المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في الحث على مجالسة الأخيار والزجر عن مجالسة الأشرار - سلوة الأحزان للاجتناب عن مجالسة الأحداث والنسوان

[المشتولي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ أنواع التوحيد

- ‌فصل

- ‌في تحريم مجالسة الأحداث والنسوان

- ‌ومعاشرتهم والنظر إليهم

- ‌العين رأس الحواس الموردة للخواطر:

- ‌فصل

- ‌كيف ندرك المجتهدين ونسبق المسرعين

- ‌نصيحة شيخ مجرب

- ‌فصل

- ‌في أبواب المعاصي

- ‌ابن القيم يصف الداء والدواء:

- ‌اختر كلماتك جيداً:

- ‌اللسان يكشف عما في القلب

- ‌مدخل الاستقامة:

- ‌مفتاح دخول النار:

- ‌خصال اللسان المحمودة:

- ‌في ترك الفضول توفيق للحكمة:

- ‌الاستعانة بنعم الله على معاصيه غاية الكفران:

- ‌اعمل ليوم تشهد عليك أعضاؤك:

- ‌آداب كل جارحة منها:

- ‌رياض المسك جزاء من نزه نفسه وسمعه عن مجالس اللهو:

- ‌وآداب اللسان:

- ‌لمن تكفل الله بالجنة:

- ‌إياك واللعن:

- ‌الفخر بالآباء:

- ‌الآثار الناجمة عن الشبع:

- ‌بم نتمكن من حفظ الفرج

- ‌أكثر ما يدخل الناس الجنة، وأكثر ما يدخلهم النار:

- ‌زنا الجوارح:

- ‌الخليفة المحاسب لنفسه:

- ‌‌‌ فائدة

- ‌ فائدة

- ‌صحبة الأحداث أقوى حبائل الشيطان:

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فيما ينبغي أن يكون عليه الصبي

- ‌في الخصال التي يجوز النظر إلى النساء وسماع صوتهن

- ‌الخصال المجيزة للنظر:

- ‌متى يجوز سماع صوتها:

- ‌حكم نظر الرجل إلى المرأة:

- ‌حكم نظر المراهق:

- ‌تنبيه في بيان العورات وأحكامها

- ‌مواضع جواز كشف العورة:

- ‌النظر إلى بيوت الناس:

- ‌فصل

- ‌في آداب دخول الصبيان الحمام

- ‌أحوال الخنثى المشكل:

- ‌جامع في بيان السنة في كيفية أحوال تتعلق بالشباب والنساء في اجتماعهم في

- ‌السنة في اجتماعاتهم في المكاتب:

- ‌فصل

- ‌فيما يباح للفقيه من ضرب الصبي

- ‌دخول الصبيان الحمام مع بعضهم بعض:

- ‌بيان ما في دخول الحمام من المصالح والمفاسد وما يكره للرجال، وما يحرم

- ‌فصل

- ‌في منع النساء من دخول الحمام

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فيما يحصل للمرأة من المفاسد في خروجها

- ‌وما يحصل لها من الوزر

- ‌مفاسد إتيان النساء الحمامات:

- ‌آداب وأحكام داخل الحمام

- ‌استتر سترك الله:

- ‌واجب المسلم عند دخول الحمام:

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌في النهي عن استعمال الطين في الحمام

- ‌في النهي عن كشف العورة في الحمام

- ‌والنهي عن تمكين الغير من مسها

- ‌في الاحتراز عن النظر إلى ما يُلْهي

- ‌انسلخ لحم وجهي من أجل نظرة

- ‌حكم دخول الصبيان المسجد:

- ‌رأي الإمام مالك في تعليم الصبيان في المسجد:

- ‌فصل

- ‌في الآفات الداخلة على الفقراء من مخالطة الأحداث

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌في الردّ على طائفة من الناس وكشف فضائحهم

- ‌في مكائد الشيطان

- ‌فصل

- ‌فيمن يريد التزويج

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فيمن يكره في حقه النكاح

- ‌استحباب النظر إلى المخطوبة قبل العقد:

- ‌في قوله النبي من رغب عن سنتي فليس مني

- ‌فيما يحرم على الرجال من النساء

- ‌في ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه

- ‌إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها

- ‌المرأة في إقبالها وإدبارها

- ‌ تنبيه " في النهي عن تخيل صورة الأجنبية عند المواقعة

- ‌بيان ما يفعل في عقود الأنكحة على خلاف السنة

- ‌أقل الصداق عند أبي حنيفة ومالك:

