المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الْكِتَابَةِ وَهِيَ بَيعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ. ــ بابُ الكِتابَةِ قوله: وهي - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٩

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌بَابُ الْكِتَابَةِ وَهِيَ بَيعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ. ــ بابُ الكِتابَةِ قوله: وهي

‌بَابُ الْكِتَابَةِ

وَهِيَ بَيعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ.

ــ

بابُ الكِتابَةِ

قوله: وهي بَيعُ العَبْدِ نَفْسَه بمالٍ في ذِمَّتِه. زادَ غيرُه، بعِوَضٍ مَعْلومٍ مُؤجَّلٍ. وليستِ الكِتابَةُ مُخالِفَة للأصْلِ؛ لانَّ محَلَّها الذِّمَّةُ.

ص: 189

وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ يُعْلَمُ فِيهِ خَيرٌ، وَهُوَ الْكَسْبُ وَالْأمَانَةُ. وعَنْهُ، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، إِذَا ابْتَغَاهَا مِنْ سَيِّدِهِ أُجْبِرَ عَلَيهَا.

ــ

قوله: وهي مُسْتَحَبَّةٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكَافِي» ، و «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ،

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، واجِبَةٌ، إذا ابتغَاها مِن سيِّدِه أُجْبِرَ عليها بقِيمتِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «تَفْسِيرِه». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو مُتجهٌ. قال الشَّيخُ تَقِي الدينِ، رحمه الله: وعلى قِياسِه وجُوبُ العِتْقِ في قوْلِه: أعتِقْ عَبْدَك عنك، وعلَيَّ ثَمَنُه. وقدَّم في «الرَّوْضَةِ» أنَّها مُباحَةٌ.

فائدة: لا تصِحُّ كِتابَةُ المَرْهُونِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : قلتُ: تجوزُ كعِتْقِه. وهو الصَّوابُ. وتجوزُ كِتابَةُ المُسْتَأْجَرِ.

قوله: لمَن يَعْلَمُ فيه خَيرًا؛ وهو الكَسْبُ والأمانَةُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم المُصنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ،

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم: المُكْتَسِبُ الصَّدُوقُ. وقال في «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ»: وتُسْتَحَبُّ مع كَسْبِ العَبْدِ وأمانَتِه وصِدْقِه. وقال في «الواضِحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ»: وهي مُسْتَحَبَّةٌ مع كَسْب العَبْدِ فقط. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» ، في كتاب العِتْقِ، فَأسْقَطُوا الأمانةَ.

ص: 193

وَهَلْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

قوله: وهل تُكْرَهُ كِتابَةُ مَن لا كَسْبَ له؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ؛ إحْداهما، تُكْرَهُ كِتابَتُه. وهو المذهبُ. قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ،

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رحمه الله، الكَراهَةُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وصحَّحه في «الخُلاصَةِ» ، و «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُكْرَهُ. فتُسْتَحَبُّ. لكِنْ قال في «الكافِي»: لو دَعا مَن لا كَسْبَ له سيِّدَه إلى الكِتابَةِ، لم يُجْبَرْ. رِوايَةً واحدَةً. قال المُصَنِّفُ: وينْبَغِي أنْ يُنْظَرَ في المُكاتَبِ، فإنْ كان ممَّن يتَضَرَّرُ بالكِتابَةِ ويَضِيعُ؛ لعَجْزِه عن الإنْفاقِ على نفْسِه، ولا يجِدُ مَن يُنْفِقُ عليه، كُرِهَتْ كِتابَتُه، وإنْ كان يجِدُ مَن يَكْفِيه مُؤْنَتَه، لم تُكْرَهْ كِتابَتُه. وعنه، تُكْرَهُ كِتابَةُ الأُنثَى.

ص: 195

وَلَا تَصِحُّ إِلا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.

وَإنْ كَاتَبَ الْمُمَيِّزُ عَبْدَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، صَحَّ. وَيَحْتمِلُ أَلَّا يَصِحَّ.

ــ

فائدة: تقَدَّم في بابِ الحَجْرِ صِحَّةُ كِتابَةِ الوَلِيِّ رَقِيقَ المُوَلَّى عليه. والكِتابَةُ في الصِّحَّةِ والمرَضِ مِن رأْسِ المالِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه: في المرَضِ مِنَ الثُّلُثِ. ولو كاتَبَه في الصِّحَّةِ وأسْقَطَ دَينَه، أو أعْتَقَه في مرَضِه، اعْتُبِرَ خُروجُ الأقَلِّ مِن رقَبَتِه أو دَينِه مِنَ الثُّلُثِ. ولو وَصَّى بعِتْقِه أو أَبْرأَه مِنَ الدَّينِ، اعْتُبِرَ أَقَلُّهما مِن ثُلُثِه. ولو حمَل الثُّلثُ بعضَه عتَق، وباقِيه على الكِتابَةِ. ولو أَقَرَّ في المَرَضِ بقَبْضِ النُّجُومِ سلَفًا، جازَ.

قوله: وإنْ كاتَبَ المُمَيِّزُ عَبْدَه بإذْنِ وَلِيِّه، صَحَّ. صِحَّةُ كِتابَةِ المُمَيِّزِ لعَبْدِه بإذْنِ وَلِيِّه مَبْنِيَّةٌ على صِحَّةِ بَيعِه بإذْنِ وَلِيِّه، على ما تقدَّم في أوَّلِ كِتابِ البَيعِ، والصَّحيحُ صِحَّةُ بَيعِه، فكذا كِتابَتُه.

ص: 196

وَإنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمُمَيِّزَ، صَحَّ.

ــ

وقوله: ويحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ. هذا الاحْتِمالُ لأبِي الخَطَّابِ، وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في هذا الباب. وقيل: تصِحُّ كِتابَتُه بغيرِ إذْنِ وَلِيِّه. وفي «المُوجَزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ»: تصِحُّ مِن ابنِ عَشْرٍ.

قوله: وإنْ كاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَه المُمَيِّزَ، صحِّ. بلا نِزاعٍ. وظاهِرُ كلامِه، أنَّه لا يصِح أنْ يُكاتِبَ غيرَ المُمَيِّزِ، ولا المَجْنون، ولو فعَل، لِم يصِحَّ. ولا يعْتِقان بالأداءِ، بل يتعَلَّقُ العِتْقُ به إنْ كان التَّعْليقُ صرِيحًا، وإلَّا فوجْهان في العِتْقِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يعْتِقُ بتَعْليقِ العِتْقِ به؛ لأنَّ الكِتابَةَ تتَضمَّنُ

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معْنَى الصِّفَةِ. اخْتارَه القاضي. والثَّاني، لا يعْتِقُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . ونَصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: والمذهبُ، لا يعْتِقُ بالأداءِ، خِلافا لما قال القاضي.

ص: 198

وَلَا تَصِحُّ إلا بِالْقَوْلِ. وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا.

ــ

قوله: ولا تَصِحُّ إلَّا بالقَوْلِ، وتَنْعَقِدُ بقَوْلِه:. كاتَبْتُكَ على كذا. وإنْ لم يقُلْ: فإِذا أدَّيتَ إلَيَّ فأنْت حُرٌّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو

ص: 203

وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: فَإِذَا أَدَّيتَ إِلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُ.

ــ

المذهبُ المَجْزومُ به لعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُه ذلك، أوْ نِيَّتُه. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» . وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، وهو رِوايَةٌ في «المُوجَزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ» ، يُشْترَطُ قوْلُه ذلك. وقيل: أو نيَّتُه.

فائدة: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُشْتَرطُ قَبُولُه للكِتابَةِ. وقال في «المُوجَزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يُشْتَرطُ ذلك. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ» .

ص: 204

وَلَا تَصِحُّ إلا عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ، مُنَجَّمٍ، نَجْمَينِ فَصَاعِدًا،

ــ

قوله: ولا تصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ مَعْلُومٍ. [ولو خِدْمَةً أو مَنْفعَةً وغيرَها](1). قال الأصحابُ؛ مُباح يصِحُّ السَّلَمُ فيه. مُنَجَّم بنَجْمَين فصاعِدًا، يَعْلَمُ قَدْرَ ما يُؤدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. الصِّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ إلَّا على نَجْمَين

(1) سقط من: ط.

ص: 205

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصاعِدًا، يَعْلَمُ قَدْرَ ما يُؤَدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقِيلَ: تصِحُّ على نَجْمٍ واحِدٍ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «الفائقِ» : وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله. [وقيل: تصِحُّ أنْ تكونَ على خِدْمَةٍ مُفرَدَةٍ على مُدَّةٍ واحَدَةٍ] (1). والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ معْلومٍ، فلا تصِحُّ على عَبْدٍ

(1) سقط من: ط.

ص: 207

يَعْلَمُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. وَقِيلَ: تَصِحُّ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ.

وَقَال الْقَاضِي: تَصِحُّ عَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وَلَهُ الْوَسَطُ.

ــ

مُطْلَقٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ونَصَرَاه، و «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال القاضي: تصِحُّ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وله الوَسَطُ. وقاله أصحابُ القاضي. قال في «الرِّعايتَين»: وإنْ كاتَبَه على عَبْدٍ مُطْلَقٍ، صحَّ، في الأصحِّ، وله الوَسَطُ. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ كاتَبَه على عَبْدٍ مُطْلَقٍ صحَّ، ووجَب الوَسَطُ. وقِياسُ قوْلِ أبِي بَكْرٍ بُطْلانُه.

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الكِتابَةَ لا تصِحُّ حالَّةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحِ، أنَّ فيها قَوْلًا بالصِّحَّةِ؛ فإنَّهما قالا: ولا تجوزُ إلا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً، هذا ظاهِرُ المذهبِ. فدلَّ أنَّ فيها خِلافًا. وهو خِلافُ ظاهرِ المذهبِ،

ص: 209

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واخْتارَه في «الفائقِ» ، فقال: والمُخْتارُ صِحَّةُ الكِتابَةِ حالةً. وقال في «التَّرْغيبِ» : في كِتابَةِ مَن نِصْفُه حُرٌّ، حالَّةً، وَجْهان. فعلى المذهبِ، في جَوازِ تَوْقيتِ النَّجْمَين بساعتَين وعدَمِه، فيُعْتبَرُ ما لَه وَقْعٌ في القُدْرَةِ على الكَسْبِ، فيه خِلافٌ في «الانْتِصارِ». قلتُ: الصَّوابُ الثَّاني. وإنْ كان ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ الأوَّلَ. وتقدَّم في أواخِرِ العِتْقِ، هل يصِحُّ شراءُ العَبْدِ نفْسَه مِن سيِّدِه بمالٍ في يَدِه، أمْ لا؟ وعلى المذهبِ أيضًا، تكونُ الكِتابَةُ باطِلَةً مِن أصْلِها، على الصَّحيحِ. ذكَرَه القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. وصرَّح ابنُ عَقِيلٍ بأنَّ الإِخلال بشَرْطِ النُّجومِ يُبْطِلُ العَقْدَ. وذكَر صاحِبُ «التَّلخيصِ» ، أنَّ الكِتابَةَ تصِيرُ فاسِدَةً، ولا تبْطُلُ مِن أصْلِها. ويأتي الإِشْكالُ فيما إذا كاتَبَه على عِوَضٍ مَجْهولٍ، أنَّها تكونُ فاسِدَةً لا باطِلَةً، آخِرَ البابِ.

ص: 210

وَتَصِحُّ عَلَى مَالٍ وَخِدْمَةٍ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتِ الْخِدْمَةُ أَوْ تَأْخَّرَتْ.

ــ

قوله: وتصِحُّ على مالٍ وخِدْمَةٍ، سواءٌ تقَدَّمَتِ الخِدْمَةُ أَوْ تأَخَّرَتْ. يعْنِي، تصِحُّ الكِتابَةُ على مالٍ مع خِدْمَةٍ، ويُشْترَطُ كوْنُ المالِ مُؤَجَّلًا، بخِلافِ الخِدْمَةِ،

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكِنْ لو جَعَل الدِّينَ بعدَ فراغِ الخِدْمَةِ بيَوْمٍ أو أكْثَرَ، صحَّ؛ وإنْ جعَل مَحِلّه في الخِدْمَةِ أو عندَ انْقِضائِها، صحَّ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم، ونَصَرُوه.

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال القاضي: لا تصِحُّ؛ لأنَّه يكونُ نجْمًا واحدًا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ،

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم.

ص: 214

وَإذَا أدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيهِ، أَوْ أُبْرِئ مِنْهُ، عَتَقَ،

ــ

فائدة: تصِحُّ الكِتابَةُ على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنَجَّمَةٍ؛ كخِدْمَةٍ، وعمَل في الذِّمَّةِ؛ كخِياطَةٍ ونحوها. قاله الأصحابُ. وللمُصَنِّفِ احْتِمال بصِحَّتِها على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُدَّةً واحِدَةً.

