الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ السِّوَاكِ، وَسنَّةِ الْوُضُوءِ
السِّوَاكُ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ الأوْقَاتِ،
ــ
بابُ السِّواكِ وسنّة الوضوءِ
قوله: السواكُ مَسْنُونٌ في جميع الأوقات، إلا للصَّائمِ بعدَ الزوال. صرَّحَ باستحْبابِ السِّواكِ في جميع الأوقاتِ إلَّا للصَّائمِ بعدَ الزوالِ، أمَّا غيرُ الصَّائمِ، فلا نِزاعَ في اسْتِحْبابِ السِّواكِ له في جميع الأوقاتِ في الجُمْلَةِ، وأمَّا الصَّائمُ قبلَ الزَّوالِ، فإنْ كان بسِوَاكٍ غيرِ رَطْبٍ اسْتُحِبَّ له. قال ابنُ نَصْرِ الله
إلا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا يُسْتَحَبُّ،
ــ
في «حَواشي الفُروع» : يَتَوَجَّهُ هذا في غيرِ المُواصِل، أما المُواصِلُ فتَتوَجَّهُ كراهَتُه له مُطلْقًا. انتهى. الذي يَظْهَرُ أنَّه مُرادُهم، وتعْلِيلُهم يدُلُّ عليه. قلتُ: فيه نظرٌ؛ إذِ الوصالُ إمَّا مَكْروهٌ أو مُحَرَّمٌ، فلا يَرْفَعُ الاسْتِحْبابَ. وإنْ كان رَطْبًا فيُباحُ، على إحْدَى الرِّوايَتَين أو الرِّوايات. واخْتارَها المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ أبي المَجْدِ، وغيرهم. قال في «النِّهايَة»: الصحِيحُ أنه لا يُكْرَه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِهِ» . وعنه، يُكْرَه. قطَع به الحَلْوَانِيُّ، وغيرُه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . واخْتارَه القاضي، وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، ذكره في كتابِ الصيامِ. وصَحَّحَه في «الحاوي الصَّغِير» . وأطْلَقَهما في «الهِدايَة» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، في الصِّيامِ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الحاوي الكبير» ، و «الفائِق» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «ابنِ عُبَيدان» . وعنه، لا يجوزُ. نَقَلها سَلِيمٌ الرزِيُّ. قاله ابنُ أبي المَجْدِ في «مُصَنفِه». وقال في رِوايَةِ الأثْرَمِ: لا يُعْجِبُنِي السِّواكُ الرَّطْبُ. وقيل: يُباحُ في صَومِ النَّفْل. قلتُ: وظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، بل هو كالصَّرِيح، اسْتِحْبابُه، وهو ظاهرُ كلامَ جماعةٍ، ولم أرَ مَن صرَّحَ به.
قوله: إلّا للصائمِ بعدَ الزوالِ، فلا يُسْتَحَبُّ. وكذا قال في «المُذْهَبِ» . يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه الكَراهَةَ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ، وهو المذهبُ. قال في «التَّلْخِيص» و «الحاوي الصَّغير»: يُكْرَهُ في أصَحِّ الرِّوايتَين. قال ابْنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» : هذا أصَحُّ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين» : يُكْرَهُ في أظْهَرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايتَين. ونصَرَه المَجْدُ في «شَرْحِهِ» ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُه. وجَزَمَ به في «البُلْغَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» . ويَحْتَمِلُ الإِباحةَ، وهي روايةٌ عن أحمدَ. وقدَّمه ابنُ تميم. وقولُه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا قائِلَ به. غَيرُ مُسَلَّمٍ؛ إذِ الخِلافُ في إباحَتِه مَشْهورٌ، لكنْ عذْرُه أنَّه لم يَطَّلِع عليه. وأطْلَقَ الكراهَةَ وعدَمَها في «الفُصولِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه» ، والزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُباحُ في النَّفْلِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. اخْتارَها الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. قأل في «الفُرُوعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ»: وهي أظْهَرُ. واخْتارَها في «الفائِقِ» . وإليها مَيلُه في «مَجْمَعِ البَحْرَين» . وقدَّمَها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «نِهاية ابنِ رَزِين» ، و «نظمها» . وعنه، يُسْتَحبُّ بغيرِ عُودٍ رَطْبٍ. قال في «الحاوي»: وإذا أبحْنا للصَّائِمِ السِّواكَ، فهل يُكْرَهُ بعُودٍ رَطْبٍ؟ على رِوايَتَين. ونقَلَ حَنْبَلٌ: لا يَنْبَغِي أنْ يَسْتاكَ بالعَشِيِّ.
فائدة: مَن سَقَطَتْ أسْنانُه اسْتاكَ على لِثَتِه ولِسَانِه. ذكَرَه في «الرِّعايَة الكُبْرى» ، و «الإفَاداتِ». وقال في أوَّلِه: يُسَنُّ كلَّ وَقْتٍ على أسنانِه ولِثَتِه ولِسانِه.
وَيَتَأكَّدُ اسْتِحْبَابهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ؛ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَالانْتِبَاهَ مِنَ النَّوْمَ،
ــ
قوله: ويتأكَّدُ اسْتِحْبابُه في ثَلاثةِ مواضعَ؛ عندَ الصَّلاةِ، والانْتِباهِ مِنَ النَّومِ، وتغَيُّرِ رَائحةِ الفَمِ. وكذا قال في «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «العُمْدَةِ» ، وزاد في «المُحَرَّرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ»: وعندَ الوُضوءِ. وزاد على ذلك، في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايَة الصُّغْرَى» ،
وَتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْفَمِ.
ــ
و «الحاويَينِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرهم: وعندَ القراءَة. وزادَ في «التَّسْهِيلِ» على ذلك: وعندَ دُخولِ المَنْزِل. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِداية» . وزاد في «الرِّعاية الكُبْرى» على ذلك: وعندَ الغُسْل. وقيل: وعندَ دُخولِ المَسْجِد. وجزَمَ به الزَّرْكَشِيُّ. وقال ابنُ تَمِيم: ويَتأكَّدُ عندَ الصَّلاة، ودُخولِ المَنْزِل، والقِيَام مِن النوم، وأكْلِ ما يُغَير رائحةَ الفَم. قال الزَّرْكَشِيُّ: يَتأكّدُ اسْتِحْبابُه عندَ الصَّلاة، والقيامِ مِن نومِ الليل، ودخولِ المنزل، والمسْجدِ، وقراءةِ القُرآن، وإطالةِ السُّكوت، وخُلُوِّ المَعِدَةِ مِنَ الطعام،
وَيَسْتَاكُ بِعُودٍ ليِّن يُنْقِي الْفَمَ وَلَا يَجْرَحُهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ فِيهِ،
ــ
واصْفِرارِ الأسْنان، وتغَيُّرِ رائحةِ الفَم. وقال في «الخُلاصَةِ»: ويُسْتَحَبُّ عندَ قِيامِه مِن نوْمِه، وعندَ تغَيُّرِ رائحةِ فَمِه. وهو مَعْنى ما في «الهِدايةِ» .
تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ويَسْتَاكُ بِعُودٍ ليِّن. التّساوى بينَ جميعِ ما يَسْتاكُ به. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويَتَوجَّهُ احْتِمالُ أنَّ الأرَاكَ أوْلَى. انتهى. قلتُ: ويَتَوَجَّهُ أنَّ أراكَ البَر. وذَكَرَ الأزَجِيُّ أنه لا يَعْدِلُ عن الأراكِ، والزَّيتُونِ، والعُرْجونِ، إلَّا لِتَعَذُّرِه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: مِن أرَاكٍ، وزَيتُونٍ، أو عُرْجُونٍ. وقيل: أو قَتَادٍ. واقْتَصَرَ كثير مِن الأصحابِ على هذه الثَّلاثة.