- ‌فصل

- ‌في مكائد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور

- ‌القلوب أواني الله في الأرض

- ‌فصل

- ‌في الزنا

- ‌يا معشر المسلمين إياكم والزنا

- ‌عفوا تعف نساؤكم

- ‌كما تدين تدان

- ‌وحشة الوجه والقلب من‌‌ مفاسد الزنا

- ‌ مفاسد الزنا

- ‌الزنا أعظم مفسدة من القتل

- ‌أفحش الزنا وأقبحه

- ‌أعظم المحظورات:

- ‌فصل

- ‌في مفسدة اللواط وعقوبته

- ‌سبيل الزنا أسوأ سبيل

- ‌ظهور الزنا من أمارات الساعة وخراب العالم:

- ‌فصل

- ‌في بيان تحذير سماع الغناء والقصائد

- ‌وغير ذلك من الأمرد والمرأة

- ‌عدم خروج الصبيان إلى أماكن الفساد من السنة

- ‌حكم الاستمناء باليد:

- ‌الاستمناء باليد يبطل الصوم

- ‌فصل

- ‌في آفات الأمرد

- ‌فصل

- ‌فيمن يراود غلاماً أو يأتيه

- ‌فصل

- ‌فيما يحرم من الغناء وما يكره وما يباح

- ‌حكم السماع:

- ‌فصل

- ‌في ذكر الشبه التي تعلق بها من أجاز سماع الغناء

- ‌فصل

- ‌في المعازف وبيان شكلها

- ‌تعاطي أنواع المسكرات مسقط لعدالة العدول:

- ‌فصل

- ‌في بيان الأحاديث الواردة في الوعيد على ذلك

- ‌فصل

- ‌في موقف القرطبي ممن يجيز السماع بالطارات والشبابات

- ‌النوع الأول من أنواع القمار: الشطرنج

- ‌النوع الثاني من أنواع القمار اللعب بالمنقلة

- ‌النوع الثالث: اللعب بالطاب

- ‌النوع الرابع: اللعب بالكمنجة

- ‌النوع الخامس: اللعب بالحمام

- ‌النوع السادس: اللعب بالصُّور وجمع الناس عليها

- ‌النوع السابع: اللعب بالنرد والشطرنج

- ‌فصل

- ‌في تربية القط واقتنائه وما يحرم اقتناؤه

- ‌فصل

- ‌في الحث على مجالسة الأخيار والزجر عن مجالسة الأشرار

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌في التحذير عن صحبة أهل البدع ومجالستهم والسلام عليهم

- ‌في صحبة الظّلمة والقرب منهم

- ‌فصل

- ‌في مجانبة الظلمة

- ‌النهي عن الأماكن المذمومة:

- ‌فصل

- ‌في معاملة أهل الذمة

- ‌وأكثر ما يقع من المفاسد من أهل الذمة والاختلاط بهم واستعمالهم

- ‌هل يجوز أن يكون صَيْرَفّي بيت المال ذِمّياًّ

- ‌تقليد النصارى في أعيادهم ومواسمهم:

- ‌بيان ما جاء في المكَّاسِين والعَشّارين والعُرفاء:

- ‌بيان العرفاء:

- ‌‌‌ فصل

- ‌ فصل

- ‌ في الغيرة

- ‌في الفرار

- ‌بيان وطء المرأة في دبرها وهو من الكبائر:

- ‌فصل

- ‌في معنى قوله (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنَّى شئتم)

- ‌بيان تحريم إتيان النساء في الحيض وإباحة الاستمتاع بهن فيما بين السرة

- ‌بيان تحريم مساحقةٍ النساء بعضهن بعضا:

- ‌بيان التخنيث في الرجل وما يوجبه:

- ‌فصل

- ‌في الرجاء والخوف

- ‌فصل

- ‌في بيان المعاصي

- ‌فصل

- ‌في حوادث حدثت زمان المؤلف

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌في مزاعم باطلة

- ‌في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌السلطان الذي يتعاطى الفواحش ووظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌بيان من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفساد

- ‌فصل

- ‌في الرّدّ على من قال: إن هذه الأمة فيها خطاب بعدم الأمر بالمعروف

- ‌بيان ضرر من يأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولا ينتهي

- ‌فصل

- ‌فيما ينبغي في مجلس الوعظ

- ‌طريق العالم في تغيير المنكر:

- ‌فصل

- ‌في أمور يتساهل فيها الناس ويأتي منها البلاء

- ‌دخول الصبية البيوت

- ‌دخول أبناء الحي وأبناء الجيران

- ‌إرسال الفقيه المعلم بعض الصبية إلى بيته:

- ‌إرسال البالغين إلى البيوت

- ‌ما يترتب على عدم الامتثال:

