة

- ‌أجر الملتزم في هذا الزمان

- ‌كيفية قتل النمرود

- ‌بلاد سيدنا إبراهيم

- ‌هل ينتقض الوضوء بنزع الجورب

- ‌دليل وجوب تغطية وجه المرأة

- ‌السنة في العقيقة

- ‌صحة وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بسابع جار

- ‌هل يشترط تتابع التسبيح

- ‌الإفرازات التي تخرج من المرأة

- ‌مشورة وإرشاد

- ‌تعليم اللغات الأجنبية للأطفال

- ‌عدم مشروعية تنبيه المصلين لسجود التلاوة

- ‌الجمع للمسافر عبر المطار

- ‌كذب الأطفال

- ‌عمل المأموم في دعاء القنوت

- ‌حكم الإكثار من التورية

الفصل: ‌قصة حرق إبراهيم

‌قصة حرق إبراهيم

فلما غلبوا على أمرهم وخافوا الفضيحة ولم تبق لهم حجة اجتمعوا هم وملكهم النمرود على إحراق إبراهيم الخليل عليه السلام، وجعلوا له بنياناً {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} [الصافات:97] بنوا له بنياناً كالحظيرة، وجعلوه في هذا البنيان، وجمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب، حتى قيل: إن الرجل منهم كان إذا مرض يقول: لئن عوفيت لأجمعن حطباً لإبراهيم، وكانت المرأة تنذر إن أصابت ما تريد وحصل لها ما تبتغي لتحتطبن في نار إبراهيم، وقيل: إن المرأة منهم كانت تغزل وتشتري الحطب بغزلها، فتلقيه في البنيان إعداداً لحرق إبراهيم، تحتسب الدفاع عن الأصنام والانتصار لها.

وجمعوا الحطب -فيما قيل- شهراً، ولما جمعوا ما أرادوا أشعلوا في كل ناحية من الحطب النار، واشتدت النار، وعلت في السماء حتى أن الطير ليمر بها فيحترق من شدة وهجها، فأوقدوا عليها سبعة أيام، حتى إذا اشتدت لم يعلموا كيف يلقوا إبراهيم فيها، فأتاهم إبليس بفكرة المنجنيق على ما ذكر بعض أهل التفسير، فوضعوه مقيداً مغلولاً، وأطلقوه بالمنجنيق مِن بُعد على هذه النار؛ لأنهم لا يستطيعون الاقتراب منها من شدتها، {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69] والله تعالى له الأمر من قبل ومن بعد، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] وهو الذي خلق النار فسلب منها خاصية الإحراق، {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً} [الأنبياء:69] لو لم يقل: {سَلاماً} [الأنبياء:69] لربما مات إبراهيم من شدة البرد وتجمد، {كُونِي بَرْداً وَسَلاماً} [الأنبياء:69] حتى لا تؤذيه بالبرد.

وقال إبراهيم كلمة واحدة فقط وهو في الهواء، يلقى بالمنجنيق إلى النار، في اتجاه النار، ذاهبٌ في الهواء، قال: حسبي الله ونعم الوكيل؟ قال ابن عباس كما في صحيح البخاري: [حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار].

وقال محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما قيل لهم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173] بعد غزوة أحد، قيل لهم: لقد عاد المشركون مرةً أخرى لاستئصالكم، {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173].

كل الدواب كانت تنفخ -بأمر الله- النار عن إبراهيم إلا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم، ولذلك أمرنا بقتل الأوزاغ إحياءً لذكرى أبينا إبراهيم، وإظهاراً للكراهية لهذا الحيوان الدابة الذي كان تنفخ النار على إبراهيم، كما جاء في الحديث الصحيح:(وقالت سائبة مولاة الفاكه بن المغيرة: دخلتُ على عائشة، فرأيتُ في بيتها رمحاً موضوعاً، قلت: يا أم المؤمنين! ماذا تصنعون بهذا الرمح؟ قالت: هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن بالرمح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثنا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابةٌ إلا تطفئ النار عنه غير الوزغ، كان ينفخ عليه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله).

وأخبرنا في الحديث الصحيح: (أن من قتل وزغاً من أول ضربة فله مائة حسنة، ومن قتلها من الضربة الثانية فله خمسون حسنة نصفها).

وورد في بعض الآثار: [أنه لم يبق يومئذٍ نار في الأرض إلا طفئت، فلم ينتفع في ذلك اليوم بنارٍ في العالَم].

ص: 3