الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أحْكَامَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
ــ
بابُ أحْكامَ أُمَّهاتِ الأوْلادِ
وَإِذَا عَلِقَتِ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، فَوَضَعَتْ مِنْهُ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، صَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِذَا مَاتَ
ــ
تنبيه: عُمومُ قولِه: وإذا عَلِقَتِ الأَمَةُ مِن سَيِّدِها. يشْمَلُ، سواءٌ كانت فِراشًا، أو مُزَوَّجَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي» ،
عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيرَهَا.
ــ
و «الشَّرْحِ» . وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . ونقَل حَرْبٌ وابنُ أبِي حَرْبٍ، في مَن أوْلَدَ أمَتَه المُزَوَّجَةَ، أنَّه لا يلْحَقُه الوَلَدُ.
فائدة: في إِثْمِ واطِئَ أمَتِه المُزَوَّجةِ جَهْلًا وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الإِثْمِ، وتأْثِيمُه ضعِيفٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: فوَضعَتْ منه ما تَبَيَّنَ فيه بعضُ خَلْقِ الإِنْسانِ، صارَتْ بذلك أُمَّ وَلَدٍ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه في «الفُروعِ» . وعنه، لا بُدَّ أنْ يكونَ له أرْبعَةُ أشْهُرٍ. واحْتَجَّ بحديثِ ابن مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: في عِشْرِين ومِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ (1). وتنْقَضِي به العِدَّةُ، وتَعْتِقُ الأمَةُ إذا دخَل في الخَلْقِ الرَّابعِ. وقدَّم في «الإِيضاحِ» ، سِتَّةَ أشْهُرٍ. ونقَل المَيمُونِيُّ: إنْ لم تضَعْ، وتبَيَّنَ حَمْلُها في بطْنِها، عتَقَت، وأنَّه يُمْنَعُ مِن نقْلِ المِلْكِ لما في بَطْنِها حتى يُعْلَمَ.
قوله: فإذا ماتَ، عَتَقَتْ وإِنْ لم يمْلِكْ غيرَها. هذا بلا نِزاعٍ. ومحَلُّ هذا، إذا لم يَجُزْ بَيعُها، على المذهبِ. أمَّا إنْ جازَ بَيعُها، فقطَع المُصَنِّفُ وغيرُه بأنَّها
(1) يقصد حديث ابن مسعود: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة. . . .» .
وهذا الحديث أخرجه البخاري، في: باب ذكر الملائكة، من كتاب بدء الخلق، وباب قول الله تعالى:{وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ، وباب ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 4/ 135، 161، 162، 9/ 165، 166. ومسلم، في: باب كيفية خلق الآدمي. . . .، من كتاب القدر. صحيح مسلم 4/ 2036، 2037. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 382.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تَعْتِقُ بمَوْتِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ إطْلاقِ غيرِه يقْتَضِي العِتْقَ، ولهذا قدَّمه ابنُ حَمْدانَ، فقال: وقيلَ: إنْ جازَ بَيعُها، لم تَعْتِقْ عليه بمَوْتِه. ويأْتِي بعضُ ذلك عندَ ذكْرِ الخِلافِ في جَوازِ بَيعِها.
وَإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: وإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لا تَخْطِطَ فيه -مثلَ المُضْغَةِ- فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ؛ إحْداهما، لا تصِيرُ بذلك أمَّ وَلَدٍ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقدَّمه في «الفُروعِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الخُلاصَةِ» ، وقال: لا تَنْقَضي به العِدَّةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . قال في «المُذْهَبِ» : فإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لا تخْطِيطَ فيه، فقال الثِّقاتُ مِنَ القَوابلِ: هو مَبْدأُ خَلْقِ الإِنْسانِ. ففيه ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ. والثَّانيةُ، تَصِيرُ. والثَّالثةُ، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا في العِدَّةِ، فإنَّها لا تنْقَضِي بذلك. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: إنْ وَضعَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ لم يَبِنْ فيها خَلْقُ آدَمِيٍّ، فثَلاثُ رِواياتٍ. الثَّالثةُ، تَعْتِقُ ولا تنْقَضِي به العِدَّةُ. وقيل: ما تجِبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيه عِدَّةٌ تصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ، وإنْ كان عَلَقةً. وقيل: تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بما لا تنْقَضِي به العِدَّةُ. انتهى. وقيل: لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بما لا تنْقَضِي به عِدَّتُها. ذكَرَه أيضًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا وَضعَتْ مُضْغَةً لم يظْهَرْ فيها شيءٌ مِن خَلْقِ الآدَمِيِّ، فشَهِدَتْ ثِقاتٌ مِن القَوابلِ أنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً، تعَلَّقَتْ بها الأحْكامُ. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. وإنْ لم يَشْهَدْنَ بذلك، لكِنْ عُلِمَ أنَّه مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيِّ، بشَهادَتِهِنَّ أو غيرِها، ففيه رِوايَتان. فهذه الصُّورَةُ محَلُّ الرِّوايتَين. وكذا قيَّد ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ بذلك.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بوَضْعِ عَلَقَةٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بوَضْعِها أيضًا. ونصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا، ويُوسُفَ بنِ مُوسى. وقدَّم الأوَّلَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وتقدَّم كلامُه في العَلَقَةِ.
وَإنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا، عَتَقَ الْجَنِينُ، وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ. وَعَنْهُ، تَصِيرُ.
ــ
قوله: وإنْ أصابَها في مِلْكِ غيرِه بنكاحٍ أو غيرِه، ثم ملَكَها حامِلًا، عَتَقَ الجَنِينُ، ولم تَصرْ أُمَّ وَلَدٍ هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفائقِ» : هذا المذهبُ. ورَواه إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وكلامُ الخِرَقِيِّ يقْتَضِي ذلك. وجزَم به القاضي في «الجامعِ الصَّغيرِ» ، والْشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ في «خِلَافَيهِما» ، وابنُ عَقِيلٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «التَّذْكِرَةِ» ، والشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ» ، وصاحبُ «الوَجيزِ» ، وغيرُهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وصحَّحه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ولو كان قد ملَكَها بعدَ وَضْعِها منه، نقَلَها ابنُ أبِي مُوسى. قال المُصَنِّفُ: ولم أجِدْ هذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايَةَ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، إنَّما نقَل مُهَنَّا عنه الوَقْفَ. وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذا مَلكَها حامِلًا، بشَرْطِ أنْ يطأْها فيه. واخْتارَها أبو الخَطَّابِ. وقال القاضي: إنْ ملَكَها حامِلًا، ولم يَطَأَها حتى وَضَعَتْ، لم تَصِرْ أُمَّ ولَدٍ. وإنْ وَطِئَها حال حَمْلِها؛ فإنْ كان بعدَ أنْ كمَلَ الوَلَدُ وصارَ له خَمْسَةُ أشْهُرٍ، لم تَصِرْ بذلك أُمَّ وَلَدٍ أيضًا، وإنْ وَطِئَها قبلَ ذلك، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ. وجزَم به في «الفُصُولِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال ابنُ حامِدٍ: تصيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذا ملَكَها حامِلًا، بشَرْطِ أنْ يطَأَها في ابْتداءِ الحَمْلِ أو بوسَطِه. وقيل: إنَّه رُوِيَ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو قريبٌ مِن قَوْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي. فعلى الرِّوايَةِ الأُولَى والثَّانيةِ، لو أقَرَّ بوَلَدٍ مِن أمَتِه أنَّه وَلَدُه، ثم ماتَ ولم يُبَيِّنْ هل اسْتَوْلَدَه في مِلْكِه أو قبلَه، وأمْكَنا، ففي كوْنِها أُمَّ وَلَدٍ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» هنا. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهما احْتِمالان في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ؛ أحدُهما، تكونُ أُمَّ وَلَدٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وصحَّحه أيضًا في «الرِّعايَةِ» في آخرِ البابِ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . والثَّاني، لا تكونُ أُمَّ وَلَدٍ. صحَّحه في «التَّصْحيح» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى هذا، يكونُ عليه الوَلاءُ. وفيه نظَرٌ. قاله في «المُغْنِي» . وتأْتِي المَسْأَلَةُ في كلامَ المُصَنِّفِ، في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ.
