المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الثالث: أركان الإيمان: - شرح الدروس المهمة لعامة الأمة - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الدرس الثالث: أركان الإيمان:

لا بد أن يكفر بما يعبد من دون الله، لا يتصور أن شخصاً يعبد الله بهذه الشروط السبعة، ويقول: لا إله إلا الله ولا يكفر بما يعبد من دون الله، لا بد من الإيمان بالله، والكفر بالطاغوت، هما ركنا الإيمان، هما ركنا لا إله إلا الله، ولا تصح شهادة ألا إله إلا الله إلا بالكفر بجميع ما يعبد من دون الله كائناً من كان، مهما كانت منزلته عند الله سبحانه وتعالى.

‌الدرس الثالث: أركان الإيمان:

ثم ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى- في الدرس الثاني الشهادتين، ومعناهما، وشروط لا إله إلا الله، ثم في الدرس الثالث ذكر -رحمه الله تعالى- أركان الإيمان، وقال:"هي أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره شره من الله تعالى"، أولاً: الإيمان في الأصل هو: التصديق الجازم، وهو في الشرع: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، وهو عند المحققين يزيد وينقص، كما قرره سلف هذه الأمة، والأركان المتعلقة بالإيمان ستة: ذكرت في مواضع من القرآن، وأجاب النبي عليه الصلاة والسلام بها في تعريف الإيمان لما سأله جبريل عن الإيمان قال:((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وتؤمن بالقدر)) الإيمان بالله أن تعترف بوجود لله، وأن تقر وتعتقد اعتقاداً جازماً أنه موجود، وأنه هو المستحق للعبادة وحده دون من سواه، وأن تذعن لأوامره، وأن تجتنب نواهيه، والإيمان بالملائكة أن تعتقد اعتقاداً جازماً لا يساوره أدنى شك بان لله ملائكة جاء وصفهم في الكتاب والسنة بأنهم لا يعصون الله سبحانه وتعالى، وأنهم في عبادته وخدمته، وأنهم عدد كبير وجمع غفير، فنؤمن بمن نعرف اسمه من الملائكة، ونؤمن بالبقية أجمالاً، وأن لله سبحانه وتعالى ملائكة عدد كببر، كما جاء في الأخبار في حديت الأطيط:((أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو قائم)) والبيت المعمور يدخله في اليوم سبعون ألف ملك، كل يوم يدخله سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

ص: 15

فالملائكة خلق نوراني، خلق من نور، خلقهم الله سبحانه وتعالى لخدمته وعبادته، والمقصود بالخدمة لا يعني أنها من حاجة، فالخلق كلهم خالقهم الله سبحانه وتعالى من غير حاجة إليهم، ولا يزيدون في ملكه، ولا ينقصون منه شيئاً، فلو كان الخلق كلهم جنهم وإنسهم، حيهم وميتهم، قديمهم وحديثهم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما ضر من ملك الله شيء، وبالعكس لو كانوا على أتقى قلب رجل، فليس خلق الله –سبحانه وتعالى للملائكة ولغيرهم من المخلوقات لحاجة إليهم، بل هو الغني الغنى المطلق.

والإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان لا يتم الإيمان إلا به، فنعتقد اعتقاداً جازماً، ونوقن يقيناً لا يساوره أدنى شك بأن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل إلى الأمم ليحذروهم وينذروهم، وأن عددهم كما جاء في حديث أبي ذر على ما فيه من الكلام أكثر من ثلاثمائة، وأما الأنبياء فجم غفير، ونؤمن بمن عرفنا اسمه من هؤلاء الرسل، وعلينا أن نؤمن بالرسل كلهم، سواء عرفنا أسماءهم أو لم نعرف أسماءهم، ووظيفة الرسول أنه يأمر الخلق بطاعة الله سبحانه وتعالى وبعبادته، بعبادته عز وجل، وليس عليهم إلا البلاغ، ولا يجوز أن يصرف لهم أي حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وأفضل الرسل كما هو معروف محمد عليه الصلاة والسلام، وهو رسول مرسل من عند الله سبحانه وتعالى، وهو أيضاً في الوقت نفسه عبد من عباد لله، ذكره الله سبحانه وتعالى بالعبودية في أشرف المقامات {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [(1) سورة الإسراء]{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [(19) سورة الجن] إلى غير ذلك، فلا يجوز أن يصرف له، ولا لغيره من الرسل والأنبياء أي شيء مما يجب صرفه لله سبحانه وتعالى، فهم خلق من خلقه، نعم لهم مزية على بقية الخلق، شرفهم الله بحمل هذه الرسالة، لكن لا يجوز أن يصرف لهم شيء من حقوق الله سبحانه وتعالى، والإيمان بالرسل ولاسيما نبينا عليه الصلاة والسلام، يستلزم الإيمان به: طاعته فيما أمر، والتصديق بما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع عليه الصلاة والسلام.

ص: 16