فإِنِ اسْتَاكَ بِأُصْبُعِهِ أوْ خِرْقَةٍ، فَهَلْ يُصِيبُ السنةَ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
قوله: ولا يَجْرَحُه ولا يَضُرُّه. كالريحانِ، والرُّمَّانِ، والعُودِ الزَّكِي الرائِحَةِ، والطرفَاءِ، والآسِ، والقَصَبِ، ونحوه. والصَّحِيحُ مِن المذهب كراهَةُ التَّسَوُّكِ بذلك. وعليه الجمهورُ، كالتَّخَلُّلِ به. وقيل: يَحْرُمُ بالقَصَبِ دُونَ غيرِه. ذكَرَه في «الرِّعاية» ، و «الفائِق» .
قوله: فإنِ اسْتَاكَ بإصْبَعِه أو بِخِرقَةٍ فهل يُصِيبُ السنة؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المستوْعِبِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوك الذهَبِ» في الإصْبَعِ؛ أحَدهما، لا يُصِيبُ السنة بذلك. وهو المذهبُ. قطعَ به أبو بَكرٍ في «الشَّافِي» . واخْتارَه القاضي. قال في «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغةِ»: لم يُصِبِ السنةَ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدّمه في «الهِداية» ، و «الكافِي» ، و «التلْخِيص» ، و «ابْنِ تَمِيم» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، وغيرهم. والوَجْهُ الثَّاني، يُصِيبُ السنةَ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وصَحَّحَه في «التصْحِيحِ» ، و «تَصْحِيحِ المُحَرر» ، و «النظْمِ» . قال في
وَيَسْتَاكُ عَرْضًا، وَيَدَّهِنُ غِبًّا، وَيَكْتَحِلُ وتْرًا.
ــ
«تَجْرِيدِ العِنَايَة» : السِّواكُ سُنَّة بأرَاكٍ لا خِرْقَةٍ وإصْبَع، في وَجْهٍ. وجزَمَ به في «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ». وقيل: يُصِيبُ بقَدْرِ إزَالتِه. اخْتارَه المُصَنّفُ، والشارِحُ، وصاحِبُ «الفائِقِ». وقيل: يُصِيبُ السنة عندَ عَدَمِ السِّواك. وما هو ببعيدٍ. وقيل: لا يُصِيبُ بالإصْبَع مع وُجودِ الخِرْقَةِ، ولا يُصِيبُ بالخِرْقَةِ مع وُجودِ السِّواك. وقيل: يُصِيبُ السنة بالإصْبَع في موْضِع المَضْمَضَةِ في الوُضُوءِ خاصَّةً. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «النَّظْمِ». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: أصَحُّ الوَجْهَين إصَابَةُ السنة بالخِرْقَةِ، وعندَ الوضوءِ بالإصْبَع. فزادَنا وَجْهًا، وهو إصابَةُ السُّنة بالخِرْقَةِ مُطْلقًا دونَ الإصْبَع، في غيرِ وضوءٍ، إلَّا أنْ تكونَ الواوُ زائدة. وظاهرُ «الوَجِيزِ» إصابَةُ السنة بالإصْبَع فقط؛ فإنَّه قال: بإصْبَع أو عودٍ ليِّن. وقال ابنُ البَنَّا، في «العُقودِ»: ولا يُجْزِئ بالإصْبَع. وقيل: الخرْقَةُ والمِسْواكُ سواء في الفَضْلِ، ثم الإصْبَعُ.
قوله: ويَستَاكُ عَرْضًا. يعْني بالنِسْبَةِ إلى الأسْنانِ،. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكْثَرُهم. وقدَّمه في «الفُروع» ، و «ابنِ تَمِيم» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «تَجْريدِ العِناية» ، وغيرهم. وقيل: طُولًا. وجزَم به في «الإيضاحِ» ، و «المُبْهِجِ». قال ابنُ عُبَيدان: فيُحْمَلُ أنه أُريدَ بذلك بالنِّسْبَةِ إلى الفَم، فيكونُ مُوافِقًا لقوْلِ الجَماعة، لكنَّ الأكْثَرَ على المُغايرَة. وفال في «الفائقِ»: طُولًا. وقال الشيخُ، والشِّيرازِيُّ: عَرْضًا. ومُرادُه بالشيخِ المُصَنفُ، وفي هذا النقْلِ نظرٌ بَيِّنٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: ويَدّهِنُ غِبًّا. يعْني يومًا ويومًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيدَه في «الرِّعاية» ، فقال: ما لم يَجِفَّ الأولُ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين فِعْلَ الأصْلَحِ بالبلَدِ، كالغُسْلِ بماءٍ حار بِبَلَدٍ رَطْب.
فائدة: قال في «الفُروع» : ويَفْعَلُه لحاجَةٍ؛ للخَبَرِ. وقال: احْتَجُّوا على أنَّ الادِّهانَ يكونُ غِبًّا بأنه عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ نهَى عن التّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا، ونهَى أنْ يَمْتَشِطَ أحَدُهم كلَّ يوم، فدَلَّ أنَّه يُكْرَهُ غيرَ غِب.
تنبيه: في صفَةِ قوْلِه: يكْتَحِل وترًا. ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، وهو الصَّحيحُ مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ، وعليه الجمهورُ، يكونُ في كل عَينٍ ثلاثة. قاله في «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائِقِ» ، وغيرهم. وقال ابنُ عُبَيدان: وصِفَتُه أنْ يَجعَل في كلِّ عَين وترًا، كواحدٍ، وثلاثٍ، وخَمْسٍ. انتهى. والثاني، في اليُمْنَى ثلاثة، وفي اليُسْرَى اثنان. ورُوىَ عن أحمدَ. وقال السَّامِّريُّ: رُوىَ، يَقْسِمُ الخامِسَ في العَينين.
