الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتابُ العِتْقِ
ــ
كتابُ العِتْقِ
فائدة: العِتْقُ؛ عِبارَة عن تَحْريرِ الرَّقَبَةِ، وتخْلِيصِها مِن الرِّقِّ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
وَهُوَ مِنْ أفْضَلِ الْقُرَبِ.
ــ
قوله: وهو مِن أفْضَلِ القُرَبِ. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ. وقال في «التَّبْصِرَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: هو أحَبُّ القُرَبِ إلى اللهِ تَعالى.
فوائد؛ منها، أفْضَلُ عِتْقِ الرِّقابِ، أنْفَسُها عندَ أهْلِها، وأغْلاها ثمَنًا. نقَله الجماعةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو كافِرَةً. وفاقًا للإمامِ مالكٍ، رحمه الله، وخالفَه أصحابُه. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، لكِن يُثابُ على عِتْقِه. قال في «الفُنونِ»: لا يخْتَلِفُ النَّاسُ فيه. ومنها، عِتْقُ الذَّكَرِ أفْضَلُ مِن عِتْقِ الأُنثَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» ، و «المُغْنِي» ، و «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، وغيرِهم. وعنه، عِتْقُ الأُنْثَى للأُنْثَى أفْضَل. ونصَّ عليه في رِوايةِ عبدِ اللهِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» . ومنها، عِتْقُ الأُنْثَى كعِتْقِ الذَّكَرِ في الفِكاكِ مِنَ النّارِ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى المذهبَ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» .
وَالْمُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ. فَأمَّا مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ عِتْقُهُ وَلَا كِتَابَتُهُ.
ــ
وعنه، عِتْقُ امْرأتَين كعِتْقِ رَجُلٍ في الفِكاكِ. قدَّمه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . ومنها، التعَدُّدُ في العِتْقِ أفْضَلُ مِن عِتْقِ الواحِدِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وجزَم به في «الفُروعِ» في بابِ الأضاحِي. ومال صاحِبُ «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ» فيها إلى أنَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ نفِيسَةٍ بمالٍ أفْضَلُ مِن عِتْقِ رِقابٍ مُتَعَدِّدَةٍ بذلك المالِ. وقال عن القوْلِ الأوَّلِ: فيه نظَرٌ.
قوله: فأمَّا مَن لا قُوَّةَ له ولا كَسْبَ، فَلا يُسْتَحَبُّ عِتْقُه ولا كِتابَتُه. بل يُكْرَهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ الاسْتِحْبابُ على القَوْلِ بوُجوبِ نَفَقَتِه عليه. وعنه، تُكْرَهُ كِتابَتُه دُونَ عِتْقِه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وعنه، تُكْرَهُ كِتابةُ الأُنْثَى. ويأْتِي ذلك في أوَّلِ بابِ الكِتابةِ.
فوائد؛ الأُولَى، لو خافَ على الرَّقيقِ الزِّنَى والفَسادَ، كُرِهَ عِتْقُه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنْ ظَنَّ ذلك، صحَّ وحَرُمَ. قاله المُصَنفُ، والشّارِحُ، وغيرُهما. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» ، وقال: ويتَوَجَّهُ فيه كمَن باعَ. أو اشْتَرَى بقَصْدِ الحرامِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: ولو أعْتَقَ جارِيَةً، ونِيَّتُه بعِتْقِها أنْ تكونَ مُسْتَقِيمَةً، لم يحْرُمْ عليه بَيعُها، إذا كانتْ زانِيَةً. الثَّانيةُ، لو أعْتَقَ عَبْدَه أو أمَتَه، واسْتَثْنَى نَفْعَه مُدَّةً معْلومَةً، صحَّ. نصَّ عليه؛ لحَديثِ سَفِينَةَ (1). وكذا لو اسْتَثْنَى خِدْمَتَه مُدَّةَ حَياتِه. قاله في «القاعِدَةِ الثّانيةِ والثَّلاثِين». قال: وعلى هذا يَتَخَرَّجُ أنْ يُعْتِقَ أمَتَه، ويَجْعَلَ عِتْقَها صَداقَها؛ لأنَّه اسْتَثْنَى الانْتِفاعَ بالبُضْعِ،
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في العتق على الشرط، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 348. وابن ماجه، في: باب من أعتق عبدًا واشترط خدمته، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 844. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 221، 6/ 319.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَمْلِكُه بعَقْدِ النِّكاحِ، وجعَل العِتْقَ عِوَضًا عنه، فانْعَقَدَا في آنٍ واحدٍ. وَيأْتِي بعضُ ذلك في هذا البابِ، عندَ قوْلِه: وإنْ قال: أنتَ حُرٌّ على أنْ تَخْدُمَنِي سنةً (1) الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ»: يصِحُّ العِتْقُ ممَّن تصِحُّ وَصِيَّتُه. قال في «الفائقِ» : وإنْ لم يبْلُغْ. نصَّ عليه. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» . وعنه، بل وهِبَتُه. انتهى. وقال في «المُذْهَبِ»: يصِحُّ عِتْقُ مَن يَصِحُّ بَيعُه. قال النّاظِمُ: ولا يصِحُّ إلَّا ممَّن يَصِحُّ تصَرُّفُه في مالِه في المُؤكَّدِ. وقام هذا في «المُسْتَوعِبِ» . وقال ابنُ عَقِيلٍ: يصِحُّ عِتْقُ المُرْتَدِّ. وقطَع المُصَنِّفُ وغيرُه، أنه لا عِتْقَ لمُمَيِّزٍ. وقال طائفةٌ مِن الأصحابِ: لا يصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بغيرِ خِلافٍ، منهم المُصَنِّفُ. وأثْبَتَ غيرُ واحِدٍ الخِلافَ، فقال في «الإرْشادِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «التَّرْغيبِ»: في عِتْقِ ابنِ عَشْرٍ، وابْنَةِ تِسْعٍ، رِوايَتَان. وقال في «المُوجَزِ»: وفي صِحَّةِ عِتْقِ المُمَيِّزِ رِوايَتان. وقال في «الانْتِصارِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، والمُصَنِّفُ في بابِ الحَجْرِ، وغيرُهم: في صِحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ رِوايَتان. وقدَّم في «التَّبْصِرَةِ» ، صِحَّةَ
(1) يأتي في صفحة 99.
وَيَحْصُلُ الْعِتْقُ بِالْقَوْلِ وَالْمِلْكِ؛ فَأمَّا الْقَوْلُ فَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ
ــ
عِتْقِ المُمَيِّزِ، والسَّفِيهِ، والمُفْلِسِ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله: يَصِحُّ عِتْقُه. انتهى. ونقَل أبو طالِبٍ، وأبو الحارِثِ، وابنُ مُشَيشٍ، صِحَّةَ عِتْقِه. وإذا قُلْنا بصحَّةِ عِتْقِه، فضَبَطَه طائفة بعَقْلِه العتقَ. وقاله الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايةِ ابنِه (1) صالحٍ، وأبي الحارِثِ، وابنِ مُشَيشٍ. وضَبَطَه طائفةٌ بعَشْر في الغُلامِ، وبتِسْعٍ في الجارِيَةِ، كما ذَكَرْناه عن صاحِبِ «المُبْهِجِ» ، و «التَّرْغيبِ» . وقال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايةِ أبي طالِبٍ، في الغُلامِ الذي لم يَحْتَلِمْ يُطَلِّقُ امْرأَتَه: إذا عقَل الطَّلاقَ، جازَ طلاقُه، ما بينَ عَشْرِ سِنِينَ إلى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سنةً، وكذلك إذا أعْتَقَ، جازَ عِتْقُه. انتهى. وممَّن اخْتارَ مِن الأصحابِ صِحَّةَ عِتْقِه، أبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، ذكَرَه في آخِرِ كتابِ المُدَبَّرِ مِن الخِلافِ، فقال: وتَدْبيرُ الغُلامِ إذا كان له عَشْرُ سِنِينَ، صحيحٌ، وكذلك عِتْقُه، وطَلاقُه. انتهى. وتقدَّم بعضُ ذلك في أوائلِ كتابِ البَيعِ، وبابِ الحَجْرِ (2).
تنبيه: ظاهرُ قوله: فأمَّا القَوْلُ فَصَرِيحُه لَفْظُ العِتْقِ والْحُرِّيَّةِ كيفَ صُرِّفَا. أنَّ العِتْقَ يحْصُلُ بذلك ولو تجَرَّدَ عنِ النيةِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مع القَوْلِ الصَّريحِ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: نِيَّةُ قَصْدِ الفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ، تحَرُّزًا مِن النّائمِ ونحوه، ولا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ العبادَةِ (3)
(1) زيادة من: ا.
(2)
تقدم في 11/ 21، وفي 13/ 315.
(3)
في ط: «النفاذ» .
وَالْحُرِّيَّةِ، كَيفَ صُرِّفَا.
ــ
ولا القُرْبَةِ، فيقَعُ عِتْقُ الهازِلِ. انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: الإمامِيَّةُ يقُولُونَ: لا ينْفُذُ إلَّا إذا قصَد به القُرْبَةَ. قال: وهذا يدُلُّ على اعْتِبارِ النِّيَّةِ لوُقُوعِه، فإنَّهم جعَلُوه عِبادَةً. قال: وهذا لا بَأْسَ به. انتهى. ويَحْتَمِلُ عَدَم العِتْقِ بالصَّريحِ، إذا نَوَى به غيرَه. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه.
فائدة: لو قصَد غيرَ العِتْقِ، كقَوْلِه: عَبْدِي هذا حُرٌّ. يريدُ عِفَّتَه وكَرَمَ أخْلاقِه، أو يقولُ له: ما أنتَ إلَّا حُرٌّ. يريدُ به عدَمَ طاعَتِه، ونحوَ ذلك، لم يَعْتِقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: هو كالطَّلاقِ فيما يتَعَلَّقُ باللَّفْظِ، والتَّعْليقِ، ودَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عن صَرِيحِه. قال أبو بَكْرٍ: لا يخْتَلِفُ حُكْمُهما في اللَّفْظِ والنِّيَّةِ. وجزَم في «التبصِرَةِ» ، أنَّه لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وعلى الأوّلِ، لو أرادَ العَبْدُ إحْلافَه، كان له ذلك. نصَّ عليه.
تنبيه: قولُه: صَرِيحُه لَفْظُ العِتْقِ والحُرِّيَّةِ كيفَ صُرِّفا. ليس على إطْلاقِه، فإنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأَلْفاظَ المُتَصَرِّفَةَ منه خَمْسَةٌ؛ ماضٍ، ومُضارِعٌ، وأمْرٌ، واسْمُ فاعِلٍ، واسْمُ مَفْعولٍ، والمُشْتَقُّ منه؛ وهو المَصْدَرُ. فهذه سِتَّةُ ألْفاظٍ، والحالُ أنَّ الحُكْمَ لا يَتَعَلَّقُ بالمُضارِعِ ولا بالأمْرِ، لأنَّ الأوَّلَ وَعْدٌ، والثَّانِي لا يصْلُحُ للإنْشاءِ، ولا هو خَبَرٌ، فيكونُ لَفْظُ المُصَنفِ عامًّا أُرِيدَ به الخُصوصُ. وقد ذكَرَ مِثْلَ هذه العِبارَةِ في بابِ التَّدْبيرِ، وصَرِيحِ الطَّلاقِ. وكذا ذكَر غيرُه مِنَ الأصحابِ، ومُرادُهم ما قُلْنا.
