المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سياق ما روي من دعاء السلف الصالح على اللعانين، وما أظهر الله من تعجيل العقوبة والنكال لهم في الدنيا، وما أعد الله لهم في الآخرة أكثر - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - جـ ٧

[اللالكائي]

فهرس الكتاب

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِي فِي كَيْفَ السِّحْرُ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ إِبْلِيسَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَرَوْنَ مَنْ يُرِيهِمُ اللَّهُ لَا كَمَا زَعَمَتِ الْمُبْتَدِعَةُ أَنَّ الْجِنَّ لَا حَقِيقَةَ لَهُمْ، وَأَنَّ إِبْلِيسَ كُلُّ رَجُلِ سُوءٍ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَالْإِيمَانِ بِهِ خِلَافَ مَا قَالَتِ الْمُبْتَدِعَةُ: إِنَّ الدَّجَّالَ كُلُّ رَجُلٍ خَبِيثٍ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ وَمَنْعِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوَارِجِ

- ‌بَابُ جِمَاعِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ مَعْرِفَةَ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ مِنَ السُّنَّةِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَثِّ عَلَى حُبِّ الصَّحَابَةِ وَذِكْرِ مَحَاسِنِهِمْ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَالْكَفِّ عَنْ مَسَاوِئِهِمْ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ لَعَنَ الصَّحَابَةَ أَوْ تَنَقَّصَهُمْ، أَوْ نَالَ مِنْهُمْ، وَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنْ دُعَاءِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى اللَّعَّانِينَ، وَمَا أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ فِي أَجْنَاسِ الْعُقُوبَاتِ وَالْحُدُودِ الَّتِي أَوْجَبُوهَا وَأَقَامُوهَا عَلَى مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَلَدَ ثَلَاثِينَ سَوْطًا مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَنَّ ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ شَتَمَ الْمِقْدَادَ، فَهَمَّ عُمَرُ بِقَطْعِ لِسَانِهِ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: ذَرُونِي أَقْطَعْ لِسَانَ ابْنِي حَتَّى لَا يَجْتَرِئَ أَحَدٌ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَتَرْتِيبِ الْخِلَافَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْبَيْعَةِ

- ‌كَلَامُ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ

- ‌قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

- ‌قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

- ‌قَوْلُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ

- ‌قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي أَبِي بَكْرٍ

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ

- ‌سِيَاقِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَمَا اسْتَخْلَفَهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنهم

- ‌فَضَائِلُ ابْنِ عُمَرَ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

الفصل: ‌سياق ما روي من دعاء السلف الصالح على اللعانين، وما أظهر الله من تعجيل العقوبة والنكال لهم في الدنيا، وما أعد الله لهم في الآخرة أكثر

‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنْ دُعَاءِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى اللَّعَّانِينَ، وَمَا أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ

ص: 1327

2360 -

أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْقَطِيعِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَرَّاءُ، قَالَ: نا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: " شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ، حَتَّى قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي. قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أُصَلِّي لَهُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَيِ الْعِشَاءَيْنِ، لَا أَخْرِمُ عَنْهُمَا أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ: فَبَعَثَ رِجَالًا يَسْأَلُونَ عَنْهُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: فَكَانُوا لَا يَأْتُونَ مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ إِلَّا قَالُوا خَيْرًا، وَأَثْنَوْا خَيْرًا، وَأَثْنَوْا مَعْرُوفًا، حَتَّى أَتَوْا مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي عَبْسٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعْدَةَ: فَأَمَّا إِذْ نَاشَدْتُمُونَا، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَعَرِّضْ بِهِ الْفِتَنَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُ النِّسَاءَ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

ص: 1327

2361 -

أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، قَالَ: نا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ

⦗ص: 1328⦘

: أَقْبَلَ سَعْدٌ مِنْ أَرْضٍ لَهُ، فَإِذَا النَّاسُ عُكُوفٌ عَلَى رَجُلٍ، فَاطَّلَعَ فَإِذَا هُوَ يَسُبُّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيًّا، فَنَهَاهُ، فَكَأَنَّمَا زَادَهُ إِغْرَاءً، فَقَالَ: وَيْلَكَ مَا تُرِيدُ إِلَى أَنْ تَسُبَّ أَقْوَامًا هُمْ خَيْرٌ مِنْكَ، لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لَأَدْعُوَنَّ عَلَيْكَ، فَقَالَ: هِيهِ، فَكَأَنَّمَا تُخَوِّفُنِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ دَارًا، فَتَوَضَّأَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا قَدْ سَبَّ أَقْوَامًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنْكَ خَيْرٌ أَسْخَطَكَ سَبُّهُ إِيَّاهُمْ فَأَرِنِي الْيَوْمَ بِهِ آيَةً تَكُونُ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَتَخْرُجُ بُخْتِيَّةٌ مِنْ دَارِ بَنِي فُلَانٍ نَادَّةً لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهِ ، وَيَتَفرَّقُ النَّاسُ عَنْهُ، فَتَجْعَلُهُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا، فَتطَؤُهُ حَتَّى طَفِئَ. قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَتْبَعُهُ النَّاسُ وَيَقُولُونَ: اسْتَجَابَ اللَّهُ لَكَ أَبَا إِسْحَاقَ، اسْتَجَابَ اللَّهُ لَكَ أَبَا إِسْحَاقَ

ص: 1327

2362 -

أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: نا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، أَنَّ أَرْوَى خَاصَمَتْهُ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ طُوِّقَ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا. قَالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ، تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، بَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ خَرَّتْ فِي بِئْرِ الدَّارِ فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

ص: 1328

2363 -

وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ قَالَ: نا أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كُنْتُ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَمَا أَظُنُّ أَنْ تَغْفِرَ لِي ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ كَمَا تَقُولُ، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ قَدْ أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا إِنْ قَدَرْتُ أَنْ أَلْطِمَ وَجْهَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَطَمْتُهُ، فَلَمَّا قُتِلَ وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ فِي الْبَيْتِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، دَخَلْتُ كَأَنِّي أُصَلِّي، فَوَجَدْتُ خَلْوَةً، فَرَفَعْتُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَلَطَمْتُهُ، وَتَنَحَّيْتُ وَقَدْ يَبِسَتْ يَمِينِي، فَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ سَوْدَاءُ، كَأَنَّهَا عُودُ شِيزٍ

ص: 1329

2364 -

أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ هَيْصَمٍ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، ح

2365 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: نا جَدِّي يَعْقُوبُ قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: نا عُمَيْرٌ أَبُو الْحُبَابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزَاةٍ فِي الْبَحْرِ، وَعَلَيْنَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ، فَكَانَ مَعَنَا فِي الْمَرْكَبِ رَجُلٌ يُكَنَّى أَبَا حِمَّانَ، فَأَقْبَلَ يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَنَهَيْنَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وزَجَرْنَاهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، فَأَتَيْنَا عَلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَأَرْفَيْنَا إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجْنَا، وَتَفَرَّقْنَا نُرِيدُ الْوُضُوءَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَأُخْبِرْنَا أَنَّ الدَّبْرَ، يَعْنِي الزَّنَابِيرَ، وَقَعَتْ عَلَى أَبِي حِمَّانَ فَأَتَتْ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَيِّتٌ، قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: فَزَادَنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَجْدَةُ بْنُ الْمُبَارَكِ السُّلَمِيُّ قَالَ

⦗ص: 1330⦘

: سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ يَذْكُرُ شَيْئًا، فَأَخْبَرَ النَّاسَ، فَتَعَجَّبُوا وَقَالُوا: هَذِهِ كَانَتْ مَأْمُورَةً. قَالَ نَجْدَةُ: فَأَقْبَلَ قَوْمٌ يَحْفِرُونَ، فَاسْتَوْعَرَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ وَصَلُبَتْ، فَلَمْ نَقْدِرْ أَنْ نَحْفِرَ لَهُ، فأَلْقَيْنَا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ وَوَرَقَ الشَّجَرِ ". وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ، زَادَ ابْنُ مَنِيعٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ خَلَفٌ: «وَكَانَ صَاحِبٌ لَنَا يَبُولُ، فَوَقَعَتْ نَحْلَةٌ عَلَى ذَكَرِهِ فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ مَأْمُورَةً»

