المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الخامس: أركان الإسلام: - شرح الدروس المهمة لعامة الأمة - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الدرس الخامس: أركان الإسلام:

"أما النوع الثلاث: وهو الشرك الخفي، فدليله قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه)) رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري" هذا هو الرياء، هذا هو إيش؟ الرياء الذي هو نوع من أنواع الشرك الأصغر، وهذا الخفي مع دقته وخفائه على المسلم أن يلاحظه، وأن يراقب قلبه، فلا يجعله يشرد ويذهب يميناً وشمالاً، بل عليه أن يخلص وجه لله سبحانه وتعالى.

"ويجوز أن يقسم الشرك إلى نوعين فقط: أكبر وأصغر، فأما الشرك الخفي فإنه يعمهما" يعني يدخل في الأكبر والأصغر "فيقع في الأكبر كشرك المنافقين؛ لأنهم يخفون عقائدهم الباطلة، ويتظاهرون بالإسلام رياءً وخوفاً على أنفسهم، ويكون في الشرك الأصغر كالرياء كما في حديث محمود بن لبيد الأنصاري المتقدم، والله أعلم".

مقصود الشيخ رحمه الله أن الشرك يقسم إلى ثلاثة أنواع أكبر أصغر وخفي، ويكمن أن يجعل الخفي من النوعين، قسم من النوع الأول، وقسم من النوع الثاني، داخل في النوع فما ظهر من الشرك الأكبر يكون شرك جلي، وما خفي من الشرك الأكبر يكون شركاً خفياً، وما ظهر من الشرك الأصغر يكون شرك أصغر جلي وما خفي منه يكون شرك أصغر خفي، وعلى كل حال فالتقسيم مجرد اصطلاح، والحصر مرده الاستقرار.

‌الدرس الخامس: أركان الإسلام:

ص: 22

بعد هذا تعرض الشيخ رحمه الله في الدرس الخامس لأركان الإسلام، وهي خمسة، جاءت في الصحيحين وغيرهم من حديث ابن عمر:((شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً))، وفي الصحيح من حديث ابن عمر يقول:((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً))، وفي صحيح البخاري:((وحج البيت، وصيام رمضان)) بتقديم الحج على الصيام، وعلى كل حال هذه أركان خمسة، شأنها عظيم، شأنها عظيم جداً، من ترك شيئاً منها فهو على خطر عظيم، أما من ترك الشهادتين فإنه ليس بمسلم أصلاً، ومن ترك الصلاة وإن أعترف بوجوبها وأقر به فإنه كافر عند جمع من أهل التحقيق، وأما إيتاء الزكاة فإنه إذا أعترف بوجوبها ولم يدفعها فإنه لا يكفر عند جمهور العلماء، وإن قيل بكفره ككافر تارك بقية الأركان، فالقول بكفر تارك الأركان الخمسة أو واحد منها قول معتبر عند أهل العلم، وهو قول في مذهب الإمام أحمد، يكفر بترك الزكاة، يكفر بعدم صيام رمضان وإن أعترف بوجوبه، يكفر بترك الحج، وعلى كل حال هذه دعائم الإسلام، لا يقوم الإسلام إلا عليها، ولذا بني عليها الإسلام، وأي بناء دون أركان فإنه لا يثبت، فتارك شيئاً منها على خطر عظيم، فمن ترك هذه الأركان فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار، وأن يؤديها على الوجه المطلوب؛ لأن الكفر شأنه عظيم، وأمره خطير، المعاصي تحت المشيئة بلا شك، وهي أيضاً بريد إلى الكفر، لكن أمرها أخف من الكفر الموجب للخلود في النار، فترك الصلاة المقرر عند أهل العلم المحققين منهم أنه كفر، فمن يترك الصلاة فهو كافر وإن أعترف بوجوبها، أما بقية الأركان الثلاثة فقيل بكفره، والجمهور على أنه لا يكفر، لكنه على خطر عظيم، وجاء الوعيد الشديد لمن أعطاه الله من المال ما يقوم به، أو ما تقوم به حياته ومصالحة ومع ذلك يبخل بالقدر اليسير الذي فرضه الله عليه، ومن عافاه الله في بدنه وأقره في وطنه ولم يصم في رمضان فهذا أيضاً على خطر، من أفطر في يوم من رمضان من غير عذر لا يقضه صيام

ص: 23

الدهر وإن صامه، فالأمر جد خطير، وحج البيت جاء الوعيد الشديد فيمن ترك الحج مع القدرة عليه، وجاءت الآثار والأخبار المرفوعة والموقوفة في التشديد بالنسبة لمن تركه مع القدرة عليه، عمر بن الخطاب كتب إلى الآفاق أن ينظروا من كان ذا جدة ولم يحج فليضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بـ .. ، ولذا ذيل الله سبحانه وتعالى آية وجوب الحج:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] من كفر يعني لم يحج، هذه من أدلة من يقول بكفر تارك الحج.