فائدةٌ حسنةٌ: لو قال لجاريته: يدُك أمُّ وَلَدِي. أو قال لوَلَدِها: يدُك ابْنِي. صحَّ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» ، في طَلاقِ جُزْء، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: أو غيرِه. أنَّ الخِلافَ شامِلٌ ما لو وَطِئَها بزِنَى ثم ملَكَها. وقد صرَّح به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِير» ، وغيرِهم. وقال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا أَصابَها بذلك، فإنَّها لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بذلك، قوْلًا واحِدًا.
فائدة: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، في مَن اشْتَرَى جارِيَةً حامِلًا مِن غيرِه فوَطِئَها، أنَّ الوَلَدَ لا يلْحَقُ بالواطِئ، ولكِنْ يَعْتِقُ عليه؛ لأنَّ الماءَ يزيدُ في الوَلَدِ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرَّوْضَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. ونقَله الأثْرَمُ، ومحمدُ بنُ حَبِيبِ. ونقَل صالِحٌ وغيرُه: يلْزَمُه عِتْقُه. فيُعايَى بها. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: يُسْتَحَبُّ ذلك، وفي وُجُوبِه خِلافٌ في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وغيرِه. وقال أيضًا: يَعْتِقُ ويُحْكَمُ بإسْلامِه، وأنَّه يسْرِي كالعِتْقِ، ولا يثْبُتُ نسَبُه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: تقدَّم في آخِرِ بابِ قِسْمَةِ الغَنائِمِ، إذا وَطِئَ جارِيَةً مِنَ المَغْنَمِ، ممَّن له فيها حقٌّ أو لوَلَدِه، فأَولَدَها، ما حُكْمُه؟ وتقدَّم في بابِ الوَقْفِ، إذا وَطِئَ الجارِيَةَ المَوْقُوفَةَ عليه، فأَحبَلَها، وحُكْمُها. وتقدَّم في بابِ الهِبَةِ، إذا أحْبَلَ جارِيَةَ وَلَدِه،
وَأحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ أحْكَامُ الْأَمَةِ، فِي الإِجَارَةِ، وَالاسْتِخْدَام، وَالْوَطْءِ، وَسَائِرِ أُمُورِهَا، إلا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا؛ كَالْبَيعَ، وَالْهِبَةَ، وَالْوَقْفِ، أَوْ مَا يُرَادُ لَهُ؛ كَالرَّهْنَ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيعِها مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَا عَمَلَ عَلَيهِ.
ــ
في فَصْلٍ، وللأَبِ أنْ يأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِه ما شاءَ.
قوله: وأَحكامُ أُمِّ الوَلَدِ أَحْكامُ الأمَةِ في الإِجارَة، والاستِخْدام، والوَطْءِ، وسائِرِ أمُورِها، إلَّا فيما ينْقُلُ المِلْكَ في رَقَبَتِها؛ كالبيعِ، والهِبَةِ، وَالوَقْفِ، أَو ما يُرادُ له، كالرَّهْنِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ ولا يصِحُّ بَيعُ أُمِّ الوَلَدِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقطَع به كثيرٌ منهم، وحكَى جماعةٌ الإِجْماعَ على ذلك. وعنه، ما يدُلُّ على جَوازِ بَيعِها مع الكَراهَةِ، ولا عمَلَ عليه. قلتُ: قال في «الفُنونِ» : يجوزُ بَيعُها؛ لأنَّه قولُ عليٍّ بنِ أبِي طالِبٍ وغيرِه مِنَ الصَّحابةِ، رضي الله عنهم، وإجْماعُ التَّابِعينَ لا يرْفعُه. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدِّينِ، رحمه الله. قال في «الفائقِ»: وهو الأظْهَرُ. قال: فتَعْتِقُ بوَفاةِ سيِّدِها مِن نَصِيبِ وَلَدِها إنْ كان لها وَلَدٌ، أو بعضُها مع عدَمِ سَعَتِه، ولو لم يكُنْ لها وَلَدٌ، فكَسائِر رَقِيقِه. وكذا قال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابن رَزِينٍ» ، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ» بعدَ ذِكرِ الرِّوايَةِ: فقيل: لا تَعْتِقُ بمَوْتِه. ونفَى هذه الرِّوايَةَ في «الحاوي الصَّغِيرِ» ولم يُثبِتها، وتأوَّلَها. وحكَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضُهم هذا القَوْلَ إجْماعَ الصَّحابَةِ. وتقدَّم في أواخِرِ التَّدْبيرِ، أنَّه لا يصِحُّ تَدْبِيرُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وتقدَّم في أوَائلِ كتابِ الوَقفِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هل يَصِحُّ وَقفُ أُمِّ الوَلَدِ، أمْ لا؟ وتقدَّم أيضًا في أواخرِ بابِ الهِبَةِ، هل يصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الوَلَدِ، أمْ لا؟ فَلْيُراجَعا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: هل لهذا الخِلافِ شُبْهَةٌ؟ فيه نِزاعٌ. والأَقْوَى، فيه شُبْهَةٌ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله، وأنَّه يَنْبَنِي عليه؛ لو وَطِئَ مُعْتَقِدًا تحْريمَه، هل يلْحَقُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نسَبُه، أو يُرْجَمُ المُحْصَنُ؟ أمَّا التَّعْزِيرُ، فواجِبٌ. انتهى. وتابعَه في «الفُروعِ» .
