الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع سماحة الإسلام في المعاملة في كتابات غير المسلمين
منذ فجر الدعوة الإسلامية كانت شهادة خصومها ظاهرة بينة إذ رأوا من سماحة هذا الدين وتيسيره ما بهر عقولهم وأخذ بألبابهم ورأوا من سلوك أهله ما دعاهم إليه، فاستجابت نفوس الكثيرين إليه وإلى أهله وإن لم يؤمنوا به، فدون التاريخ شهاداتهم له ولأهله بحسن المعاملة والسماحة العظيمة.
1-
فمن ذلك ما كتبه نصارى الشام في صدر الإسلام حيث كتب النصارى في الشام سنة 13هـ إلى أبي عبيدة بن الجراح رضى الله عنه يقولون:" يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم وإن كانوا على ديننا أنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا وأحسن ولاية علينا "(1) . واستمر هذا النهج في معاملة غير المسلمين عبر تاريخ الإسلام.
2-
ففي الوقت الحاضر يعيش طوائف عديدة من النصارى في بلاد الشام ومصر وبلاد المغرب العربي وهي شاهد على سماحة الإسلام جعلت المستشرق الإنجليزي توماس آرنولد يقول:
" إن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد على هذا التسامح "(2) .
(1) فتوح البلدان، البلاذري، دار الهلال، بيروت، ط1، 1403هـ، ص 139 وانظر: الدعوة إلى الإسلام، توماس آرنولد، ص 73 وكتاب الخراج، أبو يوسف، ص 139.
(2)
الدعوة إلى الإسلام، توماس آرنولد، ص 70.
ويقول أيضا: "لما كان المسيحيون يعيشون في مجتمعهم آمنين على حياتهم وممتلكاتهم ناعمين بمثل هذا التسامح الذي منحهم حرية التفكير الديني تمتعوا وخاصة في المدن بحالة من الرفاهية والرخاء في الأيام الأولى من الخلافة"(1) .
3-
وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: " العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها سمح لهم جميعا دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أوليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال ومتى؟ ومن ذا الذي لم يتنفس الصعداء بعد الاضطهاد البيزنطي الصارخ وبعد فظائع الأسبان واضطهاد اليهود. إن السادة والحكام المسلمين الجدد لم يزجوا أنفسهم في شئون تلك الشعوب الداخلية. فبطريرك بيت المقدس يكتب في القرن التاسع لأخيه بطريرك القسطنطينية عن العرب: إنهم يمتازون بالعدل ولا يظلموننا البتة وهم لا يستخدمون معنا أي عنف"(2) .
(1) انظر: الدعوة إلى الإسلام، توماس آرنولد، ص 81.
(2)
شمس العرب تسطع على الغرب، زيغريد هونكه، دار صادر، بيروت ترجمة فاروق بيضون وكمال دسوقي، ط 10، 1423هـ ص 364.
4-
ويقول غوستاف لوبون: فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا دينا سمحا مثل دينهم (1) . ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول: وكان عرب أسبانيا خلا تسامحهم العظيم يتصفون بالفروسية المثالية فيرحمون الضعفاء ويرفقون بالمغلوبين ويقفون عند شروطهم وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوربا منهم مؤخرا (2) .
5-
ويقول هنري دي شامبون مدير مجلة "ريفي بارلمنتير "الفرنسية حيث قال: لولا انتصار جيش شارل مارتل الهمجي على العرب المسلمين في فرنسا لما وقعت بلادنا في ظلمات القرون الوسطى ولما أصيبت بفظائعها ولا كابدت المذابح الأهلية التي دفع إليها التعصب الديني المذهبي، لولا ذلك الانتصار الوحشي على المسلمين في بواتييه لظلت أسبانيا تنعم بسماحة الإسلام ولنجت من وصمة محاكم التفتيش ولما تأخر سير المدنية ثمانية قرون ومهما اختلفت المشاعر والآراء حول انتصارنا ذاك فنحن مدينون للمسلمين بكل محامد حضارتنا في العلم والفن والصناعة مدعوون لأن نعترف بأنهم كانوا مثال الكمال البشري في الوقت الذي كنا فيه مثال الهمجية (3) .