فوائد جَمَّةٌ؛ يُسْتَحَبُّ اتخاذُ الشَّعَرِ، على الصّحِيحِ من المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ووَجه في «الفُروعِ» احْتِمالًا بأنه لا يُستحبُّ إنْ شَقَّ إكْرامُه. ويُسَنُّ أنْ يَغْسِلَه، ويُسَرحَه، ويَفْرُقَه، ويكونَ إلى أُذُنَيه، ويَنْتَهِىَ إلى مَنْكِبَيه، وجعْلُه ذُؤابَةً. ويُعفِى لِحْيَتَه. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ، في «المُذْهَبِ»: ما لم يُسْتَهْجَنْ طولُها. ويَحْرُمُ حَلْقُها. ذكرَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. ولا يُكْرَهُ أخْذُ ما زادَ على القَبْضَةِ. ونصُّه: لا بأسَ بأخْذِ ذلك، وأخْذِ ما تحتَ حَلْقِه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وترْكُه أوْلَى. وقيل: يُكْرَهُ. وأطْلَقَهما ابنُ عُبَيدان. وأخَذَ أحمدُ مِن حاجِبَيه وعارِضَيه. ويَحُفُّ شارِبَه، أو يَقُصُّ طرَفَه، وحَفه أوْلَى. نصَّ عليه. وقيل: لا. قال في «المُسْتَوْعِبِ» : ويُسَنُّ حَفُّه، وهو طَرَفُ الشَّعَرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُسْتَدِيرِ على الشَّفَةِ. واخْتارَ ابنُ أبي موسى وغيرُه إحْفاءَه مِن أصْلِه. انتهى. ويُقَلِّمُ أظْفارَه مُخالِفًا، على الصحيحِ من المذهبِ. فعليه، يَبْدَأ بخِنْصَرِ اليُمْنَى، ثم الوُسْطَى، ثم الإبْهامِ، ثم البِنْصِرِ، ثم السَّبَّابَةِ، ثم إبْهام اليُسْرَى، ثم الوُسْطَى، ثم الخِنْصَرِ، ثم السَّبَّابَةِ، ثم البِنْصِرِ. اخْتارَه ابنُ بَطةَ (1) وغيرُه. وقدَّمه ابنُ تمِيم
(1) عبيد الله بن محمد بن محمد العكبرى، أبو عبد الله، ابن بطة، صنف كتبا كثيرة في السنة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيص» ، وغيرهم. وقيل: يَبْدأ فيهما بالوُسْطىَ، ثم الخِنْصَرِ، ثم الإبْهامِ، ثم البِنْصِرِ، ثم السبَّابَةِ. وقال الآمِدِيُّ: يبْدَأ بإبهامِ اليُمْنَى، ثم الوُسْطىَ، ثم الخِنْصَرِ، ثم السبابة، ثم البِنْصِرِ، ثم كذلك اليُسرى. وقيل: يَبْدَأ بسَبَّابَةِ يُمْناه بلا مُخالفَةٍ إلى خِنْصَرِها، ثم بخِنْصَرِ اليُسْرَى، ويَخْتِمُ بإبْهامِ اليُمنَى، ويبْدَأ بخِنْصَرِ رِجْلِهِ
= وكان مستجاب الدعوة. توفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 144 - 153، العبر 3/ 53.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليُمْنى، ويَخْتِمُ بخِنْصَرِ اليُسْرَى. ويُسْتَحَبُّ غَسْلُها بعدَ قَصِّها تكْمِيلًا للنظافةِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان»: وقيل: إنَّ حَكَّ الجَسَدِ بها قبلَ الغُسْلِ يَضُرُّه. ويكونُ ذلك يومَ الجُمُعَةِ قبلَ الزَوالِ. قلتُ: قبلَ الصَّلاةِ. وهو مُرادُه. واللهُ أعلَمُ. وهذا الصَحيحُ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، وغيرهم. وجزَم به في «التَّلْخيص» وغيرِه. وقيل: يومَ الخميس. وقيل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُخَيَّر. وجزَمَ به «ابنِ تميم» ، و «الحاويَين» . وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. قال في «المُستوْعِب» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين»: إذا قُلْنا: يَفعَلُ يومَ الخميسِ. فيَكونُ بعدَ العصر. ويُسَنُّ أنْ لا يَحِيف عليها في القصِّ. نَصَّ عليه. ويَنْتِفُ إِبْطَه، ويَحْلِقُ عانَتَه، وله قَصُّه وإزالته بما شاءَ. والتَّنويرُ في العانَةِ وغيرِها فعَلَه أحمدُ. وقال في «الغُنْيَةِ»: يجوزُ حَلْقُه؛ لأنَّه يُسْتَحبُّ إزَالتُه كالنُّورَةِ. وكَرِهَ الآمِدِيُّ كثْرَةَ التَنويرِ. ويَدْفِنُ ذلك كلَّه. نصَّ عليه. ويفْعلُه كلَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أسْبوعٍ، ولا يتْرُكُه فوقَ أرْبَعِين يومًا. نصَّ عليه. فإنْ فعَلَ كُرِهَ. صرَّحَ به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. وقيل للإِمامِ أحمدَ: حَلْقُ العانَةِ وتقْلِيمُ الأظْفارِ، كم يُتْرَكُ؟ قال: أرْبَعِين. فأمَّا الشَّارِبُ ففي كلِّ جُمُعَةٍ. وقيل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِشْرين. وقيل: للمُقِيمِ. قال في «الرِّعايَة» : وقيل للمُسافرِ أرْبَعِين، وللمُقِيمِ عِشْرين. وقيل فيهما عكْسُه. قال: وهو أظْهَرُ وأشْهَرُ. وليسَ كذلك. ويُكْرَهُ نَتْفُ الشيبِ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا بالتَّحْريمِ؛ للنهْي عنه. ويَخْتَضِبُ، ويُسْتَحَبُّ بحِنَّاءٍ وكَتَم. قال القاضي في «المُجَردِ» ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والفَخْرُ في «التَّلْخيص» ، وغيرُهم: ولا بأسَ بوَرْسٍ وزَعْفَرانٍ. وقال المَجْدُ، وغيرُه: خِضابُه بغيرِ سَوادٍ مِن صُفْرَةٍ أو حُمْرة سُنَّةٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نصَّ عليه. ويُكْرَهُ بسَوادٍ. نصَّ عليه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الغُنْيَةِ» ، و «التَّلْخيص»: يُكْرَهُ بسوادٍ في غيرِ حَرْبٍ، ولا يحْرُمُ. فظاهرُ كلامِ أبي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَعالِي يحْرُمُ. قاله في «الفُروعِ» ، وقال: وهو مُتَّجِة. وينْظر في المِرْآةِ، ويقولُ ما ورَدَ. ويَتَطَيَّبُ، ويُسْتَحَبُّ للرَّجلِ بما ظهَرَ رِيحُه وخَفِىَ لوْنُه، وعكْسُه للمرْأةِ. ولا يُكْرَهُ حَلْقُ الرَّأسِ، على الصَّحيحِ من المذْهبِ. وعنه، يُكْرَهُ لغيرِ حجٍّ أو عُمْرَةٍ أو حاجَةٍ. وقدَّمه في «الرعايتَين» ، و «الحاويَين» . وجزَمَ به ابنُ رَزِيق في «نهايته» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، وغيرهم. ويُكْرَهُ حَلْقُ رأس المرأةِ مِن غيرِ عُذْرٍ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: يَحْرُمُ. وقال في «الرعايَة الكُبْرى» : يُكْرَه الحَلْقُ والقَصُّ لَهُن بلا عُذْرٍ. وقيل: يَحْرُمان. وقيل: يَحْرُمُ حَلْقُه إلَّا لضَرُورَةٍ. ويأتِي حُكْمُ حَلْقِ القَفا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عندَ الكلامِ على القَزَعِ.
وَيَجِبُ الْخِتَانُ مَا لمْ يَخَفْه عَلَى نَفْسِهِ. وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ.
ــ
قوله: ويَجِبُ الخِتَانُ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتخَبِ» ، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «الفائقِ» ، وغيرهم. قال في «النَّظمِ»: هذا أَوْلَى. ونصَره المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ» ، وغيرِه. وعنه، يجبُ على الرِّجالِ دُونَ النِّساءِ. قال ابنُ مُنَجَّى، في «شَرْحِه»: ويَحْتَمِلُه كلامُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصِنِّفِ هنا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وعنه، لا يجِبُ مُطْلقًا. اخْتارَه ابنُ أبي موسى. قال ابنُ تَمِيمٍ: قال ابنُ أبي موسى: هو سُنَّةٌ للذُّكورِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: ما لَمْ يَخَفْه على نَفْسِه. هذا المذهبُ. قال أحمدُ: إنْ خافَ على نفْسِه لا بأسَ أنْ لا يَخْتَتِنَ. وقاله. الأصحابُ. قال في «الفُروع» : كذا قال أحمدُ، وغيرُه، مع أنَّ الأصحابَ اعْتَبرُوه بفَرْضِ طهارةٍ وصلاةٍ وصوْم، مِن طريقِ الأوْلَى. وقال في «الفُصولِ»: يَجبُ إذا لم يَخَفْ عليه التَّلَفَ، فإنْ خِيف، فنَقَلَ حَنْبلٌ، يُخْتَنُ. فظاهِرُه يجِبُ؛ لأَنَّه قَلَّ مَنْ يَتْلَفُ منه. قال أبو بكرٍ: والعمَلُ على ما نقلَه الجماعةُ، وأنَّه متى خُشِيَ عليبه لم يُختَنْ. ومنَعه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» .