ثُمَّ إِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيرِ سَيِّدِهَا، فَلِوَلَدِهَا حُكْمُهَا فِي العِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، سَوَاءٌ عَتَقَتْ أوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ.
ــ
قوله: ثم إِنْ وَلَدَتْ مِن غيرِ سَيِّدِها، فلوَلَدِها حُكْمُها في العِتْقِ بمَوْتِ سَيِّدِها؛ سَواءٌ عَتَقَتْ أوْ ماتَتْ قبلَه. يعْنِي، إذا وَلَدَتْ مِن زَوْجٍ أو غيرِه، بعدَ أنْ صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِن سيِّدِها، وسواءٌ عتَقَتْ أُمُّه قبلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أو ماتَتْ في حَياةِ السَّيِّدِ، فإنَّ حُكْمَ الوَلَدِ حُكْمُها، إنْ ماتَ سيِّدُها، عَتَقَ معها، ويجوزُ فيه مِنَ التَّصَرُّفاتِ ما يجوزُ فيها، ويَمْتَنِعُ فيه ما يمْتَنِعُ فيها. وكذا وَلَدُ المُدَبَّرَةِ لا يبْطُلُ الحُكْمُ فيه بمَوْتِ أُمِّه. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقال في «الانْتِصارِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هل يبْطُلُ عِتْقُ المُدَبَّرِ وأُمِّ الوَلَدِ بمَوْتِهما قبلَ السَّيِّدِ، أمْ لا؛ لأنَّه لا مال لهما؟ اخْتلَفَ كلامُه فيه، ويظْهَرُ الحُكْمُ في وَلَدِهما. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثلاثِين» ، على القَوْلِ بأنَّ وَلَدَ المُدَبَّرَةِ يتْبَعُها. قال الأكْثرونَ: يكونُ مُدَبَّرًا بنَفْسِه، لا بطَرِيقِ التَّبَعَ. وقد نَصَّ على أنَّ الأُمَّ لو عتَقَتْ في حياةِ السَّيِّدِ، لم يَعْتِقِ الوَلَدُ حتى تموتَ. فعلى هذا، لو رجَع في تَدْبيرِ الأُمِّ، وقُلْنا: له ذلك. بَقِيَ الوَلَدُ مُدَبَّرًا. وهذا قوْلُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ. وقال أبو بَكْرٍ: هو تابعٌ مَحْضٌ؛ إنْ عتَقَتْ عتَقَ، وإنْ رَقَّتْ رَقَّ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. انتهى. وتقدَّم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك في بابِ المُدَبَّرِ، عندَ قوْلِه: وما وَلَدَتِ المُدَبَّرَةُ بعدَ تَدْبيرِها، فهو بمَنْزِلَتِها. أمَّا وَلَدُ المُكاتَبَةِ إذا ماتَت، فإنَّه يعُودُ رَقِيقًا.
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ثم إنْ وَلَدَتْ. أنَّ الوَلَدَ لو كان مَوْجُودًا قبلَ إِيلادِها مِن سيِّدِها، لا يَعْتِقُ بمَوْتِ السَّيِّدِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لا يَعْتِقُ على الأصحِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وعنه، يَعْتِقُ. خرَّجَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ مِن وَلَدِ المُدَبَّرَةِ الذي كان قبلَ التَّدْبيرِ، على ما تقدَّم في بابِه.
وَإنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
قوله: وإنْ ماتَ سيِّدُها وهي حاملٌ منه، فهل تسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لمُدَّةِ حَمْلِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم، إحْداهما، تَسْتَحِقُّ النّفَقَةَ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: لها النّفقَةُ على أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَسْتَحِقُّها. هذا يُشْبِهُ ما إذا ماتَ عن امْرأَةٍ حامِلٍ، هل تسْتَحِقُّ النَّفقَةَ لمُدَّةِ حَمْلِها؟ على رِوايتَين. ومَبْنَى الخِلافِ على الخِلافِ في نفَقَةِ الحامِلِ، هل هي للحَمْلِ، أو للحامِلِ؟ فإنْ قُلْنا: هي للحَمْلِ.
وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ دُونِهَا. وَعَنْهُ، عَلَيهِ فِدَاؤُهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ.
ــ
فلا نفَقَةَ لها، ولا للأمَةِ الحامِلِ؛ لأنَّ الحَمْلَ له نَصِيبٌ في المِيراثِ، وإنْ قُلْنا: للحامِلِ. فالنَّفَقَةُ على الزَّوْجِ، أو السَّيِّدِ. انتهى. قلتُ: ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في كتابِ النَّفَقاتِ، هل تجِبُ النَّفقَةُ لحَمْلِها، أو لها مِن أجْلِه؟ على رِوايتَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تجِبُ للحَمْلِ.
قوله: وإذا جَنَتْ أُمُّ الوَلَدِ، فَداها سَيِّدُها بقِيمَتِها أَوْ دُونِها. يعْني، إذا كان ذلك قَدْرَ أَرْشِ جِنايَتِها. وهذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وعنه، عليه فِداؤُها بأرْشِ الجِنايَةِ كله. حكَاها أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» . فعلى المذهبِ، يَفْدِيها بقِيمَتِها يومَ الفِداءِ. قاله الأصحابُ، وتجِبُ قِيمَتُها مَعِيبَةً بعَيبِ الاسْتِيلادِ.
وَإنْ عَادَتْ فَجَنَتْ، فَدَاهَا أَيضًا. وَعَنْهُ، يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِذِمَّتِهَا.
ــ
قوله: وإنْ عادَتْ فجَنَتْ، فَداها أَيضًا. هذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحاب. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ؛ أَبي بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابِه، والمُصنِّفِ، وغيرِهم، حتى قال أبو بَكْرٍ: ولو جَئَتْ ألْفَ مرَّةٍ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَرَاه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وعنه، يتَعلَّقُ الفِداءُ الثَّاني وما بعدَه بذِمَّتِها. حكاها أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّرْغيبِ» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» . وقال في «الفائقِ» : قلتُ: المُخْتارُ عدَمُ إلْزامِه جِنايتَها. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: يرْجِعُ الثَّاني على الأوَّلِ بما يخُصُّه ممَّا أخذَه.
تنبيه: أطْلَقَ المُصَنِّفُ هذه الرِّوايَةَ. وكذا أطْلَقَها أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي» ، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ» ، وغيرهم. وقيَّدَها القاضي في كتاب «الرِّوايتَين» ، والمُصَنِّفُ، و «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ،، حاكِينَ ذلك عن أبِي الخَطَّابِ، وابنِ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه» بما إذا فدَاها أوَّلًا بقِيمَتِها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ومُقْتَضَى ذلك، أنَّه لو فداها أوَّلًا بأقَلَّ مِن قِيمَتِها، لَزِمَه فِداؤُها ثانِيًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بما بَقِيَ مِنَ القِيمةِ، بلا خِلافٍ.
فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ جَنَتْ جِناياتٍ، وكانتْ كلُّها قبلَ فِداءِ شيءٍ منها، تعَلَّقَ أرْشُ الجميعِ برَقَبَتِها، ولم يكُنْ على السَّيِّدِ في الجِنايَاتِ كلِّها إلَّا قِيمَتُها، أو أَرْشُ جَمِيعِها، وعليه الأقَلُّ منهما. ويشْتَرِكُ المَجْنِيُّ عليهم في الواجِبِ لهم، فإنْ لم يَفِ بها، تَحاصُّوا فيها بقَدْرِ أُرُوشِ جِنايَاتِهم.
وَإنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَعَلَيهَا الْقِصَاصُ، وَإنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَعَلَيهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا، وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَينِ.
ــ
تنبيه: قوْلُه: وإنْ قَتَلَتْ سَيِّدَها عَمْدًا، فعليها القِصاصُ. مقيَّدٌ بما إذا لم يكُنْ لها منه وَلَدٌ، فإنْ كانَ لها منه وَلَدٌ، لم يجِبِ القِصاصُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقد صرَّحُوا به في بابِ شُروطِ القِصاصِ بقَوْلِهم: ومتى وَرِثَ وَلَدُه القِصاصَ أو شيئًا منه، سقَط القِصاصُ، فلو قتَل امْرأَته، وله منها وَلَدٌ، سقَط عنه القِصاصُ. ونقَل مُهَنَّا، يقْتُلُها أوْلادُه مِن غيرِها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهي مُخالِفَة لأصولِ مذهبِه. والصَّحيحُ، لا قِصاصَ عليها. قال في «الرِّعايَةِ»:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولوَلِيِّه، مع فَقْدِ ابْنِهما، القَوَدُ. وقيل: مُطْلَقًا.
قوله: فإِنْ عَفَوْا على مالٍ، أوْ كانتِ الجِنايَةُ خَطَأً، فعليها قِيمَةُ نَفْسِها. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. وهو قولُ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ، في كُتُبِه، والقاضي، وجماعةٍ مِن أصحابِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يلْزَمُها الأقَلُّ مِن قِيمَتِها أو دِيَتِه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال ناظِمُ المُفْرَداتِ:
إنْ قتَلَتْ في الحُكْمِ أُمُّ الوَلَدِ
…
سيِّدَها في خَطَأٍ للرَّشَدِ
أو كان عَمْدًا فعَفَوْا للمالِ
…
قِيمَتُها تَلْزَمُ في المقالِ
أو دِيَةٌ، فأنْقَصُ الأمْرَينِ
…
يَلْزَمُها إذْ ذاكَ في الحالين
قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّ إطْلاقَ الأوَّلِين مَحْمولٌ على الغالِبِ؛ إذِ الغالِبُ أنَّ قِيمَةَ الأمَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تزِيدُ على دِيَةِ الحُرِّ. انتهى. قال الأصحابُ: سواءٌ قُلْنا: الدِّيَةُ تحْدُثُ على مِلكِ الورَثَةِ، أوْ لا. وفي «الرَّوْضَةِ»: دِيَةُ الخَطأَ على عاقِلَتِها؛ لأنَّ عندَ آخِرِ جُزْءٍ ماتَ مِنَ السَّيِّدِ عتَقَتْ، ووَجَبَ الضَّمانُ.
فائدة: وكذا إنْ قتَلَتْه المُدَبَّرَةُ، وقُلْنا: تَعْتِقُ. على ما تقدَّم في آخِرِ بابِ المُدَبَّرِ.
قوله: وتَعْتِقُ في الموْضِعَين. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ فيما علَّلُوه: به نظرٌ؛ لأنَّ الاستِيلادَ؛ أنَّه سبَحب للعِتْقِ بعدَ المَوْتِ، كذلك النَّسَبُ سبَبٌ للارْثِ، فكما جازَ تخَلفُ الإِرْثِ مع قِيامِ السَّبَبِ بالنَّص، فكذلك يَنْبَغِي أنْ يتَخلَّفَ العِتْقُ مع قِيامِ سبَبِه؛ لأنَّه مثلُه. وقد قيلَ في وَجْهِ الفَرْقِ: إنَّ الحَقَّ -وهو الحُرِّيَّةُ- لغيرِها، فلا تسْقُطُ بفِعْلِها، بخِلافِ الإِرْثِ، فإنَّه مَحْضُ حقِّها. وأُورِدَ عليه المُدَبَّرَةُ، يبْطُلُ تَدْبيرُها إذا قَتلَتْ سيِّدَها، وإنْ كان الحَقُّ لغيرِها،
وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا. وَعَنْهُ، عَلَيهِ الْحَدُّ.