الدرس السادس: شروط الصلاة:

يقول رحمه الله: "الدرس السادس: شروط الصلاة، شروط الصلاة تسعة، الإسلام، والعقل، والتميز، ورفع الحدث، وإزالة النجس، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية" الشرط: ما يلزم من عدمه العدم، فإذا عدم الشرط عدم المشروط ولو وجدت صورته، لو صلى شخص غير مسلم، ماذا نقول؟ الإسلام شرط لصحة الصلاة، لكن هم يقولون: إن صلى فمسلم حكماً؛ لأن الصلاة متضمنة للشهادتين، يكون قد تشهد، فكيف يكون الإسلام شرط لصحة الصلاة، وهم يقولون: من صلى فسلم حكماً؟ نقول: هو مسلم حكماً يعامل معاملة المسلمين، وليس مسلم حقيقة إن استمر فله ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، وإن نقض مقتضى هذه الصلاة فأنه يقتل مرتداً، وأمره أعظم من المشرك الذي لم يصلِ، المشرك الكافر الأصلي المرتد أشد، فالإسلام لا شك أنه شرط، والعقل أيضاً شرط لصحة الصلاة؛ لأن غير العاقل سواءً كان مجنوناً أو صغيراً لا يميز فإنه لا يعقل هذه الصلاة، ولا يكمن أن يؤديها على الوجه المطلوب.

ص: 24

والتميز: التميز شرط لصحة الصلاة أيضاً، فعدم المميز داخل في حكم من لا يعقل، ولذا جاء الحديث:((رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصبي -الصغير- حتى يبلغ)) هؤلاء رفع القلم عنهم، فالنائم رفعه مؤقت حتى يستيقظ، والمجنون كذلك حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ، كيف يقولون: حتى يبلغ ويكلف وهنا الذي يشترط الصلاة التميز وليس البلوغ؟ هذا شرط صحة، وذاك شرط وجوب، فالصبي إذا ميز، بلغ سبع سنين يأمر بالصلاة للتمرين عليها، لكن لا يأثم بتركها، فليس بشرط للوجوب، والتميز يكون بسبع سنين، وإن ميز وعرف قبل السابع بأن كان عمره خمس سنين ويفهم، يفهم السؤال ويرد الجواب المطابق، لكنه لا يأمر بالصلاة حتى يتم له سبع سنين؛ لأن هذا تشريع عام ولو ترك للناس ولتميز كل واحد بحسبه ما انضبطت الأمور، تجد الناس من شفقتهم على أولادهم قد يتم عشر سنين، وإذا قيل له: ابنك لماذا لا يصلي؟ قال: ما بعد ميز، لكن ربط بسبع سنين؛ لأن هذا تشريع عام يعم الناس كلهم، ومثله البلوغ ربط بعلامات ظاهرة.

ص: 25

ومن شروط الصلاة رفع الحدث سواءً كان أكبر أو أصغر، فالحدث الأكبر يرفع بالغسل والحدث الأصغر يرفع بالوضوء، ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] إزالة النجاسة {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [(4) سورة المدثر] لا تصح الصلاة ممن على بدنه أو ثوبه نجاسة أو بقعته التي يصلي عليها، لا بد من تطهير المكان، ولا بد من تطهير الثواب، ولا بد من تطهير البدن من هذه النجاسة، لكن لو نسي وصلى قبل أن يرفع الحدث، هذا شخص نسي الوضوء فصلى، وآخر نسي النجاسة التي على ثوبه أو بدنه فصلى، هل هناك فرق أو ما في فرق؟ كلهما شرط، فعندنا اثنان: شخص صلى من طهارة ناسياً، وآخر على بدنه أو ثوبه نجاسة نسي فصلى بهذه النجاسة، الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ هم يقولون: رفع الحدث وإزالة النجاسة شرط، والناسي له حكم، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] فهل نقول: إنه ما دام ناسي تصح صلاته ولو صلى بغير طاهرة ولو صلى وعلى بدنه نجاسة؟ أو نقول: هذا إن شرط لا بد من تحققه فلا تصح الصلاة من غير طاهرة كما قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) كما أنها لا تصح صلاة من على ثوبه أو بدنه نجاسة حتى يتخلص من هذه النجاسة؟ أو أن هناك فرق بين المسألتين؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لما صلى بالنعلين وفيهما نجاسة أعاد الصلاة وإلا أمر بخلعهما؟ أمر بخلهما، فدل أن الصلاة صلاة الناسي مع النجاسة صحيحة، وإلا لو كانت باطلة لأمر بإعادتها؛ لأن النسيان يقرر أهل العلم أنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، هذه النجاسة الموجودة نسياناً تنزل منزلة المعدوم كأنها غير موجودة، أما المعدوم الذي هو الوضوء معدوم، فإن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، وعلى هذا لو صلى بغير طاهرة لا بد أن يعيد هذه الصلاة، ولو صلى ناسياً وعلى بدنه نجاسة فلا يلزمه أعادتها، المسألة عند الحنابلة كما هو معروف والمشهور عندهم أنه أن علمها ثم جهلها أو نسيها أعاد، هذا المقرر عندهم، لكن الصوب أن النسيان كما قال الله سبحانه وتعالى في أخر البقرة:

ص: 26

{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وقال: ((قد فعلت)) وفي حديث: ((رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه)).

