المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فرعٌ: إذا حدثه بحديث ثم قال: لا تروه عني، أو - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: فرعٌ: إذا حدثه بحديث ثم قال: لا تروه عني، أو

فرعٌ: إذا حدثه بحديث ثم قال: لا تروه عني، أو رجعت عن إسماعك ونحو ذلك، ولم يبدئ مستنداً سوى المنع اليابس، أو أسمع قوماً فخص بعضهم وقال: لا أجيز لفلانٍ أن يروي عني شيئاً، فإنه لا يمنع من صحة الرواية عنه، ولا التفات إلى قوله، وقد حدث النسائي عن الحارث بن مسكين والحالة هذه، وأفتى الشيخ أبو إسحاق الإٍسفراييني بذلك.

نعم، إذا حدث الشيخ مجموعة من الطلاب مائة طالب، مائتين طالب، فقال لواحدٍ منهم: أنت يا فلان لا تروي عني، لا أجيز لك أن تروي عني، كل الإخوان الحاضرين ذولاء يروون عني إلا فلان، إيش السبب؟ أبداً، أنا أحر، نقول: لا، ما أنت بحر، الحديث ما هو بملكك، سمع منك يروي عنك، هذا إذا لم يبدِ سبباً للمنع، أحياناً يحدث الشيخ زيد من الناس فيقول: لا تروي عني هذا الحديث، لماذا؟ والله أنا في شكٍ من ثبوته عندي، هل هو من سماعي أو لا؟ نعم إذا أبدى سبب مناسب يمتنع الطالب، لكن إذا لم يبدِ سبب مناسب يقول: بس لا تروي عني، لماذا؟ مزاج، أنا أحر، لا، لا، ما أنت بحر، هذا الحديث ليس بملكك، يروي عنك وأنت غير راضي.

يقول: "أو أسمعَ قوماً فخص بعضهم، وقال: لا أجيز لفلان أن يروي عني شيئاً، فإنه لا يمنع من صحة الرواية عنه -بل يروي عنه- ولا التفات إلى قوله، وقد حدث النسائي عن الحارث بن مسكين والحالة هذه" عرفنا أن النسائي -رحمه الله تعالى- حضر مجلس الحارث بن مسكين فطرده، والسبب: الحارث بن مسكين رحمه الله من الأئمة الثقات، ويأخذ أجرة على التحديث، والنسائي كأنه أعطاه أجرة أقل من المطلوب، وكان مظهر النسائي يوحي بغنى، فالشيخ كأنه تقال ما دفعه له فقال له: لا تسمع مني، أنا لا أجيز لك أن تسمع مني، فذهب الإمام النسائي -رحمة الله عليه- وجلس خلف اسطوانة، وراء عمود، صار يسمع الحديث ويحدث عن الحارث بن مسكين، ولا امتنع مع هذا المنع، لكن من ورعه -رحمة الله عليه- أنه لا يقول: لا حدثنا ولا أخبرنا، بل يقتصر على قوله: الحارث بن مسكين فيما قُرئ عليه وأنا أسمع، لا يقول: حدثنا ولا أخبرنا، والذين طبعوا السنن زادوا أخبرنا جرياً على العادة، مشياً على الجادة، وهذا خطأ.

‌الإجازة:

ص: 11

الثالث: الإجازة، والرواية بها جائزةٌ عند الجمهور، وادعى القاضي أبو الوليد الباجي الإجماع على ذلك، ونقضه ابن الصلاح فيما رواه الربيع عن الشافعي أنه منع من الرواية بها، وبذلك قطع الماوردي وعزاه إلى مذهب الشافعي، وكذلك قطع بالمنع القاضي حسين بن محمد المروروذي صاحب التعليقة، وقالا جميعاً: لو جازت الرواية بالإجازة لبطلت الرحلة، وكذلك روي عن شعبة بن الحجاج وغيره من أئمة الحديث وحفاظه، وممن أبطلها إبراهيم الحربي وأبو الشيخ محمد بن عبد الله الأصبهاني وأبو نصر الوائلي السجزي، وحكى ذلك عن جماعة ممن لقيهم، ثم هي أقسام ..

ص: 12

الإجازة: هي الإذن بالرواية، إيش معنى إجازة؟ إجازة إذن بالرواية، يقول الشيخ للطالب: أجزت لك أن تروي عني الحديث الفلاني، أو الكتاب الفلاني، أجزت لفلان بن فلان بن فلان أن يروي عني صحيح البخاري، يعني أذن له أن يروي عنه، طيب سمعت الأحاديث من لفظ الشيخ؟ ما سمع شيء، قرأ الطالب على الشيخ؟ ما قرأ عليه شيء، هل يجوز أو هل تجوز الرواية بمجرد الإجازة؟ فيما تقدم القسم الأول الطالب يسمع من لفظ الشيخ، القسم الثاني الطالب يقرأ على الشيخ، وهنا لا يسمع الطالب من لفظ الشيخ ولا يقرأ على الشيخ، فهل يجوز للطالب أن يروي عن الشيخ بمجرد هذا الإذن بالرواية؟ جمهور العلماء أجازوا الرواية بالإجازة، ولنعلم أن إجازة الرواية بالإجازة لا توجد عند المتقدمين بين الصحابة والتابعين، لكن احتيج إلى الإجازة، متى احتيج إليها؟ لما كثرت جموع الطلبة، ودونت الأحاديث، صار كل شيخ له رواية بكتاب أو كتب يأتيه الطالب من المشرق أو من المغرب فيقول: بأرويه عنك، فالشيخ يرى أن هذه الأحاديث التي يريد أن يرويها هذا الطالب مدونة بكتاب، فإن قال له: اجلس واقرأ علي متى ينتهي؟ ليأتي طالبٌ آخر بعده فيقرأ عليه، نعم لو اجتمع مجموعة يستحقون أن يجلس لهم الشيخ لا بأس، لكن يجيء طالب بيقرأ صحيح البخاري يبي كم سنة؟ ثم ينتهي هذا ويجيء بعده شخص آخر، وذا يقول: أبي البيهقي، وهذا يقول: أبي النسائي، وذا يقول .. ، العمر ينتهي قبل ذلك، لما رأوا أن الرواية بالسماع والقراءة على الشيخ مما يعسر جداً أجازوا الإجازة، وأذنوا بالرواية بمطلق الإذن بالرواية، فإذا قال الشيخ: أذنت لك أن تروي عني الصحيح وذا جاء من المشرق، من أقصى المشرق يبي يروي عن الشيخ شيخٍ في الحجاز يروي عنه صحيح البخاري، يقول له: يا لله توكل على الله، اروِ عني صحيح البخاري، طيب ما سمعته من لفظك ولا قرأته عليك؟ قال: أبداً أذنت لك أن تروي عني، جمهور العلماء أجازوا ذلك، "وادعى أبو الوليد الباجي الاتفاق على ذلك" أن الرواية بالإجازة جائزة بالاتفاق، لكن هذا الاتفاق فيه نظر، هذا الإجماع منقوض لوجود الخلاف، الإمام الشافعي منع الرواية، منع الرواية بالإجازة، وقطع بذلك الماوردي، وهو من أئمة الشافعية،

ص: 13