ــ
وأُجِيبَ بضَعْفِ السَّبَبِ في المُدَبَّرَةِ.
قوله: ولا حَدَّ على قاذِفِها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، عليه الحَدُّ. وعنه، عليه الحَدُّ إنْ كان لها ابن؛ لأنَّه أَرادَه. قال الزَّرْكَشِيُّ:
فَصْلٌ: إِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ، أوْ مُدَبَّرَتُهُ، مُنِعَ مِنْ غِشْيانِها، وَحِيلَ بَينَهُ وَبَينَهَا، وَأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، فَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ، وَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَتْ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تُسْتَسْعَى فِي حَيَاتِهِ، وَتعْتِقُ.
ــ
وينْبَغِي إجْراءُ الرِّوايتَين فيما إذا كان لها زَوْجٌ حُرٌّ، وكذلك ينْبَغِي إجْراؤُهما في الأَمَةِ القِنِّ. ونظيرُ ذلك، لو قذَف أمَةً، أو ذِمِّيَّة لها ابن أو زَوْجٌ مُسْلِمان، فهل يُحَدُّ؟ على رِوايتَين. ذكَرَهما المَجْدُ وغيرُه. ويَنْبَغِي أنْ يُقَيَّدَ الابنُ والزَّوْجُ بأنْ يكُونا حُرَّين. انتهى.
قوله: وإِذا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الكافِرِ، أَوْ مُدَبَّرَتُه، مُنِعَ مِن غِشْيَانِها، وحيلَ بينَه وبينَها. بلا نِزاعٍ. ومُقْتَضَى ذلك، أنَّ مِلْكَه باقٍ عليهما، وأنهما لم يَعْتِقا. أمَّا في أُمِّ الوَلَدِ، فهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المذهبُ المُخْتارُ لأبِي بَكْرٍ، والقاضي، وأبِي الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ، والشِّيرازِيِّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغيرِ» ، وغيرِهم. وعنه، تَعْتِقُ في الحالِ بمُجَرَّدِ إسْلامِها. نقَلَها مُهَنَّا. قاله المُصَنِّفُ في «الكافِي». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا أعلمُ له سَلَفًا في ذلك. وعنه، أنَّها تُسْتَسْعَى في حَياتِه وتَعْتِقُ. نقَلَها مُهَنَّا. قاله القاضي، ولم يُثْبِتْها أبو بَكْرٍ، فقال: أظُنُّ أنَّ أبا عَبْدِ اللهِ أطْلَقَ ذلك لمُهَنَّا، على سَبِيلِ المُناظَرَةِ للوَقْتِ. وأمَّا المُدَبَّرَةُ، فحُكْمُها حكمُ المُدَبَّرِ إذا أسْلَمَ. وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ في بابِ التَّدْبيرِ. وتقدَّم الكلامُ على ذلك مُسْتَوْفًى، فَلْيُراجَعْ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ رِوايَةَ الاسْتِسْعاءِ عائِدَةٌ إلى أُمِّ الوَلَدِ والمُدَبَّرَةِ، والمَنْقولُ أنَّها في أُمِّ الوَلَدِ. وحمَلَها ابنُ مُنَجَّى على ظاهِرِها، وجعَلَها على القَوْلِ بعَدَمِ جَوازِ بَيعِ المُدَبَّرَةِ.
قوله: وأُجْبِرَ على نَفَقَتِها، إِنْ لم يَكُنْ لها كَسْبٌ. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ،
وإذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَينِ الْجَارِيَةَ، فَأوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّ نفَقَتَها على سيِّدِها، والكَسْبَ له، يصْنَعُ به ما شاءَ، وعليه نَفَقَتُها على التَّمامِ؛ سواءٌ كان لها كَسْبٌ أو لم يكُنْ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، والخِرَقِيِّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، لا تلْزَمُه نفَقَتُها بحالٍ، وتُسْتَسْعَى في قِيمَتِها، ثم تَعْتِقُ. كما تقدَّم. وذكَر القاضي، أنَّ نفَقَتَها في كَسْبِها، والفاضِلَ منهْ لسَيِّدِها، فإنْ عجَز كَسْبُها عن نَفَقَتِها، فهل يلْزَمُ السَّيِّدَ تَمامُ نفَقَتِهِا؛ على رِوايتَين. وتَبعَ القاضيَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ.