ص: 1329

2366 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ، قَالَ: نا الْوَضَّاحُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: نا أَبُو الْمُحَيَّاةِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ:" خَرَجْنَا نُرِيدُ مَدَانَ، وَمَعَنَا رَجُلٌ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: فَنَهَيْنَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَانْطَلَقَ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ الدَّبْرُ، فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى قَطَعَهُ "

ص: 1330

2367 -

أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ هَيْصَمٍ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: ح،

2368 -

وَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: نا بِشْرٌ أَبُو الْخَصِيبِ، قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكُنْتُ مُوسِرًا، وَكُنْتُ أَسْكُنُ بِمَدَائِنِ كِسْرَى وَذَاكَ فِي زَمَانِ طَاعُونِ هُبَيْرَةَ، فَأَتَانِي أَجِيرٌ لِي يُدْعَى أَشْرَفَ، فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا مَيِّتًا فِي بَعْضِ خَانَاتِ الْمَدَائِنِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَى دَابَّتِي، حَتَّى دَخَلْتُ ذَلِكَ الْخَانَ، فَدَفَعْتُ إِلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ مُسَجًّى ، عَلَى بَطْنِهِ لَبِنَةٌ، وَمَعَهُ

⦗ص: 1331⦘

نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَذَكَرُوا مِنْ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ، فَبَعَثْتُ إِلَى كَفَنٍ لِيُشْتَرَى لَهُ، وَبَعَثْنَا إِلَى حَافِرٍ يَحْفِرُ لَهُ قَبْرًا، وَهَيَّأْتُ لَهُ لَبِنًا، وَجَلَسْنَا نُسَخِّنُ لَهُ الْمَاءَ لِنُغَسِّلَهُ، فَإِنَّا كَذَلِكَ إِذْ وَثَبَ الْمَيِّتُ وَثْبَةً، فَنَدَرَتِ اللَّبِنَةُ عَنْ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالنَّارِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَنِيعٍ: فَفَزِعَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، قَالَ: فدَنَوْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِعَضُدِهِ فَهَزَزْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَا رَأَيْتَ؟ وَمَا حَالُكَ؟ قَالَ: صَحِبْتُ مَشْيَخَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ أَبُو الْخَصِيبِ: فَذَكَرَ أَحَدَ الثَّلَاثِ خِصَالٍ، قَالَ: فَقَالَ: أَدْخَلُونِي فِي دِينِهِمْ، أَوْ قَالَ: هَوَاهُمْ، أَوْ قَالَ: رَأْيِهِمْ ، الشَّكُّ مِنْ أَبِي الْخَصِيبِ عَلَى سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا، قَالَ: فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ لَا تَعُدْ، قَالَ: فَقَالَ: وَمَا يَنْفَعُنِي، وَقَدِ انْطُلِقَ بِي إِلَى مُدْخَلِهِمْ مِنَ النَّارِ، فَأُرِيتُهُ ثُمَّ قِيلَ لِي: إِنَّكَ تَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا رَأَيْتَهُ، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى حَالِكَ، قَالَ: فَمَا أَدْرِي انْقَضَتْ كَلِمَتُهُ، أَوْ عَادَ مَيِّتًا عَلَى حَالِهِ الْأُولَى، فَانْتَظَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِالْكَفَنِ، فَأَخَذْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لَا كَفَّنْتُهُ، وَلَا غَسَّلْتُهُ، وَلَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّ النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ هُمُ الَّذِينَ تَوَلَّوْا غُسْلَهُ، وَدَفْنَهُ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا لِقَوْمٍ: مَا الَّذِي اسْتَنْكَرْتُمْ مِنْ صَاحِبِنَا؟ قَالُوا: إِنَّمَا كَانَتْ خَطْفَةً مِنْ شَيْطَانٍ تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ، قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْخَصِيبِ، هَذَا الَّذِي حَدَّثَنِي لَمُشْهَدٌ مِنْكَ؟ قَالَ: بَصَرُ عَيْنِي، وَسَمْعُ أُذُنِي ". وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ، إِلَّا كَلِمَةً بَيَّنْتُهَا فِي خِلَالِ الْحَدِيثِ

ص: 1330

2369 -

أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ، قَالَ: نا الْوَضَّاحُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: نا. . " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَنَا فِي سَفَرٍ، فَنَهَيْنَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، فَقُلْنَا لَهُ: اجْتَنِبْنَا، فَفَعَلَ، فَلَمَّا أَرَدْنَا الرُّجُوعَ تَذَمَّمْنَا، فَقُلْنَا: لَوْ صَحِبَنَا حَتَّى

