المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) - سلسلة محاسن التأويل - المغامسي - جـ ٥٩

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌ تفسير سورة النور [3]

- ‌ذكر حادثة الإفك

- ‌الشخصيات المذكورة في قصة الإفك

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (لا تحسبوه شراً لكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة)

- ‌الدلالة على كون الكبائر لا تحبط العمل

- ‌دعوة إلى الصفح عن المسيء

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات)

- ‌حكم لعن المعين

- ‌تفسير قوله تعالى: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق)

- ‌فضيلة قول: (حسبنا الله ونعم الوكيل)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة)

‌تفسير قوله تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة)

ثم قال جل شأنه: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} [النور:22].

أجمع المفسرون على أنها نازلة في حق أبي بكر، وهذه الآية تأخر نزولها، وعليه نعرف أنه لم تنزل هذه الآيات الست عشرة جملة واحدة، بدليل أن أبا بكر أولاً سكت ولم يتصرف، فلما نزلت الآيات ببراءة عائشة تصرف أبو بكر، فمنع إنفاقاً ورزقاً كان يسوقه إلى مسطح؛ لأن مسطحاً كان ممن شارك في القضية، وهذه ظاهر، والكل يعرفه، وإنما تكمن هنا فريدة من فرائد العلم، وذلك أن الله عاتب الصديق لما منع مسطحاً من رزقه، فقال أهل العلم ساجعاً: ما صنعه مسطح ينزل النجم من أفقه، فمنعه الصديق من رزقه، فعاتب الله الصديق في حقه.

أي: ما صنعه مسطح وتقول به ينزل النجم من أفقه، بمعنى: يحط من أي شرف، فمنعه الصديق من رزقه الذي كان ينفقه عليه، فعاتب الله الصديق في حق مسطح.

والفائدة من هذا ألا تكون سبباً في منع أرزاق الناس، فإذا أردت أن تؤدب أحداً فأدبه بأي طريقة كانت، إلا أن تمنعه رزقه؛ لأنه لو كان منع الرزق سائغاً لساغ في حق مسطح، ولكن الله جل وعلا عاتب الصديق فيه حين أقسم على أنه لا ينفق على مسطح، فقال ربنا تبارك وتعالى:{وَلا يَأْتَلِ} [النور:22] وجمهور المفسرين على أن (يأتل) هنا بمعنى (يحلف): {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور:22] وهذه تزكية من الله للصديق؛ لأن الله ذكره في أولي الفضل.

ويلحظ هنا المعنى العظيم في تعبير القرآن حيث قال الله: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور:22] وما قال: والنعيم، أو: الترف، أو: الثراء والغنى، وكلها مفردات قد تؤدي نفس المعنى، ولكن قال:(السعة) وكأنه يشير إلى أن يوسع على نفسه ويوسع على غيره.

قال العلماء: إن التقوى قرينة العفو، فالناس الذين فيهم خصيصة العفو قريبون من التقوى، فالعفو والتقوى متلازمان، وسيأتي تحرير هذا.

ص: 16