المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبه المنكرين للصوت والحرف والتدليل على بطلان شبههم - شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي - جـ ٨

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[8]

- ‌إثبات أن الحروف المقروءة عين كلام الله تعالى

- ‌أدلة إثبات أن القرآن حروف

- ‌حديث ابن مسعود: (من قرأ حرفاً من كتاب الله)

- ‌نعت أم سلمة قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرة حرفاً حرفاً

- ‌إخباره صلى الله عليه وسلم عن قراء يقيمون حروف القرآن دون حدوده

- ‌تفضيل أبي بكر وعمر إعراب القرآن على من حفظ بعض حروفه

- ‌قول علي في الجنب أنه لا يقرأ حرفاً من القرآن

- ‌حكم ابن مسعود بالكفر بالقرآن على من كفر بحرف منه

- ‌إثبات الحسن البصري لحروف القرآن الكريم

- ‌تكفير ابن المبارك لمن كفر بحرف من القرآن

- ‌إثبات أن كلام الله بصوت والرد على المخالفين

- ‌شبه المنكرين للصوت والحرف والتدليل على بطلان شبههم

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إثبات صفة الهرولة لله تعالى

- ‌دلالة تكليم الله لعبد الله بن حرام

- ‌الجمع بين الأحاديث التي تنفي رؤية الله في الدنيا وحديث (رأيت ربي في أحسن صورة)

- ‌رفع القلم عن المسحور فيما زال فيه عقله

- ‌بيان معنى حديث (بدأ الإسلام غريباً) وحديث (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)

- ‌مشابهة الأحباش للجهمية في قولهم بأن الله موجود بلا مكان

- ‌الجمع بين حديث عدي في تكليم الله لخلقه يوم القيامة وبين النصوص الدالة على امتناع الكلام والنطق عن بعض الخلق

- ‌الجمع بين حديث: (حجابه النور) وبين ثبوت رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

- ‌حكم القراءة من المصحف في النوافل

- ‌سماع الميت السلام ومعرفته من يسلم عليه ويدعو له

- ‌معنى المهيمن وبيان أن صفة الهيمنة ليست صفة الاستيلاء

- ‌حكم حج من عليه دين

- ‌مدى إمكانية فهم التفويض من كلام الشيباني في أحاديث الصفات

- ‌افتخار زينب بنت جحش بتزويج الله لها بنبيه صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات

- ‌الحكم على أثر ابن عباس في نزول القرآن جملة إلى بيت العزة

- ‌معنى قول السلف (كلام الله قديم النوع متجدد الآحاد)

- ‌حكم دخول المسابقات القرآنية لأخذ المال

- ‌تكلم الله تعالى بالتوراة وبيان دلالة خط الله تعالى لها بيده

- ‌وقت أداء تحية المسجد وما يفعله من نسيها

- ‌حكم المتوقف في كون القرآن مخلوقاً أو غير مخلوق

- ‌حكم الذهاب إلى المزينة

- ‌ضابط تكفير المعين

- ‌حكم المزاحمة في الصفوف وحكم حجز الأماكن في الصف

الفصل: ‌شبه المنكرين للصوت والحرف والتدليل على بطلان شبههم

‌شبه المنكرين للصوت والحرف والتدليل على بطلان شبههم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقول القائل بأن الحرف والصوت لا يكون إلا من مخارج باطل ومحال قال الله عز وجل: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:30].

وكذلك قال الله عز وجل إخباراً عن السماء والأرض أنهما: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11] فحصل القول من غير مخارج ولا أدوات.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كلمه الذراع المسموم.

وصح أنه سلم عليه الحجر وسلمت عليه الشجرة].

هذه شبه المنكرين للحرف والصوت من كلام الله عز وجل، فقد بين المؤلف رحمه الله شبههم ورد عليها.

ومن شبههم أنهم يقولون: الحرف والصوت لا يكون إلا من مخارج، ومعروف أن الإنسان إذا تكلم فلا بد أن يتكلم من مخارج، ومخارج الحروف معروفة فهناك حروف من أطراف اللسان، وحروف من حافة اللسان، وحروف من إطباق الشفتين، وهذا يلزم منه أن يكون الرب له مخارج حروف، فيكون له لسان، ويكون له شفتين، ويكون له أضراس، وهذا محال.

