المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الوصية: شخص عنده كتب من مروياته، أراد السفر قال: بدل - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الوصية: شخص عنده كتب من مروياته، أراد السفر قال: بدل

الوصية: شخص عنده كتب من مروياته، أراد السفر قال: بدل ما أشيل هذه الكتب معي، أعرضها للتلف في فلان طالب علم يستفيد منها نعطيها إياه، أو حضرته الوفاة قال: بدل ما توزع هذه الكتب وتباع بالحراج بأبخس الأثمان، ويمكن يتفرق كل جزء يصير في بيت، تشال هذه الكتب برمتها وتسلم للطالب الفلاني، طالب علم ينفع الله به الإسلام والمسلمين، يستفيد من هذه الكتب، أوصى بكتبه لزيد من الناس، هل لزيد الموصى له أن يروي عن الموصي بمجرد الوصية؟ إذا آلت كتب زيد لعمرو يرويها عنه من غير إذن في الرواية؟ يعني إيش الفرق بين كونه يوصي بها إليه، أو يروح يشتريها من السوق؟ وجدها تباع في الحراج فاشتراها؟ يعني هل لهذه الوصية أثر في الرواية؟ ليس لها أثر في الرواية، وإن أجاز بعضهم الرواية بمجرد الإعلام، وهذا كما قال ابن الصلاح: "بعيد، وهو إما زلة عالم أو متأول، إلا أن يكون أراد بذلك الرواية بمجرد‌

‌ الوجادة

" على القسم الثامن الذي سيأتي، يعني إذ وجد كتب وأحاديث بخط الشيخ الذي لا يشك فيه على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

نعم، القسم الثامن.

الوجادة:

القسم الثامن: الوجادة، وصورتها: أن يجد حديثاً أو كتاباً بخط شخصٍ بإسناده، فله أن يرويه عنه على سبيل الحكاية، فيقول: وجدت بخط فلان حدثنا فلان ويسنده، ويقع هذا كثيراً في مسند الإمام أحمد يقول ابنه عبد الله: وجدتُ بخط أبي حدثنا فلان ويسوق الحديث، وله أن يقول: قال فلان إذا لم يكن فيه تدليس يوهم اللقي، قال ابن الصلاح: وجازف بعضهم فأطلق به حدثنا أو أخبرنا، وانتقد ذلك على فاعله، وله أن يقول فيما وجد من تصنيفه بغير خطه: ذكر فلان وقال فلان أيضاً، ويقول: بلغني عن فلان فيما لم يتحقق أنه من تصنيفه أو مقابلة كتابه، والله أعلم.

قلتُ: والوجادة ليست من باب الرواية إنما هي حكاية عما وجده في الكتاب، أما العمل بها فمنع منه طائفةٌ كثيرةٌ من الفقهاء والمحدثين أو أكثرهم فيما حكاه بعضهم، ونقل عن الشافعي وطائفة من أصحابه جواز العمل بها.

ص: 31

قال ابن الصلاح: وقطع بعض المحققين من أصحابه في الأصول بوجوب العمل بها عند حصول الثقة به، قال ابن الصلاح: وهذا هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة لتعذر شروط الرواية في هذا الزمان، يعني فلن يبقى إلا مجرد وجادات، قلتُ: وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أيُّ الخلق أعجب إليكم إيماناً؟ )) قالوا: الملائكة، قال:((وكيف لا يؤمنون عند ربهم؟! )) وذكروا الأنبياء، قال:((وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟! )) قالوا: ونحن؟ فقال: ((وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟! )) قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: ((قومٌ يأتون من بعدكم يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها)) وقد ذكرنا الحديث بإسناده ولفظه في شرح البخاري -ولله الحمد-، فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدمة بمجرد الوجادة لها، والله أعلم.