فوائد؛ منها، محَلُّ وُجُوبِه عندَ البلوغِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: يجبُ الخِتانُ إذا وَجَبَتِ الطهارَةُ والصَّلاةُ. وقال في «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ»: ويجبُ خِتانُ بالغٍ آمِنٍ. ومنها، يجوزُ له أن يَخْتِنَ نفْسَه إنْ قَوىَ عليه وأَحْسَنَه. نصَّ عليه، ذكَرهُ في «الفُروع» ، في بابِ اسْتِيفاءِ القَوَد. ومنها، أنَّ الخِتانَ زَمَنَ الصِّغَرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أفْضَلُ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. زادَ جاعةٌ كثيرةٌ مِن الأصحاب، إلى التَّميِيزِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: هذا المشْهورُ. وقال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين»: يُسَنُّ ما بينَ سَبْعٍ إلى عَشْرٍ. قال في «التَّلْخيصِ» : ويُسْتَحَبُّ أن يُخْتَنَ قبلَ مُجاوزَةِ العَشْرِ سنِيِن، إذا بلَغ سِنًّا يُؤْمَنُ فيه ضَرَرُه. قال في «المُسْتَوْعِبِ» ، في العَقِيقَةِ: والأفْضَلُ أن يُخْتَنَ يومَ حادِي عِشْرِين، فإنْ فاتَ تُرِكَ حتَّى يَشْتَدَّ ويَقْوَى. وعن أحمدَ، لم أسْمَعْ فيه شيئًا. وقال: التَّأخيرُ أفْضَلُ. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . ومنها، يُكْرَهُ الخِتانُ يومَ السَّابع، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. قال الخَلَّالُ: العَمَلُ عليه. وأطْلَقَهما في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان» ، و «الفائِقِ». وكذا الحُكْمُ مِن ولادَتِه إلى يومِ السَّابع. قاله في «الفُرُوع». قال: ولم يذْكُرْ كراهِيَةَ الأَكْثَرِ. ومنها، يُؤْخَذُ في خِتانِ الرَّجُلِ جِلْدَةُ الحَشَفَةِ. ذكَرَه جماعةٌ من الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروع» . وجزَمَ به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وغيره. ونقلَ المَيمُونِيُّ، أو أَكْثَرُها. وجزَمَ به المَجْدُ وغيرُه. قال في «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان» ، و «الفائقِ» ، وغيرهم: فإنِ اقْتَصَرَ على أَكْثَرُها جازَ. ويُؤْخَذُ في خِتَانِ الأُنْثَى جلْدَةٌ فوقَ مَحَلِّ الإِيلاجَ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيك، ويُسْتَحَبُّ أنْ لا تُؤْخَذَ كلُّها للخَبَرِ. نصَّ عليه. ومنها، أنَّ الخُنْثَى المُشْكِلَ في الخِتان كالرَّجُلِ، فيُخْتَنُ ذكَرُه، وإنْ لَزِمَ الأُنْثَى خُتِنَ فَرْجُه أيضًا. قاله في «الرِّعايَةِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين» .
فوائد؛ منها، لا تُقْطَعُ الإصْبَعُ الزَّائدةُ. نقلَه عبدُ اللهِ عن أحمدَ. ويُكْرَهُ ثَقْبُ أُذُنِ الصَّبِيِّ، إلَّا الجارِيَةَ، على الصَّحيحِ من المذهب. ونصَّ عليه، وجزَمَ به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وغيرِها. وقيل: يَحْرُمُ في حَقِّها. اخْتارَه ابنُ الجَوْزِيِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قلتُ: وهو بعيدٌ في حَقِّ الجارِيَة. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هو كالوَشْمِ. وقيل: يحرُمُ على الذَّكَرِ. وقال في «الفُصولِ» : يُفَسَّقُ به في الذَّكَرِ، وفي النِّساءِ يَحْتَمِلُ المَنْعَ وَلَم يذْكُرْ غيرَه. ويحرُمُ نَمْصٌ، ووَشْرٌ، ووَشْمٌ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: لا يَحْرُمُ. ويحْرُمُ وَصْلُ شَعَرٍ بشَعَرٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يجوزُ مع الكراهَةِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِب» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الحاويَين» ، و «الرِّعايَة الصُّغْرى» ، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». قيل: يجوزُ بإذْنِ الزَّوْجِ. وفي تحْريمِ نَظَرِ شَعَرِ أجْنَبِيَّةٍ، زادَ في «التَّلْخيصِ» ، ولو كان بائِنًا. وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ» ، و «ابن تَمَيمٍ» ، و «التَّلْخيصِ». وظاهرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» الجوازُ. ذكَرَهُ عنه ابنُ رَجَبٍ. وقيل: لا يجْرُمُ مُطْلقًا. ويحرُمُ وَصْلُه بشَعَرِ بَهِيمَةٍ. وقيل: يُكْرَهُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الحاويَين» ، وغيرهم. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ» . وأطْلَقَهما في «الفُروع» . فعلى القوْلِ بتَجْريمِ وصْلِ الشَّعَرِ، في صِحَّةِ الصَّلاةِ معه وَجْهان؛ الأوَّلُ، الصِّحَّةُ. وجزَمَ به في «الفُصُولِ» ، فيما إذا وَصَلَتْه بشَعَرِ ذِمِّيَّةٍ. ولو قُلْنا: يَنْجُسُ الآدَمِيُّ بالموْتِ. وقيل: تصِحُّ ولو كان نَجِسًا. حكَاه في «الرِّعايَة» . وتَبِعَه في «الفُروعِ» . قلتُ: وفيه نظرٌ ظاهرٌ. ولا بأْسَ بالقَرَامِلِ، وترْكُها أفْضَلُ. وعنه، هي كالوَصْلِ بالشَّعَرِ إنْ أَشْبَهَهُ، كصُوفٍ. وقيل: يُكْرَهُ. ولا بأْسَ بما يُحْتاجُ إليه لشَدِّ الشَّعَرِ. وأباحَ ابنُ الجَوْزِيِّ النَّمْصَ وحدَه، وحمَلَ النَّهْيَ على التَّدْليسِ، أو أنَّه شِعارُ الفاجِرَاتِ. وفي «الغُنْيَيةِ» وَجْهٌ؛ يجوزُ النَّمْصُ بطَلَبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّوْجِ. ولها حَلْقُه وحَفُّه. نصَّ عليهما، وتَحْسِينُه بتَحْميرٍ ونحره. وكَرِهَ ابنُ عَقِيلِ حَفَّه كالرَّجلِ؛ فإنَّ أحمدَ كَرِهَهَا له، والنَّتْفَت بمِنْقاشٍ لها. ويُكْرَهُ التَّحْذيفُ وهو إرسْالُ الشَّعَرِ الَّذي بينَ العِذَارِ والنَّزَعَةِ. قلتُ: ويَتَوَجَّهُ التَّحْريمُ للتَّشَبُّهِ بالنِّساءِ، ولا يُكْرَهُ للمرْأةِ. ويُكْرَهُ النَّقْشُ والتَّطْريفُ. ذكَرَه الأصحابُ. قال أحمدُ: لتَغْمِسْ يدَها غَمْسًا. قال في «الرِّعايَةِ» ، في بابِ ما يَحْرُمُ اسْتِعْمالُه أو يُكْرَهُ: قلتُ: ويُكْرَهُ التَّكْتِيبُ ونحوُه، ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وَجْهًا بإِباحَةِ تَحْميرٍ ونَقْشٍ وتَطْريفٍ بإذْنِ زَوْجٍ فقط. انتهى. وعَمَلُ النَّاس على ذلك في غيرِ نَكير. ويُكْرَهُ كسْبُ الماشِطَة. قال في «الفُروعِ»: ذكَره جماعةٌ مِن الأصحابِ، وذكَرَه بعضُهم عن أحمدَ. قال: والمَنْقولُ عنه أن ماشِطَةً قالِ: إنِّي أصِلُ رأْسَ المْرأَةِ بقَرامِلَ وأَمْشُطُها، أفَأحُجُّ منه؟ قال: لا. وكَرِهَ كَسْبَها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْرُمُ التَّدْلِيسُ والتَّشَبُّهُ بالمُرْدانِ. وكذا عندَ يَحْرُمُ تَخمِيرُ الوَجْهِ ونحوُه. وقال في «الفُنونِ» : يُكْرَهُ كسْبُها.
