المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا ضرر ولا ضرار - شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد

[ابن دقيق العيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌إنما الأعمال بالنيّات

- ‌بيان الإسلام والإيمان والإحسان

- ‌أركان الإسلام

- ‌الأعمال بخواتيمها

- ‌إبطال المنكرات والبدع

- ‌الحلال بيّن والحرام بيّن

- ‌الدين النصيحة

- ‌حرمة المسلم

- ‌التكليف بما يستطاع

- ‌الاقتصار على الحلال الطيب

- ‌التورع عن الشبهات

- ‌ترك ما لا يعني المسلم

- ‌كمال الإيمان

- ‌حرمة دم المسلم وأسباب إهداره

- ‌آداب إسلامية

- ‌النهي عن الغضب

- ‌الأمر بإحسان الذبح والقتل

- ‌حسن الخلق

- ‌احفظ الله يحفظك

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌قل آمنت بالله ثم استقم

- ‌الاقتصار على الفرائض يدخل الجنة

- ‌الإسراع في الخير

- ‌تحريم الظلم

- ‌ذهب أهل الدثور بالأجور

- ‌فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم وإعانتهم

- ‌البر حسن الخلق

- ‌وجوب لزوم السنة

- ‌ما يدخل الجنة

- ‌حقوق الله تعالى

- ‌الزهد الحقيقي

- ‌لا ضرر ولا ضرار

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌النهي عن المنكر من الإيمان

- ‌أخوة الإسلام

- ‌فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌فضل الله تعالى ورحمته

- ‌العبادة لله وسيلة القرب والمحبة

- ‌التجاوز عن المخطئ والناسي والمكره

- ‌الدنيا وسيلة ومزرعة للآخرة

- ‌علامة الإيمان

- ‌سعة مغفرة الله تعالى

الفصل: ‌لا ضرر ولا ضرار

‌لا ضرر ولا ضرار

32 -

عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار" حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما مسنداً، ورواه مالك في الموطإ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد، وله طرق يقوي بعضها بعضاً".

ــ

اعلم أن من أضر بأخيه فقد ظلمه والظلم حرام كما تقدم في حديث أبي ذر "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" 1 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام"2.

وأما قوله: "لا ضرر ولا ضرار" فقال بعضهم: هما لفظان بمعنى واحد تكلم بهما جميعاً على وجه التأكيد، وقال ابن حبيب: الضرر عند أهل العربية الاسم والضرار الفعل: فمعنى "لا ضرار" أي لا يدخل

1 وهو الحديث رقم 24 من هذا الكتاب ورواه مسلم في البر والصلة باب تحريم الظلم رقم 2577.

2 رواه البخاري في عدة مواضع، منها، في حجّة الوداع وفي العلم باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب رقم 105.

ص: 106

أحد على أحد ضرراً لم يدخله على نفسه. ومعنى "لا ضرار" لا يضار أحد بأحد. وقال المحسني: الضرر هو الذي لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة وهذا وجه حسن المعنى. وقال بعضهم: الضرر والضرار مثل القتل والقتال فالضرر أن تضر من لا يضرك: والضرار: أن تضر من أضر بك من غير جهة الاعتداء بالمثل والانتصار بالحق وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" 1 وهذا معناه عند بعض العلماء: لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه في خيانته لك كأن النهي إنما وقع على الابتداء وأما من عاقب بمثل ما عوقب به وأخذ حقه فليس بخائن، وإنما الخائن من أخذ ما ليس له أو أكثر مما له.

واختلف الفقهاء في الذي يجحد حقا عليه ثم يظفر المجحود بمال للجاحد قد ائتمنه عليه أو نحو ذلك فقال بعضهم: ليس له أن يأخذ حقه في ذلك لظاهر قوله: "أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وقال آخرون: له أن ينتصر منه ويأخذ حقه من تحت يده واحتجوا بحديث عائشة في قصة هند مع أبي سفيان2 وللفقهاء في هذه المسألة وجوه واعتلالات ليس هذا موضوع ذكرها. والذي يصح في النظر: أنه ليس لأحد يضر بأخيه سواء ضره أم لا إلا أن له أن ينتصر ويعاقب إن قدر بما أبيح له بالحق وليس ذلك ظلماً ولا ضراراً إذا كان على الوجه الذي أباحته السنة.

1 رواه الترمذي في البيوع باب 38 رقم 1264. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.

2 الحديث عن عائشة: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلاّ ما أخذت منه ولا يعلم. فقال:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

رواه مسلم في الأقضية باب قضية هند رقم 1714.

ص: 107

وقال الشيخ أبو عمرو بن صلاح رحمه الله: أسند الدارقطني هذا الحديث من وجوه مجموعها يقوي الحديث ويحسنه وقد نقله جماهير أهل العلم واحتجوا به فعن أبي داود قال: الفقه يدور على خمسة أحاديث وعد هذا الحديث منها. قال الشيخ: فعد أبي داود له من الخمسة وقوله فيه: يشعر بكونه عنده غير ضعيف، وقال فيه: هو على مثال ضرار وقتال وهو على ألسنة كثير من الفقهاء والمحدثين "لاضرر ولا إضرار" بهمزة مكسورة قبل الضاد ولا صحة لذلك.

ص: 108