وَكِنَايَتُهُ: خَلَّيتُكَ، وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ، وَاذْهَبْ حَيثُ شِئْتَ، وَنَحْوُهَا. وَفِي قَوْلِهِ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيكَ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيكَ، وَلَا مِلْكَ لِي
ــ
قوله: وفي قولِه: لا سَبِيلَ لي عليكَ، ولا سُلْطَانَ لي عليكَ، ولا مِلْكَ لي عليكَ، ولا رِقَّ لِي عليكَ، وفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، وأنتَ مَوْلاي، وأنتَ للهِ، وأنتَ سائِبَةٌ. رِوَايَتَان. وكذا. لا خِدْمَةَ لي عليكَ. و: مَلَّكْتُكَ نَفْسَكَ. وأطْلَقَهما في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «البُلْغَةِ» ،
عَلَيكَ، ولَا رِقَّ لِي عَلَيكَ، وَفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، وَأنْتَ مَوْلَايَ، وَأَنْتَ لِلَّهِ، وَأنْتَ سَائِبَةٌ. رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَالأُخْرَى، كِنَايَةٌ
ــ
و «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» ، في قوْلِه: فكَكْتُ رَقَبَتَك، وأنتَ سائِبَةٌ، وأنتَ مَوْلاي، وَمَلَّكْتُك رَقَبَتَك. إحْدَاهما، صَرِيحٌ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال ابنُ رَزِينٍ: وفيه بُعْدٌ. والرِّوايةُ الثَّانية، كِنايَة. صحَّحَه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وجزَم به في «المُنَورِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِيِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «إدْراكِ الغايةِ» . وصحَّحَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، وقدَّمه. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّ قوْلَه: لا سَبِيلَ لي عليكَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا سُلْطانَ لي عَليكَ. كِنايَةٌ. وقال القاضي في قَوْلِه: لا مِلْكَ لي عَلَيكَ، ولا رِقَّ لي عَلَيكَ، وأنتَ للهِ. صريحٌ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال: ومِنَ الكِنايَةِ قوْلُه: لا سُلْطانَ لي عَلَيكَ، ولا سَبِيلَ لي عَلَيكَ، وفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، ومَلَّكْتُكَ نفْسَكَ، وأنتَ مَوْلَاي، وسائِبَةٌ. في أصحِّ الروايتَين. وقطَع في «الإيضاحِ» أنَّ قوْلَه: لا مِلْكَ لي عَلَيكَ، وأنتَ للهِ. كِنايَةٌ. وقال: اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في ثلاثَةِ ألْفاظٍ؛ وهي: لا سَبِيلَ لي عَلَيكَ، ولا سُلْطانَ، وأَنْتَ سائِبَةٌ.
وَفِي قَوْلِهِ لِأمَتِهِ: أنْتِ طَالِقٌ. أوْ: أنْتِ حَرَامٌ. رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَالْأُخْرَى، لَا تَعْتِقُ بِهِ وَإنْ نَوَى.
ــ
وقال ابنُ البَنَّا في «خِصالِه» : قوْلُه: لا مِلْكَ لِي عليكَ، ولا رِقَّ لِي، وأنتَ للهِ. صَرِيحٌ. وقال: اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ في ثلاثَةِ ألْفاظٍ. وهي التي ذكَرَها في «الإِيضاحِ» . وظاهِرُ كلامِه في «الواضِحِ» ، أنَّ قوْلَه: وَهَبْتُكَ للهِ. صريحٌ. وسَوَّى القاضي وغيرُه بينَها وبينَ قوْلِه: أنْتَ للهِ. وقال في «المُوجَزِ» : هي وقوْلُه: رَفَعْتُ يَدِي عنكَ إلى اللهِ. كِنايَةٌ.
قوله: وفي قَوْلِه لأَمَتِه: أنتِ طَالِقٌ. أو: أنتِ حَرامٌ. رِوايَتَان. وأطْلَقَهما في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِي» ، و «الكافِي» ، و «البُلْغَةِ» و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، إحْداهما، كِنَايَة. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «نَظْمِه» ، و «المُنَورِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الرعايتَين» ، و «إدْراكِ الغايةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في قوْلِه: أنْتِ حَرامٌ. والروايةُ الثانيةُ، أنَّه لَغْوٌ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في قوْلِه: أنتِ طالِقٌ. وصحَّح
وَإنْ قَال لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أكْبَرُ مِنْهُ: أنْتَ ابْنِي. لَمْ يَعْتِقْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ.
ــ
المُصَنِّفُ، والشارِحُ، أنَّه كِنايَةٌ، في قوْلِه: أنتِ حرامٌ. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في قوْلِه: أنْتِ طالِق. وقال في «الانْتِصارِ» : حُكْمُ قوْلِه لها: اعْتَدِّي. حُكْمُ هذه المَسْأَلَةِ، وأنَّه يَحْتَمِلُ مِثْلُه في لَفْظِ الظِّهارِ.
قوله: وإذا قال لِعَبْدِه، وهو أكبَرُ منه: أنتَ ابنِي. لم يَعْتِقْ. ذكَره القاضِي. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ» : لم يَعْتِقْ في الأصح. وجزَم به في «الوَجيزِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. وهو تخْريجُ وَجْهٍ لأبي الخَطابِ. قال أبو الخَطَّابِ، وتَبِعَه في «الحاوي الصَّغِيرِ»: لا نَصَّ فيها، إلَّا أنَّ القاضيَ قال: لا يَعْتِقُ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ.
تنبيه: قوْلُه: وإذا قال لِعَبْدِه، وهو أكبَرُ منه. قال ذلك المُصَنِّفُ على سَبيلِ ضَرْب المِثالِ، وإلَّا فحيثُ قال ذلك لمَن لا يُمْكِنُ كوْنُه منه، فإنَّه داخِلٌ في المَسْألَةِ، وإذا أمْكَنَ كوْنُه منه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ للعَبْدِ نَسَىبٌ مَعْروفٌ أوْ لا؛ فإنْ لم يَكُنْ له نسَبٌ مَعْروفٌ، عتَق عليه، وإنْ كان له نَسَبٌ مَعْروفٌ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يَعْتِقُ عليه أيضًا؛ لاحْتِمالِ أنْ يكونَ وَطِئَ بشُبْهَةٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وقاله القاضي في «خِلافِه» ، وابنُه أبو الحُسَينِ، والآمِدِيُّ. وقيل: لا يَعْتِقُ؛ لكَذِبه شَرْعًا. وهو احْتِمالٌ في «انْتِصارِ أبي الخَطّابِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» .
تنبيه: قال ابنُ رَجَب، وتَبِعَه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: هذا جَمِيعُه مع إطْلاقِ اللَّفْظِ، أما إنْ نَوَى بهذا اللَّفْظِ الحُريَّةَ، فيَنْبَغِي عِتْقُه بهذه النيةِ مع هذا اللَّفْظِ. قال ابنُ رَجَبٍ: ثم رَأَيتُ أبا حَكِيمٍ وَجَّهَ القَوْلَ بالعِتْقِ، وقال: لجَوازِ كوْنِه كِنايَةً في العِتْقِ.
فائدة: لو قال لأصْغَرَ منه: أنْتَ أبِي. فالحُكْمُ كما لو قال لأكْبَرَ منه: أنْتَ ابنِي. قاله في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وقاسَه في «الرِّعايتَين» على الأوَّلِ مِن عندِه.
وَإذَا أعتَقَ حَامِلًا عَتَقَ جَنِينُهَا، إلا أن يَسْتَثْنِيَهُ.
ــ
فائدةٌ أخْرَى: لو قال: أعْتَقْتُكَ -أو: أنتَ حر- مِن أَلْفِ سَنَةٍ. لم يَعْتِقْ. وقال في «الانْتِصارِ» : ولو قال لأمَتِه: أنْتِ ابْنِي. أو لعَبْدِه: أنْتَ بِنْتِي. لم يَعْتِقْ.
فائدة: لو قال لزَوْجَتِه، وهي أكبَرُ منه: هذه ابنَتِي. لم تَطْلُقْ بذلك، بلا نِزاعٍ.
قوله: وإنْ أعْتَقَ حامِلًا عتَق جَنِينُها، إلَّا أنْ يَسْتَثْنِيَه، وإنْ أَعْتَقَ ما في بَطْنِها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دُونَها، عتَق وحدَه في الحالِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليهما (1). وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والقَوْلُ بعِتْقِ جَنِينها معها إلَّا أنْ يسْتَثْنِيَه، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.
(1) في ا: «عليه» .
وَإنْ أعتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَها، عَتَقَ وَحْدَهُ.
ــ
وقيل: لا يَعْتِقُ الحَمْلُ فيهما حتى تضَعَه حيًّا، فيكونَ كمَنْ عُلقَ عِتْقُه بشَرْطٍ، فيجوزَ بَيعُه قبلَ وَضْعِه تَبَعًا لأُمِّه. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، نصَّ عليها في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِينَ». وقال بعدَ ذلك: وقِياسُ ما ذكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ، أَنه لا يَعْتِقُ بالكُليَّةِ فيما إذا أعْتَقَ حامِلًا؛ إذْ هو كالمَعْدُومِ قبلَ الوَضْعِ. قال: وهو بعيدٌ جِدًّا. وتَوَقَّفَ الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايةِ ابنِ الحَكَمِ، هل يكونُ الوَلَدُ رقِيقًا إذا اسْتَثْناه مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العِتْقِ؟ وخرَّج ابنُ أبي مُوسى والقاضي، أنَّه لا يصِحُّ اسْتِثْناؤُه، على قِياس (1) اسْتِثْنائِه في البَيعِ.
(1) زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو أعتَقَ أمَةً حمْلُها لغيرِه، وهو مُوسِرٌ؛ كالمُوصَى به، عتَق الحَمْلُ أيضًا وضَمِنَ قِيمَتَه. ذكَره القاضي، وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . واخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطَّابِ. قاله في «القَواعِدِ» . وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يَعتِقُ. جزَم به في «الترْغيبِ» . واخْتارَه في «المُحَرَّرِ» ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» .
وَأمَّا الْمِلْكُ، فَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، لَا يَعْتِقُ إلا عَمُودَا النَّسَبِ.
ــ
قوله: فأمَّا المِلْكُ، فمَن ملَك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عتَق عليه. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يَعْتِقُ إلَّا عَمُودَا النَّسَبِ. قال في «الكافِي»: بناءً على أنَّه لا نفَقَةَ لغيرِهم. وقال في «الانْتِصارِ» : لَنا فيه خِلافٌ. واخْتارَ الآجُرِّيُّ، لا نفَقَةَ لغيرِهم. ورَجَح ابنُ عَقِيلٍ، لا عِتْقَ بالمِلْكِ. وعنه، إنْ مَلَكَه بإرْثٍ، لم يَعْتِقْ. وفي إجْبارِه على عِتْقِه رِوايَتَان. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى. وعنه، لا يَعْتِقُ الحَمْلُ حتى يُولَدَ في مِلْكِه حيًّا. فلو زوَّجَ ابنَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأمَةٍ، فَحَمَلَتْ منه في حَياتِه، ثم وَلَدَتْ بعدَ موتِ جَدِّه، فهل هو مَوْرُوث عنه أو حُرٌّ؟ فيه رِوايَتان. ذكَره في «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
فائدة: لو ملَك رَحِمًا غيرَ مَحْرَمٍ عليه، أو ملَك مَحْرَمًا برَضاعٍ أو مُصاهَرَةٍ، لم يَعْتِقْ. نصَّ عليه في رِوايةِ الجماعةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنه كَرِهَ بَيعَ أخِيه مِنَ الرضاعَ، وقال: يَبِيعُ أَخاه؟!
وَإنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنَ الزِّنَى لَمْ يَعْتِقْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ.
ــ
قوله: وإنْ ملَك وَلَدَه مِن الزِّنَى -يعْنِي وإنْ نزَل- لم يَعْتِقْ في ظاهرِ كلامِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروع» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» وغيرِه: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. ويحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ وهذا الاحْتِمالُ لأبي الخَطَّابِ.
وَإنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيهِ بِغَيرِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيهِ كُلُّهُ، وَعَليهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ. وَإنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيهِ إلا مَا مَلَكَ. وَإنْ مَلَكَهُ بِالْمِيرَاثِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلا مَا مَلَكَ، مُوسِرًا كَانَ أوْ مُعْسِرًا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا.
ــ
فائدة: لو ملَك أباه مِن الزِّنَى، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو ملَك ابنَه مِنَ الزِّنَى. ذكَرَه في «التبصِرَةِ» ، و «الرِّعايةِ» ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: إنْ أرادُوا أنَّ أباه وَلَدُ زنًى، ووَلَدَه وَلَدُ زِنًى منه، فهذا مُحْتَمَل. وإنْ أرادُوا [أنَّ أباه هو الزانِي، وهذا](1) الذي مَلَكَه هوٍ وَلَدُه مِنَ الزِّنَى، فمُسَلَّمٌ. وهوٍ مُرادُهم واللهُ أعلمُ. وإنْ أرادُوا أنَّ أباه وَلَدُ زِنى، ووَلَدَه الذي مَلَكَه ليس مِن زِنى، فهذا غيرُ مُسَلَّم، بل يَعْتِقُ عليه هُنا، وهو داخِلٌ في كلامِهم.
قوله: وإنْ ملَك سَهْمًا مِمَّن يَعْتِقُ عليه بغيرِ المِيراثِ وهو مُوسِرٌ عتَق عليه كُلُّه. اعلمْ أنَّه إذا ملَك جُزْءًا ممن يَعْتِقُ عليه، وكان مِلْكُه له بغيرِ المِيراثِ، فلا يخْلُو،
(1) في ا: «أباه ولد زنى وولده» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إمّا أنْ يكونَ مُوسِرًا، أو مُعْسِرًا؛ فإنْ كان مُوسِرًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُوسِرًا بجَمِيعِه، أو مُوسِرًا ببعضِه؛ فإنْ كان مُوسِرًا بجَمِيعِه، عتَق عليه في الحالِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يَعْتِقُ عليه قبلَ أداءِ القيمَةِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، وصاحِبُ «الفائقِ» ، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. فعليه، لو أعْتَقَ الشرِيكُ قبلَ أدائِها، فهل يصِح عِتْقُه؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: فهل يصِح عِتْقُه؟ يحْتَمِلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَجْهَين؛ أحدُهما، يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، رَحِمَهما اللهُ. والثاني، لا يصِحُّ.
تنبيه: قوْلُه: وعليه قِيمَةُ نَصيبِ (1) شَرِيكِه. بلا نِزاع. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا؛ متى يُقَوَّمُ؟.
فائدة: قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله: له نِصْفُ القِيمَةِ. قال في «الفُروعِ» : لا قِيمَةُ النصْفِ. ورَدَّه ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه» ، وتَأَوَّلَ كلامَ الإمامِ أحمدَ،
(1) في ط ا: «نصف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رحمه الله. قال الزَّرْكَشِيُّ: هل يُقَوَّمُ كامِلًا ولا عِتْقَ فيه، أو قد عتَقَ بعضُه؟ فيه قَوْلان للعُلَماء، أصحُّهما الأوَّلُ -وهو الذي قاله أبوالعَبَّاسِ فيما أظُنُّ- لظاهرِ الحديثِ، ولَأن حقَّ الشَّرِيكِ إنَّما هو في نِصْفِ القِيمَةِ، لا قِيمَةِ النِّصْفِ؛ بدَليلِ ما لو أرادَ البَيعَ، فإنَّ الشرِيكَ يُجْبَرُ على البَيعِ معه. انْتَهى. وكذا الحُكْمُ لو أعْتَقَ شرِيكًا في عَبْدٍ وهو مُوسِر، على ما يأْتِي. وإنْ كان مُوسِرًا ببعضِه، عتَق عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، بقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ به. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال في «الفائقِ»: عتَق بقَدْرِه. في أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يَعْتِقُ إلَّا ما مَلَكَه، والحالةُ هذه.
تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: عتَق كُلُّه. لو كان شِقْصُ شَرِيكِه مُكاتَبًا أو مُدَبَّرًا أو مَرْهُونًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي: يمْتَنِعُ العِتْقُ في المُكاتَبِ والمُدَبَّرِ، إلا أنْ يَبْطُلا، فَيَسْرِيَ حِينَئذٍ. وحيثُ سَرَى، ضَمِنَ حقَّ الشَّرِيكِ بنِصْفِ قِيمَتِه مُكاتَبًا. على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وعنه، يضْمَنُه بما بَقِيَ مِن الكِتابةِ. جزَم به في «الرَّوْضَةِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» . وأما المَرْهونُ، فيَسْرِى العِتْقُ عليه، وتُؤْخذُ قِيمَتُه فتُجْعَلُ مَكانَه رَهْنًا. قاله في «التَّرْغيبِ» ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروع» .
فائدة: حَدُّ المُوسِرِ هنا؛ أنْ يكونَ حينَ الإعْتاقِ قادِرًا على قِيمَةِ الشِّقْصِ، وأنْ يكونَ فاضِلًا عن قُوتِه وقوتِ عِيالِه، يوْمَه وليلَتَه، كالفِطْرَةِ، على ما تقدَّم هناك. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرْء» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ»: اليَسارُ هنا؛ أنْ يكونَ له فَضْلٌ عن قُوتِه وقُوتِ عيالِه، يوْمَه وليلَتَه، وما يفْتَقِرُ إليه مِن حَوائِجِه الأصْلِيَّةِ، مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكُسْوَةِ والمَسْكَنِ وسائرِ ما لا بُدَّ منه. نقَلَه عنه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولم أرَه فيه، وإنَّما فيه أنَّ يكونَ مالِكًا مبْلَغ حِصَّةِ شَريكِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. وأوْرَدَه ابنُ حَمْدانَ مذهبًا. وقال في «المُغْنِي» (1): مُقْتَضَى نَصِّه؛ لا يُباع له أصْلُ مالٍ. قال في «الفائقِ» : ولا يُباعُ له دارٌ ولا رِباعٌ. نصَّ عليه. وقال في «الرِّعايةِ» : وقيلَ: بل إنْ كان ما يَغْرَمُه المَوْلَى فاضِلًا عن قُوتِ يوْمِه وليلَتِه. قلتُ: وعن قُوتِ مَن تَلْزَمُه نفَقَتُه فيهما، ما لا بُدَّ لهما منه. انتهى. والاعْتِبارُ باليَسارِ والإِعْسارِ حالةَ العِتْقِ؛ فلو أيسَرَ المُعْسِرُ بعدَه، لم يَسْرِ إليه، ولو أعْسَرَ المُوسِرُ لم يسْقُطْ ما وجَب عليه. نصَّ على ذلك.
قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا -يعْنِي بجمِيعِه- لم يَعْتِقْ عليه إلَّا ما ملَك. وهذا المذهبُ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ،
(1) 14/ 356.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وعنه، يَعْتِقُ كُله، ويُسْتَسْعَى العَبْدُ في بقِيَّته. نَصَرَه في «الانْتِصارِ» . واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمهم الله. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قِيمَةُ حِصَّةِ الشريكِ في ذِمةِ العَبْدِ، وحُكْمُه حُكْمُ الأحْرارِ، فلو ماتَ وبيَدِه مالٌ، كان لسَيِّدِه ما بَقِيَ مِنَ السِّعايَةِ، والباقي إرْث، ولا يرْجِعُ العَبْدُ على أحَدٍ بشيءٍ. وهذا الصَّحيحُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِينَ. وهو كما قال، فإنَّهم
وَإنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَجَدَعَ أنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، عَتَقَ عَلَيهِ. نَصَّ
ــ
قالوا: يَعْتِقُ العَبْدُ كُلُّه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَعْتِقَ حتى يُؤَدِّيَ حقَّ السِّعايَةِ. واخْتارَه أبو الخَطابِ في «الانْتِصارِ» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . فيكونُ حُكْمُه حُكْمَ عَبْدٍ بعضُه رَقِيق، فلو ماتَ كان للشَّرِيكِ مِن مالِه مثلُ ما لَهُ، عندَ مَن لم يقُل بالسِّعايةِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» .
قوله: وإِنْ ملَكَه بالمِيراثِ، لم يَعْتِقْ منه إلَّا ما ملَك، مُوسِرًا كان أوْ مُعْسِرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الجامِعِ» ، و «الكافِي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وصححه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، اُنهْ يَعْتِقُ عليه نَصِيبُ الشريكِ إنْ كان مُوسِرًا. نصَّ عليها في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ.
قوله: وإِنْ مَثَّلَ بعَبْدِه فجدَع أَنْفَه أوْ أُذُنَه ونَحْوَه -وكذا لو حَرَّق عُضْوًا منه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : أو أحْرَقَه بالنَّارِ- عتَق عليه. نصَّ عليه، للأَثَرِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَررِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال القاضي: القِياسُ أنه لا يَعْتِقُ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا يَعْتِقُ المُكاتَبُ.
عَلَيهِ. قَال الْقَاضِي: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ.
ــ
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سواءٌ قصَد التمْثِيلَ به أو لم يقْصِدْه. وهو أحدُ الوَجْهَين. قال في «الفائقِ»: ولم يشْتَرِطْ غيرُ ابنِ عَقِيلٍ القَصْدَ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» . وقيل: يُشْتَرَطُ القَصْدُ في ذلك. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» .
فوائد؛ إحْداها، حيثُ قُلْنا: يعتِقُ بالتمْثِيلِ. يكونُ الوَلاءُ لسَيِّدِه. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ». وقيل: لبَيتِ المالِ. ذكَرَه في «الرِّعايةِ» . وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُصْرَفُ في الرِّقابِ، قال: وهو قِياسُ المذهبِ. قال في «الفائقِ» : قلتُ: واخْتارَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . وقال أيضًا في «الفائقِ» : ويَتَوَجه في العَمَلِ به كقَوْلِ ابنِ عَقِيلٍ، وإنْ لم يُشْتَرَطْ، فكالمَنْصُوصِ. الثَّانيةُ، هل يَعْتِقُ بمُجَرَّدِ المُثْلَةِ، أو يُعْتِقُه عليه السُّلْطانُ؟ قال في «الفائقِ»: يحْتَمِلُ رِوايتَين مِن كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال في رِوايَةٍ: يعْتِقُ. وقال في رِوايَةٍ: يُعْتِقُه السُّلْطانُ. وهما رِوايَتان عن
وَإذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ.