⦗ص: 1332⦘

نَرْجِعَ، فَلَقِيَنَا غُلَامُهُ، فَقُلْنَا لَهُ: قُلْ لِمَوْلَاكَ يَرْجِعْ إِلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بِي أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَأَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ، فَإِذَا هُمَا ذِرَاعَا خِنْزِيرٍ، فَتَحَوَّلَ إِلَيْنَا، فَكَانَ مَعَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى قَرْيَةٍ كَثِيرَةِ الْخَنَازِيرِ، فَلَمَّا رَآهَا صَاحَ صِيَاحَ الْخَنَازِيرِ، فَوَثَبَ مِنْ دَابَّتِهِ، فَإِذَا هُوَ خِنْزِيرٌ، فَاخْتَلَطَ مَعَ الْخَنَازِيرِ، فَلَمْ نَعْرِفْهُ، فَجِئْنَا بِمَتَاعِهِ وَغُلَامِهِ إِلَى الْكُوفَةِ "

ص: 1331

2370 -

أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا حَنْبَلٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ لَهُ: مُرْ غُلَامَكَ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ تَكْفِينِي، أَخْبِرْنِي عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ، كَانَ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، فَجَعَلْتُ أَنْهَاهُ فَجَعَلَ لَا يَنْتَهِي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ سَوَابِقُ وَقَدَمٌ، فَإِنْ كَانَ مُسْخِطًا لَكَ مَا يَقُولُ فَأَرِنِي بِهِ آيَةً، وَاجْعَلْهُ آيَةً لِلنَّاسٍ، فَسَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ

ص: 1332

2371 -

أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَدَّادُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، بِسِمْتِيَاطَ، قَالَ: نا أَبُو الصَّقْرِ الْخِلَاطِيُّ، عَنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " كُنْتُ امْرَأً أَغْدُو إِلَى الصَّلَاةِ بِغَلَسٍ، فَغَدَوْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَكَانَ لَنَا جَارٌ كَانَ لَهُ كَلْبٌ عَقُورٌ، فَقَعَدْتُ أَنْظُرُ حَتَّى يَتَنَحَّى، فَقَالَ لِي الْكَلْبُ: جُزْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُ بِمَنْ يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ "

ص: 1332

2372 -

ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الطَّيِّبِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ الصَّايِغُ، وَأَشَارَ إِلَى

⦗ص: 1333⦘

أُسْطُوَانَةِ الْجَامِعِ ، يَعْنِي بِمَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، يَقُولُ: عِنْدَ تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةِ، قَالَ:" إِنَّهُ كَانَ فِي جِيرَانِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ، وَكَانَ مِمَّنْ يُمَارِسُ الْمَعَاصِيَ وَالْقَاذُورَاتِ، فَجَاءَ يَوْمًا مَجْلِسَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَدًّا تَامًّا، وَانْقَبَضَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِمَ تَنْقَبِضُ مِنِّي؟ إِنِّي قَدِ انْتَقَلْتُ عَمَّا كُنْتَ تَعْهَدُهُ مِنِّي بِرُؤْيَا رَأَيْتُهَا. قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ رَأَيْتَ تَقَدَّمَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ عَلَى عُلُوٍّ مِنَ الْأَرْضِ، وَنَاسٌ كَثِيرٌ أَسْفَلَ جُلُوسٌ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَيْهِ، فَيَقُولُونَ: ادْعُ لَنَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنَ الْقَوْمِ غَيْرِي، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ قُبْحِ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا فُلَانُ، لِمَ لَا تَقُومُ وَتَسْأَلُنِي أَدْعُو لَكَ؟ فَكَأَنِّي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقْطَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْ قُبْحِ مَا أَنَا عَلَيْهِ، قَالَ: إِنْ كَانَ يَقْطَعُكَ الْحَيَاءُ فَقُمْ فَسَلْنِي أَدْعُو لَكَ، إِنَّكَ لَا تَسُبُّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي، قَالَ: فَقُمْتُ فَدَعَا لِي، قَالَ: فَانْتَبَهْتُ، وَقَدْ بَغَّضَ اللَّهُ إِلَيَّ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ "، قَالَ: فَقَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَا جَعْفَرُ، يَا فُلَانُ، يَا فُلَانُ حَدِّثُوا بِهَذَا، وَاحْفَظُوا فَإِنَّهُ يَنْفَعُ "