قوله: وإنْ أدَّى ما كُوتِبَ عليه، أَو أُبْرِئَ منه، عتَق. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ، و «الفائقِ» ، وغيرهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ،

ص: 215

وَمَا فَضَلَ في يَدِهِ فَهُوَ لَهُ. وَعَنْهُ، أنَّه إِذَا مَلَكَ مَا يُؤدِّي صَارَ حُرًّا، وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ.

ــ

و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، إذا ملَك ما يُؤْدِّي، صارَ حُرًّا، ويُجْبَرُ على أدائِه.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو أَبرَأَه بعضُ الوَرَثَةِ مِن حَقِّه منها، وكان مُوسِرًا، عتَق عليه كُلُّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَعْتِقُ.

ص: 217

فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الأَدَاءِ كَانَ مَا في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، في الصَّحِيحِ عَنْهُ.

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُخْرى، لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ.

ــ

قوله: فلو ماتَ قبلَ الأداءِ كان ما في يَدِه لسَيِّدِه. في الصَّحيحِ عنه. وهذا مُفَرَّعٌ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ وهو أنَّه إذا ملَك ما يُؤدِّي عن كِتابَتِه ولم يُؤدِّه،

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يَعْتِقْ، فإذا ماتَ قبلَ الأداءِ، انْفَسَخَتِ الكِتابَةُ، وكان ما في يَدِه لسيِّدِه. وعلى الرِّوايَةِ الثانيةِ؛ وهي أنَّه إذا ملَك ما يُؤدِّي، يصِيرُ حُرًّا قبلَ الأداءِ، فإذا ماتَ قبلَ الأداءِ، كان لسَيِّدِه بَقِيَّةُ كِتابَتِه، والباقي لوَرَثَةِ المَيِّتِ، فلا تَنْفَسِخُ الكِتابَةُ. واخْتارَه

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هنا أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ. لكِنْ هل يسْتَحِقُّه السَّيِّدُ حالًّا، أو هو على نُجومِه؟ فيه رِوايتَان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: هي شَبِيهَةٌ بمَن ماتَ وعليه دَينٌ، على ما تقدَّم في بابِ الحَجْرِ. وتقدّم في ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ، إذا عجَز ورَقَّ ونحوُه، وكان بيَدِه مالٌ أخذَه مِنَ الزَّكاةِ، هل يكونُ لسَيِّدِه أو لمَن أخَذَه منه؟

ص: 221

وَإذَا عُجِّلَتِ الْكِتَابَةُ قَبْلَ مَحِلِّهَا، لَزِمَ السَّيِّدَ الْأَخْذُ، وَعَتَقَ.

ــ

قوله: وإذا عُجِّلَتِ الكِتابَةُ قبلَ مَحِلها، لَزِمَ السَّيّدَ الأَخْذُ. فشَمِلَ القَبْضَ مع الضَّرَرِ وعدَمِه، وكذا قال الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، والخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشيرازِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهم. قال في «المُذْهَبِ»: يلْزَمُه مع

ص: 223

وَيَحْتَمِلُ ألَّا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ، إذَا كَانَ في قَبْضِهِ ضَرَرٌ.

ــ

الضَّرَرِ في ظاهرِ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: وهو الصحيحُ؛ وقدَّمه في «الهِدايةِ» ،

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» . ويَحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمَه ذلك إذا كان في قَبْضِه

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضَرَرٌ. وهو المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال القاضي:

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمذهبُ عندِي، أنَّ فيه تَفْصِيلًا على حسَبِ ما ذكَرْنا في السَّلَمِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال في «الرِّعايتَين»: وإنْ عجَّلَ ما عليه قبلَ مَحِلِّه، لَزِمَ سيِّدَه في الأصحِّ أخْذُه بلا ضَرَرٍ، وعتَق في الحالِ. وجزَم به في

ص: 227

وَلَا بَأَسَ أن يُعَجِّلَ الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ، وَيَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ كِتَابَتِهِ.

ــ

«الوَجيزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» وغيرُهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال في «الفائقِ»: ولو عجّلَ ما عليه لَزِمَ قَبْضُه، وعتَق حالًّا. نصَّ عليه، وقيَّد بعَدَمِ الضَّرَرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، ذكَرَه في باب السَّلَمِ. ونقَل حَنْبَلٌ، وأبو بَكْرٍ: لا يلْزَمُه ولو مع عدَمِ الضَّرَرِ. ذكَرها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّه قد يعْجِزُ، فيَرِقُّ، ولأن بقاءَ المُكاتَب في هذه المُدَّةِ حقٌّ له، ولم يرْضَ بزَوالِه. فهذه ثلاثُ رِواياتٍ؛ رِوايَة باللُّزومِ مُطْلَقًا، وعدَمِه مُطْلَقًا،

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثَّالثةُ، الفَرْقُ بينَ الضَّرَرِ وعدَمِه. واخْتارَ القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين» طريقةً أُخرَى؛ وهي إنْ كان في القَبْضِ ضَرَرٌ، لم يلْزَمْه، وإلَّا فرِوايَتان. وتَبِعَه في «الكافِي» .

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا باللُّزومِ، لو امْتنَعَ السَّيِّدُ مِن قَبْضِه، جعَلَه الإمامُ في بَيتِ المالِ، وحكَم بعِتْقِ العَبْدِ. جزَم به الزَّرْكَشِيُّ. قال في «الفُروعِ»: هذا المَشْهورُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ أبَى السَّيِّدُ، بَرِئَ العَبْدُ. ذكَرْناه في

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَكْفُولِ به. نقَل حَرْبٌ، إنْ أبَى مَوْلاه الأَخْذَ، ما أعلمُ زادَه إلَّا خَيرًا. وتقدَّم

ص: 231

وَإذَا أَدَّى وَعَتَقَ، فَوَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ عَيبًا، فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ.

ــ

نظيرُ ذلك في بابِ السَّلَمِ. الثَّانيةُ، في عِتْقِ المُكاتَبِ بالاعْتِياضِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . والصَّوابُ العِتْقُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعدَمُ العِتْقِ قاله القاضي.

قوله: وإذا أدَّى وعتَقَ، فوجَد السَّيِّدُ بالعِوَضِ عَيبًا، فله أَرْشُه أَوْ قِيمَتُه، ولا

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يرْتَفعُ العِتْقُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَررِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائِقِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: هو كالبَيعِ. وقيل: يَرْتَفِعُ العِتْقُ، إنْ ردَّه ولم يُعْطِهِ

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البَدَلَ. وهو تَوْجِيهٌ للقاضي. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: فإنْ بانَ مَعِيبًا، نَظَرْتَ؛ فإنْ رَضِيَ بذلك وأمْسكَه، اسْتقَرَّ العِتْقُ، وإنِ اخْتارَ إمْساكَه وأخْذَ الأَرْشِ، أو ردَّه، فله ذلك. وقال أبو بَكْر: قِياسُ قَوْلِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه لا يبْطُلُ به العِتْقُ، وليس له الرَّدُّ، وله الأَرْشُ.

فائدة: لو أخَذ السَّيِّدُ حقَّه ظاهِرًا، ثم قال: هو حُرٌّ. ثم بانَ مُسْتَحَقًّا، لم يَعْتِقْ. قاله الأصحابُ. وإنِ ادَّعَى السَّيِّدُ تحْريمَ العِوَضِ، قُبِلَ ببَيِّنَةٍ، وإنْ لم تكُنْ بَيِّنَة،

ص: 234

فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ، وَمَنَافِعَهُ، وَالشِّرَاءَ، وَالْبَيعَ، وَالإِجَارَةَ، وَالاسْتِئْجَارَ، وَالسَّفَرَ، وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ، وَالإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ، وَكُلَّ مَا فِيهِ صَلَاحُ المَالِ.

ــ

قُبِلَ قوْلُ العَبْدِ مع يَمِينِه، ثم يجِبُ على السَّيِّدِ أخْذُه، ويعْتِقُ به، ثم يلْزَمُ السَّيِّدَ رَدُّه إلى مالِكِه، إنْ أضافَه إلى مالٍ. وإنْ نكَل العَبْدُ حلَف سيِّدُه، وله قَبْضُه مِن دَينٍ غيرِ دَينِ الكِتابَةِ وتعْجِيزُه، وفي تَعْجيزِه قبلَ أخْذِ ذلك مِن جِهَةِ الدَّينِ وَجْهان في «التَّرْغيبِ» . واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» . والاعْتِبارُ بقَصْدِ السَّيِّدِ في قَبْضِه عن أحَدِ الدَّينَين، وفائِدَتُه، يَمِينُه عندَ النزاعِ. قلتُ: قد تقدَّم في بابِ الرَّهْنِ، أنَّه لو قضَى بعضَ دَينه، أو أُبْرِئ منه، وببعضِه رَهْنٌ أو كَفيل، كان عمَّا نَواه الدَّافِعُ، أو المُبْرِئُ مِنَ القِسْمَين، والقَوْلُ قوْلُه في النِّيَّةِ بلا نِزاعٍ. فيُخَرَّجُ هنا مثلُه.

قوله: ويمْلِكُ السَّفَرَ. حُكْمُ سفَرِ المكاتَبِ حُكْمُ سفَرِ الغَريمِ، على ما تقدَّم في أوَّلِ بابِ الحَجْرِ. قال في «الفُروعِ»: وله السَّفَرُ، كغَريمٍ. قال المُصَنِّفُ

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ: وقد أطْلَقَ أصحابُنا القَوْلَ في ذلك، ولم يُفَرِّقُوا بينَ السَّفَرِ الطويلِ وغيرِه. وقِياسُ المذهبِ، أنَّ له منْعَه مِنَ السَّفَرِ الَّذي تحِل نُجومُ الكِتابَةِ قبلَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: وهو مُرادُ الأصحابِ، وإنَّما لم يُقَيِّدوا ذلك اكتِفاءً بما تقدَّم لهم مِنَ الحُرِّ المَدِينَ بطريق الأَوْلَى.

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ، السَّفَرُ للجِهادِ، فإنَّه لا بجوزُ له السَّفَرُ لذلك إلَّا بإذْنِه، على ما مر في كتابِ الجِهادِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ.

ص: 236

فَإِنْ شَرَطَ عَلَيهِ أَلَّا يُسَافِرَ، وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ عَلَى وَجْهَينَ.

ــ

قوله: فإنْ شرَطَ عليه أنْ لا يسافِرَ، ولا يأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فهل يصِحُّ الشَّرْطُ؟ على وَجْهَين. وهما وَجْهانِ أيضًا في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وهما رِوايَتان عندَ أبِي الخَطَّابِ، والشِّيرازِيِّ، والمُصَنِّفِ في

ص: 237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الكافِي» ، والمَجْدِ في «المُحَرَّرِ» ، وصاحِبِ «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ؛ أحدُهما، يصحُّ الشَّرْطُ. وهو المذهبُ. قال في

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين»: ويصِحُّ شَرْطُ ترْكِهما على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، و «الفائقِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فيهما. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ الشَّرْطُ. صحَّحه في «النَّظْمِ» . واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، صِحَّةَ شَرْطِ أنْ لا يُسافِرَ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ بُطْلانَ شَرْطِ عدَمِ سفَرِه، وصحَّةَ شَرْطِ عدَمِ السُّؤالِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يصِحُّ إذا شرَط أنْ لا يُسَافِرَ، ولا يصِحُّ شَرْطُ أنْ لا يأْخُذَ الصَّدقَةَ. وقال القاضي: لا يصِحُّ إذا شرَط أن لا يُسافِرَ. وقال في «الجامِعِ» ، والشَّرِيفُ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» ، والشِّيرازِيُّ: يصِحُّ شَرْطُ أنْ لا يُسافِرَ. وقال أبو بَكْرٍ: إذا رآه يَسْألُ مرَّةً في مرَّةٍ، عَجَّزَه، كما لو حَلَّ نَجْمٌ في نَجْمٍ، عجَّزَه. فاعْتَبرَ المُخالفَةَ في مرَّتَين كحُلُولِ نَجْمَين، وصحًحَ الشَّرْطَ. فعلى القَوْلِ بصِحَّةِ الشَّرْطِ، إذا خالفَ كان لسيِّدِه تعْجِيزُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يمْلِكُ تعْجيزَه بسفَرِه إذا لم يُمْكِنْ ردُّه. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» . وإنْ أمْكَنَ ردُّه، لم يمْلِكْ تعْجيزَه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه.

