المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: مدلول السماحة - سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين

[عبد الله بن إبراهيم اللحيدان]

الفصل: ‌أولا: مدلول السماحة

‌المطلب الأول المدلول والأهمية

‌أولا: مدلول السماحة

1-

مدلولها: يتحدد مفهوم السماحة من خلال معرفة مدلولها اللغوي حيث ذكر ابن فارس في معجم مقاييس اللغة أن السين والميم والحاء أصل صحيح يدل على سلاسة وسهولة (1) . والمسامحة: المساهلة (2) . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة» (3) . قال ابن حجر: السمحة: السهلة، أي أنها مبنية على السهولة (4) . والسماحة تشمل أصول الدين وفروعه وصورها لا تحصر، فعقيدة الإسلام سمحة وشريعته سمحة، وتمتد صور السماحة إلى المعاملة، قال صلى الله عليه وسلم:«رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى» (5)، وبوب البخاري رحمه الله للسماحة في هذا الحديث بالسهولة فقال: باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، قال ابن حجر:"وفي الحديث: الحث على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم "(6) .

(1) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، مكتبة الخانجي، مصر، ط3، 1402 هـ ج3 ص99.

(2)

انظر: النهاية في غريب الحديث، مجد الدين ابن الأثير، دار أنصار السنة، لاهور، د ت، ج 2 ص 398.

(3)

رواه البخاري معلقا في كتاب الإيمان، باب الدين يسر قال ابن حجر هذا الحديث لم يسنده المؤلف لأنه ليس على شرطه ووصله في كتاب الأدب المفرد وهو في المسند عن ابن عباس رضى الله عنه بإسناد حسن انظر فتح الباري، ابن حجر، دار المعرفة، بيروت، د ت، ج 2 ص 94وقال عنه الألباني: حسن لغيره انظر: صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري، الألباني، دار الصديق، الجبيل، ط 2 1415هـ ص 122.

(4)

فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، ج1 ص 94.

(5)

رواه البخاري، كتاب البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، رقم الحديث:2076.

(6)

فتح الباري، ابن حجر، ج 4 ص 207.

ص: 5

2 -

ضابطها الشرعي: السماحة لا تعني التساهل دون ضابط شرعي يحكمها فهي مرتبطة بالنص وعندما يخلط بعضهم بينها وبين التساهل المذموم فقد يعيب بعض على الآخر ظنا منهم أن في السماحة تفريطا بأصل الدين، إن فهم مدلول السماحة وأنها تعني السهولة والمسامحة والمساهلة لا يعني بحال التفريط في شيء من أصول الدين أو فروعه، كما أن التفريط في فهم سماحة الإسلام وتطبيقها قد يفضي إلى التشديد والتنفير من هذا الدين وقد قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1)، وقال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (2)، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:«هلك المتنطعون» (3) ، قالها ثلاثا، والمتنطعون: المتشددون في غير موضع التشديد (4) . فهذا الدين جاء ليضع الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالتيسير وينهى عن التعسير.

(1) سورة الحج، الآية:78.

(2)

سورة البقرة، الآية:185.

(3)

رواه مسلم، كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، رقم الحديث:2670.

(4)

رياض الصالحين، النووي، مكتبة الوراق، الرياض، ط 1، 1416هـ، ص 128.

ص: 6

والسماحة لا تعني الضعف والإسلام يأبى الضيم ويرفض لأتباعه الذل والهوان والمؤمن عزيز بإيمانه وإسلامه قوي بهما، ومن يظنون السماحة والصفح والحلم والعفو ضعفا لا يدركون عظمة هذا الدين. والسماحة كبقية المعاني العظيمة التي جاء بها الإسلام كالوسطية والتيسير والعدل والعفو والصفح وغير ذلك لها ضابطها الشرعي الذي إن حادت عنه كانت عقبة كئودا في فهم طبيعة الإسلام.

ص: 7