ــ
الإمامِ مالكٍ، رحمه الله. والمَعْروفُ في المذهبِ؛ أَنه يَعْتِقُ عليه بمُجَرَّدِ ذلك. قاله في «القَواعدِ» . وظاهِرُ رِوايَةِ المَيمُونِيِّ، يُعْتِقُه (1) السُّلْطانُ عليه. وقال في «الفائقِ» أيضًا: ولو مثَّلَ بعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، سرَى العِتْقُ إلى باقِيه وضَمِنَ للشَّرِيكِ (2). ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: لو اسْتَكْرَهَ المالِكُ عَبْدَه على الفاحِشةِ، عتَق عليه. وهو أحدُ القَوْلَين في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وهو مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بالعِتْقِ بالمُثْلَةِ. ولو اسْتَكْرَه أمَةَ امْرَأَتِه على الفاحِشَةِ، عَتَقَتْ، وغَرِمَ مثلَها لسَيِّدَتِها. قاله الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، في رِوايَةِ إسْحاقَ. الرَّابعةُ، مَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو مَثَّلَ بعَبْدِ غيرِه، لا يَعْتِقُ عليه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: يتَوَجَّهُ أنْ يَعْتِقَ. واخْتارَه. الخامسةُ، مَفْهومُه أيضًا، أنَّه لو لعَن عَبْدَه، لا يَعْتِقُ عليه بذلك. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وذكَر ابنُ حامِدٍ، عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أَنه قال: مَن لعَن عَبْدَه، فعليه أنْ يُعْتِقَه، أو لعَن شيئًا مِن مالِه، أنَّ عليه أنْ يتَصَدَّقَ به. قال: ويَجِئُ في لَعْنِ زَوْجَتِه، أنَّه يلْزَمُه أنْ يُطَلِّقَها. قال ابنُ رَجَبٍ في شَرْحِ حَديثِ «ليبك»: ويَشْهَدُ لهذا في الزَّوْجَةِ، وُقوعُ الفُرْقَةِ بينَ المُتَلاعِنَين لَمّا كان أحدُهما كاذِبًا في نَفْسِ الأمْرِ، قد حقَّتْ عليه اللَّعْنَةُ أو الغَضَبُ. السَّادِسةُ، لو وَطيء جارِيَتَه المُباحَةَ التي لا يُوطَأُ مثلُها، فأفْضاها، عَتَقَتْ، وإلَّا فلا. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرى» .
قوله: وإنْ أعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَه فمالُه للسَّيِّدِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ.
(1) في ط: «يعتق» .
(2)
في ط: «الشريك» .
وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِلعَبْدِ.
ــ
جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، للعَبْدِ.
فائدة: مِثلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أعْتَقَ مُكاتَبَه وبيَدِه مالٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، له. وإنْ فضَل فَضْلٌ بعدَ أداءِ الكِتابَةِ، فهو للمُكاتَبِ.
فَصْلٌ: وَإذَا أعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ مُعَيَّنًا أوْ مُشَاعًا عَتَقَ كُلُّهُ.
ــ
تنبيه: قوله: وإنْ أعْتَقَ جُزْءًا مِن عَبْدِه مُعَيَّنًا أو مُشاعًا عتَق كُلُّه. مُرادُه، إذا أعْتَقَ غيرَ شَعَرِه وظفْرِه وسِنِّهِ، ونحْوَه.
وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَعَليهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِشَرِيكِهِ.
ــ
قوله: وإنْ أعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، وهو مُوسِرٌ بقيمَةِ باقِيه، عتَق كُلُّه. بلا نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. لكِنْ لو كان مُوسِرًا ببعضِه، فإنَّه يَعْتِقُ منه بقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَعْتِقُ منه إلَّا حِصَّبتُه فقط. وتقدَّم ذلك قريبًا، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم أيضًا، هل يُوقَفُ العِتْقُ على أداءِ القِيمَةِ أمْ لا؟.
قوله: وعليه قِيمَةُ باقِيهِ يَوْمَ العِتْقِ لشَرِيكِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، ونصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَعْروفُ المَشْهورُ. وفي «الإرْشادِ» وَجْهٌ، أنَّ عليه قِيمَتَه يوْمَ تَقْويمِه. وحكاه الشِّيرازِيُّ أيضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قِياسُ القَوْلِ الذي لَنا في الغَصْبِ. وكذا الحُكْمُ لو عتَق عليه كُلُّه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو عُدِمَتِ البَيِّنةُ بقِيمَتِه، فالقَوْلُ قوْلُ المُعْتِقِ. جزَم به في «المُغنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقال في «الفائقِ»: ويُقْبَلُ فيها قوْلُ الشَّريكِ مع عدَمِ البَيِّنةِ. فَلَعَلَّه سَبْقَةُ قَلَمٍ.
وَإنْ أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فِيهِ عِتْقٌ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ إلا نَصِيبُهُ، وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ. وَعَنْهُ، يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ غَيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيهِ.
ــ
قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا لم يَعْتِقْ إلا نَصِيبُه، ويَبْقَى حَقُّ شَرِيكِه فيه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يَعْتِقُ كُلُّه، ويُسْتَسْعَى العَبْدُ في قِيمَةِ باقِيهِ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه. وتقدَّم ذلك كُلُّه وأحْكامُه وفرُوعُه، والخِلافُ فيه، وما يتعَلَّقُ بذلك مِنَ الفُروعِ قريبًا عندَ قوْلِه: وإنْ ملَك سَهْمًا ممَّن يَعْتِقُ عليه. فإنَّ الحُكْمَ هنا وهناك واحِدٌ عندَ الأصحابِ، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: يأْتِي قريبًا، إذا أعْتَقَ الكافِرُ نَصِيبَه مِن مُسْلِم، هل يَسْرِي أمْ لا؟
وَإذَا كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثةٍ؛ لِأحَدِهِمْ نِصْفُهُ، ولآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِثَالِثٍ سُدْسُهُ، فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ السُّدْسِ مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ، عَتَقَ عَلَيهِمَا وَضَمِنَا حَقَّ شَرِيكِهِمَا فِيهِ نِصْفَينِ، وَصَارَ وَلَاؤهُ بَينَهُمَا أَثلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَاهُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيهِمَا فِيهِ.
ــ
قوله: وإذا كان العَبْدُ لثَلاثَةٍ؛ لأحَدِهم. نِصْفُه، ولآخَرَ ثُلُثُه، ولِلثالِثِ سُدْسُه، فأعْتَقَ صاحِبُ النِّضفِ وصاحِبُ السُّدْسِ مَعًا. وهما مُوسِرَان، عتَق عليهما وضَمِنَا حَق شَرِيكِهما فيه نِصْفَين، وصارَ وَلاوه بينَهما أثْلَاثًا. وهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، والخِرَقِيُّ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ المَجْزومُ به بلا رَيب. ويحْتَمِلُ أنْ يَضْمَناه على قَدْرِ مِلْكَيهما فيه. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» . وجزَم به في «المُذْهَبِ» ، إلَّا أنْ تكونَ النُّسْخَةُ مغْلُوطَةً.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: يُتَصَوَّرُ عِتْقُهما معًا في صُوَرٍ؛ منها، أنْ يتَّفِقَ لفْظُهما بالعِتْقِ في آنٍ واحِدٍ. ومنها، أنْ يُعَلِّقاه على صِفَةٍ واحدَةٍ. ومنها، أنْ يُوَكِّلا شَخْصًا يُعْتِقُ عنهما، أو يُوَكِّلَ أحدُهما الآخَرَ.
وَإِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُوسِرٌ، سَرَى إِلى بَاقِيهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ.
ــ
قوله: وإذا أَعْتَقَ الكافِرُ نَصِيبَه مِن مُسْلِمٍ وهو مُوسِرٌ، سرَى إلى باقِيهِ، في أَحَدِ الوجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال في «الفائقِ»: سرَى إلى سائرِه في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . والوَجْهُ الثَّاني، لا يَسْرِى. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فمَن بعدَه. قال ابنُ رَزِينٍ: وليس بشيءٍ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وتقدَّم في كتابِ البَيعِ، هل يصِحُّ شِراءُ الكافِرِ مُسْلِمًا يَعْتِقُ عليه بالرَّحِمِ، أمْ لا؟
وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَينِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ، وَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ. وَلَا وَلَاءَ عَلَيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ــ
وتقدَّم في بابِ الوَلاءِ؛ إذا قال الكافِرُ لرَجُلٍ: أعْتِقْ عَبْدَك المُسْلِمَ عَنِّي وعليَّ ثَمَنُه. هل يصِحُّ أمْ لا؟
فائدة: لو قال: أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي. كان لَغْوًا. ولو قال: أعْتَقْتُ النِّصْفَ. انْصَرَفَ إلى مِلْكِه، ثم سرَى؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه أرادَ نَصِيبَه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في دارٍ بينَهما، فقال أحدُهما: بِعْتُك نِصْفَ هذه الدَّارِ. لا يجوزُ، إنَّما له الرُّبْعُ مِنَ النِّصْفِ، حتى يقولَ: نَصِيبِي. ولو وَكَّلَ أحدُهما الآخَرَ فأَعْتَقَ نِصْفَه ولا نِيَّةَ، ففي صَرْفِه إلى نصِيبِ مُوَكِّلِه، أمْ نَصِيبِه، أمْ إليهما، احْتِمالاتٌ في «المُغْنِي». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عِتْقُ نَصِيبِه لا غيرُ.
قوله: وإِذا ادَّعَى كُلُّ واحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَين أَنَّ شَرِيكَه أَعْتَقَ نَصِيبَه منه، وهما
وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَينِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ــ
مُوسِرَان، فَقَدْ صار العَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرافِ كُلِّ واحِدٍ منهما بِحُرِّيَّتِه، وصارَ مُدَّعِيًا على شَرِيكِه قِيمَةَ حَقِّه منه، ولا ولاءَ عليه لواحِدٍ منهما. وإنْ كانا مُعْسِرَين، لم يَعْتِقْ على واحِدٍ مِنهما. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. لكِنْ للعَبْدِ أنْ يحْلِفَ مع كلِّ واحدٍ منهما، ويَعْتِقَ جمِيعُه، أو مع أحَدِهما، ويَعْتِقَ نِصْفُه، إذا قُلْنا: إنَّ العِتْقَ يثْبُتُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بشاهِدٍ ويَمِينٍ. وكان عَدْلًا على ما يأْتِي. ذكَرَه الأصحابُ. وذكَر ابنُ أبي مُوسى، لا يُصَدَّقُ أحدُهما على الآخَرِ. وذكَرَه أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ» ، وعللَه بأنَّهما خَصْمان، ولا شَهادَةَ لخَصْمٍ على خَصْمِه.
وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِهِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَعْتِقُ جَمِيعُهُ.
ــ
قوله: وإنِ اشْتَرَى أَحدُهما نَصِيبَ صاحِبِه، عتَق حينَئذٍ ولم يَسْرِ إلى نَصِيبِه. يعْنِي إذا كانا مُعْسِرَين، أوْ كان البائعُ وحْدَه مُعْسِرًا. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يَعْتِقُ جميعُه. قال النَّاظِمُ: وليس ببعيدٍ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ» . فعلى قوْلِ أبي الخَطَّابِ، لا وَلاء له فيما اشْتَراه مُطْلَقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ». وقيل: له وَلاؤُه كلُّه، إنْ أكْذَبَ نفْسَه.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ وَحْدَهُ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِذَا قَال أَحَدُ الشَّرِيكَينِ: إِذَا أعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ. فَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيهِ.
ــ
قوله: وإذا قال أَحَدُ الشَّرِيكَين: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فنَصِيبِي حُرٌّ. فَأَعْتَقَ الأَوَّلُ
وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبُهُ.
ــ
وهو مُوسِرٌ، عتَق كُلُّه عليه (1). وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: يَعْتِقُ عليهما. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ.
(1) سقط من: ط، ا.
وَإِنْ قَال: إِذَا أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِكَ. فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ، عَتَقَ عَلَيهِمَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا.
ــ
قوله: وإذا قال: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فنَصِيبِي حُرٌّ مَع نَصِيبِك. فأَعتَقَ نَصِيبَه، عتَق عليهما، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ عِتْقُه عليهما. قال في «المُسْتَوْعِبِ» : قاله أصحابُنا. قال الشَّارِحُ: وهذا أَوْلَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ كُلُّه على المُعْتِقِ الأوَّلِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحْداها، وكذا الحُكْمُ والخِلافُ والمذهبُ، فيما إذا قال: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك، فنَصِيبي حُرٌّ قبلَ إعْتاقِك. قاله في «الفُروعِ». وقيل: يعْتِقُ جميعُه على صاحِبِ الشَّرْطِ بالشَّرْطِ، ويَضْمَنُ حقَّ شَرِيكِه. اخْتارَه في «المُسْتَوْعِبِ» . ومع إعْسارِهما يَعْتِقُ عليهما. الثَّانيةُ، لو قال لأمَتِه: إنْ صَلَّيتِ مكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، فأَنْتِ حُرَّةٌ قبلَه. فصَلَّتْ كذلك، عَتَقَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في
فَصْلٌ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ؛ كَدُخُولِ الدَّارِ، وَمَجِئِ الْأَمْطَارِ. وَلَا يَمْلِكُ إِبْطَالهَا بِالْقَوْلِ. وَلَهُ بَيعُهْ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ، وَغَيرُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَادَ إِلَيهِ عَادَتِ الصِّفَةُ.