ص: 239

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَلَا يَتَسَرَّى، وَلَا يَتَبَرَّعَ، وَلَا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِ رَقِيقِهِ، وَلَا يُعْتِقَ وَلَا يُكَاتِبَ إلا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَوَلَاءُ مَنْ يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ لِسَيِّدِه.

ــ

قوله: وليس له أنْ يَتَزَوَّجَ، ولا يَتَسَرَّى، ولا يَتَبَرَّعَ، ولا يُقْرِضَ، ولا يُحابِيَ، ولا يَقْتَصَّ مِن عبْدِه الجَانِي على بعضِ رَقِيقِه، ولا يُعْتِقَ ولا يُكاتِبَ إلَّا بِإذْنِ سَيِّدِه. لا يتزَوَّجُ المُكاتَبُ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ عندَ عامةِ الأصحابِ، وقطَع به

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عامَّتُهم. قلتُ: قطَع به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ،

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوَجيزِ» ، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ». وقيل: له أنْ يتزَوَّجَ بغيرِ إذْنِه، بخِلافِ المُكاتَبَةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ» ، ونقَله إبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ.

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: ليس للمُكاتَبِ أنْ يُزَوِّجَ رَقِيقَه إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ،

ص: 244

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونَصَرَاه، وصحَّحه في «الكافِي». وقيل: له ذلك إذا رأى المصْلحَةَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقيل: له أنْ يُزَوِّجَ الأمَةَ دُونَ العَبْدِ. حكاه القاضي في «خِصالِه» . وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النّظْمِ» . وليس للمُكاتَبِ أنْ يتَسَرَّى إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. [وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، المَنْعُ. وعنه، عكْسُه. ذكَرهما في «الفُروعِ»، ولم أرَهما في غيرِه](1). وليس له أنْ يتَبرَّعَ ولا يُقْرِضَ ولا يُحابِىَ، إلَّا بإذْنِ سيِّدِه، بلا خِلافٍ

(1) سقط من: ط.

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أعْلَمُه. وليس له أنْ يقْتَصَّ مِن عَبْدِه الجانِي على بعضِ رَقيقِه، إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: يجوزُ له ذلك. اخْتارَه القاضي. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الكافِي» . وأطْلَقَهما في

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» . وأمَّا العِتْقُ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْتِقَه مجَّانًا، أو على عِوَضٍ في ذِمَّتِه، فإنْ أعْتَقَه مجَّانًا، لم يجُزْ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. بلا نِزاعٍ. فلو خالفَ وفعَل، فالعِتْقُ باطِلٌ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفائقِ» . وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي: عِتْقُه مَوْقوفٌ على انْتِهاءِ الكِتابَةِ؛ فإنْ عتَق عتَقُوا، وإنْ رَقَّ رَقُّوا، كما لو ملَك ذا رَحِمٍ منه. وخرج وَقْفَه على رِضَا السَّيِّدِ. قاله في «الفائقِ» . وإنْ أعْتقَه بمالٍ في ذِمَّتِه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه ليس له ذلك إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ إذا رَآه مَصْلحَةً له.

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» . وأمَّا المُكاتَبَةُ، فليس له ذلك إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ». وقال أبو بَكْرٍ: هو مَوْقوفٌ، كقَوْلِه في العِتْقِ المُنْجَزِ.

ص: 249

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» هنا: ليس له أنْ يحُجَّ إنِ احْتاجَ إلى الانْفاقِ مِن مالِه فيه. وذكَر المُصَنِّفُ أيضًا في «المُقْنِع» في بابِ الاعْتِكافِ، له أنْ يحُجَّ بغيرِ إذْنِ سيِّدِه، لأنَّه كالحُرِّ المَدِينِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» هناك. ونقَل المَيمونِيُّ، له أنْ يحُجَّ مِنَ المالِ الذي جمَعَه، ما لم يأْتِ نَجْمُه. قال المُصَنِّفُ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ: هذه الرِّوايَةُ محْمولَةٌ على أنَّه يحُجُّ بإذْنِ سيِّدِه، وأمَّا بغيرِ إذْنِه، فلا يجوزُ. انتهى. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «النَّظْمِ» ، و «المُنَوِّرِ» ،

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم، في بابِ الاعْتِكافِ: ويحُجُّ بغيرِ إذنِه، ما لم يَحِلَّ عليه نجْمٌ في غَيبَتِه. نصَّ عليه. انتهى. فقطَعُوا بذلك. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وفي جَوازِ حَجِّه بمالٍ بإذْنِ سيِّدِه رِوايَتان. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» في هذا البابِ: وفي جَوازِ حَجِّه بمالِه بإذْنِ سيِّدِه رِوايَتان. وعنه، له الحَجُّ بلا إذْنِه. وعنه، ما لم يحِلَّ نجْمٌ. قال في «الفُروعِ»: وله الحَجُّ بمالِه ما لم يحِلَّ نجْمٌ. وقيل: مُطْلَقًا. وأطْلَقه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقالوا؛ نصَّ عليه. وتقدَّم بعضُ ذلك في أوَّلِ كتابِ الاعْتِكافِ.

قوله: ووَلاءُ مَن يُعْتِقُه ويُكاتِبُه لسَيِّدِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم، قال في «الرعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ»: إنْ كاتبَه بإذْنِ سيِّدِه. وقيل: الوَلاءُ للمُكاتَب إنْ عتَق. زادَ في «الفائقِ» ، مع أمْنِ ضَرَرٍ في مالِه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أدَّى الأوَّلُ ثم أدَّى الثَّاني، فوَلاءُ كل واحدٍ لمُكاتِبِه، وإنْ أدَّى الأوَّلُ وعجَز الثَّاني، صارَ رقيقًا للأوُّلِ، وإنْ عجَز الأوَّلُ وأدَّى الثَّاني، فوَلاؤُه للسَّيِّدِ الأوَّلِ، وإنْ أدَّى الثَّاني قبلَ عِتْقِ الأوَّلِ، عتَق. قال أبو بَكْرٍ: ووَلاؤُه للسَّيِّدِ. ورَجَّحه القاضي في «الخِلافِ» . قاله في «القاعِدَةِ السَّادسَةَ عشْرَةَ [بعد المِائَةِ] (1)» . وقال القاضي في «المُجَرَّدِ» : هو مَوْقوفٌ؛ إنْ أدَّى عتَق، ووَلاؤُه له، وإلَّا فهو للسَّيِّدِ.

(1) سقط من: النسخ. انظر: «القواعد الفقهية» 286.

ص: 253

وَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

ــ

قوله: ولا يُكَفِّرُ بالمالِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ مُطْلَقًا. جزَم به في «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «الشَّرْحِ» . وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، له ذلك بإذْنِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي» ،

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» . وعنه، يُكَفِّرُ بالمالِ مُطْلَقًا. وقال القاضي: المُكاتَبُ كالقِنِّ في التَّكْفيرِ، فإنْ أَذِنَ له سَيِّدُه في التَّكْفيرِ بالمالِ، انْبَنَى على مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْليكِ؛ فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. لم يصِح تكْفِيره بغيرِ الصِّيامِ مُطْلقًا. وإنْ قُلْنا: يمْلِكُ. صحَّ بالإطْعامِ إذا أَذِنَ فيه سيِّدُه. وإن أذِنَ في التَّكْفيرِ بالعِتْقِ، فهل يصِحُّ؟ علي رِوايتَين. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أن هذا التَّفْصِيلَ لا يَتوَجَّهُ في المُكاتَبِ؛ لأنَّه يمْلِكُ المال بغيرِ خِلافٍ،

ص: 255

وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ أَوْ يُضَارِبَ بِمَالِهِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ.

ــ

وإنَّما مِلْكُه ناقِصٌ؛ لتعَلُّقِ حقِّ السَّيِّدِ به، فإذا أذِنَ له، صحَّ، كالتَّبَرُّعِ.

تنبيه: حيثُ جوَّزْنا له التَّكْفيرَ بالمالِ، فإنَّه لا يلْزَمُه. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. قوله: وهل له أنْ يَرْهَنَ أو يُضاربَ بمالِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. وكذا قال في «الهِدَايَةِ» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، ليس له ذلك. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الكافِي» . وقدَّمه في «الشَّرْحِ» في مَوْضِعٍ آخَرَ. والوَجْهُ الثَّاني، له ذلك. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» .

فائدتان؛ إحْداهما، في جَوازِ بَيعِه نَساءً، ولو برَهْنٍ، وهِبَتِه بعِوَضٍ، وحَدِّ رَقيقِه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» في الأُولَى والأخِيرَةِ. وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» في البَيعِ نَساءً. وقدَّم في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، أنَّه ليس له

ص: 256

وَلَيسَ لَهُ شِرَاءُ ذَوي رَحِمِهِ إلا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَقَال الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ.

ــ

أنْ يبيعَ نَساءً. وقدَّمه في «الكافِي» في الجميعِ. وجزَم في «الوَجيزِ» ، ليس له أنْ يهَبَ ولو بثَوابٍ مَجْهولٍ، ولا يَحُدَّ. وجزَم في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، ليس له أنْ يهَبَ ولو بثَوابٍ مَجْهولٍ. وجزَم في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، أنَّه لا تصِحُّ الهِبَةُ بالثَّوابِ. وقيل: يجوزُ بيعُه نَساءً مِن غيرِ رَهْنٍ ولا ضَمِينٍ. ففي البَيعِ نَساءً ثلاثَةُ أوْجُهٍ؛ الجوازُ، وهو تخْريجٌ للقاضي مِنَ المُضارِبِ. وعدَمُه. والجوازُ برَهْن أو ضَمِينٍ. الثَّانيةُ، ليس له أنْ يقْتَصَّ لنَفْسِه ممَّن جنَى على طرَفِه بغيرِ إذنِ سيِّدِه، على أحَدِ الوَجْهَين. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يقْتَصُّ لنَفْسِه مِن عُضْوٍ، وقيل: أو جُرْحٍ، بدُونِ إذْنِ سيِّدِه في الأصحِّ. وكذا قال في «الفائقِ». قال القاضي في «خِلافِه»: وهو قِياسُ قَوْلِ أبِي بَكْرٍ. قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثَّلاثِينَ بعدَ المِائةِ» : وفيه نظرٌ. وقيل: له ذلك. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ. قلتُ: وهذا المذهبُ، والقوْلُ الأوَّلُ ضعيفٌ جِدًّا. وقد ذكَر الأصحابُ قاطِبَةً أنَّ العَبْدَ لو وجَب له قِصاصٌ، أنَّ له طلَبَه والعَفْوَ عنه، كما ذكَرَه المُصَنِّفُ في آخِرِ بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ. فههنا بطَريقٍ أوْلَى وأحْرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يُقال؛ له الطَّلَبُ وليس له الفِعْلُ. قلتُ: وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» .

قوله: وليس له شِراءُ ذَوي رَحِمِه إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه. هذا أحدُ الوَجْهَين قدَّمه في «الهِدايَةِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الخُلاصةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقال القاضي: له ذلك. نصَّ عليه،

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيّ: هذا الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وله شِراءُ ذَوي رَحِمِه بلا إذْنِ سيِّدِه، في أصحِّ الوَجْهَين. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وقطَع به الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» . وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظمِ» .

ص: 258

وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُمْ إِذَا وُهِبُوا لَهُ، أوْ وُصِّيَ لَهُ بِهِمْ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِمَالِهِ.

ــ

قوله: وله أنْ يقْبَلَهم إذا وُهِبُوا له، أو وُصِّيَ له بهم، إذا لم يكُنْ فيه ضَرَر بمالِه. وقطَع به في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ». وشرَح على ذلك ابنُ مُنَجَّى. وقيل: له أنْ يقْبَلَهم في الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ، ولو أضَرَّ ذلك بمالِه. وأطْلَقَ الجوازَ، مِن غيرِ التَّقْييدِ بالضَّرَرِ، في «الهِدايَةِ» ، و «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وهو إحْدَى نُسْخَتَي الخِرَقِيِّ. قال الشَّارِحُ: وله أنْ يقْبَلَهم؛ لأنَّه إذا ملَك شِراءَه فلَأنْ يجوزَ له بغيرِ عِوَضٍ أوْلَى. وعندَ مَن لا يرَى جَوازَ شِرائِهم بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، لا يُجيزُ قَبُولَهم إذا لم يكُنْ فيه ضرَرٌ بمالِه.

فائدة: هل له أنْ يَفْدِيَ ذَوي رَحِمِه إذا جَنَوْا؟ فيه وَجْهانِ. وفي «المُنْتَخَبِ» ، و «المُذْهَبِ» له ذلك، كالشِّراءِ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «التَّرغيبِ»: يَفْدِيه بقِيمَتِه.