فائدة: كَرِهَ الإمامُ أحمدُ الحِجامَةَ يومَ السَّبْت والأَرْبِعاءِ. نقلَه حَرْبٌ، وأبو طالبٍ (1). وعنه، الوقفُ في الجُمُعَة. وذكَر جماعَةٌ مِن الأصحاب؛ منهم صاحِب «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، يُكْرَهُ يومَ الجُمُعَة. قال في «الفرُوعِ»: والمُرادُ بلا حاجَةٍ قَال حَنْبَلٌ: كان أبو عبدِ اللهِ يَحْتَجِمُ أيَّ وَقتٍ هاجَ به الدَّمُ، وأيَّ ساعةٍ كانتْ. ذَكَره الخَلَّالُ. والفَصْدُ في معْنَى الحِجامَةِ، والحِجامَةُ أَنْفَعُ منه في بَلَدٍ حارٍّ، وما في مَعْنَى ذلك، والفَصْدُ بالعكْسِ. قال في «الفُروعِ»:
(1) أحمد بن حميد المشكاني، أبو طالب المتخصص بصحبة الإمام أحمد، روى عنه مسائل كثيرة. توفي سنة أربع وأربعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 39، 40.
وَيَتَيَامَنُ في سِوَاكِهِ وَطُهُورِهِ وَانْتِعَالِهِ وَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ.
ــ
ويتَوَجَّهُ احْتِمال، تُكْرَهُ يومَ الثُّلاثاءِ؛ لخَبر أبي بَكْرَةَ (1)، وفيه ضَعْفٌ. قال: ولعلَّه اخْتِيارُ أبي داودَ؛ لاقْتِصاره على رِوايَتِه. قال: ويتوَجَّهُ تَرْكُها فيه أَوْلَى، ويَحْتَمِلُ مِثلُه في يومِ الأحدِ.
قوله: ويُكرَهُ القَزَعُ. بلا نِزاعٍ. وهو أخْذُ بعض الرَّأسِ، وتَرْكُ بعضِه؛ على الصَّحِيحِ من المذهبِ. وقاله الإمامُ أحمدُ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. وقيل: بل هو حَلْقُ وَسَطِ الرأس. وقيل: بل هو حَلْقُ بُقَعٍ منه.
فائدة: يُكْرَهُ حَلْقُ القَفا مُطْلقًا، على الصَّحِيحِ مِن المذهب. زادَ فيه جماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، لِمَنْ لم يَحْلِقْ رَأْسَه، ولم يَحْتَجْ إليه لِحِجَامَةٍ أو غيرِها. نصَّ عليه. وقال أيضًا: هو مِن فِعْلِ المَجُوسِ. ومَن تَشَبَّهَ بقَوْمٍ فهو منهم.
قوله: ويَتَيامَنُ في سِواكِه. أمَّا البَداءَةُ بالجانبِ الأَيمَنِ مِن الفَم، فمُسْتَحَبٌّ بلا نزاعٍ أعْلمُهُ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، وأمَّا أخْذُ السِّواكِ باليَدِ؛ فقال المَجْدُ في
(1) أخرجه أبو داود، في: باب متى تستحب الحجامة، من كتاب الطب. سنن أبي داود 2/ 332. ولفظه: عن كبشة بنت أبي بكرة: أن أباها كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ.
وَسُنَنُ الْوُضُوءِ عَشْرٌ؛ السِّوَاكُ، وَالتَّسْميَةُ،
ــ
«شَرْحِه» : السُّنَّةُ إرْصادُ اليُمْنَى للوُضوءِ والسِّواكِ والأَكْلِ ونحو ذلك. وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِن الأصحابِ، قال ابنُ رَجبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: وهو ظاهر كلامِ ابنِ بَطَّةَ مِن المُتَقَدِّمين، وصرَّحَ به طائفةٌ مِن المُتَأخِّرين. وقال إليه. والصَّحيحُ مِن المذهب، أنَّه يَسْتاكُ بيَسارِه. نقَله حَرْبٌ، وجزَم به في «الفائِق» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابْنِ عُبَيدان» ، وصَحَّحَه، وقال: نصَّ عليه. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: ما علِمْتُ إمامًا خالفَ فيه، كانْتِثارِه. ورَدَّ ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ البُخارِيِّ» الرِّوايةَ المنْسوبةَ إلى حَرْبٍ، وقال: هي تَصْحِيفٌ مِنَ الاسْتِنْثارِ بالاسْتِنَانِ.
قوله: وسُنَنُ الوضوءِ عَشْرٌ؛ السِّواكُ بلا نِزاعٍ، والتَّسمِيَةُ. وهذا إحْدَى الرِّوايَات. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهب. قال الخَلَّالُ: الَّذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّواياتُ عنه، أنَّه لا بأْسَ إذا ترَكَ التَّسْمِيَةَ. قال ابنُ رَزِينٍ، في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ الَّذي اسْتَقَرَّ عليه قوْلُ أحمدَ. واخْتَارَها الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي موسى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. وقدَّمها في «الرِّعايتَينِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَمَ به في «المُنْتَخَبِ» . وعنه، أنَّها واجِبَةٌ. وهي المذهبُ. قال صاحِبُ «الهِدَايَةِ» ، و «الفُصولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «النهايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ؛ و «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، والمَجْدُ في «شَرْحِه»: التَّسْمِيَةُ واجِبَةٌ، في أصَحِّ
وَعَنْهُ، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ.
ــ
الرِّوايتَين، في طهارَةِ الحَدَثِ كلِّها؛ الوُضوءِ، والغُسْلِ، والتَّيَمُّمِ. اخْتارَها الخَلَّالُ، وأبو بكرٍ عبدُ العزيزِ، وأبو إسْحاقَ ابنُ شَاقْلَا، والقاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والقاضي أبو الحُسين، وابنُ البَنَّا، وأبو الخَطَّابِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينْ: اخْتارهَا القاضي وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا، بل أكْثَرُهم. وجزَمَ به في «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «العُقُودِ» لابنِ البَنَّا، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «ناظمِ المُفْرَداتِ» ، وغيرهم، وقدَّمَه في «الفُروع» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الفائِق» ، وغيرهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان» . فعلَى المذهبِ، هل هي فَرْضٌ لا تَسْقُطُ سَهْوًا؟ اخْتارَه أبو الخطَّابِ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين» ، وجزَمَ به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» . أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واجِبَة تَسْقُطُ سَهْوًا؟ اخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان. وجزَمَ به في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . و «المُسْتَوْعِب» ، و «الإِفادَات» ، وغيرهم. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرهم. وهو المذهبُ. فيه رِوايتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِي» . فعلَى الثَّانية، لو
وَغَسْلُ الْكَفَّينِ، إلا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مِنْ نَوْمِ اللَّيلِ، فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ.
ــ
ذكَرهما في أثْناءِ الوضوءِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب أَنَّه يَبْتَدِئُ الوضوءَ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُسَمِّي ويَبْنِي. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان. وقطَعوا بهْ وإنْ تَرَكها عمْدًا حتَّى غَسَلَ عُضْوًا، لم يُعْتَدَّ بغَسْلِه، على الصَّحِيحِ من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال أبو الفَرَجِ المَقْدِسِيُّ: إنْ ترَكَ التَّسْمِيَةَ عمْدًا حتَّى غسَلَ بعضَ أعْضائِه، فإنَّه يُسَمِّي ويَبْنِي؛ لأنَّه قد ذكَرَ اسْمَ الله على وُضوئِه. وقاله ابنُ عَبْدوسٍ المُتَقَدِّمُ.