ــ
«الفُروعِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، ذكَرَه آخِرَ البابِ، وقال: صَلاةٌ صحيحةٌ. وقيل: لا تَعْتِقُ. جزَم به أبو المَعالِي؛ لبُطْلانِ الصِّفَةِ بتَقَدُّمِ المَشْرُوطِ. الثَّالثةُ، لو قال: إنْ أَقْرَرْتُ بكَ لزَيدٍ، فأَنْتَ حُرٌّ قبلَه. فأَقَرَّ له به، صحَّ إقْرارُه فقط. الرَّابعةُ، لو قال: إنْ أَقْرَرْتُ بك له، فأَنْتَ حُرٌّ ساعةَ إقْرارِي. لم يصِحَّ الإِقْرارُ ولا العِتْقُ.
قوله: ويصِحُّ تَعْليقُ العِتْقِ بالصِّفاتِ؛ كدُخُولِ الدَّارِ، ومَجِئِ الأَمْطارِ. ولا يَمْلِكُ إِبْطالها بالقَوْلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، وأكْثَرُهم قطَع به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذكَر في «الانْتِصارِ» ، و «الواضِحِ» ، أنَّه يجوزُ له فَسْخُه. ويأْتِي ذلك وغيرُه في أوَّلِ بابِ تَعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ.
قوله: وله بَيعُه وهِبَتُه ووَقْفُه، وغيرُ ذلك. ولا يحْرُمُ عليه وَطْءُ أمَتِه بعدَ تَعْليقِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِتْقِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، لا يطَؤُها.
فائدة: لا يَعْتِقُ قبلَ كَمالِ الصِّفَةِ. على الصحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج القاضي رِوايةً مِن الأَيمانِ بالعِتْقِ. قال في «الفائقِ»: وهو ضعيفٌ. قال النَّاظِمُ: لا يُعْبَأُ بما في «المُجَرَّدِ» . ورَدَّه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ مِن خَمْسَةِ أوْجُهٍ.
إلا أَنْ تَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ، فَهَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: فإنْ عادَ إليه، عادَت الصِّفَةُ. إلا أنْ تكُونَ قد وُجِدَتْ منه في حالِ زَوالِ مِلْكِه، فهل تعُودُ بعَوْدِه؟ على رِوايَتَين. وأطلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، إحْداهما، تعُودُ بعَوْدِه. وهو المذهبُ فيهما. نصّ عليه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «القاعِدَةِ الأرْبَعِين»: أشْهَرُ الرِّوايتَين أنَّها تعُودُ بعَوْدِ المِلْكِ، إذا وُجِدَتِ الصِّفَةُ بعدَ زَوالِ المِلْكِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «العُمْدَةِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَجْرِيدِ العنايةِ» . وفرَّق القاضي بينَ الطَّلاقِ والعِتاقِ؛ فإنَّ مِلْكَ الرَّقيقِ لا ينْبَنِي فيه أحدُ المِلْكَينِ على الآخَرِ، بخِلافِ النِّكاحِ، فإنَّه ينْبَنِي فيه أحدُ المِلْكَين على الآخَرِ في عَدَدِ الطَّلاقِ، على الصَّحيحِ. قال في «القَواعِدِ»: وهذا التَّفْريقُ لا أَثَرَ له؛ إذْ لو كان مُعْتَبَرًا لم يُشْتَرَطْ لعَدَم الحِنْثِ وُجودُ الصِّفَةِ في غيرِ المِلْكِ. انتهى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَعودُ الصِّفَةُ. جزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ في «الطَّريقِ
وَتَبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِه.
فَإِنْ قَال: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ: أنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَهَلْ يَصِحُّ ويَعْتِقُ بِذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
الأَقْرَبِ». قال في «الفائقِ» : وهو أرْجَحُ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» . وعنه، لا تعُودُ الصِّفَةُ، سواءٌ وُجِدَتْ حال زَوالِ مِلْكِه أوْ لا. حكاها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، وذكَرَها مرَّةً قوْلًا.
قوله: وتبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِه. فإِنْ قال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي فأَنْتَ حُرٌّ. أَو: أَنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. فهل يصِحُّ ويَعْتِقُ؟ على رِوايَتَين. ذكَر المُصَنِّفُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَسْأَلَتَين؛ الأُولَى، إذا قال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي، فأَنْتَ حُرٌّ. وأطْلَقَ فيها رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يصِحُّ ولا يَعْتِقُ بوُجودِ الشَّرْطِ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «النَّظْمِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ ويَعْتِقُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «البُلْغَةِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» . فعلى هذه الرِّوايةِ، لا يمْلِكُ الوارِثُ بَيعَه قبلَ فِعْلِه، كالمُوصَى به قبلَ قَبُولِه. قاله جماعةٌ، منهم صاحِبُ «التَّرْغيبِ» . واقْتَصَرَ عليه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» . والمَسْأَلَةُ الثَّانيةُ، إذا قال: أَنْتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فيها الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، في بابِ التَّدْبيرِ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم، إحْداهما، يصِحُّ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «الرِّعايتَين»: صحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ ولا يَعْتِقُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» ، في كتابِ العِتْقِ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ، في بابِ التَّدْبيرِ. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وغالِبُ الأصحابِ يذْكُرُ هذه المَسْألةَ في بابِ المُدَبَّرِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، قال في «فَوائدِ القَواعِدِ»: بَنَى طائفةٌ مِنَ الأصحابِ هاتَين
الرِّوايتَين على أنَّ التَّدْبِيرَ، هل هو تَعْليقُ عِتْقٍ بصِفَةٍ أو وَصِيَّةٌ؟ على ما يأْتِي في بابِ التَّدْبيرِ. فإنْ قُلْنا: التَّدْبيرُ وَصِيَّةٌ. صَحَّ تَقْيِيدُها بصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بعدَ الموْتِ. وإنْ قُلْنا: عِتْق بصِفَةٍ. لم يصِحَّ ذلك. وهؤلاء قالوا: لو صرَّح بالتَّعْليقِ، فقال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ، فأَنْتَ حُرٌّ. لم يَعْتِقْ، رِوايَةً واحدةً. وهي طريقَةُ ابنِ عَقِيلٍ في «إشارَتِه». قال ابنُ رَجَبٍ: والصَّحيحُ أنَّ هذا الخِلافَ ليس مَبْنِيًّا على هذا الأصْلِ. وعلَّلَه، وقال: ومِنَ الأصحابِ مَن جعَل هذا العَقْدَ تَدْبِيرًا، ومنهم مَن ينْفِي ذلك، ولهم في حِكايةِ الخِلافِ فيه أرْبَعَةُ طُرُقٍ، ذُكِرَتْ في غيرِ هذا المَوْضِعِ. الثَّانِي، على القَوْلِ بالصِّحَّةِ، كَسْبُه بعدَ المَوْتِ وقبلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وُجودِ الشَّرْطِ للوَرَثَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله القاضي، وابن عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. ووَجَّهَ في «القَواعِدِ» أنَّ كَسْبَه له (1)، مِن تَصْرِيحِ صاحبِ «المُسْتَوْعِبِ» ، أنَّ العَبْدَ باقٍ على مِلْكِ المَيِّتِ، لا ينْتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ، كالمُوصَى بعِتْقِه.
فائدة: وكذا الحُكْم، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: اخْدُمْ زَيدًا سنَةً بعدَ مَوْتِي، ثم أنْتَ حُرٌّ. فعلى الصِّحَّةِ، لو أَبْرَأَه زَيدٌ مِنَ الخِدْمَةِ، عتَقَ مِن حِينِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَعْتِقُ إلَّا بعدَ سنَةٍ. فإنْ كانتِ الخِدْمَةُ لبِيعَةٍ وهما كافِران، فأَسْلَمَ العَبْدُ، ففي لُزومِ القِيمَةِ عليه لبَقِيَّةِ الخِدْمَةِ رِوايَتَان. ذكَرَهما ابنُ
(1) سقط من: ط.
وَإِنْ قَال: إِنْ دَخَلْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
أبي مُوسى. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ إحْداهما، لا تلْزَمُه، ويَعْتِقُ مجَّانًا. جزَم به في «المُنَوِّرِ» . وهو الصَّوابُ. والروايةُ الثَّانيةُ، تلْزَمُه. ولو قال لجارِيَتِه: إذا خدَمْتِ ابْنِي حتى يسْتَغْنِيَ فأَنْتِ حُرَّةٌ. لم تَعْتِقْ حتى تَخْدُمَه إلى أنْ يَكْبَرَ ويَسْتَغْنِيَ عن الرَّضاعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: لا تَعْتِقُ حتى يسْتَغْنِيَ عن الرَّضاعِ، وعن أنْ يُلْقَمَ الطَّعامَ، وعن التَّنَجِّي مِنَ الغائطِ. نقَل مُهَنَّا، لا تَعْتِقُ حتى يسْتَغْنِيَ. قلت: حتى يحْتَلِمَ؟ قال: لا، دُونَ الاحْتِلامِ.
وَإِنْ قَال: إِنْ مَلَكْتُ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ. أَوْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: وإنْ قال: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أَوْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فهو حُرٌّ. فهل يصِحُّ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ، حتى إنَّ بعضَهم لا يُثْبِتُ ما يُخالِفُه. قال في «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. قال القاضي وغيرُه: اخْتارَه أصحابُنا، ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ»: صحَّ في أصحِّ الرِّوايتَين. قال أبو بَكْرٍ في «الشَّافِي» : لا يخْتَلِفُ قوْلُ أبِي عَبْدِ اللهِ فيه، إلَّا ما رَوَى محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هارُونَ في العِتْقِ، أنَّه لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَعْتِقُ. وما أُراه إلَّا غَلَطًا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيِرِه. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وتقدَّم، إذا علَّقَ عِتْقَ عَبْدِه على بَيعِه، في أَواخِرِ بابِ الشُّروطِ في البَيعِ (1).
(1) انظر ما تقدم في.
وَإِنْ قَالهُ الْعَبْدُ لَمْ يَصِحَّ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ.
ــ
فائدة: لو باعَ أمَةً بعَبْدٍ على أنّ له الخِيارَ ثلاثًا، ثم قال في مُدَّةِ الخِيارِ: هما حُرَّانِ. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ» : لا أعْرِفُ فيها نصًّا عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وقِياسُ المذهبِ عندِي، أنَّه يَعْتِقُ العَبْدُ خاصَّةً؛ لأنَّ عِتْقَه للأمَةِ يتَرَتَّبُ على فَسْخِ البَيعِ، وعِتْقَه للعَبْدِ لا يَتَرَتَّبُ على واسِطَةٍ، فيكونُ العِتْقُ إلى العَبْدِ أسْبَقَ، فيجِبُ أنْ يَعْتِقَ، ولا تَعْتِقَ الأمَةُ. انتهى. قلتُ: ينْبَغِي أنْ ينْبَنِيَ ذلك على انْتِقالِ المِلْكِ في مدَّةِ الخيارِ وعدَمِه؛ فإنْ قُلْنا: ينْتَقِلُ. عتَق العبدُ، وإنْ قُلْنا: لا ينْتَقِلُ. عتَقَتِ الأمَةُ.