ص: 259

وَمَتَى مَلَكَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيعُهُمْ، وَلَهُ كَسْبُهُمْ، وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُ، فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا، وَإنْ رَقَّ صَارُوا رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ.

ــ

قوله: ومتى ملَكَهم لم يكُنْ له بَيعُهم، وله كَسْبُهم، وحُكْمُهم حُكْمُه؛ فإنْ عتَق عَتَقُوا، وإنْ رَقَّ صارُوا رَقِيقًا للسَّيِّدِ. مُرادُه بذالك، ذَوُو رَحِمِه. واعلمْ أن المُكاتَبَ إذا عتَق، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ عِتْقُه بأداءِ مالِ الكِتابَةِ، أو بعِتْقِ

ص: 260

وَكَذَلِكَ الْحُكمُ فِي وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ.

ــ

سيِّدِه له؛ فإنْ كان عِتْقُه بأداءِ مالِ الكِتابةِ، عتَقُوا معه، بلا نِزاعٍ، وإنْ كان عِتْقُه لكَوْنِ سيِّدِه أعْتَقَه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم يعْتِقُونَ معه أيضًا. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم لا يعْتِقُونَ إذا أعْتَقَ السَّيِّدُ المُكاتَبَ، بل يَبْقَوْنَ أرِقَّاءَ للسَّيِّدِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» .

فائدة: يجوزُ للمُكاتَبِ شِراءُ مَن يَعْتِقُ على سيِّدِه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، فإنْ عجَز، عتَقُوا، وإنْ عتَق، كانُوا أرِقاءَ له. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايىَ بها.

تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وكذلك الحُكْمُ في وَلَدِه مِن أمَتِه. يعْنِي، أنَّه يعْتِقُ بعِتْقِه، أنَّه لا يتْبَعُه وَلَدُه إذا كان مِن أمَةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يتبعُه إذا اشْتَرَط ذلك. منهم النَّاظِمُ.

ص: 261

وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا.

ــ

قوله: ووَلَدُ المكاتَبَةِ الذي ولَدَتْه في الكِتابَةِ يتْبَعُها. نصَّ عليه. فإنْ عتَقَت بأداءٍ أو إبْراءٍ، عتَق معها، وإنْ عَتَقَتْ بغيرِهما، لم يعْتِقْ وَلَدُها. على الصَّحيحِ مِنَ

ص: 262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، كمَوْتِها في الكِتابَةِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو مُقْتَضَى قوْلِ أصحابِنا. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وقيل: يبْقَى مُكاتَبًا. قال الشَّارِحُ: وهو مُقْتَضَى قوْلِ شيخِنا. قال في «الفُروعِ» : والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّه يَعْتِقُ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنّ وَلَدَ المُكاتَبةِ، الذي وَلَدَتْه قبلَ الكِتابَةِ، لا يتْبَعُها. وهو صحيحٌ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وظاهِرُ كلامِه،

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّها لو كانتْ حامِلًا به حال الكِتابةِ، تَبِعَها. وهو صحيحٌ. قطعَ به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه.

فائدتان؛ إحْداهما، لو أعْتَقَ السَّيِّدُ الوَلَدَ دُونَها، صحَّ عِتْقُه. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَرَاه. وقيل: لا يعْتِقُ.

ص: 264

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القاضي: قد كان يجِبُ أنْ لا ينْفُذَ عِتْقُه؛ لأنَّ فيه ضرَرًا بأُمِّه؛ لتَفْويتِ كَسْبه عليها، فإنَّها كانتْ تسْتَعِينُ به في كِتابَتِها، ولعَلَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، نَفَّذَ عِتْقَه تَغْلِيبًا للعِتْقِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ مِن ثَلاثةِ أوْجُهٍ. وتقدّم في كتابِ العِتْقِ صِحَّةُ عِتْقِ الجَنِينِ. الثَّانيةُ، وَلَدُ بِنْتِ المُكاتَبَةِ كالمُكاتَبَةِ، ووَلَدُ ابْنِها ووَلَدُ المُعْتَقِ بعضُها كالأمَةِ.

ص: 265

وَإنِ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا. وَإنِ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ، فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ يَمْتَنِعُ عَلَيهِ بَيعُهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ.

ــ

قوله: وإنِ اسْتَوْلَدَ أَمَتَه، فهل تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ يمْتَنِعُ عليه بَيعُها؟ على وَجْهَين.

ص: 268

فَصْلٌ: وَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيئًا مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَبِيعُهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَينِ.

ــ

وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، تصِيرُ أمَّ وَلَدٍ. وهو المذهب، نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «التَّصْحيح» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِيرُ أمَّ وَلَدٍ. وقاله القاضي في مَوْضِع مِن كلامِه. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ» .

قوله: ولا يبِيعُه دِرْهَمًا بدِرْهَمَين. يعْنِي، أنَّه يَجْرِي الرِّبا بينَهما. وهذا

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ أبِي مُوسى: لا رِبَا بينَهما؛ لأنَّه عَبْدٌ في الأظْهَرِ مِن قوْلِه: لا رِبَا بينَ العَبْدِ وسيِّدِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وهو روايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. فعلى المذهبِ، لو زادَ الأجَلَ والدَّينَ، جازَ ذلك، على احِتْمالٍ ذكَرَه المصَنِّفُ، وغيرُه. والمذهبُ، عدَمُ الجَوازِ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم ذلك في آخِرِ بابِ الرِّبَا.

ص: 270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك مالُ الكِتابةِ، فإنَّه لا يجْرِي الرِّبا في ذلك. قاله

ص: 271

وَإنْ جَنَى عَلَيهِ، فَعَلَيهِ أَرشُ جِنَايَتِهِ.

ــ

الأصحابُ؛ لتَجْويزِهم تعْجِيلَ الكِتابَةِ بشَرْطِ أنْ يضَعَ عنه بعضَها. وتَقدَّم قطْعُ المُصَنِّفِ بذلك.

ص: 272

وَإنْ حَبَسَهُ مُدَّةً، فَعَلَيهِ أَرْفَقُ الأمْرَين بِهِ، مِنْ إِنْظَارِهِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، أوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ.

ــ

قوله: وإنْ حبَسَه مُدَّةً، فعليه أَرْفَقُ الأَمْرَين به، مِن إنْظارِه مثلَ تلك المُدَّةِ، أوْ أُجْرَةِ مثلِه. هذا أحدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقيل: تلْزَمُه أُجْرَةُ المُدَّةِ. جزَم به الأَدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ». وقيل: يلْزَمُه إنْظارُه مثلَ المُدَّةِ، ولا تُحْسَبُ عليه مُدَّةُ حَبْسِه. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وأطْلَقهُنَّ في «الكافِي» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» .

ص: 273

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ مُكَاتَبَتَهُ إلا أَنْ يَشْتَرِطَ،

ــ

قوله: وليس له وَطْءُ مُكاتَبَتِه إلا أَنْ يشْتَرِطَ. إذا أرادَ وَطْأها، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يشْتَرِطَه أوْ لا، فإنْ لم يشْتَرِطْه، لم يجُزْ وَطْؤُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

ص: 274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وقيل: له وَطْؤُها وإنْ لم يشْتَرِطْ، في الوَقْتِ الذي لا يشْغَلُها الوَطْءُ عنِ السَّعْي عمَّا هي فيه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا القَوْلُ يحْتَمِلُ أنَّه في المذهبِ، ويحْتَمِلُ أنَّه لبعضِ العُلَماءِ. وإنْ شرَط وَطْأَها في العَقْدِ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَجْزومُ به عندَ عامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وصحَّحَه النَّاظِمُ وغيرُه. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين»: هذا المذهبُ المَنْصوصُ،

ص: 275

فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ، أَوْ وَطِئَ أَمَتَهَا، فَلَهَا عَلَيهِ

ــ

كالرَّاهِنِ يطَأُ بشَرْطٍ. ذكَرَه في «عُيونِ المَسائلِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل في «المُفْرَداتِ» ، وقال: هذا اخْتِيارِي.

قوله: وإنْ وَطِئَها ولم يشْتَرِطْ، أو وَطِئَ أمَتَها، فلها عليه المَهْرُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يلْزَمُه إنْ

ص: 276

الْمَهْر، وَيُؤَدَّبُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ. وَإنْ شَرَطَ وَطْئَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيهِ.

ــ

طاوَعَتْه. قدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» .

فائدة: إذا تكَرَّرَ وَطْؤُه؛ فإنْ كان قد أدَّى مَهْرَ الوَطْءِ الأَوَّلِ، لَزِمَه للثَّانِي مَهْرٌ أيضًا، وإنْ لم يكُنْ أدَّى عنه، لم يلْزَمْه إلَّا مَهْرٌ واحدٌ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وسيَأْتِي ذلك مُسْتَوْفًى في آخِرِ كتابِ الصَّداقِ.

تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: ويُؤدَّبُ ولا يَبْلُغُ به الحَدَّ. إذا كان عالِمًا بالتَّحْرِيم. فأمَا إنْ كان غيرَ عالم بالتَّحْرِيمِ، فإنَّه لا يُعَزَّرُ.

ص: 277

وَمَتَى وَلَدَتْ مِنْهُ، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ،

ــ

قوله: ومتى وَلَدَتْ منه، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه حُرٌّ -سوْاءٌ وَطِئهَا بشَرْطٍ أو بغيرِه- فإِنْ أدَّتْ عتَقَتْ، وإنْ مات قبلَ أدائِها، عتَقَت، وسقَط ما بَقِيَ مِن كِتابَتِها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وحكَى الشِّيرازِيُّ رِوايَةً، يلْزَمُها بَقِيَّةُ مالِ الكِتابَةِ تدْفَعُها إلى الوَرَثَةِ، إذا اخْتارَتْ بَقاءَها على الكِتابَةِ. ذكَرَه عنه الزَّرْكَشِيُّ.

فائدة: ليس له وَطْءُ بِنْتِ مُكاتَبَتِه، ولا يُباحُ ذلك بالشَّرْطِ، فإنْ فعَل عُزِّرَ،

ص: 279

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا تجِبُ عليه قِيمَةُ وَلَدِه مِن جارِيَةِ مُكاتَبِه أو مُكاتَبَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويحْتَمِلُ أنْ تجِبَ.

ص: 280

فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ، وَإنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا عَتَقَتْ، وَسَقَطَ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهَا، وَمَا فِي يَدِهَا لَهَا، إلا أن يَكُونَ بَعْدَ عَجْزِهَا. وَقَال

ــ

قوله: وما في يَدِها لها، إلَّا أنْ يكُونَ قد عَجَّزَها. إذا ماتَ السَّيِّدُ قبلَ أدائِها، عتَقَتْ بكَوْنِها أُمَّ وَلَدٍ، وما في يَدِها، إنْ كان ماتَ سيِّدُها بعدَ عَجْزِها، فهو لوَرَثَةِ سيِّدِها، وإنْ كان ماتَ قبلَ عَجْزِها، فقدَّم المُصَنفُ هنا، أنَّه يكونُ لها. وهو أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

ص: 281

أَصْحَابُنَا: هُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهَا.

ــ

والقاضي في «المُجَرَّدِ» ، و «التَّعْليقِ». ذكَرَه فيه في الظِّهارِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقال أصحابُنا: هو لورَثَةِ سيِّدِها أيضًا. وهو المذهبُ.

ص: 282

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ» ، ولم يُفَرِّقْ بينَ عَجْزِها وعدَمِه. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، وحكاهما رِوايتَين. وتقدّم نظِيرُ ذلك، إذا دبَّرَ المُكاتَبَ أو كاتَبَ المُدَبَّرَ، في بابِ التَّدْبيرِ.

ص: 283

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ.

ــ

قوله: وكذلكَ الحُكْمُ فيما إذا أعْتَقَ المُكاتَبَ سَيِّدُه. فيَكونُ ما في يَدِه له، في قوْلِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وعلى قِياسِ قولِ الأصحابِ، يكونُ لسَيِّدِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمُكاتَبِ أيضًا على قَوْلِ الأصحابِ، الخِرَقِي وغيرِه؛ لأنَّ السَّيِّدَ أعْتَقَه برِضاه، فيكونُ قد رَضِيَ بإعْطائِه ماله، بخِلافِ الأُولَى. وتقدَّم، إذا ماتَ أو عجَز أو عَتَقَ، وفي يَدِه مالٌ مِنَ الزَّكاةِ، هل يكونُ لسَيِّده أو يُرَدُّ إلى رَبِّه؟ في بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ.