- ‌إدخال الأخ على الزوجة

- ‌من يدير صنعته في بيته

- ‌إدخال الخدم والزارعين والحراثين:

- ‌في سؤالات سألها بعض الفقراء في أمور ابتدعها جماعة من المسلمين

- ‌جواب آخر عن الأسئلة السابقة:

- ‌سؤال حول الأمرد أيضاً

- ‌الفتوى:

- ‌فصل

- ‌هل من دواء لهذا الداء

- ‌غض البصر وفوائده:

- ‌خاتمة في بيان التوبة وشروطها، والاستغفار وفضيلته: اللهم إنا نسألك حسن

- ‌فصل

- ‌في التوبة

- ‌بيان معنى التوبة النصوح:

- ‌بيان مقامات التوبة:

- ‌بيان حقيقة التوبة:

- ‌علامة التوبة:

- ‌علامة الخذلان:

- ‌بيان معنى التوبة:

- ‌بيان شروط التوبة:

- ‌الاستغفار

الفصل: ‌في الحث على مجالسة الأخيار والزجر عن مجالسة الأشرار

يستحب تربية القط واقتناؤه لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنها من الطوافين عليكم والطوافات ". قال الحافظ: يستحب تربيته واتخاذه لهذا الخبر، لأنها تقتل الفارة والثعبان، وقتلهما مستحب. وهذه أشياء يحرم على الإنسان أن يقتنيها عنده: منها الكلب لمن لا يحتاج إليه، وكذلك الحدأة والعقرب، والفارة والغراب الأبقع، والخمرة غير المحترمة، والصنم والأوثان والإناء المتخذ من ذهب وفضة أو اكثرها ذهباً أو فضة. وقال أيضاً: يحرم اقتناء الفارة والكوبة وطبل اللهو والنرد وزمارة االرعيان وهو شاهين الرعاء المتخذ من القصب خلافاً للغزالي ويحرم اقتناء الشبابة. قال عالم: واعجبا ممن يعلم أن بين يديه دارين ولا بد له من سكنى أحدهما، وأنه لا يتوصل إلى سكنى دار الخير وينجو من دار الشر إلا بالأعمال الصالحات وأن زيادات الدرجات هنا بزيادة الحسنات ومع ذلك يعلم أن مدة بقائه في الدنيا محدودة، وأن أنفاس عمره عليه معدودة، وهو يلتهي باللعب يمينا وشمالاً ويزداد قلبه بذلك قسوة وخبالاً لقد ضرب بين هذا القلب وبين الخير بسور له باب وأسبل عليه أكنف حجاب فإنا لله وإنا إليه راجعون. فاشتغلوا معاشر المريدين بالله تعالى وطاعته فيما أمركم ونهاكم فمن كان شغله بالله مات على لا إله إلا الله، ومن كان شغله بالسوى ازداد الهوى فيمن هوى يموت المرء على ما عاش عليه.

قيل لرجل: قل: " لا إله إلا الله " فقال: آه آه لا أستطيع أن أقولها.

وقيل لآخر: قل: " لا إله إلا الله " فقال: شاه رخ غلبتك ثم قضى.

وقيل لآخر: قل: " لا إله إلا الله " فجعل يهذي بالغناء حتى قضى.

وقيل لآخر: قل: " لا إله إلا الله " فقال: ما ينفعني ما تقول. ولم أدع معصية إلا ارتكبتها ثم قضى ولم يقلها.

وقيل لآخر: قل: " لا إله إلا الله " فقال: وما تغني عني وما أعرف إني صليت لله صلاة أبداً!! ولم يقلها.

وأخبرني من حضر بعض الشحاتين عند موته: فجعل يقول: فَلْس لله. . فلس لله. حتى قضى.

وأخبرني بعض التجار أنه احتضر فجعلوا يلقنونه: " لا إله إلا الله " وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، هذه مشترى جيد، هذه كذا حتى قضى. وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبراً، والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم وإذا كان هذا في حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه فقد تمكن الشيطان منه واستعمله فيما يريده من معاصي الله وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى وقد عطل لسانه عن ذكره وجوارحه عن طاعته فكيف الظن به عند سقوط قوته واشتغال قلبه ونفسه بما فيه من ألم النزاع وجمع الشيطان له قوته من جهته وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصة فإن ذلك أخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه في ذلك الوقت وأضعف ما يكون هو في ذلك الحال فمن ترى يسلم على ذلك فهناك يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

قال مجاهد رحمه الله: ما من ميت إلا يعرض عليه أهل مجالسه الذي كان يجالس عند الموت إن كانوا أهل اللهو فأهل اللهو، وإن كانوا أهل الذكر فأهل الذكر. جعلنا الله وإياكم من الذاكرين.