يقول المؤلف رحمه الله: هذا محال، أي: كلام باطل لا وجه له؛ لأن هذا فيه تشبيه الخالق بالمخلوق الآدمي، والله نفى عن نفسه ممثالة المخلوقات قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].

قال سبحانه: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:74].

قال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4].

قال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65].

فيرد عليهم أولاً بأن التمثيل باطل، فالله ليس له مثيل، وهذا تمثيل والتمثيل باطل، فلا يمكن أن يماثل الخالق بالمخلوق.

والجواب الثاني: أنه يوجد بعض المخلوقات تتكلم من غير مخارج، من غير أسنان، من غير أضراس، من غير شفتين، ومن غير لسان، وإذا كانت المخلوقات يمكن أن تتكلم من دون مخارج حروف، فإمكان ذلك في حق الرب أولى، فقولكم: أنه لا بد أن يكون مخارج باطل، وذكر أدلة على جواز التكلم بغير مخارج منها: الدليل الأول: أن النار تكلمت، حيث قال الله عز وجل:{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:30] فقوله: (وتقول) يدل على أن جهنم تكلمت، وجهنم ليس لها لسان، ولا أضراس، ولا أسنان، ولا شفتين، فإذا أمكن أن تتكلم بعض المخلوقات من دون مخارج فإمكان ذلك في حق الرب من باب أولى.

الدليل الثاني: قال الله تعالى للسماء والأرض: {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11] والسماء والأرض ليس لهما أضراس أو أسنان أو شفتين، أو مخارج؛ ولهذا قال المؤلف:(فحصل القول من غير مخارج ولا أدوات).

أي: حصل قول من السماء والأرض، ومن جهنم من غير مخارج، ولا أدوات؛ لا أسنان ولا أضراس، وإذا أمكن هذا في المخلوق أمكن في الخالق من باب أولى.

الدليل الثالث: حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كلمه الذراع المسموم.

والمؤلف يشير إلى حديث أبي هريرة في قصة الشاة المسمومة التي أهداها اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، حيث أهدت يهودية للنبي صلى الله عليه وسلم ذراعاً مشوياً وكانت الذراع تعجبه، فنهس منها نهسة ثم نطق وتكلم الذراع بأنه مسموم، وهذا رواه البخاري رحمه الله في كتاب الجزية والموادعة، ورواه البيهقي في دلائل النبوة.

فهذا الذراع الذي تكلم ليس له أضراس أو أسنان، وليس له مخارج أو أدوات، فإذا أمكن هذا في المخلوق أمكن في الخالق من باب أولى.

الدليل الخامس: قال: (وصح أنه سلم عليه الحجر).

كذلك حديث تسليم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في صحيحه، والترمذي في سننه، قال عليه الصلاة والسلام:(إني لأعلم حجراً كان يسلم علي في مكة).

والحجر ليس له أضراس ولا أسنان، ولا مخارج وأدوات.

الدليل السادس: قوله: (وسلمت عليه الشجرة).

وهذا ورد في حديث علي رضي الله عنه عند الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد.

فالشجرة سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع الكلام منها وليس لها مخارج ولا أدوات، ولا أضراس ولا أسنان وإذا أمكن هذا في المخلوق أمكن ذلك في الخالق من باب أولى، ولهذا رد الإمام أحمد رحمه الله على أهل البدع وقال: وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان، أليس الله قال للسماوات والأرض:{اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11].

وقال: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} [الأنبياء:79] أتراها سبحت بجوف وفم ولسان وشفتين؟ والجوارح إذا شهدت على الكفار فقالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت:21] اليد والرجل تشهد وليس لها أضراس ولا أسنان، أتراها نطقت بجوف وفم ولسان؟ ولكن الله أنطقها كيف يشاء من غير جوف ولا فم ولا شفتين ولا لسان، وبهذا تبطل شبهة هؤلاء المنكرين للحرف والصوت في كلام الله عز وجل.

ص: 13