ص: 285

وَإنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا، ثُمَّ وَطِئَاهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو أعْتَقَ المُكاتَبَةَ. الثَّانيةُ، عِتْقُ المُكاتَبِ، قيل: هو إبْراءٌ ممَّا بَقِيَ عليه. وقيل: بل هو فَسْخٌ، كعِتْقِه في الكفَّارَةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» .

قوله: وإنْ كاتَبَ اثْنانِ جارِيَتَهما، ثم وَطِئاها، فلها المَهرُ على كُل واحِدٍ منهما، وإنْ وَلَدَتْ مِن أَحدِهما، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له. ومُكاتَبةُ كُلِّ نِصْفٍ لسَيِّدِه. هذا

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقال القاضي: لا يسْرِي اسْتِيلادُ أحَدِهما إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، إلَّا أنْ يعْجِزَ، فيُنْظر حِينَئذٍ، فإنْ كان مُوسِرًا، قُوِّمَ عليه نَصِيبُ شرِيكِه، وإلَّا فلا.

ص: 287

فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أحدِهِمَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَهَلْ يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

وقوله: ويَغْرَمُ لشَرِيكِه نِصْفَ قِيمَتِها. بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِها مُكاتَبَةً، أو نِصْفَ قِيمَتِها قِنًّا؟ فيه وَجْهان. والصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، الأَوَّلُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِها قِنًّا. جزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وهل يَلْزَمُه المَهْرُ كامِلًا أو نِصْفُه؟ فيه وَجْهان. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الأَوَّلُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يلْزَمُه نِصْفُ المَهْرِ فقط. جزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» .

قوله: وهل يغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ وَلَدِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحْداهما، يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِه. قال القاضي: هذه الروايَةُ أصحُّ على المذهبِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» . وجزَم به في

ص: 292

وَإنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَأُلحِقَ بِهِمَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أحَدِهِمَا، وَبَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ. وَعِنْدَ الْقَاضِي، لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُ أَحدِهِمَا إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، إلا أَنْ يَعْجِزَ، فَيُنْظَرَ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وإلَّا فَلَا.

ــ

«الوَجيزِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يغْرَمُه. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ». وهذا المذهبُ. وقيل: إنْ وضَعَتْه قبلَ التَّقْويمِ، غَرِمَ نِصْف قِيمَتِه، وإلَّا فلا شيءَ عليه. اخْتارَه أبو بَكْر. ويأْتِي ما يُشابِهُ ذلك، في آخِرِ بابِ أحْكامِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ.

ص: 293

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيعُ الْمُكَاتَبِ. وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُكَاتِبِ.

ــ

قوله: ويجُوزُ بَيعُ المكاتَبِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ المَنْصوصُ عليه. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. واخْتارَه الأصحابُ، وقدَّمُوه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَيعُه مُطْلَقًا. وعنه، لا يجوزُ بَيعُه بأكْثَرَ مِن كِتابَتِه. حكاها ابنُ أبِي مُوسى. فعلى المذهبِ، يَقُومُ المُشْتَرِي مَقامَ البائِعِ.

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: حُكْمُ هِبَتِه والوَصِيَّةِ به حُكْمُ بَيعِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تجوزُ هِبَتُه. وتقدَّم. في كلامِ المُصَنِّفِ، الوَصِيَّةُ بالمُكاتَبِ، وبمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها، أو برَقَبَتِه، في بابِ المُوصَى به. فَلْيُراجَعْ.

فائدةٌ أخْرَى: لا يجوزُ بَيعُ ما في ذِمَّةِ المُكاتَبِ مِن نُجومِ الكِتابَةِ.

ص: 302

فَإِنْ أَدَّى إِلَيهِ عَتَقَ، وَوَلَاؤهُ لَهُ، وَإنْ عَجَزَ عَادَ قِنًّا لَهُ، وَإنْ لَمْ يَعْلَمْ أنَّهُ مُكَاتَبٌ، فَلَهُ الرَّدُّ أو الْأَرْشُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ بَيعُهُ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 304

وَإنِ اشْتَرَى كُلّ وَاحِدٍ منَ الْمُكَاتَبَينِ الْآخَرَ، صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ، وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَا لِوَاحِدٍ أوْ لِاثْنَينِ.

ــ

قوله: وإنِ اشْتَرَى كُلُّ واحِدٍ مِنَ المُكاتَبَين الآخَرَ، صَحَّ شِراءُ الأوَّلِ وبطَل

ص: 307

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شِراءُ الثَّانِي؛ سَواءٌ كانا لواحِدٍ أو اثْنَين. وهذا بلا نِزاعٍ، على القَوْلِ بجوازِ بَيع المُكاتَبِ.

ص: 308

وَإنْ جُهِلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَسَدَ الْبَيعَانِ.

ــ

وقوله: وإنْ جُهِلَ الأوَّلُ منهما فسَد البَيعان. وهذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به في «الهدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقال القاضي: يُفْسَخانِ، كما لو زَوَّجَ الوَلِيَّان وأشْكَلَ السَّابِقُ منهما، أو يُقْرَعُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» .

ص: 309

وَإنْ أسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأحَبَّ سيِّدُهُ، أخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، وَإلَّا فَهُوَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، مُبْقًى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، يَعْتِقُ بِالْأدَاءِ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ.

ــ

قوله: وإنْ أسَرَ العَدُوُّ المُكاتَبَ، فاشْتَراه رَجُلٌ، فَأحَبَّ سَيِّدُه، أخَذَه بما اشْتَراه ، وإلَّا فهو عَبْدُ مُشْتَرِيه، مُبْقى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، يَعْتِقُ بالأداء، ووَلاؤُه له. قال النَّاظِمُ:

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولو قيلَ: يُعْطَى الرُّبْعَ بينهما معًا

ويلْزَمُه كلُّ الفِدا لم أُبَعِّدِ

هذا الحُكْمُ مَبْنِيٌّ على ثَلاثِ قَواعِدَ، الأولَى، أنَّ الكُفَّارَ يمْلِكُونَ أمْوال المُسْلِمينَ

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالقَهْرِ. الثَّانيةُ، أنَّ مَن وجَد ماله، مِن مُسْلِمٍ أو مُعاهَدٍ، بيَدِ مَنِ اشْتَراه منهم، فهو أحقُّ به بثَمَنِه. وهذا المذهبُ فيهما، على ما تقدَّم مُحَرَّرًا في بابِ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ. الثَّالثةُ، أنَّ المُكاتَبَ يصِحُّ نقْلُ المِلْكِ فيه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، كما تقدَّم قريبًا. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلا تبْطُلُ الكِتابةُ بالأسْرِ، لكِنْ هل يُحْتَسَبُ عليه

ص: 312

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالمُدَّةِ التي كان فيها مع الكُفَّارِ؛ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ». جزَم في «الكافِي» بالاحْتِسابِ. قلتُ: الأوْلَى عدَمُ الاحْتِسابِ. ثم رأيتُ ابنَ رَزِينٍ في «شَرْحِه» قدَّمه. فإنْ قيلَ: لا تُحْتَسَبُ. وهو الصَّوابُ، لغَتْ مُدَّةُ الأسْرِ، وبنَى على ما مضَى. وإنْ قيلَ: تُحْتَسَبُ عليه. فحَلَّ ما يجوزُ تعْجِيزُه بتَرْكِ أدائِه، فلسيِّدِه تعْجِيزُه. وهل له ذلك بنَفْسِه، أو بحُكْمِ حاكم؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِي». قلتُ: الأوْلَى أنَّ له ذلك بنَفْسِه. قال في «الفُروعِ» : وله الفَسْخُ بلا حُكْمٍ. وعلى كِلا الوَجْهَين، متى خلَص، فأقامَ بَيَنةً بوُجودِ مالٍ له وَقْتَ الفَسْخِ يَفِي بما

ص: 313

فَصْلٌ: وَإنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، أوْ أجْنَبيٌّ، فَعَلَيهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الكِتَابَةِ. وَقَال أبو بَكْرٍ: يَتَحَاصَّانِ.

ــ

عليه، فهل يبطُلُ الفَسْخُ، أمْ لا بدَّ مع ذلك مِن ثُبوتِ أنَّه كان يُمْكِنُه أداؤُه؟ فيه قَوْلان. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِي. قدَّم المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، البُطْلانَ.

قوله: وإنْ جنَى على سَيِّدِه، أو أجْنَبِيٍّ، فعليه فِداءُ نَفْسِه -أي بقِيمَتِه- مُقَدَّمًا

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الكِتابَةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: هذا المَعْمولُ به في المذهبِ. قال المُصَنِّفُ: اتَّفَقَ أصحابُنا على ذلك. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الفُروعِ» .

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو قتَلَه السَّيِّدُ، لَزِمَه الفِداءُ، وكذا إنْ أعْتَقَه، ويسْقُطُ في الأصحِّ، إنْ كانتِ الجِنايَةُ على سيِّدِه. قاله في «الترْغيب» ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وقال أبو بكر: يَتَحاصَّان. فعلى هذا، يَقْسِمُ الحاكِمُ

ص: 316

وَإنْ عَتَقَ، فَعَلَيه فِدَاءُ نَفْسِهِ، وَإنْ عَجَزَ، فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ، إِنْ كَانت الْجِنَايَةُ علَيهِ. وَإنْ كَانت عَلَى أَجْنَبِي، فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ، وَإلَّا فُسِخَتِ الْكِتَابَا، وَبِيعَ في الجِنَايَةِ.

ــ

المال بينَهما على قَدْرِ حَقِّهما. وعلى المذهبِ، لو أدَّى مُبادِرًا، وليس مَحْجُورًا عليه، عتَقَ، واسْتَقَرَّ الفِداءُ، وإنْ كان بعدَ الحَجْرِ، لم يصِحَّ، ووجَب رُجوعُه إلى وَلِيِّ الجِنايَةِ.

قوله: وإنْ كانتْ على أجْنَبِي، ففَداه سَيِّدُه، وإلَّا فُسِخَتِ الكِتابَةُ، وبِيعَ في الجِنايَةِ قِنًّا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونقلَه ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَررِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل الأثرَمُ، جِنايَتُه في رَقَبَتِه، يَفْدِيه إنْ شاءَ. قال أبو بكْر: وبه أقولُ.

ص: 317

وَإنْ أعْتَقَهُ السَّيِّدُ، فَعَلَيه فِدَاؤُهُ، وَالْوَاجِبُ في الْفِدَاءِ أقلُّ الْأمْرَينِ؛ مِنْ قِيمَتِهِ، أوْ أرْشِ جِنَايتهِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِأرْشِ الْجِنَايَةِ كَامِلَةً.

ــ

قوله: والواجِبُ في الفِداءِ أقَل الأمْرَين؛ مِن قِيمَتِه، أو أرْشِ جنايته. هذا

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ،

ص: 319

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِهم. وقيل: يلْزَمُه فِداؤه بأرْشِ الجِنايَةِ كُلِّه كامِلَةً. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وعنه، يلْزَمُه فِداؤُه بالأرْشِ كامِلًا، إنْ كانتِ الجِنايةُ على أجْنَبِيٍّ.

ص: 320

وَإنْ لَزِمَتْهُ دُيُون تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ.

ــ

قوله: وإنْ لَزِمَتْه دُيُون تَعَلَّقَتْ بذِمتِه، يُتْبَعُ بها بعدَ العِتْقِ. ولا يمْلِكُ غرِيمُه تعْجِيزَه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. بخِلافِ المأذُونِ له. وعنه، تتَعلَّقُ برَقَبَتِه. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. ذكَرَه عنه في «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، تتَعَلَّقُ بذِمَّتِه ورَقَبَتِه معًا. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِي.

