المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر بلزوم الجماعة وبيان خطر الشذوذ عنها - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - حسن أبو الأشبال - جـ ٦

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ما جاء عن النبي في الحث على الاتباع

- ‌سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على اتباع الجماعة والسواد الأعظم

- ‌النهي عن التبتل والاختصاء والغلو في الدين

- ‌النهي عن الخروج على ولي الأمر وشق عصا الطاعة

- ‌حكم قتل المسلم

- ‌الأمر بلزوم الجماعة وبيان خطر الشذوذ عنها

- ‌التحذير من اتباع سنن اليهود والنصارى

- ‌إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بافتراق الأمة إلى فرق وأحزاب

- ‌بيان أن الأمة لا تجتمع على ضلالة والحث على ملازمة السواد الأعظم

- ‌بيان استمرار طائفة من الأمة على الحق

- ‌تجديد دين أمة محمد على رأس كل مائة عام وتكليف هذه الأمة بالدعوة إلى الله

- ‌حرص الصحابة رضي الله عنهم على التمسك بالجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف

- ‌وصية عبد الله بن مسعود للناس بالطاعة والجماعة

- ‌وصية حذيفة وأبي مسعود البدري بلزوم الجماعة

- ‌ذكر بعض صفات الطائفة المنصورة

- ‌الأسئلة

- ‌بيان أن المعاصي والكبائر لا تخرج أصحابها عن اعتقاد أهل السنة

- ‌حكم صلاة الجمعة على المسافر

- ‌حكم الغسل على المرأة إذا أرادت أن تصلي الجمعة

- ‌حكم أخذ مصحف موقوف على المسجد إلى البيت للقراءة فيه

- ‌الحكم على بعض الأحاديث المشهورة عند الناس

الفصل: ‌الأمر بلزوم الجماعة وبيان خطر الشذوذ عنها

‌الأمر بلزوم الجماعة وبيان خطر الشذوذ عنها

قال: [عن أسامة بن شريك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يد الله على الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين كما يختطف الذئب الشاة من الغنم)].

وفي الحديث: (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية).

يعني: البعيدة، والغنم مجتمعة عادة وراعيها معها لا يمكن للذئب أبداً أن يخترق هذا القطيع، أما إذا كانت الشاة شاردة شاذة وابتعدت عن أخواتها من الغنم فلابد أن يهجم عليها الذئب، فكذلك الرجل إذا كان مع الجماعة فإنه محفوظ بحفظ الله تبارك وتعالى لهذه الجماعة؛ لأن هذه الجماعة ما اجتمعت إلا اجتماعاً شرعياً حقيقياً على كتاب الله وعلى سنة رسوله؛ لأن معنى أهل السنة والجماعة: أنهم متمسكون بالأثر، وقد اجتمعوا على ذلك، فلا تطلق الجماعة إلا الجماعة الشرعية، على قوم اجتمعوا على كتاب الله وعلى سنة رسوله، والنبي عليه الصلاة والسلام قد وعد وعداً أكيداً أنه قد ترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل أبداً: كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.

فإذا كان الأمر كذلك وتمسك المسلمون بكتاب ربهم وسنة نبيهم واجتمعوا على ذلك فأنى للشيطان أن يخترق هذه الجماعة فضلاً عن غير الشيطان من شياطين الإنس؟ فقوله هنا عليه الصلاة والسلام: (يد الله على الجماعة).

بعض الناس وللأسف الشديد في هذا الزمان من أهل السنة ومن الداعين إلى التمسك بالأثر زلت قدمه في هذا الحديث، وقال: اليد هنا بمعنى: القوة.

وقال: أنا لا أستطيع أبداً في هذه الصفة على جهة الخصوص أن أعقل أن اليد يراد بها اليد، ثم ذكر نفس التأويل ونفس التفكير في قوله:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]، فقال: أنا لا أعتبر أبداً اليد هنا بمعنى اليد الحقيقية الثابتة لله عز وجل، وإنما اليد هنا بمعنى: القوة، فلما حدثناه في ذلك -لأنه إمام من أئمة السنة- قال: كيف لي بأن أفهم أن اليد هنا بمعنى اليد الثابتة لله عز وجل؟ وكيف تكون يد الله على الجماعة، وإذا كانت هي اليد الثابتة لله فكيف تكون يد الله فوق أيديهم؟ قال: إن ذلك يلزم منه المماسة ولله المثل الأعلى، فقال:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]، يعني: هكذا.

فوضع اليسرى على اليمنى أو العكس.

قال: واللغة تخص بالفوقية أن تستلزم المماسة.

قلت: لا.

يد الله فوق أيديهم ويد الله على الجماعة لا تستلزم المماسة.

ثم سألته أين السماء؟ قال: فوق.

أين الأرض؟ قال: نحن عليها.

قلت: ألست تقول: إن السماء فوق الأرض؟ قال: بلى.

قلت: هل يلزم من ذلك أن تمس السماء الأرض؟ قال: لا.

قلت: إذاً: هكذا.

السماء فوق الأرض لا يلزم منها مماسة السماء للأرض.

فكذلك يد الله تبارك وتعالى فوق أيدينا، وهذا يدل على علو المولى تبارك وتعالى وفوقيته، فعلى أية حال هو وعد أن ينظر في الأمر وأظن أن عنده الوقت الكافي؛ لأن هذا الأمر مر عليه عامان وزيادة.

وقوله: (يد الله على الجماعة) هي إثبات ليد الله تبارك وتعالى الحقيقية، ولا ينفي ذلك: أن نفهم منها ما يلزم من ذلك وهو حفظ الله تبارك وتعالى لهذه الجماعة وعنايته بها ونصره وتأييده وغير ذلك، ومع ذلك لا ننفي المعنى الأصلي وهو أن يد الله تبارك وتعالى فوق الجماعة.

قال: (فإذا شذ الشاذ) أي: فإذا انحرف عن هذه الجماعة وتركها ونحا نحواً غير نحوها وذهب مذهباً غير مذهبها اختطفته الشياطين كما يختطف الذئب الشاة من الغنم.

ص: 6