ص: 32

القسم الثامن: وهو الأخير من أقسام التحمل الوجادة، فهي مصدر وجد يجد وجادةً، وله مصادر أخرى تختلف معانيها كالوجد والوجدان والوجود، والذي معنا الوجادة، إيش معنى وجادة؟ أن يجد حديثاً أو كتاباً كاملاً فيه أحاديث بخط شخصٍ لا يشك فيه، وهذا الخط مسند، يعني بإسناد الكاتب، إذا وجدت بخط شخصٍ لا تشك فيه إن كان من شيوخك وقد أذن لك بالرواية فلا إشكال، إن كان من شيوخك وأنت لا تشك في خطه فلك أن تروي، لكن إن كان بينك وبينه مفاوز، تعرف خط عالم من العلماء، وأنت لا تروي عنه، ولم يجز لك أن تروي عنه، ولم يأذن لك بالرواية عنه، بل لم تدرك عصره، أنت تعرف خط ابن القيم، أو شيخ الإسلام، أو الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو غيرهم، وجدتَ بخطه الذي لا تشك فيه، شيخ الإسلام خطه معروف، وجدت تقول: قال شيخ الإسلام؟ أو تقول: حدثنا شيخ الإسلام؟ أو تقول: أخبرنا شيخ الإسلام؟ أو تقول: وجدت بخط شيخ الإسلام؟ يقول: "فله أن يرويه على سبيل الحكاية"، فتقول: وجدتُ بخط فلان قال: حدثنا فلان، "ويسنده" يعني الكاتب يذكر السند، "ويقع هذا كثيراً في مسند الإمام أحمد" كثيراً ما يقول عبد الله:"وجدتُ بخط أبي"، هذا متصل وإلا منقطع؟ عندهم الوجادة الأصل فيها الانقطاع، وفيها شوب اتصال، لكن إذا كانت بخط شيخه ولا يشك فيه، خط أبيه الذي لا يشك فيه، وأدركه وروى عنه أحاديث كثيرة، فهي متصلة، في مثل هذه الصورة متصلة، "وجدتُ بخط أبي قال: حدثنا فلان ويسوق الحديث، وله أن يقول: قال فلان إذا لم يكن فيه تدليس يوهم اللقي" يعني وجدت بخط شيخ الإسلام رحمه الله، بخط شيخ الإسلام لا تشك أن هذا خط شيخ الإسلام، يعني لك أن تقول: قال شيخ الإسلام من خلال هذا الخط؟ نعم، لك أن تقول، ولا وجه لإيهام التدليس هنا، لماذا؟ لانتفاء المعاصرة، كيف يوهم التدليس وأنت بينك وبينه مفاوز سبعة قرون؟ هذا لا يوهم التدليس، لكن إذا أوهم التدليس، وجدت مثلاً بخط الشيخ فلان، الشيخ ابن عثيمين مثلاً، أو بخط الألباني مثلاً -رحم الله الجميع-، هل لك أن تقول: قال الألباني من خلال خطه؟ ألا يوهم أنك لقيت الألباني وسمعتَ منه هذا القول؟ الأولى أن تقول: وجدت بخط الشيخ فلان؛ لأن إطلاق القول يوهم

ص: 33

اللقي.

"قال ابن الصلاح: وجازف بعضهم فأطلق فيه حدثنا أو أخبرنا، وانتقد ذلك على فاعله" حدثنا هو محدثك؟! نعم الإخبار، دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث؛ لأن الإخبار يحصل بالمشافهة وبالمكاتبة، وبنصب علامة، وبإشارة مفهمة، أما التحديث لا يحصل إلا بالمشافهة، فمن قال: من حدثني من عبيدي بكذا فهو حر، فجاء واحد كتب له ورقة وأعطاه إياه يعتق وإلا ما يعتق؟ لا يعتق؛ لأن التحديث لا بد أن يكون مشافهة، لكن لو قال: من أخبرني بكذا فهو حر؟ أخبره بكتابة أو إشارة أو نصب علامة يعتق؛ لأن الإخبار يحصل بغير المشافهة.

على كل حال يقول: "وله أن يقول فيما وجد في تصنيفه بغير خطه: ذكر فلان أو قال فلان" يعني مثل المصنفات بغير الخط المطبوعات، وجدت كتاب مكتوب عليه تأليف فلان بن فلان شيخ الإسلام ابن تيمية، ابن القيم، ابن قدامة تنقل من هذا الكتاب وتقول: قال فلان إذا لم تشك بنسبة الكتاب إلى فلان، إذا أنت لم تشك بنسبة الكتاب إلى فلان لا بأس أن تقول: قال فلان، والنسخة مضبوطة موثقة، وإلا إذا كانت الطبعة محرفة كيف تثق بهذه الطبعة وتنسب الكلام المحرف إلى المؤلف؟ لا.

طالب:. . . . . . . . .

إذا كانت النسخة موثوقة، مصححة، والنسبة، نسبة الكتاب ثابتة إلى مؤلفه لا بأس أن يقول: قال فلان، قال ابن قدامة في المغني إيش اللي يمنع؟ لكن إذا كان الكتاب مشكوك في نسبته تقول: قال فلان، قال ابن القيم في أخبار النساء، لا، قال ابن القيم في الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن، لا، هذه الكتب لا تثبت نسبتها إلى ابن القيم، نعم، أحياناً يوجد كتاب بخط فلان

ص: 34