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: إذا كان عليه دُيونٌ مع دَينِ الكِتابةِ، ومعه مالٌ يَفِي بذلك، فله أنْ يبْدَأ بما شاءَ، وإنْ لم يَفِ بها ما معه،

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكُلها حالَّةٌ، ولم يحْجُرِ الحاكِمُ عليه، فخَصَّ بعضهم بالقَضاءِ، صحَّ. وإنْ كان بعضُها مؤجلًا، فعجَّلَه بإذْنِ سيِّدِه، جازَ، وإلَّا فلا، وإنْ كان التَّعْجيلُ للسَّيِّدِ، فقَبُولُه بمَنْزِلَةِ إذْنِه. وإنْ حُجِرَ عليه بسُؤالِ الغُرَماءِ، فقال القاضي: عِندِي أنَّه يَبْدَأُ بقَضاءِ ثَمَنِ المَبِيعِ وعِوَضِ القَرْضِ، ويُسَوِّي بينَهما، ويُقَدِّمُهما على أرْشِ الجِنايةِ ومالِ الكِتابَةِ. وقال الشَّارِحُ: وقد اتَّفَقَ الأصحابُ على تقْديم أرْشِ الجِنايةِ على مالِ الكِتابَةِ. وبنَى ذلك في «الفُروعِ» ، وغيرُه مِنَ الأصحابِ، على الرِّوايتَين في أصْلِ المَسْألةِ، فقال بانِيًا على الرِّوايةِ الأولَى: تُقَدَّمُ دُيونُ مَحْجُورٍ عليه لعدَمِ تعَلقِها برَقَبَتِه، فلِهذا إنْ لم يكُنْ بيَدِه مالٌ، فليس لغَريمِه تعجِيزُه، بخِلافِ الأرْشِ ودَين الكِتابةِ. وعنه، يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، فتتَساوَى الأقْدامُ، ويمْلِكُ تعْجِيزَه، ويشْتَرِكُ ربُّ الدينِ والأرْشِ بعدَ مَوْتِه، لفَوْتِ الرَّقَبَةِ. وقيل: يُقَدَّمُ دَينُ

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُعامَلَةِ. ثم قال: ولغيرِ المَحْجُورِ تقْديمُ أيِّ دَين شاءَ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وجماعةٌ، أَنه بعدَ مَوْتِه؛ هل يُقَدمُ دَينُ الأجْنَبِيِّ على السَّيِّدِ، كحالةِ الحياةِ، أمْ يَتَحاصَّان؟ فيه رِوايَتان. وهل يضْرِبُ سيِّدُه بدَينِ مُعامَلَةٍ مع غَرِيمِه؟ فيه وَجْهان. الثَّانيةُ، لا يُجْبَرُ المُكاتَبُ على الكَسْبِ لوَفاءِ دَينه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثين بعدَ المِائةِ»: هذا المذهبُ المَشْهورُ؛ لأنَّه دَينٌ ضعيفٌ، وخرَّجَ ابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا بالوُجوبِ، كسائرِ الدُّيونِ.

ص: 324

فَصْلٌ: وَالْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَين، لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ، وَلَا يَمْلِكُ أحَدُهُمَا فَسْخَهَا.

ــ

قوله: والكِتابَةُ عَقْدٌ لازِمٌ مِنَ الطرَفَين، لا يدْخُلُها خِيارٌ. هذا المذهبُ. جزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُه، في بابِ الخِيارِ. وذكر

ص: 330

وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقبَلٍ. وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا جُنُونِهِ، وَلَا الْحَجْرِ عَلَيهِ.

ــ

القاضي، أنَّ العَبْدَ المُكاتَبَ له الخِيارُ على التَّأبِيدِ، بخِلافِ سيِّدِه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: وفيه نظرٌ. قال ابنُ عَقِيل: لا خِيارَ للسَّيِّدِ، وأمَّا العَبْدُ فله الخِيارُ أبدًا، مع القُدْرَةِ على الوَفاءِ والعَجْزِ، فإذا امْتَنعَ، كان الخِيارُ للسَّيِّدِ. هذا ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. وقال أبو بَكْرٍ: إنْ كان قادِرًا على الوَفاءِ، فلا خِيارَ له، وإنْ عجَز عنه، فله الخِيارُ. ذكَر ذلك في «النُّكَتِ» في بابِ الخِيارِ، وقال: ما قاله القاضي وابنُ عَقِيل، قاله الشِّيرازِيُّ وابنُ البَنَّا. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ، على ما يأتِي قريبًا.

ص: 331

وَيَعْتِقُ بِالأدَاءِ إِلَى سَيِّدِهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَغَيرِهِمْ.

ــ

تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويَعْتِقُ بالأداءِ إلى سَيِّدِه، أو إِلى مَن يقُومُ مَقامَه مِنَ الوَرَثَةِ. أنَّ الباقِيَ مِنَ الكِتابَةِ بعدَ مَوْتِ سيِّدِه يُطالبُ به، ويُؤخَذُ منه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ أدَّى بعضَ كِتابَتِه ثم ماتَ السَّيِّدُ،

ص: 332

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُحْسَبْ مِن ثُلُثِه ما بَقِيَ مِن كِتابَةِ العَبْدِ، ويَعْتِقْ. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ الوَلاءِ؛ إذا أدَّى المُكاتَبُ بعضَ الكِتابةِ للوَرَثَةِ، هل يكونُ الوَلاءُ للسيِّدِ أو للوَرَثَة؟.

ص: 333

فَإِن حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُودِّهِ، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ. وَعَنْهُ، لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَحِلَّ نَجْمَانِ. وَعَنْهُ، لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَقُولَ: قَدْ عَجَزْتُ.

ــ

قوله: فإنْ حَلَّ نَجْمٌ فلم يُؤدِّه، فلسَيِّدِه الفَسْخُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ،

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُنَورِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، لا يَعْجِزُ حَتَّى يحِل نَجْمان.

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. قال في «الهِدايَةِ» : وهو اخْتِيارُ أبِي بَكْر، والخِرَقِيِّ، ونصَرَه في «المُغْنِي» . وعنه، لا يعْجِزُ حَتَّى يقُولَ: قَدْ عجَزْتُ. ذكَرها ابنُ أبِي مُوسى. ورُوِيَ عنه أنَّه إنْ أدَّى أكثرَ مالِ الكِتابةِ، لم يُرَدَّ إلى الرِّق، واتُّبعَ بما بَقِيَ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»:

ص: 343

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليس له الفَسْخُ قبلَ حُلولِ نَجْم ولا بعدَه، مع قُدْرَةِ العَبْدِ على الأداءِ، كالبَيعِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ غابَ العَبْدُ بلا إذْنِ سيِّدِه، لم يَفْسَخْ، ويَرْفَعُ الأمْرَ إلى حاكِم البَلَدِ الذي هو فيه؛ ليأمُرَه بالأداءِ أو يُثْبِتَ عجْزَه، فحِينَئذٍ يمْلِكُ الفَسْخَ. وقاله في «الرعايَةِ» أيضًا، وقال: وقيل: إنْ لم يَتَّفِقا، فسَخَها الحاكِمُ. فعلى المذهبِ، يلْزَمُه إنْظارُه ثلاثةَ أيام. قاله الأصحابُ، كبَيعِ عَرْض. ومِثلُه مالُ

ص: 344

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غائبٍ دُونَ مسَافَةِ قَصْر يرْجو قُدومَه، ودَيْنٌ حالٌّ على مَلِئٍ ومُودَعٍ. قال في «الفُروعِ»: وأطْلَقَ جماعةٌ؛ لا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفاؤه. قال: فيتَوَجَّهُ مثله في غيرِه.

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: حيثُ جوَّزْنا له الفَسْخَ، فإنَّه لا يحْتاجُ إلى حُكْمِ حاكم.

ص: 346

وَلَيسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا بِحَالِ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ.

ــ

قوله: وليس للعَبْدِ فَسْخُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، له ذلك. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، للعَبْدِ فسْخُها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ووقَع في «المُقْنِعِ» ، و «الكافِي» رِوايَةٌ بأنَّ للعَبْدِ فسْخَها. قال: والظَّاهِرُ أنَّه وَهْمٌ، والذي ينبَغِي حمْلُ ذلك عليه، أنَّ له الفَسْخَ إذا امْتنَعَ مِنَ الأداءِ، وهذا كما قال ابنُ عَقِيل، والشيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا: إنَّها لازِمَة مِن جِهَةِ السَّيِّدِ، جائِزَةٌ مِن جِهَةِ العَبْدِ. وفسَّرُوا ذلك بأنَّ له الامْتِناعَ مِنَ الأداءِ، فيمْلِكُ السَّيِّدُ الفَسْخَ. انتهى.

ص: 347

وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ، ثُمَّ مَاتَ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَيَحْتَمِلُ إلا يَنْفسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ.

ــ

فائدة: لو اتَّفَقا على فَسْخِها، جازَ. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، لا يجوزُ، كحَقِّ اللهِ.

قوله: ولو زَوَّجَ ابْنَتَه مِن مُكاتَبِه، ثم ماتَ، انْفَسَخَ النِّكاحُ. يعْنِي، إذا كانتْ وارِثَةً مِن أبِيها، وكان النكاحُ صحيحًا. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الشَّرْحِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ،

ص: 348

وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ أنْ يُؤتِيَهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ، إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ عَنْهُ، وَإنْ شَاءَ قَبَضَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيهِ.

ــ

و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ كانْ لا يُفْسَخَ حتى يعْجِزَ.

فائدة: الحُكْمُ في سائرِ الوَرَثَةِ مِنَ النِّساءِ، إذا كانتْ زوْجَةً له، كالحُكْمِ في البِنْتِ. وكذا لو تزَوَّجَ رجُلٌ مُكاتَبَةً فوَرِثَها أو بعضَها، انْفَسَخَ نِكاحُه. ويأتِي؛ إذا ملَك الحُرُّ زوْجتَه أو بعضَها، في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ.

قوله: ويجبُ على سَيِّدِه أنْ يُؤتِيَه رُبْعَ مالِ الكِتابَةِ، إنْ شاءَ وضَعَه عنه، وإنْ شاءَ قبَضَه ثم دفَعَه إليه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ إيتاءِ العَبْدِ رُبْعَ مالِ الكِتابَةِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر في «الرَّوْضَة» رِوايَةً،

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقدَّمها؛ أنَّه لا يجبُ، وأنَّ الأمْرَ في الآيَةِ (1) للاسْتِحْبابِ. وظاهِرُ «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِين» ، أنَّ فيه خِلافًا؛ فإنه قال: وعنه، يَعْتِقُ بمِلْكِ ثَلاثةِ أرْباعِها، إنْ

ص: 350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَزِمَ إيتاءُ الرُّبْعَ. قال في «الفائقِ» : قلتُ: وفي وُجوبِه نظرٌ؛ للاخْتِلافِ في مَدْلولِ الآيَةِ وفي التَّقْديرِ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ الآيَةِ وُجوبُ الإِيتاءِ، لكِنَّ ذلك غيرُ مُقَدَّرٍ، فأيَّ شيءٍ اعطاه، فقد سقَط الوُجوبُ عنه وامْتَثلَ، وقد فسَّرَها ابنُ عَبَّاسٍ،

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رضي الله عنهما، بذلك. هذا ما لم يصِحَّ الحديثُ (1)، فإنْ صحَّ الحديثُ، فلا كلامَ.

(1) تقدم تخريجه في صفحة 350.

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: إنْ أعْطاه السيدُ مِن جِنْسِ مالِ الكِتابَةِ، لَزِمَه قَبُولُه، على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يلْزَمُه إلا إذا كان منها؛ لظاهرِ الآيَةِ. وإنْ أعطاه مِن غيرِ جِنْسِها؛ مِثلَ أنْ يكاتِبَه على دَراهِمَ فيُعْطِيَه دَنانِيرَ أو عُروضًا، لم يلْزَمْه قَبُولُه، على

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يلْزَمُه. وهو احْتِمال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك.

ص: 354

فَإِنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْبَاعَ مَال الْكِتَابَةِ وَعَجَزَ عَنَ الرُّبْع، عَتَقَ، وَلَمْ تَنْفَسِخِ الْكتَابَةُ في قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ.

ــ

قوله: وإنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِ المالِ وعجَز عَنِ الرُّبْعِ، عتَق، ولم تنْفَسِخ الكِتابَة في قَوْلِ القاضي وأصحابِه. واخْتارَه أبو بَكْر. قال في «الكافِي»: قال أصحابُنا: إذا أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِ كِتابَتِه وعجَز عن الرُّبْعِ، عتَق. قال في

ص: 355

وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أنهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ.