2373 -

حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَيَّاطُ، شَيْخٌ صَالِحٌ كَانَ فِي جِوَارِنَا، وَكَانَ يَسْكُنُ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَانْتَقَلَ إِلَى الْغَرْبِيِّ، وَكَانَ فِي خِدْمَةِ شَاشُنَيْكِيرَ الْحَاجِبِ، قَالَ: كَانَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ فِي وَقْتٍ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ بُوَيْهِ رَجُلٌ دَيْلَمِيٌّ مِنْ قُوَّادِهِ يُسَمَّى جَبْنَه مَشْهُورٌ، وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ عَسْكَرِهِ، وَيَذْكُرُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لِهَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا لَهُ مَالٌ وَنَجْدَةٌ وَجَمَالٌ، قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ وَاقِفٌ يَوْمًا فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ بِبَغْدَادَ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى مَكَّةَ إِذْ عَبَرَ بِهِ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِعَلِيٍّ الدَّقَّاقِ الْمَعَافِرِيِّ، قَالَ يُوسُفُ: هُوَ حَدَّثَنِي بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَشَرَحَهَا إِذْ هُوَ صَاحِبُهَا، وَالْمُبْتَلَى بِهَا ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ غَيْرَهُ مِنَ النَّاسِ يَذْكُرُونَهَا لِشُهْرَتِهَا، إِلَّا إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ

⦗ص: 1334⦘

: عَبَرْتُ عَلَى جَبْنَةَ، فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ هُوَ ذَا تَحُجُّ هَذِهِ السَّنَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ تَتَّفِقْ لِي حَجَّةٌ إِلَّا الْآنَ، وَأَنَا فِي طَلَبِهَا، فَقَالَ لِي جَوَابًا عَنْ كَلَامِي: أَنَا أُعْطِيكَ حَجَّةً. فَقُلْتُ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِحَّ فِي نَفْسِي كَلَامُهُ: هَاتِهَا، فَقَالَ: يَا غُلَامُ مُرَّ إِلَى عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيِّ وَقُلْ لَهُ يَزِنْ لَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَمَرَرْتُ مَعَ غُلَامِهِ فَوَزَنَ لِي عُثْمَانُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: أَصْلِحْ أُمُورَكَ، فَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى الرَّحِيلِ فَأَرِنِي وَجْهَكَ لِأُوصِيَكَ بِوَصِيَّةٍ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، وَهَيَّأْتُ أُمُورِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي أَوَّلًا: قَدْ وَهَبْتُ هَذِهِ الْحَجَّةَ لَكَ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، وَلَكِنْ أُحَمِّلُكَ رِسَالَةً إِلَى مُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ صَاحِبَيْكَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ اللَّذَيْنِ هُمَا مَعَكَ، ثُمَّ حَلَّفَنِي بِالطَّلَاقِ إِنَّكَ لَتَقَولَنَّهَا، وَتُبَلِّغَنَّ هَذِهِ الرِّسَالَةَ إِلَيْهِ ، فَوَرَدَ عَلَيَّ مَوْرِدٌ عَظِيمٌ، وَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ مَهْمُومًا حَزِينًا، وَحَجَجْتُ، وَدَخَلْتُ الْمَدِينَةَ، وَزُرْتُ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصِرْتُ مُتَرَدِّدًا فِي الرِّسَالَةِ، أُبَلِّغُهَا أَمْ لَا؟ وَفَكَّرْتُ فِي أَنِّي إِنْ لَمْ أُبَلِّغْهَا طُلِّقَتِ امْرَأَتِي، وَإِنْ بَلَّغْتُهَا عَظُمَتْ عَلَيَّ مِمَّا أُوَاجِهُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْقَوْلِ، وَقُلْتُ: إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ، وَأَدَّيتُ الرِّسَالَةَ بِعَيْنِهَا، وَاغْتَمَمْتُ غَمًّا شَدِيدًا، وَتَنَحَّيْتُ نَاحِيَةً، فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ الرِّسَالَةَ الَّتِي أَدَّيْتَهَا، فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ قُدُومِكَ بَغْدَادَ بِنَارِ جَهَنَّمَ. وَقُمْتُ وَخَرَجْتُ، وَرَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ، فَلَمَّا عَبَرْتُ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَكَّرْتُ وَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا رَجُلُ سَوْءٍ، بَلَّغْتُ رِسَالَتَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أُبَلِّغُ رِسَالَتَهُ إِلَيْهِ، وَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ أُخْبِرَهُ بِهَا حَتَّى يَأْمُرَ بِقَتْلِي أَوْ يَقْتُلَنِي بِيَدِهِ، وَأَخَذْتُ أُقَدِّمُ وَأُؤَخِّرُ، فَقُلْتُ