(1) انظر: حضارة العرب، غوستاف لوبون، ص 720.
(2)
حضارة العرب، غوستاف لوبون، ص 344، وانظر: السلوك ،أثره في الدعوة إلى الله، فضل إلهي، إدارة ترجمان الإسلام، باكستان، ط 1، 1419هـ ص 164.
(3)
نقلا عن: صور من حياة التابعين، عبد الرحمن الباشا، دار الأدب الإسلامي، القاهرة، ط 15، 1418هـ ص 420.
6-
ويقول المستشرق دوزي: "إن تسامح ومعاملة المسلمين الطيبة لأهل الذمة أدى إلى إقبالهم على الإسلام وأنهم رأوا فيه اليسر والبساطة مما لم يألفوه في دياناتهم السابقة "(1) .
7-
ويقول المستشرق بارتولد:" إن النصارى كانوا أحسن حالا تحت حكم المسلمين إذ أن المسلمين اتبعوا في معاملاتهم الدينية والاقتصادية لأهل الذمة مبدأ الرعاية والتساهل "(2) .
8-
ويقول المستشرق ديورانت: " لقد كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيرا في البلاد المسيحية في هذه الأيام "(3) .
9-
ويقول أحد الكتاب الأمريكيين المعاصرين وهو: آندرو باترسون: " إن العنف باسم الإسلام ليس من الإسلام في شيء بل إنه نقيض لهذا الدين الذي يعني السلام لا العنف "(4) .
(1) انظر: تاريخ أهل الذمة في العراق، توفيق سلطان، دار العلوم، الرياض، ط1، 1403 هـ ص 70 نقلا عن: نظرات في تاريخ الإسلام، دوزي، ص 411.
(2)
انظر: تاريخ أهل الذمة في العراق، توفيق سلطان، ص 124، نقلا عن الحضارة الإسلامية، بارتولد، ق. ص 19.
(3)
قصة الحضارة، ول ديورانت، دار الجيل، بيروت، د ت، ج 13 ص 130.
(4)
لا سكوت بعد اليوم، بول فندلي، شركة المطبوعات، بيروت، ط 2، 2001م ص 91.
10-
ويقول بول فندلي وهو عضو سابق في الكونجرس الأمريكي: على المسلمين الإعلان جهرا عن هويتهم الإسلامية والبحث عن وسائل تمكنهم من عرض حقيقة دينهم على غير المسلمين. . ولا يجدر بهم انتظار حدوث أزمة كي يعلموا الآخرين بحقيقة دينهم. . لا بد للمسلمين أن يجاهروا بإسلامهم مجاهرة يكون سلوكهم الحسن معها وإنجازاتهم المجدية سبيلا للتعرف على الإسلام (1) .
11-
وكانت سماحة الإسلام سببا في إسلام الشاعر الأمريكي رونالد ركويل فقال بعد أن أشهر إسلامه: لقد راعني حقا تلك السماحة التي يعامل بها الإسلام مخالفيه سماحة في السلم وسماحة في الحرب والجانب الإنساني في الإسلام واضح في كل وصاياه (2) .
إن عظمة هذا الدين لا تخفى إلا على من جهل حقيقة الإسلام أو عميت بصيرته عنه أو كان به لوثة من هوى أو حقد مقيت، وإلا فإن سماحة الإسلام في المعاملة وتيسيره في كل أموره، ظاهر بأدنى تأمل لمن طلب الحق وسعى إلى بلوغه والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
(1) لاسكوت بعد اليوم، بول فندلي، ص 344. بتصرف.
(2)
انظر: معاملة غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، إدوار غالي الدهبي، مكتبة غريب، مصر، ط 1، 1993م ص 49.