ــ

«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم: إذا أدَّى ثلاثةَ أرباعِ المالِ، وعجَز عن الرُّبْعِ، لم يَجُزْ للسَّيِّدِ الفَسْخُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يَعْتِقُ حتى يُؤدِّيَ جمِيعَها. وهو رِوايَةٌ عنِ الامامِ أحمدَ، رحمه الله. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هي المَشْهورَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الكافِي» . واخْتارَه المُصَنِّف وغيرُه. قال في «المُحَرَّرِ» : وظاهِرُ قوْلِ أبِي الخَطَّابِ، عَدمُ العِتْقِ ومَنْعُ السَّيِّدِ مِنَ الفَسْخِ. وقد تقدَّم لفْظُه في «الهِدايَةِ» وغيرِه. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ أدَّى ثلاثَةَ أرْباعِ المالِ، وعنه، أو أكْثَرَ منه، وعجَز عن الباقي، لم يَعْتِقْ، ولسيدِه فسْخُها في أنص الرِّوايتَين فيهما. وقال في «التَّرْغيبِ»: وفي عتْقِه بالتَّقاصِّ رِوايَتان. ولم يذْكُرِ العَجْزَ. قال: ولو أبرأه مِن

ص: 357

فَصْلٌ: وَإِذَا كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ،

ــ

بعضِ النُّجومِ، أو أدَّاه إليه، لم يَعْتِقْ به على الأصحِّ. وأنَّه لو كان على سيِّدِه مثلُ النُّجومِ، عتَق على الأصحِّ. انتهى. وقال في «الفائقِ»: ولو أدَّى ثلاثَةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يعْتِقْ في أحَدِ الوَجْهَين. اخْتارَه الشَّيخُ. وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي: يَعْتِقُ، وللسَّيَدِ الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقيل: لا. انتهى. وقال في «الرِّعايتَين» : فإنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يَعْتِقْ في الأصحِّ، ولسيِّدِه الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقيل: لا. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ» : فإنْ أدَّى ثَلاثةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يعْتِقْ في الأصحِّ، ولسيِّدِه الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقال أبو بَكْرٍ: لم يجُزْ للسَّيِّدِ الفَسْخُ. وصحَّح في «النَّظْمِ» أنَّه لا يَعْتِقُ، ويمْلِكُ الفَسْخَ. نصَّ عليه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يمْلِكُ.

قوله: وإِنْ كاتَبَ عَبيدًا له كِتابَةً واحِدَةً بعِوَضٍ واحِدٍ، صَحَّ، ويُقَسَّطُ العِوَضُ

ص: 358

وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ منْهُمْ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا، وَيَعْجِزُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَحْدَهُ.

ــ

بينَهم على قَدْرِ قِيمَتِهم -يومَ العَقْدِ- ويكُونُ كُلُّ واحِدٍ منهم مُكاتَبًا بقَدْرِ حِصَّتِه، يعْتِقُ بأدائِها، ويعْجِزُ بالعَجْزِ عنها وَحْدَه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: اخْتارَه القاضي وأصحابُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمَ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه،

ص: 359

وَقَال أبُو بَكْرٍ: الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكِتَابَةِ.

ــ

وقالا: هذا أصحُّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: العِوَضُ بينَهم على عدَدِهم، ولا يعْتِقُ واحدٌ مهم حتى تُؤَدَّى جميعُ الكِتابَةِ. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عشْرَةَ بعدَ المائةِ»: ونقَل مُهَنَّا ما يشْهَدُ لذلك. وذكَر الاخْتِلافَ في مأْخَذِ هذا القَوْلِ.

فائدة: لو شرَط عليهم في العَقْدِ ضَمانَ كلِّ واحدٍ منهم عنِ الباقِينَ، فسَد الشَّرْطُ وصحَّ العَقْدُ. قدَّمه قى «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» . وعنه، صِحَّةُ الشَّرْطِ أيضًا. ذكَرها أبو الخَطَّابِ. وخرَّجه ابنُ حامِدٍ وَجْهًا؛ بِناءً على

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرِّوايتَين في ضَمانِ الحُرِّ لمالِ الكِتابَةِ، على ما تقدَّم في بابِ الضَّمانِ. ويذْكُرونَ المَسْأَلَةَ هنا كثيرًا.

ص: 361

وَإِذَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْأَدَاءِ في قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي أَدَاءَ قَدْرِ الْوَاجبِ عَلَيهِ.

ــ

قوله: وإنِ اخْتَلَفُوا بعدَ الأَداءِ في قَدْرِ ما أدَّى كُلُّ واحِدٍ منهم، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يدَّعِي أَداءَ قَدْرِ الواجِبِ عليه. جزَم به في «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ». قال الشَّارِحُ: هذا إذا أدَّوْا وعَتَقُوا، فقال مَن كثُرَتْ قِيمَتُه: أَدَّينا على قَدْرِ قِيمَتِنا. وقال الآخَرُ: أَدَّينا على السَّواءِ، فبَقِيَتْ لَنا على الأكثرِ قِيمَةُ بقِيَّةٍ. فمَن جعَل العِوَضَ بينَهم على عدَدِهم، قال: القوْلُ قوْلُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ. ومَن جعَل على كُلِّ واحدٍ قَدْرَ حِصَّتِه، فعندَه وَجْهان؛ أحدُهما، القَوْلُ قوْلُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ. والثَّاني، القَوْلُ قولُ مَن يدَّعِي أداءَ قَدْرِ الواجِبِ عليه. وجزَم بهذا القَوْلِ في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» . وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الرِّعايتَين» ، و «الفائقِ» ، وقالا: وقيل: يُصَدَّقُ مَنِ ادَّعَى أداءَ ما عليه، إذا أنْكَرَ ما زادَ.

ص: 364

وَيَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ بَعْضَ عَبْدِهِ، فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ.

ــ

قوله: ويجُوزُ له أَنْ يُكاتِبَ بعضَ عَبْدِه، فإِذا أَدَّى عتَق كُلُّه. قاله أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. فإنْ كان كاتَبَ نِصْفَه، أدَّى إلى سيِّدِه مِثلَيْ كِتابَتِه؛ لأنَّ نِصْفَ كَسْبِه يسْتَحِقُّه سيِّدُه بما فيه مِنَ الرِّقِّ، إلَّا أنْ يَرْضَى سيِّدُه بتَأْدِيَةِ الجميعِ. عن الكِتابَةِ، فيَصِحَّ.

ص: 369

وَتَجُوزُ كِتَابَةُ حِصَّتِهِ مِنَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ.

ــ

قوله: وتجُوزُ كِتابَةُ حِصَّتِه مِنَ العَبْدِ المُشْتَرَكِ بغيرِ إذْنِ شَرِيكِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتارَ في «الرعايَةِ» أنَّه لابُدَّ مِن إذْنِ الشَّرِيكِ إذا كان مُعْسِرًا.

ص: 370

فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيهِ، وَمِثْلَهُ لِسَيِّدِهِ الْآخَرِ، عَتَقَ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَة مُوسِرًا، وَعَلَيهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ.

ــ

فائدة: قولُه: فإذا أَدَّى ما كُوتِبَ عليه، ومِثلَه لسَيِّدِه الآخَرِ، عتَق كُلُّه. هذا صحيحٌ، لكِنْ يكونُ لسيِّدِه مِن كَسْبِه بقَدْرِ ما كُوتِبَ منه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، يوْمًا ويوْمًا.

ص: 372

فَإِنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ، عَتَقَ عَلَيهِ كُلُّهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَعَلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُكَاتِبِ. وَقَال الْقَاضِي: لَا يَسْرِي إِلَى النِّصْفِ الْمُكَاتَبِ إلا أَنْ يَعْجِزَ، فَيُقَوَّمُ عَلَيهِ حِينَئِذٍ.

ــ

قوله: وإنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قبلَ أَدائِه، عتَق عليه كُلُّه إنْ كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ المُكاتِبِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وحكاه القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين» عن أبي بَكْرٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ». وقال القاضي: لا يسْرِي إلى نِصْفِ المُكاتَبِ، إلَّا أنْ يعْجِزَ، فيُقَوَّمُ عليه حِينَئذٍ، ويسْرِي

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العِتْقُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح: واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فعلى هذا، إنْ أدَّى كِتابتَه، عتَق الباقِي بالكِتابَةِ، وكان وَلاؤُه بينَهما. وعلى المذهبِ، يضْمَنُ للشَّرِيكِ نِصْف قِيمَتِه مُكاتَبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» . وصحَّحَه في «النَّظْمِ» . وجزَم به في «المُغْنِي» . وعنه، يضْمَنُه بالباقِي مِن كِتابَتِه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال ابنُ أبِي مُوسى: فعلى هذه يكونُ الوَلاءُ

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بينَهما؛ لكُلِّ واحدٍ منهما بقَدْرِ ما عتَق عليه. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. فكأَنَّ ابنَ أبِي مُوصى قال: يَعْتِقُ على مَن أدَّى إليه المُكاتَبُ بمِقْدارِ ما أدَّى إليه، ويَعْتِقُ الباقِي على مَن أَعْتَقَ، ويكونُ الوَلاءُ بينَهما بقَدْرِ ما عتَق على كُلِّ واحدٍ منهما.

ص: 376

وَإِنْ كَاتَبَا عَبْدَهُمَا جَازَ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى التَّسَاوي أَو التَّفَاضُلِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيهِمَا إلا عَلَى التَّسَاوي، فَإِذَا كَمَلَ أَدَاؤُهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيهِ، وَإنْ أَدَّى إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يَعْتِقْ، إلا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ، فَيَعْتِق. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَعْتِقَ.

ــ

قوله: وإنْ كاتَبا عَبْدَهما، جازَ؛ سَواءٌ كان على التَّساوي أو التفاضُلِ. ولا يجُوزُ أَنْ يُؤدِّيَ إِليهما إلَّا على التَّساوي، فإذا كَمَلَ أَداؤُه إلى أَحَدِهما قبلَ الآخَرِ، عتَق كُلُّه عليه، وإنْ أَدَّى إلى أَحَدِهما دُونَ صاحِبِه، لم يَعْتِقْ، إلَّا أَنْ يكُونَ بإذْنِ الآخَرِ، فيَعْتِقَ، ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَعْتِقَ. قال الشَّارِحُ: إذا كان العَبْدُ لاثْنَينِ، فكاتَباه معًا؛ سواءٌ تَساوَيا في العِوَضِ أو اخْتَلَفا فيه، وسواءٌ اتَّفَقَ نَصِيبَاهما فيه أو اخْتَلَفا، وسواءٌ كان في عَقْدٍ واحدٍ أو عَقْدَين، صحَّ. ثم قال: ولا يجوزُ أنْ يخْتَلِفا في

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التَّنْجيمِ، ولا في أنْ يكونَ لأحَدِهما مِنَ النُّجومِ، قبلَ النَّجْمِ الأخيرِ، أكثرُ مِنَ الآخَرِ. في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه لا يجوزُ أنْ يؤَدِّيَ إليهما إلَّا على السَّواءِ، ولا يجوزُ تقْديمُ أحَدِهما بالأداءِ على الآخَرِ، واخْتِلافُهما في مِيقاتِ النُّجومِ وقَدْرِ المُؤَدَّى يُفْضِي إلى ذلك. والثَّاني، يجوزُ؛ لأنَّه يُمْكِنُ أنْ يُعَجِّلَ لمَن تأَخَّرَ نَجْمُه قبلَ مَحِلِّه، ويُعْطِي مَن قلَّ نجْمُه أكثرَ مِنَ الواجِبِ له، ويُمْكِنُ أنْ يأْذَنَ له أحدُهما في الدَّفْعِ إلى الآخرِ قبلَه، أو أكثرَ منه. ثم قال: وليس للمُكاتَبِ أنْ يؤدِّيَ إلى أحَدِهما أكثرَ مِنَ الآخَرِ. ذكَرَه القاضي. قال المُصَنِّفُ: لا أعلمُ فيه خِلافًا. فإنْ قبَض أحدُهما دُونَ الآخَرِ شيئًا، لم يصِحَّ القَبْضُ، وللآخَرِ أنْ يأْخذَ منه حِصَّتَه إذا لم يأْذَنْ له، فإنْ أذِنَ، ففيه وَجْهان. ذكَرَهما أبو بَكْرٍ، أحدُهما، يصِحُّ. وهو أصحُّ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. والثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. انتهى كلامُ

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّارِحِ. وقال في «المُحَرَّرِ» : وإنْ كاتَبَ اثنْان عبْدَهما على التَّساوي أو التَّفاضُلِ، جازَ، ولم يُؤدِّ إليهما إلَّا على قَدْرِ مِلْكَيهما، فإنْ خصَّ أحدَهما بالأداءِ،

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يَعْتِقْ نَصِيبُه، إلَّا أنْ يكونَ بإذْنِ الآخَرِ، فإنه على وَجْهَين. انتهى. فقولُ المُصَنِّف: فإذا كَمَلَ أداؤُه إلى أحَدِهما قبلَ الآخَرِ، عتَق كُلُّه عليه. يعْنِي، إذا كاتَباه مُنْفَرِدَين وكان مُوسِرًا. وقوله: وإنْ أدَّى إلى أحَدِهما دُونَ صاحِبِه. . . . إلى آخرِه، محمْولٌ على ما إذا كاتَباه كِتابةً واحدَةً؛ بأن يوَكِّلَا مَن يُكاتِبُه، أو يوَكِّلَ أحدُهما الآخَرَ، فيُكاتِبَه صَفْقَةً واحدَةً. فكَلامُ المُصَنِّفِ فيه إيهامٌ. وتحْريرُ المَسْألَةِ

