الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداها: أنه يؤدب ولا حد عليه، وهذا قول مالك وأبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وقول إسحاق. والقول الثاني: حكمه حكم الزاني، يجلد أن كان بكراً، ويرجم إن كان محصناً. وهذا قول الحسن. والقول الثالث: أن حكمه حكم اللوطى نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه، فيخرج عن الروايتين في حده، هل هو القتل حتماً أو كزانٍ! والذين قالوا:" حده حد القتل " احتجوا بما رواه ابن داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ". قالوا ولأنه وطء لا يباح بحال، فكان فيه القتل حداً للوطء، ومن لم ير عليه الحد قالوا: لم يصح فيه الحديث، ولو صح لقلنا به، ولم يحل لنا مخالفته. قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت الإمام أحمد بن حنبل عن الذي يأتي البهيمة؟ فوقف عندها، ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو في ذلك. وقال الطحاوي الحديث ضعيف. وأيضاً فهو من رواية ابن عباس رضي الله عنهما. وقد أفتى بأنه لا حد عليه. قال أبو داود: وهذا يضعف الحديث. ولا ريب أن الزاجر الطبيعي عن إتيان البهيمة أقوى من الزاجر الطبيعي عن التلوط، وليس الأمران كما تقدم في طباع الناس سواء؛ فإلحاق أحدهما بالآخر من أفسد القياس.
فصل
في آفات الأمرد
قال سيدي عبد العزيز الديريني رحمة الله عليه في مختصر رسالة القشيري له: ومن أكبر الآفات للأمرد أن يعلق قلبه بمحبة مخلوق فإن ذلك من اكبر الشواغل، ويستعان على السلامة من ذلك بقلة مخالطة الناس، لاسيما ممن تميل النفوس إليهم لحسنٍ أو إحسان. قال سيدي فتح الموصلي: صحبت ثلاثين شيخاً - رحمة الله عليهم - كانوا يعدون من الأبدال وكلهم أوصوني عند فراقي لهم وقالوا: اتق معاشرة الأحداث. والتحقيق في هذه المسألة أنه من يغلب على ظنه أنه إذا صحب الأحداث مال إليهم بشهوة محرمة فإنه يحرم عليه صحبتهم، فإن صحبهم لمحرم فهي كبيرة، وإن صحبهم وعنده ميل إليهم وهو يزجر نفسه، فهو رجل مخلط جمع بين حسنات وسيئات. والمؤمن تسره الحسنة ويراها منه الله تعالى وتسوءه المعصية ويستغفر الله منها. وأما من يحب الشباب ويشاهد حسنهم، ويرى ذلك يزيد في بسطه مع الله، ومشاهدة جمال الله، فإن هذا هو الذي عدوه شركاً وكفراً، ومن سلم من الفتنة من محبة الشباب فتعلق قلبه بهم والأنس إليهم شاغل القلب، فلهذا كانوا ينهون عن صحبة الشباب. وأما من سلم من تعلق القلب بهم وصحبهم لله تعالى وأرشدهم وعلمهم وأدبهم فله الأجر العظيم، وهذا لا تخفى مصلحته ولم تزل الأصاغر ينتفعون بصحبة الأكابر في كل عصر من الأعصار وهذه المسألة يعرف الإنسان فيها حاله وينصف من نفسه ويستغنى عن فتوى غيره. انتهى كلام الشيخ عبد العزيز رحمه الله. قال سيدي فتح الموصلي: صحبت ثلاثين شيخاً كلهم كان يوصيني عند مفارقتي له بترك عشرة الأحداث وقلة الأكل.
وقال شيخنا شهاب الدين أبو العباس أحمد الزاهد رحمه الله في الكلام على الكبائر قال: ومن الكبائر اللواط وهو من أكبر الكبائر إلا الشرك بالله نعوذ بالله منه - ولم يجمع الله سبحانه وتعالى على أمة من الأمم من أنواع العقوبة ما جمع على اللوطية فإنه - سبحانة وتعالى - طمس أبصارهم، وسود وجوههم، وأمر عبده جبريل عليه السلام فقلع قراهم من أصلها، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، ثم خسف بهم، ثم أمطر عليهم حجارة من السماء، وهذه العقوبات لم يجمعها على غيرهم لشدة مفسدة هذا الذنب العظيم وفحشه وقبحه وشدة غضبه على أهله ومقته لهم وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتل فاعله وإن تنوعت آراؤهم في قتله فحرقه خالد بن الوليد رضي الله عنه بأمر أبي بكر رضي الله عنه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ينظر أعلى بناء في القرية فيلقى منه ثم يتبع بالحجارة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط " مرتين وأسناده حسن. وقال: " من وجدتموه يفعل فعل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " وفي لفظ: " ارجموا الأعلى والأسفل " رواه الإمام أحمد رحمه الله وعمل به وأسناده حسن. وعن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أكبر وأشد ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ". وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا كثرت اللوطية رفع الله عز وجل يده عن الخلق فلا يبالي في أي وادٍ هلكوا ". وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الممسوخات فقال: " ثلاثة عشر نفرا فعدها قيل: ما كان سبب مسخها فذكر الأسباب التي مسخت لأجلها فمنها سبب مسخ الفيل أنه كان جباراً لوطياً ". وعن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه: " اقتلوا الفاعل والمفعول به والذي يأتي البهيمة والذي يأتي ذوات المحارم ". وعن جابر عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أشد ما أخاف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط فلتراقب أمتي العذاب إذا تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء ". والرجل هو عبد الله بن أنس رضي الله عنهما. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غير تخوم الأرض، كمه أعمى عن السبيل، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط " وفي لفظ: " ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاثاً ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سموات فردَّ اللعنة على واحدٍ منهم ثلاث مرات، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه قال: ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، عمل عمل قوم لوط، ملعون من أتى شيئا من البهائم، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من عق والديه، ملعون منغير حدود الأرض، ملعون من تولى غير مواليه وأتى على فاعل ومفعول به فقال: اقتلوهما كما قتلهم الله به فقتلوهم بالحجارة ". ورجم أبو الدرداء رضي الله عنه لوطياً. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يرجم وإن كان بكراً. وقال علي بن أبي طالب: يرجم أحصن أم لم يحصن. وكتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر رضي الله عنهما في ذلك فاستشار الصحابة رضي الله عنهم وقال أشد فيهم قولا علي رضي الله عنه فقال: أرى أن يحرق بالنار. قال: فأجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فكتب أبو بكر إلى خالد أن يحرقه بالنار ثم حرقهم ابن الزبير ثم خالد القشيري. وقال مجاهد رضى الله عنه: لو أن الذي عمل عمل قوم لوط اغتسل بكل قطرة من الأرض وبكل قطرة من السماء لم يزل نجساً. وعن أبي هريرة رضى الله عنه يرفعه: " لو أن اللوطي اغتسل بكل قطرة أنزلها الله من السماء لم يطهره ذلك أبداً ". رواه أبو عمر الطرطوسي رحمه الله في كتاب تحريم اللواط. وعن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله إليهم حتى يحشر إليهم ". قال ابن القيم: وهذا المعنى صحيح وإن لم يصح هذا الحديث. قال الله تعالى: (احشروا الذين ظلموا وأزواجَهم ما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم) قال عمر بن الخطاب: رضى الله عنه: أزواجَهم أشباهَم ونظراءهم. وقال الله تعالى: (وإذا النفوس زُوّجت) وقال النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضى