المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس السابع: في أركان الصلاة: - شرح الدروس المهمة لعامة الأمة - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الدرس السابع: في أركان الصلاة:

استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، لا تصح الصلاة إلا مع استقبال القبلة، والمقصود باستقبال القبلة جهة الكعبة، المقصود جهتها لا عُينها، وإن قال بعض أهل العلم: إن المطلوب استقبال عين الكعبة، وهذا فيه مشقة شديدة، وأما استقبال الجهة فهو كافي لحديث:((بين المشرق والمغرب قبلة)) دل على أن الاختلاف اليسير أمره يسير -إن شاء الله تعالى-، بل على الإنسان أن يتحرى أن يصيب الجهة، ولا يستثنى من ذلك إلا التطوع في السفر على الراحلة، إذا كان الإنسان مسافر وعلى راحلة فله أن يتطوع ولو إلى غير جهة القبلة، ويخصه الجمهور بالسفر، ولعل في حكمه الحضر إذا طالت المسافة يعني إذا كنت هناك سرة في السيارة وإلا شيء، ويعرف أنه يكمن يصلي ركعتين قبل أن تنفك السرة، إيش المانع؟ يلحق بالسفر -إن شاء الله تعالى-، والتطوع في هذا الباب أمره واسع، أما الفريضة فلا، لا تصح إلا مع الاستقبال، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

المريض الذي لا يستطيع مع الإمكان المقصود بالإمكان، إمكان الاستقبال، أما مع عدم الإمكان فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لو مريض مربط إلى سرير ووجهه إلى الشرق يصلي، يصلي حسب حاله.

والنية: النية شرط لصحة الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بنية، كما أنه لا يصح سائر الأعمال المشروعة إلا بنية لحديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما:((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هجر إليه))

‌الدرس السابع: في أركان الصلاة:

والآن في الدرس السابع في أركان الصلاة:

ص: 29

والركن كالشرط لا تصح الصلاة إلا به، لكن الفرق بين الركن والشرط أن الركن داخل الماهية، داخل الصلاة والشرط خارج الماهية يعني خارج الصلاة، ولا يمنع من استمراره كونه شرط لا يمنع من الاستمرار، لكن الأصل أن وجوده خارج الصلاة، فشروط الصلاة التي تقدمت تسعة، وأركانها أربعة عشر، أول هذه الأركان القيام مع القدرة، فالقيام بالنسبة للقادر المستطيع ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، والمقصود بذلك صلاة الفريضة، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عمران بن الحصين:((صلِ قائماً، فأن لم تستطع فقاعداً، فان لم تستطع فعلى جنب)) فلا تصح صلاة الفريضة من قعود بالنسبة لمن يستطيع القيام، ولا على جنب بالنسبة لمن يستطيع القعود، هذا كله بالنسبة للفريضة، أما النافلة فتصح من قعود مع الاستطاعة، لكن على النصف من أجر صلاة القائم، الشخص الذي يصلي قاعداً وهو يستطيع القيام إن كانت الصلاة فريضة فصلاته باطلة، وإن كانت الصلاة نافلة فصلاته صحيحة، لكن له نصف الأجر فقط، وجاء في الحديث الصحيح:((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) وهذا محمول على النافلة لما تقدم في حديث عمران بن حصين، ولما جاء في سبب ورود الحديث الثاني أن النبي –عليه الصلاة والسلام دخل المسجد والمدينة محمة، يعني فيها شيء من الحمى، والناس يصلون من قعود، دخل المسجد وهم يصلون من قعود، فقال –عليه الصلاة والسلام:((صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فدل سبب الورود على أن هذه الصلاة نافلة؛ لأن صلاة الفريضة لم يكونوا يفتاتون عليه عليه الصلاة والسلام ويصلون قبل حضوره، إلا في حالات خاصة، مع علمهم أنه سوف يتأخر، بل أناب من يصلي عنه، وأيضاً النص خاص بمن يستطيع القيام، بدليل قوله:"فتجشم الناس الصلاة قياماً"، وأما الذي يصلي النافلة من قعود وهو لا يستطيع القيام أجره تام -إن شاء الله تعالى-.

ص: 30

وتكبيرة الإحرام أيضاً ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا بها، هذا قول جماهير أهل العلم أن تكبيرة الإحرام ركن، وعند الحنفية كما هو معروف شرط، قد يقول القائل: إيش الفرق بين مذهب الحنفية وقول الجمهور؟ الصلاة لا تصح بدون تكبيرة الإحرام سواءً قلنا: ركن أو شرط ما الفرق؟ ألمحنا سابقاً أن الركن داخل الماهية والشرط خارج الماهية، وعلى هذا لو كبر تكبيرة الإحرام وهو حامل نجاسة فوضع النجاسة مع نهاية التكبير صلاته عند الجمهور إيش؟ صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة؛ لأنه حمل النجاسة وهو داخل الصلاة، وصلاته عند الحنفية صحيحة؛ لأن حمله للنجاسة خارج الصلاة، أيضاً لو قلب نيته قبل نهاية التكبير إلى فرض أو إلى نفل صحت عند الحنفية، ولا تصح عند الجمهور، تكبيرة الإحرام بأن يقول: الله أكبر، لا يصح، ولا يجزئ غير هذا اللفظ، فلا يصح: الله الأكبر، أو الله الكبير كما يقول الشافعية، أو الله الأعز، أو الله الأجل كما يقول الحنفية، لا بد من الإتيان بهذا اللفظ؛ لأنه هو المأثور والمتواتر عنه عليه الصلاة والسلام وعن خلفائه من بعده، ولو جاز غير هذا اللفظ لفعله النبي عليه الصلاة والسلام ولو مرة واحدة لبيان الجواز، فلما دوام عليه وواظب عليه خلفائه من بعده دل على أنه لا يجزئ غيره.

وقراءة الفاتحة: ركن من أركان الصلاة في حديث عبادة بن الصامت: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتب)) فالذي يصلي ولا يقرأ بفاتحة الكتاب صلاته غير صحيحة، ويستوي في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد، على الجميع أن يقرأ بفاتحة الكتاب دون المسبوق، المسبوق الذي دخل والإمام راكع، أو لم يتمكن من قراءة الفاتحة قبل الركوع هذا لا يلزمه أن يقرأ الفاتحة، ولم يستثنَ من النص إلا هذا، بدليل حديث أبي بكرة، حينما ركع دون الصف دخل والنبي عليه الصلاة والسلام راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، وهو راكع، هنا لم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بالإعادة فدل على أن المسبوق لا تلزمه الفاتحة.

ص: 31

والركوع: الركوع ركن من أركان الصلاة لا تدرك الركعة إلا بإدراكه، يعني لو فات القيام وفاتت قراءة الفاتحة وأدرك الركوع مع الإمام .. ، الركوع ركن عظيم تدرك به الركعة، بمعنى أن يستوي المأموم راكعاً قبل أن يشرع الإمام في الرفع من الركوع، والرفع منه كذلك، بعد قوله:"سمع الله لمن حمده" ينهض من الركوع هذا أيضاً ركن، والاعتدال بعد الركوع يعني لا يكفي أن ينهض ثم يسجد مباشرة، بل لا بد أن يعتدل قائماً، كما في حديث المسيء، قد يقول قائل: لماذا جعل الرفع والاعتدال ركنين ولم يجعلهما ركن واحد؟ قد يحصل الرفع من الركوع بأدنى ما ينطبق عليه هذا الفظ، لكن لا يحصل منه الاعتدال بعد الركوع، فلا بد من فصل أحدهما عن الآخر.

والسجود على الأعضاء السبعة ركن من أركان الصلاة، لا تتم الصلاة إلا به، ولا بد من تمكين الأعضاء السبعة على ما يسجد عليه، الأعضاء السبعة: الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، لحديث:((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) فأشار بيده على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، وكثير من الناس إذا سجد يرفع رجليه، أو يرفع واحدة، هذا صلاته فيها خلال كبير، بمقتضى هذا القول أنها لا تصح صلاته، صلاته باطلة، لكن لو رفعها رفعاً يسيراً رفع إحدى رجليه أو رجليه ثم أعادهما هذا لا يؤثر، لكنه حركة لا تنبغي أن توجد في الصلاة إلا لحاجة، أحتاج أن يحك أحدى رجليه بالأخرى أضطر إلى ذلك، لكن عليه أن يعود إلى تمكين أطراف القدمين من الأرض.

والرفع منه: الرفع من السجود أيضاً ركن من أركان الصلاة، والمقصود بالسجود القدر المطلوب منه، يكفي أن يقال: سبحان ربي الأعلى، ومثله الركوع إذا استوى راكعاً ومكن أعضاه السبعة من الأرض وقال: سبحان ربي الأعلى ولو مرة واحدة أجزأه مثل هذا السجود، وما عدا ذلك فهو سنة يأتي بيانه في السنن -إن شاء الله تعالى-.

والجلسة بين السجدتين أيضاً ركن، لا تتم الصلاة إلا به والطمأنينة في جميع الأفعال، كما علم النبي عليه الصلاة والسلام المسيء في صلاته ((اركع حتى تطمئن راكعاً)) ((ارفع حتى تطمئن)) ((اسجد حتى تطمئن)) لا بد من الطمأنينة، فالطمأنينة ركن من أركان الصلاة.

ص: 32