ستر العورة شرط لصحة الصلاة، والعورة بالنسبة للرجل من السرة إلى الركبة، فإذا صلى وقد بدأ شيء من هذا القدر فإن صلاته لا تصح، من السرة إلى الركبة، ويجب عليه ستر المنكبين أو أحدهما، لحديث:((لا يصلي أحدكم في الثواب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) إذاً كيف يقولون: إن العورة من السرة إلى الركبة ولا يدخلون أحد المنكبين؟ نقول: فرق بين أن يكون الشيء واجباً وبين أن يكون شرطاً، فإذا كان واجباً وصلى بدونه صلاته صحيحة لكن يأثم، أما إذا قلنا: إنه شرط فإن الصلاة لا تصح، فيجب على الرجل أن يستر المنكبين، كما جاء في بعض الروايات:((ليس على منكبيه منه شيء)) أو أحدهما، كما جاء في الروايات الأخرى:((ليس على منكبه منه شيء)) على كل حال لا بد أن يستر المنكبين أو أقل الأحوال أحد المنكبين، فأما العورة المشترط سترها للصلاة بالنسبة للرجل من السرة إلى الركبة، أما بالنسبة إلى المرأة فجميع بدنها عورة إلا الوجه إذا لم يكن لديها رجال أجانب فإنها تصلي كاشفة الوجه، لا بد أن تكشف وجهها، أما إذا وجد هناك رجال أجانب فإنها يجب عليها أن تستر وجهها، وقال بعضهم: بأن الكفين لهما حكم الوجه، فلو كشفت كفيها فلا بأس حينئذٍ، وألحق بعضهم وهو مذهب الحنفية ويميل إليه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- الرجلين، يعني لو صلت وبطون قدميها أو قدميها ظاهرتين يعني يتجاوز في ذلك، لكن الأحوط أن تستر جميع بدنها لا يخرج منه شيء، هذا هو الأحوط، أن تستر جميع بدنها لا يخرج لا يدين ولا رجلين، ولا يخرج ولا يظهر إلا الوجه، على كل حال هذه المسألة .. ، بالنسبة لليدين والرجلين الأمر أخف، لكن ما عدا ذلك لا بد من ستره، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 27

هذا عند النساء، هذا قالوا عند النساء، مع أنه قول مرجوح، كما هو معروف، بل عورة المرأة عند النساء كعورتها عند محارمها، يعني عند أخيها تكشف من السرة إلى الركبة؟ يجوز أن تكشف لأخيه من السرة إلى الركبة؟ لا يجوز، ولذا النساء أو نسائهن في الآية عطفت على المحارم.

ودخول الوقت شرط لصحة الصلاة، {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] يعني مفروضاً في الأوقات، والصلوات الخمس لها أوقات محددة، لها أول ولها آخر، فأول وقت صلاة الظهر التي هي الصلاة الأولى من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثله، إلى أن يكون ظل الشيء مثله، ووقت صلاة العصر من مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، كل هذا الوقت يشمل الاختيار والضرورة ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق، ووقت صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ويدل على هذا حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم، ومن الأدلة على المواقيت حديث إمامة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر، نعم فيه اختلاف يسير بين حديث إمامة جبريل وحديث عبد الله بن عمرو؛ لأن في حديث عبد الله بن عمرو ينتهي وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، وفي حديث إمامة جبريل إلى ثلث الليل، وعلى كل حال حديث عبد الله بن عمرو متأخر، وهو أقوى منه؛ لأنه في الصحيح وذاك في السنن، والمقصود أن هذه أوقات الصلاة إجمالاً، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بحال، بل يجب على من صلى الصلاة قبل دخول وقتها أن يعيد الصلاة، ما لم يكن ممن يصوغ له جمع التقديم، كما أنه لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها، يحرم عليه أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا لعذر، أما إذا لم يكن ثم عذر فأنه قد ارتكب أمر عظيماً حتى قال جمع من أهل العلم: إنه إذا أخرجها عن وقتها عمداً فإنه لا يصلي، لا تنفعه صلاته، كما لو صلها قبل دخول الوقت، لكن قول جمهور العلماء أنه يجب عليه قضى هذه الصلاة، إذا خرج وقتها يجب عليها قضاؤها، وهو الأحوط.

ص: 28