قوله: وإنْ قاله العَبْدُ لم يَصِحَّ، في أَصَحِّ الوَجْهَين. يعْنِي، إذا قال العَبْدُ: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أو: كلُّ مَمْلوكٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ. ثم عتَق وملَك، على القَوْلِ بصِحَّتِه مِنَ الحُرِّ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الخُلاصةِ» ، و «النَّظْمِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرَّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ». قال في «الهِدايَةِ»: فإذا قال العَبْدُ ذلك، ثم عتَق وملَك مَمَالِيكَ، فعلى الرِّوايَةِ التي تقولُ: تنْعَقِدُ الصِّفَةُ للحُرِّ. هل تنْعَقِدُ له هذه الصِّفَةُ؟ على وَجْهَين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو قال: أوَّلُ عَبْدٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ. وقُلْنا بصِحَّةِ تعْليقِ العِتْقِ على المِلْكِ، فلم يَمْلِكْ إلَّا واحِدًا فقط، عتَقَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». ذكَراه في تَعْليلِ ما إذا ملَك اثْنَين معًا. وقيل:
وَإِنْ قَال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ. وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ، فَمَلَكَ عَبِيدًا، ثُمّ مَاتَ، فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَكَسْبُهُ لَهُ.
ــ
لا يَعْتِقُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . ويأْتِي قريبًا، إذا ملَك اثْنَين معًا.
قوله: وإِنْ قال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فهو حُرٌّ. وقُلْنا بصِحَّةِ الصِّفَةِ، فملَك عَبيدًا، ثم ماتَ، فآخِرُهم حُرٌّ مِن حينِ الشِّراءِ، وكَسْبُه له. وقد عَلِمْتَ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ الصِّفَةِ عندَ قوْلِه: وإنْ قال: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أو: كُلُّ مَمْلوكٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أشْتَرِيهِ فهو حُرٌّ. فملَك أمَةً ثم ملَك أُخْرَى، لم يجُزْ له وَطْءُ الثَّانيَةِ، لاحْتِمالِ أنْ لا يشْتَرِيَ غيرَها، فتَكونَ حُرَّةً مِن حينِ اشْتَراها. ذكَرَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، لو كان آخِرُ مَنِ اشْتَرى مَمْلوكَين معًا، أو علَّق العِتْقَ على أوَّلِ مَمْلوكٍ ملَكَه، فمَلَكَهما معًا، أو قال لأمَتِهِ: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فهو حُرٌّ. فولَدَتْ وَلَدَين خرَجا معًا، فقيل: يَعْتِقان. [قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هذا قِياسُ قوْلِ الإِمام أحمدَ، رحمه الله](1). وقيل: لا يَعْتِقان. وقيل: يَعْتِقُ واحدٌ بالقُرْعَةِ. وهَو الصّحيحُ مِنَ
(1) زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهب. صحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» . ذكَراه فيما إذا علَّقَ العِتْقَ على أوَّلِ مَمْلوكٍ يمْلِكُه، فملَك اثْنَين معًا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ أيضًا في «شَرْحِه» ، وقال: نصَّ عليه. نقَله مُهَنَّا في أوَّلِ غُلامٍ يطْلُعُ أو امْرأةٍ تطْلُعُ، فهو حُرٌّ، أو طالِقٌ. وذكَر المُصَنِّفُ لَفْظَ الرِّوايَةِ: أوَّلُ مَن يطْلُعُ مِن عَبِيدِي. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» ، وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ» ، في الطَّلاقِ. ولو علَّقَه بأوَّلِ مَن يقومُ، فقُمْنَ معًا، طَلُقْنَ. وفي مُنْفَرِدَةٍ به وَجْهٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال.
وَإِنْ قَال لِأَمَتِهِ: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ. فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا، لَمْ يَعْتِقِ الْأَوَّلُ. وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا عَتَقَ الثَّانِي. وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ، فَأَشْكَلَ الْآخِرُ مِنْهُمَا، أُقْرِعَ بَينَهُمَا.
ــ
قوله: وإِنْ قال لأَمَتِه: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ. فولدَتْ حَيًّا، ثم مَيِّتًا، لم يَعْتِقِ الْأَوَّلُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يَعْتِقُ. وهو قِياسُ قوْلِ القاضي، والشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ. وقدَّمه في «الفائقِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» .
فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ، لو قال لأمَتِه: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ. أو قال: إذا وَلَدْتِ وَلَدًا فهو حُرٌّ. فوَلَدَتْ مَيِّتًا ثم حيًّا، بل جعَلُوا هذه أصْلًا لتِلْك. وصحَّحَ في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» عدَمَ العِتْقِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه. وهو المذهبُ. وقال القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: يعْتِقُ الحَيُّ منهما. وقدَّمه في «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . واقْتَصَرَ عليه في «المُسْتَوْعِبِ» .
قوله: وإِنْ ولَدَتْ تَوْأَمَين، فأَشْكَلَ الآخِرُ منهما، أُقْرِعَ بينَهما. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى» ، و «الحاوي» . وقَدَّمه في «الفُروعِ» . وعنه، يَعْتِقان. واخْتارَ في «التَّرْغيبِ» ، أنَّ مَعْناهما أنَّ أمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ منهما، هل هو القُرْعَةُ أو الانْكِشافُ؟ وكذا الحُكْمُ إنْ عيَّنَهَ ثم نَسِيَه. قاله في «الرِّعايةِ» وغيرِه.
فائدة: لو قال: أوَّلُ غُلامٍ لي يطْلُعُ فهو حُرٌّ. فطلَع عَبِيدُه كُلُّهم، أو قال لزَوْجاتِه: أيَّتُكُنَّ طلَع أوَّلًا، فهي طالِقٌ. فَطَلَعْنَ كلُّهُنَّ، فنَصَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أنَّه يُمَيَّزُ واحِدٌ مِنَ العَبِيدِ وامْرأَةٌ مِنَ الزَّوْجاتِ بالقُرْعَةِ، في رِوايَةِ مُهَنَّا. واخْتَلَفَ الأصحابُ في هذا النَّصِّ؛ فمِنهم مَن حمَلَه على أنَّ طُلُوعَهم كان مُرَتَّبًا، وأشْكَلَ السَّابِقُ. ومنهم مَن أقَرَّ النَّصَّ على ظاهِرِه وأنَّهم طَلَعُوا دَفْعَةً واحدَةً، وقال: صِفَةُ الأوَّلِيَّةِ شامِلَةٌ لكُلِّ واحدٍ منهم بانْفِرادِه، والمُعْتِقُ إنَّما أرادَ عِتْقَ واحدٍ منهم، فيُمَيَّزُ بالقُرْعَةِ. وهي طريقَةُ القاضي في «خِلافِه». ومنهم مَن قال: يَعْتِقُ ويَطْلُقُ الجميعُ؛ لأنَّ الأوَّلِيَّةَ صِفَةٌ لكُلِّ واحدٍ منهم، وَلَفْظَه صالِحٌ للعُمومِ؛ لأنَّه مُفْرَدٌ مُضافٌ. أو يقالُ: الأوَّلِيَّةُ صِفَةٌ للمَجْموعِ لا للأَفْرادِ. وهو الذي ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، في الطَّلاقِ. ومنهم مَن قال: لا يَعْتِقُ ولا يَطْلُقُ أحدٌ منهم؛ لأنَّ الأوَّلَ لا يكونُ إلَّا فَرْدًا لا تعَدُّدَ فيه، والفَرْدِيَّةُ مُشْتَبهَةٌ هنا. وهو الذي ذكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ في الطَّلاقِ، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ
وَلَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِالصِّفَةِ أُمَّهُ فِي الْعِتْقِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ، إلا أنْ تَكُونَ حَامِلًا بِهِ حَال عِتْقِهَا، أَوْ حَال تَعْلِيقِ عِتْقِهَا.
ــ
«الكافِي» . قال في «القَواعِدِ» : ويَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ، وهو أنَّه إنْ طلَع بعدَهم غيرُهم مِن عَبِيدِه وزَوْجاتِه، طَلُقْنَ وعَتَقْنَ، وإلَّا فلا؛ بِناءً على أنَّ الأوَّلَ هو السَّابِقُ لغيرِه، فلا يكونُ أوَّلًا حتى يأْتِيَ بعدَه غيرُه، فتَتَحَقَّقُ له بذلك صِفَةُ الأوَّلِيَّةِ. وهو وَجْهٌ لنا. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. ذكَرَه في آخِرِ «القَواعِدِ» .
قوله: ولا يَتْبَعُ وَلَدُ المُعْتَقَةِ بالصِّفَةِ أُمَّه في العِتْقِ، في أَصَحِّ الوَجْهَين، إلَّا أَنْ تكَونَ حامِلًا حال عِتْقِها، أَوْ حال تَعْلِيقِ عِتْقِها. إذا كانتْ حامِلًا حال عِتْقِها، أو حال تَعْليقِ عِتْقِها، فإنه يتْبَعُها، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنْ وُجِدَ حَمْلٌ بعدَ التَّعْليقِ، ووَضَعَتْه قبلَ وُجودِ الصِّفَةِ، وهي مَسْألَةُ المُصَنِّفِ هنا، فصَحَّحَ عدَمَ التَّبَعِيَّةِ.
وَإِنْ قَال لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيكَ أَلْفٌ. أَوْ: عَلَى أَلْفٍ. عَتَقَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيهِ، وَعَنْهُ، إِنْ لَمْ يَقْبَلِ العَبْدُ لَمْ يَعْتِقْ. وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ. أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْبَلَ.
ــ
وهو المذهبُ. صحَّحَه في «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقدَّمه في «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يتْبَعُها. جزَم به في «الوَجيزِ» . وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» .
فائدة: لا يتْبَعُ الوَلَدُ أُمَّه إذا كان مُنْفَصِلًا حال التَّعْليقِ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه.
قوله: وإذا قال لعَبْدِه: أَنْتَ حُرٌّ وعليكَ أَلْفٌ. أَوْ: على أَلْفٍ. عتَق ولا شَيءَ عليه. إذا قال لعَبْدِه: أنْتَ حُرٌّ وعليك ألْفٌ. عتَق ولا شَيءَ عليه. على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه المُتَأَخِّرونَ مِن أصحابِنا. قال في «الفُروعِ» : يعْتِقُ ولا شيءَ عليه، على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» . وصحَّحه النَّاظِمُ. وعنه، لا يَعْتِقُ إنْ لم يَقْبَلْ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وإذا قال لعَبْدِه: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَعْتِقُ مجَّانًا بلا قَبُولٍ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. ونصَرَه القاضي وأصحابُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، وهو منها. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، إنْ لم يَقْبَلِ العَبْدُ، لم يَعْتِقْ. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهو الصَّحيحُ. وصحَّحَه في «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه» . وقدَّمه في «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» . وذكَر في «الواضِحِ» رِوايَةً، أنَّ قوْلَه: أنْتَ حُرٌّ على ألْفٍ. شَرْطٌ لازمٌ بلا قَبُولٍ، كبَقِيَّةِ الشُّروطِ.
فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو قال له: أنْتَ حُرٌّ على أنْ تُعْطِيَني ألْفًا. أو قال لأمَتِه: أعْتَقْتُكِ على أنْ تُزَوِّجِيني نفْسَكِ. لكِنْ إنْ أبَتْ، لَزِمَها قِيمَةُ نفْسِها.