فائدة: صِفَةُ التَّسْمِيَةِ أنْ يقولَ: بسْمِ اللهِ. فلو قال: بسْمِ الرَّحْمن. أو: بسْمِ القُدُّوسِ. أو نحوه، فوَجْهان. ذَكَرَهما صاحِبُ «التَّجْريدِ» ، وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدان في «رِعايَتِه الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِيُّ: لم يُجْزِهِ على الأشْهَرِ. وجزَمَ به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» ، وابنُ البَنَّا في «العُقودِ» ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ». قلتُ: الأوْلَى الإجْزاءُ، وتكْفِي الإِشارَةُ مِن الأخْرَسِ ونحوه.
قوله: وغَسْلُ الكَفَّينِ ثَلاثًا، إلا أنْ يكونَ قَائِمًا من نومِ الليلِ. غَسْلُ اليدَين عندَ ابْتداءِ الوضوءِ لا يخْلُو؛ إمّا أنْ يكونَ عن نومٍ، أو عن غيرِ نومٍ، فإنْ كان عن غير نومٍ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه أحمدُ، اسْتِحْبابُ غَسْلِهما مُطْلقًا. وقيل: لا يَغْسِلُهما إذا تَيَقَّنَ طَهارَتَهما، بل يُكْرَهُ. ذكَره في «الرِّعايَةِ». وقال القاضي: إنْ شَكَّ فيهما سُنَّ غَسْلُهما، وإنْ تحَقَّقَ طهارَتَهما خُيِّرَ. وإنْ كان عن نومٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ عن نومِ اللَّيل، أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن نومِ النَّهار، فإنْ كان عن نومِ النَّهار، فالصَّحيحُ من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم، اسْتِحْبابُ غَسْلِهما. وعنه، يجبُ غَسْلُهما. واخْتارَه بعضُ الأصحاب. وهو مِنْ المُفْرَدَاتِ. وحكَاها في «الفُروعِ» هنا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوْلًا. وإنْ كان عن نومِ اللَّيلِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في وُجوبِ غَسْلِهما رِوايتَينِ، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخِيص» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الفائقِ» ، وابنُ تميمٍ، وابنُ رَزينٍ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ، في «شُروحِهم» ؛ إحْدَاهما، يجبُ غَسْلُهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «نَظْم المُفْرَدات» ، وغيرهم. قال في «الفُروعِ» ، و «الخُلاصَةِ»: ويجِبُ على الأصَحِّ. واخْتارَه أبو بَكرٍ، وأكْثَرُ الأصحاب. قاله ابُن عُبَيدان. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه أبو بكْرٍ، والقاضي، وعامة أصحابه، بل وأكثرُ الأصحابِ. واخْتارَه أيضًا ابنُ حامِدٍ، وأحمدُ بنُ جَعْفَرٍ المُنَادِي (1). وهو من مُفْرَداتِ المذهب. والرِّوايةُ الثَّانية، لا يجبُ غَسْلُهما، بل يُسْتَحَبُّ. وجزَم به «الخِرَقِيِّ» ،
(1) أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد بن المنادي، أبو الحسين، صنف كتبا كثيرة، ولد سنة ست وخمسين ومائتين، وتوفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «العُمْدَةِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، وغيرهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» . وصَحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، و «مَجْمَع البَحْرَين» ، و «النَّظْم». وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه الخِرَقِيُّ وجماعةُ. انتهى. فعلَى المذهب، قال ابنُ تميمٍ: قال «صاحِبُ النُّكَت» : وحيثُ وجَب الغَسْلُ فإنَّه شَرْط للصَّلاةِ. قلتُ: وقاله ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وغيرُه، واقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ. وقدَّمَ في «الرِّعايَةِ» سقُوطَ غَسْلِهما بالنِّسْيانِ مُطْلقًا؛ لأنَّها طهارةٌ مُفْرَدةٌ، على ما يأْتِي، وهو الصَّحيحُ.
فوائد؛ إحْدَاها، يتعَلَّقُ الوُجوبُ بالنومِ النَّاقِض للوُضوءِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه جمهورُ الأصحاب. وقيل: يتَعلَّقُ بالنومِ الزَّائد على النِّصْف. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، غَسْلُهما تَعَبُّدٌ لا يُعْقَلُ مَعْناه، على الصَّحيحِ مِن المذهب، كغَسْلِ المَيِّت. فعَلَى هذا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ والتَّسْمِيَةُ في أصَحِّ الأوْجُه. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُعْتَبران. والوَجْهُ الثَّالث، يُعْتَبران إنْ وجَبَ غَسْلُهما، وإلَّا فلا. والوَجْهُ الرَّابع، تُعْتَبرُ النِّيَّةُ دونَ التَّسْمِيَة. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. وعلى الصَّحيحِ، لا تُجْزِئُ نِيَّةُ الوُضوءِ عن نِيَّةِ غَسْلِهما، على المذهبِ المشْهور، وأنَّها طهارَةٌ مُفْرَدَةٌ لا مِن الوُضوءِ. وقيل: تُجْزِئُ. وقيل: غَسْلُهما معَلَّلٌ بوَهْمِ النَّجاسَة، كجَعْلِ العِلَّةِ في النومِ اسْتِطْلاقَ الوكاءِ بالحدَثِ، وهو مشْكوكٌ فيه. وقيل: غَسْلُهما مُعَلَّلٌ بمَبِيتِ يَدِه مُلابِسَةً للشَّيطان. الثَّالِثةُ، إنَّما يُغْسَلان لِمَعْنىً فيهما. على الصَّحيحِ من المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ» . فلو اسْتَعْملَ الماءَ، ولم يُدخِلْ يدَه في الإِناءِ، لم يَصِحَّ وُضوؤه، وفسَدَ الماءُ. وذكَرَ القاضي وَجْهًا، إنَّما يُغْسَلان لأجْلِ إدْخالِهما الإِناءَ. ذكَره أبوالحسينِ روايةً، فيَصِحُّ وضوؤُه، ولم يَفْسُدِ الماءُ إذا اسْتَعْملَه مِن غيرِ إدْخالٍ.
وَالْبِدَايَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ، وَالْمُبَالغَةُ فِيهِمَا، إلا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا.
ــ
قوله: والبَداءَةُ بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ. الصَّحيحُ من المذهب؛ أنَّ البَداءَةَ بهما قبلَ الوَجْهِ سُنَّةٌ، وعليه الأصحابُ. وقطعَ به أكْثَرُهم. وقيل: يجبُ. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ» وبعدَه. ويأْتِي في بابِ الوضوءِ هل يتَمَضْمَضُ ويَسْتَنْشِقُ بِيَمِينِه؟.
فائدتان؛ إحْدَاهما، يجبُ التَّرْتِيبُ والمُوالاة بينَ المضْمَضَةِ والاسْتِنْشاق، وبينَ سائِرِ الأعْضاءِ، على الصَّحيحِ من المذهب. وهو إحْدَى الرِّوايات، وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» . وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِّي. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين» ، و «ابنِ عُبَيدان» تبعًا للمَجْدِ: والأقْيَسُ وجوبُ تَرْتِيبِهما، كسائرِ أجزْاءِ الوَجْهِ. وعنه، لا يَجبان بَينَهم. اختارَه المَجْدُ. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يجبُ ذلك في أصَحِّ الرِّوايتَين. نصَّ عليه تَصْريحًا، وفي رِوايَةِ كثيرٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن أصحابِه. فعلَى هذا لو تَرَكَهما حتَّى صَلَّى أتَى بهما، وأعادَ الصَّلاةَ دُونَ الوُضوءِ. نصَّ عليه أحمدُ. ومَبْناهُ على أنَّ وُجوبَهما بالسُّنَّةِ، والتَّرَتِيبُ إنَّما وَجَبَ بدَلالةِ القُرآنِ مُعْتَضِدًا بالسُّنَّةِ، ولم يُوجَدْ ذلك فيهما. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرَحِ» ، و «ابنِ عُبَيدان» ، و «الزَّرْكَشِي» . وعنه، تجبُ المُوالاةُ وحدَها. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ تقْديمُ المَضْمَضَةِ على الاسْتِنْشاق، على الصَّحيحِ من المذهب، وعليه الأصحابُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: والواوُ في قوْلِه: والاسْتِنْشاقِ. للتَّرْتيبِ، كثُمَّ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وُجُوبَه على قوْلنا: لم يَدُلَّ القُرْآنُ عليه.
