المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الشبهة السابعة: تتلخص هذه الشبهة في قولهم: إن الخطاب بالأحاديث كان - شبهات القرآنيين

[عثمان بن شيخ علي]

الفصل: ‌ ‌الشبهة السابعة: تتلخص هذه الشبهة في قولهم: إن الخطاب بالأحاديث كان

‌الشبهة السابعة:

تتلخص هذه الشبهة في قولهم: إن الخطاب بالأحاديث كان موجهاً لأمة خاصة وهم العرب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بما يوافق ظروفهم الخاصة، فلا تلزمنا طاعته إذ كانت مقيدة بزمنه، وزالت بوفاته صلى الله عليه وسلم.

يقول الخواجه: "اعلم أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت طاعة مقيدة بزمنه، وامتثال أحكامه، لا تتجاوز حياته، وقد أوصد هذا الباب منذ وفاته عليه الصلاة والسلام "(1) .

ويشرح حشمت علي هذه الشبهة فيقول: "لقد كانت إرشاداته صلى الله عليه وسلم تصدر وفق ظروف أصحابه، ولو كنا في تلك الآونة لوجب علينا اتباع أقواله وإرشاداته عليه الصلاة والسلام وكما أن خطاب القرآن عام عندنا غير أن المخاطبين بالأحاديث أمة خاصة وهم العرب"(2) .

الرد:

ما أشبه قولة القرآنيين بمقالة بعض أهل الكتاب الذين قالوا: إن محمدا رسول الله لكن إلى العرب خاصة.

فنقول للقرآنيين: هل الأحاديث لازمة للعرب إلى يوم القيامة بمعنى أنهم إذا بلَّغ بعضهم بعضا كانت الحجة عليهم قائمة بذلك، فإن كنتم تقولون بذلك فما الفرق بين العرب والعجم؟ لأن رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم عامة للخلق كلهم إلى يوم القيامة، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ

(1) مجلة البيان 32 عدد أغسطس 1951م.

(2)

تبليغ القرآن 5.

ص: 58

اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} (الأعراف:158) .، وقال تعالى:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} (النساء: 79)، وقال سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} (سبأ:28)، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (المائدة: 67) ، حذف المفعول الثاني إرادة عموم المبلَّغين.

وقال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19) أي من بلغه القرآن ومن لم يكن في زمن الرسول صلى اله عليه وسلم.

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيته يوم الحج الأكبر: "ليبلغ الشاهد

الغائب" (1) ، فإن كانت الحجة لا تقوم بالسنة، لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الغائب الصادق على من هو في هذه الأعصر المتأخرة.

فأتمر الصحابة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فبلغوا القرآن والحديث على أنهما الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

بل كان الصحابة يتطلبون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فإذا بلغهم الحديث عن صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترددوا في قبوله، وهذه كانت عادة الخلفاء الراشدين، فأبو بكر كان يحكم بكتاب الله، فإن لم يجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد سأل الصحابة إن كان عند أحد منهم حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القضية، فإن وجد ذلك حكم به، وكذلك عمر، وعثمان، وعلي، فإن لم يجدوا سنة عندهم، أو عند غيرهم من الصحابة اجتهدوا رأيهم.

وكان عمر لا يورّث المرأة من دية زوجها، ثمّ ورّثها لرواية الضحاك

(1) أخرجه البخاري (67) ومسلم (1679) .

ص: 59

بن سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم توريثها (1) .

وانظر قصة أبي موسى الأشعري مع عمر في الاستئذان حيث لم يقل عمر: ما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام حياته أخذنا به، وما بلغنا عنه بعد وفاته لا يلزمنا، لأنه يعلم أن ذلك ينافي الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.

وانظر إلى ابن عمر إذ تروي له عائشة حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فيأخذ به.

"فإذا كان حكم الآيات القرآنية لا يختص بزمن ولا بأشخاص معدودين، فكذلك السنة، إذ لا فرق بين أحكام الكتاب وأحكام السنة لصدورهما من مصدر واحد، ولأن رسالته عامة شاملة للخلق أجمعين، فيجب ضرورة أن تكون سنته كذلك، لعدم الخلف بين أحكامها وأحكام القرآن، ومن ثم لا فرق في تطبيق الأحكام الثابتة بالكتاب والسنة بين من شاهد التنزيل وعاصره وبين من ولد في عصر الذرة وآمن برسالة محمد عليه الصلاة والسلام تصديقاً بخبر الله"(2) .

(1) أخرجه أبو داود (2927) والترمذي (2111) وابن ماجه (2642) .

(2)

القرآنيون وشبهاتهم 232.

ص: 60