المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرمة المسلم . 8 - عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: - شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد

[ابن دقيق العيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌إنما الأعمال بالنيّات

- ‌بيان الإسلام والإيمان والإحسان

- ‌أركان الإسلام

- ‌الأعمال بخواتيمها

- ‌إبطال المنكرات والبدع

- ‌الحلال بيّن والحرام بيّن

- ‌الدين النصيحة

- ‌حرمة المسلم

- ‌التكليف بما يستطاع

- ‌الاقتصار على الحلال الطيب

- ‌التورع عن الشبهات

- ‌ترك ما لا يعني المسلم

- ‌كمال الإيمان

- ‌حرمة دم المسلم وأسباب إهداره

- ‌آداب إسلامية

- ‌النهي عن الغضب

- ‌الأمر بإحسان الذبح والقتل

- ‌حسن الخلق

- ‌احفظ الله يحفظك

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌قل آمنت بالله ثم استقم

- ‌الاقتصار على الفرائض يدخل الجنة

- ‌الإسراع في الخير

- ‌تحريم الظلم

- ‌ذهب أهل الدثور بالأجور

- ‌فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم وإعانتهم

- ‌البر حسن الخلق

- ‌وجوب لزوم السنة

- ‌ما يدخل الجنة

- ‌حقوق الله تعالى

- ‌الزهد الحقيقي

- ‌لا ضرر ولا ضرار

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر

- ‌النهي عن المنكر من الإيمان

- ‌أخوة الإسلام

- ‌فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌فضل الله تعالى ورحمته

- ‌العبادة لله وسيلة القرب والمحبة

- ‌التجاوز عن المخطئ والناسي والمكره

- ‌الدنيا وسيلة ومزرعة للآخرة

- ‌علامة الإيمان

- ‌سعة مغفرة الله تعالى

الفصل: ‌ ‌حرمة المسلم . 8 - عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:

‌حرمة المسلم

.

8 -

عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى" رواه البخاري ومسلم.

ــ

هذا حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين وقد روى هذا الحديث أنس وقال: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين"1. وجاء في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بما جئت به" وذلك موافق لرواية عمر في المعنى.

وأما معاني هذا الحديث فقال العلماء بالسير: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعده وكفر

1 رواه البخاري في الصلاة باب فضل استقبال القبلة حديث رقم 392 و393 مع اختلاف قليل في الرواية.

ص: 53

من كفر من العرب عزم أبو بكر على قتالهم، وكان منهم من منع الزكاة ولم يكفر وتأول في ذلك فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قالوا لا إله إلى الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلى الله"؟ إلى آخر الحديث فقال الصديق: إن الزكاة حق المال وقال: والله لو منعوني عناقا - وفي رواية: عقالا - كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعه فتابعه عمر على قتال القوم1.

قوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله". قال الخطابي وغيره: المراد بهذا أهل الأوثان ومشركو العرب ومن لا يؤمن دون أهل الكتاب، ومن يقر بالتوحيد فلا يكفي في عصمته بقوله: لا إله إلا الله، إذ كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده وكذلك جاء في الحديث الآخر:"وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". وقال الشيخ محي الدين النووي: ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به"2.

ومعنى قوله: "وحسابهم على الله" أي فيما يسترونه ويخفونه دون ما يخلون به في الظاهر من الأحكام الواجبة ذكر ذلك الخطابي. قال: وفيه أن من أظهر الإسلام وأسر الكفر يقبل إسلامه في الظاهر وهذا قول أكثر أهل العلم وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل وهي رواية عن الإمام أحمد.

1 في بعض النسخ "من كفر".

2 من رواية مسلم كما مر في هذا الشرح.

ص: 54

وفي قوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به" دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف أن الإنسان إذا اعتقد دين الإسلام اعتقاداً جازماً لا تردد فيه كفاه ذلك ولا يجب عليه تعلم أدلة المتكلمين ومعرفة الله بها خلافاً لمن أوجب ذلك وجعله شرطاً في نحو أهل القبلة وهذا خطأ ظاهر فإن المراد التصديق الجازم وقد حصل لأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل وقد تظاهرت بهذا أحاديث في الصحيح يحصل بمجموعها التواتر بأصلها والعلم القطعي والله أعلم.

ص: 55