قوله: والمُبَالغَةُ فيهما. الصَّحيحُ، أنَّ المُبالغَةَ في المَضْمَضَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والاسْتِنْشاق سُنَّة، إلّا ما اسْتَثْنَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعليه عامَّةُ المُتأخِّرِين، وهو المشْهورُ، وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، وغيرهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ اسْتِحْبابُ المُبالغَةِ في الاسْتِنْشاقِ وحدَه. واخْتارَه ابنُ الزَّاغُونيِّ. وعنه، تجبُ المُبالغةُ. وقيل تجبُ المُبالغَةُ في الاسْتِنشْاقِ وحدَه. اخْتارَها ابنُ شَاقْلَا. ويُحْكَى روايةً. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. واخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ أيضًا. قاله الشَّارِحُ. قال ابنُ تَمِيمٍ: وقال بعضُ أصحابِنا: تجبُ المُبالغَةُ فيهما في الطَّهارَةِ الكُبْرَى. وعنه، تجبُ المُبالغَةُ فيهما في الوُضوءِ. ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه» .
فائدتان؛ إحْدَاهما، المُبالغةُ في المَضْمَضَةِ، إدارَةُ الماءِ في الفَمِ، على الصَّحيحِ
وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ
ــ
مِن المذهب، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: إدارَةُ الماءِ في الفَمِ كلِّه أو أَكْثَرِه. فزادَ، أَكْثَرِه. ولا يَجْعَلُه وجوبًا. والمُبالغَةُ في الاسْتِنْشاقِ جَذْبُ الماءِ بالنَّفَسِ إلى أقْصَى الأنْفِ، على الصَّحِيح مِن المذهب. وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: أو أَكْثَرِه. كما قال في المَضْمَضَةِ. ولا يَجْعَلُه سَعُوطًا. قال المُصَنِّفُ ومَنْ تابَعَه: لا تجبُ الإِدارَةُ في جميعِ الفَمِ، ولا الاتِّصالُ إلى جميعِ باطِنِ الأنْفِ. والثَّانيةُ، لا يكْفِي وَضْعُ الماءِ في فَمِه مِن غيرِ إدارَته. قاله في «المُبْهِجِ» ، واقْتَصَرَ عليه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ» . وجزَم به في «الرِّعايَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان» ، وغيرهما. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يكْفِي. قال في «المُطْلِع» : المَضْمَضَةُ في الشَّرْعِ، وَضْعُ الماءِ في فِيه، وإنْ لم يُحَرِّكْه. قال الزَّرْكَشِي: وليس بشيءٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» .
قوله: إلَّا أنْ يكونَ صًائِمًا. يعني فلا تكونُ المُبالغَةُ سُنَّةً، بل تُكْرَهُ، على الصَّحِيحِ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو الفَرَجِ: تَحْرُمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ويَنْبِغي أنْ يُقَيَّدَ قُوْلُه بصَوْمِ الفَرْضِ.
قوله: وتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ. إنْ كَانت خَفِيفَةً وجَبَ غَسْلُها، وإنْ كانت كَثيِفَةً، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، اسْتِحْبابُ تَخلِيلِها. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ كالتَّيَمُّمِ. قال في «الرِّعَايَةِ» : وهو بعيدٌ للأَثَرِ. وهو كما قال. وقيل: يجب التَّخْلِيلُ. ذكَرَه ابنُ عَبْدوسٍ المُتَقدِّمُ.
فائدتان؛ إحْدَاهما، شَعَرُ غيرِ اللِّحْيَةِ؛ كالحاجِبَينِ، والشَّارِبِ؛ والعَنْفَقَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولِحْيَةِ المرْأَةِ، وغيرِ ذلك، مِثْلُ اللِّحْيَةِ في الحكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ» في لِحْيَةِ المْرأةِ. وقيل: يجبُ غَسْلُ باطِنِ ذلك كلِّه مُطْلقًا. والثَّانيةُ، صِفَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ؛ أنْ يأْخُذَ كَفًّا مِن ماءٍ فَيَضَعَه مِن تحْتِها، أو مِن جانِبَيها بأصابِعِه. نصَّ عليه. مُشَبَّكَةً فيها. قاله جماعةٌ مِن
وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ،
ــ
الأصحابِ. وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . زادَ في «الشَّرْحِ» ، وغيرِه، ويَعْرُكُها. وقيل: يُخَلِّلُها مِن ماءِ الوَجْهِ، ولا يُفْرِدُ لذلك ماءً. قاله القاضي. وأطْلَقَهما في «الفائقِ» . ويكونُ ذلك عندَ غَسْلِهما، وإنْ شاءَ إذا مَسَحَ رأْسَه. نصَّ عليه.
قوله: وتخْليلُ الأصابعِ. يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُ أصابعِ الرِّجْلَين، بلا نِزاعٍ، والصَّحِيحُ مِن المذهب، اسْتِحْبابُ تخْليلِ أصابِعِ اليَدَين أيضًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُسْتحَبُّ. وأطْلَقَهما في «الحاويَين» .
وَالتَّيَامُنُ،
ــ
فائدتان؛ إحْدَاهما، قال جماعةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، وغيرُهم: يُخَلِّلُ رِجْلَيه بخِنْصَرِه، ويَبْدَأُ مِن الرِّجْلِ اليُمْنَى بخِنْصَرِها، واليُسْرَى بالعَكْسِ. زادَ القاضي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، يُخلِّلُ بخِنْصَرِ يَدِه اليُسْرَى. زادَ في «التَّلْخيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، مِن أسْفَلِ الرِّجْلِ. قال الأَزَجِيُّ في «نهايَتِه»: يخَلِّلُ بخِنْصَرِ يَدِه اليُمْنَى. والثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ المُبالغَةُ في غَسْلِ سائرِ الأعْضاءِ، ودَلْكُ المواضِع التي يَنْبُو عنها الماءُ وعَركُها.
قوله: والتَّيامُنُ. الصَّحيحُ مِن المذهب، اسْتِحْبابُ التَّيامُنِ، وعليه الأصحابُ. وحكَى الفَخْرُ الرَّازِيُّ (1) رِوايةً عن أحمدَ، بوُجوبِه. وشَذَّذَه الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُكْرَهُ تَرْكُه. قال ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ هنا في حُكْمِ اليَدِ الواحدَةِ: حتَّى إنَّه يجوزُ غَسْلُ إحْدَاهما بماءِ الأُخْرى.
(1) محمد بن عمر بن الحسين، فخر الدين، الرازي، البكري، الطبرستاني، الأصولي، المفسر، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وستمائة. سير أعلام النبلاء 21/ 500.
وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلأُذُنَينِ،
ــ
قوله: وأخْذُ مَاء جَدِيدٍ للأُذُنَين. إنْ قُلْنا: هما مِن الرَّأْسِ. وهو المذهبُ، فالصَّحِيحُ اسْتِحْبابُ أخْذِ ماءٍ جديدٍ لهما. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي موسى، والقاضي في «الجامِع الصَّغير» ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، واخْتارَه أيضًا المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال في «الخُلاصَةِ»: يُسْتَحَبُّ على الأصَحِّ. وجزَم به في «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَة» في موْضعٍ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخبِ» ، و «الإفَاداتِ» ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» . وعنه، لا يُسْتَحَبُّ، بل يُمْسَحانِ بماءِ الرَّأْسِ. اخْتارَه القاضي في «تَعْليقِه» ، وأبو الخطَّابِ في «خِلافِه الصَّغير» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ» ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وابنُ عُبَيدان. وأطْلَقَهما في «الهِدَايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيص» ، و «البُلْغَةِ» (1)، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «الفُروعِ» ، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال ابنُ رَجَبٍ في «الطَّبَقاتِ»: ذكَرَ الشيخ تَقِيُّ الدِّين في «شَرْحِ العُمْدَةِ» ، أنَّ أبا الفَتْحِ ابنَ جَلَبَةَ (2)، قاضىَ حَرَّانَ، كان يَخْتارُ مَسْحَ الأُذُنَين بماءٍ جديدٍ، بعدَ مَسْحِهما بماءِ الرَّأْسِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو غريبٌ جدًّا، والذي رأَيناه في «شَرْحِ العُمْدَةِ» ، أنَّه قال: ذكَرَ القاضي عبدُ الوَهَّابِ، وابنُ حامِدٍ، أنَّهما يُمْسَحان بماءٍ جديدٍ بعدَ أنْ يُمْسَحا بماءِ الرَّأْسِ قال: وليس بشيءٍ. فزادَ ابنُ حامِدٍ، والظَّاهِرُ أنَّ القاضِيَ عبْدَ الوَهَّابِ هو ابنُ جَلَبَةَ قاضى حَرَّان.
فائدة: يُسْتحَبُّ مَسْحُهما بعدَ مَسْحِ الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقاله القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وقال: ويَتَوَجَّهُ تخْرِيجٌ واحْتِمالٌ. وذكَرَ الأَزَجِيُّ، يَمْسَحُهما معًا. ولم يُصَرِّحِ الأصحابُ بخِلافِ ذلك. قلتُ: صرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ باسْتحْبابِ مَسْحِ الأُذُنِ الْيُمْنَى قبلَ اليُسَرَى.
تنبيهات؛ الأوَّلُ، هذه الأحْكامُ إذا قُلْنا: هما مِن الرَّأْسِ. فأمّا إذَا قُلْنا: هما
(1) بعده في ا: «في السنن» .
(2)
عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن جلبة، الحراني؛ القاضي أبو الفتح، أفتى ووعظ وخطب ودرس وتفقه. استشهد سنة ست وسبعين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 245.
وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ.
ــ
عُضْوان مُسْتَقِلَّان. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ، فيَجِبُ لهما ماءٌ جديدٌ في وَجْهٍ. قاله في «الفُرُوعِ». وهو مِن المُفْرَداتِ. قال في «الفُروع»: ويَتَوجَّهُ منه، يجِبُ التَّرْتِيبُ. الثَّاني، تقدّمَ أنَّ الأُذُنَين مِن الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ من المذهب، وتقدَّم روايةً، أنَّهما عُضْوان مُستَقِلَّان. وذكَرَ ابنُ عُبَيدان، في بابِ الوُضُوءِ، أنّ ابنَ عبْدِ البَرِّ قال: رُوِيَ عن أحمدَ أنَّه قال: ما أقْبَلَ منهما مِن الْوَجْهِ يُغْسَلُ مَعه، وما أدْبَرَ مِن الرَّأْسِ. كَمَذهَب الشَّعْبِيِّ، والحسَنِ بنِ صالحٍ، ومال إليه إسْحاقُ بنُ رَاهُويَه. الثَّالثُ، قونه: والغَسْلَةِ الثَّانيةِ والثَّالِثةِ. بلا نِزاعٍ. قال القاضي في «الخِلافِ» : حتّى لطهارَةِ المُسْتَحاضَة.
فوائد؛ إحْدَاها، يَعمَلُ في عَدَدِ الغَسَلاتِ بالأقَلِّ، على الصَّحيحِ مِن المذهب.
وقال في «النِّهايَةِ» : يعملُ بالأكْثَرَ. الثَّانيةُ، تُكْرَهُ الزِّيادَةُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: تَحْرُمُ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: واسْتَحَبَّ؛ بعضُ أصحابِنا للوَجْهِ غَسْلَةً رابِعَةً تُصَبُّ مِن أعْلاه. وعن أحمدَ، أنَّه يُزادُ في الرِّجْلَين دُونَ غيرِهما. ويجوزُ الاقْتِصْارُ على الغَسْلَةِ الواحِدَةِ، والثَّنْتان أفْضَلُ، والثَّلَاثَةُ أفْضَلُ منهما. قاله المَجْدُ، وغيرُه. وقال القاضي، وغيرُه: الأُولَى فرِيضَةٌ، والثَّانيةُ فَضِيلَةٌ، والثَّالِثةُ سُنَّةٌ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. قال في «المُسْتَوْعِب»: وإذا قيل لك: أيُّ موْضعٍ تُقَدّمُ فيه الفِضيلَةُ على السُّنَّةِ؟ فقُلْ: هنا. الثَّالِثةُ، لو غَسَلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضَ أعْضاءِ الوُضوءِ أكْثَرَ مِنْ بعضٍ، لم يُكْرَهْ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، يُكْرَهُ. الرَّابعةُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُسَنُّ مسْحُ العُنُقِ، وهو الصَّحيحُ مِن المذهب، وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وغيرِه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، وغيرِه: قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين» : لا يُسْتَحَبُّ مَسْحُ العُنُقِ، في أقْوَى الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الصَّحيحُ مِن الرِّوايتَين. قال في «الفائقِ» : لا يُسَنُّ في أصَحِّ الرِّوايتَين. وعنه، يُسْتَحَبُّ. اخْتارَه في «الغُنْيَةِ» ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «أسْبابِ الهِدايَةِ» ، وأبو البَقاءِ، وابنُ الصَّيرَفيِّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِهْ». قال في «الخُلاصَةِ»: ومَسْحُ العُنُقِ مُسْتَحَبٌّ على الأصَحِّ. وجزَم بهْ ابنُ. عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه» ، وابنُ البَنَّا في «العُقُودِ» ، وابنُ حَمْدان في «الإفاداتِ» ، والنَّاظِمُ. وقدَّمَه في «الهِدَايةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ عُبَيدان» . وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لا يُسَنُّ الكلامُ على الوُضوءِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهب، بل يُكْرَهُ. قاله جماعةٌ مِن الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: والمرادُ بغيرِ ذِكْر الله. كما صرَّحَ به جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ» . والمُرادُ بالكَراهَةِ ترْكُ الأَوْلَى. وذكَرَ جماعةٌ كثيرةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الإِفاداتِ» ، يقولُ عندَ كُلِّ عُضْوٍ. ما وردَ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لضَعْفِه جدًّا، قال ابنُ القَيِّمِ: أمَّا الأذْكارُ التي يقُولُها العامَّةُ على الوُضوءِ عندَ كلٌّ عُضْوٍ، فلا أصْلَ لها عنه عليه أفَضْلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ولا عن أحَدٍ مِن الصَّحابَةِ والتَّابعِين والأئمَّةِ الأرْبَعَةِ، وفيه حدِيثٌ كَذِبٌ عليه؛ عليه الصلاة والسلام، انتهى. قال أبو الفَرَجِ: يُكْرَهُ السَّلامُ على المُتَوَضِّئ. وفي «الرِّعايَةِ» : ورَدُّ السَّلام أيضًا. قال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلام الأكْثَرِ، لا يُكْرَهُ السَّلامُ ولا الرَّدُّ، وإنْ كان الرَّدُّ على طُهْرٍ أكْمَلَ. الخامِسَةُ، قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ ما نقَلَه بعضُهم، يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ. قال: ولا تصْرِيحَ بخِلافِه، وهو مُتَّجِهٌ لكلِّ طاعَةٍ إلَّا لدَليل. انتهى.