قوله: وإذا وَطِئَ أَحدُ الشَّرِيكَين الجارِيَةَ، فأَولَدَها، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه
لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعِلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، كَانَ فِي ذِمَّتِهِ.
ــ
حُرٌّ، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِه. لا يَلْزَمُه إلَّا قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، يَلْزَمُه مع ذلك نِصْفُ مَهْرِها. وعنه، يلْزَمُه مع نِصْفِ المَهْرِ نِصْفُ قِيمَةِ الوَلَدِ. وقال القاضي: إنْ وَضَعتْه بعدَ التَّقْويمِ، فلا شيءَ فيه؛ لأنَّها وَضعَتْه في مِلْكِه، وإنْ وَضعَتْه قبلَ ذلك، فالرِّوايَتان. واخْتارَ اللُّزومَ. قاله الزَّرْكَشِيُّ.
قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا، كان في ذِمَّتِه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخِرَقِيُّ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وعندَ القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ» ، وأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» ؛ إنْ كان مُعْسِرًا لم يَسْرِ اسْتِيلادُه، فلا يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شرِيكِه، بل يصِيرُ نِصْفُها أمَّ وَلَدٍ، ونِصْفُها قِنٌّ
فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَولَدَهَا، فَعَلَيهِ مَهْرُهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإنْ جَهِلَ إيَلادَ شَرِيكِهِ، أَوْ أَنَّهَا صَارَت أُمَّ وَلدٍ لَهُ، فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيهِ فِدَاؤُهُ يَوْمَ الْولَادَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ.
ــ
باقٍ على مِلْكِ الشَّرِيكِ. فعلى هذا القَوْلِ، هل وَلَدُه حُرٌّ أو نِصْفُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه حُرٌّ كلُّه. ثم وَجَدتُ الزَّرْكَشِيَّ قال ذلك. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وهو أصحُّ.
قوله: فإنْ وَطِئَها الثَّاني بعدَ ذلك، فأوْلَدَها، فعليه مَهْرُها، فإنْ كان عالمًا، فوَلَدُه رَقِيقٌ، وإنْ جَهِلَ إيلادَ شَرِيكِه، أو أَنَّها صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، فوَلَدُه حُرٌّ، وعليه فِداؤُه يَوْمَ الولادَةِ. ذكَرَه الخِرَقِيُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهذا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ في المَسْأَلَةِ التي قبلَها. وعلى قوْلِ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ، تكونُ أُمَّ وَلَدٍ لهما؛ مَن ماتَ منهما عتَقَ حقُّه، ويَتَكَمَّلُ عِتْقُها بمَوْتِ الآخَرِ. وتقدَّم في بابِ الكِتابةِ ما يُشابِهُ ذلك، في قَوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ كاتبَ اثنْان جارِيَتَهما، ثم وَطِئَاها. وما يُشابِهُها أيضًا، ما إذا كاتَبَ حِصَّتَه، وأعْتَقَ الشَّرِيكُ قبلَ أدائِه. فَلْيُراجَعْ.
وَعِنْدَ الْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ، إِنْ كَانَ الْأوَّلُ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أحَدِهِمَا. وَإنْ أَعْتَق أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
قوله: وإنْ أَعْتَقَ أَحَدُهما نَصِيبَه بعدَ ذلك -يعْنِي، بعدَ حُكْمِنا بأنَّها صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لهما، على قَوْلِ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ- وهو مُوسِرٌ، فهل يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه؟ على وَجْهَين. أحدُهما، يُقَوَّمُ عليه. وهو المذهبُ. قال في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروعِ» : مَضْمُونًا عليه على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أوْلَى وأصحُّ، إنْ شاءَ الله تعالى. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهو أصحُّ وأقْوَى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» . والوَجْهُ الثَّاني، لا يُقَوَّمُ عليه، بل يَعْتِقُ مجَّانًا. وقيل: لا يَعْتِقُ إلا ما أعْتَقَه، ولا يَسْرِي إلى نَصِيبِ شرِيكِه. واللهُ سبحانه وتعالى أعْلَمُ (1).
(1) نهاية التلف في المخطوطة الأصل.