المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غلط المتكلمين في مسألة اللازم والملزوم - شرح القواعد السبع من التدمرية - جـ ١٩

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح القواعد السبع من التدمرية [19]

- ‌القاعدة السادسة: بيان الضابط الذي تعرف به الطرق الصحيحة والباطلة في النفي والإثبات

- ‌خطأ الاعتماد في النفي على مجرد ادعاء التشبيه

- ‌من شبه المعتزلة: أن إثبات الصفات يستلزم تعدد القدماء

- ‌الجواب عن هذه الشبهة

- ‌أقوال الصفاتية في قدم الصفات

- ‌العبرة بحقائق المعاني لا بحقائق الألفاظ

- ‌نفي التشبيه معلوم بالسمع ومعلوم بالعقل

- ‌من شبه النفاة: أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم والأجسام متماثلة

- ‌تأثر بعض الحنابلة بمعتقدات النفاة كالأشاعرة ونحوهم

- ‌عدم تحقيق المتأثرين بالنفاة للحق من الباطل

- ‌الجواب عن شبهة أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم

- ‌مسألة الجوهر والعرض

- ‌بطلان القول بتماثل الأجسام

- ‌سبب انحراف المتكلمين وضلالهم

- ‌الاعتماد بالقول بتماثل الأجسام على نفي التشبيه اعتماد باطل

- ‌الاعتماد في نفي ما ينفى على نفي التشبيه لا يفيد في مقام الاحتجاج

- ‌صحة الاعتماد في نفي ما ينفى على التنزيه عن النقص والعيب

- ‌صحة الاعتماد في نفي ما ينفى على نفي المماثلة في صفات الكمال

- ‌قول النفاة: أن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه ما يجوز عليه من ذلك الوجه

- ‌الجواب عن هذا الاعتراض

- ‌القدر المشترك لا يستلزم التشبيه والتمثيل

- ‌اعتماد الجهمية على نفي التشبيه هو عين التعطيل

- ‌حكم إطلاق وصف (شيء) على الله تعالى

- ‌ثبوت الملزوم يقتضي ثبوت اللازم

- ‌غلط المتكلمين في مسألة اللازم والملزوم

- ‌معنى القدر المشترك بين الأشياء

- ‌عدم فهم هذا المعنى يوقع في الغلط والتناقض

- ‌أمثلة على تناقض النفاة واضطرابهم

- ‌المثال الأول: وجود الرب هل هو عين ماهيته أو زائد على ماهيته

- ‌المثال الثاني: هل لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي أو بالتواطؤ أو بالتشكيك

- ‌المثال الثالث: هل المعدوم شيء أم لا

- ‌تناقض النظار في هذه المقامات واضطرابهم

- ‌الصواب في الماهية والوجود

- ‌تعقيد علم الكلام للبسائط العقلية

- ‌الأصل الذي بنى عليه ابن عربي قوله بوحدة الوجود

- ‌الفرق بين الوجود العيني والوجود العلمي

الفصل: ‌غلط المتكلمين في مسألة اللازم والملزوم

‌غلط المتكلمين في مسألة اللازم والملزوم

قال المصنف رحمه الله: [وهذا الموضع من فهمه فهماً جيداً وتدبره، زالت عنه عامة الشبهات، وانكشف له غلط كثير من الأذكياء في هذا المقام].

قوله: (زالت عنه عامة الشبهات)؛ لأن هذه القاعدة -وهي أن الاشتراك في الاسم المطلق لا يستلزم التماثل في الحقيقة عند الإضافة والتخصيص بين المخلوقات- قاعدة عقلية ضرورية الثبوت، فإذا كان ذلك بين المخلوقات، فبين الخالق والمخلوق من باب أولى؛ بل إن الأمر بين الخالق والمخلوق يكون ممتنعاً.

فما دام أن هذه قاعدة ثابتة في الشريعة، وثابتة في العقل الكلي المجرد، المبني على الحقائق الكلية المجردة الضرورية، وعلى الاطراد الحسي والدليل العقلي، فلماذا اشتبه الأمر على عامة الأذكياء من النظار والمتكلمين؟

الجواب: إن الذي دخل على عامة الأذكياء من النظار هو في مسألة التلازم، فإنهم في أول مقام يستشكلون مسألة الاسم، ثم ورد عليهم المقام الثاني وهو مسألة المسمى الكلي، فاقتضى مقام النظر الأول أنهم لا يستشكلونه، ولكن دخل عليهم وهمٌ من هنا، وهو أنهم قطعوا -وقطعهم صحيح من حيث الأصل- بأن ثبوت المعنى الكلي يستلزم إثبات لوازمه، وهذا المعنى من حيث الإطلاق يسلم به، كضرورة عقلية؛ أن ثبوت الملزوم يقتضي ثبوت اللازم.

فلما وصلوا إلى هذا المقام من الحكم العقلي الضروري، أخطئوا في تفسيره، فذهبوا لا يعينون اللوازم إلا بالخصائص، فكأن المصنف يقول هنا: إنهم ظنوا أن اللوازم لا تكون إلا مختصة، فلم يفرقوا بين لازم كلي ولازم مختص؛ بل جعلوا اللوازم في موردها الأول وموردها الثاني لا تكون إلا مختصة، ومن هنا نفوا المعنى الكلي من جهة لازمه؛ لأنه لزم عندهم تحته لازم مختص ينزه الله عنه.

وإن كان كلامهم صحيحاً، وهو أن هذا اللازم المختص ينفى عن الله؛ لكن نفيه لا يوجب نفي الملزوم الكلي؛ لأن هذا اللازم المختص إنما هو تبع للملزوم المختص، وليس للملزوم الكلي.

إذاً: هذا المورد الذي يشير المصنف إليه في قوله: (وهذا الموضع من فهمه فهماً جيداً)، وهو مسألة اللزوم، هو مكان الإشكال، فإنهم رتبوا على المعنى الكلي لازماً كضرورة عقلية، أو أن الملزوم يقتضي لازماً بحكم العقل، وهذا صحيح كقاعدة عقلية، ولكنهم لم يفهموا اللوازم إلا مختصة معينة، فلما جعلوا اللوازم مختصة إضافية معينة على المعنى الكلي؛ لزم من ذلك عندهم النفي للمعنى الكلي، وهذا هو وجه الغلط.

والقاعدة العقلية تقول: إن اللازم تابع للملزوم، فإذا كان الملزوم كلياً لزم أن يكون اللازم كلياً، وإذا كان مختصاً لزم أن يكون مختصاً.

ص: 26