المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القرائن الدالة على التمييز بين الصادق والكاذب - شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين - جـ ١٤

[ابن جبرين]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [14]

- ‌الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً

- ‌شرف وصف العبودية للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أقسام العبودية

- ‌طرق معرفة صدق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أحوال الأنبياء الدالة على صدقهم

- ‌المعجزات والخوارق

- ‌الشريعة المحكمة

- ‌وضوح كذب الكهان ونحوهم

- ‌القرائن الدالة على التمييز بين الصادق والكاذب

- ‌تفصيل الأحوال الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌شهادة خديجة رضي الله تعالى عنها

- ‌شهادة ورقة بن نوفل

- ‌شهادة النجاشي رحمه الله تعالى

- ‌شهادة هرقل ملك الروم

- ‌الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة تمام للشهادة لله تعالى بالوحدانية

- ‌من لوازم الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة

- ‌محبته صلى الله عليه وسلم وطاعته

- ‌الاقتداء والتأسي به صلى الله عليه وسلم

- ‌دلائل أخرى في إثبات نبوة الأنبياء

- ‌الأحوال والقرائن الدالة على صدقهم

- ‌بقاء الآيات الدالة على الأنبياء وأقوامهم

- ‌إخبارهم بما سيكون ووقوعه

الفصل: ‌القرائن الدالة على التمييز بين الصادق والكاذب

‌القرائن الدالة على التمييز بين الصادق والكاذب

ولاشك أن الناس يفرقون بين صادق الدعوى وكاذبها، فالناس يعرفون كل من يدعي وينتحل أمراً من الأمور وهو ليس من أهله، وذلك ليس يخفى على الفطن، فكل من أعطاه الله تعالى فطنة فإنه يميز بين الصادق والكاذب، فلو كان كاذباً -وحاشاه من ذلك- لما خفي كذبه على جمهرة الصحابة، سيما عقلاؤهم الذين صحبوه مدة طويلة قبل الرسالة وبعدها، وعرفوا صدقه، والتذوا باتباعه، وحمدوا العاقبة لما آمنوا به، وتمنوا أنهم مع السابقين الأولين الذين سبقوا إلى تصديقه واتباعه، وتفانوا في نصرته، وبذلوا في سبيل نصرته أموالهم وأنفسهم، وهجروا بلادهم وأولادهم وأزواجهم وعشائرهم، فلما وصل الإيمان إلى قلوبهم وذاقوا حلاوة العلم والإيمان رخصت عندهم الدنيا بأسرها، وبذلوا في ذلك نفوسهم قتلاً في سبيل الله، ذلك كله دليل على أنهم عرفوا صدقه كما يعرفون أولادهم وأحفادهم.

كذلك الكاذب في كل نحلة يعرف كذبه، فكل من انتحل شيئاً ليس له فإنه يظهر أمره ولا يخفى على فطناء الناس، وإذا عمل أي عمل وهو ليس من أهله وجرب ذلك وعرف منه، ابتعد عنه الناس وحذروا منه.

ومثَّل الشارح بالأعمال التي في زمنه، كالخياطة والكتابة والخرازة وما أشبهها، فهذه حرف يدوية قد يتعلمها الإنسان في زمن يسير، ولكن قد يتسمى الإنسان بأنه من أهلها، ويظهر بالتجربة أنه ليس من أهلها، حتى قال بعضهم: فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت ثوبك بالمداد يعني: إنك لست من أهل هذه الصنعة ولو فعلت ما فعلت.

وعرف بذلك أن كل من تعاطى شيئاً وهو ليس من أهله، فإن الناس يعرفون أنه كاذب ويظهر كذبه.

وهذه الدعوى التي جاء بها الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى إلى خلقه لاشك أنها دعوى كبيرة، فلو كانوا كاذبين لما أيدهم الله بما يدل على صدقهم، ولظهر كذبهم وفضحهم الله تعالى على رءوس الأشهاد ونكَّل بهم.

وساق الشارح هذه الآية، وهي قوله تعالى: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:30] ، وقد أخبر الله تعالى بأن نبيه يعرف بعض المتسترين بأوصافهم الظاهرة، كما في قوله:{فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [محمد:30] يعني: بأمارات تظهر على وجوههم يعرف بها من هو صادق ممن هو كاذب.

فإذا كانت هذه الأعمال تعرف بالسيما أو بالأمارات الظاهرة، فلا شك أن أمارات النبوة تعرف لمن تأملها.

ص: 10