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما قاله في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم؛ أنَّهما إذا كاتَباه مُنْفَرِدَين، فأدَّى إلى أحَدِهما ما كاتَبَه عليه، أو أَبْرأَه مِن حِصَّتِه، عتَق نَصِيبُه خاصَّةً إنْ كان مُعْسِرًا، وإنْ كان مُوسِرًا، عتَق عليه جمِيعُه، ويكونُ وَلاؤُه له، ويضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِه. وإنْ كاتَباه كِتابةً واحدةً، فأدَّى إلى أحَدِهما مِقْدارَ حقِّه بغيرِ إذْنِ شَريكِه، لم يَعْتِقْ منه شيءٌ. فإنْ أدَّى بإذْنِ شرِيكِه، فهل يَعْتِقُ نَصِيبُ المُؤدَّى إليه؟ على وَجْهَين. ويُحْمَلُ كلامُ المُصَنِّفِ الأخِيرُ هنا على ذلك. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يعْتِقُ نَصِيبُ المُؤدَّى إليه. وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يعْتِقَ ولو أذِنَ له الآخَرُ. وهو الوَجْهُ الثَّاني. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فعلى المذهبِ، إذا أدَّى ما عليه مِن مالِ الكِتابةِ بإذْنِ الآخَرِ، عتَق نَصِيبُه، ويَسْرِي إلى باقِيه إنْ كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ حِصَّةِ شريكِه. وهذا قولُ الخِرَقِيِّ، وغيره، ويضْمَنُه في الحالِ بنِصْفِ قِيمَتِه مُكاتَبًا مُبْقًى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، ووَلاؤُه كُلُّه له. وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي:

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يسرِي العِتْقُ في الحالِ، وإنَّما يسْرِي عندَ عَجْزِه. فعلى قوْلِهما، يكونُ باقِيًا على الكِتابَةِ؛ فإنْ أدَّى إلى الآخَرِ، عتَق عليهما، ووَلاؤُه لهما، وما يبْقَى في يَدِه مِن كَسْبِه، فهو له، وإنْ عجَز وفُسِخَتْ كِتابَتُه، قُوِّمَ على الذي أدَّى إليه، وكان وَلاؤُه كُلُّه له.

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، قال القاضي: ويَطَّرِدُ قولُ أبِي بَكْرٍ في دَينٍ بينَ اثْنَين، أذِنَ أحدُهما للآخَرِ في قَبْضِ نَصِيبِه: لا يَقْبِضُ إلَّا بقِسْطِ حقِّه منه. وقال أبو

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخَطَّاب: لا يرْجِعُ الشَّرِيكُ في الأصح. كمَسْأَلَتِنا. الثَّانيةُ، لو كاتَبَ ثلاثَةٌ عَبْدًا، فادَّعَى الأداءَ إليهم، فأَنْكَرَه أحدُهم، شارَكهُما فيما أقَرَّا بقَبْضِه. قاله الأصحابُ؛

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِرَقِيُّ، فمَن بعدَه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله: تُقْبَلُ شَهادَتُهما عليه. وقطَع به الخِرَقِيُّ وغيرُه. وهو المذهبُ. وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم: قِياسُ المذهبِ، لا تُقْبَلُ شَهادَتُهما عليه، واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ.

ص: 386

فَصْلٌ: وَإِنِ اخْتَلَفَا في الْكِتَابَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهَا.

ــ

قوله: وإنِ اخْتَلفا في الكِتابَةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يُنْكِرُها. بلا نِزاعٍ.

ص: 399

وَإنِ اخْتَلَفَا في قَدْرِ عِوَضِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَينَ.

ــ

وقوله: وإنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ عِوَضِها، فالقَوْلُ قَوْلُ السَّيَدِ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. قال القاضي: هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايةِ الكَوْسَجِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرُهم.

ص: 400

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ،

ص: 401

وَإِنِ اخْتَلَفَا في وَفَاءِ مَالِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ.

ــ

وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، القوْلُ قوْلُ المُكاتَبِ. اخْتارَها جماعةٌ؛ فهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما» ، والشِّيرازِيُّ. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» . وعنه، يتَحالفان. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وقال: اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ، وأحمدُ، رَحِمَهما الله، على أنَّهما يتَحالفان ويتَرادَّان. وأطْلَقهُنَّ في «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . فعلى رِوايَةِ التَّحالُفِ، إنْ تَحالفا قبلَ العِتْقِ، فُسِخَ العَقْدُ، إلَّا أنْ يَرْضَى أحدُهما بما قال صاحِبُه، وإنْ تَحالفا بعدَ العِتْقِ، رجَع السَّيِّدُ بقِيمَتِه، ورجَع العَبْدُ بما أدَّاه.

قوله: وإنِ اخْتَلَفا في وَفَاءِ مَالِها، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ. بلا نِزاعٍ.

ص: 402

فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ، أوْ شَاهدًا وَامْرَأَتَينِ، ثَبَتَ الأَدَاءُ وَعَتَقَ.

ــ

قوله: فإنْ أَقَامَ العَبْدُ شاهِدًا وحلَف معه، أَوْ شاهِدًا وامْرَأَتَين، ثبَت الأَداءُ وعَتَقَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، بِناءً على أنَّ المال، وما يُقْصَدُ به المالُ، يُقْبَلُ فيه شاهِدٌ ويَمِينٌ. على ما يأْتِي. والخِلافُ بينَهما هنا في أداءِ المالِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُقْبَلُ في النَّجْمِ الأخِيرِ إلَّا رَجُلانِ؛ لترَتُّبِ العِتْقِ على شهَادَتِهما، وبِناءً على أنَّ العِتْقَ لا يُقْبَلُ فيه إلَّا رجُلانِ. ذكَرَه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه.

ص: 404

فَصْلٌ: وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ -مِثْلَ أنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خَمْرٍ،

ــ

قوله: والكِتابَةُ الفاسِدَةُ، مثلَ أَنْ يُكاتِبَه على خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، يُغلَّبُ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ. وكذا لو كان العِوَضُ مَجْهولًا، أو شرَط فيها ما يُنافِيها، وقُلْنا: تفْسُدُ

ص: 405

أَوْ خِنْزِيرٍ- يُغَلَّبُ فِيهَا حُكْمُ الصِّفَةِ، في أَنَّه إِذَا أَدَّى عَتَقَ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ.

ــ

بفَسادِ الشَّرْطِ في وَجْهٍ. على ما تقدَّم، يُغَلَّبُ حُكْمُ الصِّفَةِ في كلِّ ذلك؛ في أنَّه إذا أدَّى، عَتَقَ، ولكُلِّ واحدٍ منهما الفَسْخُ، فهي جائزةٌ مِنَ الطَّرفَين. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأصحابُه. قاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» .

ص: 406

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وعنه، بُطْلانُ الكِتابَةِ مع تَحْرِيمِ العِوَضِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والأرْبَعِين»: وهو الأظْهَرُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» : المَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أن العَقْدَ يَبْطُلُ مِن أصْلِه. وأوَّلَ القاضي، وأبو الخَطَّابِ النَّصَّ. وقال القاضي في «الخِلافِ الكَبيرِ»: المُغَلَّبُ في الكِتابةِ على عِوَضٍ مَجْهولٍ المُعاوَضَةُ؛ بدَليلِ أنَّه يَعْتِقُ بالأَداءِ إلى الوارِثِ.

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قوْلُ الأكْثَرِينَ: إنَّ الكِتابَةَ إذا لم تكُنْ مُنَجَّمَةً باطِلَةٌ مِن أصْلِها. مع قَوْلِهم في الكِتابَةِ على عِوَضٍ مَجْهولٍ:

ص: 408

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُغَلَّبُ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ. مُشْكِلٌ جِدًّا، وكان الأَوْلَى، إذا كان العِوَضُ معْلومًا، أنْ يُغَلَّبَ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ أيضًا. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ وغيرُه: إذا كانتِ الكِتابَةُ الفاسِدَةُ بعِوَضٍ مُحَرَّم، فإنَّها تُساوي الصَّحيحةَ في أرْبَعَةِ أحْكامٍ؛ أحدُها، أنَّه يَعْتِقُ بأداءِ ما كُوتِبَ عليه مُطْلَقًا. الثَّاني، إذا أعْتَقَه بالأداءِ، لم يلْزَمْه قِيمَةُ نفْسِه، ولم يرْجِعْ على سيِّدِه. الثالثُ، يمْلِكُ المُكاتَبُ التَّصَرُّفَ

ص: 409

وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَجُنُونِهِ، وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ [وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا](1).

ــ

في كَسْبه، وله أخْذُ الصَّدَقاتِ والزَّكَواتِ. الرَّابعُ، إذا كاتَبَ جماعةً كِتابةً فاسدَةً، فأَدَّى أحَدُهم حِصَّتَه، عَتَقَ على قوْلِ مَن قال: إنَّه يعْتِقُ في الكتابةِ الصَّحِيحَةِ بأداءِ حِصَّتِه، ومَن لا، فلا هنا. وتُفارِقُ الصَّحيحةَ في ثَلاثَةِ أحْكامٍ؛ أحدُها، إذا أَبْرأَه، لم يصِحَّ ولم يعْتِقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ في «الانْتِصارِ» ؛ إنْ أَتَى بالتَّعْليقِ، لم يعْتِقْ بالإِبْراءِ، وإلَّا عَتَق. الثَّاني، لكُلِّ واحدٍ منهما فَسْخُها. الثالثُ، لا يلْزَمُ السَّيِّدَ أنْ يؤَدِّيَ إليه شيئًا مِنَ الكِتابةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» . والوَجْهُ الثَّاني، يلْزَمُه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروع» ، و «الفائقِ» .

قوله: وتَنْفَسِخُ بمَوْتِ السَّيِّدِ، وجُنُونِه، والحَجْرِ للسَّفَهِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ، و «الخُلاصَةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقاله القاضي وأصحابُه في الانْفِساخِ بالمَوْتِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا

(1) ليس في متن المبدع 6/ 367، وقد أورده صاحب الشرح في أثناء الكلام عما تفارق فيه الكتابة الفاسدة الكتابة الصحيحة من أحكام، في صفحة 409، ولم يورده في المسائل.

ص: 410

وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا في يَدِهِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنِ الْأَدَاءِ فَضْلٌ

ــ

تنْفَسِخُ بالموتِ، ولا بالجُنونِ، ولا بالحَجْرِ، ويَعْتِقُ بالأَدَاءِ إلَى الوارِثِ. قال المُصَنِّفُ والأَوْلَى أنَّها لا تبْطُلُ بالحَجْرِ والجُنونِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» .

قوله: وإنْ فضَل عَنِ الأَداءِ فَضْلٌ، فهو لِسَيِّدِه. يعْنِي، في الكِتابةِ الفاسِدَةِ.

ص: 411

فَهُوَ لِسَيِّدِهِ.

وَهَلْ يَتبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا فِيهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَقَال

ــ

وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» ، وأبو الخَطَّابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقال القاضي: ما في يَدِ المُكاتَبِ، وما يكْسِبُه، وما يفْضُلُ في يَدِه بعدَ الأداءِ فهو له. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» الوَجْهَين فيما يكْسِبُه. وكلامُه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» كالمُتنَاقِضِ؛ فإنَّهما جزَما بأنَّ لسيِّدِه أخْذَ ما معه قبلَ الأداءِ، وما فضَل بعدَه، وقالا قبل ذلك: وفي تَبَعِيَّةِ الكَسْبِ وَجْهانِ.

قوله: وهل يتْبَعُ المُكاتَبَةَ وَلَدُها فيها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ،

ص: 412

أَبُو بَكْرٍ: لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ وَلَا الْجُنُونِ وَلَا الْحَجْرِ، وَيَعْتِقُ بِالأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ.

ــ

و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، لا يتْبَعُها. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والشَّارِحُ: هذا أقْيَسُ وأصحُّ. وكذا قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . الثَّاني، يتْبَعُها. قدَّمه في «الكافِي». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والعِشْرِين»: إنْ قُلْنا: هو جُزْءٌ منها. تَبِعَها، وإنْ قُلْنا: هو كَسْبٌ. ففيه وَجْهان؛ بِناءً على سلامَةِ الأكْسابِ في الكِتابَةِ الفاسِدَةِ.

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: هل تصيرُ أمَّ وَلَدٍ إذا أوْلَدَها فيها، أمْ لا؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الرعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» . وفي الصِّحَّةِ هنا وَجْهٌ، ذكَرَه القاضي، وإنْ منَعْناها في غيرِه.

ص: 414