وَإنْ قَال: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً. فَكَذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ. رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وقيل: تَعْتِقُ مجَّانًا بقَبُولِها. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّها لا تَعْتِقُ إلَّا بالأَداءِ. الثَّانيةُ، لو قال له: أنتَ حُرٌّ بمِائَةٍ. أو: بِعْتُكَ نفْسَك بِمائَةٍ. فقَبِلَ، عتَق ولَزِمَتْه المِائَةُ، وإلَّا فلا. جزَم به في «الرِّعايتَين» ، و «الفروعِ» ، وغيرِهم. وإن لم يَقْبَلْ، لم يَعْتِقْ عندَ الأصحابِ، وقَطَعوا به. وخرَّج الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رحمه الله، وَجْهًا، أنَّه يعْتِقُ بغيرِ شَيءٍ، كما لو قال لها: أنْتِ طالِقٌ بأَلْفٍ. على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَاخِرِ الخُلْعِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ والعِتاقَ فيهما حقٌّ للهِ تَعالى، وليس العِوَضُ رُكْنًا فيهما إذا لم يُعَلِّقْهما عليه. وعلى المذهبِ واخْتِيارِ الأصحابِ، الفَرْقُ بينَهما، أنَّ خُروجَ البُضْعِ في النِّكاحِ غيرُ متَقَوَّمٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما يأْتِي في بابِ الرَّضاعِ، بخِلافِ العَبْدِ؛ فإنَّه مالٌ مَحْضٌ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والخَمْسِينَ بعدَ المِائَةِ» .
قوله: وإنْ قال: أَنْتَ حُرٌّ على أنْ تخْدِمَنِي سَنَةً. فكذلك. يعْني، كقولِه: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. فعلى إحْدَى الرِّوايتَين، يَعْتِقُ مجَّانًا. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، لا يَعْتِقُ حتى يَقْبَلَ. وقد عَلِمْتَ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ في الرِّوايتَين. وهذا إحْدَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطُّرُقِ في المَسْأَلَةِ. وقدَّم هذه الطَّريقَةَ في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ هنا بلا قَبُولٍ، وتلْزَمُه الخِدْمَةُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «المُحَرَّرِ»: هذا ظاهِرُ كلامِه. وجزَم به في «القَواعِدِ» ، وقال: نصَّ عليه. وجزَم به صاحِبُ «الوَجيزِ» . وهي الطَّريقَةُ الثَّانيةُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» بقِيلَ وقيلَ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: إنْ لم يَقْبَلْ، فعلَى رِوايتَين؛ إحْداهما، يَعْتِقُ ولا يلْزَمُه شَيءٌ. والثَّانيةُ، لا يَعْتِقُ. وقدَّما في: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. أنَّه يعْتِقُ مجَّانًا، فخَالفا الطَّرِيقَتَين. وقيل: إنْ لم يقْبَلْ، لم يعْتِقْ. رِوايَةً واحِدَةً. وهي الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ. وعلى كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوي» ، تكونُ طريقةً رابِعَةً. وتقدَّم ذلك في أوَائلَ البابِ.
فوائد؛ الأُولَى، مِثلُ ذلك في الحُكْمِ، لو اسْتَثْنَى نَفْعَه مُدَّةً معْلومَةً. الثَّانيةُ، لو ماتَ السَّيِّدُ في أثْناءِ السَّنَةِ، رجَع الوَرَثَةُ على العَبْدِ بقِيمَةِ ما بَقِيَ مِنَ الخِدْمَةِ. قاله المُصَنِّفُ، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. الثَّالثةُ، يجوزُ للسَّيِّدِ بَيعُ هذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِدْمَةِ. نصَّ عليه. نقَل حَرْبٌ: لا بأْسَ ببَيعِها، مِنَ العَبْدِ أمْ ممَّن شاءَ. وعنه، لا يجوزُ. نصَّ عليه. وهو الصَّوابُ. ذكَر هاتَين الرِّوايتَين ابنُ أبي مُوسى. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» . و «الفُروعِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: لم يذْكُرِ الأصحابُ ما لو اسْتَثْنَى السَّيِّدُ خِدْمَتَه مدَّةَ حَياتِه، وذكَرُوا صِحَّةَ ذلك في الوَقْفِ. قال: وهذا مِثلُه، يُؤيِّدُه، أنَّ بعضَهم احْتَجَّ بما روَاه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ، وشرَطَتْ عليه خِدْمَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ما عاشَ (1). قال: وهذا بخِلافِ شَرْطِ البائعِ خِدْمَةَ المَبِيعِ مدَّةَ حَياتِه؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ يخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأَجْلِه. انتهى. قلتُ: صرَّح بذلك، أعْنِي بجَوازِ ذلك، في «القَواعِدِ» ، في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِينَ» . وتقدَّم ذلك في أوَّلِ البابِ. الخامسةُ، لو باعَه نفسَه بمالٍ في يَدِه، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ»: صحَّ على أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، في الوَلاءِ: وإنِ اشْتَرَى العَبْدُ نفْسَه مِن سَيِّدِه بعِوَضٍ حالٍّ، عتَق والوَلاءُ لسَيِّدِه؛ لأنَّه يبِيعُ ماله بمالِه، فهو مِثلُ المُكاتَبِ سواءٌ، والسَّيِّدُ هو المُعْتِقُ لهما، فكان الوَلاءُ له عليهما. انتهيا. وعنه، لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «التَّرْغيبِ»: مأْخَذُهما، هل هو عَقْدُ مُعاوَضَةٍ أو تَعْليقٌ مَحْضٌ؟ ويأْتِي في الكِتابَةِ، هل تصِحُّ الكِتابَةُ حالَّةً؟. السَّادسةُ، لو قال: إنْ أَعْطَيتَنِي ألْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ. فهو تعْليقٌ مَحْضٌ لا ييطُلُ ما دامَ مِلْكَه، ولا يعْتِقُ بالإِبْراءِ منها، بل بدَفْعِها. نصَّ عليه. وما فضَل عنها فهو لسيِّدِه، ولا يكْفِيه أنْ يُعْطِيَه مِن مِلْكِه؛ إذْ لا مِلْكَ له على أصحِّ الرِّوايتَين، فهو
(1) تقدم تخريجه في صفحة 8.
فصْلٌ: وَإِذَا قَال: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ. عَتَقَ عَلَيهِ مُدَبَّرُوهُ، وَمُكَاتَبُوهُ، وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَشِقْصٌ يَمْلِكُهُ.
ــ
كقْولِه لامْرأَتِه: إنْ أعْطَيتِنِي مِائَةً فأَنْتِ طالِقٌ. فأتَتْ بمِائَةٍ مغْصُوبَةٍ، ففي وُقوعِه احْتِمالان. قاله في «التَّرْغيبِ». قال في «الفُروعِ»: والعِتْقُ مثلُه، وأنَّ هذا الخِلافَ يجْرِي في الفاسِدَةِ إذا صرَّحَ بالتعْليقِ. ونقَل حَنْبَلٌ في الأُولَى، إنْ قاله لِصَغيرٍ. لم يجُزْ؛ لأنَّه لم يَقْدِرْ عليه. السَّابعَةُ، لو قال: جعَلْتُ عِتْقَك إليك. أو: خَيَّرْتُكَ. ونوَى تَفْويضَه إليه، فأعْتَقَ نفْسَه في المَجْلِسِ، عتَق، ويتَوَجَّهُ كطَلاقٍ. قاله في «الفُروعِ». ولو قال: اشْتَرِنِي مِن سَيِّدِي بهذا المالِ، وأعْتِقْنِي. ففعَل، عتَق، ولَزِمَ مُشْتَرِيَه المُسَمَّى. وكذا إنِ اشْتَراه بعَينِه، إنْ لم تتَعيَّنِ النُّقودُ، وإلَّا بطَلا. وعنه، أُجِيزَ عنه. وذكَر الأزَجِيُّ؛ إنْ صرَّحَ الوَكِيلُ بالإِضافَةِ إلى العَبْدِ، وقَع عنه وعتَق، وإنْ لم يُصَرِّحْ، احْتَمَلَ ذلك، واحْتَمَلَ أنْ يقَعَ عنِ الوَكالةِ؛ لأنَّه لو وقَع لَعَتَقَ، والسَّيِّدُ لم يرْضَ بالعِتْقِ.
قوله: وإِنْ قال: كُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ. عتَق عليه مُدَبَّرُوه، وَمُكاتَبُوه، وأُمَّهاتُ أَوْلادِه. وكذا عَبِيدُ عَبْدِه التَّاجِرِ. بلا نِزاعٍ في ذلك. وعتَق عليه شِقْصٌ يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يَعْتِقُ الشِّقْصُ بدُونِ نِيَّةٍ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى، ونَقَلَه مُهَنَّا، كما لو كان له شِقْصٌ فقط، وقال: ذلك ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ.
وَإِنْ قَال: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ. أُقْرِعَ بَينَهُمَا، فَمَنْ تَقَعُ عَلَيهِ القُرْعَةُ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ حِينَ أَعْتَقَهُ.
ــ
فائدة: لو قال: عَبْدِي حُرٌّ. أو: أَمَتِي حُرَّةٌ. أو: زَوْجَتِي طالِقٌ. ولم يَنْو مُعَيَّنًا، عتَق الكُلُّ، وتطْلُقُ كُلُّ نِسائِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّ المُفْرَدَ المُضافَ يعُمُّ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يعُمُّ. وقيل: يعْتِقُ واحِدٌ بالقُرْعَةِ. وقيل: يعْتِقُ واحِدٌ، وتَطْلُقُ واحدَةٌ، وتُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك أيضًا في أوَّلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه.
تنبيه: قال في «الفُروعِ» عن هذه المَسْأْلَةِ: والمُرادُ، إنْ كان «عَبْدٌ» مُفْرَدًا لذَكَرٍ وأُنْثَى، فإنْ كان لذَكَرٍ فقط، لم يشْمَلْ أُنْثَى، إلَّا إنِ اجْتَمَعا تغْلِيبًا. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في مَن قال لخَدَمٍ له رِجالٍ ونِساءٍ: أَنْتُمْ أحْرارٌ. وكانتْ معهم أمُّ وَلَدِه ولم يَعْلَمْ بها: إنَّها تعْتِقُ. قال أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، بعدَ المَسْألَةِ: وكذا إنْ قال: كلُّ عَبْدٍ أمْلِكُه في المُسْتَقْبَلِ.
فائدة: قوْلُه: وإنْ قال: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ. أُقْرِعَ بينَهما. وكذا لو قال: أحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ. أو: بعضُهم حُرُّ. ولم يَنْوهِ، يُقْرَعُ بينَهم. وهو مِن مُفْرَداتِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ. وخرَّج في «القَواعِدِ» وَجْهًا، أنَّه يعْتِقُ بتَعْيينِه، مِنَ الرِّوايَةِ التي في الطَّلاقِ. وكذا لو أدَّى أحَدُ مُكاتَبِيهِ وجُهِلَ، أَقْرَعَ هو أو وارِثُه في الجميعِ. ولو قال لأمَتَيه: إحْداكُما حُرَّةٌ. ولم ينْو، حَرُمَ وَطْؤُهما معًا بدُونِ قُرْعَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ؛ تَتَمَيَّزُ المُعْتَقَةُ بتَعْيِينِه، فإنْ وَطِئَ واحِدَةً، لم تعْتِقِ الأُخْرَى، كما لو عيَّنَهَا ثم أُنْسِيَها. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويحْتَمِلُ أنْ تعْتِقَ. قال: فلو قال لإِمائِه الأرْبَعِ: إنْ وَطِئْتُ واحدَةً مِنْكُنَ فواحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ. ثم وَطِئَ ثلاثًا، أُقْرِعَ بينَ الأَوَّلَةِ والرَّابِعَةِ، فإنْ وَطِئَها عَتَقَتِ الأَوَّلَةُ، وإنْ كان وَطِئَها ثانِيًا قبلَ وَطءِ الرَّابعَةِ عَتَقَتِ الرَّابعَةُ فقطْ، ويُحَدُّ إنْ عَلِمَ قبلَه بعِتْقِها. ويأْتِي في بابِ الشَّكِّ في الطَّلاقِ، إذا قال: إنْ كان هذا الطَّائِرُ غُرابًا فعَبْدِي حُرٌّ. وقال آخَرُ: إنْ لم يكُنْ غُرابًا فعَبْدِي حُرٌّ. وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ يذْكُرُ هذه المَسْأَلَةَ هنا.
وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ مَاتَ أَحدُ الْعَبْدَينِ أُقْرِعَ بَينَهُ وَبَينَ الْحَيِّ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أُنْسِيَهُ، أَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ.
ــ
قوله: وإنْ أعْتَقَ عَبْدًا ثم أُنْسِيَهُ، أخْرَجَ بالقُرْعَةِ. إمَّا المُعْتِقُ أو وارِثُه. وهذا بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وخرَّج في «القَواعِدِ» وَجْهًا، أنَّه لا يُقرِعُ
فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيرُهُ، عَتَقَ. وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأوَّلِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
هنا، مِنَ الطَّلاقِ. قال: وأشارَ إليه بعضُ الأصحابِ. ذكَرَه في آخِرِ «القَواعِدِ» . فَإنْ عَلِمَ بعدَها أنَّ المُعْتَقَ غيرُه، عتَق. وهل يبْطُلُ عِتْقُ الأَوَّلِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ،
فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ.
ــ
و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، يبْطُلُ عِتْقُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «المُذْهَبِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» . الوَجْهُ الثَّانِي، لا يبْطُلُ، كما لو كانتِ القُرْعَةُ بحُكْمِ حاكمٍ؛ فإنَّها لو كانت بحُكْمِ حاكمٍ، لم يبْطُلْ عِتْقُه، قوْلًا واحدًا. وهذا الوَجْهُ مُقتَضَى قَوْلِ ابنِ حامِدٍ.
فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ، عَتَقَ جَمِيعُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَعْتِقُ إلا مَا أَعْتَقَ.
ــ
قوله: وإنْ أعْتَقَ جُزْءًا مِن عَبْدِه في مَرَضِه، أو دَبَّرَه، وثُلُثُه يَحْتَمِلُ جَمِيعَهْ، عَتَقَ جَمِيعُه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، لا يعْتِقُ إلَّا ما أعْتَقَ أو دَبَّرَ لا غيرُ. وعنه، يَعْتِقُ جميعُه في المُنْجَزِ دُونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّدْبيرِ. وأطْلقَ في «الشَّرْحِ» الرِّوايتَين في تكْميلِ العِتْقِ بالتّدْبيرِ، إذا كان يخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، وقدَّم عِتْقَ الجميعِ فيما إذا نجَز البعضَ.
فائدة: لو ماتَ العَبْدُ قبلَ سَيِّدِه، عتَقَ منه (1) بقَدْرِ ثُلُثِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يعْتِقُ كلُّه، لأنَّ ردَّ الوَرَثَةِ هنا لا فائدَةَ لهم فيه.
(1) سقط من: ط.
وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ بَاقِيَه، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ، وَكَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَعْتِقُ إلا مَا مَلَكَ مِنْهُ.
ــ
قوله: وإنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، أَوْ دَبَّرَه، وثُلُثُه يحْتَمِلُ باقِيَه، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ -يعْنِي قِيمَةَ حِصَّتِه- وكان جميعُه حُرًّا، في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الخِرَقِيِّ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ إحْداهما، يعْتِقُ جميعُه. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه أبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخَطَّاب في «خِلافِه» . وقدّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . والأُخْرَى، لا يعْتِقُ إلَّا ما ملَك منه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» . واخْتارَه الشِّيرازِيُّ، والشَّرِيفُ. وقال القاضي: ما أعْتَقَه في مرَضِ مَوْتِه، سرَى، وما دَبَّرَه أو وَصَّى بعِتْقِه، لم يَسْرِ. فالرِّوايَةُ في سِرايةِ العِتْقِ في حالِ الحياةِ، أصحُّ، والرِّوايَةُ في وُقوفِه في التَّدْبيرِ، أصحُّ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. أعْنِي، التَّفْرِقَةَ.
وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيهِ دَينٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، بِيعُوا فِي دَينِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُمْ.
ــ
قوله: وإِنْ أَعْتَقَ في مَرَضِه سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهم سَواءٌ، وثُلُثُه يحْتَمِلُهم، ثم ظهَر عليه دَينٌ يسْتَغْرِقُهم، بِيعُوا في دَينِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، في بابِ تبَرُّعاتِ المريضِ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونصَرَاه، وقدَّمه في «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . ويَحْتَمِلُ أَنْ يعْتِقَ ثُلُثُهم. وهو رِوايَةٌ ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. فإنِ الْتَزَمَ وارِثُه بقَضاءِ الدَّينِ، ففي نُفوذِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِتْقِهم وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» ، و «الزَّرْكَشِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وقالا: وقيل: أصْلُ الوَجْهَين، إذا تصَرَّفَ الوَرَثَةُ في التّرِكَةِ ببَيعٍ أو غيرِه، وعلى المَيِّتِ دَينٌ، فقُضِيَ الدَّينُ، هل ينْفُذُ؟ فيه وَجْهان. قلتُ: الصَّوابُ نُفوذُ عِتْقِهم.
فائدتان؛ إحْداهما، لو ظهَر عليه دَينٌ يسْتَغْرِقُ بعضَهم، احْتَمَلَ بُطْلانَ عِتْقِ الكُلِّ، واحْتَمَلَ أنْ يبْطُلَ بقَدْرِ الدَّينِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» . الثَّانيةُ، قوْلُه: وإنْ أَعْتَقَهم، فأَعْتَقْنا ثُلُثَهم، ثم ظهَر له مالٌ يخْرُجُون مِن ثُلُثِه، عتَق مَن أُرِقَّ منهم. بلا نِزاعٍ. وكان كَسْبُهم لهم منذُ عتَقُوا. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ، أنَّه لا ينْفُذُ عِتْقُهم، وحكاهما في «الكافِي» احْتِمالين.
وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ، عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ جَزَّأنَاهُمْ ثَلَاثَةَ أجْزاءٍ؛ كُلَّ اثْنَينِ جُزْءًا، وَأَقْرَعْنَا بَينَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ كَانُوا ثَمَانِيَةً، فَإِنْ شَاءَ أقْرَعَ بَينَهُمْ بِسَهْمَيْ حُرِّيَّةٍ، وَخَمْسَةِ رِقٍّ، وَسَهْمٍ لِمَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ. وَإنْ شَاءَ جَزَّأهُمْ أرْبَعَةَ أجْزَاءٍ، وَأقْرَعَ بَينَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ، وَثلَاثَةِ رِقٍّ، ثُمَّ أعَادَ الْقُرْعَةَ بَينَهُمْ لإخْرَاجِ مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ. وَإن فَعَل غَيرَ ذَلِكَ جَازَ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإنْ أعتَقَ عَبْدَينِ، قِيمَةُ أحدِهِمَا مِائَتَانِ وَالْآخَرِ ثَلَاثُمِائَةٍ، جَمَعْتَ قِيمَتَهُمَا، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ، فَجَعَلْتَهَا الثُّلُثَ، ثُمَّ أَقرَعْتَ بَينَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ، ضَرَبْتَهُ في ثَلَاثَةٍ، تَكُنْ سِتَّمِائَةٍ، ثُمَّ نَسَبْتَ مِنْهُ خُمْسَ الْمِائَةِ، يَكُنِ الْعِتْقُ فِيهِ خَمْسَةَ
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَسْدَاسِهِ، وَإنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَأتِي مِنْ هَذَا، فَسَبِيلُهُ أَنْ يُضْرَبَ في ثَلَاثَةٍ؛ لِيَخْرُجَ بِلَا كَسْرٍ.
وَإنْ أعْتَقَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أعْبُدٍ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاتِهِ، أَقْرَعَ
ــ
قوله: وإنْ أعْتَقَ واحِدًا مِن ثَلاثةِ أعْبُدٍ، فماتَ أَحدُهم في حَياتِه، أَقْرَع بينَه وبينَ الحَيَّينِ؛ فَإنْ وقَعَتْ على المَيِّتِ رَقَّ الآخَران، وإنْ وقَعَتْ على أَحَدِ
بَينَهُ وَبَينَ الْحَيَّينِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ، رَقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى أَحدِ الْحَيَّينِ، عَتَقَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ. وإنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ في مَرَضِهِ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ، فَكَذَلِكَ في قَوْلِ أَبي بَكْر. وَالْأوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَينَ الْحَيَّينِ، وَيَسْقُطَ حُكْمُ الْمَيِّتِ.
ــ
الحَيَّيْنِ، عتَق، إذا خرَج مِنَ الثُّلُثِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ». وقيل: يُقْرِعُ بينَ الحَيَّينِ دُونَ المَيِّتِ.
قوله: وإنْ أعْتَق الثَّلاثَةَ في مَرَضِه، فماتَ أحَدُهم في حَياةِ السَّيِّدِ، فكذلك في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلِ أبِي بَكْرٍ. وحكَاه عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، يعْنِي، يُقْرِعُ بينَه وبينَ الحَيَّينِ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ». قال المُصَنفُ هنا: والأوْلَى، أنْ يُقْرِعَ بينَ الحَيَّينِ، ويسْقُطَ حُكْمُ المَيِّتِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، كعِتْقِه أحدَ عَبْدَيه غيرَ مُعَيِّن، فماتَ أحدُهما، فإنه يتَعَيَّنُ العِتْقُ في الثَّاني. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وقيل: يُقْرِعُ بين الحَيَّينِ في هذه المَسْألةِ دُونَ التي قبلَها. ذكَرَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» . ذكَر هذه المَسائلَ في «الفُروعَ» ، في آخِرِ بابِ تَبَرُّعاتِ المريضِ. وذكَرَها في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوي» ، في أولِ بابِ تَبَرُّعاتِ المريضَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: وكذا الحُكْمُ إنْ أوْصَى بعِتْقِهم، فماتَ أحدُهم بعدَه. وقيل: إنْ أعْتَقَهم أو دَبَّرَهم أو أوْصَى بعِتْقِهم، أو دَبَّرَ بعضَهم وأوْصَى بعِتْقِ الباقِينَ، فماتَ أحدُهم، أقْرَعْنا بينَهم، فإنْ خرَجَتِ القُرْعَةُ للمَيِّتِ حسَبْناه مِنَ التَّرِكَةِ، وقوَّمْناه حينَ العِتْقِ. وإنْ خرَجَتْ لحَيٍّ؛ فإنْ كان المَوْتُ في حَياةِ السَّيِّدِ، أو بعدَها قبلَ قَبْضِ الورَثَةِ، لم يُحْسَبْ مِنَ التَّرِكَةِ غيرُ الحَيَّينِ، فيَكْمُلُ ثُلُثُهما ممَّن قرَع،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُقَوَّمُ يوْمَ العِتْقِ. وقيل: يُحْسَبُ المَيِّتُ مِنَ التَّرِكَةِ، ويَعْتِقُ مَن قرَع إنْ خرَج مِنَ الثُّلُثِ، وإلَّا عَتَق منه بقَدْرِه. وإنْ كان الموْتُ بعدَ قَبْضِ الورَثَةِ، حُسِبَ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّرِكَةِ. وبدُونِ الموْتِ، يعْتِقُ ثُلُثُهم بالقُرْعَةِ، إنْ لم يُجِزِ الورَثَةُ ما زادَ عليه. ذكَر ذلك في «الرعايَةِ الكُبْرَى» .