‌فصل

‌في الحث على مجالسة الأخيار والزجر عن مجالسة الأشرار

ص: 39

عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم ينلك منه أصابك من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يصبك ناره أصابك شراره ". قال أبو حاتم رضي الله عنه: العقل يلزم صحبة الأخيار ويفارق صحبة الأشرار لأن مودة الأخيار سريع اتصالها بطيء انقطاعها ومودة سريع انقطاعها بطيء اتصالها، وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم. قالوا: يجب على العاقل أن يتجنب أهل الريب لئلا يكون مريبا، فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير، كذا صحبة الأشرار تورث الشر. وقال صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه:" لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي " واسمع قوله تعالى: (يا نوح إنه ليس من أهلك) . فنهى الله عز وجل نبيه أن يقول لابنه: " إنه من أهلي "؛ لأجل ما خالف الله ورسوله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي: " سلمان منا أهل البيت " لأجل طاعته الله ورسوله. وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: من أحب إليك؟ قال: " كل تقي ".

قال الله تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهْم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) واعلم رحمك الله وجميع المسلمين بأنه يجب على المسلم أن يحب من أحبه الله، ويقرب من قربه الله تعالى، ويبغض من أبغضه الله تعالى، ويبعد من أبعد الله تعالى، فحينئذ يستوجب رحمة الله. قال صلى الله عليه وسلم:" من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان ". فمن كان من أهل الطاعة وقرب أهل المعصية أبعده الله، ومن أرضاهم فقد أسخط الله، ومن أكرمهم أهانه الله، ومن أحبهم أبغضه الله وحشره معهم لقوله صلى الله عليه وسلم " المرء مع من أحب ". قال عيسى عليه السلام:" يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي والفسق، والتمسوا رضا الله تعالى إليه بالتباعد عنهم بسخطهم. قالوا: فمن نجالس؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويرغبكم في الآخرة علمه، ويزيد من فهمكم منطقه " وقال: إذا كان الناسك جيرانه عنه راضون فاعلم أنه مداهن. وقال: لا تجالسوا الأحداث فإن فتنتهم أشد من العذارى. وقال: لا تجالسوا شربة الخمر ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم فإن شارب الخمر يجيء يوم القيامة مسوداً وجهه مزرقاً عينيه مذلقاً لسانه على صدره يسيل لعابه كل من رآه. وينبغي للإنسان أن لا يعاشر إلا أهل طريقته إذا كانت موافقة للكتاب والسنة، ولا يعاشر غير أبناء جنسه من المبتدعين قال الله تعالى:(ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) أي لا تعاشروا إلا من تبع موافقتكم على أحوالكم وطريقتكم. قال صلى الله عليه وسلم فيما يخبر عن ربه عز وجل: " وإن هذا دين ارتضيته لنفسي ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه ". وإياك وموالاة أهل البدع بالمودة فإنها تذهب بأنوار القلوب، وتحين أفعالهم يورث المقت من الحق والبعد من الله عز وجل. وقال أبو حاتم رضى الله عنه: العاقل لا يدنس عرضه ولا يعود نفسه أسباب الشر بلزوم صحبة الأشرار ولا يغض عن صيانة عرضه ورياضة نفسه بصحبة الأخيار على أن الناس عند الخبرة تتبين منهم أشياء ضد الظاهر منها. وعن أبي عمرو بن العلاء قال: رآني سعيد بن جبير وأنا جالس مع الشباب قال: ما يجلسك مع الشباب عليك بالشيوخ. وقال أبو الدرداء: لَصَاحِبُ صَالح خيرُ من الوحدة، والوحدة خير من صاحب السوء، ومملي الخير خير من الساكت خير من مملي الشر. وقال أبو حاتم: العاقل لا يصاحب الأشرار؛ لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار تُعْقِبُ الضغائن، لا يستقيم وُدُّه ولا يفي بعهدهِ؛ وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيراً تكون مجالسة الكلب خيراً من عشرته، ومن يصاحب السوء لا يسلم كما أن من يدخل مدخل السوء يُتّهم، ومن كان أصدقاؤه أشراراً كان هو أشرهم وكما أن الخًيِّر لا يصحب إلا البرَرَة كذلك الرديء لا يصحب إلا الفَجَرة. وقال بعض الحكماء: من جلس مع ثمانية أصناف زاد فيه ثمانية أشياء: من جلس مع الأغنياء زاده قلة الشكر والرضا بقسمة الله تعالى أو عكسها.

ص: 40