⦗ص: 1335⦘

: لَأَقُولَنَّهَا لَوْ كَانَ فِيهَا قَتْلِي، وَلَا أَكْتُمُ رِسَالَتَهُ، وَأُخَالِفُ أَمْرَهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى أَهْلِي، فَمَا هُوَ أَنْ وَقَعَ عَيْنُهُ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي: يَا دَقَّاقُ مَا عَمِلْتَ فِي الرِّسَالَةِ؟ قُلْتُ: أَدَّيْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ قَدْ حَمَّلَنِي جَوَابَهَا، قَالَ: مَا هِيَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ رُؤْيَايَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ، وَقَالَ: إِنَّ قَتْلَ مِثْلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَسَبَّ وَشَتَمَ، وَكَانَ بِيَدِهِ زَوْبَيْنُ يَهُزُّهُ، فَهَزَّهُ فِي وَجْهِي، وَلَكِنْ لَأَتْرُكَنَّكَ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرْتَهُ بِهَذَا الزَّوْبَيْنِ، وَأَشَارَ إِلَى الزَّوْبَيْنِ، وَلَامَنِي الْحَاضِرُونَ، وَقَالَ لِغُلَامِهِ: احْبِسْهُ فِي الْإِسْطَبْلِ وَقَيِّدْهُ. فَحُبِسْتُ وَقُيِّدْتُ، وَجَاءَنِي أَهْلِي وَبَكَوْا عَلَيَّ وَرَثَوْا لِي وَلَامُونِي، فَقُلْتُ: قُضِيَ الَّذِي كَانَ، وَلَا مَوْتَ إِلَّا بِأَجَلٍ، وَلَمْ تَزَلْ تَمُرُّ بِيَ الْأَيَّامُ، وَالنَّاسُ يَتَفَقَّدُونَنِي، وَيَرْحَمُونَنِي فِيمَا أَنَا فِيهِ، حَتَّى مَضَتْ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ، وَاتَّخَذَ الدَّيْلَمِيُّ دَعْوَةً عَظِيمَةً أحْضَرَ فِيهَا عَامَّةَ وُجُوهِ قُوَّادِ الْعَسْكَرِ، وَجَلَسَ مَعَهُمْ لِلشُّرْبِ، فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ جَاءَنِي السَّايِسُ، فَقَالَ: يَا دَقَّاقُ، الْقَائِدُ أَخَذَتْهُ حُمَّى عَظِيمَةٌ، وَقَدْ تَدَثَّرَ بِجَمِيعِ مَا فِي الدَّارِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْغِلْمَانُ فَوْقَ الثِّيَابِ، وَهُوَ يَنْتَفِضُ فِي الثِّيَابِ نَفْضًا عَظِيمًا، وَكَانَ عَلَى حَالَتِهِ الْيَوْمَ الثَّامِنَ وَالْعِشْرِينَ، وَأَتَى لَيْلَةُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَدَخَلَ السَّايِسُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَقَالَ: يَا دَقَّاقُ مَاتَ الْقَائِدُ، وَحَلَّ عَنِّي الْقَيْدَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا اجْتَمَعَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَجَلَسَ الْقُوَّادُ لِلْعَزَاءِ، وَأُخْرِجْتُ أَنَا، وَكَانَتْ قِصَّتِي مَشْهُورَةً، وَاسْتَعَادُونِي فَقَصَصْتُ عَلَيْهِمْ، وَرَجَعَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ عَنْ مَذَاهِبِهِمُ الرَّدِيَّةِ، وَخُلِّيتُ أَنَا "

ص: 1332